|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 46821
|
الإنتساب : Dec 2009
|
المشاركات : 437
|
بمعدل : 0.08 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
ما أسباب وجود أحاديث صعبة في كلمات أهل البيت (ع)
بتاريخ : 27-01-2010 الساعة : 09:30 PM
عن مولانا الإمام الباقر (ع) :
" . . . إنّ حديث آل محمد صعب مستصعب".
الكافي الشريف.
- روى الشيخ عماد الدين بن رستم الطبري بسنده عن صالح بن ميثم، عن أبيه قال:
" بينما أنا في السوق إذ أتاني الأصبغ بن نباتة فقال [ لي ] : ويحك يا ميثم لقد سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) حديثا صعبا شديدا فاما يكون كذلك ؟ قلت: وما هو ؟ قال: سمعته (عليه السلام) يقول: إنّ حديثنا أهل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان.
فقمت من فورتي، فأتيت عليا (عليه السلام) فقلت: يا أمير المؤمنين حديث أخبرني به الأصبغ بن نباتة عنك فقد ضقت به ذرعا، قال: وما هو ؟ فأخبرته، قال: فتبسم ثم قال: اجلس يا ميثم أو كل علم يحتمله عامل، ان الله تعالى قال للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال : إني أعلم ما لا تعلمون، فهل رأيت الملائكة احتملوا العلم ؟ قال: قلت: هذه والله أعظم من ذلك، قال: والأخرى: إن موسى
(عليه السلام) أنزل الله عز وجل عليه التوراة فظن أن لا أحد أعلم منه، فأخبره الله عز وجل ان في خلقي من هو أعلم منك وذاك إذ خاف على نبيه العجب، قال فدعا ربه ان يرشده إلى العالم، قال: فجمع الله بينه وبين الخضر فخرق السفينة فلم يحتمل ذاك موسى، وقتل الغلام فلم يحتمله وأقام الجدار فلم يحتمله، وأما المؤمنون فإن نبينا (صلى الله عليه وآله) أخذ يوم غدير خم بيدي فقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، فهل رأيت احتملوا ذلك إلا من عصمه الله منهم ، فابشروا ثم أبشروا فان الله تعالى قد خصكم بما لم يخص به الملائكة والنبيين والمرسلين فيما احتملتم من أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمه" (1).
أسباب وجود أحاديث صعبة في كلمات أهل البيت (ع)
1- كلام أهل البيت فيه محكم ومتشابه.
- روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا (ع) بسنده عن أبي حيون مولى الرضا عليه السلام قال:
"من رد متشابه القرآن إلى محكمة هدى إلى صراط مستقيم ثم قال : إن في اخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا "(2).
2- كل شخص يستوعب الأخبار والروايات والمعارف والمقامات حسب فهمه ودرجة قربه إلى الله تعالى، لذلك يجب تحديث الناس بقدر ما يستوعبون ويتحمّلون.
ففي آيات القرآن الكريم نجد أنّ الخطاب يكون بصيغة "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ" (3) ومرّة أخرى نجده يقول: " أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ " (4).
وأيضا كما في الروايات الشريفة الدّالة على ذلك:
- روى الشيخ الكليني بسنده عن عبد العزيز القراطيسي قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) :
" يا عبد العزيز إن الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست علي شئ حتى ينتهي إلى العاشر، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإن من كسر مؤمناً فعليه جبره"(5).
- وأيضا روى الشيخ الكليني بسنده عن سدير قال : قال لي أبو جعفر (عليه السلام) :
" إن المؤمنين على منازل منهم على واحدة ومنهم على اثنتين ومنهم على ثلاث ومنهم على أربع ومنهم على خمس ومنهم على ست ومنهم على سبع فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو، وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو، وعلى صاحب الثلاث أربعا لم يقو، وعلى صاحب الأربع خمسا لم يقو، وعلى صاحب الخمس ستا لم يقو، وعلى صاحب الست سبعا لم يقو، وعلى هذه الدرجات"(6).
3- إنّ في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ما لا يحتمله غيرهم، وفائدة هذه الأحاديث هو أن يقولوا للناس: نحن لنا من العلم درجات لا توجد عند غيرنا مهما بلغ من الرقيّ والكمال الإنساني.
ومن كانت معرفته بمقاماتهم (عليهم السلام) عميقة وإيمانه ثابت فمعنى " لا يحتمله قلبه" الوارد في الروايات الشريفة، هو مارواه الشيخ الصدوق بسنده عن بعض أهل المدائن قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام :
" روي لنا عن آبائكم عليهم السلام أن حديثكم صعب مستصعب لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان. قال : فجاءه الجواب :
إنما معناه أن الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك مثله، ولا يحتمله نبي حتى يخرجه إلى نبي مثله، ولا يحتمله مؤمن حتى يخرجه إلى مؤمن مثله، إنما معناه أن لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما هو في صدره حتى يخرجه إلى غيره"(7).
وللتبرّك ومعرفة بعض هذه المقامات الشريفة لأهل بيت العصمة سلام الله تعالى عليهم، نذكر هذه الرواية القدسيّة الشريفة :
فقد روى الشيخ الكليني بسندٍ صحّحه الشيخ مسلم الداوري -حفظه الله تعالى - عن مرازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى:
" يا محمد إني خلقتك وعليا نورا يعني روحا بلا بدن قبل أن أخلق سماواتي وأرضي و عرشي وبحري فلم تزل تهللني وتمجدني، ثم جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة فكانت تمجدني وتقدسني، وتهللني، ثم قسمتها ثنتين وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة محمد واحد وعلي واحد والحسن والحسين ثنتان، ثم خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحا بلا بدن، ثم مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا"(8).
شرح هذه الرواية الشريفة
ذكر العلاّمة المجلسي (9) في شرحه لهذه الرواية الشريفة:
" قوله: بلا بدن"
أي أصلا، أو بلا بدن عنصري بل بدن مثالي و ظاهره كون لروح جسما لطيفا وهو غير البدن كما هو المشهور وربما يأول الخلق هنا بالتقدير.
" قبل أن أخلق"
أي بحسب الزمان الموهوم وقيل: القبلية بحسب الرتبة، فإنهما أشرف من كل مخلوق.
" تهللني"
قيل: أي بلسان الحال كما في قوله تعالى:
" وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" والظاهر لسان المقال.
" ثم جمعت روحيكما"
كان المراد جعل مادة بدنهما في صلب آدم عليه السلام.
" فكانت تمجدني"
أي بنفسها أو بتوسط الأبدان المشتملة على الطينات المقدسات.
" ثم قسمتها ثنتين"
أي في صلب عبد الله و أبي طالب.
" و قسمت الثنتين"
أي بعضها في صلب علي عليه السلام إلى الحسنين.
" ثم خلق الله"
أي بعد خلق النور الأول لا بعد الجمع و القسمة، كما يدل عليه سائر الأخبار، أو ثم للتراخي المعنوي لفضل الذكر على الأنثى.
و يؤيد هذا الوجه ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله خلقني وعليا فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام، قلت: فأين كنتم يا رسول الله؟ قال: قدام العرش نسبح الله ونحمده ونقدسه ونمجده، قلت: على أي مثال؟ قال: أشباح نور حتى إذا أراد الله عز وجل أن يخلق صورنا صيرنا عمود نور ثم قذفنا في صلب آدم، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات و لا يصيبنا نجس الشرك و لا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم و يشقي بنا آخرون، فلما صيرنا إلى صلب عبد المطلب أخرج ذلك النور فشقه نصفين، فجعل نصفه في عبد الله و نصفه في أبي طالب، ثم أخرج الذي لي إلى آمنة و النصف إلى فاطمة بنت أسد، فأخرجتني آمنة و أخرجت فاطمة عليا ثم أعاد عز وجل العمود إلى علي فخرجت مني فاطمة، ثم أعاد عز و جل العمود إلى علي فخرج منه الحسن والحسين، يعني من النصفين جميعا، فما كان من نور علي فصار في ولد الحسن، وما كان من نوري صار في ولد الحسين، فهو ينتقل في ولده إلى يوم القيامة.
والأخبار، في ذلك مستفيضة أوردت أكثرها في الكتاب الكبير، لكن فهمها صعب على العقول، والأولى الإيمان بها مجملا، ورد علمه إليهم عليهم السلام.
و يخطر بالبال أنه يحتمل أن تكون إشارة إلى أنهم عليهم السلام لما كانوا المقصودين من خلق آدم عليه السلام وسائر ذريته وكان خلق آدم من الطينة الطيبة ليكون قابلا لخروج تلك الأشخاص المقدسة منه ربي تلك الطينة في الآباء والأمهات حتى كملت قابليتها في عبد الله وأبي طالب عليهما السلام، فخلق المقدسين منهما، فلعله يكون المراد بحفظ النور وانتقاله من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام المطهرة كناية عن انتقال تلك القابلية واستكمال هذا الاستعداد فما ورد من أن كمالهم و فضلهم كان سبب الاشتمال على تلك الأنوار يستقيم على هذا الوجه و كذا ما ضارعها من الأخبار، والله يعلم حقائق تلك الأسرار وحججه الأخيار عليهم السلام.
و قال المحدث الأسترآبادي قدس سره: من الأمور المعلومة أن جعل المجردين واحدا ممتنع، و كذلك قسمة المجرد فينبغي حمل الروح هنا على آلة جسمانية نورانية منزهة عن الكثافة البدنية، و قال بعض الأفاضل: المراد بخلق الروحين بلا بدن خلقهما مجردين، و بجمعهما و جعلهما واحدة جمعهما في بدن مثالي نوراني لاهوتي و بتقسيمهما تفريقهما و جعل كل واحد منهما في بدن شهودي جسماني و استحالة تعلق الروحين ببدن واحد إنما هي في الأبدان الشهودية لا في الأبدان المثالية اللاهوتية"...
و إطلاق المسح و اليمين
هنا على الاستعارة، إذ من يريد اللطف بأحد يمسحه بيمينه، ويحتمل أن يكون اليمين كناية عن الرحمة كما حققنا في قولهم عليهم السلام: والخير في يديك، أنه يمكن أن يكون المعنى أن النفع و الضر الصادرين منك كلاهما حكمة ومصلحة، فالنفع منسوب إلى اليمين والضر إلى الشمال.
" فأفضى نوره فينا".
أي أوصله إلينا أو وصل إلينا، و قيل: اتسع فينا قال في المصباح المنير: الفضاء بالمد المكان الواسع و فضا المكان فضوا من باب قعد اتسع فهو فضاء، وأفضى الرجل بيده إلى الأرض بالألف مسها بباطن راحته، قال ابن فارسي وغيره: وأفضى إلى امرأته: باشرها وجامعها وأفضاها، وأفضيت إلى الشيء وصلت إليه والسر أعلمته به، انتهى.
والنور:
العلم و سائر الكمالات".
وأخيراً ،،،
علينا أن نضع هذا الحديث النبويّ الشريف نصب أعيننا في التعامل مع الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم -خصوصاً المتعلّقة بمقاماتهم الشريفة - وهو مبوّب تحت باب (فيما جاء أنّ حديثهم صعب مستصعب) من الكافي الشريف.
فقد روى الشيخ الكليني بسندٍ معتبر عن جابر قال، قال أبو جعفر عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
" إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد صلى الله عليه وآله فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشيء منه لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا والله ما كان هذا، والإنكار هو الكفر" (10).
________________
(1) عماد الدين محمد الطبري، بشارة المصطفى لشيعة المرتضى؛ تحق: جواد القيومي الإصفهاني ، (قم: مؤسسة النشر الإسلامي، 1420هـ)، ص 236 حديث رقم 12.
(2) أبي جعفر محمد الصدوق، عيون أخبار الرضا (ع)، (بيروت: مؤسسة الأعلمي، 1404 / 1984)، ج 2، ص 261، حديث رقم 39.
(3) فصلت: 53.
(4) الغاشية: 17 - 18.
(5) محمد بن يعقوب الكليني، الأصول من الكافي؛ تحق: علي أكبر الغفاري، (دار الكتب الإسلامية، [ د.ت ])، ج2، ص 45، حديث رقم 2.
(6) محمد بن يعقوب الكليني، المصدر نفسه، ج2، ص 45 ح رقم 3.
(7) أبي جعفر محمد الصدوق، معاني الأخبار؛ تحق: علي أكبر الغفاري، (مؤسسة النشر الإسلامي)، ص 188.
(8) محمد بن يعقوب الكليني، المصدر السابق، ج1، ص 440 حديث رقم 3.
(9) محمد باقر المجلسي، مرآة العقول، (طهران: دار الكتب الإسلامية، [ د.ت ])، ج5، ص 186 - 189.
(10) محمد بن يعقوب الكليني، المصدر السابق، ج1، ص 401، حديث رقم 1.
والحمد لله ربّ العالمين ،،،
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد والعن أعداءهم ،،،
اللهمّ زدنا تعمّقاً في مقامات أهل البيت عليهم السلام ،،،
|
|
|
|
|