الفرق بين سياسية اهل البيت عليهم السلام وبين الصحابة وامهات المؤمنين
بتاريخ : 25-06-2010 الساعة : 01:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وال محمد
سياسية اهل البيت عليه السلام كانت لاتشابه اي سياسية اخرى سواء كان عن الصعيد المالي او السياسي يعجز اللسان عندما ينطق عن ال بيت النبوة صلاوات الله عليهم ومعدن الرسالة فيحير الفكر ويخرس البيان لذا ندع سيرة اهل البيت عليهم السلام وسيرة غيرهم من الصحابة وامهات المؤمنين تحكي لنا الفرق
القندوزي - ينابيع المودة - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 279 )
- [ 4 ] - أيضاًً الحمويني : أخرجه ، عن مجاهد ، عن إبن عباس في قوله تعالى : يوفون بالنذر ويخافون يوماًً كان شره مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكيناًًًًً ويتيماًً وأسيرا ، ( الدهر : 7 و 8 ) ، قال : مرض الحسن والحسين (ر) فعادهما جدهما رسول الله (ص) وعادهما بعض الصحابة ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذراً ، فقال علي (ر) : إن برء ولداى مما بهما صمت لله ثلاثة أيام شكراً لله ، وقالت فاطمة (ر) مثل ذلك ، وقالت : جارية [ لهم نوبية ] يقال لها : فضه مثل ذلك ، وقال : الصبيان : نحن نصوم ثلاثة أيام ، فألبسهما الله العافية ، وليس عند هم قليل ولا كثير ، فإنطلق علي (ر) إلى رجل من اليهود يقال له : شمعون بن حابا فقال له : هل تأتيني جزة من صوف تغزلها لك بنت محمد (ص) بثلاثة أصواح من شعير ؟ ، قال : نعم فأعطاه ، ثم قامت فاطمة (ر) إلى صاح وطحنته وإختبزت منه خمسة أقراص ، لكل واحد منهم قرص ، وصلى علي (ر) مع النبي (ص) المغرب ثم أتى فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب ، فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد (ص) : إنامسكين أطعموني شيئاًً ، فأعطوه الطعام ، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئاًً إلاّ الماء القراح ، وفى الليلة الثانية أتاهم يتيم فقال : أطعموني فأعطوه الطعام ، وفى الليلة الثالثة أتاهم أسير ، فقال : أطعموني فأعطوه ، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئاًً إلاّ الماء القراح ، فلما إن كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم ، أخذ على بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين (ر) وأقبل نحو رسول الله (ص) وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع ، فلما بصر هم النبي (ص) : إنطلق إلى إبنته فاطمة (ر) فإنطلقوا إليها وهى في محرابها تصلى وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها ، فلما رآها رسول الله (ص) قال : واغوثاه ! يا الله ! أهل بيت محمد يموتون جوعاً ؟ ! فهبط جبرائيل (ع) فأقرأه : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاًً مذكورا ، إلى آخر السورة ، وهذا الخبر مذكور في تفسير البيضاوى وروح البيان والمسامرة.
---------///*----------
**********************
الفرق بين سياسة علي عليه السلام وغيره
المعجم الكبير للطبراني ج3 ص 80 ح 2725
وقال أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء : حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي اسحاق ، عن هبيرة بن يريم : أن الحسن بن علي (ع) رضي الله تعالى عنهما قام وخطب الناس وقال :
لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون بعلم ، كان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يبعثه فيعطيه الراية ، فلا يرتد حتى يفتح الله عز وجل عليه ، جبريل (ع) عن يمينه وميكائيل (ع) عن يساره ، ما ترك صفراء ولا بيضـاء إلا سبعمائة فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادماً .
حلية الأولياء ج1 ص 65 ط. دار الكتاب العربي / بيروت سنة 1405هـ
وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى : قال محمد بن عمر وهو الثبت عندنا ، قال أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي ، عن طلق الأعمى ، عن جدته قالت : كنت أنوح أنا وأم كلثوم بنت علي (ع) على علي عليه السلام قال أخبرنا عبد الله بن نمير ، وعبيد الله بن موسى قالا : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم قال سمعت الحسن بن علي (ع) قام يخطب الناس فقال :
يا أيها الناس ، لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، لقد كان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرد حتى يفتح الله عليه ، إنّ جبريل (ع) عن يمينه ، وميكائيل (ع) عن يساره ، ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما ، قال أخبرنا عبد الله بن نمير ، عن الأجلح ، عن أبي إسحاق ، عـن هبيرة بن يريم قال : لما توفي علي بـن أبي طالب (ع) قام الحسن بن علي (ع) ، فصعد المنبر فقال :
أيها الناس قد قبض الليلة رجل لم يسبقه الأولون ، ولا يدركه الآخرون ، قد كان رسـول الله صلى الله عليه (وآله) وسلـم يبعثـه المـبعث ، فيكتنفـه جبريل (ع) عن يمينه ، وميكائيل (ع) عن شماله ، فلا ينثني حتى يفتح الله له وما ترك إلا سبعمائة درهم أراد أن يشتري بها خادماً ، ولقد قبض في الليلة التي عرج فيها بروح عيسى بن مريم (ع) ليلة سبع وعشرين من رمضان .
الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص 38 ، 39 ط. دار صادر / بيروت
وقال الطبراني في المعجم الكبير : حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الأودي ، حدثنا علي بن ثابت ، أنبأنا منصور ابن أبي الأسود ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم قال خطبنا الحسن بن علي (ع) بعد ما قتل علي (ع) فقال :
لقد قتلتم بالأمس رجلاً ما سبقه الأولون ولن يدركه الآخرون ، ولقد كان رسـول الله (ص) يبعثه ، فيقاتل جبريل (ع) عن يمينه ، وميكائيل (ع) عن يساره وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادماً .
الذرية الطاهرة ص 78 ح 130
وقال أبو نعيم الأصبهاني : حدثنا محمد بن حسن بن كوثر ، حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق ، عـن هبيرة بن يريم ، أنّ الحسن بن علي (ع) قام وخطب الناس فقال :
لقد فارقكم بالأمس رجل لم يسبقه الأولون ، و لا يـدركـه الآخرون ، وكان رسول الله (ص) يبعثه ، فعطيه الـرايـة لا يرتـد حتى يفتـح الله عليـه ، جبريل (ع) عـن يمينه ، وميكائيل (ع) عن يساره ، وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أنْ يشتري بها خادماً .
