العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام

منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام المنتدى مخصص بسيرة أهل البيت عليهم السلام وصحابتهم الطيبين

موضوع مغلق
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 41  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 31
قديم بتاريخ : 06-05-2014 الساعة : 09:22 AM


إذن والحالة هذه لماذا يجب أن نرغب في تعجيل مجيء الإمام (عج)؟ وبأي رغبة ندعو بقرب الظهور؟ بل قد يجدر بنا أن ندعو بتأخير الفرج قليلاً لاكتساب مزيد من الثواب!

الشوق إلى الفرج، ليس بهذه البساطة

يتضح من ذلك أن الرغبة في تحقق المجتمع المهدوي المنشود ليس بهذه البساطة. وأحياناً عندما نفكّر بأننا نرغب كثيراً في تحقق المجتمع المهدوي، إذا ما قمنا قليلاً بالغور في علائقنا واستخرجنا جذورها، فلربّما ستضمحلّ هذه العلائق واحدة تلو الأخرى.

والآن إذا عدنا إلى تتمة الرواية، سنثمّن جواب الإمام الصادق (ع) لذلك الصحابي الذي سأله: «فَمَا نَتَمَنَّی إِذًا أَنْ نَکُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ (ع) فِي ظُهُورِ الْحَقِّ وَنَحْنُ الْیَوْمَ فِي إِمَامَتِكَ وَطَاعَتِكَ أَفْضَلُ أَعْمَالاً مِنْ أَعْمَالِ أَصْحَابِ دَوْلَةِ الْحَقِّ؟»

أجاب الإمام الصادق (ع): «سُبْحَانَ اللَّهِ أَمَا تُحِبُّونَ أَنْ یُظْهِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحَقَّ وَالْعَدْلَ فِي الْبِلَادِ وَیُحْسِنَ حَالَ عَامَّةِ النَّاسِ وَیَجْمَعَ اللَّهُ الْکَلِمَةَ وَیُؤَلِّفَ بَیْنَ الْقُلُوبِ الْمُخْتَلِفَةِ وَلَا یُعْصَی اللَّهُ فِي أَرْضِهِ وَیُقَامَ حُدُودُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَیُرَدَّ الْحَقُّ إِلَی أَهْلِهِ فَیُظْهِرُوهُ حَتَّی لَا یَسْتَخْفِيَ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخَافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، أَمَا وَاللَّهِ یَا عَمَّارُ لَا یَمُوتُ مِنْکُمْ مَیِّتٌ عَلَی الْحَالِ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَیْهَا إِلَّا کَانَ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ کَثِیرٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً وَأُحُداً فَأَبْشِرُوا.»[1] إنّ عصارة جواب الإمام الصادق (ع) هو أنه يجب أن ندعو بتعجيل الفرج لدليلين: الأول محبة الحق، والثاني محبة الخلق.

مبنيان عاطفيان للشوق إلى الفرج

بهذه المقدمة، نعود إلى موضوع البحث: «ما هي مباني الشوق إلى الفرج؟» إن للشوق إلى الفرج بالاستناد إلى كلام الإمام الصادق (ع)، مقدمتين وشرطين أساسيين: «محبة الحق» و«محبة الخلق». فالشوق إلى الفرج وليد هذين العلاقتين ووجودهما شرط إيجاد اشتياق صادق في قلب المنتظر وأمنيته بقرب الفرج.


الشرط الأول: محبة الحق


إنّ من يحبّ الله ويحبّ الحق، يجب بطبيعة الحال أن يحبّ بأن يكون الله معروفاً لدى الجميع؟ يجب أن يحبّ بأن يكون الإمام (عج) معروفاً لدى الجميع؟ يجب أن يقول مثلاً: «لماذا لا يعرف اليابانيون الإمام (عج)؟ إنني لا أطيق أن يكون سيدي مغموراً.» هل يقتصر تكليفنا على اكتساب الأجر لأنفسنا فحسب؟ بهذا يخرج الإنسان من دائرة الأنانية المعنوية أيضاً.

إذا اشتدّت محبة الحق، ستصبح واحدة من مباني الشوق إلى الفرج. وهذا المبنى أثمن من المباني الأخرى كالاضطرار على أثر البلايا والمصائب الدنيوية. فإنّ السبب الرئيس لتمنّي المنتظرين الفرج هو محبة الحق حتى وإن كانوا مضطرين.

وقد يتبلور هذا العشق والحب للحق بأسلوب آخر؛ ويظهر بصورة الانتقام من الظالمين واجتثاث معسكر الباطل. وفي هذه الحالة أيضاً لا يسري في عروق الإنسان إلا طلب الحق لا الأنانية. كما نقرأ في دعاء الندبة: «أَیْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِکَرْبَلاءَ؟»[2]

ويموج هذا العشق للحق أيضاً في مقاطع أخرى من دعاء الندبة التي يمكننا أن نشاهد فيها الشوق والتوق لإقامة الحق، كما يقول: «عَزِیزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرَی الْخَلْقَ وَلاَ تُرَی وَلاَ أَسْمَعُ لَكَ حَسِیساً وَلاَ نَجْوَی‏... عَزِیزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْکِیَكَ وَیَخْذُلَكَ الْوَرَی عَزِیزٌ عَلَيَّ أَنْ یَجْرِيَ عَلَیْكَ دُونَهُمْ مَا جَرَی....»[3] والأمر الصعب للمنتدب في هذه المقاطع هو أنه مستور.

إن الحرمان من الحق أمر وكون الحق مستوراً أمر آخر. ففي هذه الدنيا التي لا يوجد فيها حيّ إلا وهو عاشق شائق، سوى المغرور الذي ألمّت به الأنانية، فإن المنتظر عاشق للحق. حيث لا يرى الحق وسيلة إجبارية لسعادته دون أن تكون له أي شوق إليه، بل يشهد محاسنه ويُدرك لطائفه ليتأتى له عشقه. ولا تتبلور محبة الحق إلّا بعد تذوّق لذة الاستغراق في الحق؛ بحيث أنه يطلب نفسه للحق لا أنه يطلب الحق لنفسه.


الشرط الثاني: محبة الخلق


والدليل الآخر للدعاء بالفرج، هو محبة «الخلق». فالمنتظر لا يُفكّر بالوصول وحيداً. ولا يستطيع أن يدع الناس في ورطة الباطل. وكأنه يُحادث نفسه: «لو افترضنا أنني وجدت الطريق، ماذا سيكون مصير سائر الناس؟» إن من المباني المهمة للعشق والشوق إلى الفرج، هو أن ترغب في هداية الناس. فإن محبة الخلق هي من المسائل التي قد يتغافل عنها المحبون للحق.

علماً بأن أساس محبة الخلق تكمن في محبة الحق. فلو اشتدّت محبة الإنسان بالله، سيشتد عطفه وحنانه على الناس شيئاً فشيئاً. وبالتالي سيهتم بمصير الناس الذين هم عباد الله وأحبّاؤه.

يتبع إن شاء الله...


[1] نفس المصدر.

[2] مفاتیح الجنان، دعاء الندبة. وأيضاً إقبال الأعمال للسید بن طاووس، ص297.

[3] نفس المصدر.






من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 42  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 32
قديم بتاريخ : 11-05-2014 الساعة : 09:55 AM


ذات يوم جاءني شابّ للاستشارة حول العمل الثقافي في الجامعة وقال: أريد أن أعمل عملاً ثقافياً في جامعتنا، فما هو أفضل عمل أقوم به؟
سألته: هر تعرف غسل الثياب؟
قال: نعم، أعرف غسل الثياب، ولكن ما هي علاقته بالعمل الثقافي؟ إني أريد أن أعمل عملاً ثقافياً.
قلت: مستعد بأن تغسل ثياب زميلك في القسم الداخلي؟
قال: كلا، عمل صعب. ثم قال وهو يمزح: نحن لسنا في الحرب حتى نقوم بمثل هذه التضحيات.
قلت: لسنا في الحرب، ولكن زميلك «إنسان». فكم تقيّم إنسانيته؟
قال: قد لا يكون شاباً جيداً.
قلت: لأنه قد لا يكون شاباً جيداً سألتك هذا السؤال. هل قيمة إنسانيته لديك بالحد الذي تقوم بغسل ثيابه عند الحاجة بطيب خاطر ولذة وتقول بأني أغسل ثياب إنسان؟
قال بصدق: كلا، أنا لست كذلك.
قلت بِوِدّ: إن لم يكن الإنسان عندك بهذا المستوى من الأهمية، فلماذا تريد أن تعمل عملاً ثقافياً لهدايته؟ ما هو دخلك بأن تكون قلقاً على جنة الناس ونارهم؟ إنك لا تحب الناس، فما هو شأنك بمصيرهم؟

لابد من الاهتمام بالآخرين

علماً بأن موضوع غسل ثياب الآخرين، ليس إلا أسلوب للتقييم. لا أنه معيارٌ قطعي. وعلى أي حال، يجب أن ينظر الإنسان مدى اهتمامه بالآخرين.
والآن لننظر إلى أسوة وقدوة. فإن لمشاهدة بعض النماذج والأمثلة أحياناً أثر أبلغ بكثير من عشرات النصائح والمواعظ. ومن النماذج التي يمكن الإشارة إليها في مجال محبة الناس هو الشهيد جمران.
ينقل مدير مكتب الشهيد جمران: عندما كان السيد جمران وزير الدفاع، وقف رجل ببابه لشغل له معه وهو من كبار الضباط في عهد النظام الطاغوتي البائد وكان فصله من الوظيفة أمراً مسجّلاً وقد أمضى الدكتور حكم فصله. فقلت للسيد جمران: «هذا الرجل من الذين سيتم فصلهم. فلا حاجة لأن تشغل وقتك معه.» فنهض جمران وأزاحني عن طريقه وذهب لاستقباله؛ وتعامل معه كما يتعامل مع غيره حيث قام بمصافحته واعتناقه بحرارة ثم أدخله إلى غرفته واستمع إليه بصبر وتروّ. وعندما ذهب ذلك الرجل، سألت جمران: «ليس من المقرر أن يبقى هذا الرجل هنا، فلماذا شغلت وقتك معه؟» فقال جمران: «لابد من فصله؟ حسناً، سلّمناه حكم فصله وعليه بالذهاب. ولكنه إنسان وأنا احترمت إنسانيته.»
من كان كذلك، يستطيع أن يكون منتظراً للفرج. وبالطبع ليس المقصود بأن نعطف بهذا المستوى وفي كل موطن على العناصر الجائرة المناهضة للثورة ونُعطيها الفرصة للقضاء علينا (كما أن الشهيد جمران أيضاً لم يتردّد في فصله)، ولكن بشكل عام، فإن هذا الاستعداد لمحبة الخلق أمر قيّم للغاية.
يكتب الشهيد جمران في مناجياته: «تقع على عاتقي مسؤولية تامة بأن أقف بوجه الشدائد والبلايا، وأحتمل كل الآلام، وأتقبّل المحن، وأحترق كالشمع وأضيء الطريق للآخرين، وأنفخ الروح في الأموات، وأروي غليل المتعطشين للحق والحقيقة.»[1]فانظروا إلى حلاوة الجمع بين محبة الحق ومحبة الخلق في هذه المناجاة.

المنتظر يفكّر بهداية جميع الناس

يُنقل أن عارفاً قد استولى عليه البكاء والنحيب في حالة الاحتضار وهو يقول: «كيف أجيب ربي؟» فقالوا له: «مثلك لماذا يتكلم بهذا الكلام؟» فقال: «لو رحلت إلى ذلك العالم، وقال لي ربي: إنك كنت رفيقاً معنا، ولكن هناك في زاوية من العالم شخص بقي على ضلالته، فلماذا لم تهده إلى رفقتنا وصحبتنا، فبماذا أجيب ربي؟»

الشوق إلى الفرج یعني محبة الناس

الشوق إلى الفرج يعني محبة الناس؛ يعني أن يكون الإنسان واسع الصدر بعيد النظر. فالمنتظر يرى العالم في زاوية قلبه وتربطه صلة مع جميع أهل العالم.
وفي دعاء العهد حينما يريد المنتظر أن يصلّي على الإمام المهدي يقول: «اللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوْلَانَا الْإِمَامَ الْهَادِيَ الْمَهْدِيَّ الْقَائِمَ بِأَمْرِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَعَلَی آبَائِهِ الطَّاهِرِینَ عَنْ جمیعِ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا سَهْلِهَا وَجَبَلِهَا بَرِّهَا وَبَحْرِهَا وَعَنِّي وَعَنْ وَالِدَيَّ مِنَ الصَّلَوَاتِ....»[2] انظروا إلى هذه السعة في الرؤية حيث أنه إذا أراد أن يسلّم على إمام زمانه لم يسلّم عن نفسه فحسب، بل يسلّم عن جميع أهل العالم، وهذا ناتج من سعة الصدر التي يمتلكها المنتظر.
والآن ضعوا سؤال عمار الساباطي المنطقي نسبياً من الإمام الصادق (ع) إلى جانب كلام سلمان الفارسي والشعور الذي انتابه بالنسبة إلى انتظار الفرج، لتجدوا البون الشاسع.[3]

العلاقة بين الذكر والشوق

في خضمّ تنمية هذا الشوق، نصل إلى مفهوم باسم «الذكر». فحريّ بنا إلى جانب اكتساب جميع الفضائل التي تُنعش الحب والشوق، أن نتعرض إلى الذكر أيضاً. فالكثير يسأل: كيف نُنمّي الشوق إلى الفرج في نفوسنا ونعيش في ذروة الشوق إلى الظهور لندخل في عداد المنتظرين الحقيقيين لصاحب الأمر (عج)؟ الجواب هو أنّ تنمية هذا الشوق، ليس إلّا اكتساب التقوى وأداء العبادات والعمل بالأوامر الإلهية ولاسيما التكاليف الاجتماعية بصحة وإخلاص. وإلى جانب كل هذه المسائل، وبعد اكتساب المعارف الضرورية والعلوم الدقيقة والعميقة، لو أردنا أن نعمل عملاً خاصاً فعلينا التوجّه إلى «الذكر». ومن هنا ينبغي الاهتمام بـ«دعاء الندبة» و«دعاء العهد» و«الدعاء لسلامته (ع)» وسائر الأدعية. فإنّ من يحبّ الإمام وينتظره ألا ينبغي أن يذكره ولو في اليوم مرة على أقل تقدير؟ ألا ينبغي أن يرفع يديه للدعاء بفرجه في قنوت صلواته وفي كل لحظة من لحظات استجابة الدعاء؟

يتبع إن شاء الله...

[1]مصطفی جمران، خدا بود و دیگر هیچ نبود، ص28.
[2]دعاء مروي عن الإمام الصادق (ع): مفاتیح الجنان، دعاء العهد. وكذلك المصباح للکفعمي، ص550.
[3]يروي سلمان الفارسي حديثاً طويلاً عن رسول الله (ص) في أن الأئمة من بعده إثني عشر، ثم بدأ يذكر أسماءهم حتى وصل إلى الإمام الثاني عشر وسكت، فقال سلمان: «يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي بِإِدْرَاكِهِمْ، قَالَ: يَا سَلْمَانُ إِنَّكَ مُدْرِكُهُمْ وَأَمْثَالُكَ وَمَنْ تَوَلَّاهُمْ بِحَقِيقَةِ الْمَعْرِفَةِ. قَالَ سَلْمَانُ: فَشَكَرْتُ اللَّهَ كَثِيراً ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُؤَجَّلٌ فِيَّ إِلَى أَنْ أُدْرِكَهُمْ؟ فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ اقْرَأْ ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ...﴾ قَالَ سَلْمَانُ: فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَشَوْقِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِعَهْدٍ مِنْكَ؟ فَقَالَ: إِي وَالَّذِي أَرْسَلَ مُحَمَّداً إِنَّهُ بِعَهْدٍ مِنِّي وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَتِسْعَةِ أَئِمَّةٍ... قَالَ سَلْمَانُ: فَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ‏ وَمَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ أَوْ لَقِيَه.» بحار الأنوار، ج25، ص6-8.‏



من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 43  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 33
قديم بتاريخ : 18-05-2014 الساعة : 08:00 AM


يعتبر دعاء العهد برنامجاً مستمراً ويشير إلى مفاهيم أساسية وقيمة ويعدّ دعاء ملحمياً ولهذا فإن له مكانة مرموقة بين الأدعية المختصة بالإمام (ع). كان يقول الإمام الخميني (ره): «دعاء العهد مؤثّر في تقدير الإنسان.»[1] وكان سماحته مواظباً على قراءة دعاء العهد واستمر على هذا البرنامج حتى آخر يوم من حياته في المستشفى.[2] وهو الدعاء الذي أوصى عائلته بقراءته في آخر أيام حياته.[3]

لا ينمو الحب من دون الذکر

المسألة المهمة التي لابد من الالتفات إليها هي أنّ «الحب» لا ينمو مع فقدان «الذكر». وهذا هو الحال بالنسبة إلى الدنيا أيضاً. ما هو الشيء الذي ينمّي حب الدنيا في قلوبنا ويجعلها لذيذة في أعيننا؟ الدنيا التي نتذوّقها ونشمّها ونجرّبها وخلاصة الكلام أنها «حاضرة» ويمكننها تجربتها بسهولة، غير أنّ تجربتها لا تأخذ بمجامع قلوبنا بمقدار ذكرنا لها.

لابد من وضع برنامج لذكر الإمام المهدي (عج)

فالدنيا التي هي حاضرة لا تحلّ في قلبك من دون ذكرها كثيراً فكيف يحل الإمام المهدي في قلوبنا من دون ذكر وهو غائب؟ لا تقل: «كلّما ضاق صدري، أتذكّر الإمام (عج).» إذ ينبغي أن تضع لنفسك برنامجاً للذكر. وليكن برنامجك مختصراً حتى لا ينقطع، فالمواظبة على مثل هذه البرامج مهمة للغاية. وعندها سيحلّ الشوق إلى الإمام في قلبك شيئاً فشيئاً. بالإضافة إلى أننا لو ندّعي الشوق إلى فرج الإمام وظهوره لابد وأن يتجلى كلام أمير المؤمنين (ع) في قلوبنا حيث قال: «مَنْ أَحَبَّ شَیْئاً لَهِجَ بِذِکْرِه.»[4]

يتدفق الذکر من علوّ الفكر

علماً بأن الفكر سندٌ للذكر كما أشرنا إليه سابقاً. فالعلم والمعرفة والتفكر بالمعلومات رأسمال الذكر. والذكر أساساً وإن كان يتدفّق من قلب الإنسان إلّا أنه ينبثق من علّو الفكر. فلو قرن الإنسان فكره بالمودة والعاطفة سيكون ذكراً. ومن هنا يتبيّن الفرق بين «الذكر» و«الورد»، فإن الأوراد رغم أهميتها لم تحظ بعناية أولياء الله إن خلت من الفكر والتوجه.

دعاؤنا للفرج مستجاب

إنّ من المسائل المهمة التي يؤدي الالتفات إليها إلى الدخول في عداد أهل الذكر والتي تحثّ الإنسان على الدعاء سيما في قضية الفرج، هي هذه الحقيقة أنّ دعاءنا للفرج دعاء مستجاب وأن الله سبحانه يعتني بآراء عباده في هذا الشأن. فإذا اعتقدنا أن طلبنا وسؤالنا للفرج ليس أمراً شكلياً ومجاملة وإنما هو حقيقة سامية، سنكعف على الدعاء والذكر دون انقطاع. فهذا أمر عامّ لله حيث قال:﴿ادْعُوني‏ أَسْتَجِبْ لَکُمْ﴾[5] وهذا أمر خاص بالإمام المهدي (ع) حيث قال عن طريق سفيره الثاني إسحاق بن یعقوب: «أَكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيلِ الْفَرَجِ فَإِنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ.»[6]
لا ننسى بأنه لا يُعرض عن الدعاء بالفرج إلّا من لا يرى الله وفيّاً في العمل بوعوده أو لا يحمل اعتقاداً راسخاً بعناية الله ولطفه في حق عباده؛ وكلاهما مدعاة لسوء الظن بالله الذي نُهينا عنه بشدة.[7]

للشوق إلى الفرج أثر في التقدير الإلهي

يجب أن نعتقد بأن لشعورنا وشوقنا إلى الفرج تأثير في العالم. وأهم أثر يتركه هذا الشوق هو في التقدير الإلهي،[8] سوى الآثار التي يتركها في قلوبنا وفي مجتمعنا وفي عالمنا. فإن الله الذي بيده أمر الفرج، ينظر لاتخاذ القرار في ذلك إلى قلوبنا.[9] فهو الوحيد الذي يستطيع تقييم نسبة معرفتنا ومحبتنا وعلى أساسها يدبّر مقدّراتنا.
يقول الإمام الحسن العسكري (ع) حول دور وأثر «الدعاء بتعجيل فرج ولده (عج)» في نجاة الإنسان: «وَاللَّهِ لَيَغِيبَنَّ غَيْبَةً لَا يَنْجُو فِيهَا مِنَ التَّهْلُكَةِ إِلَّا مَنْ يُثْبِتُهُ اللَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِإِمَامَتِهِ وَوَفَّقَهُ لِلدُّعَاءِ بِتَعْجِيلِ فَرَجِهِ.»[10]
ويقول الإمام الصادق (ع) في كلام مهم له حول أثر الدعاء بالفرج في التقدير الإلهي لـنجاة المجتمع وقرب الظهور: «فَلَمَّا طَالَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وَبَكَوْا إِلَى اللَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ يُخَلِّصُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): هَكَذَا أَنْتُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ لَفَرَّجَ اللَّهُ عَنَّا فَأَمَّا إِذْ لَمْ تَكُونُوا فَإِنَّ الْأَمْرَ يَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَاهُ.»[11]
يقول آية الله الشيخ البهجة (ره) حول التأثير القطعي للدعاء بالفرج: «كم ينبغي أن نفكّر في الإمام الغائب (عج) وأن ندعو بتعجيل فرجه؟! الدعاء بتعجيل فرج الإمام مؤثر لا محالة، ولكن لا بلقلقة اللسان وقول «وعَجِّل فرجه» بصورة جامدة كورد يُقرأ في آخر المنابر على الدوام من أجل أن يقوم الناس. الدعاء بتعجيل الفرج عمل مستحب كصلاة النافلة، أي أن نسأل الله بجدّ وصدق وهمّ وغمّ أن يزيل المسافة التي طالت ألف عام ونيّف بين الناس وبين واسطة الفيض. والدعاء الصادر من الناس لم يتقرن بحالة من الحزن والأسى والتأثر القلبي، وإلّا لتغيّرت الأوضاع لا محالة.»[12]

يتبع إن شاء الله...


[1] تقول فاطمة طباطبائي، زوجة السيد أحمد الخمیني: «من المسائل التي كان يوصيني بها الإمام في أواخر أيام حياته هي قراءة دعاء العهد. وكان يقول: حاولي أن تقرأي دعاء العهد في كل صباح، لأنه يؤثر في مصير الإنسان.» صحيفة اطلاعات، 4/6/1990.
[2]يقول المرحوم آیة ‌الله توسلي: «قالت لي إحدى النساء: اذهب إلى جانب الإمام واقرأ الدعاء. وكان ذلك قبل يوم من وفاة الإمام، فشرعت بقراءة دعاء العديلة. وإذا بي أرى أنّ الإمام قد وضع علامة في موضع من المفاتيح. ففتحته ورأيت أنه دعاء العهد، وبما أن قراءته تستحب أربعين يوماً فقد كتب الإمام على قصاصة بأنه شرع فيه من 8 شوال وقرأه حتى ذلك اليوم.» پابه‌پای آفتاب، ج2، ص102.
ويقول حجة الإسلام والمسلمین آشتیاني: «عندما ارتدى الإمام الثياب المختصة بالمستشفى، كان بيده مفاتيح الجنان وهو يقرأ دعاء العهد بطمأنينة خاصة.» برداشت‌هایی از سیره امام خمینی، ج3، ص43.
[3] برداشت‌هایی از سیره امام خمینی، ج3، ص42. راجع الهامش السابق.
[4]غرر الحکم، ص65، ح859.
[5]سورة غافر، الآیة 60.
[6] کمال الدین وتمام النعمة، ج2، ص483؛ والغیبة للطوسي، ص290.
[7] يقول الإمام الصادق (ع): «إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً بِظَهْرِ قَلْبٍ سَاهٍ فَإِذَا دَعَوْتَ فَأَقْبِلْ بِقَلْبِكَ ثُمَّ اسْتَيْقِنِ الْإِجَابَةَ.» الکافي، ج2، ص473. ويقول النبي (ص): «أكبَرُ الكبائرِ سُوءُ الظَّنِّ بِاللّه.» میزان الحکمة، ح١١٧٢٦، نقلاً عن کنز العمال، ح5849.
[8] يقول الإمام الصادق (ع): «الدُّعَاءُ يَرُدُّ الْقَضَاءَ بَعْدَ مَا أُبْرِمَ إِبْرَاماً فَأَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ.» الکافي، ج2، ص470. والدعاء من أهم المعالم والنتائج لاشتياق المؤمن، لأن الاشتياق يجر إلى الدعاء لا محالة ولا يتحقق الدعاء الصادق من دون اشتياق.
[9] قال رسول الله (ص) في وصية له لأبي ذر: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ.» الأمالي للطوسي، ص535. وقال أمیر المؤمنین (ع): «عَلَى قَدرِ النِّيَّةِ تَكونُ مِن اللّهِ العَطِيَّةُ.» غرر الحکم، ح6193. وقال الإمام الصادق (ع): «إِنَّمَا قَدَّرَ اللَّهُ عَوْنَ الْعِبَادِ عَلَى قَدْرِ نِيَّاتِهِمْ فَمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ تَمَّ عَوْنُ اللَّهِ لَهُ وَمَنْ قَصَرَتْ نِيَّتُهُ قَصَرَ عَنْهُ الْعَوْنُ بِقَدْرِ الَّذِي قَصَرَ» الأمالي للمفید، ص65.
[10] کمال الدین وتمام النعمة، ج2، ص384.
[11] تفسیر العیاشي، ج2، ص154.
[12] در محضر بهجت، ج2، الرقم1116.




من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الصورة الرمزية الجزائرية
الجزائرية
عضو ذهبـي
رقم العضوية : 72629
الإنتساب : Jun 2012
المشاركات : 2,712
بمعدل : 0.59 يوميا

الجزائرية غير متصل

 عرض البوم صور الجزائرية

  مشاركة رقم : 44  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 20-05-2014 الساعة : 12:38 PM


احسنتِ اختي محاضرات راقية تجذب الاهتمام .

لي عودة لمطالعتها كلها ..

توقيع : الجزائرية
في كُل صبحٍ أراكَ فجراً حزيناً .. قُل لي متى تراكَ العيونُ فينا
أدرك قلوباً ضاقت بها الرحباء .. وسطوةُ الجورِ قد غدت تُشجينا
من مواضيع : الجزائرية 0 من الافضل ...!
0 المسابقة المهدوية ...
0 الصيحة الجبرائيلية تكون في الرؤيا .. مهازل اتباع احمد اسماعيل
0 طلــــــب ..
0 ابداعات بن تيمية في شرح حديث الراية ...

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 45  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-05-2014 الساعة : 11:25 AM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجزائرية [ مشاهدة المشاركة ]
احسنتِ اختي محاضرات راقية تجذب الاهتمام .

لي عودة لمطالعتها كلها ..



شكرا جزيلا أختي
أحمد الله على هذا التوفيق وكون الموضوع قد نال إعجابكم
تقبلوا تحياتي


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 46  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 34
قديم بتاريخ : 26-05-2014 الساعة : 11:26 AM


5. العمل من أجل تحقق الوضع المنشود

العمل، دليل على صدق الانتظار وسبب لتعزيزه

العنصر الأخير للانتظار هو «العمل». فالعمل من أجل تحقق الوضع المنشود أو امتلاك الدافع للمبادرة على أقل تقدير، يقوّي دعائم الانتظار في وجود الإنسان. فإن العمل والمبادرة من أجل التمهيد للظهور وتهيئة أرضية الفرج قدر المستطاع دليل على صدق ادّعاء الانتظار وسبب لتعزيزه. فعلى المنتظر أن يكون أهل عمل. وهو أمر ثابت في ثقافة المنتظرين؛ لأن المنتظر لا يكون منتظراً حقيقة إلّا إذا تحرّك نحو الوضع المنشود.

أساساً لا يمكن لأي شعور وإدراك أن يبقى محبوساً إلى الأبد في حصار عدم التجلي في العمل. فلو كان المهدي (عج) محبوباً، وكان ظهوره وتحقّق جميع محاسن حاكمية الدين المطلقة محبوباً، إلى متى يمكن أن تبقى هذه المحبة مخفية؟ فمما لا شك فيه أن هذه المحبة ستُظهر آثارها العميقة في سلوك المجتمع ورؤيته وستُحدث بعض التغييرات فيه شئنا أم أبينا. وكلامنا في هذا الحقل يدور حول تعزيز هذه الآثار وكيف أن العمل بمقتضى المحبة وبمقتضى انتظار الفرج يؤدي إلى إرساء قواعد الانتظار والحدّ من طول فترة الغيبة.

وبطبيعة الحال كلّما تتبلور وتنمو رؤية ونزعة حيال موضوع معيّن، ستترك ظلالها على سلوك الإنسان إلى حدّ ما. وفي هذه الحالة لا يحتاج الإنسان إلى وصية خاصة للعمل على أساس هذه الرؤية والنزعة، سوى أنّ التوجّه إلى العمل ودوره والاهتمام به يوجب استخدام الرؤى والنزعات الموجودة. فلا ينبغي أن ننتظر حتى يطفح كيل معرفتنا ومحبتنا القلبية ثم نصل بشكل طبيعي إلى العمل، بل يجب عبر الوقوف على أهمية العمل أن نكون سبباً في إنعاش الشعور الباطني وازدهاره.



العمل، يحدّ من آفات الانتظار

يمكن النظر إلى أهمية «العمل» عند المنتظر من جانب آخر: فإنّ من الأضرار المهمة للانتظار هو التخيّل الذي يتنافى مع روح العمل، وهذه الآفة تصيب الشباب أكثر من غيرهم. ولو أصابت الإنسان منذ حداثة سنه فستبقى معه حتى الكِبَر. ومن جانب آخر، فإنّ المنتظِر يحبّ اعتناق المنتظَر ويتمنى لحظة الوصال.

بيد أنّ نفس هذا الخيال الجميل لو لم يقترن بالعمل لكان مضرّاً؛ ولو لم تُراقَب هذه الآفة العذبة – وهي خيال لقاء المحبوب -، فستؤدي إلى التنصل من العمل. وهذه الآفة الكبيرة لا تختص بهذا الموضوع، بل يمكن أن تتبلور فيما يرتبط بالله سبحانه وعفوه ورحمته. قال أمير المؤمنين (ع) في إحدى غُرر كلماته القصار في نهج البلاغة: «لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَيُرَجِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الْأَمَل.»[1]

يتضح من كلام الإمام أن هذه البليّة عامة؛ وملذّات الإنسان بإمكانها أن تسوقه نحو الحركة إلى محبوبهم وبإمكانها أن توقفه عن الحركة. والمنتظر حتى وإن كان منتظراً حقيقياً قد يكفّ عن العمل لوقوعه في ورطة هذه الآفة ويغوص في بحر أوهامه وخيالاته العذبة.

وأحياناً يحول إبليس بين الإنسان وبين حركته ونشاطه عبر هذه الأماني العشقية والعرفانية. يجب أن نرى يده الشرّيرة في إسكار الإنسان بالخيالات؛ وأن نخاف من خيانته المستمرة. ينبغي أن نتذكّر على الدوام بأن العمل أمرّ من الأمل بمعنى الأمنية. فجأة ترى المنتظر المتمنّي، غارقاً في حلاوة أمانيه الجميلة وتاركاً للعمل من أجل الوصول إلى أهدافه المنشودة لمرارته. حاله حال الذي ينتظر امتحان الدخول للجامعة، حيث تراه أحياناً ولساعات مديدة غارقاً في بحر أوهامه يلتذّ بتخيّل جلوسه على كرسيّ الجامعة، ولكنه يتقاعس عن الدرس بشتى الحجج والذرائع لمرارته.



تأثیر «مبادرتنا» في «تحقق الوضع المنشود»

قد يختلج هذا السؤال في أذهان البعض بأن عملنا هل يؤثر حقيقة في الظهور؟ من أجل اجتياز هذا المانع الفكري، علينا أن نجيب أولاً على هذا السؤال الذي ليس له أهمية بالغة وهو أنه هل من الممكن أن يكون لنا دورٌ في الظهور أو أن فرج الإمام وظهوره هل هو أمر خارج عن إرادتنا؟ أحياناً قد تبدو لنا بعض الأمور قدسية وبعيدة عن منال البشرية بحيث نعتبرها خارجة عن دائرة علمنا وعملنا. فالذين لا يرغبون في العمل من أجل التمهيد للظهور لأيّ دليل، يعتبرون الفرج أمراً خارجاً عن نطاق البشرية. في حين أنّ أمر الفرج لا يرتبط بـمعرفة البشر وشعور المنتظرين فحسب، بل له ارتباط تام بعملهم أيضاً.

علماً بأن أيّ عمل وفي أيّ زمن سيؤدي إلى أية نتيجة وأن الفرج سيتحقق على أثر أي نسبة من المعرفة والمحبة والعمل، أمر غير بيّن؛ ولكن نعرف بالإجمال أن لعملنا دور كبير في مسألة الظهور.

سبق وأن تعرضنا إلى أن لإدراكنا وشعورنا تأثير في تهيئة أرضية الفرج. وأما الدليل في أن عملنا يؤثر في مصيرنا فهو سنة إلهية صرّحت بها هذه الآية الشريفة: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ.﴾[2]



يتبع إن شاء الله...



[1] نهج البلاغة، الحکمة150

[2] سورة الرعد، الآیة 11




من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الصورة الرمزية الباحث الطائي
الباحث الطائي
بــاحــث مهدوي
رقم العضوية : 78571
الإنتساب : Jun 2013
المشاركات : 2,162
بمعدل : 0.52 يوميا

الباحث الطائي غير متصل

 عرض البوم صور الباحث الطائي

  مشاركة رقم : 47  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-05-2014 الساعة : 03:49 PM


احسنتم وشكرا لكم

توقيع : الباحث الطائي
لا اله الا اللـه محمــــد رســــول الله
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

( الاسلام محمدي الوجود . حُسيني البقاء . مهدوي الغاية )

*
*

الباحـ الطائي ــث
من مواضيع : الباحث الطائي 0 القراءة السياسية والعلامتية لاحداث مصر
0 متى يخرج السفياني لغزو العراق
0 في أي فصول السنة يظهر القائم ع
0 الفتنة الشرقية الغربية وعلو بني إسرائيل الثاني
0 قراءة جديدة في رواية اذربيجان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 48  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-05-2014 الساعة : 10:07 AM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الباحث الطائي [ مشاهدة المشاركة ]
احسنتم وشكرا لكم

أحسن الله لكم ، أسعدني مروركم فجزاكم الله خيرا


من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 49  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 35
قديم بتاريخ : 29-05-2014 الساعة : 10:08 AM


ما هو الدليل على أن تكون شرائط الظهور خارجة عن هذه السنة الإلهية؟ فإنّ هذا أمر مستمر بأننا ما لم نُحدث تغييراً في أنفسنا وفي أوضاع المجتمع والعالم، لا يغيّر الله أوضاعنا.

النصرة الإلهیة منوطة بعمل الإنسان

ومن جانب آخر، وبالإضافة إلى الاستناد إلى هذه الآية الشريفة والاعتماد على هذه السنة الإلهية، يمكننا الرجوع إلى فلسفة الخلقة وسائر السنن الإلهية وبعثة الأنبياء أيضاً. وعندها سنجد أن الفتح والظفر والنصر الإلهي منوط على الدوام بنصر من قبل العباد: ﴿یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ یَنْصُرْکُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدامَکُمْ.﴾[1]
ولو أنّ من المقرر أن يكون الدين برنامجاً لاجتياز الناس من أزمات الطبيعة إلى الله، فلا ينبغي طبقاً للقواعد وفي أيّ زمن أن يكون هذا الاجتياز منوطاً بإرادة الله بالكامل وبعيداً عن أهلية عباده وأعمالهم.

عملنا يستنزل النصرة الإلهية

كما أننا لم نُمنع قطّ عن أداء تكاليفنا وإقامة الحق قدر استطاعتنا بذريعة أن الحق لا يتبلور بالكامل إلا في زمن الظهور، ولم يسقط عنا تكليف تطبيق الحق ونصرة المظلومين ومواجهة الظالمين بمقدار وسعنا.[2] وبطبيعة الحال إذا بادرنا إلى العمل حسب طاقتنا فسيؤدي ذلك إلى إيجاد شرائط جديدة في العالم؛ الشرائط التي تتطلب نصرة الله وفق السنن الإلهية، ونصرة الله لا تتجلى في إطار هذا العالم إلا بظهور الإمام المهدي (عج).
في هذا العصر، لا معنى لإنقاذ جمع من المؤمنين من قبضة الظلم دون النظر إلى سائر المجتمعات الإسلامية بل وحتى سائر المجتمعات الإنسانية. إذا ما نظرنا إلى شرائط العالم لشاهدنا الأوضاع بحيث لو وقف شخص بوجه الظلم، سيجابهه الظلم بأسره؛ ولو انتصر في أي مرحلة، ستقترب سلطنة الظلم كلها إلى الزوال. ولا يمكن بعد لأي صراع ونزاع بين الحق والباطل أن يتحدد بزاوية من العالم ويتوقف فيها. وفي مثل هذه الظروف، لا تكون نصرة الله للمظلومين إلا بتحقق الفرج وإقامة حكومة الحق والعدل الشاملة.

انظروا إلى كلام الإمام الخميني (ره) في خصوص تأثير علمنا في تعجيل الفرج:

«أنتم نقطة في العالم والعالم يزخر بالظلم. نحن إن استطعنا الوقوف بوجه الظلم، يجب علينا ذلك وهي وظيفتنا. وقد حتّمت علينا الضرورة الإسلامية والقرآنية أن نقوم بكل هذه الأعمال. ولكن بما أننا لا نستطيع ذلك، لابد من ظهور الإمام والقيام بهذه الأمور. ولكن يجب علينا التمهيد لذلك، وتهيئة الأسباب التي تؤدي إلى تعجيل هذا الأمر، والعمل من أجل أن يستعدّ العالم لمجيء الإمام - سلام الله عليه -.»[3]
«نحن مكلّفون! وانتظارنا للإمام المهدي – سلام الله عليه – لا يعني أن نجلس في بيوتنا ونأخذ السبحة بأيدينا ونقول: «عَجِّل على فرجه». التعجيل لا يتحقق إلّا بعملكم؛ أنتم يجب عليكم تهيئة الأرضية لمجيئه. وتهيئة الأرضية لاجتماع المسملين. اتّحدوا مع بعض، يظهر إن شاء الله.»[4]
«انتظار الفرج، انتظارٌ لقدرة الإسلام، والذي يجب علينا هو السعي لتحقق قدرة الإسلام في العالم، والتمهيد للظهور إن شاء الله.»[5]
«وآخر كلامي معكم هنا هو أن يبقى وفاؤكم حتى الموت بالجمهورية الإسلامية التي هي ثمرة دماء آبائكم؛ ومن خلال استعدادكم وتصدير الثورة وإبلاغ رسالة دماء الشهداء، مهدوا الأرضية لقيام منقذ العالم وخاتم الأوصياء والألياء، بقية الله – روحي فداه –.»[6]

