اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرجنا بك يا كريم
عن أنس بن مالك انه قال : وفد الاسقف البحراني على عمر بن الخطاب لأجل إدائه الجزية , فدعاه عمر إلى الاسلام فقال الاسقف : أنتم تقولون : إن لله جنة عرضها السماوات والارض , فأين تكون النار ؟!
قال : فسسكت عمر ولم يرد جواباً .
فقال له الجماعة الحاضرين : أجبه يا أمير المؤمنين حتى لا يطعن في الإسلام .
قال : فأطرق خجلاً من الجماعة الحاضرين ساعة لا ير جواباً . فإذا بباب المسجد رجل قد سدّه بمنكبيه , فتأملوه وإذا به عيبة علم النبوة علي بن ابي طالب عليه السلام قد دخل , قال : فضج الناس عند رؤيته , فقام عمر بن الخطاب والجماعة على اقدامهم وقال : يا مولاي اين كنت عن هذا الاسقف الذي قد علانا منه الكلام ؟ اخبره يا مولانا بالعجل قبل ان يرتد الاسلام , فأنت بدر التمام , ومصباح الظلام , وابن عم رسول الانام . فقال علي عليه السلام : ما تقول ياأسقف ؟
قال : يا فتى أنتم تقولون ان الجنة عرضها كعرض السماوات والارض , فأين تكون النار ؟ قال له الإمام : إذا جاء الليل اين يكون النهار ؟
فقال له الاسقف : من انت يا فتى ,دعني حتى اسأل هذا الفظ الغليظ .
أنبئني يا عمر عن أرض طلعت عليها الشمس ساعة ولم تطلع مرة اخرى ؟
قال عمر : أعفني عن هذا واسئل علي بن ابي طالب عليه السلام , ثم قال : اخبره يا ابا الحسن . فقال علي عليه السلام : هي أرض البحر التي فلقها الله لموسى حتى يعبر هو وجنوده , فوقعت الشمس عليها تلك الساعة ولم تطلع قبل ولا بعد , وانطبق البحر على فرعون وجنوده .
فقال الاسقف : صدقت يا فتى قومه وسيد عشيرته , اخبرني عن شيء هو في أهل الدنيا تأخذ الناس منه مهما أخذوا فلا ينقص , بل يزداد
فقال علي عليه السلام : هو القرآن والعلوم . قال : صدقت , أخبرني عن أول رسول أرسله الله لا من الجن ولا من الانس . فقال عليه السلام : ذلك الغراب الذي بعثه الله تعالى لما قتل قابيل اخاه هابيل , فبقي متحيراً لا يعلم ما يصنع به , فعند ذلك بعث غراباً يبحث في الارض ليريه كيف يواري سوأة اخيه . قال : صدقت يا فتى , فقد بقت لي مسألة واحدة أريد ان يخبرني عنها هذا وأومأ بيده الى عمر . فقال : يا عمر اخبرني اين هو الله ؟ قال : فغضب عند ذلك وأمسك ولم يرد جواباً.
قال : فالتفت الإمام عليه السلام وقال : لا تغضب يا أبا حفص حتى لا يقول انك قد عجزت , فقال : فأخبره أنت يا ابا الحسن . فعند ذلك قال الإمام : كنت عند رسول الله إذ أقبل إليه ملك فسلّم فردّ عليه السلام فقال : أين كنت ؟ قال : عند ربي فوق سبع سماوات . قال : ثم اقبل ملك آخر فقال : أين كنت ؟ قال : كنت عند ربي في تخوم الارض السابعة السفلى , ثم اقبل ملك ثالث فقال : اين كنت ؟ قال : كنت عند ربي في مطلع الشمس , ثم جاء ملك آخر فقال : اين كنت ؟
قال : كنت عند ربي في مغرب الشمس , فإن الله لا يخلو منه مكان , ولا هو شيء , ولا على شيء ولا من شيء , وسع كرسيه السماوات والارض ليس كمثله شيء , وهو السميع البصير , لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء , ولا أصغر من ذلك ولا أكبر , يعلم ما في السماوات وما في الارض , وكا يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم , ولا خمسة إلا وهو سادسهم , ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا .
قال : فلما سمع الاسقف قوله قال له : مد يدك فنى أشهد ان لا إله إلا الله , وان محمد رسول الله , وانك خليفة الله في ارضه ووصي رسوله , وإن هذا الجالس الغليظ الكفل الحبنبلي ليس لهذا المكان بأهل , وانما انت فتبسم الإمام .