السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
عن عنوان البصري قال: كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين، فلما قدم جعفر الصادق عليه السلام المدينة اختلفت إليه وأحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك.
فقال لي يوما: إني رجل مطلوب ومع ذلك فإن لي أورادا في كل ساعة من آناء الليل و النهار فلا تشغلني عن وردي وخذ عن مالك واختلف إليه كما كنت تفعل قبلا، فاغتممت من ذلك وخرجت من عنده وقلت في نفسي: لو توسّم فيّ خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه والأخذ عنه. فدخلت مسجد رسول الله عليه السلام وسلمت عليه ثم رجعت من الغد إلى الروضة وصليت فيها ركعتين وقلت متضرعا إلى الله: أسألك يالله يالله، أن تعطف قلب جعفر علي، وترزقني من علمه ما اهتدي به إلى صراطك المستقيم، ورجعت إلى داري مغتما ولم اختلف إلى مالك بن انس لما أشرب قلبي من حب جعفر، فما خرجت من داري إلا إلى الصلاة المكتوبة، حتى عيل صبري فلما ضاق صدري تنعلت وترديت وقصدت جعفرا، وكان بعدما صليت العصر فلما بلغت باب داره استأذنت عليه فخرج خادم له فقال: حاجتك؟ فقلت: السلام على الشريف، فقال: هو قائم مصلاه فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلا يسيرا إذ خرج الصادق عليه السلام فقال: اجلس غفر الله لك. فجلست فاطرق مليا ثم رفع رأسه وقال: أبو من؟ قلت: أبو عبد الله . قال: ثبت الله كنيتك ووفقك يا أبا عبد الله، ما مسألتك؟
فقلت في نفسي لو لم يكن في زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا. ثم رفع رأسه قال: ما مسألتك؟
فقلت:سألت الله ان يعطف قلبك عليّ ويرزقني من علمك ،وأرجو من الله تعالى ، إجابتي إلى ما سألته.
فقال عليه السلام:
يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعلم، إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية واطلب العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك.
نسألكم الدعاء