كما حدثنا حمام بن أحمد، ثنا عبد الله بن إبراهيم، ثنا أبو زيد المروزي، ثنا محمد بن يوسف، ثنا البخاري، ثنا يحيى بن سليمان الجعفي، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: «لما اشتد برسول الله وجعه قال: ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي، فقال عمر: إن النبي غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط، فقال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع. فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه» .
وحدثناه عبد الله بن ربيع، ثنا محمد بن معاوية، ثنا أحمد بن شعيب، أنا محمد بن منصور، عن سفيان الثوري، سمعت سليمان ــــ هو الأحول ــــ عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس/ فذكر الحديث وفيه:
«إن قوماً قالوا عن النبي في ذلك اليوم، ما شأنه؟ هجر» . قال أبو محمد:
هذه زلة العالم التي حذر منها الناس قديماً، وقد كان في سابق علم الله تعالى أن يكون بيننا الاختلاف،وتضل طائفة وتهتدي بهدى الله أخرى. فلذلك نطق عمر ومن وافقه بما نطقوا به، مما كان سبباً إلى حرمان الخيربالكتاب الذي لو كتبه لم يضل بعده، ولم يزل أمر هذا الحديث مهماً لنا وشجى في نفوسنا، وغصة نألم لها، وكنا على يقين من أن الله تعالى لا يدع الكتاب الذي أراد نبيه أن يكتبه، فلن يضل بعده دون بيان، ليحيا من حي عن بينة، إلى أن من الله تعالى بأن أوجدناه فانجلت الكربة، والله المحمود.
ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/الجزء الثالث/الباب الثامن والثلاثون (6)
بما روي عن رسول الله يوم الخميس قبل موته بأربعة أيام:
«اِئتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا مِنْ بَعْدِي»
وبما روي عن عائشة رضي الله عنها قولها:
«لم يكن الوحي قط أكثر منه قبيل موت النبي »
/
فلو كتب ذلك الكتاب لانقطع الاختلاف في الإمامة، ولما ضل أحد فيها، لكن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وقد أبى ربك إلا ما ترى. وهذه زلة عالم، نعني قول عمر رضي الله عنه يومئذ، قد حذرنا من مثلها،
ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/الجزء الثالث/الباب الثامن والثلاثون (12)
وأما عمر فاشتبه عليه هل كان قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من شدة المرض ، أو كان من أقواله المعروفة ؟ والمرض جائز على الأنبياء ،
ولهذا قال : " ما له ؟ أهجر
انظر عن كلام عمر عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقول النبي : ائتوني أكتب لكم كتابا ، الحديث ، حديث ابن عباس التالي الذي قال فيه : إن الرزية كل الرزية . . . إلخ ، وانظر مواضع الحديث التي ذكرتها في التعليق عليه ، فهي نفس المواضع التي فيها كلام عمر رضي الله عنه . ؟ "
فشك في ذلك ولم يجزم بأنه هجر ، والشك جائز على عمر ، فإنه لا معصوم إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - لا سيما وقد شك ن : يشك . بشبهة ؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مريضا ، فلم يدر أكلامه ن : فلم يدر أن كلامه ، ب : فلم يدر أكلامه ، وهو تحريف . كان من وهج المرض ، كما يعرض للمريض ، أو كان من كلامه المعروف الذي يجب قبوله ؟ وكذلك ب : ولذلك . ظن أنه لم يمت حتى تبين أنه قد مات ن : حتى يتبين له أنه قد مات
والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد عزم على ن : عرض علي . أن يكتب الكتاب الذي [ ص: 25 ] ذكره لعائشة ، فلما رأى أن الشك قد وقع ، علم أن الكتاب لا يرفع الشك ، فلم يبق فيه فائدة
20 - ( 1637 ) حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد ( واللفظ لسعيد ) قالوا حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير قال
: قال ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى فقلت يا ابن عباس وما يوم الخميس ؟ قال اشتد برسول الله صلى الله عليه و سلم وجعه فقال ( ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي ) فتنازعوا وما ينبغي عند نبي تنازع وقالوا ما شأنه ؟ أهجر ؟ استفهموه قال ( دعوني فالذي أنا فيه خير أوصيكم ثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ) قال وسكت عن الثالثة أو قال فأنسيتها
قال أبو إسحاق إبراهيم حدثنا الحسن بن بشر قال حدثنا سفيان بهذا الحديث
[ ش ( يوم الخميس وما يوم الخميس ) معناه تفخيم أمره في الشدة والمكروه فيما يعتقده ابن عباس وهو امتناع الكتاب ولهذا قال ابن عباس إن الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه و سلم وبين أن يكتب هذا الكتاب هذا مراد ابن عباس وإن كان الصواب ترك الكتاب
