يقول القذافي: إن العالم متآمر على ليبيا حسدا لها على ما ينعم به شعبها، ثم قرأ « ومن شر حاسد إذا حسد ».
ويقول الإعلام الرسمي السوري: إن سورية تتعرض لمؤامرة خارجية لدورها النضالي البطولي في المقاومة والصمود والتصدي والممانعة - يا لطيف يا لطيف، يا ساتر يا ساتر-، مع العلم أن الجولان ما زال تحت الاحتلال لما يقارب نصف قرن.
وإعلام اليمن الرسمي ذكر أن اليمن مستهدف، لأنه العمق الحضاري للعرب والبعد الاستراتيجي القومي للأمة، إلى آخر هذا الهذيان والهلوسة والهبال.
وإعلام الأردن الرسمي شكا من مؤامرة خارجية بأصابع خفية يتعرض لها الأردن ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأقول: متى تكفون يا أعراب عن عقدة المؤامرة والفرار من الاعتراف بالخطأ إلى البحث عن كبش فداء؟ متى تتوبون يا أعراب من هذه المسرحية الهزلية باتهامكم الخارج وتعليق أخطائكم على الغير؟ من أنتم حتى يتآمر عليكم العالم؟ من حضراتكم حتى تشتغل بكم القوى العظمى؟ لماذا يستهدفكم العالم وعلى ماذا يحسدكم؟ ألثرواتكم وشعوبكم تذوق الجوع والعري والجهل والمرض والتخلف؟ أم يستهدفكم لصناعاتكم وإنتاجكم ومراكز البحوث عندكم ومصادر الطاقة وصروح المعرفة ومخازن الأسلحة والمدمرات والبارجات والمراكب الفضائية وحاملات الطائرات وأنتم لا تستطيعون صناعة سيارة هايلكس بل أنتم في ذيل قائمة دول العالم صناعة وزراعة وتعليما وتنمية وإنتاجا.
إن ميزانية شركة غربية واحدة أكبر من ميزانية هذه الدول مجتمعة، وإن الشعوب خرجت في مظاهرات سلمية تريد الغذاء والدواء والهواء والماء والكهرباء والحرية والكرامة، وهذه الدول عجزت عن تلبية الحاجات الضرورية لمواطنيها، فاتهمت العالم بالتآمر عليها، وكم الجرادة أصلا وثمنها ولحمها ومرقها؟ ومثل هذه الدول العربية المذكورة والتي اتهمت العالم الخارجي باستهدافها كمثل بعوضة وقعت على نخلة فلما أرادت البعوضة أن تطير قالت للنخلة: تماسكي فإني أريد أن أطير، فقالت النخلة لها: والله ما شعرت بك يوم وقعت وما شعرت بك يوم طرت.
أميركا وأوروبا والصين واليابان وكندا وروسيا منهمكون في المصانع والمعامل وصنع النووي وإنتاج الطاقة، وغارقون في الاكتشافات والاختراعات، وقد يكون لهم وجهة نظر في هذه الأنظمة، أما آن لنا نحن العرب أن نشتغل بعيوبنا ونصلح أخطاءنا ونراجع أنفسنا ونتوب من عقدة المؤامرة التي أصبحت نكتة سمجة ولعبة مكشوفة؟ قال صديقي وزميلي أبو الطيب المتنبي في رجل نكرة مجهول تمنى أن يمدحه المتنبي أو يهجوه على الأقل ليشتهر:
إن القرآن أحال سبب هزيمة أحد إلى اختلاف الصحابة فقال: «قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ»، والأخطاء والتجاوزات يتحملها أصحابها، قال تعالى: « ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ »، أما اتهام الآخرين واستخدام العالم مشجبا لتعليق الأغلاط فهذا من عمى البصيرة وفساد الرأي، وإن المريض لن يتعافى حتى يعترف أولا بأن عنده مرضا، وإنه لن يتشافى إلا بدواء ناجع يستعمله، لا فرار إلى الأمام ولا تستر في الظلام، بل الحق في الشجاعة والاعتراف بالخطأ والتغيير إلى الأصلح قال تعالى: « إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ».