بسم الله الرحمن الرحيم
((اللهم صلى على محمد وال محمد وعجل فرجهم وهلك اعدائهم ))
واعلم يا أخي أن من شرط الإيمان التسليم والانقياد لآل محمد y بمعنى أن كلما يرد عليك منهم تتلقاه بالقبول مع انشراح صدرك به قال الله تعالى:﴿فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾(1)ومتى وجدت في نفسك حرجاً مما قضوا يعني ما انشرح صدرك بما ورد عليك في حقهم y فاعلم أن إيمانك مستودع يقيناً لا أصلي كما روي عن الصادق عليه السلام: من رأى برد إيماننا في قلبه فليكثر الدعاء لأمه حيث أنها لم تخن أباه فيه)(2).
يعني برد الإيمان بما يرد عليه منهم في حقهم لا مجرد الميل إليهم فإنه لا يسمى إيماناً لا حقيقة ولا مجازاً.
والحاصل يجب عليك التسليم لهم والرد إليهم عما ورد عنهم إن لم تطيقه ولا تقل هناك لم وكيف فإن قول شيء من ذلك يوجب الكفر كما روي عنهم y ما معناه:إن حديثنا صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه لإيمان، فما ورد عليكم من حديثنا فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله ورسوله وإلى العالم من آل محمد عليهم السلام وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشيء لا يتحمله فيقول والله ما كان هذا والإنكار هو الكفر.
وفي الأخبار:إن حديثنا صعب مستصعب خشن مخشوش فانبذوه إلى الناس نبذاً فمن عرف فزيدوه ومن أنكر فامسكوه لا يحتمله إلا ثلاثة(1) .الحديث.
وفي الحديث النوراني المروي عن أمير المؤمنين u:ولو قال شخص لم وكيف وبم لكفر وأشرك لأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
إلى أن قال u:من آمن بما قلت وصدق بما بينت وفسرت وأوضحت ونورت وبرهنت فهو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وهو عالم مستبصر قد انتهى وبلغ وكل من شك وعاند وجحد ووقف وتحير وارتاب فهو ناصب)) الحديث.
ويعجبني ذكر طائفة من الأخبار المستفيضة الدالة على وجوب الانقياد والتسليم لآل محمد y في هذا المقام. روي عن محمد بن الحسين بن الخطاب عن صفوان بن يحيى عن داود بن فرقد عن زيد الشحام عن أبي عبدالله u قال: قال لي: أتدري ما أمروا؟ أمروا بمعرفتنا والرد إلينا والتسليم لنا(2).
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن أبي أسامة عن زيد الشحام عن أبي عبدالله u قال: قلت له:إن عندنا رجلاً يسمى كليباً ولايخرج عنكم حديث ولا شيء إلا ويقول أنا أسلم فسميناه كليب التسليم قال فترحم عليه، وقال u: أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا فقال u: هو والله الإخبات قال الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ﴾.
عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبدالله بن الجارود عن الفضل بن يسار قال: دخلت على أبي عبدالله u أنا ومحمد بن مسلم فقال: ما لنا وللناس بكم والله نأتم وعنكم نأخذ ولكم نسلم ومن واليتم والله تولينا ومن تبرأتم منه تبرأنا منه ومن كففتم عنه كففنا عنه فرفع أبو عبدالله u طرفه إلى السماء وقال: والله هذا هو الحق المبين .
عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي عن عبدالله بن جندب عن سفيان بن السمط قال قلت لأبي عبدالله u: جعلت فداك: يأتينا الرجل من قبلكم يعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه فقال أبو عبدالله عليه السلام: يقول لك أني قلت الليل إنه نهار أو أنه ليل قلت: لا قال: فإن قال لك هذا فلا تكذبه فإنما تكذبني)(1).
وعنه عن أبي عبدالله u:إن من قرة العين التسليم لنا وأن تقولوا بكل ما اختلف عنا أو تردوه إلينا)(2).
وروي عن النبي w:كلما أسند إلينا لا تكذبوه ولا تجاسروا على رده وإنكاره قال: أبغض الناس إلينا من إذا عرض عليه حديث من أحاديثنا أنكره أو توقف فيه .
ففي هذه الأخبار التي ذكرنا من باب التسليم والانقياد لهم y والرد إليهم فيما لم يطيقوه كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد.
أسأل الله أن ينفع بها المؤمنين ويجعلها ذخيرة لنا يوم الدين بمحمد وآله الطاهرين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهـتدي لولا هدانا الله رب العالمين.
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علئ وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين بحق محمد وآله الطاهرين حيث أطلعتني على مراتب الحقيقة المحمدية ومقاماتها وعرفتنيها بالدليل لا بالتقليد وكشفت عن بصيرتي الغشاوة وجعلتني ممن تلقي ولاهم بالقبول .
بقول الشيخ محمد بن حسين بن علي الإحسائي
عرفت ولاهم بالدليل إفاضة*** فأخرجت من قاموس تيار فضلهم
وأرسيت آمالي بجود جوارهم ***فها أنا ضيف لهم أسأل القرى
يمنوا بإدخالي غداً في جوارهم ***عليهم سلام الله ما حول الهوى من المبدأ الفياض من غير تقليد
جواهر أخبار صحاح الأسانيد*** فأنجح به حيث استقر على الجود
حجما الضيف عن باب الكرام بمردود*** وأصلي وفرعي والدي ومولودي بقرع لعود أو بسمع على عود