ولولي أمر المسلمين، الإمام الخامنئي أيضاً كلام واضح في هذا الشأن:

«علماً بأن وعد الله حق واستقرار العدل في العالم لا يتحقق إلّا في عصر ظهور بقية الله (أرواحنا له الفداء)؛ ولكن يستطيع أيّ شعب مؤمن ومناضل أن يمهّد لتشكيل تلك الحكومة؛ كما استطاع الشعب الإيراني حتى الآن وتغلّب على الكثير من المشاكل.»[7]
«في زماننا، ظهر وجل واحد وقال: «لو بقيت وحيداً والعالم بأسره أمامي، لما تراجعت عن طريقي.» ذلك الرجل هو الإمام الذي عمل وصدق: ﴿صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ.﴾ فكلّنا يمتلك لقلقة اللسان. هل رأيتم ماذا فعل الإنسان الحسيني العاشورائي؟ أجل؛ لو أصبحنا جميعاً عاشورائيين، لتسارعت حركة العالم نحو الصلاح ولتوافرت أرضية ظهور ولي الله المطلق.»[8]
«أنتم أيها الأعزاء ولاسيما أنتم الشباب، كلّما ازداد سعيكم في صلاحكم وفي معرفتكم وأخلاقكم وعملكم واكتساب المؤهلات في أنفسكم، ستُقرّبون هذا المستقبل. فإن ذلك بأيدينا. لو قرّبنا أنفسنا من الصلاح، سيقترب ذلك اليوم؛ كما أن شهداءنا عبر التضحية بأنفسهم قرّبوا ذلك اليوم. وإنّ الجيل الذي قدّم تلك التضحيات من أجل الثورة، قرّب بتضحياته هذه ذلك المستقبل. وكلّما قمنا بفعل الخير والإصلاح الذاتي والسعي لإصلاح المجتمع، سنقرّب ذلك المصير باستمرار.»[9]
«ماذا يعني أن الإمام المهدي يأتي ويعمل؟! ما هو تكليفكم اليوم؟ ماذا يجب عليكم اليوم فعله؟ يجب عليكم تمهيد الأرضية، ليظهر الإمام ويعمل في تلك الأرضية الممهَّدة. فلا يمكن أن نبدأ من الصفر! ولا يتأتى لمجتمع أن يستضيف المهدي الموعود أرواحنا فداه إلّا إذا كان مستعداً مؤهّلا، وإلّا فسيكون حاله حال الأنبياء والأولياء على مرّ التاريخ.

يتبع إن شاء الله...

[1]سورة محمد، الآیة 7.
[2] يقول الإمام الخمیني (ره) في هذا الشأن: «من أجل أيّ شيء يظهر الإمام الحجة؟ من أجل بسط العدل، من أجل تعزيز الحُكم، من أجل القضاء على الفساد. نحن خلافاً للآيات القرآنية الشريفة نكفّ عن النهي عن المنكر، نكفّ عن الأمر بالمعروف ونُوسّع الذنوب من أجل أن يأتي الإمام؟ ماذا سيصنع الإمام إذا ظهر؟ يظهر الإمام ليقوم بهذه الأمور. ولكن ألا يوجد الآن تكليف على عاتقنا؟ ألا يوجد تكليف على عاتق البشر؟ تكليفه هو أن يدعو الناس إلى الفساد؟ ... نحن يجب علينا إن استطعنا وإن كنّا نملك القدرة أن نزيح الظلم والجور بأسره عن العالم. هذه هي وظيفتنا الشرعية، غير أننا لا يسعنا ذلك. الحالة الموجودة هو أنّ الإمام يملأ الأرض عدلاً؛ لا أن تكفّوا عن العمل بتكليفكم، ولا أن يرتفع التكليف عنكم ... نعم، نحن لا نستطيع أن نملأ الأرض عدلاً كما ستُملأ، ولو استطعنا لفعلنا، ولكن لعدم استطاعتنا لابد من أن يظهر الإمام.» صحيفة الإمام، ج‏21، ص14-17.
[3]صحيفة الإمام، ج‏21، ص17.
[4]نفس المصدر، ج18، ص269.
[5]نفس المصدر، ج8، ص374.
[6]نفس المصدر، ج20، ص38.
[7]كلمته في مراسم البيعة مع مختلف الشرائح، 29/06/1989.
[8]كلمته في لقائه العلماء والوعّاظ، على أبواب شهر محرم‏، 24/05/1995.
[9]كلمته بمناسبة مولد الإمام المهدي (عج)، 12/11/2000.




من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان

الرحيق المختوم
عضو برونزي
رقم العضوية : 77449
الإنتساب : Feb 2013
المشاركات : 320
بمعدل : 0.07 يوميا

الرحيق المختوم غير متصل

 عرض البوم صور الرحيق المختوم

  مشاركة رقم : 50  
كاتب الموضوع : الرحيق المختوم المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي انتظار العوام، انتظار العلماء، انتظار العرفاء 36
قديم بتاريخ : 19-06-2014 الساعة : 10:06 AM


ما هو السبب من أن الكثير من أنبياء أولي العزم العظام جاؤوا ولم يستطيعوا تطهير الأرض وتصفيتها من الخبائث؟ لماذا؟ لأن الأرضية لم تكن متوفرة. لماذا لم يتمكّن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام في عهده من اجتثاث الفساد في تلك الفترة القصيرة من حكومته رغم قدرته الإلهية، وعلمه المتصل بالمعدن الإلهي، وقوة إرادته، وما يحمله في شخصيته العظيمة من بهاء وسناء، ورغم وصايا النبي الأكرم في حقه؟ حتى آل الأمر إلى قتله! ... وحينئذ إذا ظهر الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام في عالم من دون استعداد، فستتكرر القضية! لابد من الاستعداد، ولكن كيف يتم هذا الاستعداد؟ ... هذا هو نفس ما تشاهدون بعض مصاديقه في مجتمعكم. حيث توجد اليوم في إيران الإسلامية مسائل معنوية لا توجد في أي بقعة من العالم ...
في أي نقطة من العالم تجدون شباباً يتجنّبون الشهوات والماديات ويتجهون صوب المسائل المعنوية؟ وبالطبع فقد يوجد شاب أو شابان أو إنسان شاذ في زاوية وهذا ما هو موجود في جميع أنحاء العالم، ولكن في أيّ بقعة من العالم تجدون هذا الكم الهائل من الشباب بهذه الحالة؟ لا توجد إلا في هذه البقعة! ... إذن يمكن تهيئة الأرضيات. فإذا اتّسعت مثل هذه الأرضيات إن شاء الله، ستتهيأ أرضية ظهور بقية الله أرواحنا فداه وتتحقق مسألة المهدوية التي هي أمل البشر والمسلمين منذ القِدَم.»[1]
وسنشير في الصفحات التالية إلى بعض كلمات الإمام الخميني (ره) والإمام الخامنئي الأخرى التي تصرّح بتأثير عملنا في تعجيل الفرج.

5.1. الأعمال الفردية

برمجة نشاطات الحياة الرائجة

أقل ما يمكن أن يقوم به المنتظر هو تزكية النفس والتأهّب القلبي لأداء وظائف نصرة الإمام. علماً بأنّ هذا التأهّب لابد وأن يكون متوفراً للعمل بالتكاليف التي تسبق الظهور أيضاً، وذلك لاكتساب القدرة المناسبة من أجل قيام المنتظر بتكاليفه في مسألة التمهيد للظهور. (فإنّ هناك وظائف خطيرة ومتفاوتة ملقاة على عاتق المنتظرين في فترة ما قبل الظهور والتمهيد له ويحتاج العمل بها إلى مزيد من الاستعداد والقدرة. وبالطبع فإن الحديث عن آخر وظائف المنتظر موكول إلى مجال آخر.)
المنتظر يشعر بالمسؤولية تجاه مسألة الظهور. وبالنظر إلى الوظائف الخطيرة الملقاة على عاتقه، يسعى لأن يستعد من أجل العمل بها. واكتساب هذا الاستعداد بحاجة إلى برمجة دقيقة وعمل دؤوب؛ وبهذا تختلف حياة المنتظر عن حياة الآخرين. وكأنّ المنتظر يُبرمج لجميع جوانب حياته. والأجواء السائدة على حياته تشبه حياة مغوار ثوري ومجاهد باسل. فلا يمكن أن يعمد الإنسان إلى تزكية النفس بصفته منتظراً وهو غير ثوري.

برنامج المنتظر: 1. برنامج معنوي 2. برنامج للحياة

وفيما يرتبط بمسألة تزكية النفس، لابد من التعرض لأبعادها المختلفة. فإن محور تزكية النفس وإن كان هو الابتعاد عن «الراحة» و«الغفلة»، بيد أنّ هذه الحركة قد تتعرض لمتابعة البرامج المعنوية وإصلاح الصفات القلبية وقد تتناول تنظيم النشاطات الرائجة في الحياة.
إن المنتظر يُبرمج لطعامه وحتى لنومه ويقظته. فقد ورد في الروايات أنّ أسوء النوم هو نوم ما بين الطلوعين (من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) .[2] ويعتقد الأطبّاء أن نوم ما بين الطلوعين يسلب قوة الإنسان. حتى الرعاة أيضاً لا يدعون أغنامهم تنام في هذا الوقت؛ لأنهم وجدوا بالتجربة أن الغنم إذا نام ما بين الطلوعين، يُصاب بالكسل إلى آخر ذلك اليوم.
ونوم القيلولة مستحب.[3] يقول الأطباء إنّ النوم قبل الظهر لمدة عشرين دقيقة يعادل نوم عدة ساعات في الليل ويزيل تعب الإنسان. فالمنتظر يُنظّم حياته. ويجعل لنفسه برنامجاً رياضياً وبرنامجاً لتسلّق الجبال. فإنّ حياة المؤمنين دوماً ما هي مقرونة بمثل هذه الصعوبات التي يفرضونها على أنفسهم.
لابد من تغيير برنامج الحياة في مقام العمل. فلا يتأتى الوصول إلى المقصد من دون برنامج وبالركون إلى الدعة. فالمنتظر في مقام العمل كالجندي المترقّب الذي قد شدّ أحزمته، لابد أن يكون متأهّباً للخدمة.
نقل لي أحد أقرباء من كان زميلاً للإمام الخميني (ره) في حجرته عن لسانه «إني لم أَرَ الإمام (ره) قط من دون جورب. عندما أستقيظ وقت السحر، أجد الإمام (ره) قد توضّأ، وما إن يرى أحداً قد استقيظ في الحجرة يلبس جوربه. كان سماحة الإمام (ره) مرتباً باستمرار. ورغم أن في الحجرة لا يوجد سوانا نحن الإنثنين، لم أجده في الحجرة من غير نظم وترتيب قط.» فالمنتظر يُنظّم حياته ويعيش بانتظام.
والمنتظر يهتمّ حتى بخطّه أيضاً ويحاول أن يكتب بخطّ جميل. إن الإمام الخامنئي بدأ بالكتابة بيده اليسرى من الثانية والأربعين من العمر (حيث جُرحت يده اليُمنى إثر انفجار قنبلة في مسجد أبي ذر). علماً بأنّ البدء بالكتابة من هذا العمر ليس بالأمر اليسير. غير أنّ خطّه حالياً أجمل من خطّ الكثير منا، لماذا؟ لأننا لا نهتمّ بخطّنا، ولا نمتلك الصبر والأناة، ونمرّ على كل شيء مرور الكرام، ولا نُصرّ على أن نُحسن أعمالنا. ولا ندقّق في جزئيات حياتنا الدنيوية.

يتبع إن شاء الله...


[1] كلمته في لقائه مختلف الشرائح بمناسبة ميلاد الإمام المهدي (عج)، 16/12/1997.
[2] عن الإمام الصادق (ع): «نَوْمَةُ الْغَدَاةِ مَشُومَةٌ تَطْرُدُ الرِّزْقَ وَتُصَفِّرُ اللَّوْنَ وَتُغَيِّرُهُ وَتُقَبِّحُهُ وَهُوَ نَوْمُ كُلِّ مَشُومٍ. إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقَسِّمُ الْأَرْزَاقَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيَّاكُمْ وَتِلْكَ النَّوْمَة.» من لا یحضره الفقیه، ج2، ص502؛ وكذلك راجع: وسائل الشیعة، ج6، ص496، بَابُ كَرَاهَةِ النَّوْمِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَدَمِ تَحْرِيمِهِ.
[3] عن الإمام الباقر (ع): «النَّوْمُ أَوَّلَ النَّهَارِ خُرْقٌ وَالْقَائِلَةُ نِعْمَةٌ وَالنَّوْمُ بَعْدَ الْعَصْرِ حُمْقٌ.» من لا یحضره الفقیه، ج2، ص502.وانظر أيضاً: وسائل الشیعة، ج6، ص501، بَابُ اسْتِحْبَابِ الْقَیْلُولَة. وكذلك مستدرك الوسائل، ج5، ص113، بَابُ اسْتِحْبَابِ الْقَیْلُولَة.




من مواضيع : الرحيق المختوم 0 الأستاذ بناهيان: نحن نأمل أن تتحقق مقدمات الظهور بانهيار إسرائيل
0 الأستاذ بناهيان: الدنيا ساحة سباق والشهداء هم الفائزون
0 علائم المتقي في هذا الزمان
0 فطائر ومعجنات فكرية
0 استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام/الأستاذ بناهيان
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 04:17 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية