يُحكى أن رجلاً رأى في سوق النساخين عبدا يباع بأرخص من قيمته الطبيعية فسأل عن السبب.
قالو له : أنه يطبق أوامر المولى حرفيا بلا زيادة و لا نقيصة فأُعجب بذلك.
و قال : هذا عبد حسن غاية الحسن , فإن العبد الذي يطبق أوامر المولى حرفياً هو عبد جيد , فاشتراه و فرح بإشترائه بهذا الثمن البخس , و في الغد عندما أراد أن يذهب إلى صلاة الجماعة أمر عبده بأن يأتي بسجادته إلى محل الصلاة فأطاع العبد و جاء بسجادته و فرشها و وقف عليها الإمام (و هو سيد العبد) يصلي و بعد إنتهاء الصلاة رجع إلى داره و بعد مدة من الزمن قال للعبد : أين السجادة ؟ قال العبد : يا سيدي لم تأمرني أن أستصحبها إلى الدار من المسجد, و أنا أطبق الأوامر حرفياً كما تعلم .
فصاح عليه السيد ويلك إن السراق يذهبون بها , فاذهب إلى المسجد و انظر هل السجادة لا تزال موجودة أم أنها سُرقت .
فجاء العبد إلى المسجد و رجع بدن السجادة .
قال له المولى : فأين السجادة ؟ و هل كانت موجودة ؟
قال العبد : نعم إنها كانت موجودة في المسجد لكني لم آت بها لأنك لم تأمرني بالإيتان بها , بل قلت : (أنظر هل هي موجودة أم لا ) .
فصاح عليه المولى : إذهب و أت بها .
فذهب و رجع خائبا , و قال : إنها قد سُرقت فاضطر المولى إلى أن يبيع العبد .
و بعد مدة مر على سوق النخاسين فرأى عبداً يُباع بقيمة رخيصة أيضاً.
قال : و لماذا هذا العبد بهذا الرخص ؟
قالوا : لأنه يُطبق أوامر المولى و لوازمها . فقال في نفسه هذا عبد حسن و تعجب من أنه لماذا لا يرغب فيه الناس ؟ و اشترى العبد.
و بعد مدة مرض السيد فقال لعبده : إذهب و ائتني بالطبيب .
فذهب العبد و أبطأ مدة أكثر من المقدار الذي يحتاجه الايتان بالطبيب , ثم جاء إلى البيت و معه ما يقارب عشرة من الأشخاص .
قال السيد له : ويلك لماذا أبطأت , و من هؤلاء العشرة ؟
قال سيدي : أني أطبق الأوامر بلوازمها كما قالوا لك عندما أردت أن تشتريني , و قد قلت لي إذهب و أتِ بالطبيب فذهبت و أتيت بهذا الطبيب , ثم فكرت في أنه قد يأمر الطبيب بالدواء لك , فجئت بالعطار الذي يصنع الأدوية , ثم قلت في نفسي قد يموت السيد , فجئت بالغسال و الكفان و الحناط و المصلي على الميت و من يحمل التابوت و حفار القبر و من يقرأ القرآن على القبر , و ما إلى ذلك .
فانزعج السيد إنزعاجاً كبيراً , و بعد أن برأ من مرضه كان أول ما فعل أن باع العبد .