العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.33 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 18-10-2012 الساعة : 02:21 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم



ضرورة علم الكلام أم حرمته


بين الفيلسوف والمتكلم

بعد ملاحظة تعريف علم الكلام نجد أنّ هناك مجموعةً من العقائد والمباحث الثابتة في الدين، يعتنقها عالم الكلام المتكلّم ، ويقوم بدور تثبيتها بالأدلّة والدفاع عنها قبال كلّ من يحاول هدمها أو التشكيك فيها. فهناك إذاً مجموعةٌ من الحقائق المقدّسة تكون هي المحور وهي الأساس. وقد جعلت هي المعيار لصحّة أيّ فكرةٍ تطرح. وعلى أساس هذا المعيار يُدخلونها في الدين أو يُخرجونها عنه.

بينما نجد الفيلسوف لا يعتنق أيّ فكرةٍ مسبقة، وليس عنده شيءٌ مقدّسٌ قبل دخوله بالبحث الفلسفيّ. فهو يدخل في البحث مجرّداً عن أيّ مقدّس سابق، وعن أي عقيدةٍ قَبليّةٍ. وليس بيده غير البرهان العقليّ والمنطقيّ الذي يعتمد على المقدّمات اليقينيّة لا الظنيّة. وهذا البرهان هو المعيار والفيلق عنده.

وبعبارةٍ أخرى: إنّ المتكلّم يحاول إخضاع البرهان العقليّ والمنطقيّ لما يعتقد أنّه حقّ، وأنّه مقدّس، أي لعقيدته. فالبرهان متأخرٌ عنده عن العقيدة، بينما الفيلسوف لا يعتقد قبل البرهان، بل يبرهن ثمّ يعتقد، حتّى لو لم تكن نتيجة البرهان متّفقةً مع أهوائه وميوله. ولعلّ هذا هو الفارق الأساس بين المتكلّم والفيلسوف، ومنه يعرف الفارق بين علم الكلام والفلسفة، فالأوّل عقيدةٌ ثابتةٌ يُبحث عن براهينها، والثاني براهين تثبت عقيدةً .

قال العلّامة الطباطبائي: "القياسات المأخوذة في الأبحاث الكلاميّة جدليةٌ مركّبةٌ من مقدّمات مسلّمة: المشهورات والمسلمات ، لكون الاستدلال بها على مسائل مسلّمة، وما أخذ في الأبحاث الفلسفيّة منها قياساتٌ برهانيّةٌ، يراد بها إثبات ما هو الحقّ، لا إثبات ما سُلّم ثبوتها تسليماً" .

وذكر في نفس البحث قبل أسطرٍ: "إنّ الفلسفة تبحث بحثاً حقيقيّاً، وتبرهن على مسائل مسلّمة، بمقدّماتٍ يقينيّةٍ. والكلام يبحث بحثاً أعمّ من الحقيقيّ والاعتباريّ، ويستدل على مسائل موضوعة مسلّمة بمقدّمات هي أعم من اليقينيّة والمسلّمة، فبين الفنّين أبعد ممّا بين السماء والأرض" .



حرمة علم الكلام

لقد جاء في بعض الروايات النهي عن الخوض في المجادلات العقائديّة. وفي بعضها ورد النهي عن الخوض في ذات الله سبحانه وتعالى . فتمسّك البعض بهذا النوع من الروايات ليتبنّى فكرة حرمة علم الكلام، وأنّه ورد النهي عن الخوض في أهمّ مواضيعه.
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: سمعته يقول: "لا يخاصم إلّا رجل ليس له ورعٌ أو رجلٌ شاكٌّ" .

قال أبو عبد الله عليه السلام : "يهلك أصحاب الكلام، وينجو المسلمون. إنّ المسلمين هم النجباء" .

والصحيح أنّ فهم هذا النوع من الروايات بأنّها تنهى عن علم الكلام خاطئٌ، وهو ناتجٌ عن عدم التدبّر فيها، وعن عدم مراجعة سائر كلماتهم عليهم السلام . فإنّ للنهي المذكور وجوهاً واحتمالات يمكن أن يحمل عليها.

أ - أنّه كان موجهاً لطائفةٍ خاصّةٍ: وهي التي لا تحسن الأسُس المتينة لعلم الكلام، ولا تدرك أصول الدين وأدلّته بشكل محكمٍ وقويّ. فخوفاً عليهم من الضلال والانحراف وعدم إظهار الحجج الثابتة للخصم، ورَدَ النهي حرصاً عليهم، وخشية انحرافهم، وهذا لا يعني حرمة علم الكلام. فقد روي عن الصادق عليه السلام "أنّه نهى رجلاً عن الكلام وأمر آخر به، فقال له بعض أصحابه: جعلت فداك، نهيتَ فلاناً عن الكلام وأمرت هذا به؟ فقال: هذا أبصر بالحجج، وأرفق منه" .
قال الشيخ المفيد في ذيل هذه الرواية: " فثبت أنّ نهي الصادقين عليهم السلام عن الكلام إنّما كان لطائفةٍ بعينها، لا تحسنه ولا تهتدي إلى طرقه، وكان الكلام يفسدها، والأمر لطائفةٍ أخرى به، لأنها تحسنه وتعرف طرقه وسبله" .

