من وصية الامام السجاد عليه السلام لابنه الإمام الباقر عليه السلام
يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. فقال: يا أبت من هم عرفنيهم؟
قال: إياك ومصاحبة الكذاب، فإنه بمنزلة السراب، يقرب البعيد، ويبعد لك القريب، وإياك ومصاحبة الفاسق، فإنه بايعك بأكلة أو أقل من ذلك، وإياك ومصاحبة البخيل، فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصاحبة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع، قال الله عز وجل: (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم وتقطعوا أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) وقال عز وجل: (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) وقال في سورة البقرة: (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون).
من وصية له عليه السلام لبعض أصحابه
قال أبو حمزة الثمالي: كان علي بن الحسين يقول لأصحابه: أحبكم إلى الله أحسنكم عملاً، وإن أعظمكم فيما عند الله رغبة، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقاً، وإن أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم لله تعالى.
من وصية له عليه السلام أوصى بها الزهري
قال الإمام الباقر عليه السلام: دخل محمد بن مسلم بن شهاب الزهري على علي بن الحسين عليه السلام وهو كئيب حزين، فقال له: ما لك مغموماً؟ قال: يا ابن رسول الله هموم وغموم تتوالى عليَّ لما امتحنت به من جهة حساد نعمي، والطامعين فيَّ، وممن أرجوه، وممن أحسنت إليه فيختلف ظني.
فقال له علي بن الحسين عليه السلام: أحفظ عليك لسانك تملك به إخوانك.
فقال الزهري: يا ابن رسول الله إني أحسن إليهم بما يبدر من كلامي.
فقال عليه السلام: هيهات هيهات، إياك أن تعجب من نفسك بذلك، وإياك أن تتكلم بما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره، فليس كل ما تسمعه شراً يمكنك أن توسعه عذراًَ.
ثم قال: يا زهري من لم يكن عقله من أكمل ما فيه كان هلاكه من أيسر ما فيه، يا زهري أما عليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك، فتجعل كبيرهم بمنزلة والدك، وتجعل صغيرهم بمنزلة ولدك، وتجعل تربك منهم بمنزلة أخيك فأي هؤلاء تحب أن تظلم. وأيَّ هؤلاء تحب أن تدعو عليه، وأيَّ هؤلاء تحب أن تنتهك ستره، وإن عرض لك إبليس لعنه الله فضلاً على أحد من أهل القبلة، فانظر إن كان أكبر منك فقل: قد سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإن كان أصغر منك فقل: قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني، وإن كان تربك فقل: أنا على يقين من ذنبي ومن شك من أمره، فما لي أدع يقيني لشكي، وإن رأيت المسلمين يعظمونك ويوقرونك ويبجلونك فقل: هذا فضل اخذوا به، وإن رأيت منهم جفاءً وانقباضاً فقل: هذا لذنب أحدثته، فإنك إن فعلت ذلك سهل الله عليك عيشك، وكثر أصدقاؤك، وقل أعداؤك، وفرحت بما يكون من برهم، ولم تأسف على ما يكون من جفائهم.
وأعلم أن أكرم الناس على الناس من كان خيره عليهم فائضاً، وكان عنهم مستغنياً متعففاً، وأكرم الناس بعده عليهم من كان مستعففاً وإن كان إليهم محتاجاً، فإنما أهل الدنيا يتعقبون الأموال، فمن لم يزدحمهم فيما يتعقبونه كرم عليهم، ومن لم يزاحمهم فيها ومكنهم من بعضها كان أعز وأكرم.
من وصية له عليه السلام لأصحابه:
عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام لأصحابه: أوصيكم إخواني بالدار الآخرة ولا أوصيكم بدار الدنيا فإنكم عليها حريصون، وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى بن مريم عليه السلام للحواريين؟ فانه قال: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها. وقال: أيكم يبني على موج البحر داراً، تلكم دار الدنيا فلا تتخذوها قراراً.