العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 41  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:05 PM


الجمعة الخامسة والثلاثون 21 شعبان 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
لنصرة وطاعة الحوزة العلمية الشريفة الصلاة على محمد وال محمد. (اللهم صل على محمد وال محمد).
لنصرة وطاعة المذهب وولاية امير المؤمنين الصلاة على محمد وال محمد. (اللهم صل على محمد وال محمد).
لاجل شجب واستنكار وتقليص وتحجيم صلاة الجمعة الصلاة على محمد وال محمد. (اللهم صل على محمد وال محمد).
احبائي حينما يقول لنا الله سبحانه وتعالى يا ايها الناس او يا ايها الذين امنوا بماذا يجب ان يكون الجواب طبعا يكون بالايجاب نعم يارب لبيك يارب انا عبدك وابن عبديك يا ربي.
المهم اننا نقول هذه الاهزوجة ….
نعم نعم يا ربي …
نعم نعم سبحانك …
نعم نعم للاسلام …
نعم نعم للمذهب …
نعم نعم للجمعة …
بسم الله الرحمن الرحيم
الهي لولا الواجب من ذكرك لنزهتك عن ذطكري اياك علىان ذكري لك بقدري لا بقدرك وما عسى ان يبلغ مقداري حتى اجعل محلا لتقديسك ومن اعظم النعم جريان ذكرك على السنتنا واذنك لنا بدعائك وتنزيهك وتسبيحك. الهي فالهمنا ذكرك في الخلاء والملاء والليل والنهار والاعلان والاسرار وفي السراء والضراء وآنسنا بالذكر الخفي واستعملنا بالعمل الزكي والسعي المرضي وجازنا بالميزان الوفي. الهي بك هامت القلوب الوالهة وعلى معرفتك جمعت القلوب المتباينة فلا تطمئن القلوب الا بذكرك ولا تسكن النفوس الا عند رؤياك انت المسبح في كل مكان والمعبود في كل زمان والموجود في كل اوان والمدعو بكل لسان والمعظم في كل جنان واستغفرك من كل لذة بغير ذكرك ومن كل راحة بغير انسك ومن كل سرور بغير قربك ومن كل شغل بغير طاعتك الهي انت قلت وقولك الحق يا ايها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا وقلت وقولك الحق فاذكروني اذكركم فامرتنا بذكرك ووعدتنا عليه ان تذكرنا تشريفا لنا واعظاما وها نحن ذاكروك كما امرتنا فانجز لنا ما وعدتنا يا ذاكر الذاكرين ويا ارحم الراحمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون * واوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ان الله يعلم ما تفعلون * ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم ان امة هي اربا من امة انما يبلوكم الله به وليبين لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون *)).
بعد ان انتهى النصف من شعبان المعظم وتأجلت مسألة المشي الى كربلاء المقدسة يحسن بنا الان ان نأخذ العبرة عما حصل فان لكل شيء عبرة وهذا من اهم الامور التي يجب ان نأخذ منها العبرة توخيا للهداية والتعمق في الايمان وفي بعضها سنسمع بعض المناقشات بالحكمة والموعظة الحسنة بطبيعة الحال بعونه سبحانه وتعالى. وذلك بالالتفات الى عدة نقاط :
النقطة الاولى : اننا عهدنا الاستعمار والمستعمرين منذ وجدوا يكرهون الاسلام الحنيف والمذهب الجليل ويكيدون ضده مختلف المكائد والدسائس ويريدون اضعافه بكل وسيلة ويكرهون القيام بشعائره وطقوسه ويحاولون تقليلها الى اقل مقدار ممكن بل الغائها بالمرة بما في ذلك مواسم الزيارات واصدار الكتب والنشرات والقاء الخطب والصلوات.
ومن هنا كانت صلاة الجمعة شوكة في عين المستعمرين عامة واسرائيل خاصة لما كان وما زال فيها من عز المذهب والدين وهداية الناس والتسبيب الى لم الشعث وجمع الكلمة على الحق.
وكذلك بطبيعة الحال فان السير الى زيارة الحسين (عليه السلام) ايضا شوكة في عين المستعمرين عامة واسرائيل خاصة. ومن الواضح انه يكون مشمولا لقوله تعالى : ((وما تطئون موطئا يغيض الكفار الا كتب لكم به عمل صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين)).
النقطة الثانية : انه كان من المتوقع والطبيعي ان تبذل اقصى قوة في سبيل منعه والحيلولة دون استمراره الامر الذي ينتج منه بكل وضوح التقليل من الشعائر الدينية والكفكفة من تصرف المجتمع بما هو الهداية والاخلاص لله ورسوله والمعصومين. ولعله من باب الحمل على الصحة ان الجماعة لا يعلمون ان في ذلك نفعا للمجتمع ومضادة للاستعمار وارغاما لاسرائيل. اذن فليعلموا من الان ذلك وهو واضح ووجداني لكل احد وغير قابل للمناقشة بل نقوللاي فرد لم يلتفت الى ذلك كما قال الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم
النقطة الثالثة : لا شك ان افضل ما تفعله اي دولة الى مجتمعها وشعبها هو اعطاء الحرية للتصرف والقيام بشعائرها الدينية والتنفيس عن قناعاتها النفسية والعقلية بالشكل الذي لا يضر بالدولة اصلا ولا يمت الى سياساتها وكيانها باي صلة ل ان ذلك سيكون اكيدا في نفع الدولة اي دولة وسيكون سببا لمحبة الشعب للدولة ووثاقتهم بها لما يرون من انها متفضلة عليهم بالحرية والفرص المتكافئة للشعائر الدينية مضافا الى الامور الدنيوية والاقتصادية. واذا قامت الدولة بذلك كانت بلا شك اقرب الى محبة الناس واطمئنانهم لما يشعرون من فضلها عليهم والتفاتها اليهم بخلاف العكس بطبيعة الحال.
النقطة الرابعة : اننا الان في نظرهم في ظروف الحصار الاستعماري الاتصادي الغاشم. لاذن يكون من الراجح ان تواجه الاستعمار وان تشجع ضده وان تقوم بكل عمل لا يرتاح اليه ولا يحبه بما في ذلك الشعائر الدينية عموما والسير الى كربلاء المقدسة خصوصا. اذن فهذه الشعيرة المقدسة ستكون الى جنب السائرين ضد الاستعمار والمستنكريت للحصار وخطوة جيدة تدريجية يمكن ان تكون مفتاحا لفك الحصار والضغط الشعبي على الاستعمار كما قيل هنا من ان ظرف الحصار لايناسب قبول السير الى كربلاء القدسة لا يكون مقبولا بطبيعة الحال بل الامر بالعكس بطبيعة الحال ولا يحتاج ذلك الا الى التفاتة بسيطة الى واقع الحال الاجتماعي الذي نعيشه.
النقطة الخامسة : ان المفروض ان الشعب والدولة معا ضد الاستعمار وفي ماجهة التحديات العالمية المعادية ومن هنا جاز لكل من الشعب والدولة معا ان يعمل ما يراه مناسبا في هذا الصدد لمضادة الاستعمار والنيل منه وابعاد شبحه المشؤوم وبذلك يكون الشعب والدولة يدا واحدة ضد من يريد النيل من بلاد الاسلام ومن المجتمع الاسلامي فاذا علمنا ان السير الى الحسين (عليه السلام) كما هو واضح هو كشف للاستعمار ومراغمة له اذن فستكون كل الاعمال لو تمت هذه المناسبة الشريفة سائرة في هذا الصدد وسيكون الشعب والدولة يدا واحدة بهذا الاتجاه بضرب الاستعمار الغاشم بيد من حديد.
النطة السادسة : ان شعائر الله سبحانه وتأييد الدين من المتوقع جدا بكل وضوح ان يكون ضمن الحملة الايمانية التي تتبناها الدولة منذ سنين فان المفروض بهذه الحملة ان تدعو الى الايمان لانها ايمانية والى تأييد الشعائر وتكثير الطاعات وتقليل المعاصي وجعل العقوبات المشددة على المنكرات كالخانات والملاهي والمراقص وعلى اي حال فالسير الى زيارة كربلاء المقدسة هي من جملة الايمان او هو من جملة الايمان الذي يقع مصداقا وتطبيقا للحملة الايمانية والمتوقع ممن يدعو اليها ويتمسك بها ان يمشي بهذا الاتجاه الى نهاية الطريق ولا ينبغي الشعور من قبلهم بوجود اي منافاة او تعارض بين الطريقين او الاسلوبين كما تحس به الان.
النقطة السابعة : انه بفضل الله وحسن توفيقه انه بالرغم من ان السير لم يتم بالشكل الموسع الذي تمنيناه له الا انه اثمر ثمرة طيبة وانتج نتائجه الحسنة في سبيل الله ونصرة ديته والمذهب من حيث انه اظهر تكاتف الشعب العراقي كله وخاصة في الوسط والجنوب على العمل في سبيل الله والتضحية في سبيل الاشادة بشريعة سيد المرسلين وبدم الحسين المقدس الذي اهريق ظلما في كربلاء المقدسة فان السير الطويل لعدة ايام في البراري والقفار مع عدم توفر الاقل المجزي من وسائل العيش انما هو لمعة مضيئة في جبين المؤمنين الذين ادوا ما عليهم ولم يقصروا في هذا الطريق جزاهم الله خيرا بحيث رأينا الكثير منهم وصلوا الى النجف لم يكن لهم اي قدرة على شراء الطعام او النزول ليلة واحدة في فندق وهذا امر مجيد وحميد كما قال الشاعر :
هكذا هكذا والا فلا لا .... فليس كل الرجال تدعى رجالا
النقطة الثامنة : انهم لم يتحملوا الصعوبة المعيشية فقط في هذا السفر المقدس بل تحملوا الصعوبة النفسية ومشقة الخوف والازعاج في هذا الصدد ولا اريد هنا ان اذكر شيئا الا ان لنا اسوة في ذلك بقادتنا المعصومين (عليهم السلام) كما قال في الدعاء او الزيارة : (السلام على الائمة الراشدين السلام على الانبياء والمرسلين السلام على الائمة المستودعين السلام على خاصة الله من خلقه السلام على المتوسمين السلام على المؤمنين الذين قاموا بامرنا ووزروا اولياء الله وخافوا بخوفهم السلام على الملائكة المقربين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
النقطة التاسعة : ان هذا النموذج من الاخلاص والمخلصين والوعي والواعين كان قليلا في صدر الاسلام حتى قال امير المؤمنين (عليه السلام) لعدد من اصحابه او نستطيع القول لاكثر اصحابه : (يا اشباه الرجال ولا رجال وحلوم ربات الحجال) اي الناسء طبعا وقال ما مضمونه : (انني ان دعوتكم في الشتاء قلتم دعنا يذهب عنا البرد واذا دعوتكم في الصيف قلتم دعنا يذهب عنا القيض واذا كنتم عاجزين عن حر الصيف فانكم اعجز عن تحمل حر السيف). وهذا النموذج هو الذي كان في صدر الاسلام وسبب انتصار معاوية في صفين واللجوء الى التحكيم كما سبب تفرق الناس عن مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) وعن الحسين (سلام الله عليه) الا انه عن طريق التربية المركزة والمستمرة بمقدار ما هو ممكن من قبل قادتنا المعصومين (عليه السلام) وعلماؤنا المرحومين (رضوان الله عليهم) تبدل هذا النموذج بالنموذج الاخر المخلص المتفاني الذي كان ولا زال نداه يفيد الدين ويضخي في سبيل شريعة سيد المرسلين.
اذكر لكم فيما يلي قضيتين باختصار نتذكرهما لاجل زيادة العبرة وتجديد الهمة في سبيل الله تعالى :
احداهما ان المتوكل حرث قبر الحسين (عليه السلام) واجرى عليه الماء ومنع زيارته ووضع الحرس وكانوا يمسكون بالزوار فيقطعون ايديهم من المعصم كأنهم سراق والعياذ بالله حتى جاء رجل وهو ملتف بعبائته فامسكوه وقالوا له اخرج يدك لكي نقطعها فاخرج لهم يده اليمنى فاذا هي مقطوعة فقالو له اخرج يدك اليسرى فاخرجها فاذا هي مقطوعة قال انتم قطعتموها في زيارات سابقة لي ومع ذلك فهو مقبل للزيارة غير خائف ولا هائب طبقا لقول رسول الله (صلى الله عليه واله) كما في الرواية : (ان لقتل ولدي الحسين (عليه السلام) حرارة في قلوب شيعته ومحبيه لن تبرد الى يوم القيامة).
وكذلك الرجل الخراساني الذي ارسله المجتمع في خراسان الى الامام الصادق (سلام الله عليه) لكي يدعونه اليهم ان له في خراسان مائة الف سيف فبينما هو جالس عنده اذا اقبل عليه احد اصحابه المخلصين فامر الامام الصادق (عليه السلام) ان يسجر التنور فلما ارتفعت ناره قال الامام الصادق (عليه السلام) الى هذا الثاني اذهب فاجلس في التنور فوضع نعله على الارض فجلس على التنور واقبل الامام الصادق (عليه السلام) على الخراساني كأنما لا يوجد شيء يسأله عن تفاصيل المجتمع هناك واحوال الناس في خراسان الى برهة من الزمن ثم امر الخراساني ان يذهب فينظر في التنور فذهب فنظر فاذا بذاك الرجل جالس فيه وهو يبتسم. فهذه هي نماذج رجالنا المخلصين رضوان الله عليهم اجمعين.
النطة العاشرة : ان المنع حصل في الحكمة الالهية لقصور وتقصير في المجتمع بما فيهم السيد محمد الصدرولو كنا على مستوى المسؤولية حقيقة وموضوعل للرحمة الالهية من جميع الجهات لما حصل المنع بكل تأكيد. اما ما هو سبب القصور والتقصير فليس هذا مهما الان وانما المهم والاهم هو ان نحاسب انفسنا وننظر الى اعمالنا والى مدى اخلاصنا لربنا وهدفنا وديننا ونحاول السير الحثيث لزيادة والتكامل بفضل الله سبحانه وتعالى ولا ننسى ان المخلصين الممحصين من اصحاب الانبياء والمعصومين لم يكن يخطر في بالهم الخوف طرفة عين كما قال الله تعالى : ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كيرة باذن الله)) وقوله تعالى : ((وكأين من نبي قاتل معه ربييون كثير (اي الهيون) فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين *)) وقال تعالى في قصة طالوت : ((فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني الا من اغترف غرفة بيده * فشربوا منه الا قليلا منهم * فلما جاوزه هو والذين امنوا معه (يعني الذين لم يشربوا) قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده * قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا على القوم الكافرين * فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت)).
النقطة الحادية عشر : لاحظوا .. لابد من الالتفات الى موقف الحوزة التقليدية السكوتية مما حصل من امر المشي ومنعه انهم كانوا سلبيين مائة بالمائم لم ينبسوا اي واحد منهم او من وكلائهم او من اصدقائهم ببنت شفة بل قد صادف ان التقينا ببعض منهم فنراهم يتحدثون عن اي شيء الا عن هذا الامر وكأنهم لا يعلمون ما يحصل في المجتمع على الاطلاق لا من الامر بالمشي ولا بمنعه ولا اكتراث لهم بشيء منهم من ذلك اصلا لكي انه يدعوا السيد محمد الصدر في الميدان وينسحبوا من تحت المسؤولية بكل سهولة ولو كانوا قد بينوا رأيه وآزروا طاعة الله واولياء الله وشعائر الله لما حصلت النتائج التي رأيناها واسفنا لها وهم بطبيعة الحال يتحملون قسطا بالمسؤولية سواء رضوا ام غضبوا وانتم الان موجودن فاذهوا اليهم او ممن تعرفون منهم واسألوهم عن السبب في هذا السكوت والصمت كصمت القبور بالرغم من وجود المناسبة الدينية المقدسة والشعائر الجليلة وقد اعتادت الحوزة ومع شديد الاسف على عدم التعاون والتكاتف الامر الذي انتج كثيرا من النتائج السلبية على مر الاجيال مما يكون بكل تاكيد في مصلحة اعداء الله والمستعمرين فهل هم ملتفتون الى ذلك ايضا كما قال الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم
وليتهم حين لم يعترفوا او تجاهلوا امر الولاية ولاية السيد محمد الصدر ان يهتموا بامر الدين وشعائر الله ومستحبات الشريعة وليس هذا بعجيب بعد ان تركوا الواجب المتمثل بصلاة الجمعة فكيف لا يتركون المستحب في نظرهم وكان افضل ما فعلوه جملة منهم هو السكوت والاعتذار بينما كان موقف آخرين هو الطعن والتشنيع والتجريح بينما كنا نحب وليس هذا في قلوب المؤمنين فقط هذا الحب ليس هذا في قلوب المؤمنين فقط بل هو مما يرضاه الله ورسوله والمعصومين ان يجدوا الحوزة متكاتفة ومتعاضدة في خدمة المذهب واعلاء كلمة الحق وتكثير شعائر الدين ولن تكون الحوزة عندئذ لاحظوا .. بقيادة السيد محمد الصدر فقط بل بقيادة العلماء جميعا باعتباره ميدا واحدة وقلبا واحدا وعملا واحدا وهدفا واحدا وقد قلت مكررا اننا عندئذ سنكون متمكنين بغض النظر عن السلاح من مواجهة الاستعمار واسرائيل بكا صرامة وقوة ووضوح.
النقطة الثانية عشر : انما ما حصل من الفشل النسبي لا ينبغي ان يفت في عضد المؤمنين او يحملهم على الاحباط والتخاذل ويضعف في قلوبهم الشجاعة التي اوجدوها بكريمنهم وعرق جبينهم وتوفيق الله سبحانه وتعالى بل يجب ان يكون ذلك وكل شيء مما يضاعفها ويزيدها لا ان يضعفها وينقصها فان الحياة تجارب والتجارب ليست كلها ناجحة مائة بالمائة بل قد يحجب النجاح عنا كثيرا او قليلا بسبب الحكمة الالهية بل قد يحصل في المستقبل قصور في النجاح كما حصل في الماضي وكل ذلك ينبغي ان يكون متوقعا ومفهوما سلفا والدنيا دار لون وفساد وصعود ونزول وقد اختلفت الدنيا على المعصومين (سلام الله عليهم) واصحابهم فكيف لا تختلف علينا وكيف تصفوا لنا وانما السبب الى دفع ذلك بعد عناية الله وحسن توفيقه والنصر لدينه وهو الاخلاص وتزايد الهمة والارادة والحب لكل ما يحب الله ورسوله والبغض لكل ما يبغض الله ورسوله والله ولي المحسنين وهو على كل شيء قدير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * اياك نعبد واياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين انعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الخامسة والثلاثون 21 شعبان 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم يا ملاذ اللائذين ومعاذ العائذين ومنجي الهالكين ويا عاصم البائسين ويا راحم المساكين ويا مجيب المضطرين ويا كنز المفتقدين ويا جابر المكسرين ويا مثوى المنقطعين ويا ناصر المستعفين ويا مجير الخائفين زيا مغيث المكروبين ويا حصن اللاجئين ان لم اعذ بعزتك فبمن اعوذ وان لم الذ بقدرتك فبمن الوذ وقد الجأتني الذنوب التشبث باذيال عفوك واحوجتني الخطايا الى استفتاح ابواب صفحك ودعتني الاساءة الى الاناخة بفناء عزك وحملتني المخافة من نقمتك على التمسك بعروة عطفك ومن اعتصمك بحبلك ان يخذل ولا يليق بمن استجار بعزك ان يسلم او يهمل الهي فلا تخذلنا من حمايتك ولا تعرنا من رعايتك وذرنا من موارد الهلكة فانا بعينك وكنفك ولك اسألك باهل خاصتك من ملائكتك والصالحين من بريتك ان تجعل علينا واقية باقية تنجينا من الهلكات وتجننا من الافات وتكننا من دواهي المصيبات وان تنزل علينا من سكينتك وان تغشي وجوهنا بانوار محبتك وان تقوينا الى شديد ركنك وان تحوينا في اكناف عصمتك برأفتك ورحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهم ولا تلمزوا انفسكم ولا تتنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاؤلئك هم الظالمون * يا ايها الذيم آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله كان توابا رحيما))
الان نتكلم في التعريف البسيط باهمية زيارة الحسين (عليه السلام) عموما. قال الشيخ عباس القمي (رحمه الله) في مفاتيح الجنان : اعلم ان فضل زيارة الحسين (عليه السلام) مما لا يبلغه البيان وفي روايات عديدة انها تعدل الحج والعمرة والجهاد بل افضل بدرجات وتورث المغفرة وتخفيف الحساب وارتفاع الدرجات واجابة الدعوات وتورث طول العمر والحفظ في النفس والمال وزيادة الرزق وقضاء الحوائج ورفع الهموم والكربات وان ترك زيارة الحسين (عليه السلام) بدون عذر يوجب نقصا في الدين وهو ترك حق عظيم من حقوق النبي (صلى الله عليه واله) واقل ما يؤجر به زائره يعني الحسين (عليه السلام) هو ان يغفر الله ذنوبه وان يصون الله تعالى نفسه وماله حتى يرجع الى اهله فاذا كان يوم القيامة كان له احفظ من الدنيا وفي روايات كثيرة ان زيارته (عليه السلام) تزيل الغم وتهون سكرات الموت وتذهب بهول القبر وان ما يصرف في زيارته (عليه السلام) يكتب بكل درهم مائة الف درهم بل عشرة الاف درهم وان الزائر اذا توجه الى قبره (عليه السلام) استقبله الاف من الملائكة فاذا رجع منه شايعته وودعته وان الانبياء والاولياء والائمة المعصومين (عليه السلام) اجمعين يزورون الحسين (عليه السلام) ويدعون لزواره ويبشرونه بالبشائر وان الله تعالى ينظر الى زوار الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) قبل نظره الى من حضر عرفات وانه اذا كان يوم القيامة تمنى الخلق كلهم ان كان من زواره لما يصدر منه (عليه السلام) من الكرامات والفضل في ذلك اليوم.
قال والاحاديث في ذلك لا تحصى وحسبنا هنا رواية واحدة. روى ابن قولويه والكليني والسيد بن طاووس وغيرهم باسناد معتبرة عن الثقة الجليل معاوية بن وهب البدلي الكوفي قال: دخلت على الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) وهو في مصلاه وجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول : يا من خصنا بالكرامة ووعدنا بالشفاعة وحملنا الرسالة وجعلنا ورثة الانبياء وفتح بنا الامم السالفة وخصنا بالوصية واعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي وجعل افئدة من الناس تهوي الينا اغفر لي ولا خواني وزوار قبر ابي الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) الذين انفقوا اموالهم واشخصوا ابدانهم رغبة في برنا ورجاءا لما عندك في وصلتنا وسرورا ادخلوه على نبيك محمد (صلى الله عليه واله) واجابة منهم لامرنا وغيضا ادخلوه على عدونا ارادوا بذلك رضوانك فكافئهم عنا بالرضوان واكلأهم بالليل وادخل على اهاليهم واولادهم الذين خلفوا باحسن الخلف واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد وكل ضعيف من خلقك او شديد وشر شياطين الانس والجنواعطهم افضل ما املوا منك حتى يعودوا الى اوطانهم وما اسرنا على ابائهم واهاليهم وقراباتهم اللهم ان اعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص الينا خلافا عليهم فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس وارحم تلك الخدود التي تقلبت على قبر ابي عبد الله (عليه السلام) وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا اللهم اني استودعك تلك الانفس وتلك الابدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش الاكبر.
فما زال (صلوات الله عليه) وهو ساجد فلما انصرف قلت له جعلت فداك ان هذا الذي سمعته منك لو كان لمن لا يعرف الله لظننت ان النار لا تطعم منه شيئا ابدا والله لقد تمنيت اني كنت زرته ولم احج. فقال لي : ما اقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته ! يا معاوية لا تدع ذلك. لان سكناه في الكوفة وسكن الامام الصادق في المدينة فيكون من سكن الكوفة قريب من قبر الحسين (عليه السلام) ولذا يقول: (ما اقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته يا معاوية لا تدع ذلك (معاوية البجلي طبعا) قلت: فداك فلم ادر ان الامر يبلغ هذا كله. فقال : يا معاوية ومن يدعوا لزواره في السماء اكثر ممن يدعوا لهم في الارض. لا تدعه لخوف احد فمن تركه لخوف رأى يوم الحسرة ما يتمنى ان قبره كان بيده (يعني ان يموت سريعا) اما تحب ان يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله (صلى الله عليه واله) وعلي وفاطمة والائمة المعصومين (عليه السلام) اما تحب ان تكون غدا ممن تصافحه الملائكة اما تحب ان تكون ممن يصافح رسول الله (صلى الله عليه واله)).
اقول هذا لمجرد الزيارة حتى بالسهولة واليسر فكيف ستكون مهمة وعظيمة مع وجود بعض المصاعب او الكثير من المصاعب في السفر اليه والعناء نحوه والتضحية في سبيل زيارته.
وقد ورد ما مضمونه : (ان سفرة الحسين (عليه السلام) اوسع) يعني يعني اوسع من سائر الائمة المعصومين (عليهم السلام). وقد فهم طبق من الناس من ذلك ان المراد بها الاجور التي يتقاضاها القارئون على الحسين (عليه السلام) فان فيها زيادة وبركة اكثر من غيرها. وهذا وان كان وجها مفهوما واقرب الى الصحة الا ان الوجه الاصح في تفسير ذلك اعني ان سفرة الحسين (عليه السلام) اوسع هو ان شفاعة الحسين (عليه السلام) اوسع بحيث تشمل كثيرا من المذنبين والعصاة بخلاف غيره من المعصومين (عليهم السلام) فانهم لا يشفعون الا لمن كان مرضيا لله عز وجل ولم يكن العاصي مرضي لله عز وجل ولذا قال اهل المعرفة ان بعض الائمة (عليهم السلام) لا يزورونهم الا الخاصة كامير المؤمنين والرضا (عليهما السلام) يعني ان الفرد ان لم يكن من الخاصة لم تقبل زيارته ولكن الحسين (عليه السلام) يزار من قبل الخاصة والعامة وكل من يذهب اليه تقبل زيارته وتقضى حاجته ما لم يكن معاندا والعياذ بالله. ومن هنا نستطيع ان ندفع ما قد يقال من قبل بعض المتشرعة او غيرهم من انه لم يدل دليل واضح في الكتاب الكريم او السنة الشريفة باستحباب الذهاب الى زيارة الحسين (عليه السلام) مشيا وهذا صحيح لا يوجد نص محدد الا اننا لا نحتاج الى النص المعين بل تكفينا القواعد العامة المتوفرة شرعا لاثبات استحبابه :
اولا : انه احترام للحسين (عليه السلام) بصفته الامام المعصوم المفترض الطاعة المقتول ظلما في اعطم حادثة من حوادث التاريخ.
ثانيا :انه تواضع للحسين (عليه السلام).
ثالثا : انه تضحية في سبيل الله وسبيل الحسين (عليه السلام).
رابعا : انه تقديم نحو من المقدمات لاستجابة الدعاء وطلب الحوائج فانه كلما كان الدعاء مسبوقا بخشوع وخضوع وتضحية اكثر كانت الاستجابة اسرع واكثر ضمانا وصحة.
خامسا : انه قيام بشعيرة من شعائر الله تعالى عرفية او متشرعية متسالم على صحتها منذ عشرات السنين بل منذ مئات السنين.
سادسا : اننا يمكن ان نقيسها على اسلوب الحج ماشيا فانه مما تسالم جميع المسلمين بجميع مذاهبهم صحته ورجحانه ومزيد الثواب فيه وما ذلك الا لان النمشي الى الحج متضمن لا محالة للتواضع والخشوع والخضوع ونيل المصاعب عن تعمد في سبيل الله سبحانه وتعالى وهذه الامور بنفسها موجودة في اي هدف ديني شرعي واهمها زيارة المعصومين (عليهم السلام) بما فيهم الحسين (سلام الله عليه).
وهذا بطبيعة الحال ينطبق على زيارة جميع المعصومين (عليه السلام) بما فيهم رسول الله (صلى الله عليه واله) والائمة المدفونين بالبقيع والامام الرضا في خراسان وغيرهم وهذا ينبغي ان يكون واضحا الا ان الامام الحسين (عليه السلام) يختص بامرين :
الامر الاول : قربه نسبيا لوضوح الفرق بينه وبين مكة وخراسان بشكل غير قابل للقياس وتلك اماكن جدا بعديا علينا وهذا مكان قريب. مضافا الى وجود ما يسمى بالحدود الدولية التي يحتاج اجتيازها الى صدور الترخيص من قبل كلا الدولتين مما يجعل امر الذهاب متعسرا في اغلب الاحيان لكن هنا لا يوجد حدود دولية.
الامر الثاني :سعة شفاعة الحسين (عليه السلام) كما سمعنا قبل قليل وشمولها لغالب اصناف الناس وهذا ينتج انك لو سرت الى غيره فقد لا يكون عملك مقبولا لان ذلك الامام لا يزوره الا الخاصة واما العامة من الناس فمحجوبون عنه حتى لو وصلوا اليه مشيا بخلاف الحسين (عليه السلام) فانه سيقبلهم بدون المشي فكيف لا يقبلهم مع المشي الذي يتضمن التضحية والخضوع والاحترام وسوف ذلك اولى بالقبول وقضاء الحوائج وستر العيوب وغفران الذنوب ومثله بالضبط تقبيل الاضرحة المقدسة والالتصاق بها والدوران حولها فان في ذلك ونحوه من الامور بيانا واضحا بلسان الحال لحب الامام (عليه السلام) واحترامه والتخضع له، وقديما قال الشاعر :
امر بذي الديار ديار ليلى اقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
فان الفرد حينما يكون محروما من تقبيل شخص محبوبه فانه سيقبل بابه وجداره وحين يكون محبوبه مدفونا يقبل ارضه وضريحه وهذا امر عرفي ومتعارف اليس حين تلقى من تحبه بعد غياب او فراق فانك تقبله وتقبل ثيابه وتقبل نا على رأسه كما قد يبلغ بك الحال والحب بان تقبل قدمه ونعاله. فالمهم ان كل ذلك دليل على بيان الاخلاص والحب والتقرب والخضوع والاحترام للمحبوب. والمعصومون (عليه السلام) اولى من يكونوا مستحق لذلك لنهم اولياء لله واحباءه وخاصته وخالصته وقد اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهذا الى جنبكم الامام امير المؤمنين (عليه السلام) والامكام الحسين (عليه السلام) من اصحاب الكساء باجماع علماء المسلمين بكل مذاهبهم وهم كما قلنا في الشذرات (اصحاب الكساء) افضل ليس فقط افضل من البشر بل افضل من الخلق اجمعين حتى من التسعة المعصومين من ذرية الحسين (عليه السلام) الا ان التحذير كل التحذير من طلب الدنيا ومن اطاعة النفس الامارة بالسوء فان المهم في الطاعات بما فيها الزيارات وغيرها هو الاخلاص والخشوع والخضوع والانقطاع الى الله سبحانه واما ان تكون تلك الاعمال والزيارات لطلب الدنيا كالشهرة والمال والرياء وامثال ذلك فمن الواضح انها ساقطة عند الله وليس فيها ثواب ولا يحتمل ان تكون مقبولة اصلا ولا سببا لشفاعة المعصومين (عليه السلام) اطلاقا بل ان هذه الطاعة وان تخيلها الفرد او زعمها انها طاعة لله فانها في الحقيقة طاعة للشيطان وطاعة الشيطان عليها عقوبة وليس عليها مثوبة مضافا الى ما قلنا في فقه الاخلاق من ان الفرد اذا قصد بطاعته امر دنيويا فانه قد يعطى ذلك الامر الدنيويولكنه يحرم من الثواب الاخروي لانه اذا طالب به في الاخرى فانه يقال له قد اعطيناك ثوابك في الدنيا وهذا يكفي ولست مستحقا لثواب الاخرة كما قال تعالى : ((اذهبتم طيباتكم في الحياة الدنيا فاستمتعتم بها فالوم تجزون عذاب الهون)) اي الذلة والهوان. فالمهم في العبادات جميعا بما فيها زيارة المعومين (عليهم السلام) هو الاخلاص وقد ورد ما مضمونه : (ان الصلاة وان بدت متشابهة من كل احد الا ان صلاة احدكم تكون كالدرة وصلاة الكافر كالحصاة وصلاة الاخر كالسفرجل وصلاة الاخر كجبل احد) يعني يختلف ذلك باختلاف الاخلاص وصفاء القلب وحسن التوجه في الصلاة. وورد : (رب قاريء للقرآن والقرآن يلعنه) وورد: (رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش) ورب سائر سائر الى الحسين وليس له الا التعب والعناء.
والكلمة الاخيرة التي اود توجيهها الان هو انني في خطبة سابقة ناديت موظفي الدولة جميعا ودعوتهم الى طاعة الله والعود الى الشريعة والى تذكر الحساب والعقاب وهذا يقتضي بطبيعة الحال ان يكون الموظفين عونا للناس على طاعاتهم وشعائرهم وادعيتهم وزياراتهم فان لم يشاركوهم فلا اقل ان لا يحصل منهم منع وازعاج وليس مقتضى حسن الظن بالموظفين وتوقع التوبة والتدين منهم ان يسلكوا ضد هذا المسلك فيفكروا في المنع والحيلولة دون شعائر الله التي هي من تقوى القلوب.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 42  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:08 PM


الجمعة السادسة والثلاثون 28 شعبان 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
في الجمعة السابقة اعطينا الطاعة لله سبحانه وتعالى بنعم. وفي هذه الجمعة نعطي الطاعة لله عز وجل بـ( لبيك ) فقولوا معي كما اقول ثلاثا ..
لبيك لبيك يا الله …
لبيك لبيك يا رب …
لبيك لبيك للاسلام …
لبيك لبيك يا علي …
لبيك لبيك يا مهدي …
لبيك لبيك يا حوزة …
الان نؤدي التلبية كما تؤدى بالحج لانها في الحقيقة اعطاء الولاء لله سبحانه وتعالى ولا تختص بالحج.
لبيك اللهم لبيك … لبيك اللهم لبيك … لبيك اللهم لبيك … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … لبيك اللهم لبيك … … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … لبيك اللهم لبيك … … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك …
الشيء الاخر الذي وددت ان انبهكم عليه انني اود جدا كما علمنا نصب وذكريات لصلاة الجمعة ان نعمل نصب وذكريات بمناسبة الغدير بمناسبة عيد الغدير … فاهيب بالاختصاصيين وغير الاختصاصيين ان بأتوا لنا بما يناسب ذلك المقام الجليل من الان الى يوم الغدير نفسه فلا تقصروا تجاه امامكم امير المؤمنين (سلام الله عليه) وسوف يقول التاريخ ان هذا الشيء وهذا الطلب وقع خلال القصف الامريكي ليكون دليلا على ان المؤمن لا يخاف من احد الا من الله سبحانه وتعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه وكل بهائك بهي اللهم اني اسألك ببهائك كله. اللهم اني اسألك من جمالك باجمله وكل جمالك جميل اللهم اني اسألك بجمالك كله. اللهم اني اسألك من جلالك باجله وكل جلالك جليل اللهم اني اسألك بجلالك كله. اللهم اني اسألك من نورك بانوره وكل نورك نير اللهم اني اسألك بنورك كله. اللهم اني اسألك من رحمتك باوسعها وكل رحمتك واسعة اللهم اني اسألك برحمتك كلها. اللهم اني اسألك من كلماتك باتمها وكل كلماتك تامة اللهم اني اسألك بكلماتك كلها. اللهم اني اسألك من كمالك باكمله وكل كمالك كامل اللهم اني اسألك بكمالك كله. اللهم اني اسألك من اسمائك باكبرها وكل اسمائك كبيرة اللهم اني اسألك باسمئك كلها. اللهم اني اسألك من عزتك باعزها وكل عزتك عزيزة اللهم اني اسألك بعزتك كلها. اللهم صل على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعلى الحسن المجتبى وعلى الحسين الشهيد بكربلاء وعلى فاطمة الزهراء وعلى الامام السجاد وعلى الامام الباقر وعلى الامام الصادق وعلى الامام الكاظم وعلى الامام الرضا وعلى الامام الجواد وعلى الامام الهادي وعلى الامام العسكري وعلى مولانا صاحب الزمان ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرا في الدنيا والاخرة.
بعد ايام قلائل يبدأ شهر رمضان المبارك شهر الله الاعظم وعيد اوليائه فيحسن بنا ان نتحدث اليوم عن فضيلة الصوم زاهميته في الاسلام والدين عنه كثير واكثره مسموع الا ان بعض التكرار لا يخلو من فائدة فانا ذكرت في فقه الاخلاق الجزء الاول قسطا وافيا منه الا ان الذي اريد التركيز عليه في هذا اليوم هو ذكر بعض الاخبار الواردة في فضيلة الصوم وشرحها واول واهم او ما يوجهنا الخطبة المروية في مفاتيح الجنان صفحة 172 : روى الصدوق بسند معتبر عن الرضا (عليه السلام) عن ابائه عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال ان رسول الله (صلى الله عليه واله) خطبنا ذات يوم فقال : يا ايها الناس قد اقبل عليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياله افضل الليالي وساعاته افضل الساعات وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاءكم فيه مستجاب فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كبرائكم وارحموا صغاركم وصلوا ارحامكم واحفظوا السنتكم وعفوا عما لا يحل النظر اليه ابصاركموعما لا يحل الاستماع اليه اسماعكم وتحننوا على ايتام الناس يتحنن على ايتامكم وتوبوا اليه من ذنوبكم وارفعوا اليه ايديكم بالدعاء في اوقات صلواتكم فانها افضل الساعات ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة الى عباده يجيبهم اذا نادوه ويلبيهم اذا نادوه ويستجيب لهم اذا دعوه ايها الناس ان انفسكم مرهونة باعمالكم ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيلة من اوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم واعلموا ان الله تعالى ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين وا لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين. ايها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. قيل : يا رسول الله وليس كلنا يقدر على ذلك. فقال (صلى الله عليه واله) : اتقوا الله ولو بشق تمرة اتقوا النار ولو بشربة ماء فان الله يهب ذلك الامر لمن عمل هذا اليسير اذا لم يقدر على ما هو اكثر منه.
ويستمر رسول الله (صلى الله عليه واله) بخطبته الا اننا نكتفي بهذا المقدار لاجل اعطاء بعض الشروح لما سمعناه منها ولعلنا خلال الجمعات الاتية يمكننا تغطية الخطبة كلها نصا وشرحا اذا بقيت الحياة وساعد الحال وهنا لا بد من الاشارة الى عدة نقاط :
النقطة الاولى : انه (صلى الله عليه واله) قال : (يا ايها الناس) ولم يقل يا ايها المسلمون او يا ايها المؤمنون ونحو ذلك … وهذا يؤيد القاعدة التي يقول بها المشهور وهو الصحيح ايضا من ان الكفار مخاطبون بالفروع وتجب عليهم التكاليف الاسلامية كما تجب على المسلمين من صوم وصلاة وحج وزكاة وخمس وغيرها غاية الامر انها لا تصح منهم حال كفرهم فيجب ان يدخلوا في الاسلام لاجل تصحيح عباداتهم فيكون دخولهم في الاسلام من ناحيتين :
اولا : انه مطلوب في نفسه فانه يجب عليهم ان يسلموا على اية حال.
ثانيا : انه مطلوب لاجل تصحيح ما هو مطلوب منهم وجوبا من العبادات والصحيح ان مقدمة الواجب واجبة.
فالمهم ان قوله (يا ايها الناس) يشمل البشرية باديانها واصنافها واجيالها واماكنها ومجتمعاتها والله تعالى يريد الخير لكل البشر ويريد التوبة والتكامل لكل البشر وانه خلقهم من اجل خيرهم ونفعهم في الدنيا والاخرة اي في المدى اللانهائي وانما هم الذين ظلموا انفسهم وتقاعسوا عن العمل الصالح واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.
النقطة الثانية : انه قال (صلى الله عليه واله) : (قد اقبل عليكم شهر الله بالبركة والرحمة). اقول ان الله تعالى يعلم ما في نفوس البشر من النقص وما في اعمالهم من التقصير وما في تفكيرهم من القصور الامر الذي يؤدي بهم الى زيادة الذنوب والعيوب والى كثرة استحقاق العقاب وقلة استحقاق الثواب وبالتالي يؤدي الى ضعف التكامل المعنوي في درجات الايمان واليقين وهذا ما يؤسف له حقيقة وانما جناه الفرد على نفسه من حيث انه مستطيع للتكامل ومخلوق من اجل التكامل ومعطى فرصة السير في التكامل ومع ذلك فهو معرض عنه منصرف الى اللهو واللعب في شهوات الدنيا ومصالحها ومغرياتها وعلى اي حال فقد فتح الله تعالى الفرص الكثيرة جدا من اجل التوبة والانابة والتكامل وهي فرص موجودة على عدد انفاس الفرد بل اكثر حتى كان يعبر بعض اهل المعرفة ان يد الله ممدودة الى المصافحةويكفي بالفرد ان يمد يده اليها فقط وهي عبارة اخرى عن الفرصة المعطاة من قبله جل جلاله للتوبة وللتكامل ثانيا ولذا ورد في القرآن الكريم : ((والله يريد الاخرة)) يعني يريد لنا الاخرة لا لنفسه وهو غني عن العالمين وقال جل جلاله : ((يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزئون)).
لاحظوا .. فكان من جملة هذه الفرص للتوبة والانابة والاستغفار شهر رمضان وكل ايامه ولياليه فرص فهو ليس فرصة واحدة بل ملايين للانابة والتكامل والتوجه الى الله سبحانه وتعالى ونحن نعلم ان الله تعالى جعل فرص من اجناس مختلفة للتوبة والانابة والثواب منها المساجد والمراقد المقدسة وبيت الله الحرام ومنها الازمان او الايام كشهر رمضان وعيد الفطر وعيد الغدير وعيد الاضحى ويوم عرفةوليلة النصف من شعبان وغيرها كثير وهذه الكثرة انما تكون من سعة رحمة الله سبحانه وتعالى ومن جليل كرمه والا كان في مستطاع الله ان يقلصها الى اقل مقدار ممكن.
ومنها اي من فرص التوبة والرحمة القرآن الكريم نفسه الذي هو باب الهداية العظيمة والعامة للبشر اجمعين ومنها وجود المعصومين (عليهم السلام) انفسهم فانهم عدل الكتاب وكتاب الله الناطق واحد الثقلين في حديث النبي (صلى الله عليه واله) : (اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتيما ان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي ابدا).
النقطة الثالثة : انه (صلى الله عليه واله) قال في الخطبة : (شهر رمضان شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام وساعاته افضل الساعات) مع انه قد يحص السؤال عن الوجه في ذلك فان العقل لا يدرك فرقا بين اجزاء الزمان كالايام والاشهر ونحو ذلك فكيف يكون بعض الزمان افضل من بعض كشهر رمضان او غيره.
وجواب ذلك من عدة جهات نذكر منها اثنان :
الجهة الاولى : ان العقل البشري وان لم يمكنه ان يتصور ذلك اي فضل بعض الايام والاشهر على بعضها الا اننا نعترف بان العقل البشري او القسم من العقل البشري لو صح التعبير غير كاف لادراك الواقعيات التي يعلمها الله سبحانه وتعالى في مخزون علمه ومكنون حكمته وليس له الحق اي ليس للعقل البشري الحق في ان يناقش فيما لا يعلم او لا يدرك ويكفينا هنا مجرد الاطروحة في صحة ذلك واقعيا من دون ان يدرك العقل ذلك لقصوره وتقصيره.
الجهة الثانية : ان الله تعالى يتعمد لو صح التعبير ان يفعل ذلك فان كل هذه الاثار والنتائج هي من كرمه وعطائه فهو يبذل فرصة التوبة وينزل الملائكة ويستجيب الادعية وغير ذلك ويستطيع جل جلاله ان يعمل ذلك في زمان دون زمان ويفضل بعض الازمنة على البعض الاخر من هذه الجهة او من اية جهة.
النقطة الرابعة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله) فان السؤال يحصل بان الضيف ينبغي اكرامه واحترامه فان كان الناس في ضيافة الله اذن فهم مكرمون ومحترمون الا ان الامر يبدون للانسان البسيط طبعا يبدو بالعكس فان ضيوف الله في شهر رمضان جائعون خلال الصوم.
وجواب ذلك في نقطتين :
الاولى : ان هذا الجوع والعطش والتعب انما هو دنيوي محض بطبيعة الحال واضح جدا. وليس المقصود من خطبة النبي (صلى الله عليه واله) هو ذلك او قل ليس المقصود هو الاكرام في الدنيا بل الاكرام في الاخرة واعطاء المزيد من الثواب والاجر للعاملين في سبيله. اذن المراد من الضيوف انما هم ضيوف الاخرة وليس ضيوف الدنيا.
الثانية : ان الله تعالى لا يعطي العبد عطاءا مجانيا اطلاقا وهذا قانون ماشٍ بين جميع الناس حتى المعصومين (عليه السلام) وانما يحصل الثواب على العمل. واما بدون عمل فلا يحتمل حصول الثواب اصلا وفي الحكمة : (القدو الاول من العبد والثاني من الرب) وفي الحديث القدسي : (من تقدم الي شبرا تقدمت اليه ذراعا). ويعني ذلك انه لو لم يفعل العبد اي شيء ولم يبادر الى اي طاعة لا يحتمل ان يكون مستحقا للثواب.
اذن فضيافة الله في الاخرة منوطة بالعمل ومن هنا امر الله تعالى عباده ذلك عباده بالعمل على مختلف مستوياته وانواعه فشهر رمضان فيه الصوم وشهر ذي الحجة فيه الحج والاموال فيها ضرائب الزكاة والخمس وهكذا.
النقطة الخامسة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة) والعبارة وان كانت مطلقة للصائمين وغيرهم لانه يقول (نومكم فيه عبادة) يعني سواء كان الفرد صائما فعلا او لم يكن صائما الا انه لا يحتمل فقهيا ذلك بل هي خاصة بالصائمين فقط نومالصائمين عبادة وليس نوم المفطرين في شهر رمضان عبادة فقد اعطاهم الله تعالى (اي الصائمين) هذه المزية وهي ان نفسه بمنزلة التسبيح لله سبحانه وتعالى ونومه بمنزلة العبادة والمراد به النوم نهارا يعني خلال الصوم وليس ليلا خلال الافطار ومن الواضح ان اية عبادة لا تجتمع مع الصوم اذ كيف يتعبد الانسان وهو صائم الا مع الصوم فانه ينام وهو صائم فيكون متعبدا بهذا المعنى خلال نومه ونحوه في الشريعة ورد : (ان من توضأ ونام فان فراشه مسجده) يعني يكون في عبادة الى ان يستيقظ برحمة الله وفضله وهذه من رحمات الله على العباد وزيادة في فضله عليهم اكثر من الاستحقاق في الحقيقة الا ان هذا لايعني الاكتفاء بهذه العبادة يعني انا انام وازيد نومي بعنوان ان نومي عبادة هكذا قد تسول النفس الامارة بالسوء وطبقةمن المجتمع يفكرون فيه وانا هذا الذي اريد ان ارده . لا. ثم لا. الا ان هذا لا يعني الاكتفاء بهذه العبادة عن ذكر الله والدعاء والقرآن ويقول الفرد لنفسه انه ما دمت صائما ونفسي تسبيح ونومي عبادة اذن فينبغي ان اترك العبادات والمستحبات الاخرى واكثر من النوم لتكثر لي العبادة فانه ليس المقصود من الحديث ذلك بل المراد حسب فهمي ان الفرد الصائم التوجه الى الله والراغب بزيادة اجره وذكرالله سبحانه وتعالى قد يشعر بالخيبة والخسرة والتفريط اذا تعب من دعائه او قرآنه واحتاج الى النوم فتنقطع عبادته بالنوم فهنا يقول له رسول الله (صلى الله عليه واله) انك اذا نمت اعتبر الله نومك عبادة ايضا مثاله الفرد الذي كان ملتزما خلال دهره بعمل معين كصلاة الليل مثلا ثم حصلله مانع معين كالمرض او السجن او الشيخوخة او اية ضرورة فتركها متأسفا فانه يعطى ثوابها لا محالة ولعل هذا من الواضحات شرعا وحسب فهمي من الشرعيات قطعا فاذا كان انت متعبد في النهار حال يقظتك اعطاك الله نفس الثواب حال نومك كما انه ليس المقصود من هذه الرواية طلب زيادة النوم وترك الاعمال الاقتصادية او العلمية او الاجتماعية ونحو ذلك وخاضة اذا كانت محل ضرورة او كانت واجبة شرعا للنفقة واجبة مثلا او غيرها فان النوم في مثل ذلك يكون مرجوحا بل قد يصبح حراما اذا كان مفوتا لواجب كالصلوات الواجبة او النفقة الواجبة.
النقطة السادسة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (واذكروا بعطشكم وجوعكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه) وهذا الحديث له مرتبة علة ومرتبة معلول في لغتي واصطلاحي.
اما مرتبة العلة فان الجوع والعطش يذكر الانسان بامور عديدة وبتعبير آخر يذكر & او المصابين ومنها جوع وعطش العاملين في سبيل الله اذا وقعوا بمثل هذه الصعوبة ومنها جوع وعطش المضطرين التائهين في الصحراء او البر او الجبال او المسجونين ونحو ذلك كثير هذا في مرتبة العة اما في مرتبة المعلول فان كل واحد من هذه الافكار يعطي نتائجه المحمودة فتذكر جوع وعطش يوم القيامة يذكر بيوم القيامة نفسهواذا تذكر الفرد يوم القيامة والحساب والعتاب والعقاب وقف عند الذنوب واكثر من الطاعات وذكر الله سبحانه وحصل عنده الورع والتقوى وتذكر جوع وعطش الفراء والمسلمين بحيث الفرد بمقدار امكانه على قضاء حاجة المحتاجين واشباع المعوزين وهم كثيرون غالبا في المجتمعات وتذكر جوع وعطش المرضى والمضطرين بحيث الفرد على امرين احدهما السعي في قضاء حاجة المحتاجين مهما كانت ورفع ضرورة المضطرين من اخوانه المؤمنين بمقدار امكانه ثانيهما توجيه الحمد والشكر الى الله سبحانه بعدم الابتلاء والضرورة او هكذا تقول بعدم الابتلاء والضرورة والحاجة كما ابتلى به غيره كما ورد : (نعمتان مجهولتان الصحة والامان) وكلاهما في الحقيقة الصحة والامان من اعظم النعم ومبلغ شكرها الحقيقي وان كان هو الشكر اللفظي الا ان الواقع منه هو استغلالهما اعني الصحة والامان في طاعة الله واكتساب الطاعات وتكامل الايمان والسير في رضا الله سبحانه كما ورد في الحكمة لاحظوا .. هل سمعتم وهل اطعتم هذا الحديث الان اقرءه : (اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك).
بسم الله الرحمن الرحيم
اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة السادسة والثلاثون 28 شعبان 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الهي ربيتني ونعمك واحسانك صغيرا ونوهت باسمي كبيرا فيا من رباني في الدنيا باحسانه وتفضله ونعمه واشار لي في الاخرة الى عفوه وكرمه معرفتي بك يا مولاي دليلي عليك وحبي لك شفيعي اليك وانا واثق من دليلي بدلالتك وساكن من شفيعي الى شفاعتك ادعوك يا الهي بلسان قد اخرسه ذنبه ربي اناجيك بقلب قد اوبقه جرمه ادعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا اذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت واذا رأيت كرمك طمعت فات عفوت فخير راحم وان عذبت فغير ظالم حجتي يا الهي في في جرأتي في مسألتك مع اتياني ما تكره جودك وكرمك وعدتي في شدتي مع قلة حيائي رأفتك ورحمتك وقد رجوت الا تخيب بين ذين وذين منيتي فحقق رجائي واسمع دعائي يا خير من دعاه داع وافضل من رجاه راج عظم يا سيدي املي وساء عملي فاعطني من عفوك بمقدار املي ولا تأخذني باسوء عملي فان كرمك يدل عن مجازاة المذنبين وحلمك يكبر عن مكافأة المقصرين وانا يا سيدي عائذ بفضلك هارب منك اليك متنجز ما وعدت من الصفح عمن احسن بك ظنا وما انا يا رب وما خطري هبني بفضلك وتصدق علي بعفوك اي ربي جللني بسترك واعفو عن توبيخي بكرمك وجهك فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته لا لانك اهون الناظرين واخف المطلعين بل لانك يا رب خير الساترين واحكم الحاكين واكرم الاكرمين ستار العيوب غفار الذنوب علام الغيوب تستر الذنب بكرمك وتؤخر العقوبة بحلمك اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك واكرم تحياتك واعظم الائك كماصليت وباركت وترحمت وتحننت على تمننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
((يا ايها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فاقيموا الصلاة واتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير))
من الامور التي يشير اليها النبي (صلى الله عليه واله) في خطبته استحباب ان يفطر الفرد صائما وهذا المعنى شامل للصائم وغيره، يعني يسحب لك ان تفطر صائما سواء كنت صائما ام لم تكن وهذا يدخل في الحقيقة في المنهج الاسلامي العام لقضاء حاجة المحتاجين فليس من العدل والانصاف ان يكون فطور طبفة من الناس اطايب الطعام والشراب وفطور طبقة اخرى يكون متواضعا جدا وان لا يجد له افطار اطلاقا فمقتضى العدل الاسلامي هو تساوي هاتين الطبقتين مهما امكن وذلك ان الله تعالى امر الاغنياء بالاعطاء الى الفقراء في كثير من تعاليمه الواجبة والمستحبة كالزكاة والخمس والفدية والكفارة والعتق ووجوب انقاذ المضطر واستحباب الصدقة واستحباب قضاء حاجة المحتاجين واحيانا وجوب قضاء حاجة المحتاجين وغير ذلك كثير حتى ان تقسيم الارث بين الورثة يدخل في ضمن ذلك كما قال تعالى : ((كي لا تكون دولة بين الاغنياء منكم)) ومع ذلك نجد طبقات من الناس دنيوين يدعون الاشتراكية بمختلف اتجاهاتها وتفاسيرها في حين ان الاسلام بل ان خط الانبياء كله انما هو على ذلك وعلى الشفقة على الفقراء والمحتاجين مع هذا الفارق الرئيسي بين الجماعتين الجماعة الدنيوية والجماعة الدينية وهو ان دعاة الجماعة الاشتراكية الدنيوين يعيشون عيشة مرفهة قد نالوا الشهرة والزعامة والمال بعنوان انهم دعاة الى مسلك معين او مصلحة اجتماعية معينة في حين ان الانبياء والاوصياء والمعصومين عموما يغلب على حياتهم الزهد والتقشف وشظف العيش واغلبهم كانوا من قبيل الرعاة او الفلاحين كما قال تعالى نقلا عن احد الانبياء : (وما كنت لاخالفكم الى ما انهاكم عنه)) يعني انني حينما امركم بشيء او انهاكم عن شيء فليس هذا لكم فقط بل هو لي ايضا وواجب علي ضمنا وانا اولى من ان افعله واطبقه منكم وقال عن موسى (عليه السلام) : (وانا اول المؤمنين)) وقال امير المؤمنين (عليه السلام) ما مضمونه : (كيف ارضى لنفسي ان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم (يعني لا اشارك المؤمنين طبعا) شظف العيش وقساوة الحياة) ولم يقصر هو في ذلك بل كانت كل حياته (عليه السلام) مبنية على الزهد المكثثف والابتعاد عن الدنيا وما فيها ومن الاحاديث الواردة في فضل الصوم (انه جنة من النار وعاصم منها) ولا شك ان الاعم الاغلب من الناس يشعرون باستحقاقهم للنار نتيجة للذنوب والعيوب والقصور والتقصير الذي مر به في حياته ومن هنا فتح الله فرصا عديدة كما قلت للوقاية من العذاب وتجنب نتائج الذنوب لانه سبحانه خلق خلقه للرحمة وليس للعذاب ولا يكون العذاب الا في اخر مرحلة عند الياس من العبد تماما كما في المثل: (آخر الدواء الكي). ومن هنا تتعجب ملائكة جهنم في مجيئه وتقول لهم: ((ما سلككم في سقر)) ولماذا جئتم هنا مع ان الله تعالى خلقكم من اجل الجنة ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)) فكان من الطبيعي ان تذهبوا الى الجنة لا ان تأتوا الى النار فيكون جوابهم بالاعتراف بالذنب قالوا : ((لم نكن من المصلين ولم نكن نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين فما نفعتهم شفاعة الشافعين)) لان شفاعة الشافعين للمرضي لله سبحانه وتعالى ((ولا يشفعون الا لمن ارتضى)). وعلى اي حال فقد جعل الله تعالى فرصا عديدة وموانع كثيرة للمؤمن عن النار كالبكاء خوفا من الله تعالى كما ورد بما مضمونه : (دمعة واحدة خوفا من الله تطفيء بها النار) يعني على قلة رطوبة الدمعة فانها تطفيء كثيرا من النار بفضل الله ورحمته وقدرته وكذلك قوله : (الصوم جنة من النار( فاذا صام القرد ووجوبا او استحبابا كان ذلك سببا لغفران ذنبه وستر عيبه ووقايته من جهنم وصعوده في درجات الجنان.
من الاحاديث الواردة في فضل الصوم ما ورد في الحديث القدسي عن الله سبحانه وتعالى : (الصوم لي وانا اجزي به) وانا رويته في جمعة سابقة وقرأته بالالف المقصورة (الصوم لي وانا اجزى به) وقال لي احد فضلاء الحوزة ولعله حاضرا الان جزاه الله خيرا ان هذا غير ممكن وان احتمالات الحديث (اجزي) بالياء وفتح الالف او (اجزي) بالياء وضم الالف واما (اجزى) فلا يصح لان الله غني عن العالمين لان الله لا يجزى بشيء جل جلاله. لاحظوا .. وهذا معناه بوضوح انه لم يقرا ما كتبته في فقه الاخلاق الجزء الاول عن هذا الحديث حيث قلت هناك هكذا اقول : هذا بينما ترى الصوم خاليا من اي طرف آخر من العبادات التي لها اطراف المصلي يروه الناس ودافع الزكاة يأخذها الفقير او الحاكم الشرعي الخمس يأخذه الفقير او الحجاكم الشرعي الصوم فقط لله سبحانه وتعالى ولا يراه احد ولا يسمعه احد ولا يلمسه احد اطلاقا سبحان الله خالية من اي طرف آخر.
من هنا يمكن ان يكون الصوم عبادة سرية عن كل البسر لا يطلع عليها الا خالقها سبحانه وتعالى وفعلا نجح الكثيرون ممن يودون كتم عباداتهم بالاسرار بهذه العبادة المباركة ومن هنا ورد في الحديث القدسي : (الصوم لي وانا اجزي به) اما ان الصوم لله سبحانه وتعالى فلانه يمكن ان يكون مكتوما عمن سواه كما عرفنا فيتمحض لله عز وجل ويكون خاليا من الرياء والدوافع الدنيوية جميعا واما سائر العبادات فقد لا تكون لله او لا تتمحض له عز وجل بالشكل التام المرضي له سبحانه وتعالى لان لها مظاهر خارجية التي يمكن ان يطلع عليها الاخرون صحيح ان الصوم يمكن ان يعلن كما ان الصلاة يمكن ان تكتم او اية عبادة اخرى الا ان الافضلية مع ذلك تبقى للصوم لانه اسهل كتمانا من غيره ولا يوجد فيه اي مظهر يمكن الاطلاع عليه واما قوله في الحديث القدسي (وانا اجزي به) فقد تقرأه بالبناء على الفاعل (أُجزي) وقد تقرأه بالبناء على المفعول او المبني للمجهول (أَجزى) اما اذا بنيناه على المعلوم فيكون لهذه الفقرة عدة اساليب من الفهم نذكر بعضها:
الاسلوب الاول : (أجزي). ان الله سبحانه يجزي على الصوم يعني يعطي الثواب عليه وبهذا لا يفترق الصوم عن غيره من العبادات التي يعطي الله عليها انواع المثوبة ومعه تكون هذه الفقرة غير خاصة بالصوم (انا اجزيء به) هو يجزي على كل العبادات ومعه تكون هذه الفقرة غير خاصة بالصوم والفقرة الاولى خاصة به الصوم لي خاصة بالصوم وانا اجزيء به عامة لكل العبادات بناءا على هذا الاسلوب من التفسير.
الاسلوب الثاني : ان الله تعالى يستقل دون عباده وخلقه من الملائكة او الاولياء او غيرهم يستقل باعطاء الجزاء للعبد الصائم لان الحديث في الصوم باعطاء الجزاء للعبد فبينما يكون جزاء العبد في سائر العبادات على الخلق وبواسطة الخلق فانه يكون في الصوم على الله مباشرة (انا اجزيء به) وهذا يعني عدة امور منها كثرة العطاء طبعا لان العطاء الوارد من الله سبحانه لا شك هو اجزل من الوارد من المخلوقين وان انتسب ذلك ايضا الى الله تعالى في نهاية المطاف ومنها كتم العطاء عن الاخرين فما ان العبد في الصوم يعطي لربه عبادة مكتومة لذلك الله يعطي لعبده ثوابا مكتوما عن الاخرين وهذا فيه لذة للعبد معنوية لا يعرفها الا ذووها هذا اذا بنينا الفقرة في الحديث الشريف للفاعل المعلوم اقول (اجزي)، واما اذا بنيناها للمجهول (أُجزى) فستكون المسألة الطف واعجب لان معنى قوله (وانا أُجزى به) ان الصوم بنفسه سيكون جزاءا من العبد لربه على نعمه وافضاله والله سبحانه غني عن العالمين لا يمكن اليه النفع والجزاء من احد وانما هو معنى مجازي يمثل اهمية الصوم الى درجة تصلح ان تكون لله عز وجل بازاء نعمه اللامتناهية والائه المتواترة المستمرة ومن هنا نرى ان في الحديث تفخيما من جهة اخرى وهي ان الاء الله سبحانه وتعالى غير محدودة فلا يمكن ان يكون جزاؤها عبادة محدودة مهما كانت صفتها وانما ذلك اعطاء والتفخيم والاهمية للصوم الى هذه الدرجة الى حد جعله وكأنه عبادة غير محدودة بحيث يوازي ويساوي النعم غير المحدودة لله سبحانه وتعالى ولكن لا ينبغي ان ننسى ان ما جعله الحديث الشريف جزاءا لنعم الله سبحانه ليس كل صوم بطبيعة الحال بل لبصوم المكتوم حيث قال (الصوم لي) يعني الذي لا يعلمه غيري ومن الممكن القول بهذا الاعتبار ان العبادة مع تمحضها لله عز وجل ستكون من الناحية المعنوية غير محدودة بخلاف العبادة التي تشوبها الشوائب فانها ستكون عبادة محدودة او بالاحرى هزيلة لا تصلح لان تكون جزاءا لنعم الله العظيمة. فاذن الصوم المكتوم لا محدود فيمكن ان يكون جزاءا للنعم غير المحدودة هكذا بفضل الله ولا يخفى على كل حال ان في هذا تسامحا من جهة الله سبحانه وتعالى ورحمة من قبله لعبده اكثر من استحقاق المورد مهما كان عظيما لان الله عز وجل لا يمكن حقيقة ان تجازى الائه او تشكر نعمائه او يطاع حق طاعته او يذكر حق ذكره كما ورد في الاخبار واما قول هذا الواحد من فضلاء الحوزة بان امر هذا اللفظ مردد بين فتح الهمزة وضمها (أجزيء) و(أُجزيء) فهو قابل للمناقشة فـ(أُجزيء) لا معنى له حبيبي .. بل يتعين بالفتح (أجزيء) لانه من الثلاثي جزى يجزي واما الضم فلا يكون الا للرباعي او المزيد كادحرج واطعم من دحرج واطعم ولم يرد المزيد من هذه المادة فانه يقال جزى ولا يقال أجزى فيكون منه المضارع أجزي وانما يكون ذلك من الاجزاء لا من الجزاء وهو معنى اخر اجنبي عن المقصود في الحديث قطعا.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 43  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:10 PM


الجمعة السابعة والثلاثون 6 رمضان 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
كما ادينا الطاعة في الاسابيع السابقة لله سبحانه وتعالى نؤدي الطاعة في هذا الاسبوع بعنوان كلا لاجل رفض الباطل واهل الباطل. فقولوا معي ثلاثا..
كلا كلا للباطل ..
كلا كلا امريكا ..
كلا كلا اسرائيل ..
كلا كلا استعمار ..
كلا كلا استكبار ..
كلا كلا يا شيطان ..

اللهم هذا شهر رمضان الذي انزلت فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وهذا شهر الصيام وهذا شعر القيام وهذا شهر الانابة وهذا شهر التوبة وهذا شهر المغفرة والرحمة وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة وهذا شهر فيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر اللهم فصل على محمد وال محمد واعني على صيامه وقيامه وسلمه لي وسلمني فيه واعني عليه بافضل عونك ووفقني فيه لطاعتك وطاعة رسولك واوليائك على الله عليهم وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك وعظم لي فيه البركة واحسن لي فيه العاقبة واصح فيه بدني واوسع لي فيه رزقي واكفني فيه ما اهمني واستجب لي فيه دعائي وبلغني فيه رجائي اللهم صل على محمد وال محمد واذهب عني فيه النعاس والكسل والسأم والفترة والقسوة والغفلة والغرة وجنبني فيه العلل والاسقام والهموم والاحزان والاعراض والامراض والخطايا والذنوب واصرف عني فيه السوء والفحشاء والجهد والبلاء والتعب والعناء انك سميع الدعاء اللهم صل على محمد وال محمد واعذني فيه من الشيطان الرجيم وهمزه ولمزه ونفثه ونفخه ووسوسته وتثبيطه وبطشه وكيده ومكره وحبائله وخدعه وامانيه وغروره وفتنته وشركه واحزابه واتباعه واشياعه واوليائه وشركائه وجميع مكائده اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك واكرم تحياتك كما صليت وباركت وترحمت وتحننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
((لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا اوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمان اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون)).
من جملة اللمشاكل التي مر بها الشعب العراقي خاصة والمجتمع في العالم عامة القصف الامريكي الذي تعرض له المجتمع هنا ولا ينبغي ان تكون الحوزة الناطقة المجاهدة ساكتة عن ابداء رأيها فيه ولا شك انه لا يمكن ابراز جميع النتائج المتيسرة والعبر المتوفرة ولكن نقول بمقدار ما هو ممكن وعلى الله التوكل في الشدة والرخاء وذلك ضمن عشرة نقاط :
النقطة الاولى : ان هذا الوضع العالمي القائم على انقاض ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي والذي سمته امريكا في حينه بالنظام العالمي الجديد انما هو نظام استعماري مشؤوم قائم على تفرد امريكا بالعالم وهيمنتها عليه وفرض ارادتها على كل جهاته من دول وشعوب واحزاب ومنظمات. وكل من يخالفها فانهخا تكيل له الصاع صاعين كما يعبرون. هذا النظام يجعل منها الطاغوت الاول والشيطان الاكبر ويخرجها عن الانسانية وحسن التصرف الى الظلم الكاملو الطغيان المحض.
النقطة الثانية :ان امريكا وان زعمت تحكيم سيطرتها على كل العالم حتى اصبح العالم تجاهها كالقرية الصغيرة كما يعبرون الا انها لن تستطيع ازالة ايمان المؤمنين وقوة الشجعان المجاهدين فانها ان استطاعت السيطرة على اجسادنا فانها لن تستطيع السيطرة على قلوبنا وعقولنا ونفوسنا ((ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)).
النقطة الثالثة :انها انما تتذرع بالسلاح الدنيوي الذي مهما بدى لنا مهما وعظيما فانه مؤت وزائل لانه انما يمثل طرف الدنيا وما فيها ومن فيها وهو طرف مضمحل وهين وحقير واما المؤمنون فناصرهم الله سبحانه وتعالى كما قال في كتابه الكريم ((ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)) وهم المؤمنون واثقون به ومعتصمون به ومتوكلون عليه ويعلمون انهم لم يخلقوا لهذه الدنيا الفانية بل لاجل الاخرة الباقية وفي الرواية (ان الدنيا والاخرة ضرتان لا تجتمعان)) وكذلك فان الحوزة والاستعمار ضرتان لا يجتمعان).
النقطة الرابعة : ان امريكا تحاول تسخير اكبر مقدار من عدد الدول تحت ارادتها وسيطرتها وربما كل الدول على الاطلاق وكل من وافق على ذلك وتعاون معها فهو لعبة في يديها وتحت استعمارها بكل تاكيد حتى الدول الاوربية التي تود الاستقلال عن النظام الامريكي فانها تبدو في كثير من الاحيان لعبة بيد هذا النظام المشؤوم فمثلا بريطانيا التي كانت لها الزعامة في العالم حتى كانت تسمي نفسها بريطانيا العظمى اصبحت الان مستعمرة بسيطة بيد امريكا تستخدمها متى تشاء لانجاز مصالحها الخاصة وفي اعتقادي ان هذا منها تنازل مقيت وذلة لا موجب لها.
النقطة الخامسة :اننا نعتقد ان هذا النظام الظالم غير دائم بل هو الى زوال مهما كانت نتائجه وذلك من عدة جهات منها:
اولا : انه يقول في الحكمة: (ان الظلم لا يدوم).
ثانيا : ان الله تعالى يهلك ملوكا ويستخلف آخرين.
ثالثا : انها الان وبكل وضوح موكولة الى نفسها وملتفتة الى جبروتها فتكون مصداقا واضحا من قوله تعالى : ((حتى اذا اتخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا نهارا او بياتا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس)). اذا فهذا الوعد آت من الله سبحانه وتعالى لا محال لوكن الجدل في كونه قريبا او بعيدا.
رابعا : انن انعتقد ان مستقبل البشرية الى خير وصلاح وعدالة حينما يظهر القائد المنتظر فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ولن يقوم اي ظلم ولا الى اي قسوة بعدها قائمة ولا امريكا ولا غيرها وفي الروايات ما يدل على ان اليهود سيعانون من الذلة والقسوة بيد المؤمنين قبل ذلك حتى ان الحجر ينادي المؤمن ويقول هذا يهودي خلفه فاقتله.
النقطة السادسة : ان امريكا تريد بهذه الاعمال ان تجعل عدوها كبش الفداء بحيث يكون عبرة للعالم كله باعتبار انها كما صنعت به يمكنها ان تصنع بغيره وبذلك تضرب حجرين في هدف واحد وليس بازاء ذلك الا قوة الارادة وقوة الايمان والصمود والاتحاد ضد هذا النظام الغاشم الظالم عن الوجود.
النقطة السابعة : حسب علمي فان الامر بالهجوم في اي وقت وعلى اية دولة موكول الى القرار الذي يصدره الرئيس الامريكي الموجود في اي وقت وهذا يعني ان القرار الظالم سوف يعود بالحكمة الالهية والقدرة الالهية على نفس هذا الرجل الذي اصدر هذا القرار بالوبال والخسران كما سبق ان حصل فعلا لكارتر وبوش بما فعلا من مظالم على المؤمنين في الشرق المسلم لا اقل اننا نلتفت ان من حق اي رئيسي امريكي ان ينتخبلفترتين من الرئاسة في حين يخسر الظالم منهم فترته الثانية بكل تاكيد بقدرة الله وحسن توفيقه كما خسرها كارتر وبوش فعلا (كولوا لا !) وهذا ما يتوقع حصوله لكلنتون بالتاكيد بل الامر اكثر من ذلك فانه من المتوقع ان يحاكمه مجلس الشيوخ الامريكي لفضيحة اخلاقية ويعزله عن الرئاسة ويخسر حتى فترة رئاسته الاولى فضلا عن الثانية.
النقطة الثامنة : اننا نجد باستورار ان كل مؤامرة يقوم بها الغرب والاستعمار ضد الايمان والمؤمنين فان الله تعالى يجعلها حسرة في صدورهم ويجعل نتائجها الى مصلحة الدين وشريعة سيد المرسلين وهذا ما رأيناه في القريب والبعيد مما حصل من دسائس ومشاكل حتى هذا القصف الامريكي الاخير فنه طور المؤمنين بفضل الله سبحانه وتعالى عقليا ونفسيا وايمانيا وفتح اعينهم على حقائق كان يمكن ان تكون غائمة او مجهولة فيما سبق ونشعر فعلا انه سبب عزة الحوزة والمذهب وشجاعتها وحدية هدفها اكثر من ذي قبل وان خسأ الكافرون.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة السابعة والثلاثون 6 رمضان 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لحمده وجعلنا من اهله لنكون من احسانه من الشاكرين وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين والحمد لله الذي حبانا بدينه واختصنا بملته وسبلنا في سبل احسانه لنسكها بمنه الى رضوانه حمدا يتقبله منا ويرضى به عنا والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان شهر الصيام وشهر الاسلام وشهر الطهور وشهر التمحسص وشهر القيام الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فابان فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من البركات بما جعل له من الحرمات الموفورة والفضائل المشهورة فيحرم فيه ما احل في غيره اعظاما وحجر فيه المطاعم والمشارب اكراما وجعل له وقتا بينا لا يجيز جل وعلى ان يقدم قبله ولا يقبل ان ان يؤخر عنه ثم فضل ليلة واحدة من لياليه على ليالي الف شهر وسماها ليلة القدر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام دائم البركة الى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما احكم من قضائه اللهم اني اسألك بحق هذا الشهر وبحق من تعبد لك فيه من ابتدائه الى وقت فنائه من ملك قربته او نبي ارسلته او عبد صالح اختصصته ان تصلي على محمد واله واهلنا فيه لما وعدت اوليائك من كرامتك واوجب لنا فيما اوجبت لاهل المباغة في طاعتك واجعلنا في نظم من استحق الرفيع الاعلى برحمتك اللهم صل على محمد واله وجنبنا الالحاد في توحيدك والتقصير في تمجيدك والشك في دينك والعمى عن سبيلك والاغفال لحرمتك والانخداع لعدوك الشيطان الرجيم اللهم صل على محمد وال محمد واذا كان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقاب يعتقها عوك او يهبها صفحك فاجعل رقابنا من تلك الرقاب واجعلنا لشهرنا من خير اهل واحاب بسم الله الرحمن الرحيم ((افمن اسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير امن اسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين * لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم الا ان تقطع قلوبهم والله عليم حكيم.
نستمر في تلاوة الخطبة السابقة ..
النقطة التاسعة : انه من الواضح في التجربة ان كل حروب امريكا ومؤامراتها نها تجارية تفتعلها لاجل استنزاف الشعوب البائسة اتصاديا واجتماعيا لاجل ايفاء النقائص التي قد تحصل في ميزانيتها خلال اي عام وبالطبع انه كما قيل في الحكمة (ان السياسة لا قلب لها) فكلما كان الامر يجر لها نفعا اندفعت نحوه وورطت نفسها فيه سواء مع اعدائها او مع اصدقائها على حد سواء وتعود النتائج السلبية حقيقة على الشعوب المظلومة المهتضمة عامة وعلى المؤمنين خاصة وهي متعمدة في ذلك.
النقطة العاشرة : انهم زعموا ان القصف قد حقق اهدافه وقد كذبوا وانما كان انتهاؤه تنازلا وتخاذلا من قبلهم. نعم هو قد حقق اهدافه في الحكمة الالهية من حيث لا يدرون من باب ما نسمع من الحديث القدسي الذي يقول : (الظالم جندي انتقم به انتقم منه) فهو كما كان انتقاما للذنوب والعيوب الكثيرة المتفشية في المجتع يكفي ان نلاحظ ونلتفت اننا قد قصرنا تجاه الامام الحسين (عليه السلام) فجاء رد الفعل في الحكمة الالهية سريعا وقويا وننتظر من رحمة الله سبحانه وتعالى ان يطبق الفقرة الثانية من هذه الحكمة لانه يقول (انتقم به وانتقم منه).
نعود الان الى ما كنا بدأنا به في الجمعة السابقة من شرح خطبة النبي (صلى الله عليه واله) التي القاها بمناسبة بدء شهر رمضان المبارك.
قال (صلى الله عليه واله) كما في الرواية : (يا ايها الناس من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه).
وكل هذه الكلمات حكم وخصائص ونصائح لا ينبغي ان تعداها حتى نعرف شيئا من فحواها. اشار (صلى الله عليه واله) كما في الرواية في اول فقرة من هذا الذي نقلناه الى حسن الخلق في هذا الشهر وتحسين الخلق وان كان يعني عرفا مجرد المجاملة مع الاخرين وهو لا شك من مصاديقها وتطبيقاتها الا ان المسأل اوسع من ذلك بطبيعة الحالفانه بحسب فهمي يعني وضع الشيء او التعرف في موضعه المناسب له وهذا هو العدل او العدالة فحسن الخلق مسواق للعدالة او مساواق مع العدالة. والعدالة وان شملت الاخرين بطبيعة الحال من اصدقاء واعداء واسرة واخوة وغير ذلك فان المفروض في الفرد المؤمن ان يكون عادلا في علاقاته مع اي شخص ويطبق رضا الله سبحانه وتعالى وتعاليم شريعته في كل مجتمع الا اننا ينبغي انت نلتفت الى ان العدل غير خاص هذا المورد بل له موارد اخرى بل لعلها هي الموارد الاهم والاعظم وهي العدل في علاقتك بنفسك والعدل في علاقتك بربك والعدل في علاقتك باوليائك عليهم افضل الصلاة والسلام.
اما علاقتك بنفسك فالنفس متكونة من عقل وقلب وشهوات ونحو ذلك ولكل من هذه الملكات نظامها العادل الالهي الذي يجب اتباعه والسير على نظامه واتباع التكامل الحيقي النوراني له حتى يصبح الفرد المؤمن ممن يحبهم الله ويحبونه ويكون في مقعد دق عند مليك مقتدر.
واما علاقتك بربك فهي الاهم على الاطلاق وانما كل العلاقات الاخرى مبنية عليها ومنتجة اليها ولولاها لما كان لها اي معنى او اي مبنى. وهذه العلاقة المقدسة لها مراتب بطبيعة الحال.
اولها : مجرد الاعتقاد بوجود الله وتوحيده.
الثانية : محاولة طاعته في الجملة فيكون الفرد عندئذ ممن عمل عملا صالحا وآخر سيء.
الثالثة : محاولة طاعته بالالتزام ببالاتيان بجميع الواجبات والكف عن جميع المحرمات وهنا ينفتح باب الخيرات والرحمة الالهية لان الفرد عندها يكون من المحسنين والله تعالى يقول : ((ان رحمة الله قريب من المحسنين)) ومن هنا نسمعه يوقل كما في الرواية في نتائج ذلك (من حسن في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام) فان الجواز على الصراط يعني الذهاب الى الجنة والى رضاء الله سبحانه. وزلل القدم يعني السقوط في هاوية جهنم او هاوية الرذائل ايا كانت. ومن الطبيعي والمعقول جدا ان من كانت علاقته عادلة بينه وبين ربه وبينه وبين نفسه وبينه وبين الاخرين اذن فهذا هو بعينه ثبات القدم على الصراط والجواز عليه الى الجنة فان هذا الفرد لا شك انه يكون اهل لذلك بخلاف الاخرين الذين تنقص عدالتهم او تنتفي بالمرة او يتورطون في مختلف انواع الزلل والفجور والعياذ بالله.
يبقى سؤال واحد يحسن عرضه والجواب عليه وهو انه (صلى الله عليه واله) كما في الرواية (من حسن في هذا الشهر خلقه) مع ان تحسين الخلق ليس له اختصاص بالصوم او بشهر رمضان بل هو واجب وراجح على اية حال وفي كل زمان ومكان ومطلوب من كل الافراد.
وجوابه ان هذا يعني احد امور :
الامر الاول : ان ضم عبادتين الى عبادة واحدة اولى عند الله واكثر ثوابا من القيام بعبادة واحدة وهذا ينبغي ان يكون واضحا. وفي شهر رمضان اذا انضم الصوم الى حسن الخلق او نقول اذا انضم حسن الخلق الى الصوم كان افضل من احدهما لا محالة.
الامر الثاني : ان المناسبات الدينية من مكانية وزمانية تجعل للطاعة فضل اكثر من غيرها فمثلا ان الصوم في شهر رمضان افضل من غيره فكذلك حسن الخلق يكون في شهر رمضان او اي عبادة اخرى كالصلاة او ضاء حاجة المحتاجين يكون فيه افضل من غيره كما انها في المسجد تكون افضل وهكذا فيكتسب بذلك حسن الخلق في شهر رمضان اهمية عالية وكذلك سائر الاعمال الصالحة المذكورة في هذه الخطبة النبوية الشريفة.
الامر الثالث : ان الفرد الصائم قد يلتفت الى تفاصيل الشريعة ودقائقها اكثر من غيره لانه يرى نفسه في طاعة مستمرة بصفة صيامه فيرغب بطاعة اكثر ويلتفت الى جهات اخرى منها ومن هنا ينبهه النبي (صلى الله عليه واله) الى حسن الخلق وغيره فيكون اول التفاته الى ذلك خلال شهر رمضان ليستمر عليه بعد انقضائه ايضا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * اياك نعبد واياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين انعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 44  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:11 PM


الجمعة الثامنة والثلاثون 13 رمضان 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
قولوا معي ثلاث مرات كما اقول باللغة الدارجة وليس بالفصيح ..
هذا هذا هدفنا ..
هذا هذا عملنا ..
هذا هذا امامنا ..
هذا هذا عدونا ..
هذه هذه حوزتنا ..
هي هي عزتنا ..
هي هي قائدنا ..
هي هي املنا ..
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ان هذا الشهر المبارك الذي انزل فيه القرآن وجعل هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان قد حضر فسلمنا فيه وتسلمه منا في يسر منك وعافية يا من اخذ القليل الكثير اقبل مني اليسير اللهم اني اسألك ان تجعل لي الى كل خير سبيلا ومما لا تحب مانعا يا ارحم الراحمين يا من عفى عني وعما خلوت به من السيئات يا من لا يؤاخذني بارتكاب المعاصي عفوك عفوك عفوك يا كريم. الهي وعظتني فلم اتعظ وزجرتني عن محارمك فلم انزجر فما عذري فاعفوا عني يا كريم عفوك عفوك اللهم اني اسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب عظم الذنب من عبد فليحسن التجاوز من عندك يا اهل التقوى واهل المغفرة عفوك عفوك. اللهم اني عبدك وبن عبدك وبن امتك ضعيف فقير الى رحمتك وانت منزل الغنى والبركة على العباد قادر مقتدر احصيت اعمالهم وقسمت ارزاقهم وجعلتهم مختلفة السنتهم والوانهم خلقا من بعد خلق ولا يعلم العباد علمك ولا يقدر العباد قدرك ولا يعلم العباد علمك ولا يقدر العباد قدرك وكلنا فقير الى رحمتك فلا تصرف عني وجهك واجعلني من صالح خلقك في العمل والامل والقضاء والقدر. اللهم ابقني خير البقاء واغنني خير الغناء على موالاة اوليائك ومعاداة اعدائك والرغبة اليك والرهبة منك والخشوع والوفاء والتسليم لك والتصديق بكتابك واتباع سنة رسولك اللهم ما كان في قلبي من شك او ريبة او جحود او قنوط او صرح او بذخ او بطر او خيلاء او رياء او سمعة او شقاق او نفاق او كفر او فسوق او عصيان او عظمة او شيء لا تحبه فاسألك يا ربي ان تبدلني مكانه ايمانا بوعدك ووفاءا بعهدك ورضا بقضائك وزهدا في الدنيا ورغبة فيما عندك واثرة واطمئنانية وتوبة نصوحا اسألك يا رب العالمين الهي انت من حلمك تعصى ومن كرمك وجودك تطاع فكأنك لم تعصى وانا ومن لم يعصك سكان ارضك فكن علي بالفضل جوادا وبالخير عوادا يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد واله صلاة دائمة لا تحصى ولا تعد ولا يقدر قدرها غيرك يا ارحم الراحمين.
الاية للموعظة
بسم الله الرحمن الرحيم
((واقترب الوعد الحق فاذا هي شاخصة ابصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين * انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون * ولو كان هؤلاء الهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهو فيها لا يسمعون * ان الذسن سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت انفسهم خالدون * لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون *)
لا شك ان الصوم بالمفهوم اللغوي اوسع بكثير من المفهوم الشرعي او المتشرعي. قال الراغب الاصفهاني في كتابه المفردات في غريب القرآن : الصوم في الاصل الامساك عن الفعل مطعم كان او كلاما او مشيا ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير او العلف الصائم.
قال الشاعر : خيل صيام واخرى غير صائمة.
وقيل للريح الراكدة يعني عن الحركة صوم وللاستواء النهار صوم تصورا لوقوف الشمس في كبد السماء ولذلك قيل قام قائم الظهيرة مقام الفرس ومصامته موقفه يعني المكان الذي يقف فيه او المكان المعد للوقوف فيه. قال والصوم في الشرع امساك المكلف بالنية من الخيط الابيض الى الخيط الاسود يقصد من الفجر الى الليل عن تناول الاطيبين (والظاهر انه يعني بهما الخبز واللحم) والاستمناء والاستقاء (هكذا عبارته) يعني الشرك واما قوله تعالى : ((اني نذرت للرحمن صوما)) فقد قيل عنى به الامساك عن الكلام بدلالة قوله تعالى : ((فلن اكلم اليوم انسيا)).
وفي لسان العرب لابن منظور عن التهذيب : الصوم في اللغة الامساك عن الشيء والترك له وقيل للصائم صائم لامساكه عن المطعم والمشرب والمنكح وقيل للصامت صائم لامساكه عن الكلام وقيل للفرس صائم لامساكه عن العلف مع قيامه والصوم ترك الاكل قال الخليل: والصوم قيام بلا عمل قال ابو عبيدة: كل ممسك عن طعام او كلام او سير فهو صائم والصوم البيعة ومصام الفرس ومصامته وقامه وموقفه. وقال امريء القيس :
كأن الثريا علقت في مصامها بامراس كتان الى صم جندل
ومصام النجم معلقه كأنما كانوا يتصورون ان النجم معلق في البرج او في السماء ومصام النجم معلقه باعتبار انه ثابت هناك لا يتحرك ظاهرا وصامت الريح ركدت وصام النهار صوما اذا اعتدل وقام قائم الظهيرة وبكرة صائمة اذا قامت فلم تدر كرة طبعا من نوع الجمل وبكرة صائمة اذا قامت فلم تدر قال الراجز شر الدلائل ولغت الملازمة والبكرات شرهن الصائمة يعني التي لا تدور البكرة التي لا تدور والتي لا تدر اذا كان نفثا للجمل فمن الحليب الدر واذا كان بكرة بمعنى الذي يلف عليه خيط البئر اذن فهي التي لا تدور صائمة.
اقول ومن هنا اتضح ان الصوم في اللغة اساسه مجرد الترك لاي نشاط او عمل سواء كان عمديا اختياريا ام لا فهو يشمل حتى غير الاختياري ولذا وصف به النهار ووصفت به الشمس لكن بشرط الاستمرار به لبرهة من الزمن ولا يكون ترك العمل للحظة او لحظات صوما لانه يكون من اي احد لاي عمل وليس هو بصوم بطبيعة الحال وانما الاستمرار بالترك لبرهة هو الصوم لغة طبعا.
واما اذا فهمنا الصوم من زاوية كونه طاعة لله سبحانه فسوف نزيد عليه عنصرا واحدا وهو النية اعني الانتساب الى الله سبحانه وكونه في سبيله اذن فليس كل ترك هو صوم شرعا والا كان كل من ترك الطعام او النكاح ولو باعتبار المرض او السجن او التيه او الفقر او اي سبب آخر صائما غير صحيح وهو فعلا صائم باعتبار المفهوم اللغوي الا انه لا اعتبار لصومه شرعا لانه ليس في سبيل الله نعم لو صبرعلى بعض انواع البلاء احتسابا لله سبحانه سبحانه كان مأجورا وينطبق عليه مفهوم الصوم بالمعنى العام او قل بالمعنى اللغوي ومن هنا فسر الصبر بالصوم لانه يتضمن الصبر على ترك بعض الامور المرغوبة للنفس غالبا وفسر الصبر في القرآن الكريم بالصوم في نحو قوله تعالى ((وسنجزي الصابرين اجرهم بغير حساب)) اي الصائمين. وليسوا هم صائمين بالمعنى المتشرعي ولكنهم مستمرين على ترك بعض الامور الدنيئة او الرديئة في سبيل طاعة الله سبحانه وهذا هو معنى الصبر طبعا ومن هنا انطبق عليه معنى الصيام.
والمهم اننا اذا اردنا فهم الصوم الشرعي بالمعنى الواسع قلنا هو الترك مع النية يعني ترك اي شيء اذا كان تركه لرضاء الله سبحانه وبطبيعة الحال لن يشمل ذلك الامور الراجحة والمطلوبة لان ترك ما هو راجح ومطلوب قبيح اولا وغير مرضي لله عز وجل ثانيا فلا يكون تركه مع النية او تركا في سبيل الله وانما يختص الصوم بهذا المعنى بترك الامور المرجوحة والقبيحة والمحرمة ومن ضمنها الامرو التي تناسب الشهوات والملذات الدنيوية والنفس الامارة بالسوء. ومن هنا قال بعض اهل المعرفة (الدنيا للمؤمن صوم يوم) يعني يكف فيها نفسه عن الشهوات والملذات والمحرمات برهة حياته القصيرة من اجل ان ينال الحياة الحقيقية في الاخرة حيث لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ومن هنا سمعنا رسول الله (صلى الله عليه واله) بحسب الرواية يقول في خطبته (يا ايها الناس من حسن خلقه في هذا الشهر كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ومن كفف فيهشره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه).
وبالنتيجة فالمؤمن لن يكون صائما خلال هذا الشهر عن الطعام والشراب والنكاح فقط بل عن كل الشهوات والاعتبارات التي تؤدي الى اثمه ونقصانه وعقابه حتى وان كان في ذلك ملذته الدنيوية وايفاء حاجته العاجلة.
واما قوله (ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه)فان الفرد قد يشعر بالانانية والتسلط فيظلم اولئك الناس الذين تحت امرته كائنا من كانوا ويكلفهم بعض المصاعب التي لا يطيقونها فيكون البلاء الواقع عليهم من ناحيته في ذمته يتكفله امام الله سبحانه وتعالى ومن هنا كان التخفيف عنهم وازالة المصاعب عنهم بمقدار الامكان هو الارجح شرعا له لان الرحمة بالناس من رحمة الله سبحانه وتعالى والله تعالى رحمن رحيم يحب رحمه وفاعل الرحمة.
والذين ملكت يمينه قد يفسر بالعبيد الذين يملكهم الفرد كما كان في المجتمعات السابقة ومعه يكون مضمون هذه العبارة والحكمة منتفيا الان لانتفاء وجود العبيد في هذه العصور الا ان الصحيح ان المراد من الملكية هنا السيطرة توكلت على الله رب العالمين القيادة او الرعاية كما في الحديث (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)ومن هنا قيل ان الفرد يملك البيع والشارء اي انه يستطيعهن ومسيطر عليهما في حدود الشرائط الشرعية طبعا وكذلك فان رب الاسرة يملك اسرته اي يسيطر عليها ومن جملة ذلك الزوجة ايضا يملكها اي يسيطر عليها ومن هنا ورد عن النبي هود عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام يقول عن زوجته بما مضمونه كما سمعنا في كتاب منة المنان (هي عدوي وانا ادعو لها بطول العمر لان عدوا املكه خير لي من عدو يملكني) يعني عدو انا مسيطر عليه خير لي من عدو هو مسيطر عليّ طبعا.
لاحظوا .. فاذا عرفنا ان المراد من الملكية وجود السيطرة وليس بالملكية بالمعنى السوقي او العرفي عرفنا ان من كان تحت السيطرة يكون مملوكا بهذا المعنى ولذا يقول (صلى الله عليه واله) كما في الرواية (من خفف عما ملكت يمينه) وهذا يشمل كل الحقول الخاصة والعامة فالمدرس مالك لطلابه والمدير مالك لعماله والمزارع مالك لفلاحيه ورب الاسرة مالك لاسرته وغير ذلك.
ومن هنا مفهم سعة قول النبي (صلى الله عليه واله) في كل المسيطرين والناس الذين تتم السيطرة عليهم وانه من الراجح شرعا وانسانيا ودائما ان يستعمل المسيطر طريقة الرحمة والعدالة فيمن يسيطر عليهم ولا يكلفهم ما لا يطيقون والا كان ظالما ومتجاوز على حقوقهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء والطارق * وما ادراك ما الطارق النجم الثاقب * ان كل نفس لما عليها حافظ * فلينظر الانسان مم خلق * خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب * انه على رجعه لقادر * يوم تبلى السرائر * فما له من قوة ولا ناصر * والسماء ذات الرجع * والارض ذات الصدع * انه لقول فصل * وما هو بالهزل * انهم يكيدون كيدا * واكيد كيدا * فمهل الكافرين امهلهم رويدا *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثامنة والثلاثون 13 رمضان 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي ليس له منازع يعادله ولا شبيه يشاكله ولا ظهير يعاضده قهر بعزته الاعزاء وتواضع لعظمته العظماء فبلغ بقدرته ما يشاء الحمد لله الذي يجيبني حين اناديه ويستر علي كل عورة وانا اعصيه ويعظم النعمة علي فلا اجازيه فكم من موهبة هنيئة قد اعطاني وعظيمة مخوفة قد كفاني وبهجة مونقة قد اراني فاثني عليه حامدا واذكره مسبحا الحمد لله الذي لا يهتك حجابه ولا يغلق بابه ولا يرد سائله ولا يخيب آمله الحمد لله الذي يؤمن الخائفين وينجي الصادقين ويرفع المستضعفين ويضع المستكبرين ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين والحمد لله قاصم الجبارين مبير الظالمين مدرك الهاربين نكال الظالمين صريخ المستصرخين موضع حاجات الطالبين معتمد المؤمنين الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الارض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله الحمد لله الذي يخلق ولم يخلق ويرزق ولا يرزق ويطعم ولا يطعم ويميت الاحياء ويحيي الموتى وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وامينك وصفيك وحبيبك وخيرتك من خلقك وحافظ سرك ومبلغ رسالاتك افضل واحسن واجمل واكمل وازكى وانمى واطيب واطهر واسنى واكثر ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على احد من عبادك وانبيائك ورسلك وصفوتك واهل الكرامة من خلقك اللهم وصل على علي امير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين عبدك ووليك واخي رسولك وحجتك على خلقك وآيتك الكبرى والنبأ العظيم وصل على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وصل على سبطي الرحمة وامامي الهدى الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة وصل على ائمة المسلمين علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف الهادي المهدي حججك على عبادك وامنائك في بلادك صلاة كثيرة دائمة. اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل (في الارجح ان تقوموا لذكر الامام (عليه السلام)).
اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل والعدل المنتظر وحفه بملائكتك المقربين وايده بروح القدس يا رب العالمين اللهم اجعله الداعي الى كتابك والقائم بدينك استخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله مكن له دينه الذي ارتضيته له ابدله من بعد خوفه امنا يعبدك لا يشرك بك شيئا اللهم اعزه واعزز به وانصر وانتصر به وانصره نصرا عزيزا وافتح له فتحا يسيرا واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا اللهم اظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة احد من الخلق. اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق واهله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
((وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا * حتى اذا جاؤوها وفتحت ابوابها وقال لهم خزنتها الم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا * قالوا بلى ولن حقت كلمة العذاب على الكافرين * قيل ادخلوا ابواب جهنم خالدين فيها * وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا * حتى اذا جاؤوها وفتحت ابوابها وقال خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين * وقالو الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض ننتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين * وترى الملائكة حافين حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين *))
نستمر فيما قلناه في الخطبة الاولى فنقول ويمكن تفسير هذه العبارة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) بتفسير آخر وهو قضية ما ملكت يمينك فهذا الذي عرفناه واخرى واخرى نفهم منه المال & فان ذلك مرجوح اخلاقيا حتى مع دفع الحقوق الشرعية فضلا عن عدم دفعها كما ورد (ما اجتمع درهمان الا من شح او حرام) وقال تعالى ((ومن يوق شح نفسه)) يعني يوق شح نفسه بالمال يكون سخيا وباذلا له في سبيل الله وفي سبيل الاخرين.
المعنى الثاني : التخفيف من الصرف والبذخ في اطايب الطعام وجميل اللباس والمنازل اعالية والمراكب الفارهة فان ذلك ان كان مع اهمال الدين وترك الورع كان حراما حقيقة وعليه عقوبة فعلية فان كان مع دفع الحقوق الواجبة كان الحرص على الباقي على الزائد عن الحاجة مرجوحا حقا من الناحية الاخلاقية والانسانية كما سمعنا فيما روي عن امير المؤمنين (عليه السلام) بما مضمونه (كيف ارضى ان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم جشوبة العيش).
ثم يقول (صلى الله عليه واله) كما في الرواية (ومن كف شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) فانه من الواضح ان اي فرد يستطيع ان يصنع الشر لغيره كما ان من الواضح ان الشر الوارد على الفرد على قسمين لانه قد يكون على استحقاقه ومطابق للعدل كدفاع المظلوم والحدود والديات والتعزيرات الشرعية وقد لا يكون على استحقاقه فيكون ظلما محرما وذلك كسائر المظالم التي نراها تقع بين الناس. فهنا يوصي النبي (صلى الله عليه واله) او نقول الافراد سواء كان الفرد صائما او لم يكن ان يكف شره عن الناس او قل عن الاخرين لكي يكف الله عنه غضبه يوم يلقاه وهذا معناه اولا الكف الظلم عن الاخرين وهذا النوع من الشر اي الظلم طبعا محرم على كل حال سواء كان من الصائم او من غيره وسواء كان في شهر رمضان او في غيره. لاحظوا .. حتى الغيبة البسيطة والكذب البسيط فضلا عن غيره ومن المعلوم ان ترك هذا الحرام كغيره موجب لرضا الرب سبحانه وتعالى. ثانيا : ان الفرد اذا كان له حق على الاخرين ومن حقه استيفاءه كالدين مثلا فليؤجله فان في ذلك زيادة في الحسن العقلي والرفعة الاخلاقية فهو اما ان يؤجله الى الابد ان يترك استيفاءه اي استيفاء حقه اطلاقا زهدا في الدنيا وطمعا برضا الله سبحانه وتعالى كما قيل في الحكمة : (العفو عند المقدرة). واما اذا كان حريصا على حقه فلا بأس ولكن الافضل له تاجيله عن شهر رمضان المبارك فان في هذا التاجيل رضا الله سبحانه وتعالى ايضا وان الاشتغال بالعبادة فيه خير من الاشتغال باستيفاء الحقوق الدنيوية ولا شك ان مثل هذه الاعمال تعيق عن التوجه الحقيقي المطلوب في شهر رمضان وهذا لا يختلف فيه ايضا الصائم عن المفطر وخاصة اذا كان مفطر عن عذر شرعي وهذا من معاني ما سمعناه (ومن كف شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه).
ثالثا : ان الشر ليس خاصا بالانسان بل هو واقع او في الامكان ان يقع على الحيوان ايضا. والشر الواقع من الانسان على الحيوان منه ما يكون حراما ومنه ما يكون جائزا والظاهر فقهيا ان اغلبه جائز على اي حال كالتذكية للحيوان ماكول اللحم كالغنم والبقر ولكن اطلاق العبارة تشمله فيكون المفهوم منها ان من كف شره عن الحيوان بكل انواع الشر فهو الافضل اخلاقيا والاعلى ايمانيا وهذا عاما وان كان عاما لشهر رمضان وغيره الا انه خلال هذا الشهر المبارك اولى واحق اما احتراما للصوم اذا كان الفرد صائما واما احتراما للشهر اذا كان الفرد مفطرا.
بقي في العبارة سؤال واحد وهو قوله : (كف عنه غضبه يوم يلقاه) فاي يوم يلقاه ؟ فان الله تعالى لا يمكن ان يلاقيه احد لانه لا تحده الازمنة ولا الامكنة ولا الجهات وليس من قبيل الاجسام لكي تصح معه المقابلة والاجتماع اذن فما المقصود من لقاء الله سبحانه وتعالى ؟
ومن الملاحظ ان لقاء الله تعالى منصوص في عدد من ايات القرآن الكريم ومنهي بشدة عن تكذيبه كقوله تعالى : ((قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين)) وقوله : ((ان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون)) وقوله : ((من كان يرجوا لقاء الله فان اجل الله لآت)) وقوله : ((الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شيء محيط)) وقوله : ((فنذر الذين لا يرجون لقائنا في طغيانهم يعمهون)) الى غير ذلك من الايات الكريمات.
ومن الواضح عقلا ومتشرعيا ان الله تعالى يستحيل لقائه باللقاء المادي كما هو معلوم من معلوم العقائد الاسلامية ولكن يمكن حمل هذه النصوص وامثالها على معان اخرى محتملة وممكنة بل متعينة لاستحالة اللقاء المادي بطبيعة الحال :
اولا : ان المراد بلقاء الله يوم القيامة كما هو التفسير المشهوري بقرينة انه حصل التعبير في اية اخرى بلقاء الاخرة فيراد من لقاء الله لقاء الاخرة الذي هو يوم القيامة.
ثانيا : ان المراد تقدير مضاف يعني لقاء رحمته لقاء الله يعني لقاء رحمة الله او لقاء حسابه او لقاء عقابه ونحو ذلك.
ثالثا : ان المراد تقدير مضاف بنحو او يعني لقاء اولياء الله لقاء الله يعني لقاء اولياء الله او من يمثله في اللغة الحديثة اذا تكلمنا في اللغة الحديثة كالملائكة والمعصومين (عليهم السلام).
رابعا : ان المراد الاشارة الى حالة نفسية اعتبارية ناشئة من الاعتقاد والتاكيد على ان الله تعالى يرى عبده في كل مكان وزمان فهو بين يدي الله فالعبد بين يدي الله وامامه في حسناته وفي سيئاته وفي صلاته وفي كل حال (فان لم تكن تراه فهو يراك) ومن جملة ذلك انه في الصلاة بين يدي الله وهذا وارد في الروايات وفي يوم القيامة ايضا بين يدي الله في حال الحساب والعقاب.
خامسا : اننا وان لم نكن نشعر بلقائه فهو جل جلاله يشعر بلقائنا كما قال تعالى : ((هو معكم حيثما كنتم)) وقال : ((ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اين ما كانوا ثم ينبأهم بما عملوا يوم القيامة.
سادسا : ان اللقاء المادي وان كان متعذرا ومستحيلا فان اللقاء المعنوي او الروحي ببعض مراتبه ممكن كما قال امير المؤمنين (سلام الله عليه) في بعض خطبه ما مضمونه : (فانه لا تراه الابصار ولكن تراه القلوب بحقائق الايمان) فيكون اللقاء مع الله تعالى بهذا المستوى الرفيع.
بسم الله الرحمن الرحيم
سبح اسم ربك الاعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى * والذي اخرج المرعى * فجعله غثاءا اخوى * سنقرئك فلا تنسى * الا ما شاء الله انه يعلم الجهر وما يخفى * ونيسرك لليسرى * فذكر ان نفعت الذكرى * سيذكر من يخشى * ويتجنبها الاشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيى * قد افلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا * والاخرة خير وابقى * ان هذا لفي الصحف الاولى * صحف ابراهيم وموسى *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 45  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:13 PM


الجمعة التاسعة والثلاثون 20 رمضان 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انت يا زوج البتول انت يا صهر الرسول
انت يا عز العقول يا كريم الاكرمين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك اللطف العظيم انك المن القديم
انك النور العميم انك الحبل المتين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك الجحد الاثيل حامل الحمل الثقيل
صاحب السيف الثقيل يا عظيم الاعظمين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك المولى الوصي انك النور المضي
انك الروح الرضي يا امام العالمين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
يا امامي يا علي يا عظيم يا ولي
يا مجيد يا صفي يا امام العارفين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك الحرب الاليم والبلاء المستديم
لانحراف الفاسقين وضلال القاسطين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك الحق الصريح انك الصبح المريح
انك التجر الربيح يا مذل الماكرين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك النور العميم والصراط المستقيم
انت في اللطف قديم يا معز المؤمنين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
يا امام الصابرين يا مثال العابدين
يا معز الزاهدين يا شفيع المذنبين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك السيف الطويل لاباطيل الذليل
انك المحق الاصيل لفساد المارقين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك العلم الاصيل انك الحق الجزيل
انك الرد المزيل لدعاوى الناكثين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انت عز الصالحين انت حرب الفاسقين
انت لطف الساجدين انت ذل العاندين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انت لطف الله فينا يا امام المتقين
عظم الله بقتلك من اجور المؤمنين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
عظم الله بقتلك اجر مولانا الرسول
عظم الله بقتلك اجر زهرانا البتول
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
اي جرم للئيم هو في الذل مقيم
خسيء الكفر الذي فيك من المجترئين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انها ضربة غدر من شرار العالمين
اوجبت فوزا عظيما لك في الافق المبين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
سببت مجدا كبيرا عند رب العالمين
صرت روحا سرمديا فوق عقل العاقلين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
صرت مجدا ابديا صرت نورا ازليا
صرت نبراسا قويا يا امير المؤمنين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين

لا اله الا الله الها واحدا ونحن له مسلمون. لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون. لا اله الا الله ربنا ورب ابائنا الاولين. لا اله الا الله وحده وحده وحده انجز وعده ونصر عبده واعز جنده وهزم الاحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.اللهم اهدني من عندك وافض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك وانزل علي من بركاتك سبحانك لا اله الا انت اغفر لي ذنوبي كلها جميعا فانه لا يغفر الذنوب كلها جميعا الا انت. اللعهم اني اسألك من كل خير احاط به علمك واعوذ بك من كل شر احاط به علمك اللهم اني اسألك عافيتك في اموري كلها واعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الاخرة واعوذ بوجهك الكريم وعزتك التي لا ترام وقدرتك التي لا يمتنع منها شيء من شر الدنيا وشر الاخرة ومن شر الاوجاع كلها ومن شر كل دابة انت آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.
الان نؤدي الصلوات باسم مولانا امير المؤمنين (سلام الله عليه) …
اللهم صل على محمد وال محمد رحمك الله يا ابا الحسن كنت اول القوم اسلاما واخلصهم ايمانا واشدهم يقينا واخوفهم لله عز وجل واعظمهم عناءا واحوطهم على رسول الله وآمنهم على اصحابه وافضلهم مناقب واكرمهم سوابق وارفعهم درجة واقربهم من رسول الله (صلى الله عليه واله) واشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا واشرفهم منزلة واكرمهم عليه فجزاك الله عن الاسلام وعن رسول الله (صلى الله عليه واله) وعن المسلمين خيرا قويت حين ضعف اصحابه وبرزت حين استكانوا ونهضت حين وهنوا ولزمت منهاج رسول الله (صلى الله عليه واله) اذ هم اصحابه وكنت خليفة وحقا لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيض الكافرين وكره الحاسدين وصغر الفاسقين فقمت بالامر حين فشلوا ونطقت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله اذ وقفوا فاتبعوك فهدوا وكنت اخفضهم صوتا واعلاهم قنوتا واقلهم كلاما واصوبهم نطقا واكبرهم رأيا واشجعهم قلبا واشدهم يقينا واحسنهم عملا واعرفهم بالامور كنت والله يعسوبا للدين اولا وآخرا الاول حين تفرق الناس والاخر حين فشلوا كنت للمؤمنين ابا رحيما اذ صاروا عليك عيالا فحملت اثقال ما عنها ضعفوا وحفظت ما اضاعوا ورأيت ما اهملوا وشمرت اذ اجتمعوا وعلوت اذ هلعوا وصبرت اذا فزعوا وادركت اوتار ما طلبوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا كنت للكافرين عذابا صبا ونهيا وللمؤمنين عمدا وحصنا فطرت والله بنعمائها وفزت بحبائها واحرزت سوابقها وذهبت بفضائلها لم تغلل حجتك ولم يزغ قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تخن كنت كالجبل لا تحركه العواصف وكنت كما قال (عليه السلام): (امن الناس في صحبتك وذات يدك) وكنت كما قال (عليه السلام) ضعف في بدنك قويا في امر الله متواضعا في نفسك عظيما عند الله كبيرا في الارض جليلا عند المؤمنين لم يكن لاحد فيك مهمز ول لقائل فيك مغمز ولا لاحد فيك مطمع ولا لاحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء شأنك الحق والصدق والرفق وقولك حكم وحتم وامرك حلم وحزم ورأيك علم وعزم فيما فعلت وقد نهج بك السبيل وسهل بك العسير واطفيء بك النيران واعتدل بك الدين وقوي بك الاسلام والمؤمنون وسبقت سبقا بعيدا واتعبت من بعدك بعدا شديدا وجللت عن البكاء وعظمت رزيتك في السماء وهدت مصيبتك الانام فانا لله وانا اليه راجعون رضنا عن الله قضاءه وسلمنا لله امره فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك ابدا كنت للؤمنين كهفا وحصنا وقنة راسية وعلى الكافرين غلظة وغيظا فالحقك الله بنبيه ولا حرمنا اجرك ولا اظلنا بعدك يا امير المؤمنين.
هذه المناسبة وان كانت مناسبة الحديث عن مولانا امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام الا انها في نفس الوقت مناسبة الحديث عن ليلة القدر غير ان مناسبات ذكر امير المؤمنين (عليه السلام) تتكرر في كثير من ايام السنة بخلاف الحديث عن ليلة القدر فانها خاصة بمثل هذا الموسم من كل عام كما تعلمون.
فاريد الان ان اتحدث عن ليلة القدر وذلك في عدة نقاط :
النقطة الاولى : ان ليلة القدر واقعة خلال شهر رمضان المبارك ونفهم ذلك بعد ضم آيتين او ثلاث آيات الى بعضها البعض:
اولا : ما دل على ان القرآن انزل في ليلة القدر وهو قوله تعالى : ((انا انزلناه في ليلة القدر)). وقوله تعالى : ((انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين)).
ثانيا : ما دل على ان القرآن انزل في شهر رمضان وهو قوله تعالى : ((شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن)). اذن فقد انزل القرآن في شهر رمضان وهو ايضا قد انزلفي ليلة القدر فاذا كان احدهما غير الاخر لم يكن ذلك ممكنا لتعذر ان ينزل مرتين لانه من تحصيل الحاصل فيتعين ان تكون ليلة القدر من ضمن ليالي شهر رمضان. ومعه فما دل من الروايات او من الاحتمال لدى المتشرعة من كون ليلة القدر محتملة في كل ايام السنة او في بعضها خارج الشهر المبارك اي خارج شهر رمضان المبارك كالنصف من شهر شعبان مثلا او غيرها يكون مرفوضا لانه مخالف لكتاب الله اعني مخالف لظاهر القرآن الكريم وظاهر القرآن حجة وقد ورد عنهم (عليهم السلام) ما مضمونه : (ما خالف قول ربنا زخرف باطل اضرب به عرض الجدار).
النقطة الثانية : اننا نعرف بعد ضم الايتين السابقتين ما هو المهم والمنصوص من صفات ليلة القدر وهما قوله تعالى : ((انا انزلناه في ليلة القدر * ليلة القدر خير من الف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر * سلام هي حتى مطلع الفجر *) وقوله تعالى : (انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين * فيها يفرق كل امر حكيم امرا من عندنا انا كنا مرسلين * رحمة من ربك انه هو السميع العليم *).
فبعد ان نعرف من سورة القدر ان القرآن الكريم انزل في ليلة القدر نعرف من الاية الاخرى انها هي الليلة المباركة حيث يقول : ((انا انزلناه في ليلة مباركة)) وان كل تلك الاوصاف الاخرى والمزايا انما هي اوصاف ومزايا لليلة القدر نفسها ومجمل تلك الاوصاف المذكورة في كلا السياقين باختصار طبعا كما يلي :
اولا : انها ليلة القدر والقدر هنا اما بمعنى الشأن العظيم واما من القضاء والقدر كما قال تعالى : ((فيها يفرق كل امر حكيم امرا من عندنا انا كنا مرسلين)).
ثانيا : انها ليلة مباركة والبركة في اللغة هي الزيادة والمراد بها هنا العطاء الالهي والرحمة كما قال تعالى : ((ولدينا مزيد)).
ثالثا : انها خير من الف شهر وقد فسر في بعض الروايات بان المراد من (الف شهر) ليس فيها ليلة القدر. وفسر ايضا مدة ملك بني امية تقريبا وكلاهما امر معقول. وقد يمكن بشيء من التعقيل ارجاع المعنيين الى معنى واحد كما فصلنا القول فيه في منة المنان الجزء الاول مطبوع.
رابعا : انها تنزل الملائكة والروح خلالها ونزولها يكونكلا الامرين وهما الرحمات الالهية والاوامر الالهية التي تطبق في تلك السنة حسب القضاء والقدر او ان نزولهم يكون بنفسه رحمة وتأييدا واحتراما للمؤمنين الراعيين المتعبدين في تلك الليلة والمستغفريت في الاسحار.
خامسا : انها من كل امر سلام. والسلام ضد الحرب يعني ان الصفة العامة عليها هو كونها رحمة وليس غضبا ولطفا وليست انتقاما وذلك شامل لكل الامور والاشياء حتى الذنوب فان ليلة القدر تكون سببا للعفو والغفران.
سادسا : ان هذه الرحمة وهذا السلام ونزول الملائكة والروح يستمر طول الليل حتى مطلع الفجر فان الفجر هو نهاية الليل الشرعي كما نعلم وبالفجر يبدأ النهار الشرعي نهار الصوم طبعا والاية لا تنص على اول الليل لانه واضح عرفا يقول: ((حتى مطلع الفجر)) من اولها اما نهايتها فغير مذكور والاية لا تنص على اول الليل لانه واضح عرفا وهو غروب الشمس. غير ان مزايا ليلةو القدر تنقطع عند الفجر لا عند طلوع الشمس.
سابعا : انها يفرق فيها كل امر حكيم. والفرق هنا (يفرق فيها) اما من التفريق والتوزيع للاوامر بين البشر وبين الخلق اجمعين فيعطى كل واحد منهم ما يناسبه وما يطابق مقتضى الحكمة في حاله. او ان الفرق هنا من البت والحتم الموجود في القضاء والقدر الالهيين لان هذا الحكم يوجب الفرق وهو الدهشة والعجب والخوف فعبر بالسبب بلفظ المسبب.
ثامنا : ان كل هذا يحدث بامر الله وحسن تدبيره كما قال تعال : ((امرنا من عندنا)) اي منا وبعلمنا حسب ظاهر الاية عرفا.
تاسعا : انها ليلة ارسال الرحمة الى العالمين كما قال تعالى : ((انا كنا مرسلين رحمة من ربك)) اذا فهمنا من قوله ((رحمة)) مفعول به لمرسلين وهذا الرحمة هنا نكرة لافادة عموم الجنس ولا يحتمل ان يراد بها القلة طبعا. واما اذا كانت رحمة هنا منصوب على الحالية فيكون المعنى الارسال لشيء آخر وان سبب الارسال والغاية منها هو الرحمة ولا يحتمل ان يراد الارسال هنا ارسال الانبياء والرسل لوضوح ان ارسالهم لا يكون خلال ليلة القدر فقط بل خلال الاشهر والسنين والقرون المتطاولة وانما المراد امور اخرى كارسال الملائكة والروح او ارسال العطاء والثواب او ارسال الاوامر بالقضاء والقدر.
عاشرا : انها الليلة التي انزل فيها القرآن كما سنشير في النقطة التالية.
النقطة الثالثة : ان انزال القرآن في ليلة القدر لا يراد به انزاله تدريجيا على النبي (صلى الله عليه واله) لوضوح ان هذا الانزال التدريجي كان خلال ثلاثة وعشرون سنة من حياته (صلى الله عليه واله) وفي مختلف الاماكن والشهور كما لا يراد به البدء بنزول القرآن لانه من الواضح لدى المتشرعة والمنصوص في عدد من الروايات كون بدء النزول هو بدء الرسالة في غار حراء وذلك في يوم السابع والعشرين من شهر رجب وليس في شهر رمضان ولا في ليلة القدر ولا يمكن القول ان ليلة السابع والعشرين من رجب هي ليلة القدر ليكون القرآن بادءا فيها وذلك بعد دلالة الايات الاخرى بانحصار ليلة القدر في شهر رمضان المبارك ولا يحتمل كونها خارجة عنها فاذا التفتنا الى ان ظهور الايات الكريمة كلها بالنزول لكل القرآن الكريم كأنه نزل دفعة واحدة كما قال تعالى : ((شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن)) يعني كله، هكذا ظاهره. وقال : ((انا انزلناه في ليلة القدر)) وقال : ((انا انزلناه في ليلة مباركة)).
اذن يتعين ان يكون هذا النزول الدفعي للقرآن الكريم هو غير ذلك الذي نعرفه من النزول التدريجي اللفظي او الظاهري على رسول الله (صلى الله عليه واله) خلال السنين بل هو نزول روحي سابق عليه فيدل على ان القرآن نزل دفعة وجملة واحدة على قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) قبل نزوله التدريجي يعني قبل البدء بنزوله اصلا كما قال تعالى : ((وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين)) والظاهر عود الضمير الى القرآن كله كما في الايات السابقة ومن هنا يمكن ان نستنتج بوضوح انه حين بدء الوحي بالقرآن الكريم & عالما بمعانيه كان النبي (صلى الله عليه واله) عالما بمعانيه وتفاصيله ومدركا لمراميه ووجوه الحكمة فيه لانه موجود في قلبه ووعيه في ذلك الحين ومن هنا لا يمكن ان يكون رد الفعل تجاه الوحي ساعتئذ هو الخوف والانفعال والجهل بالحال كما هو ظاهر الرواية المشهورة المروية في صحيح البخاري والتي سبق ان ناقشناها في بعض الجمعات السابقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
ويل لكل همزة لمزة * الذي جمع مالا وعدده * يحسب ان ماله اخلده * كلا لينبذن في الحطمة * وما ادراك ما الحطمة * نار الله الوقدة * التي تطلع على الافئدة * انها عليهم مؤصدة * في عمد ممددة *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة التاسعة والثلاثون 20 رمضان 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
يا من غفر لآدم خطيئته ورفع ادريس مكانا عليا برحمته يا من نجى نوحا من الغرق. يا من اهلك عادا الاولى وثمود فما ابقى وقوم نوح من قبل انهم كانوا هم اظلم واطغى والمؤتفكة اهوى. يا من دمر على قوم لوط ودمدم على قوم شعيب. يا من اتخذ ابراهيم خليلا يا من اتخذ موسى كليما واتخذ محمد (صلى الله عليه واله وعليهم اجمعين) حبيبا. يا مؤني لقمان الحكمة والواهب لسليمان ملكا لا ينبغي لاحد من بعده. يا من نصر ذا القرنين على الجبابرة. يا من اعطى الخضر الحياة ورد ليوشع ذا النون الشمس بعد غروبها. يا من ربط على قلب ام موسى واحصن فرج مريم بنت عمران. يا من حصن يحيى بن زكريا من الذنب وسكن عن موسى الغضب. يا من بشر زكريا بيحيى. يا من فدى اسماعيل من الذبح بذبح عظيم. يا من قبل قربان هابيل وجعل اللعنة على قابيل. يا هازم الاحزاب لمحمد (صلى الله عليه واله) صل على محمد وال محمد وعلى جميع المرسلين وملائكتك المقربين واهل طاعتك اجمعين واسألك بكل مسألة سألك بها احد ممن رضيت عنه فحتمت له على الاجابة. يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحيم يا رحيم يا رحيم يا ذا الجلال والاكرام يا ذا الجلال والاكرام يا ذا الجلال والاكرام نسألك بكل اسم سميت به نفسك او انزلته في شيء من كتبك او استأثرت به في علم الغيب كذلك ومعاقد العز من عرشك وبمنتهى الرحمة من كتابك وبما ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم. واسألك باسمائك الحسنى التي نعتها في كتابك وقلت : ((ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها)) وقلت : ((ادعوني استجب لكم)) وقلت : ((واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعاني)) وقلت : ((يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم)). وانا اسألك يا الهي وادعوك يا ربي وارجوك يا سيدي واطمع في اجابتي يا مولاي كما وعدتني وقد دعوتك كما امرتني فافعل بي ما انت اهله ولا تفعل بي ما انا اهله انك اهل التقوى واهل المغفرة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه عذاب الحريق * ذلك بما قدمت يداك وان الله ليس بظلام للعبيد * ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين * يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد * يدعو لمن ضره اقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير * ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار ان الله يفعل ما يريد *))
نكمل ما بدأناه في الخطبة الاولى ..
النقطة الرابعة : ان ليلة القدر لدى المتشرعة مرددة في ليالي شهر رمضان المبارك بين ثلاث لياليهي ليلة التاسع عشر والحادية والعشرين والثالثة والعشرين من شهر رمضان وليس في ظهور القرآن الكريم ما يعين هذه الجهة وانما يشار فيه فقط الى كونها في شهر رمضان دون تعيين اي ليلة من لياليه.
نعم الظن الراجح بالاطمئنان العرفي منعقد وموجود على عدم تعديته لهذه الليالي الثلاث. يعني انه بالتاكيد ليس ليلة اخرى خارجها بل هو منحصر في بعض هذه الثلاثة. ويمكن استفادة ذلك من السنة الشريفة كما سنذكر. كما لا يحتمل كما هو واضح تعدد ليلة القدر وان هذه الليالي الثلاث كلها ليلة قدر لليقين بان ليلة القدر ليلة واحدة في السنة لا تزيد اطلاقا وانما فضلهذه الليالي الثلاث اما بعنوانها الذاتي يعني بغض النظر عن كونها ليلة قدر او باعتبار كونها طرف الاحتمال لكونها ليلة القدر لا ان تكون كلها كذلك.
النقطة الخامسة : اننا يمكن في هذا الصدد ان نخطوا خطوة اخرى ونقول بانحصار احتمال ليلة القدر بين ليلتين الحادية والعشرين والثالثة والعشرين بمعنى اننا نستطيع ان نؤكد على ضعف او سقوط احتمال ان تكون ليلة القدر هي في التاسع عشر من شهر رمضان المبارك فانه احتمال ضعيف وليس عليه حجة معتبرة فينحصر الاحتمال بالاطمئنان العرفي والمتشرعي بالليلتين الاخريتين اعني الحادية والعشرين والثالثة والعشرين وهذا هو المقصود من قولهم (عليهم السلام) : (ما ايسر ليلتين فيما تطلب) او يقول بحسب الرواية : (ما عليك ان تفعل خيرا في ليلتين فان مثل هذه الاخبار دالة بوضوح على تردد ليلة القدر بين ليلتين وليس بين ثلاث ليالي كما عليه سيرة المتشرعة في ايامنا هذه ومن مدة غير معروفة الامر الذي ينتج اسقاط الليلة التاسعة عشر عن الاعتبار من هذه الجهة وخاصة بعد الالتفات الى ان الليلتين اللتين يقصدهما الامام (عليه السلام) منحصر ايضا بالاطمئنان العرفي والمتشرعي في الحادية والعشرين والثالثة والعشرين ولا يحتمل الشمول لغيرهما باية حال ولو كان الاحتمال متحقق في ثلاث ليال او اكثر لذكره الامام (عليه السلام) في حين انه لم يذكر اكثر من ليلتين.
النقطة السادسة : في محاولة تعيين ليلة القدر من هاتين الليلتين نفسيهما اعني الحادية والعشرين والثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك وهذا كأنه يعتبر من الاسرار الالهية في نظر الائمة (عليهم السلام) ولم يصرحوا به لاحد وانما اقصى ما فعلوه انهم حصروا الاحتمال بين ليلتين ولم يعينوا واحدة منهما اطلاقا والمصلحة التي ندركها من ذلك امران على الاقل:
الامر الاول : زيادة العمل والعبادة والخضوع لله سبحانه فان الفرد اذا علم ليلة القدر التعيين عمل ذلك في ليلة واحدة واما اذا كانت مرددة في نظره بين ليلتين عمل ذلك برجاء المطلوبية في ليلتين فيكون عمله وتوجهاته لله سبحانه اكثر فيكون قد ربح اكثر مما خسر مع كونه قد احرز التوجه لله سبحانه خلال ليلة القدر الواقعية في علم الله سبحانه وهذا هو المراد من قوله (ما عليك ان تفعل خيرا في ليلتين) حتى تجتمع عبادة الليلتين وليس عبادة ليلة واحدة.
الامر الثاني : اعطاء فرصة لمن لا يستحق العطاء او قل لمن يستحق الحرمان والخسران ان يخسر هذا الجانب المهم في الاسلام كمن يستثقل العمل في ليلتين فيترك العمل فيهما او في احدهما او كمن يحمله الشك والتردد بين الليلتين على ضعف العمل وقلة الهمة في التوجه والخشوع لله عز وجل الامر الذي يسبب عدم الوصول الى نفس النتيجة المطلوبة التي تحصل بالتركيز في ليلة واحدة.
الامر الذي ينتج بوضوح ان اغلب البشر او قل ان اغلب النتشرعة غير مستحقين للحصول على الثواب الحاصل من التركيز في ليلة واحدة معلومة اذ لو كانوا مستحقين لذلك لما اخفاه الله تعالى برحمته الواسعة فاخفاءه يدل على عدم الاستحقاق لا محالة وعلى اي حال فما دام التعيين بين هاتين الليلتين من الاسرار الالهية فانه سيكون من المتعذر بطبيعة الحال الوصول الى التعيين الا بتسديد خاص من الله سبحانه وتعالى لا يناله الا الاقلون عدد المرتفعون عند الله شأنا فان كان الفرد لا يستطيع تعيين ليلة القدر فاعلم انه ليس من اولئك المرتفعين عند الله شأنا لا محالة والمهم اننا بالتأكيد لا نستطيع ان نقيم دليلا شرعيا معتبرا على التعيين وان كنا نستطيع ان نقول ان الاقوى في اذهان المتشرعة هو تعيين الليلة الثالثة والعشرين ولذا يشعرون باهميتها ويسمونها القدر الكبير.
النقطة السابعة : كان بعض اهل المعرفة يميل بحسب تعبيري الى ان يكون معنى ليلة القدر معنى كليا قابلا للصدق على كثيرين بمعنى ان اية ليلة او اي وقت انتج نتيجة ليلة القدر الاصلية فهي ليلة قدر ايضا اما حقيقة واما مجازا والمقصود انتاجها النتيجة بخصوص فرد معين وليس في الكون كله لان ذلك منحصر بليلة واحدة في السنة لا محالة وليس كليا قابلا للصدق على كثيرين.
النقطة الثامنة : اننا نقول في كل الطاعات على الاطلاق وفي كل طاعات شهر رمضان خاصة وفي اعمال ليلة القدر على وجه الخصوص ايضا. ان ظاهر الفهم المتشرعي ان المطلوب هو العمل كالصلاة والصوم والدعاء وقراءة القرآن ونحو ذلك وهذا مطلوب اكيدا اما وجوبا او استحبابا الا ان هناك جانب اهم من كل ذلك وهو الاخلاص في النية لله سبحانه وتعالى فالعمل ان صدر من نية مخلصة كان هو المطلوب حقيقة امام الله سبحانه واما اذا صدر بنية فاسدة او مترددة او غير ذلك كان دون ذلك المستوى لا محالة وكان مجزيا الا انه لا ينال مرتبة القبول والثواب الجزيل ومن هنا ورد : (نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله) فالعمل الاساسي حقيقة هم العمل النفسي وهو النية والاعمال الظاهرية كلها انما تخرج وتنفتح وتنتج من الارادة والنية بطبيعة الحال وهذا ينتج امورا كثيرة فوق حد الاحصاء منها استجابة الدعاء فانها لا تكون الا مع اخلاص النية واما الدعاء بنية فاسدة او مترددة فليس بدعاء لكي يكون محلا للوعد بالاجابة وان حسبناه دعاءا حقيقة ووهما وكذلك سائر العبادات كالصلاة والصوم فانها لا تقبل الا بالنية المخلصة واما بدونها فهي مجزية ولكنها لا تكون مقبلوة.
بل ان سوء النية قد تصل الى درجة تسقط بها العبادات عن مرتبة الاجزاء ايضا فلا تكون مجزية فضلا عن كونها مقبولة وهذا من موارد الصدق فيما ورد : (رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش ورب قاريء للقرآن والقرآن يلعنه) ومحل الشاهد ان اعمال ليلة القدر ايضا مندرجة في هذه القاعدة العامة فانها لا تكون مقبولة ولا مؤثرة ولا منتجة الا اذا كانت بنية مخلصة امام الله سبحانه وتعالى فاذا عمل فيها الفرد عملا قليلا وكثيرا ولم يجد اي نتيجة كاللذة المعنوية او استجابة الدعاء فلا يلومن الا نفسه. واخلاص النية او سوء النية مما يعلمه الله سبحانه بطبيعة الحال وهذا اكيد. المهم هو الجانب الثاني وهو ان ايضا مما يعلمه الفرد نفسه كما قال تعالى : ((بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره)) فان النفس مما يمكن الاطلاع عليها بالعلم الحضوري المباشر بالنسبة الى صاحبها فان يكن يها اي مقدار من السوء عرفه صاحبه وامكنه تتداركه فان طريق التكامل والخير مفتوح على كل المستويات واما اذا لم يتداركه ولم يكن في صدد ازالته كان من الخاسرين الذين خسروا انفسهم وفي العذاب هم خالدون.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 46  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:15 PM


الجمعة الاربعون 27 رمضان 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
لاستنكار انقطاع الكهرباء في عموم العراق الصلاة على محمد وال محمد
للمطالبة بارجاع الكهرباء الى عموم العراق الصلاة على محمد وال محمد
لانتصار الحق المطلق الصلاة على محمد وال محمد
لانتصار جميع المظلومين في العالم الصلاة على محمد وال محمد
لانتصار الحوزة العلمية الشرسفة الصلاة على محمد وال محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
اللهم انك قلت في كتابك المنزل شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فعظمت حرمة شهر رمضان بما انزلت فيه من القرآن وخصصته بليلة القدر وجعلتها خيرا من الف شهر. اللهم وهذه ايام شهر رمضان قد انقضت ولياليه قد تصرمت وقد صرت يا الهي منه الى ما انت اعلم به مني واحصى لعدده من الخلق اجمعين فاسألك بما سألك به ملاكتك المقربون ولنبيائك المرسلون وعبادك الصالحون ان تصلي على محمد وال محمد وان تفك رقبتي من النار وتدخلني الجنة برحمتك وان تتفضل علي بعفوك وكرمك وتتقبل تقربي وتستجيب دعائي وتمن عليّ بالامن يوم الخوف من كل هول اعددته ليوم القيامة الهي واعوذ بوجهك الكريم وبجلالك العظيم ان تنقضي ايام شهر رمضان ولياليه ولك قبلي تبعة او ذنب تؤآخني به او خطيئة تريد ان تقتصها مني لم تغفرها لي سيدي سيدي سيدي اسألك يا لا اله الا انت اذ لا اله الا انت ان كنت رضيت عني في هذا الشهر فازدد عني رضا وان لم تكن رضيت عني فمن الان فارض عني يا ارحم الراحمين يا الله يا احد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد. اللهم صل على محمد عبدك المرتضى ورسولك المصطفى وامينك ونجيك دون خلقك ونجيبك من عبادك ونبيك بالصدق وحبيبك وصل على رسولك وخيرتك من العالمين البشير النذير السراج المنير وعلى اهل بيته الابرار الطاهرين وعلى ملائكتك الذين استخلصتهم لنفسك وحجبتهم عن خلقك وعلى انبيائك الذين ينبئون عنك بالصدق وعلى رسلك الذين خصصتهم بوحيك وفضلتهم على العالمين برسالاتك وعلى عبادك الصالحين الذين ادخلتهم في رحمتك الائمة المهتدين الراشدين واوليائك المطهرين وعلىجبرائيل وميكائيل واسرافيل وملك الموت وعلى رضوان خازن الجنان وعلى مالك خازن النار وروح القدس والروح الامين وحملة عرشك المقربين وعلى الملكين الحافظين عليّ بالصلاة التي تحب ان يصلي بها عليهم اهل السماوات واهل الارضين صلاة طيبة كثيرة مباركة زاكية نامية ظاهرة باطنة شريفة فاضلة تبين بها فضلهم على الاولين والاخرين. اللهم واعط محمد الوسيلة والشرف والفضيلة واجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن امته.اللهم واعط محمد (صلى الله عليه واله) مع كل زلفة زلفة ومع كل وسيلة وسيلة ومع كل فضيلة فضيلة ومع كل شرف شرفا. اللهم اعط محمدا واله يوم القيامة افضل ما اعطيت احدا من الاولين والاخرين. اللهم واجعل محمدا (صلى الله عليه واله) ادنى المرسلين منك مجلسا وافسحهم في الجنة عندك منزلا واقربهم لديك وسيلة واجعله اول شافع واول مشفع واول قائل وانجح سائل وابعثه المقام المحمود الذي يغبطه به الاولون والاخرون يا ارحم الراحمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((ومن يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد لهم اولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مآواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ذلك جزاؤهم بانهم كفروا بآياتنا وقالوا ءأذا كنا عظاما ورفاتا ءانا لمبعوثون خلقا جديدا اولم يروا ان الله الذي خلق السماوات والارض قادر على ان يخلق مثلهم وجعل لهم اجلا لا ريب فيه فابى الظالمون الا كفورا))
كنا قبلا بصدد شرح بعض فقرات الخطبة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) التي خطبها بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك وهي خطبة مجيدو وجليلة تحتوي على حلائل المعاني والاثار. واريد الان الاسنمرار في ذلك.
واريد الان الاستمرار في ذلك فانه من جملة تلك الخطبة ونحن نعلم ان الوقت مضيق والجمعة آخر جمعة من شهر رمضان فاختار لكم فقرة معينة منها للشرح.
فانه من جملة تلك الخطبة قوله (صلى الله عليه واله) حسب الرواية : (ايها الناس ان ابواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فسلوا ربكم ان لا يغلقها عليكم وابواب النيران مغلقة فسلوا ربكم ان لا يفتحها عليكم والشياطين مغلولة فسلوا ربكم ان لا يسلطها عليكم).
والفهم العرفي والمتشرعي من ذلك واضح وهو مزيد وجود الرحمة في هذا الشهر الفضيل ففيه يفتح الله تعالى ابواب الجنان ويغلق ابواب النيران ويغل الشياطين ففتح ابواب الجنان يقتضي مزيد دخول المؤمنين فيها (اي في الجنان طبعا) وتوزيع الثواب الجزيل على كل العاملين والمتقربين واغلاق ابواب النيران يقتضي غفران الذنوب وستر العيوب التي تستوجب العقاب والدخول الى جهنم وغل الشياطين يقتضي عدم التكالب على الشهوات والتمتع بالمذلات والتقليل من ذلك لغالب الناس كما هو المشاهد فعلا من كثير من افراد المجتمع المسلم خلال شهر رمضان المبارك وهذا يعني ايضا تقليل الذنوب الناتجة من هذه الشهوات والملذات وهذه كلها نعم ومراحم من الله سبحانه وتعالى.
الا ان هناك بعض الاسئلة الجانبية التي يمكننا الالتفات اليها بهذا الصدد. منها ان رحمة الله سبحانه وتعالى موجودة باستمرار وليست خاصة بشهر رمضان في حين ان ظاهر هذه الخطبة اختصاص الحال به.
وجوابه من عدة وجوه منها :
اولا : ان رحمة الله سبحانه وتعالى عامة تسع كل زمان ومكان وهذا صحيح الا ان مظاهرها تختلف ولا ينحصر الامر فيها بغلاق ابواب النيران وفتحج ابواب الجنان فمن الممكن القول ان هذ النحو من الرحمة موجود فقط في هذا الشهر الفضيل بينما الرحمة موجود في الشهور الاخرى باساليب اخرى خاصة بها.
ثانيا : ان غاية ما تدل عليه هذه الفقرة من الخطبة الشريفة هو حصول ذلك في شهر رمضان واما عدم حصوله في غيره فهو مما لا يستفاد منها الا على تقدير القول بما يسمى في علم الاصول بمفهوم الوصف وهو مفهوم باطل كما هو المحقق في محله اذن فلتكن النتيجة ان ابواب الجنان مفتوحة وابواب النيران مغلقة في كل شهور السنة وليس هذا من رحمة الله ببعيد.
ثالثا : ان هذه الظاهرة او الظواهر الثلاث وان كانت موجودة في سائر الاوقات والشهور ان ذلك يحصل بتركيز اكثر واهمية اعظم في شهر رمضان المبارك وبتعبير آخر ان ابواب الجنان مفتوحة دائما الا انها تفتح في شهر رمضان فتحا عظيما بحيث لا يقاس بغيره من الشهور ويقال فيها مجازا انها كانت مغلقة بازاء هذا الفتح المبين الذي حصل الان كما ان ابواب النيران مغلقة دائما الا ان الاغلاق في شهر رمضان يتضاعف ويتزايد الى درجة لا يقاس بغيره بحيث يدرك الناظر مجازا انها كانت مفتوحة في غيره وهنا يمكن ان المروي ان النبي (صلى الله عليه واله) قيد فتح ابواب الجنان فقط بكونها في هذا الشهر دون الامرين الاخرين فان العبارة التي سمعناها تقول : (يا ايها الناس ان ابواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فسلوا ربكم ان لا يغلقها عليكم وابواب النيران مغلقة فسلوا ربكم ان لا يفتحها عليكم ولم يقل في هذا الشهر والشياطين مغلولة فسلوا ربكم ان لا سلطها عليكم ولم يقل في هذا الشهر.
نعم لو جعلنا بعض هذه العبائر قرينة على البعض الاخر نتج حصول التقييد في كل هذه الخصائص الثلاث اي بشهر رمضان المبارك.
رابعا : انه يمكن القول ان هذه الظواهر الثلاث غير موجودة في سائر الاشهر وانما تحصل فقط في شهر رمضان المبارك اما ابواب الجنان كاطروحة طبعا هي في سائر الاشهر مغلقة لا بمعنى اغلاقها في وجه كل احد بل بمعنى انها لا تفتح الا باسبابها كالتوبة والاستغفار فهي لا تفتح فتحا تبرعيا او عاما لسائر الناس وانما فقط للتائبين والمستغفرين والمتعبدين واضرابهم في حين انها في شهر رمضان تفتح فتحا عاما لسعة الرحمة وعمق المغفرة الموجودة في هذا الشهر الفضيل واما ابواب النيران فهي مفتوحة في سائر الاشهر وليست مغلقة لوضوح ان النفس الامارة بالسوء موجودة عند كل احد وهو المنبع الاساسي للنيران والمفتاح الاساسي لابواب جهنم وهي اعني ظاهر النفس الامارة بالسوء موجودة دائما اذن فابواب جهنم واضرابها من هذه الناحية مفتوحة دائما ونحو هذا الكلام نقوله في الشياطين فانهم مطلقوا السراح دائما خلال سائر الاشهر باعتنبار ما يوجد من تجاوب لهم في باطن النفس الامارة والشهوات الغرارة ولكن ذلك يقل في شهر رمضان لامحالة.
خامسا : اننا يمكن ان نلاحظ بوضوح تقلص الذنوب والعيوب وقلتها في الاماكن المقدسة كالمساجد والمراقد ونحوها من حيث ان الفرد اذا دخل المسجد فانه لن يفكر في ذنب معتد به او لن يفكر في ذنب اطلاقا كما ان فرص الذنوب ستكون قليلة كالسرقة والزنا والقتل ونحوها في داخل المساجد والمراقد طبعا الى حد يمكن ان نقول انها معدومة فرص غير موجودة. في حين ان فرص الطاعات تكون متوفرة في المساجد والمراقد والرغبة الى الصلاة والعبادة والدعاء موجودة لدى الاغلب في داخل المساجد والمراقد المقدسة وهذا هو بالضبط ما يمكن ان نفهمه من فتح ابواب الجنان وغلق ابواب النيران وغل الشياطين فان ذلك يعني انفتاح فرص الطاعات وتقلص فرص المعاصي والذنوب وهذا ما يحدث في الاماكن المقدسة وهو ملحوظ بوضوح كما قلنا. فهل يحصل ذنب معتد به يقع في الحرم الشريف لامير المؤمنين او في مسجد الكوفة لن يقع بلطف الله سبحانه وتعالى. فكذلك الحال نفسه ما يحدث في الزمان المقدس والفضيل وهو شهر رمضان او غيره لوضوح ان اتجاه عامة المؤمنين ايضا يكون الى تكثير الطاعات وتقليل المعاصي بل يمكن القول ان هذا الاتجاه موجود حتى عند العصاة والمعاندين من المسلمين يكفي ان نسمع قول الشاعر وهو بيت مشهور وان كان باطل طبعا :
رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى الى مشتاق
وهي الخمر طبعا اعوذ بالله. اذن فهو شارب خمر ولكنه يتركها في شهر رمضان فانه لمكا انتهى يقول رمضان ولى هاتها يا ساقي يعني انه توارك للشرب في شهر رمضان.
وكذلك فان المعتاد من المقاهي الشعبية الملتزمة بالمعاصي والاغاني في سائر الايام والشهور انها تمتنع عن ذلك خلال مناسبتين هما شهر رمضان وشهر محرم الحرام.
كما ورد في الحديث في صفة لجماعة من الناس انهم لا يعبدون الله الا في شهر رمضان وهذا فعلا مطابق لما هو مسموع من طبقة في المجتمع من تاركي الصلاة وانهم يلتزمون بالصلاة في شهر رمضان قبحهم الله الله لا يتقبل منهم.
ومعنى كل ذلك وجود اتجاه النفوس حتى عند العصاة والمتطرفين من شاربي الخمر وتاركي الصلاة الى بعض اشكال الطاعة والاستغفاروالتقليل من العصيان والشهوات وهذا ممن مستويات فهم ما سمعناه عن رسول الله (صلى الله عليه واله) من فتح ابواب الجنان واغلاق النيران وغل الشياطين.
كما اننا يكفي ان نلتفت الى ان ابواب الجنان ليست مفتوحة فتحا مطلقا حتى للعصاة والمعاندين انه كل من يأتي يدخل الجنة ! لا يوجد هكذا شيء طبعا. كما انها ليست مغلوقة غلقا مطلقا حتى في وجه التائبين والمستغفرين. كما ان ابواب النيران ليست مفتوحة فتحا مطلقا حتى للتائبين والمستغفرين وليست مغلوقة علقا كاملا حتى بوجه المعاندين. بل الغلق والفتح لكل من الجنان والنيران معنى نسبي او تدريجي ينال كل واحد من الناس ما يستحقه من ذلك غير انه يمكن القول ان درجة الاستحقاق تختلف حسب الفرص المعطاة للتوبة او قل حسب قدس الزمان او قدس المكان او هما معا قد تكون في شهر رمضان وفي حرم امير المؤمنين مناسبتان قدسيتان تجتمعان عليه ولربما اكثر بفضل الله سبحانه وتعالى.
ففي غير المكان والزمان المقدسين يكون الفرد موكولا الى درجة استحقاقه الطبيعية او النظامية الناتجة من عمله حسنا كان او سيئا. واما اذا كان هناك مكان مقدس قد ذهب اليه الفرد من مسجد او مرقد او كان يمر زمان مقدس كشهر رمضان المبارك فان درجة الاستحقاق للنجاة تزداد او قل ان فرص التوبة والاستغفار تزداد برحمة الله وحسن توفيقه لا انها تبقى ثابتة لا انها تبقى ثابتة حسب عمل الفرد. طبعا بشرط ان يبادر الفرد الى نوع من الذكر والتوبة والاستغفار مهما قل او كثر.
بسم الله الرحمن الرحيم
اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الاربعون 27 رمضان 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اني اسألك باسمك الذي دان له كل شيء وبرحمتك التي وسعت كل شيء وبعظمتك التي تواضع لها كل شيء وبعزتك التي قهرت كل شيء وبقوتك التي خضع لها كل شيء وبجبروتك التي غلبت كل شيء وبعلمك الذي احاط بكل شيء يا نور يا قدوس يا اولا قبل كل شيء ويا باقيا بعد كل شيء يا الله يا رحمن صل على محمد وال محمد واغفر لي الذنوب التي تغير النعم واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء واغفر لي الذنوب التي تزيد الاعداء واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء واغفر لي الذنوب التي يستحق بها نزول البلاء واغفر الذنوب التي تحبس غيث السماء واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء واغفر الذنوب التي تعجل افناء واغفر لي الذنوب التي تورث الندم واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم والبسني درعك الحصينة التي لا ترام وعافني من شر ما احاذر بالليل والنهار في مستقبل سنتي هذه. اللهم رب السماوات السبع والارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ورب السبع المثاني والقرآن العظيم ورب اسرافيل وميكائيل وجبرائيل ورب محمد (صلى الله عليه واله) سيد المرسلين وخاتم النبيين اسألك بك وبما سميت به نفسك يا عظيم انت الذي تمن بالعظيم وتدفع كل محذور وتعطي كل جزيل وتضاعفالحسنات بالقليل وبالكثير وتفعل ما تشاء يا قدير يا الله يا رحمن صل على محمد واهل بيته والبسني في مستقبل سنتي هذه سترك ونظر وجهي بنورك واحبني بمحبتك وبلغني رضوانك وشريف كرامتك وجسيم عطيتك واعطني من خير ما عندك ومن خير ما انت معطيه احدا من خلقك والبسني مع ذلك عافيتك يا موضع كل شكوى ويا شاهد كل نجوى ويا عالم كل خفية ويا دافع ما تشاء من بلية يا كريم العفو يا حسن التجاوز توفني على ملة ابراهيم وفطرته وعلى دين محمد (صلى الله عليه واله) وسنته وعلى خير الوفاة فتوفني مواليا لاوليائك ومعاديا لاعدائك وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذوا بالنواصي والاقدام * فبأي الاء ربكما تكذبان * هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن * فبأي الاء ربكما تكذبان * ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي الاء ربكما تكذبان * ذواتا افنان * فبأي الاء ربكما تكذبان * فيهما عينان تجريان * فبأي الاء ربكما تكذبان * فيهما من كل فاكهة زوجان * فبأي الاء ربكما تكذبان *متكئين على فرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان * فبأي الاء ربكما تكذبان * (يا ربي لا بشيء من الائك اكذب).
نستمر فيما بدأنا به به في الخطبة الاولى …
اننا يمكن ان نلاحظ بوضوح ان الفرد بنفسه هو الذي يفتح باب الجنة وهو الذي يغلق باب النار او قل ان مفاتيح الجنة والنار فيما يخص شخص الفرد قد اعطيت للفرد نفسه فهو الذي يدخل نفسه الجنة بطاعاته واخلاصه وهو الذي يدخل نفسه النار بعصيانه وعناده وهو الذي يفتح ابواب جنته بالتوبة وهو الذي يفتح ابواب عذابه بالخيانة وهكذا ..
وذلك بعد ان اعطى الله تعالى صفة الارادة والاختيار القرب للانسان ولم يكن مجبورا لا على طاعة ولا على عصيان كما ان الفرد يمكن ان يفتح باب الجنة لاشخاص آخرين كانت مغلقة في وجوههم كما لو كانوا فاسقين فحثهم على الهداية او عاصين فحثهم على التوبة او جاهلين فحثهم على التعلم (كول لا ! ).
وهذا احد موارد صدق الاية الكريمة : ((الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين بأذن ربه)) من حيث ان الكلمة الطيبة التي تتصف بالحق والصدق يمكن ان تكون بنفسها سببا للهداية المستمرة علىطول الزمان وفي كل حين بأذن ربها ولمختلف الاشخاص بان يعلم بعضهم بعضا ويهدي بعضهم بعضا كما ان الفرد يمكن ان يفتح باب جهنم لا شخاص آخرين فيما اذا اغواه واضله او امره بعمل منكر كشرب الخمر او السرقة او الزنا او شككه والعياذ بالله في اصول الدين او في الحكمة الالهية ونحو ذلك وهذا ايضا من موارد صدق قوله تعالى بعد الاية السابقة : ((ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار)) فانما يمثل الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة بالشجرة باعتبار ان بعض اجزائها ينتج من بعض كاغصان الشجرة وتسلسل الهداية بالكلمة الطيبة بين الناس وبين الاجيال وتسلسل الغواية بينهم بالكلمة الخبيثة والعياذبالله فيكون احدهم فرعا للاخر وناتجا عما قبله كفرع الاشجار. ونفس هذا المضمون في تشبيه النار بالشجرة وخاصة على الطريقة القديمة على ايقاد النار حيث تأخذ الشعلة من شعلة وهكذا لانه شخاطة وزناد لم يكن عندهم. فتكون كل واحدة فرعا عما قبلها ولهذا قال تعالى : ((ارفرأيتم النار التي تورون أأنتم انشاتم شجرتها ام نحن المنشئون)) يا ربي انت انشأت شجرتها ولا نحن انشأنها. ثم ان ادخال الفرد نفسه او غيره في الجنة او في النار قد نتصور انه في الدنيا وقد نتصور انه في الاخرة هذا يصير وهذا يصير. اما كونه في الاخرة فواضح وهو المطابق للارتكاز المتشرعي من حيث ان الفرد تحصل له الهداية في الدنيا فيستحق دخول الجنة في الاخرة كما قد تحصل له الغواية في الدنيا فيستحق دخول النار في الاخرة وهذا صحيح الا ان الخطوة الاخرى اننا نقول ان الفدر يدخل الجنة او يدخل النار في الدنيا قبل الاخرة وذلك مطابق لظهور القرآن الكريم حيث يقول عن جهنم : ((احاط بهم سرادقها)) اي احاط سرادقها وسورها حول الكفار بوجودهم الدنيوي هنا احاط بهم سرادقها وهم في داخل السور موجودين اي في داخل جهنم لانه في داخل السور ماذا يوجد الا جهنم. كلما ما في الامر انها محجوبة عنهم لا يشعرون بالمها وانما ينفتح ذلك لهم عند الموت وما بعد الموت. وكذلك قوله تعالى : ((وان جهنم لمحيطة بالكافرين)) اي بوجودهم الدنيوي واذا كانت جهنم قريبة في الدنيا من اكفار والفاسقين ففي الاولى ان تكون الجنة قريبة من المؤمنين (كول لا !) ويمكن ان يتحصل فهم ذلك من عددمن آيات القرآن الكريم كل ما في الامر انها قد تكون محجوبة عنهم لذائذها ومباهجها وانما تفتح هذه الامور لهم بالموت او ما بعد الموت وعلى اي حال فسوف يصدق قولنا انك اذا هديت شخصا فقد ادخلته الجنةو اذا اغويت شخصا فقد ادخلته النار من حيث ان هذا سيحدث فورا وليس في الاخرة فقط.
ومما ينفع بهذا الصدد ونحن في شرح هذه الفقرات من الخطبة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) حيث يقول : ((ان ابواب الجنان مفتحة وان ابواب النيران مغلقة)) فانه مما ينفع بهذا الصدد ان نلتفت الى ان هذا حاصل وموجود في اصل الخلقة الانسانية ان ابواب الجنان امام الانسان مفتحة في اصل الخلقة وابواب النيران مغلقة في اصل الخلقة ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)) منجيث ان الفطرة تناسب فتح ابواب الجنان وغلق ابواب النيران وبتعبير آخر ان الله تعالى خلق الانسان للجنة لا للنار وان الله تعالى يريد لنا الجنة ولا يريد لنا النار وهذا معناه انه تعالى جل جلاله اصلا فتح لنا ابواب الجنان واغلق عنا ابواب النيران فلو اتبع الفرد قانون الفطرة والهداية لم يكن الحال مختلفا عن ذلك يعني يدخل الجنة بالضرورة ولا يرى النيران اطلاقا ولذا يتعجب ملائكة العذاب من دخول اهل جهنم في جهنم ويقولون لهم : ((ما سلككم في سقر)) اي مالذي جاء بكم الى هنا لانكم لستم مخلوقين لدجهنم فلماذا اتيتم ؟
الا ان الحال سيتغير خلال حياة الانسان ولن يبقى مطابقا للخلقة في الاعم الاغلب من الناس لما سيقارفونه من العصيان والطغيان فيفتوحون على انفسهم ابواب النيران ويغلقون في وجوه انفسهم ابواب الجنان وهنا تأتي محاولات والهداية والتوبة والشفاعة ونحو ذلك.
اذن فمن الناحية العملية او التطبيقية لن يكون الحال الاصلي او الخلقي متحققا بل العكس غالبا هو المتحقق وهو فتح ابواب النيران وغلق ابواب الجنان ومن هنا تكمن اهمية شهر رمضان وبركته من حيث انه الزمان الموقوت لمزيد رحمة الله تعالى للجميع وهو العودة الى اصل الخلقة واعطاء الفرصة للتوبة والاستغفار وفتح ابواب الجنان وغلق ابواب النيران.
والخطوة الاخرة في هذا الصدد انه يقول (صلى الله عليه واله) بعد ان يذكر فتح ابواب الجنان في الخطبة المروية : (فسلوا ربكم ان لا يغلقها عليكم) وبعد ان يذكر اغلاق ابواب النيران : (فسلوا ربكم ان لا يفتحها عليكم). في حين انها بالاكيد كما سمعنا ايضا انها تنفتح وتنغلق بالاعمال بعمل الفرد فابواب الجنان تنفتح بالاعمال الصالحة وابواب النيران تنفتح بالاعمال السيئة لاننا لا نقول بانتساب ذلك الى الله مباشرة والا لزم القول بالجبر وهو قول باطل ومبرهن على بطلانه عندنا وفي مذهبنا وانما الصحيح كما ورد : (لاجبر ولا تفويض ولكن امر بين امرين). في حين ان الخطبة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) هذه تسند ذلك الى الله تعالى حين يقول : (فسلوا ربكم ان لا يغلقها عليكم) او (ان لا يفتحها عليكم) في العبارة الثانية وهذا ان كان بنو العلية التامة والقهر لزم الجبر الا انه لا يراد به ذلك بكل تاكيد بل هو مبرهن على بطلانه وانما المراد به التسبيب الاقتضائي او التسبيب الناقص او ما يسمى بلغة المتشرعة بالتوفيق وهو لا يعني العلية التامة والقهر وانما يعني التسهيل والتيسير فقط. والتوفيق امر صحيح واكيد فهو جل جلاله الموفق لكل طاعةوالموفق لترك المعصية الا تقول : (الحمد لله الذي قضى عني صلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) هذا بالنسبة الى الطاعة واما بالنسبة الى المعاصي فانما ينالها الفرد باستحقاقه فان الله تعالى حين يجد الفرد المتدني مستحقا لاقتراف المعصية فانه يوكله الى نفسه ونفسه الامارة بالسوء تكون هي السبب حقيقة الى العصيان والطغيان فيتورط في المعصية بارادته وقناعته.
بقيت خطوة اخيرة في شرح هذه الخطبة المباركة هو انه يقول فيها حسب الرواية : (والشياطين مغلولة) اي مشدودة بالغل وهو القيد. فاذا كانت الشياطين مغلولة ومقيدة فكيف تتصرف وكيف تحفظ مصالح انفسها من طعام وشراب وغير ذلك فان هذا خلاف الرحة بالشياطين انفسها.
وجواب ذلك يكون على عدة مستويات اي واحد منها يكون صادقا فانه يكون كافيا في الجواب:
المستوى الاول : ان المراد ليس هو الغل الكامل للشياطين بحيث يكون سببا لمنعهم من مصالحهم الخاصة وانما المراد انهم ممنوعون عن التسلط على البشر خلال شهر رمضان الذي هو عملهم الاعتيادي والدائم وهو ان الشيطان يتسلط على البشر فاذا منعوا منه كان ذلك بمنزلة الغل بالنسبة اليهم.
المستوى الثاني : ان السؤال ناتج من تخيل ان الشياطين كالبشر يحتاجون الى طعام وشراب ولهم ما لنا من المصالح الشخصية الا ان ذلك يمكن نفيه ولا اقل انه مما لا دليل عليه ومعه فاذا كان الشيطان مغلولا لا يؤدي به ذلك الى القسوة او المفسدة او خلاف الرحمة.
المستوى الثالث : ان السؤال ناتج من تخيل ان الشياطين يتضررون في مصالحهم الشخصية من استمرار الغل لهم مدة شهر اي طول شهر رمضان كما في الشخص البشري فالانسان اذا كان في غل مدة شهر تتضرر مصالحه الشخصية اكيدا فنتخيلان الشياطين كذلك. في حين انه يمكن نفي ذلك وان مثل هذا الضرر خلال شهر لا يحصل للشياطين وان كان قد يحصل للبشر. وعلى اي حال فالظاهر والاقرب الى فهم العبارة هو المستوى الاول يعني المنع عن التسلط على الناس ولذا يقول : (فسلوا ربكم ان لا يسلطها عليكم) فان تسليط الشيطان على الفرد لا يعني حفظ المصالح الشخصية للشيطان بعد ان كان مغلولا وانما يعني فقط شروعه بالغواية بعد المنع اي غواية البشر بعد منعه عنها.
ومقتضى اطلاق العبارة هو كون الشياطين مغلولين عن كل الناس مم مؤمنين وفاسقين وكفار لان شهر رمضان يمر على الجميع فتكون مزاياه شاملة للجميع من فتح ابواب الجنان واغلاق ابواب النيران وغل الشياطين، ولا بأس بهذه النتيجة باعتبار رحمة الله الواسعة حتى الكفار والمنافقين فانها ايضا تعني فتح فرصة التوبة والاستغفار والرجوع الى الهداية من قبل اي واحد منهم. غير ان طبقات كثير منهم يكون التوفيق عنهم مسلوبا باعتبار اصرارهم على العصيان والطغيان فهم في الآن الاول او قل في اليوم الاول من شهر رمضان سوف يغلقون ابواب الجنان في وجوه انفسهم ويفتحون ابواب النيران في وجوه انفسهم ويسلطون الشياطين على انفسهم حتى كأن هذه العملية او فتح ابواب الجنان واغلاق ابواب النيران بالنسبة لهم لا اثر لها او لا زجزد لها وتبقى الفرصة الحقيقية والمستمرة مفتوحة بهذا الصدد للمسلمين والمؤمنين الين لهم الاستحقاق النسبي لاغلاق ابواب النيران وفتح ابواب الجنان وغل الشياطين عنهم بمقدار قليل او كثير.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 47  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:18 PM