ب - أنّ النهي كان عن إثبات أصولٍ غير حقّة: فإنّ الأصول الحقّة عند أهل البيت والعصمة عليهم السلام فحسب. فمن رواية يونس بن يعقوب قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام : "جعلتُ فداك؛ إنّي سمعتُك تنهى عن الكلام وتقول: ويلٌ لأصحاب الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال أبو عبد الله عليه السلام : إنّما قلت: فويلٌ لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون" . وفي روايةٍ "ثمّ دعا حمران بن أعين ومحمّد بن الطّيار، وهشام بن سالم، وقيس الماصر، فتكلّموا بحضرته، وتكلّم هشام بعدهم. فأثنى عليه ومدحه وقال له: مثلك من يكلم الناس" .

ج - النهي عن تشبيه الله بخلقه وتجسيده: فقال الشيخ المفيد: "فأمّا النهي عن الكلام في الله عزّ وجلّ ؛ فإنّما يختصّ بالنهي عن الكلام في تشبيهه بخلقه وتجويره في حكمه. وأمّا الكلام في توحيده ونفي التشبيه عنه والتنزيه له والتقديس، فمأمور به ومرغّب فيه. وقد جاءت بذلك آثارٌ كثيرةٌ وأخبارٌ متظافرةٌ" . كيف، وقد حثّ الإمام أمير المؤمنين وسائر الأئمّة عليهم السلام على تحصيل معرفة الله، وكمال المعرفة بالتوحيد والفهم الصحيح للصفات الإلهيّة. ففي النهج الشريف: "أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه" .



وجوب معرفة علم الكلام

بعد أن ظهر الردّ على شبهة تحريم علم الكلام، يمكن الدعوى أنّ هذا العلم واجبُ التعلّم، وضروريّ التحصيل، ولو بمقدار معرفة الله من خلال الدليل، لا من خلال التقليد، ومعرفة بعض الصفات، والرسل والرسالة والإمام والمعاد، فإنّ هذه الأمور وغير ذلك من الأمور التي يجب تحصيلها ومعرفتها على كلّ مكلّفٍ، وجوباً عينيّاً، لا تكون في الغالب إلّا بهذا العلم. فوجوب هذا العلم ضروريّ لمن يريد المعرفة بهذه الأمور بالدليل.

قال العلامة الحليّ: "... إنّ معرفة الله تعالى واجبةٌ، وكذا معرفة صفاته، وما يجب له ويستحيل عليه. ولا تتمّ هذه المعرفة إلّا بهذا العلم؛ لأنّه المتكفّل بذلك، وما لا يتمّ الواجب المطلق إلّا به فهو واجب على ما يأتي.

وأيضاً قوله تعالى:﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ .

وقوله:﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلّا اللهُ﴾ .

وقوله:﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ ، إلى غير ذلك من الآيات الدالّة عليه.

وكذا ما ورد من الآيات الدالة على النهي عن التقليد وذمّه. ولا خلاف بين العقلاء في ذلك.

... والواجب على قسمين: إمّا على الأعيان أو على الكفاية. ووجوب هذا العلم على الأعيان، للنهي عن التقليد في العقائد. واعلم أنّ القدر الواجب على الأعيان من هذا العلم، هو معرفة الله تعالى بالدليل، ومعرفة ما يجب معرفته من صفاته الثبوتيّة والسلبيّة، ومعرفة آثاره التي تتوقّف عليها بعثة الرسل، ومعرفة الرسل وصدق الأنبياء، ومعرفة المعاد، والإمام. ولا يجب تتبّع الجواب عن الشبهات، ومقاومة الخصوم على الأعيان، بل ذلك واجبٌ على الكفاية" .



خلاصة الدرس:

يفترق علم الكلام عن الفلسفة، بأن المتكلم يعتقد بدين وفكرةٍ سابقتين يقوم بدور الدفاع عنهما بالمنطق والبرهان، بينما نجد الفيلسوف لا يعتنق أيّ فكرةٍ مسبقة ويدخل البحث مستعيناً بالبرهان.
وقد ذكرت بعض الروايات التي فُهم منها النهي عن علم الكلام. والصحيح أنّ هذا الفهم خاطئٌ، وهو ناتجٌ عن عدم التدبّر فيها، وعن عدم مراجعة سائر كلماتهم عليهم السلام، فإنّ للنهي المذكور وجوهاً واحتمالات متعدّدة لا تتنافى مع ما ذكر من وجوب معرفة علم الكلام.





من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الشيخ الهاد
الشيخ الهاد
المراقب العام
رقم العضوية : 51892
الإنتساب : Jun 2010
المشاركات : 1,731
بمعدل : 0.33 يوميا

الشيخ الهاد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ الهاد

  مشاركة رقم : 12  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-10-2012 الساعة : 12:56 AM


بسم الله الرحمن الرحيم

ما شاء الله، مفيد للغاية، ومتقن أيضاً..، هل هو منقول أم هو لفضيلتكم بارك الله بكم

من مواضيع : الشيخ الهاد 0 حديث : المهدي كالساعة ، لا يعلمها إلاّ الله تعالى .
0 هل يعلم إمامنا المهدي بوقت خروجه عجل الله تعالى فرجه ؟!!!
0 الفرق بين الشيعة والمتشيّعة، بلسان المعصوم عليه السلام !!
0 هل تصح مقارنة الخضر صلوات الله عليه باليماني، حسب قواعد العقائد؟!!
0 الفرق بين تعبيري اقترب الظهور و: قرب الظهور

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.33 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 13  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-10-2012 الساعة : 02:10 AM


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم

تشرفت بمروركمـ أخي الكريمـ / الهاد ..
كما تفضلت يا أخي هذه الدروس منقولة من أحد الكتب .
واتمنى ان تكون ذات فائدة للجميع

تحيتي


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية ابو الحسن الكاظمي
ابو الحسن الكاظمي
عضو برونزي
رقم العضوية : 68567
الإنتساب : Oct 2011
المشاركات : 897
بمعدل : 0.19 يوميا

ابو الحسن الكاظمي غير متصل

 عرض البوم صور ابو الحسن الكاظمي

  مشاركة رقم : 14  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 03-11-2012 الساعة : 08:19 PM


موضوع قيم يستحق القراءة
حسب علمي ان هناك بعض الادلة التي لاتثبت الا بالطريق الفلسفي على سبيل المثال (ان الله واحد الحقيقة لا يقبل الاثنينية)
فقد راجعت الكثير من أدلة المتكلمين فلم اجد أقوى من أدلة الفلاسفة في هذا الموضوع
اقترح ان تطرح مسالة عقدية للنقاش في خلال عرض الموضوع
ولكم مني فائق الشكر والتقدير لهذا المجهود الرائع


توقيع : ابو الحسن الكاظمي
متى نرد مناهلك الروية فنروى؟
سيدي قد طال الانتضار
وتيبست العروق
لطول فقدك أيها الغائب

من مواضيع : ابو الحسن الكاظمي 0 سلامي ... بعد اشتياق...
0 حجر الاوبال من اغلى الاحجار في العالم
0 ذئاب في مولد الرسول ص
0 رجاءً (الأخطاء الاملائية)
0 إيقاظ وتنبيه (11)

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.33 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 15  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-11-2012 الساعة : 10:07 PM


اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


تشرفت بمروركمـ أخي الفاضل / ابو الحسن الكاظمي ..
فيما يخص وضع الأسئلة أو مسألة عقائدية للنقاش فالفكرة راودتني ولكن ارتأيت تأجيلها الى بعد الانتهاء من وضع الدروس إن شاء الله
أما إذا كان لمتابعين هذه الدروس رأي آخر فليتفضلوا بطرحه ...
شكراً مجدداً لأخي الكاظمي ولمتابعين هذه الدروس

اسأل الله تعالى لكم دوام الموفقية والتسديد


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الزعيم حيدر
الزعيم حيدر
عضو جديد
رقم العضوية : 63347
الإنتساب : Dec 2010
المشاركات : 55
بمعدل : 0.01 يوميا

الزعيم حيدر غير متصل

 عرض البوم صور الزعيم حيدر

  مشاركة رقم : 16  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-11-2012 الساعة : 10:34 PM


اللهم صلى على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم

أ حسنتم

بارك الله فيكم


من مواضيع : الزعيم حيدر 0 قصة الامام الحسين عليه السلام من ولادته حتى شهادته
0 مقتل الامام الحسين بصوت الحاج حيدر المولى

الصورة الرمزية أبان بن خولان
أبان بن خولان
عضو جديد
رقم العضوية : 46836
الإنتساب : Dec 2009
المشاركات : 38
بمعدل : 0.01 يوميا

أبان بن خولان غير متصل

 عرض البوم صور أبان بن خولان

  مشاركة رقم : 17  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-11-2012 الساعة : 03:12 PM


بارك الله بالأخت الفاضلة على هذا الجهد..
وأثنّي الطلب بفتح مواضيع في مناقشة مفردات هذا العلم، ويا حبّذا لو ابتدأ بالتوحيد..

