العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتدى القرآن الكريم

منتدى القرآن الكريم المنتدى مخصص للقرآن الكريم وعلومه الشريفة وتفاسيره المنيرة

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 1,242
بمعدل : 0.36 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتدى القرآن الكريم
افتراضي ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ .. حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ كيف وفيهم عيسى والملائكة؟!
قديم بتاريخ : اليوم الساعة : 05:27 PM





بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ / لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾(1)

إنَّ ظاهر الآيتين هو أنَّ المشركين وما يعبدون من آلهة يكونون حصباً لجهنَّم يوم القيامة كيف يكون ذلك والحال أنَّ ممَّا يعبدُه المشركون الملائكة وكذلك فإنَّ النصارى تعبد عيسى المسيح (ع)؟

الجواب:

قد أُجيب عن ذلك بعدَّة أجوبة:

ما تعبدون هي الأصنام والأوثان:

الجواب الأول: إنَّ مفاد الآيتين هو أنَّ المشركين وما يعبدون سيكونون حصَباً ووقوداً لجهنَّم يوم القيامة، وكلمة "ما" اسمٌ موصول يُوصف به غير العاقل، وذلك في مقابل كلمة "مَن" والتي هي اسمٌ موصول يخصُّ العقلاء، فحين يُراد استعمال اسم الموصول لغير العاقل فإنَّه يُؤتى بكلمة "ما"، وأمَّا حين يُراد استعمال اسم الموصول للعاقل فإنَّه يُؤتى بكلمة "مَن"، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(2) فالذي جاء بالحسنة هو الإنسان المطيع، والذي جاء بالسيئة هو الإنسان العاصي وكلاهما من العقلاء، ولذلك وُصف كلٌّ منهما بالاسم الموصول "مَن" ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ وأمَّا العمل الذي كانوا يعملونه فحيث إنَّه ليس من سنخ ما يَعقل لذلك وُصف باسم الموصول "ما" فقال تعالى: ﴿إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

وهكذا هو الشأن في مثل قوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾(3) وقوله تعالى: ﴿مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ﴾(4) فحيث إنَّ المؤمنين الذين يتَّبعون النبيَّ (ص) من العقلاء لذلك تمَّ وصفُهم بالاسم الموصول "مَن" ﴿لِمَنِ اتَّبَعَكَ﴾ وحيث إنَّ المأكول والمشروب من الأمور التي لا تَعقل لذلك تمَّ وصفُهما بالاسم الموصول "ما" ﴿مِمَّا تَأْكُلُونَ﴾ ﴿مِمَّا تَشْرَبُونَ﴾ يعني مِن المأكول الذي تأكلون، ومن المشروب الذي تشربون.

إذا اتَّضح ذلك فالآية إنَّما أفادت أنَّ الذين سيكونون حصب جهنَّم مع المشركين هو ما يعبدون من دون الله قال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ فاستعملت الآية الاسم الموصول "ما" وهو ما يكشفُ عن أنَّ المراد من المعبودات هي الأصنام والأوثان التي يعبدونها، وحيث إنَّها مما لا يعقل لذلك استعمل في وصفها كلمة "ما" التي يُوصف بها غير العاقل، فلا تشمل الآية الملائكة ونبيَّ الله عيسى (ع) وعزيراً، فالمشركون وإن كان بعضهم يعبد الملائكة وبعضهم -وهم النصارى- يعبدون المسيح (ع) ولكنهم غير مشمولين لقوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ لأنَّ مفاد الآية أنَّ الذين سيكونون حصباً لجهنم هم المشركون ومعبوداتهم من الأصنام والأوثان، وذلك بقرينة وصف المعبودات في الآية بالاسم الموصول "ما" المستعمَل لغير العاقل.

وحاصل الجواب أن الذين توعَّدتهم الآيةُ المباركة بصيرورتهم حصَباً ووقوداً لجهنَّم هم المشركون والمعبودات غير العاقلة من الأصنام والأوثان، هذا هو مفاد الآية المباركة، فلا يصحُّ النقض عليها بأنَّ الملائكة من المعبودات لبعض المشركين، فإنَّ الآية لا تشمل مثلهم كما اتَّضح.

إشكالٌ وجواب:

وأمَّا ما قد يقال إنَّ الأصنام والأوثان حجارةٌ أو معادن أو أخشابٌ لا تعقلُ ولا تشعر ولم تُعبد باختيارٍ منها فلماذا تعذَّب؟

والجواب هو أنَّها لن تُعذَّب لأنَّ العذاب إنَّما يُصيب مًن يشعر، ولن تعاقب لأنَّ العقاب إنَّما يكون لمَن يعقل وهي جمادات لا تعقل ولا تختار، نعم هي ستُلقى في جهنَّم وستكون من وقودِها كما أفادت الآيةُ المباركة، والغايةُ من إلقائها في جهنَّم هو تبكيتُ المشركين وإذلالُهم، فهذه الأصنام التي كانوا يعتقدون أنَّها آلهة وأنَّها مقدَّسة وأنَّها سببٌ للنجاة وأنَّها تضرُّ وتنفع هذه الآلهة المزعومة صار مآلُها وقوداً لجهنَّم، فلم تُغنِ عن نفسها فضلاً عمَّن يعبدُها شيئاً، ولذلك قال الله تعالى تقريعاً واحتجاجاً على المشركين: ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

فمساقُ هذه الآية مساقٌ ما فعله موسى (ع) بالعجل الذي عبده بنو إسرائيل، فإنَّه (ع) أحرقه بالنار ثم نسفَه في اليمِّ نسفا رغم أنَّه لا ذنب له وإنَّما فعل ذلك به لغرض التقريع لمن توهَّم الوهيته والتأكيد على أنَّه عاجزٌ حتى عن الدفع عن نفسه قال تعالى: ﴿وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾(5) فإحراقه ليس عقوبة له لأنَّه لا يعقل وإنَّما كان لغرض الاحتجاج والتوبيخ لم توهَّم أنَّه إلهٌ يُعبدُ.

وما تعبدون هم الشياطين:

الجواب الثاني: أنَّ المقصود من قوله: ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ ليس هي الأصنام وسائر معبودات المشركين، وإنَّما المقصود منها الشياطين، فالذين يَعبدون الأصنام وغيرها من المعبودات المزعومة إنَّما يعبدون واقعاً الشيطان، فهو مَن زيَّن لهم وأوهمهم فأطاعوه، ولهذا خاطب نبيُّ الله إبراهيم (ع) آزر بقوله: ﴿يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ﴾(6) رغم أنَّ آزر يعتقد أنَّه يعبد الأصنام ولكنَّ إبراهيم (ع) أوقفه على حقيقة ما يعبد وأنَّه إنَّما يَعبدُ واقعاً الشيطان.

وقال تعالى: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾(7) أي إنَّ هؤلاء المشركين الذين يعبدون اللات والعزى ومناة ويعبدون الملائكة ويزعمون أنَّهم بنات الله، فهؤلاء الذين يعبدون هذه المعبودات إنَّما يَعبدون واقعاً شيطاناً مريدا، فمعبودهم هو الشيطان وليس اللات والعزى والملائكة.

وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ / قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾(8) فالمشركون الذين يتوهَّمون أنَّهم يَعبدون الملائكة إنَّما يعبدون واقعاً الجن أي الشياطين، فمعبودات هؤلاء المشركين هم الشياطين وليس الملائكة، ولهذا فمعنى قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ هو أنَّكم أيها المشركون والشياطين الذين تعبدونهم حصَبُ جهنَّم.

فليس المقصود من قوله: ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ الأصنام أو الملائكة وإنَّما المقصود منه الشياطين، فهي معبودات المشركين واقعاً وهي التي سوف تُعذَّب مع المشركين في جهنَّم كما قال تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾(9).

الآيات استثنت من سبق لهم من الله الحسنى:

الجواب الثالث: أنَّه لو تمَّ التسليم بأنَّ قوله تعالى: ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ﴾ يشملُ مطلق المعبودات العاقلة وغير العاقلة فإنَّ الآية التي وقعت في سياق الآيتين قد استثنت مثل الملائكة وعزيرٍ ونبيِّ الله عيسى (ع) قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾(10) فإنَّ مفاد الآية أنَّ كلَّ مَن سبق لهم منَّ الله الوعد بالحسنى والجنة أولئك مبعدون عن جهنَّم، ومن الواضح أنَّ الملائكة والأنبياء وسائر الصالحين من عباد الله تعالى قد سبَق لهم من الله الوعدٌ بالجنَّة، لذلك فهم غير مشمولين للوعيد بالكون في جهنَّم حتى وإنْ افترى عليهم بعضُ المشركين الضالِّين فعبدوهم مِن دون الله جلَّ وعلا فإنَّ ذلك لم يكن باختيارهم فلم يأمروا الناس بعبادتهم بل أمروهم بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له كما قال الله جلَّ وعلا في سورة المائدة: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ / مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾(11) وقال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ / وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾(12).

وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾(13) وقال تعالى: ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ﴾(14) فالمشركون الذين عبدوا الملائكة أو عبدوا بعض الأنبياء إنَّما فعلوا ذلك استجابةً للشيطان الذي أضلَّهم وزيَّن لهم سوءَ عملِهم على خلاف ما كان يأمرُ به الأنبياء وما تتنزَّل به الملائكةُ على أنبياء الله ورسله (ع).

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور

23 / رجب المعظَّم / 1446ه

24 / يناير / 2025م


1- سورة الأنبياء / 98-99.

2- سورة القصص / 84.

3- سورة الشعراء / 215.

4- سورة المؤمنون / 33.

5- سورة طه / 97.

6- سورة مريم / 44.

7- سورة النساء / 117.

8- سورة سبأ / 40-41.

9- سورة مريم / 68.

10- سورة الأنبياء / 101-102.

11- سورة المائدة / 116-117.

12- سورة آل عمران / 79-80.

13- سورة النحل / 36.

14- سورة الحجر / 8.


من مواضيع : صدى المهدي 0 "المناجاة الشعبانية" لأمير المؤمنين ( عليه السلام )
0 بمناسبة حلول ذكرى ولادات الأقمار المحمدية
0 يا شهرَ أحمدَ حافلاً بمواهبٍ - فيها النجاةُ وسُؤلُها الإصلاحُ
0 ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ .. حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ كيف وفيهم عيسى والملائكة؟!
0 هل يجوز قضاء الصيام في الأيام المستحبة في شهر شعبان؟
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 10:47 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية