آية الله السيد عبد الحسين دستغيب (قدس سره)
(1331 ـ 1401 هـ)
ولادته:
ولد السيد دستغيب في مدينة شيراز، مركز محافظة فارس في عام 1913 م.
كان والده السيد محمد تقي بن هداية الله مرجعاً كبيراً في شيراز، أمّا اسرته فهي من الأسر الاصيلة الشريفة المعروفة في محافظة فارس، برز منها كثير من العلماء الكبار والادباء والخطباء، ويرجع نسب هذه الاسرة بثلاث وثلاثين واسطة الى الامام السجاد (عليه السلام).
دراسته واساتذته:
ـ انهى مرحلة المقدمات من الدراسة في سن الطفولة لما كان يتمتع به من الذكاء والفطنة التي وهبها الله إياه.
ـ انهى مرحلة السطوح، وأصبح إماماً لمسجد باقر خان في شيراز وأخذ يمارس الهداية والارشاد.
ـ بعد سنين من الفقر وشظف العيش هاجر الى النجف الاشرف في سنة 1935 م ليواصل دراسته الحوزوية.
ـ درس في حوزة النجف عند مجموعة من الاساتذة البارزين مثل : آية الله كاظم الشيرازي، وآية الله أبي الحسن الاصفهاني، وآية الله الميرزا الإصطهباناتي، وآية الله القاضي الطباطبائي.
ـ عندما بلغ سن الرابعة والعشرين حاز على درجة الاجتهاد، وأيّد اجتهاده ثمانية من العلماء الاعلام آنذاك.
سيرته وأخلاقه:
كان السيد دستغيب يعيش في دار بسيطة، لاتختلف عما كان يعيش فيه أجداده الطاهرون، وكان معرضاً عن كل الكماليات والزخارف، لم يكن طعامه يتجاوز ربع قرص من خبز الشعير مع شيء من البصل والملح، وأحياناً شيء من الجبن معرضاً عن اللحوم، وكان دائم الوضوء مداوماً على الرياضات الروحية تاركاً للملذات.
ومن صفاته الاخرى انه كان شديد الموالاة لآل البيت (عليهم السلام) يعشق المجالس الحسينية وكان يرتدي السواد في ليلة عاشوراء، وكان تقياً زاهداً صابراً حسن الاخلاق والبيان، ولديه قوة على التعبير والكتابة.
أما عن عبادته، فقد كان يقضي ليله في العبادة والتهجد حتى الصباح، وكان يصوم كثيراً ويقف لأداء الصلاة في أول وقتها واذا كبّر ودخل في صلاته كأنه ليس في هذه الدنيا، وفي اوقات فراغه لا تجده مشغولاً إلاّ بذكر الله أو تلاوة القرآن الكريم أو في الكتابة أو في مواساة المحتاجين.
ومن سجاياه الاخرى انه كان كثير الحب للناس، ويخالط أفراد الطبقة الثالثة من المجتمع، حيث كان يسارع باستمرار الى إعانتهم وحل مشاكلهم، وكان له اسلوب متميز مع مخالفيه، فلم يكن يسمح لأحد ان يتناولهم بكلام بذيء، بل كان أحياناً يثنى عليهم مثيراً استغرابهم.
امّا سلوكه في داخل أسرته فقد كان مثل جدّه النبي (ص) رؤوفاً يشارك أهله اعمال المنزل.
نشاطاته:
يمكن إيجازها بما يأتي :
1 ـ بعد عودته من النجف الاشرف أخذ يقيم صلاة الجماعة بمدينة شيراز بالمسجد الجامع ويؤدي دوره في المسجد في ارشاد الناس وتوعيتهم.
2 ـ كان يقيم مراسم دعاء كميل الاسبوعية، وكان يتحدث للناس من خلال تلك المراسم، وكان لأحاديثه اثر كبير في هداية كثير من الضالين على الرغم من تفشي الفساد وضغط النظام الحاكم في ايران آنذاك.
3 ـ بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 م اصبح ممثلاً للإمام الخميني في محافظة فارس وإماماً للجمعة في مدينة شيراز، فاصبح يؤدي مهامه الرسمية جنباً الى جنب مع رسالته التربوية والاخلاقية التي كان يسميها (رسالة الانبياء).
4 ـ بعد ان اصبح نائباً عن محافظة فارس في مجلس الخبراء، أخذ يهتم كثيراً بوحدات الجيش وحرس الثورة الاسلامية وقوات الامن الداخلي، ويقوم بزيارات منظمة لهم مما ادى الى سرعة الانسجام بين هذه الوحدات.
5 ـ اعادة بناء المسجد الجامع في شيراز الذي يعتبر من الابنية الاثرية التي يرجع تاريخها الى أكثر من الف عام، وبهمة المؤمنين من اصحاب السيد دستغيب تم تعميره ليؤدي هذا المسجد الشريف رسالته بين الناس.
6 ـ أمر ببناء عشرات المساجد والمدارس الدينية من قبيل مدرسة حكيم، مسجد الرضا (ع)، مسجد المهدي (عج)، مسجد فرج آل الرسول (ص)، مسجد الامام الحسين (ع)، مسجد روح الله.
7 ـ أمر بتوزيع آلاف الامتار المربعة لسكن المحرومين والمستضعفين على شكل مجمعات سكنية منها : مجمع علي بن أبي طالب (ع)، مدينة الشهيد دستغيب، مجمع خاتم الانبياء.
8 ـ كان يعمل كثيراً على تشجيع الشباب في المشاركة بالحرب المفروضة من قبل النظام العراقي ضد ايران، ويعمل على تعبئتهم بالامكانات كافة.
مواقفه ضد النظام الملكي :
كان له مواقف كثيرة من نظام الشاه نذكر هنا ابرز تلك المواقف :
1 ـ اعتراضه الشديد على قانون نزع الحجاب الاسلامي الاجباري الذي سنّه رضا خان، من خلال المحاضرات التي كان يلقيها آنذاك من على منبر الحسين (عليه السلام).
2 ـ ضمّ صوته الى صوت قائد الثورة الاسلامية الإمام الخميني، في معارضة قانون (الانتخابات العامة والمحلية) الذي سنّه الشاه عام 1962 م.
3 ـ على اثر تضامنه مع نهضة الامام الخميني في 15 / خرداد / 1963 م، تم اعتقاله من قبل قوات أمن الشاه (الساواك) مرتين ثم أطلق سراحه.
4 ـ اعتراضه الشديد على (مهرجان الفن)، الذي عقده الشاه قبل انتصار الثورة الاسلامية بسنة واحدة في مدينة شيراز، وكان ينفق عليه الاموال الطائلة، ويدعو فيه الاجانب للمارسة انواع المنكرات علىحساب معاناة الشعب الايراني المحروم.
5 ـ قبل سقوط نظام الشاه بشهرين (أواخر عام 1978 م) اعلن في شيراز عن تشكيل حكومة عسكرية اسلامية، ودعا الناس الى عدم مراجعة دوائر النظام وقال : من كان لديه مشكلة فليراجعني شخصياً لأحل مشكلته، وعند تصاعد احداث الثورة واقتراب النصر النهائي في (11/2/1979) سلّم كثير من قادة الجيش والشرطة انفسهم للسيد دستغيب، وبهذا أصبح داره مقراً من مقرات الحكومة الاسلامية الفتية.
مولفاته:
للشهيد دستغيب اكثر من ثلاثة وثلاثين مؤلفاً في مختلف العلوم، كما ترجمت بعضها الى اللغات الاخرى مثل : العربية والانجليزية والفرنسية والالمانية والأوردوية نذكر هنا بعضاً منها :
1 ـ صلاة الخاشعين : ألفه الشهيد في سن الثانية والعشرين ومنعت دائرة الرقابة في العهد البهلوي الاول ثلثيه من الصدور.
2 ـ القصص العجيبة.
3 ـ الذنوب الكبيرة (مجلدان).
4 ـ القلب السليم.
5 ـ الثورة الحسينية.
6 ـ المعاد.
7 ـ التوحيد.
8 ـ النفس المطمئنة.
9 ـ المظالم.
10 ـ العبودية سر الخلق.
11 ـ الايمان.
12 ـ العدل.
13 ـ الاخلاق الاسلامية.
14 ـ النبوة.
شهادته:
استشهد آية الله السيد عبد الحسين دستغيب (قدس سره) في شهر كانون الأول عام 1981 م، وهو في طريقه الى أداء صلاة الجمعة، حيث اسرعت اليه فتاة في التاسعة عشرة من عمرها تنتسب الى زمرة المنافقين اعداء الثورة الاسلامية في ايران، بحجة انها تريد ايصال رسالة إليه، ثم دوّى انفجار مهيب لقنبلة فيها عدة كيلوغرامات من مادة الـ (تي أن تي)، تقطّع على اثره جسد السيد إرباً إرباً، وسقط شهيداً مظلوماً كما سقط جدّه الحسين (عليه السلام)، ثم جمعت أجزاء جسده المقطع ووري جثمانه الثرى، وفي اليوم السابع لإستشهاده جاءت إحدى السيدات العلويات الطاهرات وقالت : رأيت في الليلة الماضية الشهيد دستغيب في منامي وأبلغني بأنه غير مرتاح، لأن قطعاً من جسمه لاتزال باقية على طابوق الزقاق الذي استشهد فيه، وطلب مني ان أخبركم عن ذلك، وبعد البحث والسعي الحثيث في ذلك الزقاق، تم العثور على قطع من الجلد واللحم، واعلنوا عن ذلك وفتحوا القبر الشريف والحقوا تلك القطع بجثمانه الطاهر.