الجمعة الحادية والاربعون 5 شوال 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
نرفع ايدينا جميعا بالدعاء …
يا الله يا الله يا الله يا محمد يا محمد يا محمد يا علي يا علي يا علي يا فاطمة يا فاطمة يا فاطمة يا حسن يا حسن يا حسن يا حسين يا حسين يا حسين يا سجاد يا سجاد يا سجاد يا باقر يا باقر يا باقر يا صادق يا صادق يا صادق يا كاظم يا كاظم يا كاظم يا رضا يا رضا يا رضا يا جواد يا جواد يا جواد يا هادي يا هادي يا هادي يا عسكري يا عسكري يا عسكري يا حجة يا حجة يا حجة يا ربي يا ربي ياربي اللهم افعل بنا ما انت اهله ولا تفعل بنا ما نحن اهله يا ارحم الراحمين.
الانسان غالبا ما يكون ابن يومه ينسى ما مضى عليه قبل قليل فضلا عن الكثير. الان لعل اغلبنا نسي اننا كنا في شهر رمضان قبل اقل من اسبوع.
في الحقيقة شهر رمضان شهر عظيم عند الله ونحن بصفتنا من اهل الغفلة ومن اهل الدنيا من الصعب ان نعرف خصائصه الا بمقدار ما يدلنا عليها المعصومون (سلام الله عليهم اجمعين) فلنودع شهر الله سبحانه وتعالى. فلنودع شهر الله تعالى بالطريقة التي يودعها به الامام السجاد (سلام الله عليه) ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
السلام عليك يا شهر الله الاكبر ويا عيد اوليائه السلام عليك يا اكرم مصحوب من الاوقات ويا خير شهر في الايام والساعات. السلام عليك يا من شهر قربت فيه الامال ونشرت فيه الاعمال. السلام عليك يا من قرين جل قدره موجودا وافجع فقده مفقودا ورجو آلم فراقه. السلام عليك يا من اليف آنس مقبلا فسر واوحش منقضيا فمض. السلام عليك يا من مجاور رقت فيه القلوب وقلت فيه الذنوب. السلام عليك يا من ناصر اعان على الشيطان وصاحب سهل سبل الاحسان. السلام عليك ما اكثر عتقاء الله فيك وما اسعد من رعى حرمتك بك. السلام عليك ما كان امحاك للذنوب واستر لانواع العيوب. السلام عليك ما كان اطولك على المجرمين واهيبك في صدور المؤمنين. السلام عليك من شهر لا تنافسه الايام. السلام عليك من شهر هو من كل امر سلام. السلام عليك غير كريه المصاحبة ولا ذميم الملابسة. السلام عليك كما وفدت علينا بالبركات وغسلت علينا دنس الخطيئات. السلام عليك غير مودع برما ولا متروك صيامه سأما. السلام عليك من مطلوب قبل وقته ومحزون عليه قبل فوته. السلام عليك كم من سوء صرف بك عنا وكم من خير افيض بك علينا. السلام عليك وعلى ليلة القدر التي هي خير من الف شهر. السلام عليك ما كان احرصنا بالامس عليك واشد شوقنا غدا اليك. السلام عليك وعلى فضلك الذي حرمناه وعلى ماض من بركاتك سلبناه ورحمة الله وبركاته.
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
((ان تصبك حسنة تسوءهم وان تصبك مصيبة يقولوا قد اخذنا امرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون * قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون * قل هل تربصون بنا الا احدى الحسنيين ونحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده او بايدينا فتربصوا انا معكم متربصون * قل انفقوا طوعا او كرها لن يتقبل منكم انكم كنتم قوما فاسقين *)).
بمناسبة مرور عيد الفطر نتكلم عن فكرة العيد في الاسلام ويكون ذلك في ضمن عدة نقاط :
النقطة الاولى : انه يعتقد طبقة من اهل اللغة ولعله هو المشهور بينهم ان العيد انما سمي عيدا لانه يعود كل سنة كأنه مأخوذ من العود فيكون عيد بمعنى عائد كفعيل بمعنى فاعل مثل عليم بمعنى عالم. الا ان هذا واضح المناقشة :
اولا : ان العود بالواو والعيد بالياء فتكون كل واحدة مادة منفصلة مباينة مع الاخرى ولا يوجد وجه معتد به لتبرير تبديل الواو ياءا في لفظ العيد.
ثانيا : انه لا تنطبق هنا قاعدة فعيل بمعنى فاعل لوضوح ان عيد ليس على وزن فعيل لا فعلا ولا تقديرا. ومن هنا فان الاطمئنان العرفي على ان لفظة عيد لفظ مستقل وضع لاجل الدلالة على هذا المعنى بالذاتع وهو اي يوم يناسب فيه اجتماعيا اظهار الفرح والسرور فيكون عيدا.
ومن الطريف الملفت للنظر والذي الفت نظري على اية حال انني نظرت في عدة مصادر لغوية فلم اجد معنى العيد فيها موجودا بما فيها لسان العرب لابن منظور ومجمع البحرين للطريحي والمفردات للراغب الاصفهاني وغيرها. وبالتأكيد فان لفظ العيد ليس كلمة مستحدثة ليعرض عنها اهل اللغة ويهملوها بل هي قديمة واصيلة في اللغة بدليل انها واردة في القرآن الكريم في قوله تعالى : ((تكون لنا عيدا لاولنا وآخرنا واية منك))الامر الذي يدل على انها كانت متداولة ومفهومة في صدر الاسلام والعصر الجاهلي السابق عليه.
النقطة الثانية : ان العيد بالمعنى الاصلي هو وقت حدوث مناسبة السرور والابتهاج الاجتماعي نفسه كحدوثا انتصار على العدو مثلا او ولادة شخص مهماو حصول فرج بعد الشدة ونحو ذلك وليس العيد هو ذكراه السنوية المتكررة كل عام لوضوح ان المناسبة الحقيقية لا تحصل كل عام وانما هو مجرد تكرار او اجترار وتذكر لما كان قد حصل في الزمان الماضي لا اكثر فهو في الحقيقة عيد مجازا وليس عيدا حقيقة. في حين ان العيد الحقيقي هو يوم حصول الحادثة المفرحة نفسه. وهذا هو مراد الاية الكريمة حين تقول : ((تكون لنا عيدا)) يعني بمناسبة نزول المائدة من السماء التي هي سبب الفرح والابتهاج ولم يقل انها تكون لنا عيدا نحتفل به كل عام.
الا اننا يمكن ان نلاحظ ان المناسبات السنوية الاسلامية او الدينية على كلا الشكلين من هذه الناحية فمنها ما يكون ذكريات سنوية لحوادث سابقة في صدر الاسلام وربما اكثرها كذلك وهو الاعم الاغلب منها بما فيها مناسبات ولادات ووفيات المعصومين (سلام الله عليهم) وعيد الغدير. ومنها ما يمكن القول ان المناسبة بنفسها تتكرر كل عام فنحن في كل عام في مناسبة جديدة وسبب حقيقي للفرح والابتهاج فيكون عيدا ليس لاجل مجرد الذكرى بل هو عيد فعلي لمناسبة حاصلة تخصه في نفس الوقت وهذا المعنى متحقق في كل من عيد الفطر وعيد الاضحى كما هو متحقق بمعنى آخر في ليلة القدر ويوم عرفة على ما سنسمع شيئا من تفاصيله في النقاط التالية.
النقطة الثالثة : قلنا في ما وراء الفقه انه تقوم فكرة الايام المهمة او المتبركة في الدين على احد اسس ثلاثة تنقسم الايام باعتبارها الى ثلاثة اقسام:
القسم الاول : الايام التي تكتسب اهميتها باعتبار ان حادثة مهمة قد وقعت فيها كولادة النبي (صلى الله عليه واله) وولادة امير المؤمنين (عليه السلام) ووقعة بدر ويم المعراج ويوم الغدير ونحو ذلك فهذه ايام المناسبات التي تعطي للمسلمين بتجدد الذكرى كل عام ما يمكن ان تعطيه من الهام مقدس لكل فرد مسلم بمقدار حاله ومستواه.
القسم الثاني : الايام التي تكتسب اهميتها باعتبار كونها وقتا لاداء عبادة كبيرة في نظر الشريعة ومن اهم امثلة ذلك ليلة القدر في شهر رمضان بل ايام شهر رمضان كله وكذلك يوم عرفة في الحج فانها واقعة في بحران العبادة وقمة اندفاع المكلف في التوجه الى ربه والتوسل اليه.
القسم الثالث : الايان التي تكتسب اهميتها باعتبار كونها اول يوم تقريبا لفراغ المكلف من عبادة مهمة في الاسلام فانه من الوجداني المحسوس ان اداء اي واجب او مطلوب يقوم به الانسان يعطي راحة محببة واطمئنانا للضمير وشكرا لله سبحانه وتعالى على حسن التوفيق وكلما كبرت العبادة وازدادت اهميتها ازداد اهمية الفراغ منها حتى يمكن ان يصل هذا الشعور الى حد يستحق ان يكون عيدا اسلاميا ينص عليه بالشريعة ويحتفل به المسلمون على طول العصور واهم مثال لذلك عيد الفطر الذي يأتي بعد الانتهاء من فريضة الصوم خلال شهر كامل وعيد الاضحى الذي يأتي بعد الانتهاء من الاجزاء الاساسية من الحج وهو الموقفان في عرفة والمشعر الحرام وبالتالي كأن الحج قد انتهى من حجه بشكل وآخر بقيت عليه واجبات اخرى كالذبح والتقصير ولكن الشيء الاساسي انتهى.
وليس من الصدف ان يقع عيد الفطر بعد عيد ليلة القدر وان يقع عيد الاضحى بعد يوم عرفة بعد ان عرفنا ان ليلة القجر واقعة في قمة اداء العبادة وعيد الفطر واقع في الانتهاء منها كما ان يوم عرفة واقع في موقف من اهم مواقف الحج يليه فجر اليوم العاشر الذي هو وقت الوقوف في المشعر الحرام وهما قمة اداء هذه العبادة (عني الحج) فيكون عيد الاضحى منذ طلوع شمسه اي شمس اليوم العاشر واقعا عند الانتهاء منها.
النقطة الرابعة : انه اتضح من هذا كله ما قلناه قبل قليل من ان هذه المناسبات تتكرر بنفسها كل عام وليس هي ذكريات لمناسبات سابقة لوضوح ان شهر رمضان في كل عام هو مناسبة الصوم كما ان ليلة القدر فيه في كل عام هي قمة العبادة فيه وكذلك (تتنزل الملائكة والروح فيها من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر) ومعه يكون عيد الفطر الذي يأتي بعده مباشرة هو عيد فعلي ومباشر للتباشر والابتهاج من انتهاء تلك العبادة المهمة التي ترضي الله سبحانه وتبعث في الضمير راحة محببة وفرحا كما ان مناسبة الحج في كل عام هو مناسبة فعلية وواجبة على كل مسلم استطاع اليه سبيلا فيكون يوم عرفة هو مناسبة فعلية ومباشرة لهذه العبادة العظيمة والشعيرة المهمة من شعائر الله والاسلام الا وهي الحج وليس ذلك على شكل ذكرى لعيد سابق. كما ان عيد الاضحى سيكون فعلا هو وقت الانتهاء او قل الاحتفال بالانتهاء من تلك العبادة المهمة التي ترضي الله تعالى وترضي ضمير المسلم.
النقطة الخامسة : اننا قلنا قبل قليل ان العيد هو يوم الفرح الاجتماعي او العام عند تحقق سببه فعلا طبعا وهذا ما يتكرر سببه في كل عام في عيد الفطر وعيد الاضحى واما بالنسبة الى الذكريات فالعيد الحقيقي و المناسبة الاولى التي حصلت فيها تلك الحادثة فعلا فمثلا ان العيد الحقيقي هو يوم ولادة الرسول في عام الفيل فمن حيث ان ولادته هي الحادثة المبهجة والرئيسية التي اوجبت بالتدريج قلب الموازين البشرية من حين البعثة النبوية الى يوم القيامة ونسخ الشرائع السابقة وتبديلها بالشريعة التي تمثل الحق المطلق والعدل الصريح فمن هذه الناحية اصبحت عيدا طبعا ونفس هذا نقوله في عيد المبعث النبوي فان يوم المبعث منذ حصول البعثة حقيقة في غار حراء هو العيد وسبب السرور والابتهاج واما تكراراته السنوية فهي مجرد ذكريات له كما ان ولادات المعصومين (سلام الله عليهم) كذلك ويقاس على ذلك ايام الحزن والمصيبة والاسى في الاسلام فان اليوم الحقيقي لذلك هو يوم حصوله فعلا كيوم مقتل امير المؤمنين (سلام الله عليه) ويوم مقتل الحسين (سلام الله عليه) في واقعة الطف ووفيات سائر المعصومين (عليهم السلام) مضافا الى ايام اخرى محزنة ومفجعة قلما يلتفت اليها المتشرعة كحصار النبي (صلى الله عليه واله) واهله واصحابه في شعب ابي طالب فهل نعمله يوم مصيبة وتعزية ! غافلين حبيبي .. وغيبة الامام المهدي (عليه السلام) ويم هدم قبور المعصومين (عليهم السلام) في البقيع من قبل الوهابين السعوديين وغير ذلك.
النقطة السادسة : انه لا شك ان هناك مصالح اجتماعية ودينية مهمة لتأسيسهذه الذكريات ولولاها لانقطع المجتمع عن تاريخه المقدس وقادته الرئيسين انقطاع يكاد يكون تاما. فمن المناسب ان تأتي في كل شهر مناسبة او عدة مناسبات نجدد فيه العواطف تجاه الاسلام والدين والقادة واحدا واحدا لكي يكون هذا التجديد حافزا جديدا ويعطي زخما نفسيا مؤثرا نحو طاعة الله ونصرة الدين والمذهب.
ومن الملحوظ بوضوح ان مذهبنا وانا ملتفت من زمان هو الفريد من كل المذاهب والاديان بكثرة مناسباته الدينية والمذهبية فهو له مناسبات الاسلام كلها مضافا الى مناسبات في المذهب نفسه على ان منسابت المذهب مما لا يمكن انكاره او استنكاره لاي احد على الاطلاق لوضوح ان ائمتنا (سلام الله عليهم) رجال قادة وعلماء سادة متفق على صحتهم وعلمهم ووثاقتهم وصلاحهم لم يجرح فيهم الا الشاذ الناصبي المتعصب الملعون عند الله ورسوله.
وعليه فمن المعقول جدا ان تكون يوم ولادة اي واحد من هؤلاء العظماء عيدا وان يكون يوم وفاته يوم مصيبة واسى حتى عند غيرنا بطبيعة الحال. وان تكون ذكرياتهم السنوية على كثرة تكرارها مناسبات مهمة دينية واسلامية تتجدد فيها الطاعات. ووجودها مهم لنصرة الدين والدفاع عن شريعة سيد المرسلين.
ومن الواضح ان الحال الدنيوي والمصالح الشخصية هي التي تسيطر على افراد المجتمع في الغالب من فقر وغنى وصحة ومرض وربح وخسران ونحو ذلك الامر الذي يستوجب بوضوح البعد عن طاعة الله ونسيان ذكر الله والغفلة عن امجاد التاريخ الاسلامي والقادة الاسلاميين. ومن هنا كانت المصلحة في حكمة الله التكثير من هذه المناسبات وتكرارها وتركيزها لكل يوجب الاوبة والرجوع لكل الغافلين والمقصرين في طريق الله سبحانه وتعالى، قال تعالى : ((انه اواب)) يمدح الاواب وهو الراجع الى الله. وقال سبحانه : ((لكل عبد منيب)) ايضا بمعنى راجع. وقال : ((ففروا الى الله)) وقال : ((انا لله وانا اليه راجعون)).
بسم الله الرحمن الرحيم
انا اعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * ان شانئك هو الابتر *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الحادية والاربعون 5 شوال 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم هذا يوم مبارك والمسلمون فيه مجتمعون في اقطار ارضك يشهد السائل منهم والطالب والراغب والراهب وانت الناظر في حوائجهم فاسألك بجودك وكرمك وهوان ما سألتك عليك ان تصلي على محمد واله واسألك اللهم ربنا بان لك الملك ولك الحمد لا اله الا انت الحليم الكريم الحنان المنان ذو الجلال والاكرام بديع السماوات والارض مهما قسمت بين عبادك المؤمنين من خير او عافية او بركة او هدى او عمل بطاعتك او خير تمن به عليهم تهديهم به اليك او ترفع لهم عندك درجة او تعطيهم به خيرا من خير الدنيا والاخرة اسألك اللهم بان لك الملك والحمد لا اله الا انت ان تصلي على محمد وال محمد عبدك ورسولك وحبيبك وصفوتك وخير خلقك وخيرتك من خلقك وعلى ال محمد الابرار الطاهرين الاخيار صلاة لا يقوى على احصائها الا انت وان تشركنا في صالح من دعاك في هذا اليوم من عبادك المؤمنين يا رب العالمين وان تغفر لنا ولهم انك على كل شيء قدير اللهم اليك تعمدت بحاجتي وبك انزلت اليك اليوم فقري وفاقتي ومسكنتي واني بمغفرتك ورحمتك اوثق مني بعملي ولمغفرتك ورحمتك اوسع من ذنوبي فصلي على محمد وال محمد وتولى قضاء كل حاجة هي لي بقدرتك عليها وتيسرذلك علي وبفقري اليك وغناك عني فان لم اصب خيرا قط الا منك ولم يصرف سوءا قط احد غيرك ولا ارجو لامر آخرتي ودنياي سواك اللهم من تهيأ وتعبأ واعد واستعد لوفادة الى مخلوق رجاء رفده ونوافله وطلب نيله وجائزته فاليك يا مولاي كانت اليوم (وانشاء الله كل يوم) تهيأتي وتعبأتي واعدادي واستعدادي رجاء عفوك ورفدك وطلب نيلك وجائزتك. اللهم صل على محمد وال محمد ولا تخيب اليوم ذلك من رجائي يا من لا يخفيه سائل ولا ينقصه نائل فاني لم اتيك ثقة مني بعمل صالح قدمته ولا شفاعة مخلوق رجوته الا شفاعة محمد واهل بيته عليه وعليهم سلامك اتيتك مقرا بالجرم والفساد الى نفسي اتيتك ارجو عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخطائين ثم لم يمنعك طول عكوفهم على عظيم الجرم ان عدت عليهم بالرحمة والمغفرة فيا من رحمته واسعة وعفوه عظيم يا عظيم يا عظيم يا عظيم يا كريم يا كريم يا كريم صل على محمد وال محمد وعد علي برحمتك وتعطف علي بفضلك وتوسع علي بمغفرتك.
بسم الله الرحمن الرحيم
((الذين آمنوا وتطوئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطئمن القلوب * الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب * كذلك ارسلناك في امة قد خلت من قبلها امم لتتلوا عليهم الذي اوحي اليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب * ولو ان قرآن سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى بل لله الامر جميعا * او لم ييأس الذين آمنوا ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا * ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة او تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله ان الله لا يخلف الميعاد)).
نستمر فيما بدأناه في الخطبة الاولى …
النقطة السابعة : ان الفرح والسرور له اسبابه الدنيوية واسبابه الاخروية. اما اسبابه الدنيوية فواضحة كحصول الصحة بعد المرض او الثروة بعد الفقر او قرب الشخص القريب او الحبيب بعد بعده وهكذا. وهذا النوع من الفرح وان كان جائزا فقهيا ومتعارفا متشرعيا واجتماعيا الا انه مرجوح اخلاقيا وفي الحكمة : (لا تفرح بما اتاك من الدنيا ولا تحزن عما فاتك منها) وقال الله تعالى : ((لاتفرح ان الله لا يحب الفرحين)) وهذا خطاب لقارون حين فرح بامواله وزينته (كول لا سبحان الله !).
ومن المعلوم انه حين عصى قارون هذا الامر بترك الفرح ففرح عوقب بالعقاب الدنيوي المعجل قال تعالى : ((فخسفنا به وبداره الارض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين * واصبح الذين تمنوا مكانه بالامس يقولون وي كأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا ان من الله علينا لخسف بنا وي كأنه لا يفلح الكافرون *)
اذن فالفرح بالاسباب الدنيوية ممنوع اخلاقيا وقد تكون عليه عقوبة كالتي وقعت على قارون كما ان الحزن للاسباب الدنيوية ممنوع اخلاقيا وقد سمعناه في الحكمة يقول : (ولا تحزن عما فاتك من الدنيا).
واما الفرح بالاسباب الاخروية فهو صحيح ومشروع قال تعالى : ((قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)) وقوله ((مما يجمعون)) يعني مما يجمعون من اموال الدنيا وبهارجها وشهواتها التي تكون سببا لفرح اهل الدنيا واهل الغفلة والغرور بل هي ملغاة ومبدلة بالاسباب الاخروية للفرح وهي تلقي فضل الله ورحمته كما سمعناه في الاية الكريمة : ((قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هوخير مما يجمعون)).
والاسباب الاخروية للفرح قد لخصتها الاية الكريمة وهي فضل الله ورحمته فاذا حصل الفرد على شيء من فضل الله ورحمته فرح وجاز له الفرح كما لو وفق الى طاعة واجبة او مستحبة او الى اي شيء مرضي لله سبحانه او وفق الى ترك معصية كاد ان يقع فيها فتمت له السيطرة عليها وتركها كما لو حدثته نفسه بشهوة جنسية محرمة او سرقة او كذب او غيبة او غير ذلك فتركها من اجل رضا الله سبحانه وتعالى فانما ذلك فضل من الله وحسن توفيق يجب ان يشكر الله تعالى عليه وانه لم يوكله الله الى نفسه فيتورط في الحرام.
وعلى اي حال فتتلخص الاسباب الاخروية للفرح بما يناله العبد من الكمال او يعطى درجاته وكله منوط برضا الله تعالى وحسن توفيقه.
وكذلك الحزن الاخروي فان اسبابه واضحة وهي كل ما يرتبط برضا الله سبحانه ويتلخص ان الفرد يحزن لحصول النقص او المصيبة في الدين او الطاعة او وقوع الالم والشدة في بعض اولياء الله سبحانه وتعالى. وفي الرواية في وصف الشيعة : (انهم يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا)).
وعلى اي حال فيمكن القول بان اسباب الفرح والحزن متضادة فما كان سببا للفرح كان فواته ونقصه سببا للحزن وما كان سببا للحزن كان فواته سببا للفرح وهذا صادق على المستويين الدنيوي والاخروي معا.
النقطة الثامنة : اننا قلنا في فقه الاخلاق ان ما هو المؤثر اكثر والمنتج اكثر في طريق التربية والتكامل الالهي والايماني سواء على المستوى الفردي والاجتماعي هو الحزن وليس الفرح لان الحزن عاطفة قوية تحمل الفرد على الحماس والهمة باتجاهها وتطبيق مقتضياتها. ومن هنا قلنا ان الشرع الاسلامي اختار لنا الحزن للتربية العامة والخاصة وليس الفرح ومن هنا ورد وهو بيت منسوب الى احد المعصوين (سلام الله عليهم) ربما امير المؤمنين :
يفرح هذا الورى بعيدهم ونحن اعيادنا مآتمنا
اي هي موارد احزاننا ومصائبنا. لما نرى في انفسنا من النقص والقصور والتقصير ولما نرى في المجتمع من عيوب ومآثم فانه اذا التفت الفرد الى نقصه كان في طريق سده وتكميله واذا التفت الفرد الى نقص غيره كان بصدد ردعه ونهيه اذا كان يشعر بالمسؤولية.
وعلى اي حال فبعد ان عرفنا ان الفرح والحزن ينقسم الى ما هو دنيوي والى ما هو اخروي ينبغي ان نلتفت هنا الى ان ما قلناه من كون الحزن اقوى سببا للتربية والتكامل من الفرح انما تريد به الشريعة المقدسة الفرح والحزن الاخرويين، فيكون الحزن الاخروي باسبابه اقوى بالتربية من الفرح الاخروي واما الفرح والحزن الدنيويين فهذا احمله وارميه في الزبالة.
وهذا معناه ان الاولى للفرد ان يلتفت الى ذنوبه ونقصه اكثر من مما يلتفت الى طاعاته والى مركزه الديني واهميته الاجتماعية فان الالتفات الى ذلك يحدث في النفس الامارة الغرور والعجب والرياء والعظمة الزائفة وهذا اكيد ومجرب بالملايين. في حين ان الالتفات الى النقص والقصور الموجودين على كل حال وفي كل فرد فالكمال لله وحده، فان هذا الالتفات الى النقص يحدث في النفس التواضع والخشوع والتذلل امام الله تعالى ورجاء عفوه ولطفه وهو المطلوب دائما وليس العجب والرياء والغرور والعظمة الزائفة بطبيعة الحال.
فالافضل للفرد ان يحزن ويندم دائما لعدم حصوله على الكمال اللائق به لا ان يفرح بما جاء به من الطاعات فان الطاعات مهما كثرت فانها قليلة بل معدومة تجاه المعبود اللاهائي القدرة واللانهائي الوجود والتي نعمه لا تحصى ولا تجازى وهو المبتديء بالنعم قبل استحقاقها والله تعالى لا يطاع حق طاعته ولا يشكر حق شكره ولا يذكر حق ذكره ومن هنا ورد : (انظر في الاخرة لمن هو فوقك وانظر في الدنيا لمن هو دونك) لان الفرد اذا نظر في الاخرة لمن هو فوقه رغب فيه وعمل له وذلك هو العمل برضاء الله سبحانه فيكون العمل في ذلك عمل لله وفيه رضاء الله سبحانه وتعالى. واذا نظر في الدنيا لمن هو دونه اي الاكثر فقرا او مرضا او ذلة وهكذا حمد الله سبحانه على ما انعم به عليه من النعم حيث لم يجعله مثل ذلك الفرد في القصور والنقصان ونفس هذه الفكرة يمكن تطبيقها على كلا المستويين الدنيوي والاخروي معا. فاذا نظر الفرد الى من هو فوقه في الاخرة او افضل منه عند الله رغبهم في مقامهم وكمالهم وعمل للوصول اليه وهو المطلوب اي عند الله سبحانه وتعالى مطلوب اكيدا. واذا نظر الى من هو دونه في الاخرة حمد الله سبحانه على نعمة الطاعة وما تفضل به عليه من المواهب والمراحم وما حجبه عنه من الذنوب والعيوب التي تورط بها الاخرون. واذا نظر الفرد الى من فوقه في الدنيا وهو الاكثر مالا وولدا والاعز عشيرة ونحو ذلك فاذا كان مؤمنا لم يتمنها لنفسه بل تمنى عدمها لما فيها من المسؤولية امام الله سبحانه والتورط في جهات كثيرة هو في غنى عنها كما قال تعالى : ((الذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا)) واذا نظر الفرد الى من هو دونه في الدنيا افقر منه او امرض منه مثلا حمد الله سبحانه على نعمته الدنيوية كنعم تفتح له فرص الطاعة والثواب وليس كاسباب للشهوات والملذات.
النقطة التاسعة : اننا بعد ان عرفنا انقسام الفرح الى دنيوي واخروي فمن غير المحتمل ان الشريعة المقدسة تأمر في الاعياد الدينية المقدسة بالفرح الدنيوي وانما تأمر بالفرح الاخروي فانه من الواح جدا ان اهل الدنيا يفرحون في اعيادهم بالفرح الدنيوي بمزيد من الغناء والرقص ولتعري والعبث ونحو ذلك (كول لا ‍!) وكثيرا مشاهد في مختلف بلدان العالم مع الاسف. فيزداد تورطهم بالمعاصي وبعدهم عن رضاء الله سبحانه وتعالى وقربهم من الشيطان فبدلا عن ان يكون العيد لهم سببا للكمال قليلا او كثيرا كان سببا للنقص والهلاك والعياذ بالله. ومن الواضح ان المحرمات تبقى على حرمتها في العيد وغيره وفي الفرح والحزن طبعا ولا يحتمل ان تكون جائزة في الشريعة اطلاقا وانما المطلوب في الشريعة هو اظهار الفرح بما سميناه بالفرح الاخروي وهو يكون على احد مستويين او كلا المستويين :
احدهما : اظهار الفرح الدنيوي بالمباحات كاللباس الجيد والابتسام ونحو ذلك ويكون ذلك اخرويا باعتبار كون المناسبة دينية ومقدسة ومرضية لله سبحانه وتعالى.
ثانيهما : ابراز الفرح الاخروي الحقيقي لو صح التعبير بكثرة الطاعات والاستغفار والتذلل والخشوع امام الله سبحانه وتعالى لنيل رضاه وهباته ورحمته.
فاذا خطونا الخطوة الاخرى التي يقول فيها : (ونحن اعيادنا مآتمنا) عرفنا ان اظهار الفرح الدنيوي بالمباحات وان كان مطلوبا ومستحبا فقهيا الا انه في الحقيقة يتضمن غفلة عن الطاعات وعن ذكر الله سبحانه بل المطلوب حقيقة هو الحزن وليس الفرح. ماذا كان يفعل امير المؤمنين (عليه السلام) في عيد الاضحى او الفطر ؟ ماذا كانت تفعل الزهراء (سلام الله عليه) ؟ هل تلبس الجديد ؟ انا اقول لا هي وهم اعلى من ذلك (سلام الله عليهم) بل المطلوب حقيقة هو الحزن وليس الحزن وذلك على عدة مستويات :
المستوى الاول : ذكر مصائب اهل البيت (عليهم السلام) والتحزن لها فان ذلك من اعظم الطاعات امام الله سبحانه.
المستوى الثاني : ذكر المعاصي والنقص والقصور الموجود لدى الفرد نفسه والتباكي والتحزن امام الله تعالى لذلك والسعي تجاهه بازالة ذلك والسيطرةه عليه بحسن توفيق الله سبحانه وتعالى.
المستوى الثالث : ذكر المعاصي والنقص والقصور الموجود لدى الغير والتحزن لوجوده فان ذلك مما يؤلم ويقرح كما قال تعالى : ((لعلك باخع نفسك الا يكونوا مؤمنين)) وقال : ((ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون)) لانه (صلى الله عليه واله) كان يحزن عليهم ويكون في ضيق مما يمكرون لكنه الله يقول اللهم اني اسألك من الله اكبر لا توجد فائدة منهم قبحهم الله.
المستوى الرابع : تمني المؤمن الوصول الى مراتب من الكمال لم يصلها والتحزن لعدو وصولها والشوق اليها مع الاقتران بالامل بالله تعالى وحسن الظن به في ايصاله الى تلك المراتب المأمولة منه سبحانه.
بسم الله الرحمن الرحيم
هل اتاك حديث الغاشية * وجوه يومئذٍ خاشعة عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية * تسقى من عين آنية * ليس لهم من طعام الا من ضريع * لا يسمن ولا يغني من جوع * وجوه يومئذٍ ناعمة * لسعيها راضية * في جنة عالية * لا تسمع فيها لاغية * فيها عين جارية * فيها سرر مرفوعة * واكواب مرفوعة * ونمارق مصفوفة * وزرابي مبثوثة * افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت * والى السماء كيف رفعت * والى الجبال كيف نصبت * والى الارض كيف سطحت * فذكر انما انت مذكر * لست عليهم بمسيطر * الا من تولى وكفر * فيعذبه الله العذاب الاكبر * ان الينا ايابهم * ثم ان علينا حسابهم *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 48  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:20 PM


