اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف واهلك اعدائم
الأسرة والدور المطلوب
تعد الأسرة إحدى العوامل الأساسية في بناء الكيان التربوي وإيجاد عملية التطبيع الاجتماعي، وان الأسرة لها الأثر الذاتي و النفسي في تقويم السلوك الفردي، وقد ساهمت الأسرة بطريق مباشر في بناء الحضارة الإنسانية، وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس. فهناك واجبات ووظائف للأسرة التي تعد أهم مأوى يركن إليه الفرد وبالأخص الطفل الذي يبدأ أول مراحل حياته داخل هذا المحيط لكي يتمكن أن يخرج من هذا المأوى بقلب مطمئن وإرادة قوية إلى المجتمع الكبير. فالأسرة مسؤولة عن نشأة أطفالها نشأة سليمة متزنة بعيدة عن الانحراف وذلك برعايتها:
أولا: أن يكون جو الأسرة مملوءا بالود والطمأنينة والاستقرار، وان تبتعد عنه حالات العنف والكراهية والبغض. فكثير من الأطفال المنحرفين والذين تعودوا على الإجرام في كبرهم كانت أغلب أسبابه تعود الى عدم الاستقرار العائلي وحرمانهم من العطف والمحبة. فإشاعة الود و والعطف داخل الأسرة له الأثر البالغ في تكوين حالات الاستقرار في نفسية الطفل. لذلك دعا الإسلام الى سيادة الحب والمودة والتآلف بين أفراد الأسرة والاجتناب عن كل ما يعكر صفو الحياة والعيش وخصوصا بين الزوجين، كما قال تعالى: (ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة). سورة الروم، الآية 20.
وعند التدقيق في هذا الأمر نرى أن هذه المسؤولية بالدرجة الأولى على عاتق المرأة، فهي باستطاعتها أن تحول البيت إلى جحيم، أو إلى جنة، فإذا التزمت المرأة رعاية زوجها وأدت حقوقه وواجباته، شاعت المودة في البيت وتقوى هذا الرباط المقدس الذي يؤدي إلى التكوين السليم لتربية الطفل الصالحة كما في الحديث:
(إذا نبت الود وجب الترافد والتعاضد) [تصنيف غرر الحكم ص 414] فالإسلام يسعى دائما الى جعل الأسرة المسلمة قدوة صالحة للأطفال، وبما إن الأم هي المديرة الأولى في بناء شخصية أولادها، فإن كانت حسنة الصفات استطاعت أن تنشأ جيلا صالحا. فهي المسؤولة عن إدارة الأسرة أولا، ومسؤولة عن مستقبل أطفالها الذين هم الواقع افراد المجتمع ثانيا .فهي بمهدها وحضانتها تضع اللبنة الأولى في بناء الكيان التربوي الصالح أو الطالح، فيجب أن تتوفر فيها كل ما يتطلب المجتمع الصالح.
ثانيا: يجب على الأسرة وعلى الابوين خاصة، الإشراف على تربية الأطفال، فالهام الطفل العطف من قبل الأم وحدها أو الأب وحده لا يكفي، فان حرمان الطفل من أبيه أو أمه وقتيا أم دائميا يثير فيه الكآبة والقلق. كما قال الشاعر :
ليس اليتيم من انتهى أبواه من ** همّ الحياة وخلّفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقـى له ** أما تخلت أو أبا مشغولا
ثالثا:يجب على الأسرة أن تنمي عند أطفالها روح الاستقلالية والشخصية القوية حتى تجعلهم يشعرون بقدرهم ومقامهم ومدى أهمية وجودهم. مثلا البنت تشعر بأنوثتها وكيف يمكن أن تتمتع بالفضيلة والعفة وكيف يمكن أن تكون زوجة و أما في المستقبل. وكذلك الابن يشعر برجولته وصلابته وكيف بإمكانه تحمل مسئوليته في المستقبل.
رابعا: يجب أن تكون العدالة والمساواة سارية داخل الأسرة وتسيطر على جميع أفراد العائلة، فقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) : " اعدلوا بين أولادكم، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف" . [بحار الانوار 104/93].
فالمساواة عنصر مهم من عناصر التربية الإسلامية، فإذا افتقد الطفل أو أحد أفراد الأسرة حالة الاهتمام والمساوات، سوف يحمل عقدا نفسية أو صفات دنيئة تؤدي الى اضمحلاله، فيجب أن تسري العدالة داخل الأسرة لكي نحصل على جيل صالح، إنشاء الله.