هناك مزايا تفضيلية ذكرها الله سبحانه في كتابه والنبي(ص) في حديثه ونحن نطبقها على امير المؤمنين والاخرين لنرى لمن قصب السبق فيها ليكون هو الافضل:
1- السبق في الاسلام:
قال تعالى(والسابقون السابقون.أولئك المقربون)الواقعة 10-11
في كتاب معرفة علوم الحديث للحاكم يقول( ولا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أنّ علي بن أبي طالب أولهم إسلاما وإنّما اختلفوا في بلوغه) .
وفي مجمع الزوائد للهيثمي (عن سلمان قال أول هذه الأمّة وروداً على نبيّها صلى الله عليه و سلم أوّلها إسلاما علي بن أبي طالب رواه الطبرانيّ ورجاله ثقات )،(وقال أيضاً وعن الحسن وغيره قال فكان أوّل من آمن عليّ بن أبي طالب وهو ابن خمس عشرة أوستّ عشرة سنة رواه الطبرانيّ ورجاله رجال الصّحيح) ، (وفيه عن عليّ أنا أوّل من صلّى مع رسول الله رواه أحمد ورجاله رجال الصّحيح غير حبّة العرني وقد وُثّق).
ونقل السيوطي في تفسيره الدر المنثور: (عن ابن عباس في قوله والسابقون السابقون قال نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار الذي ذكرفي يس وعلى ابن أبي طالب وكل رجل منهم سابق أمته وعلى أفضلهم سبقا).
ولم يكن اسلامه عن كفر سابق فهو تربى في حجر النبي(ص) ولم يشرك بالله قط ولم يسجد لصنم ولذا قالوا كرم الله وجهه
وفي هذه المزية سبقهم امير المؤمنين(ع) الى الاسلام اولا ولم يسجد لصنم قط ثانيا خلافا للشيخين وعثمان الذين قضوا ردحا من حياتهم يسجدون لغير الله سبحانه, وهو اول الامة ورودا على النبي(ص) وهذا يعني افضليته فافضلهم عملا اسبقهم لحوقا, وبهذا يكون هو الافضل.
2- الجهاد والثبات:
قال تعالى(...وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما )النساء)( 95)
وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ( 15 ) ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير )الانفال 16
اسد الله الغالب علي ابن ابي طالب لا يقاس به احد فبعد هجرة النبي(ص) بات على فراشه(ص) ليقيه من كيد المشركين ,وبعد هجرته علنا امام قريش وحمله الفواطم الى المدينة نتعرض لاهم الغزوات:
وقعة بدر: فكان المجاهد الاول وسيفه اول سيف ضرب في الاسلام ففي صحيح البخاري(عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال انا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة وقال قيس بن عباد وفيهم أنزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم قال هم الذين تبارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحرث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة).
وقد ابلى في بدر بلاءا حسنا وقد ذكر ابن هشام في سيرته طائفة من اسماء المشركين الذين قتلهم علي (ع) يوم بدر , خلافا للشيخين الذين لم يتميزو بهذا اليوم بقتالهم اما عثمان فلم يكن من اهل بدر لعدم حضوره المعركة اصلا.
اما في معركة احد: فقد جالد فيها امير المؤمنين ايما جلاد حتى قتل اصحاب لواء المشركين من ال عبد الدار
وبعد التفاف خالد وقتل من قتل وانهزام من انهزم ثبت امير المؤمنين , فقد نقلوا ومنهم الهيثمي في مجمع الزوائد (عن على رضى الله عنه قال : لما انجلى الناس عن رسول الله (ص) يوم أحد نظرت في القتلى فلم أر رسول الله (ص) فقلت : والله ما كان ليفر وما أراه في القتلى ولكن أرى الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه فما في خير من أن أقاتل حتى أقتل ، فكسرت جفن سيفي ثم حملت على القوم فأفرجوا لي فإذا أنا برسول الله (ص) بينهم.
وفي تاريخ الطبري وغيره (..لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية أبصر رسول الله (ص) جماعة من مشركي قريش فقال لعلى احمل عليهم فحمل عليهم ففرق جمعهم وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي قال ثم أبصر رسول الله (ص) وسلم جماعة من مشركي قريش فقال لعلى احمل عليهم فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل شيبة بن مالك أحد بنى عامر بن لؤي فقال جبريل يا رسول الله إن هذه للمواساة فقال رسول الله(ص) إنه منى وأنا منه فقال جبريل وأنا منكما قال فسمعوا صوتا لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي.
وقد تفاوت فرار الصحابة فمنهم من رجع سريعا ومنهم من تأخر ومن المتأخرين عثمان:
فقد نقل ابن الاثير في تاريخه:فقال: (وانتهت الهزيمة بجماعة المسلمين . فيهم عثمان بن عفان وغيره إلى الأعوص ، فأقاموا به ثلاثا ثم أتوا النبي (ص) فقال لهم حين رآهم ، لقد ذهبتم فيها عريضة).
هذا موقف علي(ع) قياسا مع غيره يوم احد
وفي معركة الخندق:
قال تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ( 10 ) هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا)الاحزاب 11
هكذا يصف الله سبحانه حال المؤمنين في هذه الغزوة وتميز من بين هؤلاء امير المؤمنين
فقد نقل اابن كثير في البداية والنهاية وغيره فقال(خرج عمرو بن عبد ود وهو مقنع بالحديد فنادى : من يبارز ؟ فقام علي بن أبي طالب فقال : أنا لها يا نبي الله . فقال إنه عمرو ، اجلس . ثم نادى عمرو : ألا رجل يبرز ؟ فجعل يؤنبهم ويقول : أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها أفلا تبرزون إلي رجلا ؟ فقام علي فقال : أنا يا رسول الله ؟ فقال : اجلس .
ثم نادى الثالثة ، فقال :
ولقد بححت من النداء * لجمعهم هل من مبارز
ووقفت إذ جبن المشجع * موقف القرن المناجز
ولذاك إني لم أزل * متسرعا قبل الهزاهز
إن الشجاعة في الفتى * والجود من خير الغرائز
قال فقام علي رضي الله عنه فقال : يا رسول الله أنا . فقال : إنه عمرو ، فقال : وإن كان عمرا . فأذن له رسول الله (ص) فمشى إليه ، حتى أتى وهو يقول :
لا تعجلن فقد أتاك * مجيب صوتك غير عاجز
في نية وبصيرة * والصدق منجى كل فائز
إني لأرجو أن أقيم * عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء * يبقى ذكرها عند الهزاهز
فقال له عمرو : من أنت ؟ قال : أنا علي ، قال : ابن عبد مناف ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب . فقال : يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فإني أكره أن أهريق دمك ؟ فقال له علي : لكني والله لا أكره أن أهريق دمك ، فغضب فنزل وسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي مغضبا واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في درقته فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه ، وضربه علي على حبل عاتقه فسقط وثار العجاج وسمع رسول الله(ص) التكبير ، فعرفنا أن عليا قد قتله . فثم يقول علي : أعلي تقتحم الفوارس هكذا * عني وعنهم أخروا أصحابي اليوم يمنعني الفرار حفيظتي * ومصمم في الرأس ليس بنابي إلى أن قال : عبد الحجارة من سفاهة رأيه * وعبد ت رب محمد بصواب إلى آخرها .
قال ثم أقبل علي نحو رسول الله(ص) ووجهه يتهلل ، فقال له عمر بن الخطاب : هلا استلبته درعه ، فإنه ليس للعرب درع خير منها ؟ فقال : ضربته فاتقاني بسوءته ، فاستحييت ابن عمي أن أسلبه ، قال وخرجت خيوله منهزمة حتى اقتحمت من الخندق.
وفي المستدرك على الصحيحين وغيره عن النبي(ص) قال:
(لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة).
هل من احد قام لعمر غيره؟ حينما وبخهم عمرو وطلب منهم النبي(ص) بل وضمن الجنة للمبارز ؟ في بعض الروايات وهنا تكمن قوة الايمان لم يقم احد لا الخلفاء الثلاث ولا غيرهم وانا لهم ذلك وقد بلغت القلوب الحناجر حتى جلى عنهم الكرب امير المؤمنين فهل يقاسون به ويفضلون عليه؟!!.
وللطف ما روي عن شيخ البخاري وغيره يحيى بن آدم –كما في المستدرك-يقول ما شبهت قتل علي عمرا الا بقول الله عز وجل
(..فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت..)البقرة251
وفي خيبر:
في المستدرك عن علي انه قال (يا أبا ليلى أما كنت معنا بخيبر قال بلى والله كنت معكم قال فان رسول الله ص بعث أبا بكر إلى خيبر فسار بالناس وانهزم حتى رجع . هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه). أي لم يخرجه البخاري ومسلم .
وقال الذهبي في تلخيص المستدرك : صحيح ولم يعقبه ومن عادته ان يتعقب المستدرك إذا لم يكن الحديث صحيحا عنده .
وروى الحاكم في المستدرك ايضا : عن علي رضي الله عنه قال : سار النبي (ص) إلى خيبر فلما اتاها بعث عمر رض وبعث معه الناس إلى مدينتهم أو قصرهم فقاتلوهم فلم يلبثوا ان هزموا عمر وأصحابه فجاءوا يجبنونه ويجبنهم .. . )هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي في تلخيص المستدرك صحيح ولم يتعقبه
وروى البخاري وغيره والفض للطبري في تاريخه :
عن بريدة الاسلمي بعد ان ذكر انهزام عمر(....فرجعوا إلى رسول الله ص يجبنه أصحابه ويجبنهم فقال رسول الله ص لاعطين اللواء غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فلما كان للغد تطاول لها أبو بكر وعمر فدعا عليا ع وهو ارمد فتفل في عينيه واعطاه اللواء ونهض معه من الناس من نهض فلقي أهل خيبر فاذا مرحب يرتجز ويقول : قد علمت خيبر اني مرحب . . . شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن احيانا وحينا اضرب . . . إذا الليوث اقبلت تلتهب
فاختلف هو وعلي ضربتين فضربه علي على هامته حتى عض السيف منها باضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته فما تتام آخر الناس مع علي ع حتى فتح الله لأولهم
وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري(..وذكر ابن إسحاق من حديث أبي رافع قال خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله(ص) برايته فضربه رجل من يهود فطرح ترسه فتناول على بابا كان عند الحصن فتترس به عن نفسه حتى فتح الله عليه فلقد رأيتني أنا في سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه , وللحاكم من حديث جابر ان عليا حمل الباب يوم خيبر وأنه جرب بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلا والجمع بينهما أن السبعة عالجوا قلبه والأربعين عالجوا حمله والفرق بين الامرين ظاهر..)
قال الفخر الرازي في تفسيره : إن كل من كان أكثر علما بأحوال عالم الغيب كان أقوى قلبا وأقل ضعفا ، ولهذا قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية ، ولكن بقوة ربانية . ذلك لأن عليا كرم الله وجهه في ذلك الوقت انقطع نظره عن عالم الأجساد ، وأشرقت الملائكة بأنوار عالم الكبرياء ، فتقوى روحه ، وتشبه بجواهر الأرواح الملكية ، وتلألأت فيه أضواء عالم القدس والعظمة ، فلا جرم حصل له من القدرة ما قدر بها على ما لم يقدر عليه غيره.
وبالرجوع للآية الشريفة التي استفتحنا فيها الباب وما ذكرناه هنا تتبين منزلة الشيخين وغيرهم قياسا مع امير المؤمنين.
معركة حنين:
قال تعالى (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ) 25
هرب اغلب الصحابة الا القلة القليلة وعلى راسهم علي (ع) كما اتفق اهل السير على ذلك
نقل البخاري في صحيحه عن قتادة: (..وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له ما شأن الناس قال امر الله ثم تراجع الناس...) .
ومن العجب ان يعتذر عمر بهذا ويتفوه به وفيه ردا على الله سبحانه فامر الله بالثبات لا بالفرار قال تعالى: (.فلا تولوهم الأدبار) وقال تعالى(ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك)النساء 79
وقد ذكروا ان عليا(ع) قتل بطلهم وحامل لوائهم
ففي الكامل لابن الاثير (..وكان رجل من هوازن على جمل أحمر بيده راية سوداء أمام الناس فإذا أدرك رجلا طعنه وإذا فاته الناس رفع رايته لمن وراءه فاتبعوه فحمل عليه علي فقتله..)