بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم
لا يخفى على الجميع أهمية الإنسان الذي كان خلقه أعجب العجائب وانطوى على آيات يعجز عن حل رموزها الفطاحل , كلها تدل على قدرة الخالق وكرامة المخلوق عند الله تعالى , وقد أعلن القرآن ان كل الاشياء مسخرة للانسان شريطة ان بأخذ بالاسباب في كثير من الآيات ولعل أهمها {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} .. فهذا التكريم انما كان لصلاحية الانسان للقيام بمهام الخلافة الالهية في الارض وهو مقام خلافة الانسان الكامل وتظهر بعد ان يطوي سير الاخلاص لله تعالى في توحيده الذاتي والصفاتي والافعالي والعبادي .
فاذا كان كذلك وهبه الله تعالى خصائص يمتاز بها عن غيره حتى يخيل عند الناس انه ليس من جنسهم بل هو حالة برزخية بين التجرد والمادة .
فهذا هو الانسان الكامل الذي تدرج في الكمال حتى نال الذروة فكان في القرب المعنوي من الله {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}
وهو كناية عن مقام انقطاع الوسائط بين الله وبين هذا الانسان الكامل , لانه اكرم واشرف من الوسيط الغيرية (الملائكة ) وهذا الانسان هو الذي تكون معرفته معرفة الله وحبه حبا لله وبغضه بغضا لله تعالى لانه ممثلا وخليفة ورسولا عن الله تعالى وصاحب السفارة الخاصة .
يقول الملا صدرا عن الانسان الكامل :
بل لا يمكن معرفته تعالى الا بمعرفة الانسان الكامل وهو باب الله الاعظم والعروة الوثقى والحبل المتبن ...
وهذا معنى وجوب معرفة النبي ومعرفة الامام لان حياة الانسان في النشأة الدائمة انما هي بمعارف الحكمة الالهية والانسان الكامل تنطوي فيه الحكمة كلها وهو مفاد قوله : ( من أطاعني فقد اطاع الله ) بل هو مفاد ( ان الله يغضب لغضبك يا فاطمة ) و ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) و ( والنظر الى وجه علي عبادة ) لانه الوجه المعبر عن وجه الله تعالى والله لا وجه له الا بالصفات {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } انه وجه الكمال في عالم الاسماء الحسنى والصفات العليا , هذه الكمالات القدسية التي لا تهلك ولا تعدم باذن الله تعالى كما تصورها الآية الكريمة :
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ }
الداخلة في الاستثناء , فالانسان الكامل هو الوجه الالهي الذي يقابل الله تعالى الخلق به فيكون النظر اليه نظرا الى النور والكمال والقدس والاسماء ... فهو عبادة .
بهذا المعنى علينا ان نفهم الانسان المعصوم – الكامل – فأكمل الخلق هو نبينا محمد صل الله عليه وآله ثم علي ..
ومن هنا لما أصيب في محرابه نعاه جبرئيل بين السماء والأرض قائلاً(تهدمة والله اركان الهدى ) .
~والمصاب في القلب يلهب~
نسالكم الدعاء