لكي يكون لدينا قوة نفسية داخلية علينا استغلال أمرين مهمين جدا.. و كما قيل: من حكم نفسه حكم مملكة.
الأمر الأول:
(1) الطاقة.. و هي الحياة و القدرة على تغيير الحركة ، الطاقة هي كرأس المال للتاجر أو لأي شخص
فإذا ما استنفذت عبثا أفلس صاحبها و يعجز صاحبها أن يواجه مشاكله بلا مال أو بلا طاقة عصبية
تساعده على التحمل و التفكير ، لذلك فعلينا دعم طاقتنا بكل صور راحة البال و تخصيص
يومين للأسبوع لتغيير الروتين اليومي،، إن للأفكار قوة ضخمة تتمثل في أفكارنا و مخيلتنا و خيالنا
في الحياة اليومية ( أحلام اليقظة ) ، جرب هذه القوة من خلال تخيل حبة ليمون أمامك في الخيال فقط..
اقطعها و اعصر النصف الأول في كأس، ارتشفه رويدا رويدا فهو حامض ، خذ النصف الآخر و انتزع
منه البذور بطرف السكين الذي معك، اقضم هذا النصف الآخر مرارا.. ها هو لعابك يسيل..
و هذه هي قوة الخيال.
الشجاع هو الذي لا ينفعل أمام المثير ، تبديد المخاوف يكون باختراق الصعاب ،
فالسعادة ليست نشوة عابرة ، إنها ثمار من الجهد في مواجهة النفس و الآخرين و هنا يكون النجاح و الثقة بالنفس
و من ثم تأتي السعادة ، إن كنت تخاف من الماء فعليك أن تبلل نفسك به و لن تغرق ،
و أما إذا غرقت فإن المشكلة تكون قد انتهت ، يقول أبيقور " عندما نكون هنا فالموت ليس معنا ،
فإذا ما جاء الموت فلا وجود لنا " .. إذا أردت مواجهة الخوف فعليك بأمرين :
( أ ) مارس الإسترخاء و أسند رأسك للخلف و قل مرارا ( أنا مسترخي و قلقي يزول.. هو ذا قد زال )..
اجعل تمرين الإسترخاء عادة فهذا يجدد من طاقتك العصبية التي هي كالوقود للسيارة
و لا تبددها في ما لا فائدة من التفكير فيه فتصبح بذلك عصبيا هستيريا في بعض الأحيان.
( ب ) تخيل ما تخاف منه يوميا: إن كنت تخاف من الأفاعي أو القطط تخيلها يوميا تقترب منك و المسها في مخيلتك و تعامل معها بشكل يومي حتى تألفها في خيالك فلا تهابها في واقعك و يكون تصرفك متزنا حيالها.
* النيراستانيا:
نوع من أنواع العصاب ، هو هبوط في الطاقة العصبية و يندر وجود من لا يشكو منه ، يصاحب المصاب تعب و إعياء في الصباح أكثر من المساء، بالإضافة إلى ضعف في تركيز العقل و الذاكرة و الشعور بالقلق و التوتر و الدونية و التشاؤم و لا يشعر المصاب بالرغبة بالعمل بشكل جدي و بالمقابل يشعر بالنشوة إذا ما أدى الأمور الصغيرة و بالإكتئاب إذا ما أراد شيء جدي و ذو مسؤولية ، يتهرب المصاب بالنيراستانيا بالإنغماس بالملذات والمرح و تصاحب هذا المرض أعراض بدنية منها الشعور بالإعياء و التعب و لأي مجهود بسيط ، أرق و نوم متقطع ، هبوط في ضغط الدم و برودة في الأطراف ، سوء الهضم و حموضة في المعدة و ضعف في الشهية و الدوخة.
الأمر الثاني:
(2) الإنتباه..تقول المدرسة السلوكية بأن التفكير مهما كان معقدا فما هو إلا وحدات من المثير و الإستجابة و من هذا المعنى ندرك بأن ضوء الغروب هو الذي يرسل الدجاجة إلى حظيرتها و يجعل الثعلب يتجول بحثا عن فريسة.. الإنتباه نوعان: عفوي لا لإرادي و إرادي عقلي.
على الإنسان بذل الجهد للإنتباه الدائم و عدم المرور أمام الأحداث بلا فهم لها ، قديما سئل كونفوشيوس ماذا تعمل لو أصبحت امبراطورا للصين ؟ أجاب " أفرض على جميع الناس بأن لا تمر عليهم كلمة واحدة دون فهم معناها " ، بذل الجهد بالإنتباه لتحسين الشخصية يقتضي إرادة قوية و ليس حماسة عابرة،، سجل كافة آلامك و أحاسيسك و معاناتك بكل دقائقها و جزيئاتها الكبيرة و الصغيرة و تفحص كل شيء ، وضع لكل حادث تفسيرا أو تعليلا بانتباه عقلي و إياك أن تحاول نسيا حادث غير سار مهما كان مؤلما ..
كتابتك لهذه الحوادث ينقلها من العقل الباطن إلى الخارج و يجعلها تتبخر كالماء و هذا يحافظ على انسجامك و توازنك و هدوءك الداخلي ، كما أن قراءتك لما كتبته و تفكيرك به و انتباهك لما حدث معك سيعطيك الحل في كيفية التصرف السليم بدلا من الإستسلام لعواطف الألم و الكراهية بلا فائدة ، فالكئيب هو من يستسلم لعواطفه و الحقود هو من يسر لمشاهدته آلام الآخرين ، و ارتكابنا للأخطاء يرجع في أسبابه لعدم الإنتباه العقلي في التفكير ، فالتركيز المستمر و المكثف أمامنا لحل المشكلات و تدريب عقولنا على كيفية العمل بالأزمات هو عنصر أساسي في الإبداع ، على أن يرافق ذلك العمل تطبيق أفكار جديدة بعد التوصل إليها فالفكرة بلا عمل كالبذور بلا أرض ، علينا أن نفتح وجداننا للحياة حتى ولو كانت مؤلمة و هنا تكون السعادة التي صنعناها بعقولنا الحساسة ،
و متى بلغت للمرحلة التي تتحكم فيها بوعي و انتباه لكل حركاتك فأنت بذلك تسيطر على الحياة و تستمتع بها و تتذوقها ، حاول أن تدرب نفسك على ذلك من خلال تمارين التركيز و التأمل و الإسترخاء لتحسين قدرتك على ملاحظة ما لم تكن تلاحظه من قبل مسبقا ، راقب و انتبه لنفسك و اعرفها جيدا لتحسينها و تحصينها فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ،، الجدير بذكره هنا هو الإلتزام بعدم تجسيم توافه الأمور و العقبات و إعطاء الأمور حجمها الطبيعي ، و مما نخلص إليه هنا ضرورة تغيير طرق التفكير لتغيير طرق سلوكنا في الحياة ، و لا نجعل لسخافات الناس مكانا في نفوسنا و ردد دوما ( إن كان الله معي فمن عساه يكون ضدي ) لأن انتقادهم لك هو غيرة منك فلا يرمى بالحجر إلا الشجر المثمر ، و بالمقابل علينا أن نتخلص من المهاترات التفكيرية بإهمالها ، فيجب أن لا نعتقد بأن ضحك اثنين يقصد به شيئا يخصك أو أن تهامس اشخاص مع بعضهم البعض يعنيك من قريب أو بعيد ، علينا أن نتخلص من قلق الأفكار و اجترارها و من قلق التوقع و آلامه ، علينا أن نضع في طاقتنا الذهنية في موضعها السليم في التفكير الخلاق و المستمر و ليس في سقيم الأوهام و سيء العواطف من كره أو حزن أو اكتئاب ،،
الهدوء النفسي :
هو انسجام ما بين العقل الباطن بما يحتويه من رغبات و بين الضمير المؤنب و الحارس على ما نفعله من أخطاء، و لكي تكون هادئا عليك أن تكون مستقلا نفسيا ، و لكي تكون مستقلا عليك أن تكون سندا لنفسك ، ابتعد عن رغبات الناس من رضا أو غضب و انظر لما تحس به و أنت بعيدا عنهم ،
انزوي عنهم في مكان هادئ في غرفتك بعد أن تجدد هواءها و استرخ جيدا بعد أن تتنفس جيدا بالشهيق و الزفير مدة خمسة دقائق ، ثم تخيل نفسك و أنت طفل صغير بكل كنت ما تمر به من عواطف ثم تخيل نفسك و أنت تدلل هذا الطفل و تحبه و تدغدغ رأسه ،
أعطه هذا الحب بلا شرط فهو يحتاج منك الكثير امنحه الوقت الكافي ، افعل كما تفعله بالنسبة لولد لم تعرفه من قبل و اترك له متسعا من الوقت لكي تألفه ، هذه المشاعر اتجاه الطفل التي تحسها أنت اتجاهه هي قريبة من مشاعر والديك إليك ، حاول أن تتخيل نفسك و كأنك تنظر إليه كشخص غريب و تعلم اعطاء مشاعر الحب للغرباء تعود الإغراق في التأمل و أنت في وضع الإسترخاء ،
مارس هذا التمرين مرارا و سوف تزداد ثقتك بنفسك ،، لكي تنتصر على الحياة عليك أن تتذكر انتصاراتك أولا لتزيد من قوتك ، تذكر هذه الإنتصارات و ردد ميزاتك بصدق كأن تقول: أنا مؤدب..عطوف..أحب الله، عندما تمارس تمرين الطفولة تذكر نفسك و أنت تكبر و تصبح راشدا ، اغفر لماضيك بكل عيوبه و اعتذر للآخرين إن أخطأت لهم فهذا يحتاج إلى شجاعة نادرة ، إن شعورك النفسي الهادئ بالحياة يتوقف على ثقتك بقدراتك ، ثم نمّ في نفسك الشجاعة و فكر مليا بأمورك و ثق بأن كل تصرفاتك صحيحة ، إن كنت تهاب شخصا ما فتخيله و كأنه مهرج بأنف أحمر..
المهم هو تعديل أحاسيسك و محاولة الإصغاء لها جيدا، كل ما عليك فعله هو تخيل ما يدعم شخصيتك و ينمي ثقتك بها و يعززها ، تخيل بأنك ذكي و جذاب و أقنع نفسك بذلك لتجد مفعول السحر يعمل بك ، ما إن تحس بالتوتر في أي مكان ما عليك إلا أن تقنع نفسك بعدم التوتر و الإسترخاء رويدا رويدا .. خاطب نفسك ( استرخ..استرخ..مهلا..مهلا ) افتح صمام طنجرة الضغط بتروي حتى تتجنب الإنفجار المفاجئ ، و كافئ نفسك بعد النجاح بذلك، إن كانت لذاتك "الأنا" اتجاه أو هدف ستلاحظ أن هذا الثوب قد بدأ يتمزق لأن ذاتك آخذه بالنمو ، و البقاء في الملابس نفسها ( العادات ) كفيل بخلق أزمة لديك ، لاحظ ما يقوله الآخرون مثلا في فشلهم لترك التدخين.
ولتكن حكمتك لليوم :عبر عن نفسك كما تريد أنت
يقول الإمام علي عليه السلام ( - لا تعمل شيئا رياء و لا تتركه حياء -)