( فقال ائتوني أكتب لكم كتابا ) اعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم معصوم من الكذب ومن تغير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه ومعصوم من ترك بيان ما أمر ببيانه وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه وليس معصوما من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها مما لا نقص فيه لمنزلته ولا فساد لما تمهد من شريعته وقد سحر النبي صلى الله عليه و سلم حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ولم يصدر منه صلى الله عليه و سلم في هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها
فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف العلماء في الكتاب الذي هم النبي صلى الله عليه و سلم به
فقيل أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع فيه نزاع وفتن
وقيل أراد كتابا يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة
ليرتفع النزاع فيها ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه
وكان النبي صلى الله عليه و سلم هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك ثم ظهر أن المصلحة تركه أو أوحي إليه بذلك ونسخ ذلك الأمر الأول وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره
لأنه خشي أن يكتب صلى الله عليه و سلم أمورا ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها
///////////////// و هل عمر سوف يمنع العقاب عمن عجزوا و تركوا ؟///////////////////
لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها فقال عمر حسبنا كتاب الله
لقوله تعالى { ما فرطنا في الكتاب من شيء } وقوله { اليوم أكملت لكم دينكم }
فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة
//////////////
عمر علم بأن الله أكمل دينه و الله عز و جل و رسوله لا يعلمان ؟!
و لم يصلهما خبر بأن مخالفة عمر هي من تعصم الأمة من الضلال و ليس كتاب رسول الله !!
النبي يقول أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي أبدا
و هؤلاء القوم يقولون بأن مخالفة عمر أمر النبي هي من تعصم الأمة من الضلال !
/////////////////
وأراد الترفيه على رسول الله صلى الله عليه و سلم
من مهازل التاريخ أن يقال هذا القول
و تبرير معصية عمر لأمر النبي بأنه تسلية و ترفيه ؟
3090 - ( قوله صلى الله عليه وسلم حين اشتد وجعه : ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ، فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر )
، وفي رواية : ( فقال عمر - رضي الله عنه - : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، ثم ذكر أن بعضهم أراد الكتاب ، وبعضهم وافق عمر ، وأنه لما أكثروا اللغو والاختلاف ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : قوموا ) .
اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الكذب ، ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه ، ومعصوم من ترك بيان ما أمر بيانه ، وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه ، وليس معصوما من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها مما لا نقص فيه لمنزلته ، ولا فساد لما تمهد من شريعته . وقد سحر صلى الله عليه وسلم حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ولم يصدر منه صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها .
فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف العلماء في الكتاب الذي هم النبي صلى الله عليه وسلم به ، فقيل :
(((((((((((((((( و كأنهم يقررون عن النبي ))))))))))))))))) !
أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع نزاع وفتن ، وقيل : أراد كتابا يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة ؛ ليرتفع النزاع فيها ، ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك ، ثم ظهر أن المصلحة تركه ، أو أوحي إليه بذلك ، ونسخ ذلك الأمر الأول ، وأما كلام عمر - رضي الله عنه -
((((((((((((((((((( و لكنهم اتفقوا فقط على هذا !!!!!!!!!!!! ))))))))))))))))
فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ، ودقيق نظره
؛ لأنه خشي أن يكتب صلى الله عليه وسلم أمورا ربما عجزوا عنها ؛ واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها ، فقال عمر : حسبنا كتاب الله
(((((((((((((((((((((((( قلنا ما علاقة عمر بالعباد و ما يكتبه الله عليهم ؟!