توقيع : أبان بن خولان
من مواضيع : أبان بن خولان 0 ابن تيمية و(هل أتى) !!
0 كيفية تحميل المخطوطات
0 مكتبة شيعية رائعة
0 من هم المنافقون؟؟ أستيقظوا يا أهل السنة!!
0 (عمر الفاروق) تسمية يهودية !!!!

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.33 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 19  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-01-2013 الساعة : 02:05 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم


نشأة علم الكلام(1)


نشأة علم الكلام

إنّ علم الكلام كسائر العلوم الإنسانيّة، ظاهرةٌ فكريّةٌ وعلميّةٌ نشأت بين المسلمين لأسبابٍ وظروفٍ وعوامل عدّةٍ، تأتي إن شاء الله تعالى. وما يهمّنا هو علم الكلام الإسلاميّ، وإن كانت ظاهرة هذا العلم موجودةً في الديانات الأخرى، في مدارس الديانة المسيحيّة واليهوديّة، وقد ألّف غير واحدٍ من علماء هذه الديانات كتباً كلاميّةً يرجع تاريخها إلى القرنين الخامس والسادس الهجريّين، ولعلّ على رأسهم القدّيس توما الأكوينيّ. لكن ما يهمّنا من هذا البحث خصوص الكلام في مدرسة أهل البيت عليهم السلام .



عوامل نشأة علم الكلام

ويمكن تلخيص عوامل نشأة علم الكلام بين المسلمين في عدّة عواملٍ داخليّةٍ وأخرى خارجيّةٍ، نذكر منها:

أ: العوامل الداخليّة

1 ـ دور القرآن الكريم

إنّ القرآن المجيد هو المنطلق الأوّل لنشوء علم الكلام ونضجه وارتقائه عند المسلمين، وإليه يرجع كل متكلّم إسلاميّ باحث عن المبدأ وأسمائه وصفاته وأفعاله. وقد تضمّن القرآن إشاراتٍ فلسفيّةً وعقليّةً، قامت على أُسسٍ منطقيّةٍ مذكورةٍ في نفس الآيات، أو معلومةٍ من القرائن. فمن سبر القرآن الكريم فيما يرجع إلى التوحيد بأنواعه يجد الحجج الملزمة، والبيّنات المسلّمة، التي لا تدع لباحثٍ الشك فيها. كما أنّه أرفق الدعوة إلى المعاد والحياة الأُخرويّة بالبراهين المشرقة، والدلائل الواضحة التي لا تقبل الخدش.

كذلك فإنّ القصص الواردة في القرآن الكريم تتضمّن احتجاجات الأنبياء عليهم السلام وصراعهم الفكريّ مع الوثنيين والمعاندين من أهل اللجاج، فهي ممّا يستند إليها المتكلّم في آرائه الكلاميّة. كما تتضمن بحوثاً في الإنسان وأفعاله ومسيره ومصيره، وغير ذلك، ممّا جعل القرآن الكريم المنطلق الأوّل لنشأة علم الكلام في الإسلام، والمادة الأولى الخصبة والحيّة التي يرجع إليها المتكلّم في استدلالاته ونقاشاته، والتي كانت سبباً أيضاً لنشوء أسئلةٍ جمّةٍ لدى بعض المسلمين الأوائل. وما زالت آيات القرآن الكريم إلى عصرنا الحاضر مدرك الباحثين في هذا العلم وفي أغلب العلوم الإنسانيّة لا سيّما الإسلاميّة منها، كذلك ما زالت محطّ أنظار المعاندين والذين يرومون إلقاء الشبهات، ليتمسّكوا بما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، ويذرون الآيات المحكمات.

2 ـ تأثير السنّة الشريفة

إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله ناظرَ المشركين وأهل الكتاب بمرأىً ومسمعٍ من المسلمين. وهذه احتجاجاته مع نصارى نجران في العام العاشر من الهجرة، حتّى أنّه صلى الله عليه وآله ، بعدما أفحمهم، دعاهم إلى المباهلة. وقد حفل التاريخ وكتب السِيَر والتفسير بما دار بين الرسول صلى الله عليه وآله وبطاركة نجران وقساوستهم. وقد استدلّوا على أُلوهيّة المسيح عليه السلام بقولهم: هل رأيت ولداً من غير ذكر؟ فأفحمهم رسول الله صلى الله عليه وآله بإيحاء من الله: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ . كما أنّ النهي عن كتابة الحديث أدّى إلى ضياع الكثير من احتجاجات النبيّ صلى الله عليه وآله ومناظراته مع المشركين وأهل الكتاب، فقد ذهبت كذهاب سائر خطبه. ولكن الشيعة اقتداءً بالعترة احتفظت بكثير من هذه المناظرات في كتبهم الحديثية، فمن سبرها يرى فيها بحوثاً ومناظرات تصلح لأن تكون هي المنطلق في الصدر الأوّل لأهل الكلام من الشيعة وغيرهم .

