|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
((قراءةٌ عَقَديَّةٌ في إستحالة رؤية الله تعالى حسيّا))
بتاريخ : 05-09-2011 الساعة : 04:42 PM
((قراءةٌ عَقَديَّةٌ في إستحالة رؤية الله تعالى حسيّا))
=============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين/ع/
أجمع علماء الكلام والفلسفة الإمامية على إنه يستحيل على الله تعالى الرؤية البصرية لأنّ كل مرئي ذو جهة و ذوالجهة إما يكون مقابل للناظر أو في حكم المقابل للناظر كالصورة في المرآة بالضرورة فيكون جسما وهو محال على الله تعالى
ولقوله تعالى أيضا ((لن تراني)) الأعراف/142.
ولن تفيد النفي المؤبّد لغةً.
/إنظر/النافع يوم الحشرفي شرح الباب الحادي عشر/العلامة الحلي/ص60.
( للتوضيح)
=======
أولاً: نستعرض ألأقوال في شأن ذلك:
/1/ ذهب الحكماء(الفلاسفة) والمعتزلة(فرقة كلامية اسلامية ) الى استحالة رؤيته بالبصر الحسي لتجرده سبحانه عن ما يدركه الحس وجودا.
/2/ ذهب المُجسمة (القائلون على الله بالتجسيم ) وتنزه تعالى عن ذلك. والكراميّة(فرقة كلامية ضالة فكريا) الى جواز رؤيته تعالى عن ذلك بالبصر الحسي مع الجهة (وهو باطل عقلا ونقلا)
/3/ وأما الأشاعرة (فرقة كلامية تشبه فكريا بحد كبير اليوم فرقة الوهابية المعاصرة)
فإعتقدوا بتجرد الباري تعالى عن المادة وقالوا بصحة رؤيته وخالفوا جميع العقلاء وتحذلق بعضهم أي استخدم الذوق والفن الادبي والعلمي في الدفاع عن مبناهم هذا.
حيث قالوا :ليس مرادنا بالرؤية التي تصح على الباري الإنطباع للصورة المرئية في الذهن البشري
أو خروج الشعاع وإسقاطه على المرئي(وهو الله تعالى عن ذلك بحسب الفرض لجواز رؤيته)
بل مرادهم الحالة التي تحصل من رؤية الشيء بعد حصول العلم به .
وقال بعض الاشاعرة إنّ معنى رؤيته تعالى هو أن ينكشف الباري تعالى للعباد المؤمنين في الآخرة انكشاف البدر المرئي.
والحق إنهم (أي بعض الأشاعرة) إن قصدوا بذلك الكشف التام(أي العلم التام به تعالى) فهو صحيح ومسلم عقلا.
بمعنى إدراك وجوده تعالى عقلا بتمام الأدراك العلمي يحصل في يوم القيامة. فهذا أمر مُسلّم ومعقول.
لإنّ المعارف تصير يوم القيامة ضرورية وإن لم يقصدوا بذلك الكشف العلمَ التام به تعالى فلا يتصور من ذلك الكشف إلاّ الرؤية الحسية عندهم وهو باطل عقلا ونقلا.
(وجه البطلان العقلي للرؤية البصرية الحسية للباري تعالى )
================================
لأنه لو كان الباري تعالى مرئيا لكان في جهة فيكون جسما والجسمية مُحال عليه كما هو معلوم عقلا ونقلا.
وكل مرئي فهو إما مقابل أي أمام الرائي(المُبصِر) أو في حكم المقابل كالصورة في المرآة وذلك ضروري.
وكل مقابل أو ما في حكم المقابل فهو في جهة.
فلو كان الباري تعالى مرئيا لكان في جهة وهو باطل أيضا
وسوف نُبرهن على إستحالة كونه تعالى جسما
كما نص علماء الكلام والعقيدة والفلسفة على ذلك فقالوا::
((أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر وإلاّ لإفتقر الى المكان ولإمتنع إنفكاكه عن الحوادث(أي المخلوقية) فيكون حادثا (أي مخلوق) وهو محال ))
/التوضيح/
========
/1/ معنى (الجسم) وهو كل ماله طول وعرض وعمق.(الجسم الفيزياوي)
/2/(العَرَض) وهو كل ما يحتاج في وجوده وتحققه الى موضوع (جوهر) كعروض البياض على الحائط مثلا.
/3/(الجوهر)/ وهو ما لايحتاج في وجوده الى موضوع بل هو قائم بنفسه وجوديا كالجسم.
(بيان الدليل على أنّ اله تعالى ليس بجسم ولا عرض)
==========================
وهنا وجهان:
/الوجه الأول/ أنه تعالى لو كان جسما أو عَرَضا لكان ممكنا أي (مخلوقا)
واللازم باطل(أي كونه تعالى مخلوق)باطل
فالملزوم (أي كونه جسما) مثل اللازم في البطلان.
(بيان الملازمة)
==========
إنّا نعلم بالضرورة أنّ كل جسم فهو مفتقر وجودا الى المكان وكل عرض فهو مفتقر وجودا الى المحل(الموضوع الذي يقوم به العرض) كعروض اليباض على الحائط.
والمكان والمحل غير الجسم والعرض فيفتقران (الجسم والعرض) الى غيرهما (المكان والمحل) والمفتقر الى غيره
ممكن.(أي مخلوق)
فلوكان الباري تعالى جسما أو عرضا لكان ممكنا(أي مخلوقا) وكونه ممكنا باطل لما ثبت من كونه تعالى واجب الوجود .(أي غير مخلوق) بل وجودمن ذاته لامن الغير.
فالملزوم باطل(أي كونه حاشاه جسما أو عرضا باطل عقلا)
(الوجه الثاني) أنه تعالى لو كان جسما لكان حادثا (أي مخلوقا)وهو محال عقلا.
(بيان الملازمة)
إنّ كل جسم فهو لايخلو من الحوادث (أي المخلوقية) وكل ما لايخلو من الحوادث فهو حادث (أي مخلوق ومسبوق بالعدم)
وقد تقدم ثبوت قدمه ذاتا تعالى وعدم حدوثه فلو كان جسما لكان حادثا لكنه قديم فيجتمع النقيضان (القدم والحدوث) والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان فيثبت المطلوب وهو قدمه تعالى وعدم كونه جسما (حادثا).
(( بيان عدم جواز كونه تعالى في محل أو في جهة))
=============================
(التوضيح)
=======
بيان المبادىء التصورية للبحث وهي كآلآتي :
(الحلول)/ ومعناه هو وجود الشيء في أخر على نحو التبعية الوجودية لأنّ الحال يفتقر الى المحل وجودا.
كما زعم النصارى ذلك وقالوا بحلول اله في عيسى/ع/ وكذلك الصوفية قالوا بإتحاد الهل بالعارفين وهوأمر باطل عقلا ونقلا.
(الجهة)/ وهي ما يُشار إليها حسا وما يستقر عندها المتحرّك.
والذي يُفهَم عقلا ويُتَصَوّر من الحلول هو قيام موجود بموجود آخر على سبيل التبعية الوجودية فإنّ أراد النصارى والمتصوفة هذا المعنى فهو باطل
لأنه لو كان الباري تعالى كذلك (أي كونه حال في محل أو كائنا في جهة) لزم إفتقاره للمحل أو الجهة وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وهو محال عقلا.
وإن أراد النصارى والمتصوفة غير هذا المعنى المذكور أعلاه للحلول فلابد من تصور ذلك المعنى أولا ثم الحكم عليه بالنفي أو الإثبات لأنّ الحكم على الشيء فرع تصوره والشيء مالم يُتصور لايمكن الحكم عليه.
وهناك اقوال اخرى شاذة كزعم الكرّامية الذين قالوا أنه تعالى (بالجهة الفوقية) ومقصودهم السماء بحسب فهمهم الساذج لما تصوروه من الظواهر النقلية(أي بناءً على ظواهر ألفاظ السور القرآنية والروايات) وهو باطل
لأنه لو كان الباري في الجهة لكان إما مع إستغنائه عنها فلا يحل فيها لأنه غني فلا يحتاج الى غيره من جهة أو محل.
أو لوكان تعالى في الجهة مع افتقاره إليها فيكون ممكنا(أي مخلوق) وهو خلاف ما ثبت من وجوب وجوده تعالى.
ثم إنّ الظواهر القرآنية والروائية لها تأويلات ومحامل مذكورة في مواقعها لغوية كانت أو عقلية أو تفسيرية أخرى ولا يمكن بأي حال الجمود على الظواهر اللفظية من جهة أو مكان أو غير ذلك لأنّ القرآن الكريم حمّال ذو وجوه.
ولأنه قد ثبت بالدليل العقلي امتناع كونه تعالى جسما وامتناع ما يلحق الجسمية عليه كالجهة أو المكان أو غيرها.
فيجب عقلا تأويل الظواهر القرآنية لإستحالة العمل بها حال كونها تعارض العقل القويم والفهم السليم.
فمع الأخذ بظواهر القرآن لفظا يلزم إجتماع النقيضين وهو كونه تعالى مثلا جسما بحسب الظواهر اللفظية القرآنية وعدم كونه جسما بحسب ما ثبت بالدليل العقلي أو يلزم الترك للظواهر القرآنية والدلائل العقلية فلا خيار لنا إلاّ العمل بالعقل أي الأخذ بفهم الأخذ بمعيار الدليل العقلي القويم وتأويل النقل السليم دفعا للتناقض.
(وجه البطلان النقلي السمعي للرؤية البصرية للباري تعالى)
===============================
/1/ جواب الباري تعالى لكليمه موسى /ع/ ب(لن تراني) حينما سأله الرؤية بلسان حال قومه الذين طلبوا منه ذلك.
ولن: تفيد النفي المؤبد لغةً
وإذا لم يره موسى/ع/ لم يره غيره بطريق اولى حتى في الآخرة.
(فائدة مهمة جدا)
===========
إنّ النبي موسى/ع/ لم يطلب الرؤية الحسية من الباري تعالى لذاته بل طلبها بلسان قومه الذين طلبوا منه ذلك فقالوا:
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء153
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }البقرة55
وذلك لعلم النبي موسى /ع/ القاطع بإستحالة رؤية الهج تعالى حسا ولو تنزلنا بكون الطلب للرؤيا طلب من موسى /ع/ فيكون معناه الرؤيا القلبية والتي عادة يصعب تحملها حتى على المعصوم/ع/ نفسه بدليل قوله تعالى ((ولكن إنظر الى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني) في الآية الشريفة::
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ }الأعراف143
أي:
ولما جاء موسى/ع/ في الوقت المحدد وهو تمام أربعين ليلة, وكلَّمه ربه بما كلَّمه من وحيه وأمره ونهيه, فطلب النظرالى الهر تعالى بلسان قومه الذين طلبوا ذلك منه.
قال الله له: لن تراني, أي لن تقدر على رؤيتي مطلقا وحسا ولكن انظر إلى الجبل, فإن استقر مكانه إذا تجلَّيتُ له فسوف تراني, فلما تجلَّى ربه للجبل جعله دكًّا مستويًا بالأرض, وسقط موسى مغشيًّا عليه, فلما أفاق من غشيته قال: تنزيهًا لك يا رب عما لا يليق بجلالك, إني تبت إليك من مسألتي إياك الرؤية وأنا أول المؤمنين بك من قومي.
وقد وقع التجلي الألهي للجبل فدُّكَ به دكا وصُعِقَ موسى /ع/ ولووقع التجلي الألهي لموسى/ع/ أيضا لدُكّ به فكيف بموسى /ع/ الذي خر صعقا عندما شاهد التجلي الألهي للجبل نفسه لا له/ع/.
/2/ قوله تعالى :{لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الأنعام103
أي لاتحط به حساً.
/3/ إنه تعالى استعظم طلب رؤيته حسا من قبل بني اسرائيل ورتب الذم عليه والوعيد فقال تعالى بشأن ذلك::
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء153
أي::
يسألك اليهود -أيها الرسول(محمد/ص/) - معجزة مثل معجزة موسى تشهد لك بالصدق:
بأن تنزل عليهم صُحُفًا من الله مكتوبةً, مثل مجيء موسى بالألواح من عند الله,
فلا تعجب -أيها الرسول- فقد سأل أسلافهم (أي بني اسرائيل) موسى -عليه السلام-
ما هو أعظم: سألوه أن يريهم الله علانيةً (حسا) فَصُعِقوا بسبب ظلمهم أنفسهم حين سألوا أمرًا ليس من حقِّهم.
وبعد أن أحياهم الله بعد الصعق, وشاهدوا الآيات البينات على يد موسى القاطعة بنفي الشرك, عبدوا العجل من دون الله, فعَفونا عن عبادتهم العجل بسبب توبتهم, وآتينا موسى حجة عظيمة تؤيِّد صِدق نُبُوَّتِه.
والسلام عليكم ورحمة اله وبركاته
مرتضى علي الحلي/ النجف الأشرف.
|
|
|
|
|