بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياااكريم
1- حاجة الإنسان للسماء:
إن الله تعالى لم يخلق الإنسان ويتركه مهملاً ضائعًا بلا رعاية, بل جعل له الوحي وسيلة لتعريفه بنفسه, وبربّه, وبخالقه, وبعالمه, وسبيلاً إلى هدايته, وتنظيم حياته, وتعامُله مع أبناء جنسه, وكيفية توجهه إلى خالقه.
2- عبادٌ مكرمون يتحلون الرسالة:
وهكذا شاء اللطف الإلهي والعناية الربِّانية للعباد أن يختار لهم أفراداً مخصوصين ومؤهلين للاتصال بالألطاف الإلهية, لحمل الرسالة, وتبليغ الأمانة إلى البشر, فكان الأنبياء والرسل.
فقال الله تعالى : ( الله يصطفي من الملائكةِ رُسُلاً ومن الناسِ إن الله سميعٌ بصيرٌ)..( الحج/75).
وقال الله تعالى:(وَإذَا جاءتهم آية قالوا لن تؤمن حتى تؤتي مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيثُ يجعل رسالته ). (الأنعام/124)..
3- إرهاصات النبوة:
كان النبي (صلى الله عليه وآله) في أواخر العقد الثالث من عمره الشريف يلقى إليه الوحي عن طريق الإلهام والإلقاء في نفسه والانكشاف له من خلال الرؤية الصادقة, فكان يرى في المنام الرؤية الصادقة, وهي درجة من درجات الوحي.
وجاء في تفسير الدر المنثور: أول ما بدئ به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الوحي الرؤية الصادقة, فكان لايرى رؤياً إلا جاءت مثل فلق الصبح.
ثم حبب الله اليه الخلوة, فكان يخلو بغار حراء, وهو كهفٌ صغيرٌ في أعلى جبل حراء, في الشمال الشرقي من مكة.
فكان(صلى الله عليه وآله) يتحنف فيه وتعبد, إذ ينقطع عن عالم الحس والمادة, ويستغرق في التأمل والتعالي نحو عالم الغيب والملكوت, والاتجاه إلى الله تعالى..
4-(اقرأ وربك الأكرم):
وحينما بلغ (صلى الله عليه وآله) الأربعين من عمره, علم(13) قبل الهجرة (610مـ), أتاه جبرائيل في غار حراء, فألقى إليه كلمة الوحي, وأبلغه بأنُه نبي هه البشرية والمبعوث إليها.
وتفيد الروايات أول آيات القرآن الكريم التي قرأها جبرائيل على محمد (صلى الله عليه وآله) هي : بسم الله الرحمن الرحيم
( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ *
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ..)..(العلق/1-5)
5-وانطلق النور :
وبعد تلقِّيه (صلى الله عليه وآله) ذلك البيان الإلهي, عاد النبي إلى أهله, وهو يحمل كلمة الوحي, ومسؤولية حمل الأمانة التي كان ينتظر شرف التكليف بها, فعاد واضطجع في فراشه, وتدثر ليمنح نفسه قسطًا من الراحة والاسترخاء, ويفكر ويتأمل فيما كُلفِّ به.
فجاءه الوحي ثانية, وأمره بالقيام وترك الفراش والبدء بالدعوة والإنذار, إذ جاء هذا الخطاب في قوله تعالى:
( أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ *قُمْ فَأَنذِرْ *وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ *وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ).( المدثر/1-4).
6- وأنذر عشيرتك:
فانطلق مستجيبًا لأمر الله تعالى, مبشرًا بدعوته, وكان أول من دعاه إلى سبيل الله وفاتحه زوجته خديجة بنت خويلد (عليه السلام), وابن عمّه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام), الذي كان صبياً في العاشرة من عمره, زيد بن حارثة, فكانت النواة الأولى لبدء الدهوة الإلهية الكبرى.
فقد كان (صلى الله عليه وآله) يختار أصحابه فردًا فردًا فردا, ولم يوجه دعوته إلى الجميع في تلك المرحلة, إلى أن جاء الأمر الإلهي: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )..(الشعراء/214)