الجمعة الثانية والاربعون 12 شوال 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك بعض النقاط التي اريد ذكرها قبل الخطبة الشرعية لصلاة الجمعة ..
اولا: نبدأ بالصلاة على محمد وال محمد …
لاجل استنكار اعتقال خطباء الجمعة وفضلاء الحوزة الصلاة على محمد وال محمد …
لاجل المطالبة باطلاق سراحهم فورا الصلاة على محمد وال محمد …
لاجل عدم حصول ذلك اطلاقا في المستقبل الصلاة على محمد وال محمد …
لاجل اطاعة الحوزة العلمية الشريفة الصلاة على محمد وال محمد …
هناك فكرة لاجل احداث بناء في مسجد الكوفة لعله يعيق عن صلاة الجمعة فلاجل استنكار هذه الفكرة الخبيثة الصلاة على محمد وال محمد …
النقطة الثانية : ان هناك افعال واقوال مخلصة ولكنها بالتاكيد غير مسؤولة وهي مستعجلة بكل تاكيد من قبيل الهتافات التي تصدر من قبل جماعة من المؤمنين. وقد رأينا ما لها من المضاعفات وانا قلت بتوصيتين واكررهما :
اولا : لا تقل قولا ولا تفعل فعلا الا بعد السؤال عن الحوزة العلمية.
ثانيا : لا تقل قولا ولا تفعل فعلا منافيا لصلاة الجمعة لاجل احراز بقاء صلاة الجمعة فان هذه النتيجة اهم من كل الهتافات لو صح التعبير ولا شك ان ما حدث كان فيه غفلة او تغافلا عن هذين التعليمين. فالرجاء ان تأخذوه مستقبلا بنظر الاعتبار جدا.
النقطة الثالثة : اننا في الشتاء الثاني الذي تقام فيه صلاة الجمعة بعونه سبحانه وتعالى ولم يحصل مطر لا في الشتاء السابق ولا في الشتاء الحالي ولا في اي مكان اقيمت فيه صلاة الجمعة على الاطلاق. فالخطاب يكون لمنكري صلاة الجمعة ومعاندي صلاة الجمعة …
حبيبي .. صلاة الجمعة مؤيدة بتأييد الله ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يديم تأييده لها، فلذا يقول في الدعاء : اللهم افعل بي ما انت اهله ولا تفعل بي ما انا اهله، فحتى لو لم نكن يا ربي مستحقين لادامة صلاة الجمعة فدينك مستحق لادامة صلاة الجمعة فادم لنا صلاة الجمعة.
النقطة الاخرى التي اود الاشارة اليها ان هناك زعم نستطيع ان نسميه قديم ويؤيده زعم الحديث على انهم يزعمون انني انا الامام المهدي. وانا اتبرأ من هنا امام الله سبحانه وتعالى وفي اشرف بقعة تقريبا من هذا الزعم الباطل. وكل من يزعمه فهو كاذب وملعون وانا ابرأ منه والله يبرء منه. صلوا على محمد وال محمد ..
النقطة الاخرى التي اريد ان اشير اليها ان جماعة من وكلاء الحوزة الاخرى يوزعون اموال كثيرة لقضاء حاجة المحتاجين جزاهم الله خير جزاء المحسنين. الا ان الاشكال في هذا التوزيع هل هو من اجل الاخرة ام هو من اجل الدنيا ؟ في الحقيقة في حدود فهمي انه لا جل مضادة السيد محمد الصدر ولاجل مضادة النتائج التي اعطاها الله لنا بفضله وحسن توفيقه، حتى ان اخبار الثقاة تقول انه يعطى المال لشخص من رجال الحوزة ويقال له لا تدع للسيد محمد الصدر، فاريد ان اعرفكم على هذه الحقيقة الخبيثة ايضا.
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
انت الله لا اله الا انت كنت اذ لم تكن سماء مبنية ولا ارض مدحية ولا شمس مضيئة ولا ليل مظلم ولا نهار مضيء ولا بحر لجي ولا جبل راس ولا نجم سار ولا قمر منير ولا ريح تهب ولا سحاب يسكب ولا برق يلمع ور رعد يسبح ولا روح تنفس ولا طائر يطير ولا نار تتوقد ولا ماء يضطرب كنت قبل كل شيء وكونت كل شيء وقدرت على كل شيء وابتدعت كل شيء واغنيت وافقرت وامت واحييت واضحكت وابكيت وعلى العرش استويت فتباركت يا الله وتعاليت انت الله الذي لا اله الا انت الخلاق المعين العليم امرك غالب وعلمك نافذ وكيدك غريب ووعدك صادق وقولك حق وحكمك عدل وكلامك هدى ووحيك نور ورحمتك واسعة وعفوك عظيم وفضلك كثير وعطاءك جزيل وحبلك متين وامكانك عتيد وجارك عزيز وبأسك شديد ومكرك مكيد انت يا ربي موضع كل شكوى وحاضركل ملأ وشاهدكل نجوى ومنتهى كل حاجة مفرج كل حزن غنى كل مسكين حصن كل هارب امان كل خائف حرز الضعفاء كنز الفقراء مفرج الغماء معين الصالحين ذلك الله ربنا لا اله الا هو تكفي من توكل عليك وانت جار من لاذ بك وتضرع اليك عصمة من اعتصم بك ناصر من انتصر بك تغفر الذنوب لمن استغفرك جبار الجبابرة عظيم العظماء كبير الكبراء سيد السادات مولى الموالي صريخ المستصرخين منفس عن المكروبين مجيب دعوة المضطرين اسمع السامعين ابصر الناظرين احكم الحاكمين اسرع الحاسبين ارحم الراحمين خيرالعارفين قاضي حوائج المؤمنين مغيث الصالحين يا لا اله الا انت صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين المعصومين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((واتلوا عليهم نبأ ابراهيم اذ قال لابيه وقومه ما تعبدون * قالوا نعبد اصناما (لاحظوا الاصنام اشكال مختلفة وليست حجرية فقط) فنظل لها عاكفين * قال هل يسمعونكم اذ تدعون او ينفعونكم او يضرون * قالوا بل وجدنا ابائنا كذلك يفعلون * قال ارأيتم ما كنتم تعبدون انتم واباءكم الاقدمون * فانهم عدو لي الا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين * والذي هويطعمني ويسقسن * واذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين * ربي هب لي حكما والحقني بالصالحين * واجعل لي لسان صدق في الاخرين * واجعلني من ورثة جنة النعيم * واغفر لابي انه كان من الضالين * ولا تخزني يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * الا من اتى الله بقلب سليم *))
اريد في هذا الاسبوع ان اخاطب الاطباء خاصة وذوي المهن الطبية عامة من صيادلة ومضمدين وغيرهم وذلك في ضمن النقاط التالية :
النقطة الاولى : لا شك ان الطب حقل انساني جليل جدا حتى في نظر الدين والمتشرعة حتى روي عن بعض القادة الاسلاميين انه يقول : (العلم علمان علم الاديان وعلم الابدان) يعني ان اهم العلوم النافعة هو ذلك. ويراد بعلم الاديان الفقه او الشريعة العادلة ويراد بعلم الابدان الطب. او قل ان الطب طبان طب النفوس وطب الابدان. لان المرض مرضان مرض النفوس ومرض الاجسام ومرض النفوس يداويه الدين ومرض الاجسام يداويه الطب وكلاهما مهمة ضرورية للبشريه وخاصة حينما تصل حالة الفرد الى حد الضرورة والانهيار صحيا فيكون المنقذ بحسب السبب هو الطب او قل هو الطبيب ولذا اعتبرت الشريعة وافتى الفقهاء جميعا بان الطب من الصناعات الضرورية في المجتمع كسائر الصناعات كالتجارة والنجارة والحدادة والبناء وغير ذلك فانها كلها ضرورية بما فيها الطب وهي واجبات كفائية يجب تصدي جماعة من المجتمع الى القيام بها والا عوقب الجميع شأن كل الواجبات الكفائية التي لعله كلكم سامعين بها.
واذا كانت اية صناعة يتوقف على التعلم وجب التعلم بنفس الوجوب الكفائي لانه مقدمة للقيام بالتطبيق او التنفيذ الذي هو واجب كفائي بدوره فتكون مقدمة الواجب واجبة وهذا يعني ان تعلم الطب واجب وهذا يعني ان الطب يعطى في الشريعة احترامه الكامل فهو ليس من المباحات، ليس مباحا ولا مستحبا بل واجبا والزاميا وتركه حرام وهذا كافي جدا لاحترامه.
النقطة الثانية : ان الجانب الانساني او قل جانب الرحمة والعطف هو المسيطر بالاساس على الطب والصناعات الطبية عموما فالمريض يشعر بحاجة الى الطبيب ويتوقع منه التعاون والاخلاص والانسانية ويحمله على كل محمل جميل يحن الظن بالطبيب غالبا بل دائما. وانما طرق بابه واتى اليه لانه يستوثقه ويجعل حياته بيده وشفائه على يده فمن هذه الناحية بكل تاكيد يجب ان يكون الطبيب على مستوى المسؤولية من هذه الناحية وفي تجاوب كامل مع حسن الظن الذي اولاه المريض اياه فيبذل اخلاصه ورحمته للمريض ومعنى ذلك انه يبذل اقصى ما يستطيع من علم او عمل في سبيل انقاذه من ورطته وشفاءه من مرضه لا ان يصبح الطبيب في مثل هذه المواقف وهي مواقف تتكرر دائما ممن يشعر بالانانية والغرور ويجر النار الى قرصه وينظر الى مصلحته الخاصة ولو على حساب مصلحة المريض صحيا او اقتصاديا او اجتماعيا او غير ذلك فيخون المريض فيخون الطبيب المريضة بهذا المعنى الطبيب يخون المريض من حيث لا يعلم المريض ولا يلتفت فيكون مطابقا للمثل القائل: (لا يخونك الامين ولكن قد يؤتمن الخائن).
النقطة الثالثة : انني اعتقد ان الطبهو من انجح العلوم التطبيقية او العملية بالفكر الانساني الى حد قد يعدل في ذلك العلوم الاخرى من الفيزياء او الكيمياء حتى صناعة الكمبيوترات او الصعود الى الفضاء ولكن مع ذلك فان هناك مبالغة شديدة في الاعلام الطبي عموما كما ان هناك مبالغة شديدة في الاعلام العلمي، كأن الغرب يريد ان يقول انه قد وصل بالعلوم الى مدراج ضاهية وفائقة جدا وخارجة عن طاقة اي بشري ويستدل لذلك ببعض النتائج التي وصلت اليها في مختلف الحقول البشرية والعلمية ولا شك ان عددا منها نتائج مدهشة حقا الا انها مع ذلك ذات مبالغة اكيدة بازاء عدة امورمنها :
اولا : ان علمائهم وقادتهم يعترفون بالنقص والقصور حين يستيقظ في ضميرهم جانب الحق والمروي عن نيوتن انه قال ما مضمونه : (اننا نحس تجاه هذا العالم اننا كالاطفال نلعب امام ساحل بحر عميق) وكذلك ان المنقول عن بعضهم انه يقول : (ان العقل الانساني لم يستعمل منه الى الان الا واحد بالمائة او اثنين بالمائة) اما اذا استعمل بكل طاقاته الكاملة او الكامنة، فماذا سوف يحدث ؟ وماذا يستطيع ان يدرك او يعمل ؟فهذا مجهول لنا تماما الى الان. وكذلك فان من المؤكد في نظرهم ان العلوم التجريبية كلها انما هي علوم قابلة للخطأ او قل هي مجرد احتمالات او نظريات او اطروحات قد يأتي زمان يستطيع اي مفكر ان يقلبها وان يعطي البشرية شيئا مخالفا لها حتة النظريات التي اصبحت اكيدة وواصلة الى درجة القانون باصطلاحهم ويكفينا مثالا على ذلك ان انشتاين رفض قانون الجاذبية الذي رسمه واسسه نيوتن كما ان العلماء المتاخرين عن انشتاين رفضوا القوانين الناتجة عن النظرية النسبية لانشتاين (مع العلم ان الفروق الزمانية ليست كثيرة) لابمعنى الرفض المطلق بل بمعنى انها مهما كانت اكيدة فانها لا تعدو جانب النظرية او الاحتمال ومن الممكن ان يأتي يوم يتغير فيه كل شيء ولكن بالرغم من كل ذلك يوجد اعلام قوي جدا وطاغوتي كبير بالتبجح بنتائج العلوم التي توصلوا اليها سواء في الفضاء او الفيزياء او الطب او غيرها وكأنهماعتبروا الكمبيوتر واشعة الليزر والنزول على القمر وزرع القلب وامثال ذلك من معجزات العصر الحديث مع ان كل هذا التبجح منفي باية واحدة من القرآن الكريم فضلا عن باقي الايات : ((بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره)) فكل انسان يعلم نقاط الضعف والقصور والتقصير التي يتصف بها والغرب يعلم نقاط ضعفه وقصوره وتقصيرهالا انه يحاول اعلاميا اخفاء ذلك والاعلام بخلافه ولا شك اننا لو اخذنا النسبة من الناحية العقلية بين الحقول التي نجحوا بها والحقول التي فشلوا فها لوجدنا ان الحقول التي فشلوا فيها اكثر جدا الى حد قد تتجاوز الثمانين بالمائة فضلا عن تلك الحقول التي يجهلونها تماما كما اشار اليه نيوتن في البحر العميق الذي يلعبون على ساحله لا يخرج عن ذلك حتى حقل الطب الذي نحن بصدد الحديث عنه ولا اقل من الالتفات الى امرين :
احدهما : ان تشخيص احتمالي وليس جزميا. نعم قد يكون الاحتمال راجحا في كثير من الاحيان ولكن قد لا يكون الاحتمال راجحا ايضا وانما هو مجرد الظن الضعيف.
ثانيهما : ان اعطاء الدواء احتمالي ايضا وليس جزميا كأنه لمجرد التجربة فان لم يفد وصف الطبيب دواءا آخر محتملا وهكذا كأن المريض هو احد مختبراته الطبية الا ان الذي يمكن قوله من العذر ان هذا هو اقصى ما يعرفه الطبيب وما تعلمه ولا يعرف شيئا اكثر من ذلك وغايته ان يبذل جهده وهو نصف جاهل لعله. بل من الممكن القول اننا لو اردنا النسبة بين الامراض التي نجحوا بمداواتها والامراض التي لم ينجحوا لوجدنا ان الامراض التي لم ينجحوا فيها اكثر بل حتى بعض الامراض البسيطة الاصابة بالبرد (النشلة) فانه لا دواء له في الطب الحديث حقيقة.
كما انه من الممكن القول ان الاعم الاغلب من الادوية وليست كلها طبعا ليست دواء لمرض معين وانما هي مداواة عامة او تقريبية وليست اكيدة كالمسكنات والمنشطات والمنومات واضراب ذلك فان صادفبها الشفاء بارادة الله سبحانه او صدفة كما يعبر الماديون فبها ونعمت والا فلا.
النقطة الرابعة : ان المفروض ان يكون الطبيب والصيدلي واضرابهم على مستوى المسؤولية في التعاون مع المريض على كل المستويات وخاصة مستويان مهمان جدا بحيث يكون التقصير بهما جريمة او بمنزلة الجريمة وليس من الممكن ان نتصور ان يكون الطبيب مجرما او نتصور ان يكون طبقة من الاطباء او ذوي العمل الطبي مجرمين في المجتمع او سراق او قتلة، ليس من الممكن ان نتصور ذلك. وذينك المستويان هما :
المستوى الديني بمعنى ضرورة التزام هؤلاء كغيرهم بانجاز الواجبات الشرعية والاجتناب عن المحرمات الشرعية ولا نطالبهم الان اكثر من ذلك فانهم ان انجزوا ذلك فقد برأت ذممهم امام الله تعالى بكل تاكيد ولهم جيد وليس لي ولا للحوزة العلمية.
الا ان الامر عندهم كأنه يختلف كثيرا من حيث ان الاسلوب العلم عندهم او عند اكثرهم ولا اقول كلها فبعضهم طيب جدا جزاه الله خيرا. هو تناسي الشريعة واهمال الدين مضافا الى ان تعليمهم الاساسي قائم على ذلك بكل تاكيد قائم على اهمال الدين فانه ناتج من قبل اختصاصين كفار ودنيوين فارغين من الدين بالمرة فهم لا يلتفتون الى اديانهم فضلا عن شريعة الاسلام ويبنون كل علومهم وتصرفاتهم على ذلك فيسري بطبيعة الحال هذا الاتجاه الى كل من تعلم لديهم او اخذ علما منهم او صنعة.
مضافا الى جهة اخرى ساذكرها في نقطة تالية وهي ان المشهور عند عوام المتشرعة مع الاسف هو جواز تصرف الطبيب ونظره الى مكا لا يحل الى غيره وانه يباح له كل شيء من هذه الناحية حتى انه وردني باستفتاء قبل مدة عن امرأة تراجع الطبيب فيأمرها الطبيب وان كان غير لطيف ولكنه اقولها يأمرها الطبيب بالتعري الكامل فتقول وهي تسألني كانما استفتاء انها تشعر عند التعري بالشعور الجنسي فهل هذا الشعور حلال او حرام. ونحن نعلم باليقين بالشريعة ان كل ذلك حرام فمجرد ان تطيعه وتتعرى هي عملت حراما وهو من ضروريات الدين والانسانية (كول لا !). فاذا امرها الطبيب بالتعري او زيادة التكشف لم يجز لها ذلك وبقي عليها حراما ولا يجب طاعته بل يجب تحمل المرض مع الامكان والصبر عليه اذا وصل الامر الى هذا الحد.
المستوى الثاني : المستوى الانساني والشعور بالرحمة والشفقة على المريض حتى لو وصل الامر الى تضحية الطبيب ببعض مصالحه في سبيل مصلحة المريض فيحين ما يحدث عند اكثرهم هو العكس من حيث يعلم المرضى او يجهلون وما اسهل الغش لدى الطبيب والخداع في الامور التي يجهلها الناس لانها من اختصاص الطبيب نفسه طبعا.
وانا اعتقد ان المستوى الديني والانساني خطان متوازيان لا يتقاطعان فكل ما هو ديني هو انساني وكل ما هو انساني هو ديني سواء في مجال الطب او غيره ولا نريد من الجانب الانساني جانب المصلحة الشخصية وسوء النفس الامارة بالسوء وانما جانب اللطف والرحمة من ناحية كما ورد : (لكل كبد حرى اجر) وجانب العدل والتصرف العادل والملتزم به كما قال تعالى : ((اعدلوا هو اقرب للتقوى))
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثانية والاربعون 12 شوال 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
يا الهي وربي وسيدي اتراك معذبي بنارك بعد توحيدك وبعد ما انطوى عليه قلبي من معرفتك ولهج به لساني من ذكرك واعتقده ضميري من حبك وبعد صدق اعترافي ودعائي خاضعا لربوبيتك هيهات انت من ان تضيع من ربيته او تبعد من ادنيته او تشرد من آويته او تسلم الى البلاء من كفيته ورحمته وليت شعري يا سيدي والهي ومولاي اتسلط النار على وجوه خرت لعظمتك ساجدة وعلى السن نطقت بتوحيدك صادقة وبشكرك مادحة وعلى قلوب اعترفت بالهيتك محققة وعلى ضمائر حوت من العلم بك حتى صارت خاشعة وعلى جوارح سعت الى اوطان تعبدك طائعة واشارت باستغفارك مذعنة ما هكذا الظن بك ولا المعروف من فضلك ولا اخبرنا بفضلك عنك يا كريم يا رب وانت تعلم ضعفي عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها وما يجري فيها من المكاره على اهلها على ان ذلك بلاء ومكروه قليل مكثه يسير بقاءه قصير مدته (مهما حسبناه طويلا فانه قصير مدته) فكيف احتمالي لبلاء الاخرة وجليل وقوع المكاره فيها وهو بلاء تطول مذته ويوم مقامه ولا يخفف عن اهله لانه لا يكون الا عن غضبك وانتقامك وسخطك وهذا ما لا تقوم له السماوات والارض يا سيدي فكيف وانا عبدك الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين يا الهي وربي وسيدي ومولاي لأي الامور اليك اشكو ولما منها اضج وابكي لاليم العذاب وشدته ام لطول البلاء ومدته فلئن صيرتني للعقوبات مع اعدائك وجمعت بيني وبين اهل بلائك وفرقت بيني وبين احبائك واوليائك فهبني يا الهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف اصبر على فراقك وهبني صبرت على حر نارك فكيف اصبر عن النظر الى كرامتك ام كيف اسكن في النار ورجائي عفوك فبعزتك يا سيدي ومولاي اقسم صادقا لئن تركتنتي ناطقا لاضجن اليك بين اهلها ضجيج الاملين ولاصرخن اليك صراخ المستصرخين ولابكين عليك بكاء الفاقدين ولانادينك اين كنت يا ولي المؤمنين يا غاية امال العارفين يا غياث المستغيثين يا حبيب قلوب الصادقين ويا اله العالمين صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطء ربك محذورا * انظر كيف فضلنا بعضهم علىبعض وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا * صدق الله العلي العظيم))
نستمر بما بدأنا به في الخطبة الاولى …
النقطة الخامسة : نشير في هذه النقطى الى الاختلاط في المجتمع الطبي بين الجنسين الذي يكاد ان يكون من الضروريات والبديهيات عندهم الى حد قد يكون النهي عن المنكر بالنسبة اليه مهزلة ويقيني العصيان بالنسبة اليهم فهم يعيشون جوا دنيويا وكأن الحديث الديني لا يشملهم اطلاقا. فالطبيبات والممرضات سافرات بوضوح وكأنه لا يمكن لهن الحجاب والمسموع قليلا طبعا وليس على نطاق واسع انه يحدث في المجتمع الطبي امور كثيرة يربأ اللسان عن التصريح بها كما انه قد وصل، وايضا هذا غير لطيف ان اقوله ولكن اقوله حتى يسمعه المجتمع المتشرع، كما انه قد وصل خبر ثقة بانه في احد المستشفيات الراقية في بعض الدول العربية المجاورة قد يتعين على المريض طبيا الانزال لانه يفيده صحيا فتدخل عليه امرأة مختصة بذلك وتظهر له محاسنها وتتحرك بحركات ونحو ذلك حتى تجعله ينزل ثم تخرج كأنها لم تفعل شيئا. وهذا كله مؤسف الى درجة فجيعة فاذا ضممنا الى ذلك ما سمعناه ورأيناه في المجتمع الطبي من انه يكون في ضمن تعليمهم لزوم التجمل الى اقصى مقادر ممكن اي ينصحونهم بالكشخة الى درجة بعيدة وهو مطبق عندهم جمعا، وهذا مما يطبقه كل الاطباء والطبيبات فيما اعلم. والامر في نتائجه اليكم لوضوح ان الفرد من اي من الجنسين حين يكون متجملا يكون بطبيعة الحال اقرب الى المستوى الجنسي من حاله الاعتيادي وفي مقابل ذلك ضده تماما موقف الدين اذ لا يحتمل باي حال من الاحوال وفي اي مذهب او دين جواز كشف المرأة شعرها او ما نسميه بالسفور لا في مذاهب الاسلام ولا في الاديان الاخرى غير الاسلام وانا تسألت في بعض الخطب السابقة هل كانت مريم العذراء سافرة ليجوز للنساء المسيحيات السفور ؟! وهل كانت فاطمة الزهراء سافرة ؟ وهل كانت زوجات الخلافاء في الخلافة الاولى او غيرها سافرات ؟! كلا ثم كلا حاشاهن كلهن.
وانما هذا داء وبيل سرت الينا عدواه من المجتمعات الاستعمارية الفاسدة التي تعصي دينها فضلا عن دين الاسلام وقد تقبلناه وطبقناه عن طواعية واختيار وقناعة مع شديد الاسف طبقا لامر الشيطان والنفس الامارة بالسوء بطبيعة الحال.
ويزيد في الطين بلة في المجتمع الطبي ان هذا مما لا يمكن تغيره او الحديث عن تغيره في حين يقول الله سبحانه في كتابه الكريم : ((ان الساعة اتية لا ريب اكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى)) ويقول : ((ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)).
النقطة السادسة : ان هذه البدعة الدينية المركوزة في اذهان الناس بما فيهم من اطباء وغيرهم الطبيب يعتقد بصحته والمريض ايضا يعتقد بصحته من جواز التكشف امام الطبيب اكثر من المقدار الضروري او بمقدار ما رغب به الطبيب الذي قد لا يكون له دين ولا ورع. وقد سمعنا عن الاطباء الذين يأمرون مرضاهم بالعري الكامل من رجال او نساء كما سمعنا عن النساء المحجبات في المجتمع فاذا دخلت عيادة الطبيب سقط عنها الوجوب وكانت سافرة ومتبرجة الى اقصى مقدار ممكن بعنوان كونه طبيبا يجوز له النظر كما سمعنا عن اجتماع عدة اطباء على امرأة واحدة او عدة ممرضات على مريض واحد اكثر من الضروري كأنه لو جاز الكشف لواحد جاز الكشف امام الجميع وغير ذلك من الموارد. ان هذه البدعة مرفوضة سلفا ومحرمة في الدين ولا اعتقد انه صدرت فتوى من اي مجتهد من المتقدمين او المتاخرين او المعاصرين بجواز ذلك اسألوهم لو شئتم. لماذا العوام يعتقدون بهذا الاعتقاد ؟ اسف لهذه العقلية !
كل ما في الامر ان اعراض الحوزة السابقة عن المجتمع واهمال مشاكله وشؤونه ادى الى تفشي الامراض المعنوية والاعراض الاخلاقية وزيادة الغفلة والاعتقادات العجيبة الغريبة بين الناس المتدنين ثقافيا ودينيا.
ولكن الحوزة الناطقة لا تقبل بالسكوت عن اي عيب او نقص. اللهم اني قد بلغت، اللهم اني قد بلغت، اللهم اني قد بلغت.
النقطة السابعة : استيلاء العاملين في مجال الطب على الادوية سواء من المذاخر او من الحصص الموزعة على المستشفيات او غيرها مما يستطاع السيطرة عليه وبيعها باغلى الاثمان. والظاهر ان هذه اصبحت ظاهرة متحققة وتكررة في مجتمعنا مع شديد الاسف ودائمة الوجود ومبررها الرئيسي ان الراتب لا يكفي وهذا صحيح ولذا انا قلت ان الاخذ بمقدار المعيشة الضرورية جائز واما الزائد فهو ممنوع.
مضافا الى ان اكثر العاملين في مجال الطب يمكن ان يكون لهم مسارب واسباب للرزق غير ذلككالعمل التجاري او العيادات او مراجعات المتعاملين معهم من مرضى وغيرهم. فالضرورة لا تقتضي دائما سرقة الادوية بطبيعة الحال فان هذه العادة السمجة والمشينة ييحدث منها مضاعفات عديدة اذكر منها بعضها على اية حال :
اولا : ان ما يأخذونه انما هو من الناحية الفقهية من الاموال مجهولة المالك وهو مما لا يحتمل فقهيا جواز التصرف به الا باذن الحاكم الشرعي الذي هو الفقيه الذي يقلده الفرد ومن الواضح ان عددا كبيرا من العاملين في مجال الطب غير متفقهين وغير متورعين ولا يحللون اموالهم من هذه الجهة.
ثانيا : يلزم من استيلائهم على هذه الكميات الضخمة من الادوية بيعها في السوق السوداء التي هي علنية في نفس الوقت وليست خفية وباغلى الاثمان الامر الذي يضر بالمجتمع عامة وبالطبقة المتوسطة والفقيرة منهم بشكل خاص ولعله اغلب المجتمع فقير بمعنى من المعاني.
ثالثا : ان هذا يجر لهم الثراء الفاحش على حساب مصالحالاخرين واهاتهم والامهم وهذا مما تعمدت المنع عنه حين قلت انه يجوز الاخذ بمقادر الحاجة الضرورية واما ما زاد على ذلك فهو ممنوع وانا لا اجيزه.
رابعا : ما حصل ويحصل فعلا من ان عددا من الحالات الضرورية من المرضى في المستشفيات المجانية وربما في اماكن اخرى لا يصل اليهم الدواء حتى لو لزم من ذلك الوفاة او استمرار الالم والمرض ولعل المريض او اغلب المرضى لا يستطيعون تكلف ثمن الدواء بالقيمة الغالية. وهذا الامر كما هو مناف للجانب الانساني في الطب والذي هو مفروض من الطبيب وقلنا انه ينبغي للطبيب ان يضحي ببعض مصلحته للمريض لا ان يضحي بمصلحة المريض لمصلحة نفسه، كذلك هو منافي للجانب الديني فان الحفاظ على النفوس من التلف والحفاظ على المصلحة العامة من هذه الناحية والتقليل من الام الناس واجب شرعا والعمل الذي يحول دونه او يمنعه حرام شرعا فماذا يريد ان يقول الفقيه الا كونه حرام يعني حرام وانت تعصي هذا الحرام اذن واصل حسابك حبيبي .. او لست بحبيبي في الحقيقة!
النقطة الثامنة: انني سمعت عن حالات عديدة او عن اسلوب عام لدى عدد من الاطباء والطبيبات والعاملين في مجال الطب وهو ما اسميه بالغش الطبي في سبيل الربح المادي لا اكثر ولا اقل فهو يتعمد تغيير تشخيص المرض او يتعمد تغيير الدواء او يتعمد انجاز عمليات جراحية غير ضرورية او يتعمد اتعاب مريضه بالطلب منه انه ياتي الى عيادته عدة مرات وغير ذلك كثير من اجل الربح المادي. والضحية من يكون ؟ هو المريض او قل هو المجتمع ككل.
ولا حاجة الى ان نكرر ما قلناه في النقاط السابقة من ان امثال هذه التصرفات كما هي منافية للدين هي منافية للانسانية وخاصة بعد ان نلتفت الى ان الجانب الانساني جانب لصيق في الطب تماما ومن الواجب على كل العاملين فيه تنفيذه الى اقصى حد ممكن.
النقطة التاسعة : ان السؤال وهذا سؤلت عنه كثيرا يتوجه من قبل عدد من الطلاب المتورعين في كليات الطب جزاهم الله خير عن امرين رئيسين يتوطون فيه بطبيعة الحال في دراستهم الاكاديمية.
احدهما : النظر الى النساء وخاصة العورات والتوليد وهو حقل لا بد من مرورهم بهفي منهجهم الدراسي واذا ما سواه فانهم يرسبونه اعتيادي.
ثانيهما : تشريح الجثث العارية ويقف حولها الطلاب والطالبات من الجنسين بل يدفع الى بعض الطلاب ميت كامل لكي ينقله الى بيته ويوقم بتشريحه تفصيلا.
فما هو رأي الدين في ذلك ؟ هكذا يسألون.
وبالطبع فان راي الدين هو المنع عن كل ذلك بلا اشكال. الا ان اسلوب التلافي والحيلولة دون ذلك يكون باحد طرق ليست كلها ممكنة في الوقت الحاضر.
منها تغيير المنهج الطبيب بحيث لا يكون فيه امثال هذه المحرمات وهذا ما يتعيم فعله وواجب على المشرفين على المناهج الطبية. الا انه كأنه خارج عن اختيار الحوزة العلمية الشريفة على ما يبدو.
ومنها ان نقول للطالب في الطب غير عملك كما نقول للمثل او المغني او عامل في اي حقل حرام في المجتمع غير عملك. الا ان هذا غير صحيح لعدة اسباب :
اولا : ان وجود الاطباء ضروري في المجتمع وهو من الصناعات الواجبة بالوجوب الكفائي كما سمعنا في اول الخطبة. فلو قلنا للطالب غير عملك فلعله لا يبقى طبيب في المجتمع وهذه نتيجة غير جيدة طبعا.
ثانيا : ان الحال سوف يعود الى ان الفسقة والفجرة وغير المطيعين لله والحوزة هم الذين يستمرون في الدراسة ويحصلون على المهن الطبية الرئيسية في المجتمع ويحرم المجتمع من الاطباء المؤمنين والطيبين والمضحين في سبيل الله وفي سبيل الغير، لانهم متورعين وينتصحون بالخروج عن عملهم ويتركون الطب. وهذه ايضا نتيجة غير سليمة كما هو واضح. وذلك الحال سوف يعود الى ان الاطباء من اهل المذهب الواحد وسيصعد الى المراتب الطبية العالية نماذج من غير المذهب او من غير الدين الاسلامي وينفردون به. وهذه ايضا نتيجة غير سليمة بطبيعة الحال.
اذن فالذي ننصح به في حدود المنهج الدراسي المفروض على الطلاب هو استمرارهم بالدراسة ولكن يجب عليهم ان بقللوا من هذه النشاطات المحرمة الى اقل مستوى ممكن ولذا اقول للطالب افعل من ذلك بالمقدار الذي تسطيع به النجاح في هذه المادة ويكون الزائد على ذلك حراما.
وعلى اي حال فالحديث في هذا الحقل لا شك انه ذو شجون شأنه شأن الحديث عن اكثر حقول المجتمع وهو مما يطول به الحديث ويثقل ولا تكفي فيه الخطب الاعتيادية غير انني اعتمد بعد الله سبحانه على امرين: احدهما صدور كتاب فقه الطب الذي بينت فيه كثيرا من جوانب الاحكام التي ذكرتها الان والتي لم اذكرها الان. وثانيهما وجود الوعي الديني في المجتمع واتجاهه الى الورع والصلاح جزاهم الله خيرا الامر الذي يبشر بكل خير من هذه الناحية ومن كل ناحية بتقليل المظالم والجوانب المحرمة بالتدريج بعون الله سبحانه وتعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
انا اعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * ان شانئك هو الابتر *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 49  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:24 PM


الجمعة الثالثة والاربعين 19 شوال 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اريد ان ابه باختصار على بعض النقاط :
النقطة الاولى : انه قال قائل ثقة ان هناك من يفكر بوضع قنبلة في مسجد الكوفة وانتم انشاء الله مخلصين وواعين ونحن لا نريد ارقاة الدم الطاهر في المسجد الطاهر فاذا وجدتم شيء مما يشك فيه فاحذروا منه وبلغوا عنه.
النقطة الثانية : اننا نطالب من هنا باطلاق سراح فضلاء الحوزة والمؤمنين ولا موجب لاستمرار اعتقالهم كما قال الشاعر :
ما كان منك لو مننت وربما منّ الفتى وهو المغيض المخنق
وكل واحد متاكد وانا متاكد انه اي ضرر لا يوجد في اطلاق سراحهم بل هو النفع الكامل والغيض والكبت لاسرائيل وامريكا.
النقطة الثالثة : اننا نطالب من هنا باعادة صلوات الجمعة التي منعت وخاصة في بلدة الناصرية الفيحاء.
قولوا ثلاث مرات …
نريد نريد نريد …
فورا فورا فورا …
يا الله يا الله يا الله …
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
انت كهفي حين تعييني المذاهب في سعتها وتضيق بي الارض برحبها ولولا رحمتك لكنت من الهالكين وانت مقيل عثرتي ولولا سترك اياي لكنت من المفضوحين وانت مؤيدي بالنصر على اعدائي ولولا نصرك اياي لكنت من المغلوبين يا من خص نفسه بالسمو والرفعة فاوليائه بعزته يعتزون يا من جعلت له الملوك نير المذلة على اعناقهم فهم من سطواته خائفون.يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور وغيب ما تاتي به الازمنة والدهور يا من لا يعلم كيف هو الا هو يا من لا يعلم ما هو الا هو يا من لا يعلم ما يعلمه الا هو يا من كبس الارض على الماء وسد الهواء بالسماء يا من له اكرم الاسماء يا من ذا المعروف الذي لا ينقطع ابدا يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر ومخرجه من الجب وجاعله بعد العبودية ملكا يا راده على يعقوب بعد ان ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم يا كاشف الضر والبلوى عن ايوب وممسك يدي ابراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنه وفناء عمره يا من استجاب لزكريا فوهب له يحيى ولم يدعه فردا وحيدا يا من اخرج يونس من بطن الحوت يا من خلق البر لبني اسرائيل فانجاهم وجعل فرعون وجنوده من المغرقين يا من ارسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته يا من لم يعجل على من عصاه من خلقه يا من استنقذ السحرة من بعد طول الجحود وقد غدوا في نعمته ياكلون من رزقه ويعبدون غيره وقد حادوه ونادوه وكذبوا رسله يا الله يا الله يا الله صل على محمد واله الطيبين الطاهرين وافعل بنا ما انت اهله ولا تفعل بنا ما نحن اهله فانك اهل التقوى والمغفرة ونحن اهل الذنوب والخطايا فارحمنا برحمتك يا ارحم الراحمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون * ويوم يحشر اعاد الله الى النار فهم يوزعون * حتى اذا جاؤها شهد عليهم سمعهم وابصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا * قالوا انطقنا الله الذي انطق كل شيء وهو خلقكم اول مرة واليه ترجعون * وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون * ذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين)).
قبل حوالي عشرة ايام وفي هذا الشهر القمري بالذات وفي اليوم الثامن منه بالضبط قام الوهابيون السعوديون قبل حوالي سبعين عاما بهدم القبور والمباني التي كانت موجودة في مقبرة المدينة المنورة يومئذ والمسماة ببقيع الغرقد او البقيع كما نسميه اليوم. فاصبح هذا الهدم والاجرام مصدر اسى وحزن للمسلمين عامة وللشيعة خاصة حتى قال قائلهم البيت الذي سمعناه في بعض الخطب السابقة :
ايا من شوال جلبت لنا الاسى كانك من شهر المحرم عاشره
واصبح المتشرعون المخلصون يجلسون فيه للعزاء كما يجلسون في وفيات المعصومين (عليهم السلام).
الخطوة الاخرى : ان خفاء تاريخ البقيع والجهل بحاله للناشئة والشباب في هذه العصور المتاخرة ناشيء من قلة المصادر اولا والنعتيم الاعلامي السعودي والغربي عليه بحيث يقلل من اهميته او تزول بالمرة.
واريد الان ان اعطيكم فكرة متكاملة نسبيا عن مقبرة البقيع لكي تعرف مدى اهميته الكبرى لدى جميع المسلمين من ناحية وفي مذهبنا من ناحية ثانية فنستطيع ان نقدر حجم الجريمة الكبرى في ازالة هذا المرفق الاسلامي العظيم.
واهم المصادر التي وجدتها تتعرض اليه هي دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي ودائرة المعارف الاسلامية وهي مترجمة لجماعة من الكتاب والاختصاصين وجعفر خليلي في موسوعة العتبات المقدسة قسم المدينة المنورة. ولعل اهم واوسع من تعرض هو كتاب مراة الحرمين لابراهيم رفعت باشا.
الا انه من الواضح ان كل هذه الكتب قليلة النسخ ومما لا يلتفت اليه الناس فتبقى هذه الامور بما فيها تاريخ البقيع تحت التعتيم الاعلامي بكل سهولة. وانا الان اذكر موجزا عن ذلك بمقدار ما يناسب الخطبة ولا مجال للكثير طبعا الذي يحتاج الى مجلد كامل.
قال في دائرة المعارف ما لفظه مع شرح قليل مني : بقيع الغرقد ويقال له ايضا البقيع فقط. هو مقبرة المدينة (يعني المدينة المنورة) وهذا الاسم (يعني الغرقد او بقيع الغرقد) على انها كانت ارض في الاصل مغطاة بنوع من شجر التوت مرتفع وكان هذا الموضع وما يزال في اوقصاها (اي في اقصى المدينة في ذلك الحين قبل التوسع العمراني) من الناحية الجنوبية الشرقية خارج سورها الحديث الذي ينفتح فيه باب يعرف بباب البقيع ويؤدي الى المقبرة التي هي البقيع نفسه. واول من دفن في البقيع هو الزاهد عثمان بن مظعون صاحب النبي (صلى الله عليه واله) ودفن به ايضا بنات النبي وولده الصغير ابراهيم وزوجاته.(وهذا يدل على مدى الاهمية للبقيع طبعا الاهمية الاسلامية على كل المذاهب. فاين هذه القبور الان وكلها اصبحت شوارع وبيوت وعمارات وانتهى الحال).
يقول : وبمرور الزمن اصبح مما يشرف المرء ان يرقد رقدته الاخيرة في هذه البقعة بين ال محمد والائمة والاولياء. واقام احفاد اكابر من دفن في هذه المقبرة شواهد وقبابا على قبور ذويهم مثل قبة ضريح الحسن بن علي التي يقول عنها احد المؤرخين انها بلغت من الارتفاع مبلغا عظيما (وكل هذا حديث دائرة المعارف الاسلامية)وزار بورخارت هذا المكان بعد غزوة الوهابيين فوجد لانه اصبح اتعس المقابر حالا في المشرق. والبقيع من مزارات المدينةالتي يؤمها الحجاج شأنها في ذلك شأن قبر حمزة في احد يعني مسجد قبا.
وقال جعفر خليلي في قسم المدينة من موسوعة العتبات المقدسة صفحة عشرة وما بعدها واقرا لكم النص بالكامل لكي تعرفوا اهمية البقعة والمصيبة العظمى والجريمة الشنعاء في هدمها وتناسيها قال : البقيع اشهر موقع من مواقع المدينة بل من اشهر مواقع الحجاز قاطبة وبقيع الغرقد هذا هو الذي ورد ذكره في مرثية عمر بن نعمان البياضي لقومه وكانوا قد دخلوا في بعض حروبهم حديقة من حدائقهم (كأنما بستان من بساتينهم) واغلقوا بابها عليهم على ما يروون ثم اقتتلوا في داخل البستان فلم يفتح الباب الا بعد ان قتل بعضهم بعضا فقال في ذلك عمران بن النعمان :
خلت الديار فسدت غير مسود ومن العناء تغرد بالسؤددي
اين الذين عهدتهم في غبطة بين العقيق الى بقيع الفرقد
كانت لهم انهاه من كل قبيلة وسلاح كل مدرب مستبد
نفس العزاء دماء سراتهم بعض بعض فعل من لم يرشد
يالرجال لفتية من دهرهم تركت منازلهم كأن لم تعهد
واتخذ بقيع الغرقد مقبرة وسميت ببقيع الغرقد لانها كانت مغطاة بالنباتات الشوكية المعروفة بالغرقد. واما كلمة البقيع فمعناها المكان المزروع بعدد من انواع الشجر ولذلك سماها الرحالة السويسري برخارت (جنة البقيع) يعني الحديقة او البستان المسمى بالبقيع المسمى بالبقيع. وشهرة البقيع قد رافقته منذ ان اصبح مدفن لعدد من عظماء المسلمين وائمتهم واعلام الانصار والمهاجرين. وكان النبي (صلى الله عليه واله) يقصد البقيع يؤمه كلما مات احد من الصحابة ليصلي عليه ويحضر دفنه وقد يزور البقيع في اوقات اخرى ينادي الاموات من الصحابة ويطلب لهم الرحمة. وقد روى مسلم في الصحيح عن عائشة انها قالت كان رسول الله (صلى الله عليه واله) كلما كانت ليلتي منه يخرج من آخر الليل الى البقيع فيقول : (سلام عليكم دار قوم مؤمنين واتاكم ما توعدون وانا انشاء الله بكم لاحقون اللهم انظر لاهل بقيع الغرقد).
وحدث محمد بن عيسى بن خالد عن عوسجة قال كنت ادعوا ليلة الى زاوية دار عقيل ابن ابي طالب التي تلي باب الدار فمر ابي جعفر بن محمد (يعني الامام الصادق (عليه السلام)) قال لي اعن اثر وقفت هنا ؟ قلت: لا. قال: هذا موقف نبي الله (صلى الله عليه واله) في الليل اذا جاء يستغفر لاهل البقيع.
لذلك كبر شأن البقيع وكثر زواره بقصد الدعاء او الاستغفار او التسلية طبقا للحديث الوارد : (اذا ضاقت الصدور فعليكم بزيارة القبور) وحتى اصبح ملتقى الجماعات واشبه ما يكون بالمنتدى او المجلس العام لاجتماع الناس في اوقات فراغهم. فقد روي ان عمر بن الخطاب قد امر الذين يريدون ان يتحدثون في امور دنياهم في المسجد ان يخرجوا الى البقيع ليتحدثوا هناك في شؤونهم الخاصة.
واتسعت رقعة البقيع وعظم شأنها حتى قيل ان عدد الذين دفنوا من الصحابة كان عشرة الاف صحابي. والظاهر ان هذه المقبرة ظلت عامرة باضرحتها وابنيتها الضخمة والقبب القائمة على مدافن المشاهير والاعلام حتى قيام الوهابية التي كان من مذهبها تسوية القبور بالارض فسويت تلك الاضرحة والمدافن كضريح العباس بن عبد المطلب والسيد فاطمة الزهراء (هو يقول هكذا وهو احد المحتملات في مدفن الزهراء على اية حال) وابراهيم ابن النبي (صلى الله عليه واله) والخليفة عثمان بن عفان والامام الحس بن علي بن ابي طالب (عليه السلام) وعدد من التابعين امثال نافع شيخ الامام مالك ومن تابعي التابعين امثال مالك امام المدينة.
ويمر بن جبير الرحالة في القرن السادس الهجري بالبقيع فيصف المقبرة وصفا خلاصته : ان بقيع الغرقد واقع شرقي المدينة تخرج اليه على باب يعرف بباب البقيع واول من تلقاه عن يسارك عند خروجك من الباب المذكور مشهد صفية عمة النبي (صلى الله عليه واله) وهي ام الزبير ن العوام وامام هذه التربة قبر مالك بن انس الامام المدني وعليه قبة صغيرة مخنصرة البناء وامامه قبر السلالة الطاهرة ابراهيم ابن النبي وعليه قبة بيضاء وعلى اليمين تربة ابنٍ لعمر بن الخطاب اسمه عبد الرحمن الاوسط وهو المعروف بابي شحمة وبازاءه قبر عقيل بن ابي طالب وعبد الله بن جعفر الطيار وبازائهم روضة فيها ازواج النبي (صلى الله عليه واله) وبازائها روضة صغيرة فيها ثلاثة من اولاد النبي (صلى الله عليه واله) وتليها روضة العباس بن عبد المطلب والحسن بن علي وهي قبة مرتفعة في الهواء على مقربة من باب المذكور وعن يمين الخارج منه وراس الحسن (عليه السلام) الى رجلي العباس وقبراهما مرتفعان عن الارض متسعان مغشيان بالواح ملصقة بابدع الصاق مرصعة بصفائح الصفر ومكوكبة بمساميره عبى ابدع صفة واجمل منظر وعلى هذا الشكل قبر ابراهيم بن النبي (صلى الله عليه واله) ويلي هذه القبة العباسية بيت ينسب لفاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) ويعرف ببيت الحزن او بيت الاحزان يقال انه البيت الذي آوت اليه (سلام الله عليه) والتزمت فيه الحزن على موت ابيها الحزن (صلى الله عليه واله) وفي آخر البقيع قبر الخليفة عثمان وعليه قبة صغيرة مختصرة وعلى مقربة من مشهد فاطمة بنت اسد ام علي بن ابي طالب (سلام الله عليه).
ثم يقول بن جبير : ومشاهد هذا البقيع اكثرمن ان تحصى لانه مدفن الجمهور الاعظم من الصحابة والمهاجرين والانصار وعلى قبر فاطمة المذكورة مكتوب : ماضم قبر احد كفاطمة بنت اسد رضي الله عنها وعن بنيها.
ويمر بن بطوطة بعد بن جبير بما يقرب من مائة وخمسين سنة بالبقيع فيصف البقيع وصفا مطابقا لوصف بن جبير في تحديد هذه المشاهد والقبور والاضرحة الى ان قال في موسوعة العتبات المقدسة صفحة 105 : وفي آوائل القرن التاسع عشر الميلادي زار الحاج عبد الله بورخارت (يسميه بالحاج وليس بحاج لانه مسيحي من المستشرقين) البقيع وقيل بل كان اسمه الحاج بورخارت ابراهيم فقال عنه ما ملخصه: في اليوم الذي يلي اداء الحاج واجباته للمسجد والحجرة (يعني حجرة قبر النبي (صلى الله عليه واله)) تجري العادة بذهابه الى مقبرة المدينة تكريما لذكرى القديسين الكثيري المدفونين بها (يتكلم بلهجة مسيحية طبعا) وهي تجاور اسوار البلد على مقربة من باب الجمعة وتسمى البقيع صورتها مربع مكون من بضع مئات من الاذرع يحيط به جدار يتصل من الجنوب بباب المدينة وتحيط به من سائر نواحيه مزارع النخيل. وهذا المكان حقير جدا بالنظر الة قداسة الاشخاص الذين يحتوي رفاتهم ولعله اشد المقابر قذارة وحقارة بالقياس الى مثله في اي مدينة شرقية في حجم المدينة (يعني المدينة المنورة) فليس به متر واحد حسن البناء، كلا بل ليست به احجار كبيرة عليها كتابة اتخذت غطاءا للقبور انما هي اكوام من تراب احيطت باحجار غير ثابتة (هذا بعد الهدم هكذا حادث) وزيارة بورخارت للحجاز كان بعد غزو الوهابين الذين سووا هذه القبور مع الارض وحين عاد الامر الى العثمانين بعد اجلاء الجيوش المصرية للوهابيين اعادوا بناء كير من القباب وشادوها على صورة من الفن تتصف مع ذوق العصر وقد ذكر صاحب مرآة الحرمين هذه الاضرحة والقبب وصورها في كتابه والنسخ مطبوعة وموجودة وفيها صورة البقيع وقبة اهل البيت (سلام الله عليهم).
وحين عاد بعد اكثر من مائة سنة على حملتهم الاولى عادوا الى هدم تلك القبب والاضرحة ومساواتها بالارض.
ويزور الدكتور محمد حسنين هيكل البقيع بعد بورخارت بما يقرب من مائة وخمسة و عشرين سنة فيقول : انه لم يجد في البقيع بقية لبناء او قبة على الاجداث. مما حمل بورخارت على ان يسمي هذا المكان جنة البقيع قبله بمائة وخمسة وعشرين سنة.
كذلك يقول : انه لم يجد بها اكواما من التراب ولا حفرا ولا حثالة وانما وجد بها قبورا مسواة بالارض يحيط بكل قبر منها احجار صغيرة تعلمه ولولا انك تعرف ان هذا المكان هو البقيع وان به رفات خلف اصحابها على التاريخ اعظم الذكر ولولا هذه الاحجار المحيطة بكل قبر لخلتها كما يقول هيكل : فضاءا مسورا لا شيء فيه البتة. انتهى كلام جعفر خليلي في موسوعة العتبات المقدسة. جزاكم الله خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثالثة والاربعون 19 شوال 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من المستغفرين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الموحدين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الخائفين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الوجلين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الراجين لا اله الا انت سبحانك اني كنت منالراغبين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من المهللين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من السائلين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من المسبحين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من المكبرين لا اله الا انت سبحانك ربي ورب ابائي الاولين. اللهم هذا ثنائي عليك ممجدا واخلاصي لذكرك موحدا واقراري بالائك معددا وان كنت مقرا اني لم احصها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها الى حادث لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني وبرأتني من اول العمر من الاغناء من الفقر وكشف الضر وتسبيب اليسر ودفع الضر وتفريج الكرب والعافية في البدن والسلامة في الدين ولو رفدني على قدر ذكر نعمتك جميع العالمين من الاولين والاخرين ما قدرت ولا هم علىذلك فتقدست وتعاليت من رب كريم عظيم رحيم لا تخفى الائك ولا يبلغ ثنائك ولا تكافء نعمائك صل على محمد وال محمد واتمم علينا نعمك واسعدنا بطاعتك سبحانك لا اله الا انت.اللهم انك تجيب المضطر وتكشف السوء وتغيث المكروب وتشفي السقيم وتغني الفقير وتجبر الكسير وترحم الصغير وتعين الكبير وليس دونك من ظهير ولا فوقك من قدير وانت العلي الكبير يا مطلق الاسير يا رازق الطفل الصغير يا عصمة الخائف المستجير يا من لا شريك له ولا وزير صل على محمد واله الطيبين الطاهرين بافضل صلواتك وارحمهم باعظم رحماتك كما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
((ومن احسن قولا ممن دعى الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين * ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي ولي حميم * وما يلقاها الا الذينصبروا وما يلقاها الا ذو ذظ عظيم * واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم * صدق الله العلي العظيم))
نستمر بما بدأناه في الخطبة الاولى …
قال في مراة الحرمين صفحة 425 بعد ان عبر عن مقبرة البقيع انها مدفن اهل المدينة الى يومنا هذا اي الى يوم تأليف الكتاب والكتاب مطبوع باخراج معتنى به وجميل صادر بتاريخ 1344 هجري الموافق 1925 ميلادي الطبعة الاولى قال : البقيع محل مستطيل الشكل شرقي المدينة خارج سورها طوله مائة وخمسون مترا في عرض مائة متر (يعني حسب فهم بحجم مسجد الكوفة مرتين تقريبا) ويقال له بقيع الغرقد لان هذا النوع من الشجر كان كثيرا فيه ولكنه قطع والبقيع في اصل اللغة الموضع الذي به وورم يعني جذور وروم الشجر من ضروب شتى والغرقد كبار العوسج.
قال : وهذا المكان به مقابر كثيرة من الصحابة والتابعين وكبار المسلمين وقد دفن به من الصحابة نحو عشرة الاف وتفرق باقيهم في البلدان.
قال : ونظرا الى ان السلف الصالح كان يتجنب البناء على القبور وتجصيصها وقد افضى ذلك الى انطماس معالم كثير من قبورهم فلذلك لا تعرف قبور كثيرة منهم الا افرادا معدودة اقيمت على قبور بعضهم قباب ومن اولئك الافراد ابراهيم ورقية وفاطمة اولاد الرسول (صلى الله عليه واله) وفاطمة بنت اسد ام علي بن ابي طالب رضي الله عنهما وعبد الرحمن بن عوس وعبد الله بن مسعود وسعد بن ابي وقاص واسعد بن زرارة وخنيس بن حذافة السهمي والحسن بن علي (يعني الحسن المجتبى (سلام الله عليه)) ومعه قبر بن اخيه زين العابدين علي بن الحسين (سلام الله عليه) وابو جعفر الباقر محمد بن زين العابدين (سلام الله عليهما) وجعفر الصادق بن الباقر (سلام الله عليهما) وممن علم قبره بالبقيع العباس بن عبد المطلب واخته صفية وابن اخيهما ابو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وامير المؤمنين عثمان بن عفان وسعد بن معاذ الاشهلي وابي سعيد الخدري وكل وزجات الرسول (صلى الله عليه واله) دفن بالمدينة الا خديجة فبمكة والا ميمونة فبسرس رضي الله عن الجميع. والعباس والحسن بن علي ومن ذكرناه معه تجمعهم قبة واحدة هي اعلى القباب الموجودة هناك كقبة ابراهيم وقبة عثمان التي بناها السلطان محمود سنة 1233 هجرية وقبة الزوجات وقبة اسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام) وقبة الامام ابي عبد الله مالك بن انس الاصبحي امام دار الهجرو وقبة نافع شيخ القراء وهناك قبة تسمى قبة الحزن يقال انها في البيت الذي آوت اليه فاطمة بنت النبي والتزمت الحزن فيه بعد وفات ابيها (صلى الله عليه واله) (انا اكرر لكم حتى يصير مركوز في الذهن ان هذا موجود في المصادر الرئيسية والقديمة).
وكان بالبقيع قباب كثيرة هدمها الوهابيون الا ان يقول : وقد كان (صلى الله عليه واله) يزور بقيع الغرقد ويدعو لاهله بل امره ربه بذلك كما يدل عليه حديث عائشة عند مسلم والنسائي فان فيه ان جبرئيل (عليه السلام) قال للنبي (صلى الله عليه واله) ان ربك يأمرك ان تأتي اهل البقيع فتستغفر لهم.
ثم قال ويزور اهل المدينة البقيع في كل يوم خميس ويضعون على القبور الريحان بجانبه بعض الازهار (يعني الحال على ذلك في ذلك الحين) واضاف لا يدخل شيعي قبة اهل البيت بالبقيع (وهذا يعرفنا ان قبة المعصومين اسمها قبة اهل البيت) الا اذا دفع خمسة قروش كما انه لا يدخل الكعبة الا من دفع ريالا ما لم يكن ذا يسار (ثري) فيؤخذ منه مبلغ كبير (هو الخدمة طماعين على اية حال) الى آخر ما قال.
ولنا على ذلك عدة تعليقات بمقدار ما تسع الخطبة في عدة نقاط :
النقطة الاولى :ان الوهابيين هدموا قبورا مسلمة الصحة والقدسية عند المسلمين جميعا بمختلف مذاهبهم بل ادى ذلك الان الى نسيان مواضعها والاعراض عنها تماما بحيث بنيت فوقها العمارات والبيوت ورصفت الشوارع وانتهى الحال. فمن يرضى من المسلمين بهذه النتيجة لذرية النبي (صلى الله عليه واله) اولاده الصلبيون وبناته او البنات المنسوبين اليه ولزوجاته والمعنونين من الصحابة ومن الواضح ان الوهابية جاءت اصلا مضادة لكل مذاهب الاسلام بكل تاكيد واما ميلها ظاهرا الى المذهب السني باعتبار ايمانهم بالخلافة الاولى والا فاختلافاتهم مع الاتجاه السلفي التقليدي لدى اخواننااهل السنة واضح يكفي ان نلتفت الى ان الوهابيين لا يتبعون اي مذهب من مذاهب الجماعة اعني المذاهب الاربعة وانما يعتبرون نفسهم مذهبا مستقلا وهو مما لا ترضاه المذاهب الاربعة كلها كما هو واضح.
النقطة الثانية : يبدو من المصادر التي قرأنا بعضها الان ان للوهابيين عدة حملات في تهذم قبور بقيع الغرقد وليست هذه الحملة المعروفة التي شارك فيها عبد العزيز بن سعود مؤسس الدولة السعودية الحالية والتي امر مفتيهم في ذلك الحين بن بليهل ليست هي الحملة الوحيدة كما هو المعرف بين المتشرعة الان وان كان هي اشهرها واشدها تأثيرا في هدم القبور وانما هي الحملة الاخيرة. والظاهر انها انما اكتسبت هذه الاهمية اعني في التطرف في الجريمة لانها هي التي هدمت قبة اهل البيت التي كانت مقامة على قبور المعصومين (سلام الله عليهم) والتي سمعنا ذكرها في مراة الحرمين وتوجد لها صورة في هذا الكتاب وغيره.
ومعنى ذلك انها بقيت محفوظة من التهديمات السابقة فلم يجرؤا على تهديمها الا في الحملة الاخيرة المذكورة بحيث زامنت وجود التصوير الفوتغرافي وحصلت لها عدة تصاوير ولو كانت مهدومة قبل ذلك لما حصل ذلك كما هو واضح وحسب المنقول ان الحملة الاخيرة للتهديم حصلت في 8 شوال عام 1344 هجرية الموافق 1923ميلادية اي قبل حوالي سبع وسبعين سنة.
النقطة الثالثة : ان المنطقة التي بقيت معروفة الى الان من البقيع هو المقدار الذي نراه في الصورة المعروفة التي تباع في الاسواق والتي فيها قبور المعصومين الاربعة المدفونين هناك وقبر العباس بن عبد المطلب وقد استمرت محفوظة ومعروفة بفضل الله القادر القاهر جل جلاله.
ومن ذلك نعرف اننا نستطيع بالدقة معرفة محل قبة اهل البيت المهدومة فانها كانتعلى هذه القبور انفسها مع وجود ما سمعناه في داخل من الاضرحة والزينة والزخارف التي سرقت كلها من قبل القائمين بالهدم كما هو واضح.
وبطبيعة الحال فان كل الشيعة بما فيهم شيعة العراق وايران ولبنان وباكستان وغيرهم مستعدون لاعادة البناء على القبور المهدومة وهي امنية كانت ولا تزال وستبقى في قلوبنا حتى يقضي الله ما هو قاض. كل ما في الامر انه يتوقف موافقة الحكومةالسعودية ومتى وافقت فان هذا البناء سيبدأ فورا وليت شعري فانه ليس هناك اي ضرر سياسي ولا اجتماعي ولا ديني على الحكومة السعودية بل فيها نفع لها لانها ستكتسب حسن الظن بها من قبل المسلمين جميعا فلماذا ترفض الحكومة السعودية ذلك ؟
ومن المعلوم ان القبور المشيدة موجودة في السعودية ولم تقم بهدمها بفضل الله سبحانه وتعالى وعلى رأس هذه القائمة مرقد النبي (صلى الله عليه واله) والشيخين ومرقد عثمان وقبر حمزة سيد الشهداء وغيرها فهلا كان هذا واحدا منها، فاما الكل يهدموه واما الكل يبقوه لماذا هدموا هذا وابقوا هذا لو كان غير جائز شرعا في نظرهم اذن هذا ينبغي ان يهدم !
وهو لا يقل اهمية بالتاكيد عن كل ذلك (اي قبور البقيع) وعلى اي حال فهذا خطاب جديد وصيحة محررة للحكومة السعودية بالسماح باقامة قبة اهل البيت (عليهم السلام) صادرة من الحوزة الشريفة في النجف الاشرف.
النقطة الرابعة : نشر مؤخرا في احدى المطبوعات الدورية نص الرسالة المرسلة من شيعة المدينة المنورة بالتبليغ بحصول المصيبة الكبرى بهدم قبور المعصومين (سلام الله عليهم) تقول الرسالة : من المدينة المنورة الى حجج الاسلام السيد حسن الصدر وغيره عظم الله اجوركم في مصيبة رسول الله (صلى الله عليه واله) واهل بيته. الوهابيون خربوا القبور الشريفة ثم صدر الامر بهدم وتخريب المراقد الشريفة فشرع الجند اولا بنهب جميع ما تحتويه تلك البنايات المقدسة في البقيع من الفرش والستائر والمعلقات والسرج وغير ذلك وبدأوا يخربون تلك المشاهد المقدسة وفرضوا على بنائي المدينة الاشتراك في التخريب والتهديم (طبعا جبرا واكراها) والمطلوب الان ان يقف على خبر هذه الفاجعة جميع المؤمنين الذين يأملون بواسطة هؤلاء الائمة الطاهرين المهدومة قبورهم، يأملون الشفاعة والزلفى من الله تعالى ليتدارك ما وقع. اليوم الثامن من شهر شوال وقع التخريب والهدم في القبة المقدسة في البقيع ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. يلزم عليكم ان تبادروا الى اخبار علماء العراق جميعا بهذه الحاثة الفجيعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال : وقد ارسلت رسائل كثيرة من قبل علماء المدينة المنورة ومكة المكرمة الى علماء النجف والكاظمية وبغداد بهذا الامر. وبعد وصول الخبر الى بغداد فقد ابرق علماء بغداد ايضا الى البلاد الاسلامية برقيات قريبة المضامين مما ذكر لاستنهاض همم المسلمين وتنبيه الغافلين.
اقول : وقد قيلت في ذلك قصائد عاطفية دينية كثيرة منها البيتان اللذان احفظهما للسيد صدر الدين الصدر :
الا ان حادثة البقيع يشيب لهولها فود الرضيع
وسوف تكون فاتحة الرزايا اذا لم نصحوا من هذا الهجوع
ولم نصحوامن هذا الهجوع وكانت فعلا فاتحة الرزايا وجربناه والى يومنا الحاضر في كل بلاد الاسلام.
النقطة الخامسة : ينبغي ان لا ننسى ان للزهراء علاقتان مرويتان بالبقيع كلاهما ذهبا بهذا التهديم الظالم وحصل نسيان الموقع وعدم امكان التعرف على المكان بالدقة :
احدهما : مدفنها فان البقيع احد المحتملات لوجود قبرها الشريف (عليها السلام) وقد سمعنا من المصادر السابقة انه كانت توجد بقعة في البقيع بعنوان كونه قبر الزهراء (عليها الصلاة والسلام) كما كانت توجدلسائر اولاد النبي (صلى الله عليه واله) وبناته مثل ذلك وقد اندرس كل ذلك بهذا الهدم الظالم على اية حال.
ثانيهما : بيت الاحزان او قبة المبكى وقد كان موجودا في البقيع كما سمعنا من المصادر وشمله التهديم الظالم. وهذا مروي في مصادرنا بكل تاكيد وذلك ما مضمونه ان الجماعة حين شكوا كثرة بكاء فاطمة في بيتها (حيث كانوا يأتون يشكون الى امير المؤمنين انه قل لها لا توعينا بالليل وبالنهار) وان بكائها يمنعهم من الراحة ليلا ونهارا قالوا : اما ان تبكي في الليل او في النهار. فلما كانت على ذلك شكوا منها ايضا، فبنى لها زوجها امير المؤمنين بيتا في خارج المدينة او في البقيع لاجل ان تخرج وتبكي فبه وسماه بيت الحزن او بيت الاحزان ثم ان الاجيال المتاخرة عن ذلك العصر قد بنوا عليه قبة سميت بقبة المبكى. وزال كل ذلك بهذا التهديم الظالم.
ومن كل ذلك نعرف ان اليوم الثامن من شوال يوم ذكرى تهديم القبور يوازي في الاهمية يوم وفاة احد المعصومين (سلام الله عليهم) وهذا الشعر يقول يوازي يوم عاشوراء : كانك من شهر المحرم عاشره.
بسم الله الرحمن الرحيم
انا اعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * ان شانئك هو الابتر *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟

الصورة الرمزية ابو غدير الساعدي
ابو غدير الساعدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 64616
الإنتساب : Mar 2011
المشاركات : 324
بمعدل : 0.06 يوميا

