فلقد كثر الحديث من الكثير و قد حاول أعداء أهل البيت ( عليهم السَّلام ) التشنيع على الشيعة من خلال اتهامهم بأن لهم قرآناً آخر يأخذون منه أحكام الدين غير القرآن الكريم يُسمونه مصحف فاطمة .
هذا ما يقوله أعداء مدرسة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) ، و هو اتهام رخيص ليس له أي قيمة علمية اخي الكريم ، إذ سرعان ما ستجد هنا ان كنتم منصفين ببطلان هذا الكلام ، ولدى المراجعه للنصوص المأثورة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) أن كنتم تكنون لهم ودا أجرا لرسالة سيد المرسلين (ص) كما تعتقدون ....!
وقبل سرد الحق فيه وما نعتقد بخصوص ما سألت عنه هنا لابدمن توضيح ومعرفة أولاً المعنى اللغوي لكلمة المصحف ، ثم نأتي بعد ذلك إلى الروايات والأحاديث المأثورة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) كي نعرف حقيقة مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) .
المعنى اللغوي للمصحف :
قال الفرّاء في لفظ المصحف :
" و قد استثقلت العرب الضمّة فكسرت ميمها و أصلها الضم ، من ذلك مِصحف ... ، لأنها في المعنى مأخوذة من أصحف جمُعت فيه الصُحف " [1] .
و قال أبو الهلال العسكري في الفروق اللغوية :
" الفرق بين الكتاب و المصحف ، أن الكتاب يكون ورقة واحدة و يكون جملة أوراق ، و المصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت ، أي جمع بعضها إلى بعض " [2] .
و كلمة مصحف مأخوذة من الصحيفة و هي القرطاس المكتوب ، و المصحف ـ مثلث الميم ـ هو ما جُمع من الصحف بين دفتي الكتاب المشدود ، و لذلك قيل للقرآن مصحف ، و عليه فكل كتاب يسمى مصحفاً [3] .
و قال ابن بابويه :
صحيفة فاطمة ، أو مصحف فاطمة ، أو كتاب فاطمة ، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها ( عليها السَّلام ) [4] .
ما هو مُصْحَفُ فاطمة ؟
مصحف فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) :
هو كتاب عظيم المنزلة أملاه جبرائيل الأمين على سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) بعد وفاة أبيها رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) و ذلك تسكيناً لها على حزنها لفقد أبيها ( صلَّى الله عليه و آله ) .
أما كاتب هذا الكتاب هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، فقد كتبه بخطه المبارك .
و مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) يُعتبر من جملة ودائع الإمامة ، قال الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) ـ و هو يَعُّد علامات الإمام المعصوم ( عليه السَّلام ) ـ : " ... و يكون عنده مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) " [5] .
أما بالنسبة إلى مكان وجود هذا المصحف في الحال الحاضر فهو اليوم موجود عند الإمام المهدي المنتظر ( عجَّل الله فرَجَه ) .
و يُعتبر هذا المصحف أول مصنف في الإسلام ، حيث أن الزهراء ( عليها السَّلام ) توفيت في الثالث من شهر جمادى الأولى عام 11 هجري [6] ، و لم يكتب قبل هذا التاريخ كتاب في عصر الإسلام .
فمصحف فاطمة هو مجموع حديث جبرائيل الأمين لفاطمة ( عليها السلام ) فهو وحي غير معجز كالحديث القدسي [7] و النبوي .
و لا غرابة في ذلك إذ أن الزهراء ( عليها السَّلام ) كانت محدّثة ، و ليست الزهراء هي الوحيدة التي حدّثتها الملائكة ، فقد كانت مريم بنت عمران محدّثة ، كما كانت أم موسى بن عمران ( عليه السَّلام ) محدّثة ، و سارة زوجة النبي إبراهيم ( عليه السَّلام ) أيضاً كانت محدّثة فقد رأت الملائكة فبشروها بإسحاق و يعقوب .
ذلك أن الحديث مع الملائكة رغم أهميته و عظمته فهو ليس من علامات النبوة و خصائصها ، فمن ذكرناهن لسن من جملة الأنبياء كما هو واضح ، لكن الملائكة تحدثت إليهن ، و إلى هذا يشير محمد بن أبي بكر قائلاً :
" إن مريم لم تكن نبية و كانت محدّثة ، و أم موسى بن عمران كانت محدّثة و لم تكن نبية ، و سارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق و من وراء إسحاق يعقوب و لم تكن نبية ، و فاطمة بنت رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) كانت محدّثة و لم تكن نبية " [8] .
المعصومون لدينا عليهم السلام و مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) :
عندما سئل الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) عن مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) قال :
" إن فاطمة مكثت بعد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) خمسة و سبعين يوماً ، و كان دخلها حزنٌ شديد على أبيها ، و كان جبرئيل يأتيها فيُحسن عزاءَها على أبيها ، و يُطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مكانِه ، و يخُبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، و كان عليّ ( عليه السَّلام ) يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة " [9] .
عن حمّاد بن عثمان ، عن الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) أنه لما سأله : و ما مصحف فاطمة ؟
قال ( عليه السَّلام ) :
" ... إن الله تعالى لمّا قبض نبيه ، ( صلَّى الله عليه و آله ) دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عَزَّ و جَلَّ ، فأرسل الله إليها ملكا يسلّي غمّها و يحدثها ، فشكت [10] ذلك إلى أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) فقال : إذا أحسست بذلك و سمعت الصوت قولي لي ، فأعلمته بذلك ، فجعل أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) يكتب كلّما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً " .
ثم قال : " أما إنه ليس فيه شيء من الحلال و الحرام ، و لكن فيه علم ما يكون " [11] .
* ليس في مصحف فاطمة شيء من القرآن :
قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" و إن عندنا لمصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) و ما يدريهما مصحف فاطمة ، مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات [12] ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد ، إنما هو شيء أملاه الله و أوحى إليها " [13] .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" ... مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن ... " [14] .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" و عندنا مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) أما والله ما فيه حرف من القران ... " [15] .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله ، و إنما هو شيء القي عليها بعد موت أبيها ( صلى الله عليهما ) " [16] .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" ... وفيه مصحف فاطمة ، و ما فيه آية من القران " [17] .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" ... و عندنا مصحف فاطمة ، أما والله ما هو بالقران " [18] .
ما يحتويه مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) :
قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" ... و كان جبرئيل يأتيها فيُحسن عزاءَها على أبيها ، و يُطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مكانِه ، و يخُبرها بما يكون بعدها في ذريتها ... " [19] .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" ... و ليخرجوا مصحف فاطمة فان فيه وصية فاطمة " [20] .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) :
" ... أما إنه ليس فيه شيء من الحلال و الحرام ، و لكن فيه علم ما يكون " [21] .
و في الإمامة و التبصرة ، لابن بابويه القمي :
صحيفة فاطمة أو مصحف فاطمة ، أو كتاب فاطمة ، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها ( عليها السَّلام ) ، كان عند الأئمة ، وردت فيه أسماء من يملك من الملوك [22] .
مصحف فاطمة : ففيه ما يكون من حادث و أسماء كل من يملك إلى أن تقوم الساعة [23] .
و قال العلامة المجلسي ( رحمه الله ) :
" الظاهر من أكثر الأخبار اشتمال مصحفها على الأخبار فقط ..." [24] .
---------------------------------------------------------------------
فهذا أعتقادنا فيه بكل صدق والله شاهد ومحيط وما ندين به عند الله تعالى ، وما سيكون من ردود هنا غير ما جاء فيه أعلاه من أعتقادنا هذا فهو مرفوض من قبلنا جملة وتفصيلا ولا عدة واعتبار له عندنا نحن الإمامية الأثني عـــشرية ، ولقد جئتكم بالحق من اهله لا من حاقد وناصب أو مجادل أو للحق مجانب أبتداءً
فأعتبروا .... ...
وإلا ...
(انلزمكموها وأنتم لها كارهون )..
والله من ورآء القصد ..
وبه المستعان
(( أنا أجيز النقل للموضوع كله او بعضه لكل محب للزهراء عليها السلام للمشاركة أو الردود على كل مخالف في أي موقع أو منتدى ، وأجري على سيدتي فاطمة الزهراء أم أبيها عليها السلام ))
---------------------------------------------------------------------------
[1] إصلاح المنطق : 354 ، لابن سكّيت ، و الصحاح : 4 / 1384 ، للجوهري .
[2] الفروق اللغوية : 447 .
[3] دائرة المعارف الحسينية / معجم المصنفات : 1 / 19 ، لآية الله المُحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي ( حفظه الله ) .
[4] الإمامة و التبصرة : 12 .
[5] الخصال : 528 ، و بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 25 / 117 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود باصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
[6] دائرة المعارف الحسينية / معجم المصنفات : 1 / 19 .
[7] قال العلامة المُحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) : الحديث القدسي هو كلام الله المنزل ـ لا على وجه الإعجاز ـ الذي حكاه أحد الأنبياء أو أحد الأوصياء ، مثل ما رُوي أن الله تعالى قال: " الصوم لي وأنا اُجزي به " ، يراجع : أصول الحديث و أحكامه في علم الدراية : 20 .
[8] بحار الأنوار : 39 / 55 و 39 / 79 .
[9] الكافي : 1 / 241 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران . و بحار الأنوار : 22 / 545 ، و بصائر الدرجات : 173 ، لمحمد بن حسن بن فروخ الصَّفار ، المتوفى سنة : 290 هجرية بقم ، الطبعة الثانية ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم / إيران ، و موسوعة الإمام الصادق ( عليه السلام ) : 10 / 92 ، حديث ( 5387 ) ، لآية الله السيد كاظم القزويني ( رحمه الله ) .
[10] أي أخبرت .
[11] الكافي : 1 / 240 ، وبصائر الدرجات : 177 ، و موسوعة الإمام الصادق ( عليه السلام ) : 10 / 93 ، حديث ( 5388 ) ، و بحار الأنوار : 26 / 44 .
[12] إشارة إلى حجم هذا الكتاب بالقياس إلى القرآن الكريم .
[13] بصائر الدرجات : 152 ، و بحار الأنوار : 26 / 39 .
[14] بصائر الدرجات : 156 .
[15] بصائر الدرجات : 158 و 161 .
[16] بصائر الدرجات : 159 .
[17] بصائر الدرجات : 160 .
[18] بحار الأنوار : 26 / 38 .
[19] الكافي : 1 / 241 ، و بحار الأنوار : 22 / 545 ، و بصائر الدرجات : 173 ، حديث ( 6 ) ، و موسوعة الإمام الصادق ( عليه السلام ) : 10 / 92 ، حديث ( 5387 ) .
[20] بحار الأنوار : 26 / 43 .
[21] الكافي : 1 / 240 ، و بصائر الدرجات : 177 ، حديث ( 18 ) ، و موسوعة الإمام الصادق ( عليه السلام ) : 10 / 93 ، حديث ( 5388 ) ، و بحار الأنوار : 26 / 44 .
[22] الإمامة والتبصرة : 12 .
[23] الخرائج و الجرائح : 2 / 894 ، أعلام الورى : 285 ، بحار الأنوار : 26 / 18 .
[24] بحار الأنوار :26 / 40 .