ما علاقة عمر ليخشى أو لا يخشى ؟
فهل هو أرحم بالناس من الله و الرسول )
و هل عمر أعلم من الله بقدرة الناس على الطاعة من عدمها ؟ ))))))))))))))))))))))
؛ لقوله تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيء } وقوله { اليوم أكملت لكم دينكم }
فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة ،
(((((((( و هل النبي الأعظم لم يكن بأن الله اكمل دينه لكي يأمرهم بطاعته في كتابة ما يعصم الأامة من الضلال ؟ )))))))))
وأراد الترفيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
(((((((((( و هل من يريد ترفيه النبي يعصي أمره و يختلف معه و يرفع صوته
حتى يؤدي الى التخاصم و التنازع منع ؟!! ))))))))
من هو النبي ؟
فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه .
(((((((((((((( و هل عمر أفقه من النبي أيضا ؟ )))))))))))))
قال الخطابي : ولا يجوز أن يحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحال ، لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوجع ، وقرب الوفاة مع ما اعتراه من الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه
((((((((((((((((( و هل عمر مكلف بذلك ؟
عمر عليه تكليف الطاعة لأمر النبي فقط
فالله عز وجل أعلم بقدرة نبيه و عباده
و الله عز وجل أعلم اين و متى و ماذا يقول و يفعل أنبياءه
و عمر عليه واجب الطاعة فقط
يعني تلقائيا موقف عمر كان يريد به الطعن في النبي و صدقه و قدرته العقلية
لهذا وصفه بالهجر الذي غلب عليه الوجع ))))))))))))))))
، فتجد المنافقون بذلك سبيلا إلى الكلام في الدين ،
(((((((( و المنافقين استغلوا موقف عمر من مخالفة النبي
و اظهروا تأييدهم لعمر بمخالفة النبي و ارتد منهم من ارتد )))))))))))
وقد كان أصحابه صلى الله عليه وسلم يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم ، كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف ، وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش .
(((((((((( هو عمر نفسه الذي افتعل نزاع الحديبية في مخالفة النبي الأعظم
صلى الله عليه و آله و سلم
حتى شك في النبوة قائلا ( أليس هو نبي الله ))))))))))))
فأما إذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم .
قال : وأكثر العلماء على أنه يجوز عليه الخطأ فيما لم ينزل عليه ، وقد أجمعوا كلهم على أنه لا يقر عليه .
((((((((((( و لكنهم لم يجوزوا الخطأ على عمر !!!!!!!!!!!! ))))))))))
قال : ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان الله تعالى قد رفع درجته فوق الخلق كلهم فلم ينزهه عن سمات الحدث والعوارض البشرية ، وقد سهى في الصلاة ، فلا ينكر أن يظن به حدوث بعض هذه الأمور في مرضه ، فيتوقف في مثل هذا الحال حتى تتبين حقيقته ، فلهذه المعاني وشبهها راجعه عمر - رضي الله عنه - ،
((((((((((( و قد يكون عمر في هذه المعارضات مخطئا ألا يقع عمر في الخطا أبدا ؟ فقط الخطا يقع من النبي و عمر معصوم لا يخطئ ؟! فقط عمر حين يخالف رسول الله يكون صاحب علم وفقه و النبي يفتقر الى العلم و الفقه ؟)))))))))
وقال المازري : إن قيل : كيف جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع قوله صلى الله عليه وسلم : ( ائتوني أكتب ) وكيف عصوه في أمره ؟
فالجواب أنه لا خلاف أن الأوامر تقارنها قرائن تنقلها من الندب إلى الوجوب عند من قال :
أصلها للندب ، ومن الوجوب إلى الندب عند من قال : أصلها للوجوب ، وتنقل قريش أيضا صيغة أفعل إلى الإباحة وإلى التخيير وإلى غير ذلك من ضروب المعاني ، فلعله ظهر منه صلى الله عليه وسلم من القرائن ما دل على أنه لم يوجب عليهم ، بل جعله إلى اختيارهم ، فاختلف اختيارهم بحسب اجتهادهم ، وهو دليل على رجوعهم إلى الاجتهاد في الشرعيات ، فأدى عمر - رضي الله عنه - اجتهاده إلى الامتناع من هذا ،
( و كيف يجتهد عمر بعد قول النبي ) فهل عمر أعلم و أفقه من رسول الله )
ولعله اعتقد أن ذلك صدر منه صلى الله عليه وسلم من غير قصد جازم ،
و هل عمر يعلم الغيب لكي يقرر عن النبي انه يقصد ام لا ؟!
وهو المراد بقولهم : هجر وبقول عمر : غلب عليه الوجع ، وما قارنه من القرائن الدالة على ذلك على نحو ما يعهدونه من أصوله صلى الله عليه وسلم في تبليغ الشريعة ، وأنه يجري مجرى غيره من طرق التبليغ المعتادة منه صلى الله عليه وسلم ، فظهر ذلك لعمر دون غيره ، فخالفوه
و لماذا عمر فقط من يخالف الجميع ؟
فهل قول عمر اصح من قول النبي و كل الصحابة ؟
أليس على عمر أن يأخذ بقول الجماعة ؟
، ولعل عمر خاف أن المنافقين قد يتطرقون إلى القدح فيما اشتهر من قواعد الإسلام ، وبلغه صلى الله عليه وسلم الناس بكتاب يكتب في خلوة ، وآحاد ، ويضيفون إليه شيئا ليشبهوا به على الذين في قلوبهم مرض ، ولهذا قال : عندكم القرآن حسبنا كتاب الله
و أنا أقول
ان عمر جاء بما يشجع المنافقين على المخالفة الصريح
فبعد ما فعله عمر و قاله اصبح بمقدور اهل النفاق ان يظهروا حزبهم بقيادة عمر
و بعد قول عمر الذي صرح فيه مخالفة أمر النبي في قوله حسبنا كتاب الله
فما من داع للمنافقين من ان يبقوا على باطنهم بما ان عمر أظهر نفاقه علنا !
، وقال القاضي عياض : أو قوله : ( أهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هكذا هو في صحيح مسلم وغيره ( أهجر ) على الاستفهام وهو أصح من رواية : هجر ويهجر ؛ لأن هذا كله لا يصح منه صلى الله عليه وسلم ؛ لأن معنى هجر : هذى ، وإنما جاء هذا من قائله استفهاما للإنكار على من قال : لا تكتبوا ، أي لا تتركوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يهجر . وإن صحت الروايات الأخرى ،
كانت خطأ من قائلها قالها بغير تحقيق ،
و كيف تأخذون بقوله ان كان قاله بدون تحقق و كان على خطأ ؟!!!!!!!!
بل لما أصابه من الحيرة والدهشة ؛ لعظيم ما شاهده من النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحالة الدالة على وفاته وعظيم المصاب به ،
و لماذا لم يحصل هذا الأمر إلا لعمر دون غيره ؟!
لماذا و هو عارض النبي بقوله حسبنا كتابا لله و القرآن يقول أنك ميت و انهم ميتون ؟!
لا ندري لماذا هذا التعارض في اقوال المدافعين عن عمر ؟!
وخوف الفتن والضلال بعده ، وأجرى الهجر مجرى شدة الوجع ، وقول عمر - رضي الله عنه - : حسبنا كتاب الله رد على من نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم .
(6/27)
و لكن لو لم يتكلم عمر لما حدث التنازع و الإختلاف واللغط و لكتب النبي كتابه في هدوء
و من ثم يأتي دور عمر هل كلام النبي عن هجر و يخالف القرآن أم هو وحي يوحى
بما ان عمر لم يتحقق ولا يعلم بالغيب و لا ما في القلوب !!!
فهذا المرسل يدلك ان مراد الصديق التثبت في الاخبار والتحري لا سد باب الرواية،
ألا تراه لما نزل به امر الجدة ولم يجده في الكتاب كيف سأل عنه في السنة
فلما اخبره الثقة ما اكتفى حتى استظهر بثقة آخر
فلو كتب ذلك الكتاب لانقطع الاختلاف في الإمامة، ولما ضل أحد فيها، لكن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وقد أبى ربك إلا ما ترى. وهذه زلة عالم، نعني قول عمر رضي الله عنه يومئذ، قد حذرنا من مثلها،
ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/الجزء الثالث/الباب الثامن والثلاثون (12)
كما حدثنا حمام بن أحمد، ثنا عبد الله بن إبراهيم، ثنا أبو زيد المروزي، ثنا محمد بن يوسف، ثنا البخاري، ثنا يحيى بن سليمان الجعفي، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: «لما اشتد برسول الله وجعه قال: ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي، فقال عمر: إن النبي غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط، فقال: قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع. فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه» .
وحدثناه عبد الله بن ربيع، ثنا محمد بن معاوية، ثنا أحمد بن شعيب، أنا محمد بن منصور، عن سفيان الثوري، سمعت سليمان ــــ هو الأحول ــــ عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس/ فذكر الحديث وفيه:
«إن قوماً قالوا عن النبي في ذلك اليوم، ما شأنه؟ هجر» . قال أبو محمد:
هذه زلة العالم التي حذر منها الناس قديماً، وقد كان في سابق علم الله تعالى أن يكون بيننا الاختلاف،وتضل طائفة وتهتدي بهدى الله أخرى. فلذلك نطق عمر ومن وافقه بما نطقوا به، مما كان سبباً إلى حرمان الخيربالكتاب الذي لو كتبه لم يضل بعده، ولم يزل أمر هذا الحديث مهماً لنا وشجى في نفوسنا، وغصة نألم لها، وكنا على يقين من أن الله تعالى لا يدع الكتاب الذي أراد نبيه أن يكتبه، فلن يضل بعده دون بيان، ليحيا من حي عن بينة، إلى أن من الله تعالى بأن أوجدناه فانجلت الكربة، والله المحمود.
ابن حزم - الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/الجزء الثالث/الباب الثامن والثلاثون (6)
تابعي هذا المقطع---------------------------وكنا على يقين من أن الله تعالى لا يدع الكتاب الذي أراد نبيه أن يكتبه، فلن يضل بعده دون بيان، ليحيا من حي عن بينة، إلى أن من الله تعالى بأن أوجدناه فانجلت الكربة، والله المحمود
يعني هم اوجدوه ولم يقبلوا بكلام النبي -ص- أريتم الفرق بين الامرين النبي-ص- يريد ان يكتب من الله وهم لايقبلوا ويقولون من الله علينا ان اوجدناه عجيب هكذا انحراف ممنون اختنا المباركه
وكنا على يقين من أن الله تعالى لا يدع الكتاب الذي أراد نبيه أن يكتبه، فلن يضل بعده دون بيان، ليحيا من حي عن بينة، إلى أن من الله تعالى بأن أوجدناه فانجلت الكربة، والله المحمود
طبعا هم يبررون ما يرونه في صالح عقيدتهم فقد حللوا الموقف بأنه وصية لابي بكر بالخلافة !
و حددوا ان قول النبي الأعظم صلى الله عليه و آله وسلم ليس بالأمر الهام
و لا ادري كيف يكون في كتابته أمان من الضلال و في ذاته ليس مهما ؟!
لهذا هم أوجدوا تبريراتهم حماية لعمر من اسقاطه في شر أفعاله و اقواله
و أيضا تسخيفا لما أراده النبي صلى الله عليه و آله و سلم
و هما وجهان لعملة واحدة
فمن أراد تقديس عمر وجب عليه تنقيص الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله وسلم