ذكر أخبار أصبهان ج1 ص 45 ، 46
وقال أيضاً : حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا أحمد بن الحسين الأنصاري الفقيه ، حدثنا علي بن أبي علي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عمرو بن ثابت ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن هبيرة بن يريم قال : خطب الحسن بن علي (ع) فقال : إنّ علياً (ع) كـان يبعثـه رسـول الله (ص) ، وجبريل (ع) عن يمينه ، وميكائيل (ع) عن يساره ، فما يرجع حتى يفتح الله عليه ، ما ترك صفراء ولا بيضاء .
ذكر أخبار أصبهان ج2 ص 3
وقال البزار : حدثنا عمرو بن علي ، قال حدثنا أبو داود ، قال حدثنا عمرو بن ثابت ، قال حدثنا أبو إسحاق ، عن هبيرة قال : خطبنا الحسن بن علي (ع) فقال : والله لقد قتل الليلة رجل ما يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، كان رسول الله (ص) يبعثه في السرية ، جبريل (ع) عن يمينه ، وميكائيل (ع) عن يساره ، والله ما ترك صفراء ولا بيضاء .
---------///*----------
عائشة هاجرت ابن أختهاعبدالله بن الزبير، عندما كان حاكماً للحجاز، لأنه اعتبر تصرفاتها المالية إسرافاً وسفهاً وأراد أن يحجر عليها ! وطال هجرها له سنين !
(عمدة القاري:22/142، وتحفة الأحوذي:6/5 ، وكبير الطبراني:2 /21).
وفي إرشاد الساري (9/52):
«فسخط ابن الزبير بيع تلك الدار فقال: أما والله لتنتهين عائشه عن بيع رباعها (عقارها) أو لأحجرن عليها ! فقالت عائشة: لله عليَّ نذرٌ أن لا أكلم ابن الزبير أبداً »! ونحوه صحيح بخاري(4/156) .
----------------------
إبن كثير - البداية والنهاية - الجزء : ( 5 ) - رقم الصفحة : ( 619 )
[ النص طويل لذا إستقطع منه موضع الشاهد ]
- .... فلما دخل المسجد قام إليه عمر بن الخطاب فإنتزع الأسهم من عمامة خالد فحطمها ، وقال : أرياء قتلت أمراً مسلماًً ، ثم نزوت على إمرأته ، والله لأرجمنك بالجنادل وخالد لا يكلمه ولا يظن ألا إن رأي الصديق فيه كرأي عمر ، حتى دخل على أبي بكر فإعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه ما كان منه في ذلك ، وودى مالك بن نويرة ، فخرج من عنده وعمر جالس في المسجد ، فقال خالد : هلم إلي : يا إبن أم شملة ، فلم يرد عليه وعرف أن الصديق قد رضي عنه.
وإستمر أبوبكر بخالد على الإمرة وإن كان قد إجتهد في قتل مالك بن نويرة ، وأخطأ في قتله كما أن رسول الله (ص) لما بعثه إلى أبي جذيمة فقتل أولئك الأسارى الذين قالوا : صبأنا صبأنا ، ولم يحسنوا أن يقولوا : أسلمنا ، فوداهم رسول الله (ص) حتى رد إليهم ميلغة الكلب ، ورفع يديه وقال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ومع هذا لم يعزل خالداًًً ، عن الإمرة.
صحيح البخاري - الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 126 ) - كتاب العتق
- باب المكاتب ونجومه في كل سنة نجم وقوله : والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراًًً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم وقال : روح ، عن إبن جريج قلت لعطاء : أواجب علي إذا علمت له : مألا إن أكاتبه قال : ما أراه إلاّّ واجباًً ، وقاله عمرو بن دينار قلت لعطاء تأثره ، عن أحد قال : لا ثم أخبرني : أن موسى بن أنس أخبره ، أن سيرين سأل أنساً المكاتبة وكان كثير المال فأبى فإنطلق إلى عمر (ر) فقال : كاتبه فأبى فضربه بالدرة ويتلو عمر فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراًًً فكاتبه وقال الليث ، حدثني : يونس ، عن إبن شهاب قال : عروة قالت عائشة (ر) : إن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها وعليها خمسة إواق نجمت عليها في خمس سنين فقالت لها عائشة : ونفست فيها أرئيت إن عددت لهم عدة واحدة أيبيعك أهلك فإعتقك فيكون ولاؤك لي فذهبت بريرة إلى أهلها فعرضت ذلك عليهم فقالوا : لا إلا أن يكون لنا الولاء قالت عائشة فدخلت على رسول الله (ص) فذكرت ذلك له ، فقال لها رسول الله (ص) : إشتريها فإعتقيها فإنما الولاء لمن إعتق ثم قام رسول الله (ص) فقال : ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله من إشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل شرط الله أحق وأوثق.
الذهبي- ميزان الإعتدال - الجزء : ( 3 ) - رقم الصفحة : ( 128 )
- أحمد في مسنده ، حدثنا : عفان ، حدثنا : حماد ، حدثنا : علي بن زيد ، عن يوسف إبن مهران ، عن إبن عباس ، قال : ماتت رقية بنت رسول الله (ص) ، فقال : إلحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون قال : وبكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه ، فقال : دعهن يا عمر ، وإياكن ونعيق الشيطان مهما يكن من العين والقلب فمن الله الرحمة ، ومهما كان من اليد واللسان فمن الشيطان ، وقعد على القبر وفاطمة إلى جنبه تبكي ، فجعل يمسح عين فاطمة بثوبه.
**********************
مسند البزار ج4 ص 178 ح 1339 ط. مؤسسة علوم القرآن / بيروت – مكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة سنة 1409هـ
1- قال الفاضل المصري، الدكتور طه حسين: (إن الفرق بين علي ومعاوية في السيرة والسياسة كان عظيما بعيد المدى، عرفت أن معاوية كان ينتظر عليا في ثبات وثقة واطمينان، كأن الفرق بين الرجلين عظيما في السيرة والسياسة، فقد كان علي مؤمنا بالخلافة... يرى أن من الحق عليه أن يقيم العدل بأوسع معانيه بين الناس لا يؤثر منهم أحدا على أحد، ويرى أن من الحق عليه أن يحفظ على المسلمين مالهم لا ينفقه إلا بحقه، فهو لا يستبيح لنفسه أن يصل الناس من بيت المال، بل هو لا يستبيح لنفسه أن يأخذ من بيت المال لنفسه وأهله إلا ما يقيم الأود، لا يزيد عليه... فأما معاوية... لا يجد في ذلك بأسا ولا جناحا، فكان الطامعون يجدون عنده ما يريدون، وكان الزاهدون يجدون عند علي ما يحبون، وما رأيك في رجل جاء أخوه عقيل بن أبي طالب مسترفدا، فقال لابنه الحسن: إذا خرج عطائي فسر مع عمك إلى السوق فاشتر له ثوبا جديدا ونعلين جديدتين، ثم لم يزد ذلك شيئا ! و ما رأيك في رجل آخر يأتيه عقيل هذا نفسه بعد أن لم يرض صلة أخيه فيعطيه من بيت المال مائة ألف.... وعلي لا يدهن في الدين، ولم يكن يبغض شيئا كما يبغض وضع درهم من بيت مال المسلمين في غير موضعه أو إنفاقه في غير حقه، كما كان يبغض المكر و الكيد وكل ما يتصل بسبب من أسباب الجاهلية الأولى... (1)
2 - وقال: (مفتاح سياسة الأمام قوله ع (1) - على وبنوه، ص 59، ط دار المعارف بمصر.
(2) - الامام على أسد الاسلام وقديسه، ص 92، ط بيروت.
عليه السلام: لا اداهن في ديني، ولا اعطي الدنية في أمري (2).
- وقال جرج جرداق: (إن الذين قالوا: علي لا يعرف السياسة يريدون من علي أن يكون معاوية بن أبي سفيان، ويأبى علي إلا أن يكون ابن أبي طالب (1). وقال - أيضا: (والذي يمعن النظر في سياسة معاوية يهوله هذا المقدار من قوى الشر والاحتيال التي تألف منها اسلوبه في أخذ الناس... فهو اسلوب مكيافيلي خالص لا ينقصه شئ من تفاصيل المكيافيلية المجرمة والنهب و الترويع والتقتيل (2). وقال - أيضا -، من قول معاوية: (فاقتل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك، وانهب أموال كل من أصبت له مالا ممن لم يكن له دخل في طاعتنا). وقال - أيضا: (أقول: صدق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا وعباد الله خولا (3). وقال - أيضا: (نعم، إن معاوية لم يكن على شئ من الأسلام، وقد شهد على نفسه بذلك فإنه كان يلبس الحرير، ويشرب في آنية من الذهب والفضة حتى أنكر عليه أبو الدرداء فقال له: إني سمعت رسول الله، يقول: إن الشارب فيهما لتجرجر في جوفه نار جهنم... فقال معاوية بلا مبالاة: أما أنا فلا أرى بذلك بأسا (4).
4 - وقال عبد الكريم الخطيب: (... تركوا عليا (يعني أصحابه) خوفا من حسابه أو يأسا من عطائه، ولحقوا بمعاوية حيث هناك لاخوف من حساب ولا يأس من عطاه، فإن بيت مال المسلمين هو بيت مال معاوية يضعه حيث يشاء، ويفتح به لنفسه إلى الناس طرقا، وفي عقيل بن أبي طالب وفي موقف على منه ما
(1) - المغنية: في ظلال نهج البلاغة، ج 1: ص 258.
(2) - علي صوت العدالة الانسانية، ج 4: ص 775.
(3) - علي صوت العدالة الانسانية، ج 4: ص 779.
(4) - علي صوت العدالة الانسانية، ج 4: ص 766.
///////////*\\\\\\\\\\\
وقد ظهرمن سياسية عثمان تقريب عثمان لقرابته بين خلافته وايثارهم ـ دون غيرهم ـ على سائر المسلمين اشكالا مختلفة :
اوضحها الجانب المالي ، والجانب السياسي الاداري ـ وبقدر ما يتعلق الامر بالجانب المالي يمكننا ان نقول : ان عثمان اغدق العطايا على اقربائه من بيت مال المسلمين دون حساب ، من ذلك ،
مثلا : ان عثمان قد منح مروان بن الحكم ـ زوج ابنته ام ابان ، كما منح ابنته عائشة ـ التي زوجها من الحرث بن الحكم اخى مروان ـ يوم العرس « مئتى الف من بيت المال ، سوى ما كان قد اقطعه من قطائع ، فلما اصبح الصباح جاءه زيد بن ارقم خازنه حزينا .. يرجو ان يقيله .
على ان هذه الواقعة لم تكن الا حلقة من حلقات سخاء عثمان .
وذات اليوم الاول لخلافته منح ابا سفيان ـ شيخ بني امية ـ مئة الف درهم (1) ،
واعطى عثمان كذلك « رجلا من ذوى قرابته مقدارا ضخما من بيت المال .
واستكثر عامله على بيت المال هذا المقدار فلم يخرجه ، فألح عثمان . فأبى الخازن . فلامه عثمان ... وقال : ما انت وذاك ؟ انما انت خازن ! قال له صاحب بيت المال : ما اراني خازنا لك ..
لقد كنت اراني خازنا للمسلمين ، ثم اقبل بمفاتيح بيت المال فعلقها على منبر النبي وجلس في داره » (2)
وتفصيل ذلك على ما رواه البلاذري « انساب الاشراف 5 / 58 ، 59 »
انه : « كان على بيت مال عثمان عبد الله بن الارقم .. فاستسلف عثمان من بيت المال مئة الف درهم .
ثم قدم عليه عبد الله بن اسيد بن ابي العيص من مكة ، وناس معه غزاة ، فأمر لعبد الله بثلاثمائة الف درهم ؛ ولكل رجل من القوم بمئة الف درهم ـ وصك بذلك الى ابن الارقم فاستكثره ورد الصك له .
فقال عثمان : انما انت خازن لنا فما حملك على ما فعلت ؟ فقال ابن الارقم : كنت اراني خازنا للمسلمين ؛ وانما خازنك غلامك والله لا الى لك بيت المال ابداً
وجاء بالمفاتيح فعلقها على المنبر ..
وبعث عثمان الى عبد الله بن الارقم ثلاثمائة الف درهم فلم يقبلها » .
وقد استمر عثمان على هذا المنوال من ايثار بني عمومته والمقربين اليه من بيت المال على حساب المسلمين ، حتى تحدث الناس ذات يوم بأن عثمان اخذ من جوهر كان في بيت المال فخلى به بعض اهله فغضب الناس لذلك ، ولاموا عثمان فيه حتى اغضبوه ، فخطب ، فقال : لنأخذ حاجتنا من هذا الفىء وان رغمت انوف اقوام ؟
فقال عمار بن ياسر : اشهد الله ان انفي اول راغم من ذلك .
فقال عثمان : أعلى يا ابن المتكأ تجترىء !! خذوه ؟ فأخذ .
ودخل عثمان فدعا به فضربه حتى غشى عليه ، ثم اخرج محمولا حتى اتى به منزل ام سلمة زوج النبي ، وظل مغشيا عليه سائر النهار . ففاته الظهر والعصر والمغرب . فلما افاق توضأ وصلى وقال .
الحمد لله ، هذه ليست اول مرة اوذينا فيها في الله ، ويقال : ان ام سلمة ـ او عائشة ـ اخرجت شيئا من شعر النبي وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله وقالت :
هذا شعر النبي وثوبه ، ونعله لم يبل وانتم تعطلون سنته !! .
وضج الناس ، وخرج عثمان عن طوره حتى لا يدري مايقول » (3) .
واذا صحت الرواية المذكورة فان عثمان قد ارتكب خطئين في آن واحد : تبذير اموال المسلمين ، والاعتداء على رجل من خيرة الصحابة .
« ولسنا بحاجة الى ان نناقش في صحة ما جاءت به الرواية من ان عثمان اعطى مروان بن الحكم خمس الغنيمة التي غنمها المسلمون في افريقية .. ومن أنه اعطى الحكم عمه .
واعطى ابنه الحارث ثلثمائة الف .
واعطى عبد الله بن خالد بن اسيد الاموي ثلثمائة الف .
واعطى كل واحد من الذين وفدوا مع عبدالله بن خالد مائة الف .
واعطى الزبير بن العوام ستمائة الف ، واعطى طلحة بن عبيد الله مائة الف .
واعطى سعيد بن العاص مائة الف ، وزوج ثلاثا او اربعا من بناته لنفر من قريش ، فأعطى كل واحد منهم مائة الف دينار » (4) .
ويقول البلاذري في هذا الصدد (5) « حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن اسامة بن زيد بن اسلم ، عن نافع مولى الزبير عن عبد الله بن الزبير قال :
اغزانا عثمان سنة 27 افريقية ، فأصاب عبد الله بن سعيد بن ابي سرح غنائم جليلة . فأعطى عثمان مروان بن الحكم خمس الغنائم ...
وحدثني عباس بن هشان الكلبي عن ابيه .. عمن حدثه قال :
كان عبد الله بن سعد بن ابي سرح اخا عثمان من الرضاعة ، وعامله على المغرب ، فغزا افريقية سنة 27 هـ فافتتحها فابتاع خمس الغنيمة بمئة الف او مئتى الف .
فكلم عثمان فوهبها له ، فأنكر الناس ذلك على عثمان ...
وحدثني ، محمد بن سعد عن الواقدي عن عبد الله بن جعفر ، عن ام بكر عن ابيها قالت : قدمت ابل الصدقة على عثمان فوهبها للحارث بن الحكم بن ابي العاص .
وحدثني محمد بن حاتم بن ميمون ، حدثنا الحجاج الاعور عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : كان مما انكروا على عثمان انه ولى الحكم بن ابي العاص صدقات قضاعة فبلغت ثلثمائة الف درهم فوهبها له حين اتاه بها ..
ولما اعطى عثمان مروان بن الحكم ما اعطاه .
واعطى الحارث بن الحكم بن ابي العاص ثلثمائة الف درهم ..
واعطى زيد بن ثابت الانصاري مائة الف درهم جعل ابو ذر يتلو قول الله :
« والذين يكنزون الذهب ، (6) فرفع ذلك مروان بن الحكم الى عثمان ..
فأرسل الى ابي ذر نائلا مولاه : ان انته عما بلغني عنك فقال :
اينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله وعيب من ترك امر الله فوالله لسخط عثمان احب الي وخير لي من سخط الله » .
ولعل تصرف عثمان في بيت المال على الشكل الذي وصفناه ، وايقاعه بالصحابة الذين اعترضوا على ذلك ، يبدو بشكل اوضح مما ذكرناه اذا قارناه ـ حسب قاعدة : وبضدها تتميز الاشياء ـ بتصرف علي اثناء خلافته في بيت المال ـ وبموقفه ممن لامه على اتباعه الحق ، بله الباطل الذي هو اسمى من ان يهبط اليه .
« نزل بالحسين ابنه ضيف ، فاستسلف درهما اشترى به خبزا ، واحتاج الى الإدام فطلب من قنبر خادمهم ان يفتح لهم زقا من زقاق عسل جاءتهم من اليمن .
فأخذ منها رطلا ، فلما طلبها علي ليقسمها ، قال : ياقنبر ، اظن انه حدث بهذا الزق حدث ! ، فأخبره ، فغضب ، وقال : عليّ بحسين . فقال له : ما حملك ان اخذت من قبل القسمة ؟ قال : ان لنا فيه حقا فاذا اعطينا رددناه ، قال :
وان كان لك حق فليس ان تنفتح بحقك قبل ان ينفتح المسلمون بحقوقهم .. ثم دفع ال قنبر درهما كان مصروا في ردائه ، وقال :
اشتر به خير عسل تقدر عليه » (7) .
وذكر عقيل بن ابي طالب لمعاوية بن ابي سفيان عندما التحق به فارا من عدل الامام « اصابتني مخمصة شديدة . فجمعت صبياني وجئت عليا بهم ، والبؤس والضر
ظاهران عليهم ! فقال ائتني عشية لادفع اليك شيئا ، فجئته يقودني احد ولدي ، فأمره بالتنحي ، ثم قال : الا دونك ، فأهويت حريصا قد غلبني الجشع اظنها صرة فوضعت يدي عل حديدة تلتهب نارا ، فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جزار (8) .
