|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 81774
|
الإنتساب : Dec 2014
|
المشاركات : 8
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الكااااتب
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 15-12-2014 الساعة : 02:07 PM
مجرد كرة..
شذى ياسر عيسى
كلية الطب البشري
تقفز، تطير، تحلق، و تُركَل، وتفعل الأفاعيل، ليس بشباك المرمى، بل بعقول و عواطف المتفرجين داخل الاستاد وخارجه.
كرة القدم، أهي لعبة رياضية ذات شعبية عالمية، وجمهور كبير من الصغار و الكبار والذكور والإناث؟ .
أم هي مشروع اقتصادي ربحي مادي، يغذي قنوات فضائية، ويمنح أرباح خيالية للاعبين المتميزين؟ .
أم هي مشروع نجومية وتحقيق ذات وجذب للأنظار وصناعة شهرة ومجد؟
أم هي تفريغ لطاقات الشباب وتوجيه لها بعيدا عن سبل المنكر والمعصية؟
أم أنها فلسفة استعمارية، وسلاح في زي محبب مقبول للجماهير، يبث نار الفرقة و العصبية؟
لقد حاول المستعمر بطرق شتى أن يفرق المسلمين ويقوض وحدتهم، وجد في إثارة الصراعات والخلافات والنزاعات العرقية والطائفية، وتبديد طاقات الأمة وصرفها عن العمل والنهضة إلى توافه الأمور.
منذ سنوات برز لون من ألوان الغزو الفكري ذو سمة عنصرية تعصبية، واتخذ غطاءا متلونا جديدا، ظهرت بأشكال عديدة، سوبر ستار العرب، ستار أكاديمي و ربما بقدر أقل الرابح الأكبر وشاعر المليون .
وعملت تلك البرامج على محوري فساد: محور الفساد الأخلاقي، وإشاعة الفاحشة و التصفيق والإعجاب بالمنكر والترويج لقبول المعصية في المجتمع بل اعتبارها ميدانا للتمايز والتفاضل وجعلها حلما للشباب.
والجانب الآخر، وهو ذو بعد عميق ينخر في كيان المجتمعات، جانب التعصب والعنصرية العرقية، والتباغض بين الشعوب.
أعلام ترفرف، ورايات يلوح بها، والجماهير تزدحم في الطرقات استقبالا للبطل الذي رفع راية بلاده عاليا بعد عودته، وألوف تصرفها الحكومات لدعم مرشحها أو ممثل بلادهم كما يقولون.
لكن المتأمل يجد أن تلك البرامج أخذت صيتها ومجدها لفترة، ثم عادت لتخبوا ويضعف صيتها نسبيا.
بيد أن هناك بطلا متميزا في هذا المجال، كان ولا يزال يحقق نجاحات متوالية في تمزيق الشعوب بل حتى الأسر والأصدقاء.
جماهير غفيرة تجتمع في المقاهي والكفتيريات، والعشرات مجتمعون في منزل فلان ليشاهدوا المباراة المشفرة، ناهيك عمن دفع الألوف ثمنا لتذكرة حضور المباراة، عدا عن ثمن التذاكر والإقامة في البلد المضيف.
والأدهى حين يقتتل الإخوة والأصحاب لفوز أو خسارة فريق لايمت للعروبة بصلة، ولعل لاعبيه لايعرفون شيئا عن الدول العربية، و لاعن قضايها وهمومها، فهم هناك في لهو وضلالة ونحن في بلادنا مشحونون ثائرون.
وتوالت النكبات، قضايا الأمة تنسى، لامن مستجيب أو متحرك، الحرمات تدنس، المقدسات تسلب، الأبرياء يقتلون، أصحاب الحق يسجنون، ونحن نقفز ونصرخ ونثور على كرة تتدحرج لترتطم بأسلاك أو خيوط .
الجماهير تنتظر اللقاء الفاصل، بين دولتين شقيقتين- إن صح التعبير- ، مصر والجزائر، انفعالات، تأثر وترقب وموجات غضب وتراشق اتهامات، وتغطية إعلامية قوية، ودعم حكومي من قبل الطرفين، وماذا بعد المباراة؟، كأس العالم، لكن ما لذي يعنيه لنا كأس العالم؟، الأدهى أننا في كل مرة نهزم من المرحلة الأولى وتعود الفرق العربية
إلى بلادها محملة بالخسارة، فعلام كل هذا الاهتمام والحرص؟ وما الذي جنيناه غير الفرقة والشحناء، والغضب وإضاعة المال والجهد ؟
لكن تبقى نقطة أخرى، فهناك ثلة من المصلحين والدعاة ، يرون في الرياضة حاجة وضرورة للشباب، وينادون بتشجيع الشباب على ذلك، بل يناشدون الحكومات أن تدعم الرياضة، وتوفر لها الوقت والمال حتى تتطور فرقنا الرياضية وتصبح على مستوى ينافس عالميا.
الحق أن الإسلام دين التميز والإبداع، والاتزان، لكنه أيضا دين مراعاة الأولويات فلن نعطي أمرا مباحا- إن نظرنا إليه على أنه ترفيه وتفريغ للطاقات، وهو قد يكون مستحبا إن قصد به زيادة اللياقة وحفظ الصحة ودفع الضرر والاعتداء- على أمور أولى وأهم كالعلم وبناء النهضة وتطوير الصناعة والزراعة.
فما بالك إن كان هذا المباح معول هدم وتخريب، وخنجرا في صدر الأمة يمزقها فوق تمزقها، ويبث سموم الحقد والكره بين أبائها!
موازنة ذات أبعاد متشعبة وآراء متناقضة، لمنها بحاجة لحسم واخذ قرار واضح وجلي من قضية توشك أن تتصدر قائمة قضايا أمتنا، والله المستعان !
|
|
|
|
|