3 ـ خطب الإمام علي عليه السلام

إنّ خطب الإمام ورسائله وكلماته القصار، التي حفظها التاريخ عن العصف والضياع، لأوضح دليل على أنّ الإمام عليه السلام كان هو المؤسّس للأُصول الكلاميّة، خصوصاً فيما يرجع إلى التوحيد والعدل. وبملاحظة نهج البلاغة، الذي جمعه الشريف الرضيّ ممّا وصل إليه من خطبه، يتراءى من الأُصول الكلاميّة ما لا يظهر في غيره، وإلى ذلك يشير السيّد المرتضى في أماليه فيقول: "اعلم أنّ أُصول التوحيد والعدل مأخوذةٌ من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وخطبه، فإنّها تتضمّن من ذلك ما لا زيادة عليه ولا غاية وراءه. ومن تأمّل المأثور من كلامه، علم أنّ جميع ما أسهب المتكلّمون من بعده في تصنيفه وجمعه إنّما هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الأُصول. وروي عن الأئمّة عليهم السلام من أبنائه عليهم السلام في ذلك ما لا يكاد يحاط به كثرة, ومن أحبّ الوقوف عليه فطلبه من مظانّه أصاب منه الكثير الغزير الذي في بعضه شفاء للصدور السقيمة ولقاح للعقول العقيمة".

وقال ابن أبي الحديد: "إنّ أشرف العلوم هو العلم الإلهيّ، لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، ومعلومه أشرف الموجودات، فكان هو أشرف. ومن كلامه عليه السلام اقتُبس، وعنه نُقل، ومنه ابتُدئ وإليه انتُهي، فإنّ المعتزلة ـ الذين هم أصل التوحيد والعدل وأرباب النظر ومنهم تعلّم الناس هذا الفنّ ـ تلامذته وأصحابه، لأنّ كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفية وأبو هاشم تلميذ أبيه وأبوه تلميذه. وأمّا الأشعريّة فإنّهم ينتمون إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعريّ وهو تلميذ أبي علي الجبائي، وأبو علي أحد مشايخ المعتزلة فالأشعريّة ينتهون بالآخرة إلى أُستاذ المعتزلة ومعلّمهم، وهو علي بن أبي طالب".

4 ـ معارف العترة الطاهرة عليهم السلام

لقد أُتيحت الفرصة للعترة الطاهرة عليهم السلام في آخر عهد الأمويّين وأوائل حكومة العباسيّين، في شرح المعارف وتوضيح الحقائق وتربية روّاد الفكر، وإرشاد الحكيم إلى دلائل وبراهين لا يقف عليها إلّا الأوحديّ من الناس، والتلميح إلى نكات عرفانيّة، لا يدركها إلّا العارف المتألّه.

ففي أدعية الإمام زين العابدين عليه السلام إشاراتٌ كلاميّة وتلميحاتٌ عرفانيّةٌ. كما أنّ في الأحاديث المرويّة عن الصادقين والكاظمين عليهم السلام كميّةً هائلةً من البحوث الكلاميّة،
والمناظرات العلميّة التي أدّت إلى نضوج علم الكلام الإسلاميّ بوجهٍ واضح، وكنموذج نذكر هذه المحاججة:

احتجاج الإمام الرضا عليه السلام مع أبي قرّة:

عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرّة المحدّث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام، حتّى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرّة للإمام الرضا عليه السلام :إنّا روينا أنّ الله عزّ وجلّ قسّم الرؤية والكلام بين اثنين، فقسّم لموسى عليه السلام الكلام، ولمحمّد صلى الله عليه وآله الرؤية.

فقال أبو الحسن عليه السلام : "فمن المبلّغ عن الله عزّ وجلّ إلى الثقلين:﴿ الجنّ والإنس﴾ ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ و﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾ أليس محمّداً صلى الله عليه وآله ؟ .

قال: بلى.

قال: فكيف يجيء رجلٌ إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنّه جاء من عند الله، وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ و﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، ثمّ يقول: أنا رأيته بعيني، وأحطت به علماً، وهو على صورة البشر! أما تستحيون، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا: أن يكون يأتي عن الله بشيءٍ، ثمّ يأتي بخلافه من وجهٍ آخر" .

ومن وقف على كتب أهل الحديث والأشاعرة، يقف على أنّ لهم في إثبات الرؤية، صخباً وهياجاً وإصراراً منقطع النظير، وترى كيف أنّ الإمام قطع الطريق على أبي قرّة الذي اغترّ بأحاديث مدسوسةٍ اختلقتها اليهود وأنصارهم وبثّوها بين المسلمين.

والخلاصة أنّ القرآن والسنّة النبويّة والعترة الطاهرة عوامل داخليّة أدّت وساعدت على نشوء علم الكلام.



خلاصة الدرس:

يمكن تلخيص عوامل نشأة علم الكلام بين المسلمين في عدّة عواملٍ داخليّةٍ وأخرى خارجيّةٍ، أمّا العوامل الداخليّة نذكر منها:
1 ـ دور القرآن الكريم.
2 ـ تأثير السنّة الشريفة.
3 ـ خطب الإمام عليّعليه السلام.
4 ـ معارف العترة الطاهرة عليهم السلام.
فالقرآن والسنّة النبويّة والعترة الطاهرة عوامل داخليّة أدّت وساعدت على نشوء علم الكلام.






من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.33 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 20  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي نشأة علم الكلام (2)
قديم بتاريخ : 14-04-2013 الساعة : 11:58 AM





نشأة علم الكلام (2)



بعد الحديث عن العوامل الداخليّة التي أدّت إلى نشوء علم الكلام نتحدث عن العامل الثاني الذي ساعد على نشوء هذا العلم والمتمثل بالعوامل الخارجيّة.

عوامل نشأة الكلام:

ب: العوامل الخارجيّة

الاحتكاك الثقافيّ واللقاء الحضاريّ

كان للاحتكاك الثقافيّ واللقاء الحضاريّ دورٌ خاصٌّ في مجال نشوء علم الكلام. فقد دفع عجلة هذا العلم إلى الأمام، وصار سبباً لنموه ونضوجه بين المسلمين بأقصر مدّةٍ. ولولا هذا الصراع الفكريّ لما نمت تلك البذور الطيّبة الكامنة في الكتاب والسنّة، وما استوت على سوقها. والعاملان الداخليّ والخارجيّ وإن صارا سبباً لنشوء هذا العلم وتكامله إلّا أنّ دور الأوّل، يخالف دور الثاني. فالأوّل يعدّ مصدر علم الكلام ومنبعه ومنشأه، وأمّا الثاني، فهو الذي أيقظ المفكرين من المسلمين حتّى ينمّوا ما تعلموه في مدرسة الدين من الأُصول والعقائد.

بيان العامل الخارجيّ

بُعِثَ النبيّ صلى الله عليه وآله بدينٍ عالميٍّ، ونبوّة خاتمةٍ، وكتابٍ خاتمٍ للكتب، ومهيمن عليها، وبثّ شريعته الغرّاء في ربوع الجزيرة العربيّة في بضع سنين، إلى أن مضى إلى جوار ربّه، وراية الإسلام خفّاقةٌ عاليةٌ، يدين أهلها بالتوحيد، ويكافحون الثنوية، ويؤمنون بالحياة الأُخرويّة ويعملون بسنن الإسلام وطقوسه. وقد أحسّ المسلمون بواجبهم بعد رحيله صلى الله عليه وآله ، وهو نشر الإسلام وبسطه في العالم كلِّهِ ودعوة جميع البشر على مختلف قومياتهم إلى الانضواء تحت راية الإسلام، بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم كسر الأصنام والأوثان بالجهاد المتواصل، وبذل النفس والنفيس في سبيله، حتّى تُصْبِح الأجواء صافيةً، والظروف حرّةً، وترتفع العوائق والموانع بغية دخول الناس في دين الله زرافاتٍ ووحداناً عن طوعٍ ورغبةٍ، بلا خوفٍ ولا رهبةٍ من طواغيت العصر. فقام المسلمون بواجبهم بفتح البلاد، ونشر الثقافة الإسلاميّة بين الأُمم المتحضّرة والتي كانت تتمتّع ـ وراء الآداب والفنون والعلوم والصناعات ـ بمناهج فلسفيّة، وآراء كلاميّة لا يذعن بها الإسلام. وقد كان في ذلك الاحتكاك الثقافيّ واللقاء الحضاريّ تأثيرٌ بالغٌ، عاد على الإسلام والمسلمين بالخير الكثير، إلّا أنّ هذا الاحتكاك لم يخلُ عن مضاعفات، وهي انتقال تلك الآراء والأفكار إلى المسلمين، وهم غير متدرّعين تجاه تلك الشبهات والمشاكل.

انتقال الأُسر

وأعان على ذلك أمرٌ ثانٍ؛ وهو انتقال عدّة من الأُسَر إلى العواصم الإسلاميّة، فانتقلوا إليها بآرائهم وأفكارهم وعقائدهم المضادّة للإسلام وأُسسه، وكان بين المسلمين من لم يتورّع في أخذ هاتيك العقائد الفاسدة، نظراء: عبد الكريم ابن أبي العوجاء، وحماد بن عجرد، ويحيى بن زياد، ومطيع بن اياس، وعبد الله بن المقفّع إلى غير ذلك بين غير متدرّع أو غير متورّع، فأوجد ذلك قلقاً ووحشةً بين المسلمين.