والى هذه الحادثة يشير الامام في احدى خطبه :
« رأيت عقيلا وقد املق حتى استماحني من بركم صاعا . ورأيت صبيانه شعث الشعور ، غبر الالوان من فقرهم ، عاودني مؤكدا وكرر على القول مرددا ، فأصغيت اليه سمعي ، فظن اني ابيعه ديني واتبع قياده مفارقا طريقي ، فأحميت له حديدة ، ثم ادنيتها من جسمه ليعتبر من جسمه ليعتبر بها ، فضج ضجيج ذي دنف من المها ..
فقلت له : ثكلتك الثواكل ياعقيل .. اتئن من حديدة احماها انسانها للعبه ، وتجرني الى نار سجرها جبارها لغضبه !! » 9) .
ويتجلى اروع مواقف الامام في ضبط النفس في معاملته للخوارج الذين هم على باطل ، من وجهة نظره على كل حال فلم نشهد له موقفا معهم ـ على باطلهم ـ يشبه موقف عثمان مع عمار ـ على حقه ـ يقول الدكتور طه حسين (10.
« جاء عليا احد الخوارج ـ « وهو الحريث بن راشد السامي ـ فقال له : والله لا اطعت امرك ، ولا صليت خلفك .. فلم يغضب علي لذلك ، ولم يبطش به انما دعاه الى ان يناظره ويبين له وجه الحق لعله ان يثوب اليه ، فقال الحريث : اعود غدا ، فقبل منه على . » .
ولم يقف تمزيق عثمان لاموال المسلمين عند حد تفريقه اياها على الاصهار وذوي القرابة ؛ انما تعداه الى الاصدقاء والمقربين والاتباع . فقد وصل عثمان « الزبير بن العوام بستمائة الف .
ووصل طلحة بمائة الف ونزل عن دين كان له عنده » (11) .
وبقدر ما يتعلق الامر بهذا الجانب من جوانب سياسة ابن عفان يمكننا ان نقول بنشوء هوة سحيقة بين المقربين اليه ـ من الاقرباء والاصهار والاصدقاء من جهة ـ وبين سائر المسلمين من جهة اخرى .
فبينما نجد اكثرية المسلمين تعيش على الطوى ـ ويحرم القسم الكبير منها حقه في بيت المال ـ نرى المقربين الى الخليفة ـ بالاضافة الى ذوي قرابته ـ الذين استأثروا بحصة الاسد من غنيمة اموال المسلمين ، يبلغ ترفهم وثراؤهم الى الاذقان .
ففي ايام عثمان على ما يروي المسعودي (12)
« اقتنى جماعة من اصحابه الضياع والدور ، منهم : الزبير بن العوام ، بني داره بالبصرة وهي المعروفة في هذا الوقت ـ وهو سنة 332 هـ اثنتين وثلاثين وثلثمائة ـ تنزلها التجار وارباب المال ..
وابتنى ايضا دورا بمصر والكوفة والاسكندرية ، وما ذكر من دوره وضياعه فمعلوم ..
وبلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين الف دينار ، وخلف الزبير الف فرس . والف امة ..
وكذلك طلحة بن عبيدالله التميمي ابتنى داره المشهورة في الكوفة .
وكان غلته من العراق كل يوم الف دينار ـ وقبل اكثر من الف .
وبناحية سراة اكثر مما ذكرنا ـ وشيد داره بالمدينة وبناها بالآجر والجص والساج .
وكذلك عبد الرحمن بن عوف الزهري ابتنى داره ووسعها ، وكان على مربطه الف فرس ، وله الف بعير وعشرة الاف من الغنم
وبلغ بعد وفاته ربع ثمن ماله اربعة وثمانين الفا » .
يتضح مما ذكرنا « ان السياسة المالية التي اصطنعها عثمان منذ ان نهض بالخلافة كانت كلها موضع نقمة وانكار من اكثر الذين عاصروه ومن اكثر الرواة والمؤرخين .
كان عثمان ـ قبل ان يلي الخلافة ـ كثير المال .
فلما تولى الخلافة شغلته عن التجارة .. ولم يكن له بد من ان ينفق على نفسه واهله وذوي قرابته بعد الخلافة كما كان ينفق قبلها ، فكان يرى فيما يظهر ان الخلافة يجب الا تغير من سيرته في المال شيئا ، فاذا لم يسعفه ماله الخاص وجب ان تسعفه الاموال العامة » (13) .
واذا استباح الخليفة لنفسه ان ينفتع ببيت المال لاغراضه الآنفة الذكر .
فان ذلك قد شجع عماله على السير في مال المسلمين سيرة امامهم ، فأعطوا واقرضوا والتوى بعضهم بالدين ، فاستقال عبد الله بن مسعود في الكوفة .
كما استقال عبد الله بن الارقم في المدينة .
واذا اطلق الامام يده واطلق العمال ايديهم في الاموال العامة على هذا النحو لم يمكن غريبا ان يحتاج الجند الى المال فلا يجدون ، وان اضطر الامام ان ينفق على الحرب من اموال الصدقة فيعرض نفسه لما تعرض اليه من الانكار ..
واذا اطلق يده في الاموال العامة على هذا النحو لم يكن غريبا ان تمتد هذه الايدي الى اموال الصدقة للانفاق على الحرب بل للعطاء وصلة الرحم .
كما يروى ان عثمان ارسل الحارث بن الحكم مصدقا على قضاعة . فلما جاء بصدقاتهم وهبها له ... على ان عثمان لم يقتصر على السائل من المال بل تجاوز الى الجامد ايضا .
فقد نقم الناس من عثمان انه كان يقطع القطائع الكثيرة في الامصار لبني امية .
وقد دافع اهل السنة والمعتزلة عن هذا الاقطاع بأن عثمان انما اقدم عليه استصلاحا لهذه الارض ..
ويرد الشيعة عليهم بأن عثمان نفسه لم يدافع عن نفسه هذا الدفاع ، وكان من الممكن ان يرد الشيعة ايضا بأن بني امية لم يكونوا اخصائين من دون قريش في استصلاح الارض » (14) .
وانكى من ذلك ان عثمان نفسه كان ـ على الرغم مما عرف فيه من وداعة ولين ـ على جانب كبير من القسوة في معاملة اجلة الصحابة ، بله عامة الناس ..
وموقفه الغليظ من عبد الله بن مسعود ، وابي ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، معروف لدى الكثيرين .
والانكى من ذلك كله :
ان هؤلاء الرجال الصالحين ـ بشهادة الرسول ـ قد امتهنهم الخليفة واعتدى عليهم بالضرب المبرح والنفي والكلام الجارح ، دون ان يقوموا بعمل يستحقون عليه العقاب .
اللهم الا اذا اعتبرنا عتابهم لعثمان على بعض تصرفاته الناشزة شيئا يستحقون عليه العقاب . قال البلاذري (15) « حدثنا محمد بن عيسى بن سميع عن محمد بن ابي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال :
ولما ولى عثمان كره ولايته نفر من اصحاب رسول الله .. وكان كثيرا ما يولى من بني امية من لم يكن له مع النبي صحبة . وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم فلما كان في الست الاواخر استأثر ببني عمه فولاهم .
وولى عبد الله بن سعد بن ابي سرح مصر فمكث فيها سنين ، فجاءه اهل مصر يشكونه ويتظلمون منه ... فكتب اليه كتابا يتهدده فيه ، فأبى ان ينزع عما نهاه عثمان عنه .
وضرب بعض من كان شكاه الى عثمان من اهل مصر حتى قتله .
فخرج من اهل مصر وفد الى المدينة فنزلوا المسجد وشكوا ما صنع بهم ابن ابي سرح في مواقيت الصلاة الى اصحاب محمد ، فقام طلحة الى عثمان فكلمه بكلام شديد .
وارسلت اليه عائشة تسأله ان ينصفهم من عامله » . انساب الاشراف
وقد كتب الى عثمان جماعة من الصحابة فيهم : المقداد ، وعمار ، وطلحة ، والزبير ، على مايقول البلاذري : (16) « كتابا عدوا فيه احداث عثمان وخوفوه ربه واعلموه انهم موائبوه ان لم يقلع ، فأخذ عمار الكتاب واتياه به ، فقرأ سطرا منه .
فقال له عثمان : اعلي تقدم من بينهم ؟ فقال عمار : لاني انصحهم لك .
فقال : كذبت يا ابن سمية ، فقال : انا والله ابن سمية وابن ياسر .
فأمر غلمانه فمدوا بيديه ورجليه ، ثم ضربه عثمان برجليه وهي في الخفين على مذاكيره فاصابه الفتق ، وكان ضعيفا كبيرا ، فغشى عليه »
اما ما يتصل بالسياسة الادارية « والسياسية » فقد اعتمد عثمان في ادارته على ذوي قرابته ـ بالدرجة الاولى ـ وليس في ذلك ضير ، وان كان الناس ـ منذ قديم الزمان ـ ينكرون على حكامهم ايثار ذوي قرباهم بشئون الحكم والادارة وما ينتج عنهما . هذا اذا كان ذوو القرابة من اصحاب الكفاءة والسيرة الحسنة ، فكيف بهم اذا كانوا من النوع الذي اعتمد عليه عثمان ! ؟ فبعضهم نزل بهم قرآن في نفاقهم وكذبهم .
وهانحن نقص على القارىء جانبا من سيرتهم على سبيل التمثيل لا الحصر .
لنبدأ بالوليد بن عقبة بن ابي معيط والي الكوفة ، متتبعين تاريخه منذ عهد الرسول . ذكر ابن هشام (17) ان النبي بعث « الى بني المصطلق ، بعد اسلامهم ، الوليد بن عقبة بن أبي معيط ... يطالبهم بالصدقة .. فرجع الى الرسول فأخبره ان القوم قد هموا بقتله ، ومنعوه ما قبلهم من صدقتهم ... فبيناهم على ذلك قدم وفدهم الى رسول الله ، فقالوا :
يارسول الله سمعنا برسولك فخرجنا اليه لنكرمه ونؤدي ما قبلنا من الصدقة ، فانشمر راجعا ، فبلغنا انه زعم انا خرجنا لنقتله .
فانزل الله فيه : « يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين (18) » .
وذكر بعض الرواة (19) ان امرأة الوليد بن عقبة جاءت الى النبي تشتكي اليه الوليد لانه كان يضربها ، فأمرها النبي بالرجوع اليه واخباره بأن الرسول قد اجارها ، فانطلقت
. ثم رجعت « فقالت : انه ما اقلع عني ، فقطع الرسول هدية من ثوبه ، وقال :
اذهبي بها اليه وقولي : ان رسول الله قد اجارني ، فانطلقت ، فمكثت ساعة ثم رجعت ، فقالت : مازادني الا ضربا » .
وذكر المسعودي (20) في معرض التحدث عن هذا المنافق اثناء توليته « من قبل عثمان » امرة الكوفة :
ان الوليد بن عقبة كان يشرب مع ندمائه ومغنيه من اول الليل الى الصباح ، فلما اذن المؤذن للصلاة خرج منفصلا في غلائله ، فتقدم الى المحراب في صلاة الصبح ، فصلى بهم اربعا ، وقال : تريدون ان ازيدكم ؟ وقيل : انه قال في سجوده وقد اطال : اشرب واسقني ؟ فقال له بعض من كان خلفه في الصف الاول :
والله لا اعجب الا ممن بعثك الينا والياً وعلينا اميراً .
وخطب الناس الوليد : فحصبه الناس بحصباء المسجد ، فدخل قصره يترنح ويتمثل بأبيات تأبط شراً :
ولست بعيــداً عن مدام وقينــة * ولا بصفا صلد عن الخير معــزل
ولكنني اروى من الخمــر هامتي * وامشي الملا بالساحـب المتسلسل (21)
وكان الوليد زانيا يشرب الخمر ، فشرب بالكوفة وقام ليصلي .. فتقيأ في المحراب بعد ان قرأ بهم رافعا صوته :
علق القلب الربابا * بعد ما شابت وشابا
فشخص اهل الكوفة الى عثمان فأخبروه بخبره وشهدوا عليه بشرب الخمر ، فأتى به ، فأمر رجلا من المسلمين ان يضربه الحد ، فلما دنا منه قال :
نشدتك الله وقرابتي ... فتركه ، فخاف على ان يعطل الحد فقام اليه فحده بيده ... فخرج رهط من اهل الكوفة الى عثمان في امر الوليد ، فقال ؛ اكلما غضب رجل على اميره رماه بالباطل !! .. فاستجاروا بعائشة ، واصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا وكلاما فيه بعض الغلظة .
فقال : اما يجد فساق العراق ومراقها ملجأ الا بيت عائشة !! فسمعت عائشة ، فرفعت نعل رسول الله وقالت : تركت سنة صاحب هذا النعل (22) ؟ » .
ويذكر بعض الرواة ان سبب امارة الوليد بن عقبة الكوفة من قبل عثمان « انه لم يكن يجلس مع عثمان على سريره الا العباس بن عبد المطلب ، وابو سفيان بن حرب ، والحكم بن ابي العاص ، والوليد بن عقبة .
ولم يكن سريره يسع الا عثمان وواحدا منهم ، فأقبل الوليد يوما فجلس فجاء الحكم بن ابي العاص ، فأومأ عثمان الى الوليد فرحل له عن مجلسه ، فلما قام الحكم قال الوليد :
لقد تلجلج في صدري بيتان قلتهما حين رأيتك آثرت عمك على ابن عمك .
وكان الحكم عم عثمان ، والوليد اخاه لامه ، فقام عثمان :
ان الحكم شيخ قريش ، فما البيتان ؟ قال الوليد :
رأيت لعم المرء زلفــى قرابة * دوين اخيه حادثا لم يـكن قدمـا
فأملت عمرا ان يشب (23)وخالدا * لكي يدعواني يوم نائبــة عمـا
فرق له عثمان ، وقال : قد وليتك الكوفة (24) » .
ذلك ما يتصل بالوليد بن عقبة ـ كيفية توليته امارة الكوفة وموقفه من الرسول والاسلام في عهد النبي ، وعبثه بالشريعة السمحاء في تصرفاته التي وصفنا طرفا منها ،
حتى ليقال ان الوليد بن عقبة « ... حين دخل الكوفة واليا عليها مكان سعد قال له سعد : ازائرا ياابا وهب ؟ ام اميرا ؟
قال الوليد : بل اميرا يا ابا اسحاق ، قال سعد :
والله ما ادري ، احمقت بعدك ، ام كست بعدي ؟ ؟ قال الوليد ما حمقت بعدي ، ولا كست بعدك ؟ وانما ولي القوم الامر فاستأثروا ، قال سعد : ما اراك الا صادقا (25) » .
اما ما يتصل بالولاة الاخرين فمعروف ـ نذكر منهم : عبد الله بن عامر الذي ولاه عثمان البصرة ، وكان شابا حدثا « لم يتجاوز سنه الخامسة والعشرين بعد ، وان في المهاجرين والانصار وغيرهم من العرب من هم اكبر منه سنا واكثر تجربة واقدم منه سابقا في الدين (26) » .
اما عبد الله بن سعد بن ابي سرح الذي ولاه عثمان مصر فكان عثمان نفسه يعلم ان الله انزل في دمه قرآنا ... وان النبي كان قد اهدر دمه يوم الفتح (27) » .
تلك جوانب من تصرفات ولاة عثمان .
اما تصرفات عثمان نفسه تجاه بعض كبار الصحابة الذين انكروا عليه بعض اعماله او اعمال ولاته لعدم انسجامها مع مبادىء الدين الحنيف ، فهي الاخرى كانت على جانب كبير من الغلظة : فقد خالف عبد الله بن مسعود عثمان بن عفان رأيه في جمع القرآن ، فلم يعالجه عثمان بالاقناع او يصرفه بالمعروف .
بل امر به ان يؤدب لاجترائه . فصر به بعض عبيده وضربوا به الارض امعانا منهم في الشدة عليه حتى كسروا اضلاعه . ثم لم تقر عين الخليفة حتى اتبع هذا التعذيب بقطع العطاء عنه . » .
وراع ابا ذر اسراف عثمان وتبديده اموال المسلمين على ذوى قرباه فأنكر ذلك عليه واستكثره واستشهد بآيات من القرآن .
« وقد شكا مروان بن الحكم الى عثمان مقالة ابي ذر هذه ، فأرسل عثمان اليه مولاه ينهاه . فقال ابو ذر : لئن ارضى الله بسخط عثمان احب الي من ان ارضى عثمان بسخط الله . فنفاه عثمان الى الربذة فمات هناك . » (28)
وعندما بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة قال رحمه الله على ما يحدثنا البلاذري (29) فقال : عمار بن ياسر نعم .. فرحمة الله من كل انفسنا . فقال له عثمان :
يا عاض اير ابيه اتراني ندمت على تسييره !
وامر فدفع في قفاه وقال : الحق بمكانه ، فلما تهيأ للخروج جاء بنو مخزوم الى علي فسألوه ان يكلم عثمان فيه .
فقال له علي : ياعثمان اتق الله فانك سيرت رجلا صالحا من المسلمين فمات في تسييرك . ثم انت الان تريد ان تنفى نظيره .
وجرى بينهما كلام حتى قال عثمان لعلي : انت احق بالنفي منه .
فقال علي : رم ذلك ان شئت .
واجتمع المهاجرون فقالوا :
ان كنت كلما كلمك رجل سيرته ونفيته فان هذا شيء لايسوغ . فكف عن عمار . » .
وتداول الزبير بن العوام الرأي كما ذكرنا ، مع نفر من الصحابة ، في سوء الاوضاع العامة فانتهى بهم الامر الى كتاب رفعوه الى عثمان فحمله عمار بن ياسر اليه
فلما دخل عمار على عثمان ومعه مروان ، قال مروان لعثمان :
ان هذا العبد الاسود قد جرأ عليك الناس ، وانك ان قتلته نكلت به من وراءه ..
فما اسرع ان قره عثمان على رأيه العجيب البغيض .
وتناول عصاه فضرب بها الشاكي واعانه على الضرب اهل بيته ، ومن حضر مجلسه من بني امية . حتى فتقوا بطن الرجل والقوه على جانب الطريق في ذلك اليوم البارد الممطر (30) .
وفي ضوء ما ذكرنا نستطيع ان نقول ـ مع الدكتور طه حسين :
ان عثمان ـ مهما يكن اعتذار اهل السنة والمعتزلة عنه ـ فانه قد اسرف وترك عماله يسرفون في العنف بالرعية ضربا ونفيا وحبسا . وهو نفسه قد ضرب ـ او بضرب ـ رجلين من اعلام صحابة النبي .
ضرب عمار بن ياسر حتى اصابه الفتق ، وامر من اخرج عبد الله بن مسعود من مسجد النبي اخراجا عنيفا حتى كسر بعض اضلاعه .
ومهما يكن من امر هذين الرجلين الجليلين .. فما نعلم انه حاكمهما واقام عليهما الحجة واباح لاحد منهما الدفاع عن النفس وانما سمع فيهما قول عماله او قول حاشيته . ثم عاقبهما دون ان يقيم البينة .
وليس له من هذا كله شيء .. وهو نفسه شق على أبي ذر حتى نفاه لا لشيء ، الا لانه انكر سياسته العامة في الاموال ..
ثم هو أذن لعماله ان يخرجوا الناس من ديارهم كلما آنسوا منهم بعض ما يكرهون . فجعل عماله يتقاذفون فريقا من اهل الكوفة يرسلهم سعيد الى معاوية ثم يردهم معاوية الى سعيد ، ثم يرسلهم سعيد الى عبد الرحمن بن خالد دون ان يحاكموا او تقوم عليهم البينة ، ويسمع منهم دفاعهم عن انفسهم (31) » .
وقد روى لنا البلاذري (32) قصة عزل عثمان عبد الله بن مسعود عن بيت المال في الكوفة واسباب ذلك العزل ونتائجه . اما التعليق على ذلك فنتركه للقارىء :
« لما قدم الوليد بن عقبة واليا على الكوفة الفى ابن مسعود على بيت المال » فاستقرضه مالا ...سس فأقرضه .. ثم انه اقتضاه اياه ، فكتب الوليد في ذلك الى عثمان فكتب عثمان الى عبد الله بن مسعود : انما انت خازن لنا فلا تعرض للوليد في اخذ المال . فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال :
كنت اظن اني خازن للمسلمين . فأما اذا كنت خازنا لكم فلا حاجة لي في ذلك
واقام بالكوفة بعد القائه مفاتيح بيت المال » فكتب الوليد بذلك الى عثمان « فكتب اليه عثمان يأمره باشخاصه وشيعته اهل الكوفة فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن . فقالوا له :
جزيت خيرا . فلقد علمت جاهلنا ، وثبت عالمنا ، واقرأتنا القرآن ، وفقهتنا في الدين ...
وقدم أبن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر الرسول . فلما رآه قال :
انه قدمت عليكم دويبة سوء ..
فقال ابن مسعود : لست كذلك ولكنني صاحب رسول الله :
ثم أمر عثمان به فأخرج من المسجد اخراجا عنيفا وضرب به عبد الله بن زمعة الارض (33) .
فأقام عبد الله بن مسعود بالمدينة « لا يأذن له عثمان في الخروج منها الى ناحية من النواحي ... حتى توفي قبل مقتل عثمان بسنتين ..
ولما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه اتاه عثمان عائدا .
فقال : ما تشتكى ؟ قال : ذنوبي .
قال فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي . قال : افلا آمر لك بعطائك ؟ قال :
منعتنيه وانا محتاج اليه ، وتعطنيه وانا مستغن عنه .
قال : يكون لولدك . قال : رزقهم على الله . فقال عثمان : استغفر الله لي يا ابا عبد الرحمن .
قال : اسأل ان يأخذ لي منك بحقي . واوصى ان لايصلي عليه عثمان » (34) .
(1) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 2 / 20 ، 21 .
(2) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، علي وبنوه » ص 94
(3) الدكتور طه حسين : « الفتنة الكبرى » عثمان بن عفان 167 ، والبلاذري « انساب الاشراف » 5 / 48 .
(4) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 193 .
(5) انساب الاشراف 5 / 27 / 28 / 52 .
(6) التوبة : 34 .
(7) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 3 / 81 ـ 83 هذا النص مخالف لما عليه الشيعة الامامية
(8) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » .
(9) المصدر نفسه 3 / 80 .
(10) « الفتنة الكبرى علي وبنوه » ص 125 .
(11) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 77 .
(12) مروج الذهب ومعادن الجوهر ، 2 / 222 .
(13) الدكتور طه حسين . « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 190 .
(14) الدكتور طه حسين : « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 193 ، 194 .
(15) انساب الاشراف 5 / 25 ـ 26 .
16) البلاذري « انساب الاشراف » 5 / 49 .
(17) سيرة النبي محمد 3 / 340 ، 341 .
(18) الحجرات : 6 .
(19) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » المجلد الرابع ص 195 طبعة مصر .
(20) المسعودي : مروج الذهب 2 / 224 ، 225 .
(21) ويذكر المسعودي في « مروج الذهب 2 / 225 » ان ابا الوليد كان يهوديا
(22) المسعودي : مروج الذهب 2 / 224 .
(23) يعنى عمراً ، وخالدا ، ابني عثمان بن عفان .
(24 ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 4 / 193
(25) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 187 .
26) المصدر نفسه : عثمان بن عفان ص 188 .
(27) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 2 / 33 .
(28) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 163 .
(29) انساب الاشراف 5 / 54 ، 55 .
30- عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 2 / 34 ، 35 .
(31) الدكتور طه حسين « الفتنة الكبرى ، عثمان بن عفان » ص 198، 199.
(32 انساب الاشراف 5 / 54 ، 55
(33) .المصدر نفسه 5 / 36
(34) البلاذري « انساب الاشراف » 5 / 37 .
لسنا من فرق بين الال والاصحاب بل الله عز وجلّ فرق بينهم
اذ قال :
((مااسئلكم عليه اجر الا المودة في القربى ))
وقال ((واتى ذو القربى حقه ))
وقال :
ا((انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ))