|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 80546
|
الإنتساب : Mar 2014
|
المشاركات : 83
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
المهدي الموعود وغيبته في المتفق عليه من السُنّة
بتاريخ : 24-07-2014 الساعة : 02:49 PM
الى جانب الآيات الكريمة توجد بين أيدينا الكثير من الأحاديث الشريفة التي صحت روايتها عند أهل السنة والشيعة عن سيد المرسلين(صلى الله عليه وآله) بطرق كثيرة، تؤكد دلالات الطائفة المتقدمة من الآيات الكريمة وتفصل مجملاتها وتكمل الصورة التي ترسمها فيما يرتبط بالدلالة على وجود الإمام المهدي الموعود(عليه السلام) بالفعل وغيبته وتصرح بالمصداق الذي دلت عليه الآيات الكريمة بذكر صفاته العامة.
ونختار هنا نماذج من الأحاديث الشريفة المتواترة أو المستفيضة المروية بأسانيد صحيحة عند أهل السنة والمروية في الكتب الستة المعتمدة عندهم لأن الاحتجاج بها أبلغ، ولأن تفسيرها وتقديم المصداق المعقول لها غير ممكن إلا على ضوء عقيدة أهل البيت في المهدي المنتظر(عليه السلام) فيما يرتبط بعصرنا الحاضر خاصة; ولأن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، قد صرح في هذه الأحاديث المختارة بالأهمية القصوى التى تحظى بها مضامينها كما سنرى.
1 ـ حديث الثقلين
وهو من الأحاديث المتواترة، رواه حفاظ أهل السنة والشيعة بأسانيد صحيحة عن جم غفير من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عدَّ ابن حجر ـ من علماء أهل السنة ـ أكثر من عشرين منهم في كتابه الصواعق المحرقة[1] وعدَّ غيره من حفّاظ أهل السنة أكثر من ثلاثين صحابياً كما في سنن الترمذي[2]، وألّف الحافظ أبو الفضل المقدسي المعروف بابن القيسراني ـ وهو من كبار حفّاظ أهل السنّة ـ كتاباً خاصاً عن طرق هذا الحديث الشريف[3]. كما أثبتت العديد من الدراسات الحديثية تواتره بما لا يدع أي مجال للنقاش أو التشكيك، نظير ما فعل العلامة المتتبع المير حسين حامد الموسوي في موسوعة عبقات الأنوار وغيره من العلماء[4].
ويتضح من روايات هذا الحديث الشريف أن النبي المكرم (صلى الله عليه وآله) قد كرر مضمونه بعبارات وألفاظ متقاربة في عدة مناسبات، منها في يوم عرفة من حجة الوداع، وموقف يوم الغدير في طريق عودته منها وبعد انصرافه من الطائف، وفي الجحفة، وفي خطبة له في مسجده بالمدينة بعد عودته من هذه الحجة، وفي حجرته أيام مرضه (صلى الله عليه وآله) وقد امتلأت الحجرة بالصحابة[5]. وكل ذلك يكشف عن أهمية الوصية النبوية التي تضمنها الحديث بالنسبة للإسلام والمسلمين وإلا لما أولاها ـ وهو الحريص على المؤمنين الرؤوف الرحيم بهم ـ كل هذا الاهتمام في التكرار والتبليغ في تلك المواطن المهمة التي تجمع أكبر عدد من المسلمين، خاصة وأنه(صلى الله عليه وآله) كان يبادر لإعلان هذه الوصية ويؤكدها على الملأ العام دون أن ينتظر مَن يسأله عنها.
ويستفاد من بعض الروايات أن مضمون الوصية التي تضمنها هذا الحديث الشريف، هو الذي أراد رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) كتابته للمسلمين في الأيام الأخيرة من حياته المباركة عندما طلب أن يأتوه بكتف ودواة ليملي عليهم وصية لكي لا يضلوا بعده، كما ورد في نص حديث الكتف والدواة هذا المروي في صحيح البخاري[6] وغيره فمنعوه من ذلك ووقع الاختلاف فصرفهم كما في حديث رزية يوم الخميس المشهور دون أن يدون الوصية، إذْ يُلاحظ أن عبارة «لن تضلوا بعدي » المذكورة في حديث طلبه كتابة الوصية عبارة متكررة في حديث الثقلين أيضاً، كما تكررت وصيته بأهل بيته وعترته خيراً في حديث الثقلين وفي وصاياه في الساعات الأخيرة من حياته المباركة.
ويظهر من ذلك بوضوح أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أراد تسجيل مضمون الحديث الشريف في وثيقة نبوية حاسمة للجدال مدونة بحضور كبار صحابته قطعاً للجدال وتوكيداً للأمر. وكل ذلك يبيّن أن الموضوع الذي يتضمنه مهم للغاية وإلا لما أكد عليه هادي الأمم (صلى الله عليه وآله) بهذه الدرجة المشددة، وهذا الأمر يكشف عنه نص الحديث نفسه المصرح بأن العمل بالوصية التي يتضمنها هو سبيل النجاة من الضلالة بعده (صلى الله عليه وآله)... كما سيتضح أكثر خلال دراسة نصه.
كما أن ثبوت تواتر الحديث الشريف عند المسلمين كافة يجعل من الممكن الاستناد اليه في المسائل الاعتقادية كما هو ثابت في علم الكلام الاسلامي، لذا يمكن الاستناد اليه في قضية الإمامة .
اللفظ المتواتر : كتاب الله وعترتي
واللفظ المتواتر لهذا الحديث الشريف هو الذي ورد فيه ذكر القرآن الكريم وأهل بيت النبي أو عترته ـ صلوات الله وسلامه عليه وعليهم ـ كمصداق للثقلين والأمر بالتمسك بهما منجاة من الضلالة الى يوم القيامة، طبق ما رواه البخاري في كتابه التأريخ الكبير ومسلم في صحيحه والترمذي في سننه وكذلك النسائي في خصائصه وابن ماجه في سننه، وأحمد بن حنبل في مسنده، والحاكم في مستدركه وصححه على شرط الشيخين ووافقه في ذلك الذهبي، وغيرهم كثير[7]، وما أخرجه مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم هو قوله: «... قام رسول الله(صلى الله عليه وآله) فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر، ثم قال :
«أما بعد، أيها الناس، فإنما أنا بشر ويوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به... وأهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي »[8].
وأخرج الترمذي في سننه بسنده عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: « إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدودٌ من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما »[9].
وأخرج الحاكم في مستدركه ما نصّه:
«كأنني قد دعيت فأجبت، إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله
وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا [يتفرقا] حتى يردا عليَّ الحوض، إن الله مولاي، وأنا ولي كل مؤمن. مَنْ كنت مولاه فعليٌّ مولاه. اللهم وال من والاه وعادِ مَن عاداه »[10].
وأخرج ابن حجر في صواعقه ما نصّه :
« إني مخلفٌ فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فلا تقدموهم فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم »[11].
والألفاظ الأخرى التي أخرجها باقي الحفاظ مقاربة لهذه النصوص. وفي جميعها ورد الحديث بلفظ «كتاب الله وأهل بيتي»، وهو اللفظ المتواتر، لذا فلا اعتبار في مقابله باللفظ المحرف الذي استبدل عبارة « عترتي أهل بيتي» بكلمة «سنتي»، فأهداف هذا التحريف واضحة والإصرار على ترويجه ارتبط بمصالح الأمويين والعباسيين السياسية، يُضاف الى ذلك أن هذا اللفظ المحرف لم يُرو في المصادر المعتبرة[12]، وهو في أفضل الأحوال من روايات الآحاد الضعيفة التي لا تفيد علماً ولا عملاً خاصة في مسألة عقائدية مهمة كالتي يتناولها مضمون الحديث.
وحتى لو فرضنا صحة رواية هذا اللفظ المحرف ـ كما فعل ابن حجر في صواعقه ـ فانّ ذلك لا يعارض اللفظ المتواتر ولا ينقص من دلالته العقائدية المهمة، بل إن الجمع بينهما ممكن وهو يضيف تأكيداً لحقيقة أن سنة الرسول (صلى الله عليه وآله) هي عند أئمة عترته فهم العلماء بالكتاب والسنة، كما أشار لذلك ابن حجر حيث قال: «... وفي رواية « كتاب الله وسنتي » وهي المراد من الأحاديث المقتصرة على الكتاب لأن السنة مبينة له; فأغنى ذكره عن ذكرهما، والحاصل أن الحث وقع على التمسك بالكتاب وبالسنة وبالعلماء بهما من أهل البيت، ويُستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة الى قيام الساعة»[13].
دلالات الحديث على وجود الإمام
دلالات الحديث الشريف كثيرة، وقد استدل به العلماء لاثبات معظم مسائل الإمامة حسب مذهب أهل البيت (عليهم السلام)[14]، نقتصر هنا على ذكر أهمها ممّا يرتبط بموضوع بحثنا خاصة.
1 ـ صرّح الحديث الشريف بأن سبيل النجاة من الضلالة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، إنما يكون بالتمسك بالقرآن والعترة النبوية معاً : « ما إن تمسكتم بهما »، وليس بواحد منهما فقط، بمعنى أن التمسك بأحدهما لا يكون تاماً وحقيقياً ولن يضمن النجاة من الضلالة إلا إذا اقترن وقاد الى التمسك بالآخر، فلن يكون مدعي التمسك بأحدهما صادقاً في ادعائه لأنهما « لن يفترقا» .
2 ـ حدّد الحديث بوضوح هوية الثقل الثاني بقوله (صلى الله عليه وآله) : « عترتي أهل بيتي »، والعترة كما يقول علماء اللغة : «نسل الإنسان، قال الأزهري: وروى ثعلب عن ابن الأعرابي أن العترة ولد الرجل وذريته وعقبه من صلبه ولا تعرف العرب من العترة غير ذلك »[15].
وبهذا تخرج نساء النبي (صلى الله عليه وآله) من مصداق الحديث.
بل وحتى مع الأخذ بوصف « أهل بيتي » مجرداً تخرج نساء النبي من المصداق لما أخرجه مسلم في صحيحه في ذيل حديث الثقلين حيث وضّح راوي الحديث عن زيد بن أرقم المقصود عندما سألوه : «مَن أهل بيته، نساؤه؟ قال : لا وأيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل من الدهر ثم يطلقها فترجع الى أبيها وقومها . أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة من بعده»[16] .
[1] الصواعق المحرقة : 150 من الطبعة المصرية وقد صرح ابن حجر بتواتره.
[2] سنن الترمذي: 5/ 621 ـ 622 ـ مناقب أهل بيت النبي باب 32.
[3] أهل البيت في المكتبة العربية للسيد عبدالعزيز الطباطبائي : 277 ـ 279.
[4] أصدرت دار التقريب الإسلامية في مصر رسالة مفصلة ألفها أحد أعضاء الدار عن هذا الحديث استوفى فيها أسانيد الحديث في الكتب المعتمدة عند أهل السنة.
[5] الصواعق المحرقة لابن حجر: 148، أهل البيت في المكتبة العربية : 279.
[6] صحيح البخاري: 1/ 37، 4/ 31، 4/ 65 ـ 66، 5/ 137،، 7/ 9، 8/ 161 من طبعة دار الفكر المصورة عن طبعة استانبول وفي جميعها وردت عبارة «لن تضلوا بعدي» في الحكاية عن مضمون الكتاب الذي أراد كتابته.
[7] راجع تلخيص وتعريب السيد علي الميلاني للجزء الخاص بطرق حديث الثقلين من موسوعة عبقات الأنوار وقد طبع هذا التلخيص مرتين. الأولى في مجلدين والثانية في ثلاث مجلدات.
[8] صحيح مسلم : 4/ 1873.
[9] سنن الترمذي : 5/ 662.
[10] المستدرك على الصحيحين : 3/ 109.
[11] الصواعق المحرقة : 150، الفصل الأول / الآيات الواردة فيهم.
[12] راجع رسالة الثقلين الصادرة عن دار التقريب الإسلامية في مصر : 18 وراجع مناقشة السيد محمد تقي الحكيم لإعتبار هذه الرواية ضمن حديثه عن دلالات حديث الثقلين في فصل السنة من كتابه الأصول العامة للفقه المقارن.
[13] الصواعق المحرقة : 150.
[14] راجع مثلاً كتاب «حديث الثقلين»، تواتره، فقهه» للسيد علي الميلاني.
[15] المصباح المنير للفيومي : 391، مادة العترة.
[16] صحيح مسلم: 2/ 362.
|
|
|
|
|