لا يخفى ان القضايا التي نؤمن بها تارة تكون داخلة تحت نطاق الحسّ والتجربة كما في الامور الطبيعيّة فاثباتها يكون بالمنهج العلمي التجربي وتسمى مثل هذه القضايا والمسائل بالمسائل الفيزقيّة واخرى خارجة عن الطبيعة والتي تسمى بالمسائل والقضايا الميتافيزيقية ـ أي ما وراء الطبيعة ـ فاثبات هذه القضايا لا يكون بالتجربة وبالحسّ كما لا تكون بالمستقلات العقليّة ، بل تكون بتصديق من عنده الخبر بما وراء الطبيعة أي يعلم الغيب ، وان الله يعلم الغيب ويطلع على غيبه من ارتضى من رسول ، فاثبات هذه القضايا يكون من طريق الوحي ومن نزل في بيوتهم الوحي أي الأنبياء والأوصياء " عليهم السلام " ، فحوادث عالم الذر وقضاياه ليست مما نثبته بالتجربة أو الحس ولا بالعقل بل اثباته يكون بالوحي أي بالقرآن الكريم وأحاديث الرسول الأعظم محمد " صلى الله عليه وآله وسلّم " والأئمة الهداة من بعده .
فقوله تعالى : ( الست بربكم قالوا بلى ) انما هو اخبار عن قضيّة حدثت في عالم الذر كما في التفسير والروايات ، وكذلك تردد قبول الولاية في عالم الذر انما هو من القضايا الميتافيزقية المتعلقة بالمغيبات فنرجع إلى من عنده علم الكتاب وفي بيوتهم نزل الكتاب وهم محمّد وآل محمد " عليهم السلام " لما هو ثابت في محلّه ، وقد اخبرونا عن القضايا الغيبيّة كحوادث المعراج وقضايا عالم الذر وما سيكون في الآخرة من العقاب والثواب وغير ذلك ، ومنها ما يقال بالنسبة إلى يونس " عليه السلام " وإلى ما حدث بالنسبة إلى الابتلاء الباطني واسبابه لا الابتلاء الظاهري واسبابه ، وما يقال من التردد انما هو باعتبار تأويل الآيات لا تفسيرها ، والتفسير كشف القناع عن الظاهر والتأويل كشف القناع عن الباطن ، وأهل البيت " عليهم السلام " أدرى بما في البيت .