ابو غدير الساعدي غير متصل

 عرض البوم صور ابو غدير الساعدي

  مشاركة رقم : 50  
كاتب الموضوع : ابو غدير الساعدي المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-03-2011 الساعة : 06:26 PM


الجمعة الرابعة والاربعون 26 شوال 1419
الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
نطالب من هنا اطلاق سراح المعتقلين فورا من فضلاء الحوزة والمؤمنين مع الصلاة على النبي وال محمد اجمعين ..
انا قلت واكرر ان اعتقال اي واحد من المؤمنين كأنه اعتقال لي، لان المؤمنين كالجسد الواحد اذا تداعى فيهم عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى. واذا بقي اعتقالهم الى الجمعة الاتية فيجب على كل خطباء الجمعة في العراق التبليغ عنهم والمطالبة باطلاق سراحهم بالحكمة والموعظة الحسنة جزاهم الله خير جزاء المحسنين.
الان قولوا معي ثلاث مرات …
نريد نريد نريد ..
نريد نريد نريد ..
فورا فورا فورا ..
يا الله يا الله يا الله ..
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم يا شاهد كل نجوى وموضع كل شكوى وعالم كل خفية ومنتهى كل حاجة يا مبتداءا بالنعم على العباد يا كريم العفو يا حسن التجاوز يا جواد يا من لا يواري منه ليل داج ولا بحر عجاج ولا سماء ذات ابراج ولا ظلم ذات ارتجاج يا من الظلمة عنده ضياء اسالك بنور وجهك الكريم الذي تجليت به للجبل فجعلته دكا وخر موسى صعقا وباسمك الذي رفعت به السماوات بلا عمد وسطحت به الارض على وجه ماء جمد وباسمك المخزون المكنون المكتوب الطاهر الطهر الطاهر الذي اذا دعيت به اجبت واذا سئلت به اعطيت وباسمك السبوح القدوس البرهان الذي هو نور على كل نور ونور من نور يضيء منه كل نور اذا بلغ الارض انشقت واذا بلغ السماوات فتحت واذا بلغ العرش اهتز وباسمك الذي ترتعد منه فرائص ملائكتك واسألك بحق جبرائيل وميكائيل واسرافيل وبحق محمد المصطفى (صلى الله عليه واله) وعلى جميع الانبياء وعلى جميع الملائكة وبالاسم الذي مشى به الخضر على قلل الماء كما مشى به على جدد الارض وباسمك الذي فلقت به البحر لموسى واغرقت فرعون ومن معه وانجيت به موسى بن عمران ومن معه وباسمك الذي دعاك به موسى بن عمران من جانب الطور الايمن فاستجبت له والقيت عليه محبة منه وباسمك الذي به احيى عيسى بن مريم الموتى وتكلم في المهد صبيا وابرء الاكمه والابرص وباذنك وباسمك الذي دعاك به حملة عرشك وجبرائيل وميكائيل واسرافيل وحبيبك محمد (صلى الله عليه واله) وملائكتك المقربون وانبيائك المرسلون وعبادك الصالحون من اهل السماوات والارضين ان تصلي على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء وان تصلي على الامام السجاد والامام الباقر والامام الصادق والامام الكاظم والامام الرضا والامام الجواد والامام الهادي والامام العسكري والحجة المهدي (عجل الله فرجه). اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك وترحم عليهم بافضل رحماتك كما صليت وباركت وتحننت وتكرمت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
((قل امر بي بالقسط واقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين * كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليه الضلالة انهم اتخذوا الشياطين اولياء من دون المؤمنين * ويحسبون انهم يحسنون صنعا ويحسبون انهم مهتدون * يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا انه لا يحب المسرفين * قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الايات لقوم يعلمون *)
بالامس كانت ذكرى وفاة الامام الصادق (عليه السلام) وهو كما نعرف احد الائمة المعصومين الاثني عشر (عليهم السلام) كما انه هو الذي ينسب اليه المذهب الاثنى عشري الجعفري. فيحسن جدا ان نحمل عليه فكرة ولو موجزة بالمقدار الذي يناسب افهامنا اولا وبالمقدار الذي تسعه الخطبة ثانيا وذلك ضمن عدة نقاط :
النقطة الاولى : ان المشهور لدى العلماء والمتشرعة انه انما نسب اليه المذهب باعتبار انه (عليه السلام) عاش في برهة كانت الدولة فيها ضعيفة نسبيا وهي فترة نهاية دولة الامويين وبداية دولة العباسيين. والدول غالبا ما تكون في نهاياتها ضعيفة وفي بداياتها ضعيفة فكانت الفرصة لاعلان العلم والهداية وتوسيع النشاط بين الناس مواتية جدا للامام الصادق (سلام الله عليه) وهذا صحيح. وقد استغلت هذه الفرصة بلا شك من قبل الامام (عليه السلام) واصحابه على اوسع نطاق. واصحابه على اوسع نطاق مضافا الى شيء آخر وهو ان زمانه اقترن بالرغبة العامة جدا من قبل افراد المجتمع من مختلف مذاهب الاسلام بتلقي العلم ودفع الشبهات عن الدين فقد تصاعد في ذلك الحين الوعي الديني سواء على مستوى اصول الدين او على مستوى فروعه نتيجة لعوامل كثيرة اهمها الجدل والشبهات التي كانت تحصل من قبل الدهريين والملحدين وعملاء المستعمرين وكان الناس بطبيعة الحال حريصين على دينهم ويريدون الاستزادة على كل المستويات فكان ان حصلت هناك رغبة من المجتمع ككل لتلقي العلوم الدينية والاسلامية على مختلف الاصعدة ويمكن القول بان الوضع الذي عاشته الامام الصادق (عليه السلام) اجتماعيا واشهرهم بعد امير المؤمنين (عليه السلام) من حيث التفاف الناس حوله وكثرة طلابه وتزايد قاصديه للتعلم والسؤال والاستفسار ولذا نجد ان الروايات التي نقلت عنه هي اكثر من اي امام آخر من ابائه وابنائه (عليهم السلام) وهي شاملة لمختلف المجالات والمعارف والحقول الانسانية والشرعية بما فيهم (يعني اكثر في الرواية من الائمة) بما فيهم ابوه الامام الباقر (عليه السلام) على كثرة ما ورد عنه من الروايات فان الامام الصادق (عليه السلام) ما ورد عنه اكثر.
ومن هنا نستطيع ان نخطوا الخطوة الاخرى لنتوصل الى النتيجة وهي التساؤل عن السبب في نسبة المذهب اليه فانه لا شك انه كان يدعوا الى المذهب ويؤمن بولاية امير المؤمنين (سلام الله عليه) والمعصومين من ابائه وابنائه وبتعبير آخر انه (سلام الله عليه) استطاع استقطاب اكبر عدد واعظم نسبة من المجتمع في هذا الاتجاه وان الملتفين حوله والمتعلمين منه كانوا باعداد هائلة جدا حتى ان تسعمائة شيخ في مسجد الكوفة يقول حدثني جعفر بن محمد (صلوات الله عليه). فكيف بغير مسجد الكوفة من مناطق الاسلام ونحن نرى الان ان كل جماعة او مجموعة تنتسب الى راعيها وقائدها والرئيسي الموجه (كول لا !)
فنقول مثلا ناصريين لاصحاب جمال عبد الناصر وخالصيين لاصحاب الشيخ محمد الخالصي وسيستانيين لاصحاب السيد علي السيستاني وصدريين لاصحاب السيد محمد الصدر وهذا معاش وكلكم مشاهديه فكذلك قال المجتمع يومئذ عن اصحاب الامام جعفر الصادق (عليه السلام) انهم جعفريون اي هم الملتفون حوله والمندرجون تحت قيادته وعقيدته واهدافه لانه في ذلك الحين من اقوى واشهر الائمة المعصومين (عليهم السلام) في زمانه بل من اقوى واشهر علماء الاسلام كله حتى ان ابا حنيفة بن النعمان يفتخر بانه من طلاب الامام الصادق (عليه السلام) ويقول على ما روي عنه : (لولا السنتان لهلك النعمان). يريد بهما عامين قضاها بالتلمذة على الامام الصادق (عليه السلام).
وينبغي الان التنبيه والالتفات الى امرين :
الامر الاول : انه طبقا لهذا التسلسل الفكري فان نسبة الجعفرية الى الامام جعفر الصادق (عليه السلام) ليس كعقيدة مستقلة او دين مستقل كلا كما ربما يظهر من بعض عبارات العوام حين يقولون وكانت بستة قديمة يتناقلها الناس : ماكو ولي الا علي فليحيى دين الجعفري
الذي يوحي على ان الجعفرية دين مستقل في مقابل الاسلام والعياذ بالله.
هذا من جهة وكما كان عليه التبليغ المعادي لدى بعض المذاهب الاخرى في سنوات عديدة وقديمة وقد تضائل اثره الان والحمد لله او زال فيما كانوا يقولون : المسلمون والشيعة. يعني ان الشيعة غير المسلمين فهذا من داخلنا يوجد ومن خارجنا يوجد وكلاهما نحن بريئون منه الى الله والله تعالى الان يسمع ويرى وهو بالافق الاعلى. بل ان تعليم الامام الصادق هو الاسلام بعينه وهو الاسلام الحق وهو الاطروحة لما هو الموروث عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ورسول الله (صلى الله عليه واله) وهو اسلام قبل ان يكون مذهبا ولا قيمة لاي مذهب ما لم يكن في ضمن الاسلام كما هو اوضح من ان يخفى.
الامر الثاني : ان الوعي الديني والاجتماعي المتنامي في المجتمع بين مختلف المذاهب بعون الله وحسن توفيقه الان والذي جعل التحزب والتعصب والطائفية تصل الى اقل مقدار ممكن بحمد الله ولطفه، فاذا التفتنا الى حقيقتين واقعيتين وصحيحتين واكيدتين :
الحقيقة الاولى : ان الامام الصادق (عليه السلام) ممن يحسن به الظن جميع المسلمين الا النادر النادر ممن ظلم نفسه واظله هواه. بل هو في العلم والورع والعظمة والاتقان من علو الشأن بحيث لا يقاس به احد في زمانه ولا بعد زمانه وهذا ينيغي ان يكون مسلما بين الناس اجمعين وخاصة المسلمون بمختلف مذاهبهم قول لا ايوجد احد يستطيع ان يقول لا.
الحقيقة الثانية : ان الامام الصادق كان يؤمن بالمذهب الاثنى عشري ويهدي الناس الى حقائقه ودقائقه سواء على مستوى اصول الدين او فروع الدين وهذا ايضا مما ينبغي ان يكون الضروريات.
وبتعبير آخر مختصر ان الامام الصادق كان شيعيا وامام الشيعة فبذلك يكون الخطاب نخاطب الواعين المتورعين من مختلف المذاهب الاسلامية ممن يؤمن بالامام الصادق (عليه السلام) عالما فقيها متورعا جليلا فنسأله هل كان الامام الصادق مصيبا في مذهبه او خاطئا فان قال هذا الرجل انه كان خاطئا كان خلاف حسن الظن بالامام الصادق (عليه السلام) وبجلالة قدره وعمق علمه. وان قال انه كان مصيبا ومحقا فهذا يعني انه محق في دينه ومذهبه وهذا يكفي للترجيح المذهبي كما هو واضح ممن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد، فلينظر اخواننا اهل السنة في ذلك وليتأملوا جزاهم الله خيرا.
النقطة الثانية : التي اريد بيانها عن الامام الصادق (عليه السلام) ان ما اشتهر عنه من العلم منذ زمانه والى العصر الحاضر يمكن تلتخيصه في جانبين الفقه والعقائد او قل فروع الدين واصول الدين فكان هو المعلم الرئيسي منذ زمانه والى العصر الحاضر في كل الحقول وانشاء الله الى يوم القيامة.
ومن الواضح ان هذه الشهرة قد غطت اجتماعيا على جانب آخر كان يتصف به وهو الزهد والعبادة فهو لم يكن فقيها فقط وان كان هذا هو الجانب الذي حاول نشره حين اقتضت المصلحة بل كان في نفس الوقت زاهدا ومتعبدا ايضا وان كتم عن الناس زهده وعبادته.
بينما نجد الطرف الاخر ان الامام زين العابدين (عليه افضل الصلاة والسلام) بالعكس من حيث ان الانطباع المتزايد والمشهور عنه هو العبادة دون الفقه والعقائد فقد يخطر في البال مع ضحالة في النفكير وتدنيه ان صفة الامام السجاد هي العبادة فقط وان صفة الامام الصادق والامام الباقر (عليهما السلام) هي الفقه فقط او نحو ذلك.
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذه ليست كلمة جيدة وهذا من الضلال في التفكير بكل وضوح فانهم (عليهم السلام) من نور واحد وعلى نهج واحد وكلهم ورثة رسول الله (صلى الله عليه واله) وامير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) ولديهم علومهم الباطنة والظاهرة ويشمل كل واحد منهم اي من الائمة (سلام الله عليهم) القواعد والصفات التي اعطيت للامام (عليه السلام) في الكتاب والسنة كقولهم : (الارض كلها للامام) او قولهم : (اذا اراد الامام شيئا اعلمه الله تعالى ذلك) وغير ذلك كثير.
لاحظوا .. لا نكون مغفلين فكلهم سجاد وكلهم باقر وكلهم صادق وكلهم رضا وكلهم جواد وكلهم هادي وكلهم مهدي، قولوا لا ! لا تستطيعون ان تقولوا لا. (سلام الله عليهم اجمعين) كما ورد : (اولنا محمد وآخرنا محمد وكلنا محمد) فالصفات ثابتة لهم جميعا الباقر والصادق والكاظم والرضا ونحو ذلك الا صفة الامام العسكري (عليه السلام) فكلهم عسكري لا نستطيع ان نقول فانها يراد بها النسبة الى عسكر وهي سامراء وليس كلهم في سامراء.
وقد يسأل سائل انه لماذا سمي الامام الصادق بالصادق مع انهم كلهم صادقون والامام الرضا بالرضا مع انهم كلهم مرضيين فالجواب هو : انما هذه الاختصاصات بالالقاب انما هي القاب احترامية خصهم بها رسول الله (صلى الله عليه واله) او قل خصهم بها الله سبحانه وتعالى عن طريق رسوله الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، لابراز وبيان فضل كل منهم (سلام الله عليهم) لانهم اذا كانوا في لقب واحد لا نميز بعضهم عن بعض.
وحديثنا الان عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) وهو بطبيعة الحال مشمول لكل هذه الملاحظات التي قلناها فهو لا يحتمل ان يقل عن الامام السجاد بالعبادة والورع والتقوى كما لا يحتمل ان يقل عن الامام الكاظم مثلا بالصبر وكظم الغيض كما لا يحتمل بالهداية عن الامام الهادي اوالامام المهدي (سلام الله عليهم اجمعين).
كل ما في الامر ان الجانب الاجتماعي والاعلامي جعل السنة الشريفة الواردة عن علومه (عليه السلام) هي التي تشكل النسبة الاعلى جدا مما ورد عنه ويكون الجزء الاقل والضئيل نسبيا هو النقل عن عبادته وزهده.
ونكتفي في هذه العجالة والاختصار بذكر خبرين فقط عن زهده وعبادته في كشف الغمة للاربلي الجزء الثالث صفحة 369 عن سفيان الثوري وهي رواية مشهورة وتكفي للذكرى على اية حال، قال : دخلت على جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكنا وكساء خز (وكأن قماش الخز في ذلك الحين كان جيدا وغاليا) فجعلت انظر اليه تعجبا فقال لي : يا ثوري مالك تنظر الينا لعلك تعجب مما ترى. فقلت : يا بن رسول الله ليس هذا من لباسك ولباس ابائك. قال : يا ثوري كان ذلك زمان اقتار وافتقار (في صدر الاسلام وزمان امير المؤمنين والحسن والحسين) وكانوا يعملون على قدر اقتاره وافتقاره وهذا زمان قد اسبل كل شيء عزاليه (وهو المطر). ثم حسر ردن جببته فاذا تحتها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل والردن عن الردن. وقال : يا ثوري لبسنا هذا لله تعالى وهذا لكم فما كان لله اخفيناه وما كان لكم ابديناه) &
من المخالف والمؤالف وفي ذلك مصلحة دينية واجتماعية كبيرة كما هو واضح يبقى معابا في المجتمع لا يبقى كالفرد الاعتيادي فالتواضع كأنه احيانا يحعل الانسان في نظر كأنه وضيع في حين ان التكبر قد يكون في مصلحة الدين احيانا.
ومنها ان الامام يقصد المعصومين (عليهم السلام) عموما حينما يقول : (نحن) او (الينا) من حيث ان علومهم وافعالهم واحدة وفعل الواحد منهم كأنه فعل الجميع وهذا موجود في الاخبار وفي لغة الائمة المعصومين (عليهم السلام) كثيرا ولعل من اوضح ذلك قوله : (ودولتنا في آخر الدهر تظهر) مع العلم انه هذا الشخص الذي قائل هذا البيت لا يكون في ذلك الحين موجودا بل غيره من المعصومين موجودا.
وفي كشف الغمة صفحة 425 ايضا : وقال له ابو حنيفة : يا ابا عبد الله (والامام الصادق يكنى بابي عبد الله كما تعلمون) ما اصبرك على الصلاة ! (يتعجب على من صبره وتحمله على كثرة صلاته او قل يتعجب من كثرة صلاته) فقال (عليه السلام) : ويحك يا نعمان اما علمت ان الصلاة قربان كل تقي وان الحج جهاد كل ضعيف ولكل شيء زكاة وزكاة البدن الصيام وافضل الاعمال انتظار الفرج من الله والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر فاحفظ هذه الكلمات يا نعمان استنزلوا الرزق بالصدقة وحصنوا المال بالزكاة وما عال امرء اقتصد والتقدير نصف العيش والتودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال احد اليسارين ومن احزن والديه فقد عقهما ومن قرب يده على فخذه عند المصيبة فقد احبط اجره والصنيعة لا تكون صنيعة الا عند ذي حسب او دين فالله ينزل الرزق على قدر المؤونة وينزل الصبر على قدر المصيبة ومن ايقن بالخلف جاد بالعطية. الى آخر ما قال.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الرابعة والاربعون 26 شوال 1419
الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
يا حافظ كل غريب يا مؤنس كل وحيد يا قوة كل ضعيف يا ناصر كل مظلوم يا رازق كل محروم يا مؤنس كل مستوحش يا صاحب كل مسافر يا عماد كل حاضر يا غافر كل ذنب وخطيئة يا غياث المستغيثين يا صريخ الستصرخين يا كاشف كرب المكروبين يا فارج هم المهمومين يا بديع السماوات والارضين يا منتهى غاية الطالبين يا مجيب دعوة المضطرين يا ارحم الراحمين يا رب العالمين يا ديان يوم الدين يا اجود الاجودين يا اكرم الاكرمين يا اسمع السامعين يا ابصر الناظرين يا اقدر القادرين اغفر لي الذنوب التي تغير النعم واغفر الذنوب التي تورث الندم واغفر لي الذنوب التي تورث السقم واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء واغفر لي الذنوب التي تحبس قطر السماء واغفر لي الذنوب التي تعجل الفناء واغفر لي الذنوب تجلب الشقاء واغفر لي الذنوب تظلم الهواء واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء واغفر لي الذنوب التي لا يغفرها غيرك يا الله واحمل عني كل تبعة لاحد من خلقك واجعل بي من امري فرجا ومخرجا ويسرا وانزل يقينك في صدري ورجائك في قلبي حتى لا ارجوا غيرك اللهم احفني وعافني في مقامي واصحبني في ليلي ونهاري ومن بين يدي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي ويسر لي السبيل واحسن لي التيسير ولا تخذلني في العسير واهدني يا خير دليل ولا تكلني الى نفسي في الامور ولقني كل سرور واقلبني الى اهلي (اي المؤمنين في الجنة) بالفلاح والنجاح محبورا في العاجل والآجل انك على كل شيء قدير وارزقني من فضلك واوسع علي من طيبات رزقك واستعملني في طاعتك واجرني من عذابك ونارك واقلبني اذا توفيتني الى جنتك برحمتك اللهم صل على محمد المصطفى سيد رسل الله وعلى علي المرتضى سيد الاوصياء وعلى فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وصل على الائمة المعصومين الحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد المهدي الحجة المنتظر عليهم افضل الصلاة والسلام.
في هذه الخطببة نتعرض الى عدد من المشاكل الفكرية والاجتماعية باختصار في عدة نقاط :
النقطة الاولى : انه لا شك ان العنصر الرئيسي في ارتفاع اهمية نظم الشعر العربي في الاسلام عامة وفي المذهب خاصة وتعمقه وكثرته انما سببه ثورة الحسين (عليه افضل الصلاة والسلام) وحركته المقدسة التي اوجبت واوجدت كما يقول الخبر : (حرارة في قلوب شيعته لن تخمد الى يوم القيامة).
الامر الذي انتج ان تقول مئات الشعراء بل الاف الشعراء في هذه المناسبة الشجية انواعا من الشعر بما فيها الشعر القريض والشعر الشعبي. وهو الامر الذي سبب ايضا ان يختص الشعراء الموالين جزاهم الله خيرا في كل الاجيال بافضل القصائد العربية واكثرها رصانة وجمالا مما هو غير موجود في سائر مذاهب الاسلام فضلا عن غير المسلمين وهو (وهذه العبارة ايضا مشهورة والتفكير فيها راجح جدا) الذي عبر عنه الدكتور طه حسين الذي هو اشهر الادباء في مصر والى الان حين قال : لا زال الشعر رافضيا. وهي كلمة مشهورة ومشكورة منه توفي رحمه الله قبل عشرين سنة لكن ذكره لا زال موجودا اكيدا وسيبقى. وقوله (لا زال) يعني كان ولا زال وسيبقى على نفس الحال.
وبالرغم من نقطة القوة هذه التي لا تعدلها نقطة واهمية عالية جدا وشكرا لله على حسن فضله، فاننا نعلم ان كل شاعر سواءا كان فصيحا ام شعبيا ينظم الشعر في الحسين (عليه السلام) واصحابه بمقدار ما يفهم من ثورة الحسين ومن اقواله ومن افعاله. ولا نتوقع من الشاعر ان يتعدى فهمه الشخصي بطبيعة الحال بل لعل ذلك يكون في عداد المستحيل في حين اننا نعلم بكل تاكيد ان بين فهمنا للحسين (عليه السلام) وواقع الحسين (عليه السلام) وحقيقة مقاصده بونا شاسعا وفجوة ضخمة جدا (كول لا. سبحان الله !)يعني اننا لا نفهم الحسين (عليه السلام) حقيقة ولا يمكن ان نفهمه حقيقة كل ما في الامر اننا يمكن ان نقترب نحو هذا الفهم قدما او اقداما بالتعلم والتكامل والاطلاع على بعض حقائق الكتاب والسنة واذا نحن لم نكن بهذا الصدد اي ننظم شعر ونحن لا نعلم ما الحسين وما اصحاب الحسين ومن الحسين ومن زينب ومن الاصحاب والاولاد، فاذا نحن لم نكن بهذا الصدد اذن فنحن معاتبون ومعاقبون لاننا نكون قد كذبنا على المعصومين (عليهم السلام) المتمثلين بالحسين نفسه (سبحان الله كول لا !) ولربما السجاد ايضا (عليه السلام) واصحاب المعصومين (عليهم السلام).
يكفي اننا نلتفت الى ان اغلب الاشعار الفصيحة والشعبية التي قيلت بهذا الصدد تحمل جانبين باطلين في فهم المشاعر الحسينية لو صح التعبير :
الجانب الاول : الجانب الاسري والعاطفة الدنيوية الشخصية التي يشعر بها الشاعر هو نفسه تجاه ولده ووالديه واخيه وزوجته فهو يضيفها الى الحسين والى اصحاب الحسين (عليهم افضل الصلاة والسلام) في حين لو كان شيء منذلك مهما قل لديهم لما ترك الرجال زوجاتهم واطفالهم ولما ترك النساء ازواجهن ولما افتخرن ان يكن من المسبيات مع زينب (سلام الله عليها) وغير زينب من نساء الحسين (عليه السلام) فهذه تضحية حقيقية. وهذا ونحوه من العواطف الحقة لا تكون عند نفي العاطفة الاسرية تماما واسقاطها من النفس حقيقة فاذا كان ذلك في النساء والرجال من الاصحاب فكيف باهل البيت (عليهم السلام) وهم السادة انفسهم (سلام الله عليهم) وكيف بالحسين بشخصه الذي هو معصوم ومفترض الطاعة.
الجانب الثاني : الجانب القبلي. اعوذ بالله من الجانب القبلي الذي كان ولا زال وسيبقى يضرنا ما لم يخرج الشيطان من الساحة. والجانب القبلي هو ما اشرنا اليه في الاضواء من التاكيد على جانب الاسرة والنسب وكأن الحرب (حرب الحسن (عليه السلام)) بين اسرتين متعاديتين لا بين الحق والباطل وذلك في مثل قول الشاعر :
قوضي يا خيام عليان دار فلقد قوض العماد الرفيع
واملأي العين يا امية نوما فحسين على الصعيد صريع
وكان بني امية انتصروا على الحسين فقط. وغير ذلك كثير في حين اننا نعلم ان هذا من غير المحتمل ان يخطر في بال الحسين (عليه السلام) واصحابه طرفة عين فضلا عن ان يكون هو الهدف الرئيسي لهم ولو كان هو الهدف الرئيسي لكانوا على باطل والعياذ بالله وعلى طلب الدنيا وحاشاهم.
وقد كان الاعتذار اساسا للشعراء حين يريدون التجنب عن الكذب فانهم يقولون وكذلك بعض الخطباء الحسينيين المتورعين يقولون : ان هذا بلسان الحال لا بلسان المقال. وهذا مسموع وماشي جيلا بعد جيل. فنسالهم انك هل تعرف حالهم (سلام الله عليهم) بلسان الحال حقيقة لتقول ان كلامك بلسان الحال وهل ان حالهم كما تقول انت لكي تكون صادقا او ان حالهم ليس كذلك وانما انت الكاذب.
فمثلا لو اكد الشاعر على الجانب الاسري او الجانب القبلي اللذان ذكرناهما بعنوان انه بلسان الحال لكان كاذبا لا محالة وكان من الكذب على المعصومين (سلام الله عليهم) ونحن لا نريدمن اي شاعر او ناثر ان يكذب على الحسين (عليه السلام) واصحابه وانما لا بد ان يبين حالهم باقصى ما يستطيع من الصحة والدقة وبحسب ما نستطيع ان ندرك حالهم (سلام الله عليهم) فان له عدة جوانب اي واحدة منها اخذناها كانت حقا على اي حال. وقليل التعرض لها في شعر الشعراء في القريض والعامي معا :
الجانب الاول : التمرد على كل ظلم وطغيان وخاصة ظلم وطغيان بني امية او حكم بني امية عامة ويزيد الشارب للخمور واللاعب للقرود كما يصفه الحسين (عليه السلام) خاصة، وبيان ذلك للمجتمع عمليا بحيث لا يكون معه مجال للشك.
الجانب الثاني : عرض البديل او الايدولوجية الصالحة والحقة بعد ان فشلت وتفشل ايديولوجيات الظالمين والمستعمرين متمثلا (اي الايديولوجية الحقة) بالاسلام الحقيقي الذي دافع عنه الحسين بكل وجوده.
الجانب الثالث : بيان ان هداية المجتمع والدفاع عن الطبقات المحرومة والمستضعفة يستحق الفداء باعظم الفداء واعظم انواع التضحية بالنحو الذي قدمه الحسين (عليه السلام) في عرصة كربلاء كما قال تعالى : ((في سبيل الله والمستضعفين)).
الجانب الرابع : اعطاء النموذج للثورات على الظلم والتمرد على الطغيان في كل عصر فمهما كانت اي ثورة قريبة من فكرة ثورة الحسين او كانت اقرب كانت على حق وكلما كانت ابعد كانت على باطل كائنة كانت لا نستثني من ذلك شيئا على وجه الكرة الارضية. وكل واحد من قادة الثورات يعلم بنقاط القوة والضعف في نفسه كما قال تعالى : ((بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره)).
الجانب الخامس : ان الثواب الالهي الجسيم والدرجات العلى عند الله تبارك وتعالى تستحق الفداء لها باعظم انواع الفداء كما ورد : (لك درجات لن تنالها الا بالشهادة) من قال ذلك ؟ رسول الله (صلى الله عليه واله) حسب الرواية. فلذا انطاع الحسين (عليه السلام) طائعا لكلام جده الرسول وقدم كل هذه التضحيات في سبيل تلك الدرجات العلى.
الجانب السابع : جانب التذلل والخشوع والتواضع امام الله سبحانه وترك العجب والرياء وهذا ما طبقه امير المؤمنين (عليه السلام) حين كان يجلس على التراب حين سماه الرسول بابي تراب (كول لا !) وطبقه الرسول نفسه حين كان يجلس جلسة العبد ويأكل مع العبيد (كول لا !) وطبقه الحسين (عليه السلام) حين عرض جسده للدوس تحت حوافر الخيل وعرض خيامه للنهب والحرب ونساءه للسبي (سلام الله عليهم اجمعين) قائلا : (شاء الله ان يراهن سبايا) ويقول : (هون ما نزل بي انه بعين الله) ويقول حسب الرواية :
(تركت الخلق طرا في هواك وايتمت العيال لكي اراك ولو قطعتني في الحب اربا لما مال الفؤاد الى سواك)
فهذه بعض الجوانب التي يمكن ادراكها من مستويات المعصومين (سلام الله عليهم) واصحاب المعصومين والحسين واصحاب الحسين (عليهم السلام) فهل في الشعر العربي او الشعر الشعبي شيء من ذلك ؟ انا لا اقول انه غير موجود اطلاقا ولكن لا شك ان نسبته قليلة بازاء اضفاء الاذكار والعواطف الدنيوية التي نسبت الى الحسين (عليه السلام) خاصة واهل البيت والاصحاب عامة في الاشعار الفصيحة والشعبية.
فمن هنا اطالب الخطباء والشعراء بمختلف مستوياتهم واماكنهم ان يبداوا من الان بتصحيح افكارهم واشعارهم عن الحسين (عليه السلام) واصحابه وكل المعصومين فلا ينظموا الا بلسان الحال الذي يكون اقرب الى الحق لا انه يكون اقرب الى الباطل والعياذ بالله ويستمر ذلك جيلا بعد جيل حتى لا نسمع من الاشعار الباطلة والمنحرفة شيئا بعد هذا الزمان بعون الله سبحانه وتعالى وحسن هدايته وتوفيقه.
والافضل في هذا الطريق هو ان يكون الشعر باشراف الحوزة الشريفة في كل مكان وفي كل زمان فما قالته الحوزة للشاعر انه حق اخذ به وضمنه في شعره او قل نظمه في شعره. وما قالت له الحوزة انه باطل ومشكوك او ان انطباعه سيء او لا مصلحة في ذكره ونحو ذلك تركه الى غيره والحمد لله الافكار الحقة كثيرة فانظم ما تقتنع بانه حق فقط. من حيث ان كلمة الحوزة هي الكلمة الفصل ولا اقصد السيد محمد الصدر وانما قصدت وقلت انها الحوزة في كل مكان وزمان لانها مهما كان حالها فانها الاقرب والافضل والافهم في فهم الدين وشريعة سيد المرسلين واتجاهات المعصومين (عليهم السلام).
بقي من الوقت ان اشير الى نقطة اخرى مهمة باختصار وهو ما يحدث في مجتمعنا هذا عند وفاة احد الوجهاء في المجتمع فان المفروض دينيا والمطلوب شرعا انه نواجه كل الامور بما فيها الوفاة او قل بما فيها الوفيات بما يرضي الله سبحانه لا ان نواجهه بما يسخطه ونعصيهونستحق على ذلك العقاب فبدلا ان تكون مناسبة الموت لنا سببا للثواب كانت سببا للشقاء والعقاب وما يحدث عند الوفاة عدة امور ينبغي الالتفات اليها وتغيرها من الباطل الى الحق :
الامر الاول : ان صاحب المصيبة المعزى يشعر بالالزام الاجتماعي بزيادة الصرف والطبخ والاطعام اكثر من طاقاته المالية بحيث يبقى بعدها فقيرا متسكعا وهذا هو الظلم بعينه ولا يحتاج التخلي عن ذلك الا الى همة بسيطة من قبل المتشرعين والمتورعين لترك ذلك حتى وان تكلم اهل الدنيا ضده او انتقدوه.
الامر الثاني : مضافا الى تكليفه العظيم في الجهد والمال ليس مما يستهلك كله فهم يطبخون اكثر من الحاجة بكثير باضعاف ما يحتاجونبل غالبا ما يلقى في المزابل حتى ان ذبائح مطبوخة باكملها تلقى في البرية لتأكلها الوحوش والطيور او تتعفن في محلها. وهذا نحو آخر من الظلم بكل تاكيد الى كونه تبذيرا محرما فان فيه حرمانا للمعوزين والمحتاجين اكيد مائة بالمائة وواضح. وكان الاولى بكل تاكيد ان تقضى به حوائجهم ويسد به رمقهم.
الامر الثالث : ما يسمى بالعراضات لتأبين المتوفي فانها تحتوي في كثير من الاحيان جدا على المحرمات من عدة جهات :
اولا : من جهة مدح المتوفى بغير ما هو فيه فيكون كذبا محرما.
ثانيا : من حيث مدح المتوفى وقد يكون ظالما او فاسقا فيكون مدحهم اعانة على الاثم (كول لا !).
ثالثا : انها تحتوي كلماتهم واشعارهم على الاعتراض على القدر الالهي في موته وهو حرام.
رابعا : انها احترام وتبجيل للمتوفى اكثر مما يستحقه غالبا وهو امر مذموم.
الامر الرابع : لاحظوا .. فان هذا ايضا شيء شائع ان المآتم النسائية ستكون قاسية جدا وتشعر المراة في نفسها كانها مجبورة على كثرة البكاء وضرب وجهها وجسمها كثيرا ونتف شعرها وشق ثيابها بحيث لو لم تفعل ذلك لكانت معرضة للانتقاد. وهذا ظلم اجتماعي حقيقي فان حصل ما هو محرم خلال ذلك كان اشد ظلماكما لو حصل اعتراض على القدر الالهي او اضرار بالنفس معتد به او كذب في مدح المتوفي او انكشاف النساء للرجال وهكذا وهكذا ..
الامر الخامس : ان المتوفى بعد ان يدفن فان ذويه يحاولون بناء قبره الى اقصى حد مستطاع الى حد يجعلون له ارتفاعات شاهقة قد يصل الى عشرة امتار مع الالوان الزاهية والزجاج ونحو ذلك. وكل ذلك تبذير مذموم وخير لك ان تقضي به حاجة المحتاجين اذا اردت ثواب المتوفى وثوابك.فانك ان اردت ان تفيد المتوفي فانك تفيده اخرويا لا انك تفيده دنيويا فانه ليس له دنيا بعد موته ولا ينفعه تزيين قبره ولا ارتفاع بنائه بل قد يكون احيانا مضرا به وسببا لزيادة عقوباته اذا كان هو في حياته مقتنع بذلك او موصي بذلك. وانما نفعه المتوقع منك هو نفعه الاخروي بزيادة الثواب والطاعات الواصلة اليه كما ورد : (اذكروا موتاكم بالخير) يعني بالخير الاخروي وليس الخير الدنيوي الذي لا يساوي في الواقع قشة ولا ذرة.
فالمهم اننا ننادي المجتمع بلسان الشريعة ولسان الحوزة ان يعي المجتمع واقعه الحقيقي وان يترك هذه الامور وخاصة المحرم منها. فهذا لكم جيد وليس لي فانا لا افعل ولا واحد منها بعون الله. وان يحاول كل فرد ان يتمحض لطاعة الله سبحانه فان لم تكن تراه فهو يراك جل جلاله.
بسم الله الرحمن الرحيم
انا اعطيناك الكوثر * فصل لربك زانحر * ان شانئك هو الابتر *
صدق الله العلي العظيم


توقيع : ابو غدير الساعدي
اللهم عجل لوليك الفرج
من مواضيع : ابو غدير الساعدي 0 عجيبة غريبة !!!!؟؟
0 هل أسم الأمام علي "ع" ثقيل على عائشة ؟؟
0 المخالفة الجلية في نصرة سبط خير البرية
0 الأثبات الكبير لظلامة السبط البشير "ع"
0 أين ذهبت ( حي على خير العمل ) من الآذان ؟؟
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 10:11 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية