الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
عن عائشة رضى الله عنها قالت لما ثقل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، واشتد وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين ابن عباس، تعني الفضل، ورجل آخر؛ قال عبيد الله: فأخبرت بن عباس بما قالت قال: فهل ندري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ قال: قلت لا! قال ابن عباس: هو علي! إن عائشة لا تطيب له نفسا بخير.رواه بن سعد فى الطبقات(2/232)
قال ابن عباس: هو علي! إن عائشة لا تطيب له نفسا بخير.
هذه الزيادة فيها نظر ؛ وذلك لما يلي:
كان علي رضي الله عنه يعاقب بالجلد والضرب على الكلام الذي فيه نيل من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما فقد ذكر ابن الأثير([43]) أن رجلين وقفا على باب الدار([44]) الذي نزلت فيه أم المؤمنين بالبصرة فقال أحدهما : جزيت عنا أمنا عقوقاً ، وقال الآخر : يا أمنا توبي فقد أخطأت – فبلغ ذلك علياً – فبعث القعقاع بن عمرو([45]) إلى الباب فأقبل بمن كان عليه ، فأحالوا على رجلين من أزد الكوفة وهما عجلان وسعد ابنا عبد الله فضربهما مائة سوط وأخرجهما من ثيابهما . ([46])
وقد وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فاطمة بصفات حميدة تبين قدرها ومنزلتها حيث أنها تشبه النبي صلى الله عليه وسلم هيئة وطريقة وسمتاً وخلقاً .
فقد روى الترمذي باسناده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً ([23]) وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث ([24]).
كما وصفتها رضي الله عنها بالصدق ومن كان هذا حاله أوصل إلى طريق الجنة ونعيمها فقد روى الحاكم باسناده إلى عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها ([25]).
وثبت عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، من قوله عنها رضي الله عنها :"إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة"(تاريخ الطبري 5/225).
ورد في مسند الإمام أحمد ، ومستخرج أبي عوانة:
559 - وحدثنا أبو قلابة ، وإبراهيم الحربي قالا : ثنا مسدد قال : ثنا يحيى بن سعيد قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن القاسم ، عن شريح بن هانئ ، سألت عائشة عن المسح على الخفين ، فقالت : سل عليا ؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألت : علي بن أبي طالب فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، وللمقيم يوم وليلة » حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم التيمي ، عن عمرو بن ميمون ، عن أبي عبد الله الجدلي ، عن خزيمة بن ثابت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين ثم ذكر مثله.
ورد في مصنف عبدالرزاق:
5029 - عبد الرزاق عن الاوزاعي عن مكحول عمن سأل عائشة في كم تصلي المرأة من الثياب ؟ فقالت له : سل عليا ثم ارجع إلي فأخبرني بالذي يقول لك ، قال : فأتى عليا فسأله فقال : في الخمار والدرع السابغ ، فرجع إلى عائشة فأخبرها فقالت : صدق.
ومن جهة أخرى :
فهناك اختلاف في الروايات فيما يخص تحديد الرجل الثاني.
قال ابن حجر:
قَوْله : ( اِسْتَأْذَنَ أَزْوَاجه أَنْ يُمَرَّض )
بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْح الْمِيم وَتَشْدِيد الرَّاء ، وَذَكَرَ اِبْن سَعْد بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ الزُّهْرِيّ أَنَّ فَاطِمَة هِيَ الَّتِي خَاطَبَتْ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُنَّ : أَنَّهُ يَشُقّ عَلَيْهِ الِاخْتِلَاف . وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَة أَنَّ دُخُوله بَيْتهَا كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ ، وَمَاتَ يَوْم الِاثْنَيْنِ الَّذِي يَلِيه . وَقَدْ مَضَى شَرْح هَذَا الْحَدِيث فِي أَبْوَاب الْإِمَامَة وَفِي كِتَاب الطَّهَارَة . وَذَكَرْت فِي أَبْوَاب الْإِمَامَة طَرَفًا مِنْ الِاخْتِلَاف فِي اِسْم الَّذِي كَانَ يَتَّكِئ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْعَبَّاس . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَة " فَخَرَجَ بَيْن الْفَضْل بْن الْعَبَّاس وَرَجُل آخَر " وَفِي أُخْرَى " رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أُسَامَة " وَعِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ " أُسَامَة وَالْفَضْل " وَعِنْد اِبْن حِبَّانَ فِي آخِره " بَرِيرَة وَنُوبَة " بِضَمِّ النُّون وَسُكُون الْوَاو ثُمَّ مُوَحَّدَة ضَبَطَهُ اِبْن مَاكُولَا وَأَشَارَ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَة ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ اِسْم عَبْد أَوْ أَمَة ، فَجَزْم سَيْف فِي الْفُتُوح بِأَنَّهُ عَبْد ، وَعِنْد اِبْن سَعْد مِنْ وَجْه آخَر " الْفَضْل وَثَوْبَان " وَجَمَعُوا بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات عَلَى تَقْدِير ثُبُوتهَا بِأَنَّ خُرُوجه تَعَدَّدَ فَيَتَعَدَّد مَنْ اِتَّكَأَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ : تَنَاوَبُوا فِي صَلَاة وَاحِدَة .
وقد تعدد هذا الموقف ، فربما نسيت أم المؤمنين من هو الرجل الثاني:
وقال ابن جر بعد الحديث التالي:
624 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا قَالَتْ
لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأُذِّنَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنْ الْوَجَعِ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَكَانَكَ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ قِيلَ لِلْأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ بَعْضَهُ وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا.
قَوْله : ( بَيْن رَجُلَيْنِ )
فِي الْحَدِيث الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيْ الْبَاب أَنَّهُمَا الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَمِثْله فِي رِوَايَة مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَاصِم الْمَذْكُورَة " وَجَدَ خِفَّة مِنْ نَفْسه فَخَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَنُوبَةَ " وَيُجْمَع كَمَا قَالَ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْبَيْت إِلَى الْمَسْجِد بَيْنَ هَذَيْنِ ، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى مَقَام الصَّلَاة بَيْنَ الْعَبَّاس وَعَلِيّ ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّد ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ مَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ أُسَامَة بْن زَيْد وَالْفَضْل بْن الْعَبَّاس . وَأَمَّا مَا فِي مُسْلِم أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ الْفَضْل بْن الْعَبَّاس وَعَلِيّ فَذَاكَ فِي حَال مَجِيئِهِ إِلَى بَيْت عَائِشَة .
ومن جهة ثالثة إذا افترضنا أن عائشة أم المؤمنين لم تذكر اسم علي رضي الله عنه لقضبها منه بسبب موقفه من حادثة الإفك ، لنفرض ، وأظن الأمر بعيد بعض الشيء؛ فيطيب لي أن أذكر أمرا يبين طبيعة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله فيما يلي:
فقد ورد في صحيح البخاري:
4827 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ.
فهذا تصرفها رضي الله عنها إذا قضبت ، أما أن تقصد أن تهضم حق أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب فلا ، والدليل ما سبق ذكره ، والموقف كان شديدا ، لو تفكر المتفكر فمن سيذكر كل شيء وخصوصا مثل الذي يدور عليه الموضوع ، وخصوصا زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم المحبة رضي الله عنها.
والله أعلى وأعلم وأحكم.
منقول بتصرف يسير
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
عن عائشة رضى الله عنها قالت لما ثقل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، واشتد وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين ابن عباس، تعني الفضل، ورجل آخر؛ قال عبيد الله: فأخبرت بن عباس بما قالت قال: فهل ندري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ قال: قلت لا! قال ابن عباس: هو علي! إن عائشة لا تطيب له نفسا بخير.رواه بن سعد فى الطبقات(2/232)
قال ابن عباس: هو علي! إن عائشة لا تطيب له نفسا بخير.
هذه الزيادة فيها نظر ؛ وذلك لما يلي:
كان علي رضي الله عنه يعاقب بالجلد والضرب على الكلام الذي فيه نيل من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما فقد ذكر ابن الأثير([43]) أن رجلين وقفا على باب الدار([44]) الذي نزلت فيه أم المؤمنين بالبصرة فقال أحدهما : جزيت عنا أمنا عقوقاً ، وقال الآخر : يا أمنا توبي فقد أخطأت – فبلغ ذلك علياً – فبعث القعقاع بن عمرو([45]) إلى الباب فأقبل بمن كان عليه ، فأحالوا على رجلين من أزد الكوفة وهما عجلان وسعد ابنا عبد الله فضربهما مائة سوط وأخرجهما من ثيابهما . ([46])
وقد وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فاطمة بصفات حميدة تبين قدرها ومنزلتها حيث أنها تشبه النبي صلى الله عليه وسلم هيئة وطريقة وسمتاً وخلقاً .
فقد روى الترمذي باسناده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً ([23]) وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث ([24]).
كما وصفتها رضي الله عنها بالصدق ومن كان هذا حاله أوصل إلى طريق الجنة ونعيمها فقد روى الحاكم باسناده إلى عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها ([25]).
وثبت عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، من قوله عنها رضي الله عنها :"إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة"(تاريخ الطبري 5/225).
ورد في مسند الإمام أحمد ، ومستخرج أبي عوانة:
559 - وحدثنا أبو قلابة ، وإبراهيم الحربي قالا : ثنا مسدد قال : ثنا يحيى بن سعيد قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن القاسم ، عن شريح بن هانئ ، سألت عائشة عن المسح على الخفين ، فقالت : سل عليا ؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألت : علي بن أبي طالب فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، وللمقيم يوم وليلة » حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم التيمي ، عن عمرو بن ميمون ، عن أبي عبد الله الجدلي ، عن خزيمة بن ثابت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين ثم ذكر مثله.
ورد في مصنف عبدالرزاق:
5029 - عبد الرزاق عن الاوزاعي عن مكحول عمن سأل عائشة في كم تصلي المرأة من الثياب ؟ فقالت له : سل عليا ثم ارجع إلي فأخبرني بالذي يقول لك ، قال : فأتى عليا فسأله فقال : في الخمار والدرع السابغ ، فرجع إلى عائشة فأخبرها فقالت : صدق.
ومن جهة أخرى :
فهناك اختلاف في الروايات فيما يخص تحديد الرجل الثاني.
قال ابن حجر:
قَوْله : ( اِسْتَأْذَنَ أَزْوَاجه أَنْ يُمَرَّض )
بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْح الْمِيم وَتَشْدِيد الرَّاء ، وَذَكَرَ اِبْن سَعْد بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ الزُّهْرِيّ أَنَّ فَاطِمَة هِيَ الَّتِي خَاطَبَتْ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُنَّ : أَنَّهُ يَشُقّ عَلَيْهِ الِاخْتِلَاف . وَفِي رِوَايَة اِبْن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَة أَنَّ دُخُوله بَيْتهَا كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ ، وَمَاتَ يَوْم الِاثْنَيْنِ الَّذِي يَلِيه . وَقَدْ مَضَى شَرْح هَذَا الْحَدِيث فِي أَبْوَاب الْإِمَامَة وَفِي كِتَاب الطَّهَارَة . وَذَكَرْت فِي أَبْوَاب الْإِمَامَة طَرَفًا مِنْ الِاخْتِلَاف فِي اِسْم الَّذِي كَانَ يَتَّكِئ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْعَبَّاس . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَة " فَخَرَجَ بَيْن الْفَضْل بْن الْعَبَّاس وَرَجُل آخَر " وَفِي أُخْرَى " رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا أُسَامَة " وَعِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ " أُسَامَة وَالْفَضْل " وَعِنْد اِبْن حِبَّانَ فِي آخِره " بَرِيرَة وَنُوبَة " بِضَمِّ النُّون وَسُكُون الْوَاو ثُمَّ مُوَحَّدَة ضَبَطَهُ اِبْن مَاكُولَا وَأَشَارَ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَة ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ اِسْم عَبْد أَوْ أَمَة ، فَجَزْم سَيْف فِي الْفُتُوح بِأَنَّهُ عَبْد ، وَعِنْد اِبْن سَعْد مِنْ وَجْه آخَر " الْفَضْل وَثَوْبَان " وَجَمَعُوا بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات عَلَى تَقْدِير ثُبُوتهَا بِأَنَّ خُرُوجه تَعَدَّدَ فَيَتَعَدَّد مَنْ اِتَّكَأَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ : تَنَاوَبُوا فِي صَلَاة وَاحِدَة .
وقد تعدد هذا الموقف ، فربما نسيت أم المؤمنين من هو الرجل الثاني:
وقال ابن جر بعد الحديث التالي:
624 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَذَكَرْنَا الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالتَّعْظِيمَ لَهَا قَالَتْ
لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأُذِّنَ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى فَوَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنْ الْوَجَعِ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَكَانَكَ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ قِيلَ لِلْأَعْمَشِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ بَعْضَهُ وَزَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي قَائِمًا.
قَوْله : ( بَيْن رَجُلَيْنِ )
فِي الْحَدِيث الثَّانِي مِنْ حَدِيثَيْ الْبَاب أَنَّهُمَا الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَمِثْله فِي رِوَايَة مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عَاصِم الْمَذْكُورَة " وَجَدَ خِفَّة مِنْ نَفْسه فَخَرَجَ بَيْنَ بَرِيرَةَ وَنُوبَةَ " وَيُجْمَع كَمَا قَالَ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْبَيْت إِلَى الْمَسْجِد بَيْنَ هَذَيْنِ ، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى مَقَام الصَّلَاة بَيْنَ الْعَبَّاس وَعَلِيّ ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى التَّعَدُّد ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ مَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ أُسَامَة بْن زَيْد وَالْفَضْل بْن الْعَبَّاس . وَأَمَّا مَا فِي مُسْلِم أَنَّهُ خَرَجَ بَيْنَ الْفَضْل بْن الْعَبَّاس وَعَلِيّ فَذَاكَ فِي حَال مَجِيئِهِ إِلَى بَيْت عَائِشَة .
ومن جهة ثالثة إذا افترضنا أن عائشة أم المؤمنين لم تذكر اسم علي رضي الله عنه لقضبها منه بسبب موقفه من حادثة الإفك ، لنفرض ، وأظن الأمر بعيد بعض الشيء؛ فيطيب لي أن أذكر أمرا يبين طبيعة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله فيما يلي:
فقد ورد في صحيح البخاري:
4827 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قَالَتْ فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ قَالَتْ قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ.
فهذا تصرفها رضي الله عنها إذا قضبت ، أما أن تقصد أن تهضم حق أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب فلا ، والدليل ما سبق ذكره ، والموقف كان شديدا ، لو تفكر المتفكر فمن سيذكر كل شيء وخصوصا مثل الذي يدور عليه الموضوع ، وخصوصا زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم المحبة رضي الله عنها.
والله أعلى وأعلم وأحكم.
منقول بتصرف يسير
|