لماذا يقاتل الشيعي دفاعا عن السني؟ التكليف والشهادة والسيد نصر الله
بتاريخ : 19-12-2024 الساعة : 08:04 AM
التكليف والشهادة والسيد نصر الله !
رأي اشتهر مؤخرا على مواقع التواصل يقول : لماذا يبذل الشيعة انفسهم في سبيل من لا يُقدِّرون أومن لا يُقَيمون ما يقدمه الشيعة من تضحيات, بل يغدرون بالشيعة ويكيدون لهم المكائد ! لماذا يدافع الشيعي عن سنة فلسطين مثلا وهم (سنة فلسطين) -حسب زعم القائلين- يبغضون الشيعة ويغدرون بهم ؟ لماذا يستشهد مثل السيد حسن نصرالله رضوان الله تعالى عليه ويستشهد معه شيعة مؤمنون في سبيل نصرة غزة واهل السنة , وبالمقابل يغدر السني بالشيعي ويبغضه ويكيد له المكائد..الخ وتتفرج امة المليار ونصف مسلم سني على ما يجري في غزة وفلسطين وكأن الامر لايعنيها !
هذا الرأي أعلاه له صدى وتأييد عند جمع من الشيعة اليوم لا اقول كثير ولا قليل ,ولكن هناك من يقول بهذا الرأي ويتحمس له ,
فما هو الجواب؟
-التكليف الالهي لعباده المؤمنين هو اوسع من هذا الرأي وابعد في النتائج والمحصلات , فمسار المؤمن من الدنيا الى الاخرة مسار واحد لاينقطع ولاينتهي في الدنيا , بل هو مسار واحد من الدنيا نحو الاخرة , فإذا لم يربح المؤمن نصرا في الدنيا , فأن هذا لن يضره شيئا فهو انما يؤدي واجبه وتكليفه والله تعالى يتكفل بالنتائج ويمضى المؤمن في مسيرته .
لقد خرج الامام الحسين عليه السلام مخاطرا بنفسه وبأهله, مخالفا لمن حوله ,وقاتل ومعه اهل بيته وانصاره المخلصين وهم عصبة قليلة, واستشهد واهله واصحابه بعد ان خذلته الامة كلها وغدره الذين كانوا يطالبونه بالقدوم اليهم ,وحاربته الدولة بكامل قوتها بينما جماهير المسلمين بين متشفي و معتزل وهارب وخائف ! لم ينتظر الامام عليه السلام من أحد ان ينصره , نعم هو دعاهم لنصرته وترك الامر لهم ليختاروا, بل خيَّر اصحابه ان يتركوه لوحده ويمضوا) ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فان القوم انما يطلبوني ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري)! وأوجز عليه السلام للناس بقوله ( اما بعد فأن من لحق بي أستشهد ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح والسلام ) .
انتهت وقعة كربلاء (680 م, 61 هجري) في ذلك المكان المنقطع عن العالم لم يعلم بها أحد من الناس سوى قلة حاضرة في تلك البقعة من الارض, بلا وجود لفضائيات تنقل الحدث ولا كاميرات ولا صحافة ليبدو وكأن الزمان سيسدل عليها حجابا لتنتهي وينساها من علم بها , ولكن النتائج كانت غير ذلك بل فاقت خيال المتوقعين , فلولا الحسين عليه السلام واستشهاده واستشهاد اهله و أصحابه لكان دين الله تعالى اليوم هو دين يزيد ! وكذلك الامر للائمة عليهم السلام فبالتقييم المادي والبشري هم خسروا وتم قتلهم وتغييبهم في السجون, ولكن تأمل اليوم تأثيرهم ونتائج مواقفهم على الحياة الانسانية وعلى انصارهم وعلى اعداءهم ليبدو لك ان التقييم البشري المادي للنتائج إنما هو تقييم لا قيمة له ولامعنى !
هل يحق لنا ان نقول لماذا قدم الحسين عليه السلام نفسه واهله واصحابه لأمة لاتستحق ذلك ولبشرلاعلاقة لهم به ؟ لا احد يقول ذلك اليوم بعد رؤيته للنتائج عبر التاريخ , أدى الامام عليه السلام تكليفه فليست الغاية في الدنيا هي العيش الرغيد والسلامة والاكل والنوم ..الخ فما قيمة العيش الرغيد بوجود الاف وملايين البشر تحت ظلم الظالمين ؟ تأمل قوله عليه السلام : (ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقا حقا فاني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما). هكذا يؤدي المؤمن تكليفه ورسالته في الحياة ويستمر بمساره في الدنيا الى الاخرة , ينصر المظلومين والمعذبين ويمد اليد للضالين الضائعين حتى وإن كانوا او بعضهم او اغلبهم يكيدون له المكائد ويتحينون به الفرص , فهناك حتما بينهم من تصله رسالة النور وذلك هو الفوز والمطلب. قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين علي عليه السلام يوم خيبر : (على رسلك انفذ حتى تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فيه من الحق فوالله لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.) وكذلك : (يا علي! لا تقاتلن أحدا حتى تدعوه، وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي). هداية انسان واحد من ذلك هي الغاية الكبرى ! وفي حرب صفين يقول عليه السلام ( والله لقد ضربت هذا الأمر ظهرا وبطنا، فما وجدت يسعني إلا القتال أو أن أعصي الله ورسوله.ولكني أستأني بالقوم، عسى أن يهتدوا أو تهتدي منهم طائفة، فإن رسول الله قال لي يوم خيبر: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس). هل هناك معنى بقولنا :لماذا خاطر امير المؤمنين عليه السلام بنفسه في خيبر في سبيل يهود يرفعون السلاح بوجهه ويكيدون المكائد للرسالة ؟ أو حين واجه جيش معاوية في صفين وامامه اكثر من 100 ألف متأسلم من انصار معاوية يكيدون له المكائد كما كيد للسيد حسن نصر الله واصحابه اليوم من احفاد معاوية وحزبه واحفاد يهود خيبر ! لا معنى لقولنا ذلك مطلقا ! وهكذا كان , يؤدي المؤمن تكليفه ويمضى فإذا فاز السيد نصر الله رضوان الله تعالى عليه بقلب طفل مظلوم ليهتدي الى الحق لكفى السيد انه فاز بخير الدنيا وما طلع عليها ,وهو حتما فاز باكثر من ذلك بكثيرجدا, فقد اهتدت نفوس وعرفت الحق بفضله وفضل اصحابه المؤمنين رضوان الله تعالى عليهم , وستأتي النتائج بعد حين كذلك بما لا يتوقعه المتوقعون!