الترجمات

أضف إلى ذلك أمراً ثالثاً كان له التأثير الحاسم في بسط الإلحاد والزندقة وهو نقل الكتب الرومانيّة واليونانيّة والفارسيّة إلى اللغة العربيّة دون نظارةٍ ورقابةٍ، وجعلها في متناول أيدي الناس، وقد ذكر ابن النديم تاريخ ترجمة تلك الكتب فقال: كان خالد بن يزيد بن معاوية محِبّاً للعلوم، فأمر بإحضار جماعةٍ من فلاسفة اليونان، ممّن كان ينزل مدينة مصر، وأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اللسان اليونانيّ والقبطيّ إلى العربيّ، وهذا أوّل نقل كان في الإسلام من لغةٍ إلى لغة، ثم نقل الديوان وكان باللغة الفارسيّة إلى العربيّة في أيّام الحجّاج، وكان أمر الترجمة يتقدم ببطء، إلى أن ظهر المأمون في ساحة الخلافة، فراسل ملك الروم يسأله الإذن في إنفاذ ما يختار من العلوم القديمة المخزونة، المدّخرة في بلاد الروم، فأجاب إلى ذلك بعد امتناع، فبعث المأمون جماعة، منهم: الحجّاج بن مطر، وابن بطريق، ومحمّد بن أحمد و الحسين بنو شاكر المنجّم، فجاؤوا بطرائف الكتب، وغرائب المصنّفات في الفلسفة والهندسة وغيرهما" . ثم ذكر ابن النديم أسماء النقلة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربيّة، وجاء بأسماء كميّة هائلةٍ فأخذوا يصبون ما وجدوه من غثٍّ وسمينٍ في كتب الوثنيّين والمسيحيّين على رؤوس المسلمين، وهم غير متدرّعين وغير واقفين على جذور هذه الشُبَه، مع أنّها كانت تزعزع أركان الإسلام.

موقف المسلمين من الشبه

أثار انتقال هذه الشُبَه والعقائد والآراء إلى أوساط المسلمين ضجّةً كبيرة بينهم، فافترقوا إلى فرقتين:

فرقةٍ اقتصرت في الذب عن حياض الإسلام بتضليلهم وتكفيرهم وتوصيفهم بالزندقة، وتحذير المسلمين من الإلتقاء بهم، وقراءة كتبهم، والاستماع إلى كلامهم، إلى غير ذلك ممّا كان يعدّ مكافحةً سلبيةً لها الأثر القليل في مقابل ذلك السيل الجارف.

وفرقةٍ قد أحسّوا بخطورة الموقف، وأنّ المكافحة السلبيّة لها أثرها المؤقّت، وأنّ ذلك الداء لو لم يعالج بالدواء الناجع سوف يعمّ المجتمع كلّه أو أكثره، فقاموا بمكافحة إيجابيّة عبر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال الذي يستحسنه الإسلام، فأزالوا شبهاتهم، ونقدوا أفكارهم في ضوء العقل والبرهان. وقد نجحوا في ذلك نجاحاً باهراً. وهؤلاء المناضلون هم الشيعة خرّيجو مدرسة أهل البيت عليهم السلام أوّلاً، والمعتزلة أتباع واصل بن عطاء ثانياً، الذين أخذوا أُصول مذهبهم عن عليّ عليه السلام بواسطتين:

1 ـ أبي هاشم بن محمّد بن الحنفيّة.
2 ـ محمّد بن الحنفيّة بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام .

ففي تلك الأجواء المشحونة بالبحث والجدل استفحل أمر الكلام، أي العلم الباحث عن المبدأ وأسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله لغاية الذبّ عن الإسلام.فكان علم الكلام وليدَ الحاجة، ورهن الصراع الفكريّ مع التيّارات الإلحاديّة المتحدّية للإسلام والمسلمين. ففي هذه الظروف العصيبة قام أهل البيت عليهم السلام بتربية جموعٍ غفيرةٍ من أصحاب المواهب، للذبّ عن الإسلام وأُصوله والذود عن حريم الولاية، في ضوء العقل والبرهان، فصاروا يناظرون كلّ فرقةٍ ونِحلةٍ بأمتن البراهين وأسلمِها. وكان أئمّة أهل البيت عليهم السلام متكفّلين بتدريبهم وتعليمهم كيفيّة مناظرتهم. وقد حفظ التاريخ أسماء لفيفٍ من الرافلين في حلل الفضائل والمعارف. وسوف نتعرّض لأسمائهم إن شاء الله تعالى.

خلاصة القول

والخلاصة أنّ القرآن والسنّة، وأحاديث العترة الطاهرة، هي المنطلق الحقيقي لنشوء علم الكلام، وأنّ المسلمين بطوائفهم المختلفة كانوا يصدرون عنهما، كما كان للّقاء الحضاري والاحتكاك الثقافي دور في تكامل علم الكلام وكثرة مسائله. فالكتاب والسنّة كانا مرجعين للاهتداء إلى موقف الإسلام. واللّقاء الحضاري كان سبباً لطرح المسائل في الأوساط، وانتقال الأذهان. وبالتالي أصبح الأمران سبباً لنشوء هذا العلم ونضوجه بين المسلمين على نزعاتهم المختلفة.

بدايات المسائل الكلاميّة في القرن الأوّل والثاني:

يصرّ كتّاب الملل والنحل على أنّ الاختلاف في الإمامة كان أوّل اختلافٍ دينيٍّ وأعظم خلافٍ بين الأُمّة.

يقول أبو الحسن الأشعريّ: "أوّل ما حدث من الاختلاف بين المسلمين بعد وفاة نبيّهم صلى الله عليه وآله اختلافهم في الإمامة" .
ويقول الشهرستانيّ: "إنّ الاختلاف في الإمامة أعظم خلاف بين الأُمّة، إذ ما سلّ سيفٌ في الإسلام على قاعدةٍ دينيّةٍ مثل ما سلّ على الإمامة في كل زمان" .

والصحيح أنّ الاختلاف في الإمامة بعد أيام الخلفاء، وإن أصبح اختلافاً كلاميّاً، فذهب أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام إلى أنّها بنصٍّ من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، بينما اختار أتباع مدرسة الخلفاء القول بأنّها بالشورى، ولم يكن يوم ارتحل الرسول صلى الله عليه وآله اختلافاً في قاعدةٍ دينيّةٍ، وجدالاً في مسألةٍ كلاميّةٍ، بل كان جدالاً سياسياً محضاً، ولا يبتنى على قاعدةٍ دينيّةٍ، لأنّ عليّاً وأهل بيت النبيّ عليهم السلام ولفيفاً من شيعة الإمام عليه السلام كانوا بعيدين عن السقيفة وما جرى فيها، مشغولين بتجهيز النبيّ صلى الله عليه وآله . وأمّا الأنصار فكانوا يرون أنفسهم أولى بإدارة الأُمور لأنّهم آووا النبي صلى الله عليه وآله ونصروه. وكان المهاجرون يرون أنفسهم أولى بها لأنّهم أصل النبيّ صلى الله عليه وآله وعشيرته، من دون أن يبحث أحدٌ من الفئتين عن القاعدة الدينيّة التي ينبغي أن تبنى عليها الإمامة، وأنّها هل هي التنصيص، أو الشورى أو غيرهما، وما هو الملاك فيها؟ بل كانت هذه الأُمور مغفولاً عنها يوم ذاك، وكان الهدف هو تسنّم منصّة الخلافة وتداول كرتها بين أبنائهم وعشيرتهم. حتّى لو لم تكن حكومة الرسول صلى الله عليه وآله حكومة دينيّة وكان الرسول صلى الله عليه وآله قائداً بشريّاً مات عنها، لقام المهاجرون والأنصار بنفس ذلك الجدال، ولسعى كلٌّ إلى جرّ النار إلى قرصه. ولو كان النزاع على أساس دينيّ، لما كان للاختلاف مجالٌ، وكفتهم هتافات الرسول صلى الله عليه وآله في بدء الدعوة، ويوم ترك المدينة لغزوة تبوك، ويوم الغدير وغيرها من المواقف بالإضافة إلى الأحاديث التي دلّت على إمامة الأئمّة عليهم السلام من بعده .



خلاصة

هناك عدّة عوامل خارجيّة ساهمت في نشوء علم الكلام بين المسلمين نذكر منها:
الاحتكاك الثقافيّ واللقاء الحضاريّ:
وهو عامل خارجيّ ساعد على نشوء علم الكلام أيضاً.
ويصرّ كُتّاب الملل والنحل على أنّ الاختلاف في الإمامة كان أوّل اختلافٍ دينيٍّ وأعظم خلافٍ بين الأُمّة.
والصحيح أنّ الاختلاف في الإمامة بعد أيام الخلفاء، وإن أصبح اختلافاً كلاميّاً، فذهب أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام إلى أنّها بنصّ من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، بينما اختار أتباع مدرسة الخلفاء القول بأنّها بالشورى، ولكن الاختلاف يوم ارتحل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن اختلافاً في قاعدةٍ دينيّةٍ، وجدالاً في مسألةٍ كلاميّةٍ، بل كان جدالاً سياسيّاً محضاً، ولا يُبتنى على قاعدةٍ دينيّةٍ.




من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 09:16 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية