رحلةُ المعنى
:
في رحلةِ المعنى إلى معنى الإباءْ
شقّتْ جيوبَ الحرفِ أصواتُ النداءْ
وترنّمتْ شفةُ الحريرِ...غناؤُها
من غيمةٍ طافتْ بآفاق السماءْ
وتداككتْ في السيرِ ألوانُ الخطى
وتقاطعتْ وتخالفتْ حدّ البكاءْ
لكنّ رحلةَ نبضِه ...لمّا تزلْ :
تصبو لوجه اللهِ دوماً كربلاءْ
*************
إنْ غيّرَ التاريخُ معدنَ صوتِهِ
إنْ كُفِّنَ الكتّابُ خلفَ سكوتهِ
إنْ طار في ليلِ الظلامِ مكبِّلاً
صوتَ الحقيقةِ في عُرى ملكوتهِ
إنْ أحرقَ العادون شمعَ بكائِهِ
وتفسّحوا في حزنهِ وبيوتهِ
ما قال لا ، فعيونُهُ ...لمّا تزلْ :
تبكي الحسينَ وموتُها من موتهِ
*************
سِفْرُ الحقيقةِ رحلةٌ نحو السما
والمعنى نبضُ الذاتِ منها تكلّما
والليلُ سرُّ الروحِ يشبهُ صوتُهُ
لغةَ ارتجافِةِ خائفٍ ، فتبسّما
والظامئون على شواطئ محنةٍ
رسموا بحاراً تستعرُّ من الظما
إلاّ سواحل عشقهِ ...لمّا تزلْ :
عند الحسينِ وجودُها قدِ ارتمى
***********
من قبلُ أن تنمو براعمُ وردهِ
من قبلُ أن يستيقظوا من شدوه
من قبلُ أن ترميه محضُ غزالةٍ
فيكابدُ الدنيا بعودةِ وجدهِ
من قبلُ أن تمضي به ساعاتُهُ
فيعودُ منهُ الرشدُ منفى رشدهِ
من قبلُ...كلُّ حكايةٍ...لمّا تزلْ
تروي له عطشَ الحسينِ وولدهِ
*********
معنى ضفافِك غُلِّقتْ أبوابُها
ودنا الى ذبلِ الشفاهِ شرابُها
والكأسُ عنها، عن مواطنَ نبعهِ
يلتفُّ بالرؤيا لتدنو سحابُها
والرملُ طاحَ على الدماءِ فأورقتْ
منهُ السماءُ فظلّلت ْ أعنابُها
والريحُ في أسفارِها ...لمّا تزلْ:
في كربلاءَ محطّها وركابُها
***********
أطّرْتَ ذكرى الصبرِ في أيّامِه
وزرعْتَ قربَ البابِ صوتَ هيامِهِ
ومشيْتَ نحوه تستجيرُ بدمعةٍ
خرساءَ ..تحكي عن مدى إيلامهِ
ودخلْتَ في وردِ الكلامِ كمؤمنٍ
يستافُ وصلاً من عبيرِ كلامِهِ
فإذا بصبرِهِ خاشعاً...لمّا يزلْ :
حول الحسينِ وما جرى بخيامِهِ
**************
شجرٌ من الآلامِ دون شروقهِ
وخطاهُ تنمو في ظلالِ طريقهِ
فالبحثُ عن لغةِ الصدى لا ينتهي
دون اقترافِ الحزنِ في تحقيقهِ
نجمانِ من ضفة الشموعِ تراسلا
كتباهُ صمتاً في رؤى توثيقِهِ
فإذا أتاكَ فإنّه ...لمّا يزلْ :
في كربلاء َ ..يهيمُ في تصديقهِ
***********
يا رحلةَ المعنى طواكِ المستحيلْ
فالوردُ لا كالوردِ في المعنى الجميلْ
وأقلُّ ما يحوي كتابُكَ شاعراً
يطوي خطاكَ إذا استقرَّ بكَ الرحيلْ
فإذا مضى فيك البكاءُ وأورقتْ
ساعاتُهُ..فامضي ولا تدعِ الدليلْ
فهناك صبرٌ ثائرٌ...لمّا يزلْ :
في كربلاءَ ونبضهُ لا يستقيلْ
أحمد آل مسيلم