زهير ابن القين البجلي و
سعيد ابن عبد الله كانا من أصحاب
الإمام الحسين (ع) في
كربلاء في يوم
عاشوراء.
وقد ذكر أهل السير أن زهيراً كان رجلاً شريفاً في قومه، نازلاً فيهم بالكوفة، شجاعاً، له في المغازي مواقف مشهورة، ومواطن مشهودة.
ا
زهير ابن القين البجلي هو قريب
سلمان بن مضارب. كان كلاهما قد قدما من
الكوفة إلى
مكة. لما أراد زهير أن يلتحق
بالإمام الحسين (ع) التحق سلمان معه به.
ا
كان زهير فيما مضى من أتباع
عمر ابن الخطاب. و لكن لما التقى في
الحج بالإمام الحسين (ع) قرر الالتحاق به بعدما توضح له طابع المهمة االتي كان
الإمام الحسين (ع) مُقبل عليها. و يُروى أنه
طلق زوجته دلهم بنت عمرو حتى تكون في حل منه و من ما هو مُقدم عليه من العناء و أرجعها إلى وطنها.
ا
روى أبو مخنف في مقتله والمفيد في إرشاده وغيرهما قالوا : حدث جماعة من فزارة وبجيلة قالوا : كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة ، فَكُنَّا نساير
الحسين (عليه السلام) ، فلم يكن شيء أبغض إليه من أن نسير معه في مكان واحد ، أو ننزل معه في منزل واحد .
افإذا سار
الحسين تخلف زهير بن القين ، و إذا نزل
الحسين تقدم زهير ، حتى نزلنا يوماً في منزل لم نر بداً من أن ننازله فيه .
افنزل
الحسين (عليه السلام) في جانب و نزلنا في جانب ، فبينما نحن جلوس نتغدى من طعام لنا إذ أقبل رسول
الحسين (عليه السلام) حتى سَلَّم ثم دخل فقال : يا زهير بن القين ، إن أبا عبد الله
الحسين (عليه السلام) بعثني إليك لتأتيه فطرح كل إنسان منا ما في يده حتى كأن على رؤوسنا الطير ، كراهة أن يذهب زهير إلى
الحسين (عليه السلام) ، فإنهم كانوا عثمانية ، يبغضون
الحسين وأباه
أمير المؤمنين ( عليهما السلام ) . قال أبو مخنف : فحدثتني دلهم بنت عمرو امرأة زهير فقالت : قلت له : سبحان الله ! أيبعث إليك ابن
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم لا تأتيه ، فلو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت .فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه وثـقله ورحله فَقَوَّض وحمل إلى
الحسين (عليه السلام) .ثم قال لي : أنت طالق ، إلحقي بأهلك ، فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خير .ثم قال لأصحابه : من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد ، أني سأحدثكم حديثاً : غزونا بلنجر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان : أفرحتم ؟ قلنا نعم ، فقال : إذا أدركتم سيد شباب
آل محمد ( عليهم السلام ) فكونوا أشد فرحاً بقتالكم معه مما أصبتم اليوم من الغنائم . فأما أنا فأستودعكم الله.
ا
ولمَّا خطب
الحسين (عليه السلام) أصحابه وأهل بيته ليلة العاشر من المحرم ، وأذن لهم في الانصراف وأجابوه بما أجابوه ، كان ممن أجابه زهير بن القين: فقام وقال : والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت ، حتى أقتل كذا ألف ، وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك.
ا
وبعد خطاب
الإمام الحسين (ع) تقدم بعض أصحابه يخطبون في أهل الكوفة.
ا
تقدم زهير بن القين على فرس ذنوب وهو شاك في السلاح فقال: يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب
الله نذار، إن حقاً على
المسلم نصيحة أخيه
المسلم، ونحن حتى الآن أخوة على دين واحد، وملة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم للنصيحة منا أهل، فإذا أوقع السيف انقطعت العصمة، وكنا أمة وأنتم أمة. إن
الله ابتلانا وإياكم بذرية نبيه
محمد (صلى الله عليه وآله) لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد، فإنكم لا تدركون منهما إلا سوء سلطانهما كله ليسملان أعينكم، ويقطعان أيديكم وأرجلكم، ويمثلان بكم، ويرفعانكم على جذوع النخل، ويقتلان أماثلكم وقراءكم، أمثال حجر بن عدي وأصحابه، وهانئ بن عروة وأشباهه.
فسبوه، وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له وقالوا: والله لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيد الله سلماً.فقال زهير: يا بن البوال على عقبيه ما إياك أخاطب، إنما أنت بهيمة، والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم.
فقال الشمر: إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه، فوالله لا تنال شفاعة
محمد صلى الله عليه وآله قوماً هرقوا دماء ذريته وأهل بيته، وقتلوا من نصرهم، وذب عن حريمهم.
فناداه رجل من أصحابه: إن
أبا عبد الله يقول لك: أقبل، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ.
ولمَّا عبّأ
الإمام الحسين (ع) أصحابه للقتال ، جعل في ميمنته زهير بن القين ولمَّا بدأ الأعداء بالقتال قاتل زهير قتال الأبطال كبقية أصحاب الإمام الحسين (ع) و هو يرتجز و يقول: