السلام عليك يا نبض روحنا، ونو أعيننا، وشفيعة ذنوبنا، أيتها الباكية الراضية، وموكبك النوراني المهيب المتجول في حدقات أعيننا يمدها بأنوار الصلاة عليك حبيية قلوبنا
القول الأول أن فاطمة عليها السلام مدفونة في منزلها :
القول الأول أن فاطمة عليها السلام قد دفنت في منزلها ولم تخرج من حجرتها المعظمة وهذا هو الرأي الصحيح الذي دلت عليه الروايات المتعددة ومنها صحيحة البزنطي وهو المعتمد عليه من قبل الأئمة عليهم السلام ومن قبل علمائنا المحققين .
أقوال الأئمة عليهم السلام
1- قول الإمام الباقر عليه السلام
فقد روى ابن شبّه النميري البصري المتوفى 262هـ في كتابه تاريخ المدينة بسنده عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام قال :
(( دفن عليٌّ فاطمة رضي الله عنها ليلاً في منزلها الذي دخل في المسجد ، فقبرها عند باب المسجد ( [1] ) المواجه دار أسماء بنت حسين بن عبدالله بن عبيدالله بن عباس )) ( [2] ). وهذه الرواية إنما نعتمد عليها ونأخذ بها لأنها موافقة للروايت الصحيحة عندنا ، ومخالفة للروايات المشهورة عند العامة وابن شبّه لم يختر هذا القول حيث اختار الدفن في البقيع كما علق على هذا الخبر ، ونحن نأخذ بما روى وندع ما رأى .
2- قول الإمام الصادق عليه السلام
روى عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن نصر البزنطي قال : سألت الرضا عليه السلام عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أي مكان دفنت ؟
فقال : سأل رجل جعفراً عليه السلام عن هذه المسألة - وعيسى بن موسى حاضر - فقال له عيسى : دفنت في البقيع .
فقال الرجل : ما تقول ؟
فقال : قد قال لك .
فقلت له : أصلحك الله ، ما أنا وعيسى بن موسى ؟ أخبرني عن آبائك ! .
فقال : دفنت في بيتها . [3]
وروى ابن شبّه أيضا بسنده عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه كان يقول :
(( قُبِرَت فاطمة رضي الله عنها في بيتها الذي أدخله عمر بن عبدالعزيز في المسجد ))( [4] ).
وقال ابن شبّه بعد هذا الخبر وبعد أن نقل الروايات التي تقول أنها دفنت في البقيع والروايات الأخرى التي تقول أنها دفنت في منزلها :
" فهذا ما حدثني به أبو غسان في قبر فاطمة ، ووجدت كتاباً كتب عنه يذكر فيه أن عبد العزيز بن عمران كان يقول : إنها دفنت في موضع فراشها ، ويحتج بأنها دفنت ليلاً ، ولا يعلم بها كثير من الناس " ( [5] ).
3- قول الإمام الرضا عليه السلام
روى الشيخ الطوسي بسند صحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : سألت أبا الحسن ( الرضا ) عليه السلام عن قبر فاطمة عليها السلام ؟
فقال : دفنت في بيتها ، فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد ) ( [6] ).
فقد رواها الشيخ الطوسي في التهذيب عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري عن البزنطي وطريق الشيخ إلى الأشعري صحيح بالاتفاق [7]
أقول : وصححه المجلسي في ملاذ الأخيار ج 5 ص 481
وروى هذه الرواية أيضاً الشيخ الكليني في الكافي ج 1 ص 461 كتاب الحجة باب مولد الزهراء فاطمة عليها السلام حديث 9 ورواه الشيخ الصدوق في كتبه من لا يحضره الفقيه ج1 ص 229 باب فضل المساجد باب 37 حديث 684 مرسلا وعيون أخبار الرضا ج 1 ص 278 حديث 76 باب 28فيما جاء عن الإمام علي بن موسى عليهما السلام من أخبار متفرقة وفي معاني الأخبار ص 268 وفي السند سهل بن زياد الآدمي وعنهم الحر العاملي بأسانيد مختلفة [8]
4- قول الإمام الهادي عليه السلام
قال : السيد ابن طاووس في الإقبال وأنها مدفونة مع أبيها : " ماسئل عنه مولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام قال فيه ماهذا لفظه ، أبو الحسن ابراهيم بن محمد الهمداني قال : ( كتبت إليه إن رأيت أن تخبرني عن بيت أمك فاطمة عليها السلام ، أهي في طيّبة أوكما يقول الناس في البقيع ؟
فكتب هي مع جدي صلى الله عليه وآله ) .
قلت أنا : وهذا النص كاف في أنها عليها السلام مع النبي صلى الله عليه وآله " ([9]) انتهى كلام السيد ابن طاووس :
وكلمة ( الناس ) التي جائت في الرواية هي اشارة من الأئمة وأتباعهم يريدون بها غير الموالين لهم فهذه الرواية تكشف عن وجود محاولة من غير الموالين لأهل البيت على الإصرار أنها مدفونة في البقيع ، ولكن الإمام يؤكد أنها مدفونة بجوار أبيها عليهما أفضل الصلاة والسلام
الرأي الصحيح لعلمائنا :
وأكثر علمائنا على هذا القول وأنها مدفونة في منزلها وأن هذا القول هو الصحيح ، وإليك بعض أسمائهم :
1- الشيخ الصدوق المتوفى 381 هـ قال :
( اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيدة نساء العالمين عليها السلام :
أ – فمنهم من روى أنها دفنت في البقيع .
ب – ومنهم من روى أنها دفنت بين القبر والمنبر وأن النبي ( ص ) إنما قال : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة لان قبرها بين القبر والمنبر .
ج – ومنهم روى أنها دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد.
وهذا هو الصحيح عندي ، وإني لما حججت بيت الله الحرام كان رجوعي على المدينة بتوفيق الله عز وجل فلما فرغت من زيارة النبي ( ص ) قصدت إلى بيت فاطمة عليها السلام وهو عند الاسطوانة التي يدخل إليها من باب جبرئيل عليه السلام إلى مؤخر الحظيرة التي فيها النبي ( ص ) ، فقمت عند الحظيرة ويساري إليها وجعلت ظهري إلى القبلة واستقبلتها بوجهي وأنا على غسل … ( [10] ).
فالشيخ الصدوق بالرغم من أنه نقل أن الروايات المتعددة ولذلك صارت الأقول ثلاثة إلا أن الرواية الصحيحة عنده هي التي صرحت أن قبرها في منزلها ويشير بذلك إلى صحيحة البزنطي عن الإمام الرضا عليه السلام- المتقدمة - .
وفي معاني الأخبار ص 268 بعد أن نقل مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة قال : والصحيح عندي في موضع قبر فاطمة عليها السلام ما حدثنا به أبي – رحمه الله – قال حدثني محمد بن يحيى العطار قال : حدثني سهل بن زياد الآدمي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : قال سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضاعليه السلام عن قبر فاطمة صلوات الله عليها فقال دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد .
2- السيد ابن طاووس :
ومن علمائنا الذين أصروا على أنها قد دفنت في منزلها ولم تخرج منه هو السيد رضي الدين ابن طاووس المتوفى سنة 664 هـ قال في كتابه الإقبال :
" والظاهر أن ضريحها المقدس في بيتها المكمّل بالآيات والمعجزات لأنها أوصت أن تدفن ليلا ولا يصلي عليها من كانت هاجرة لهم الى حين الممات وقد ذكر حديث دفنها وستره عن الصحابة ، البخاري ومسلم فيما شهدا أنه من صحيح الروايات ، ولوكان أخرجت جنازتها الطاهرة الى بقيع الغرقد أو بين الروضة والمنبر في المسجد ما كان يخفى آثار الحفر والعمارة عمن كان قد أراد كشف ذلك بأدنى اشارة ؛ فاستمرار ستر حال ضريحها الكريم يدل على أنها ما أخرجت من بيتها أوحجرت والدها الرؤوف الرحيم ويقتضي أن يكون دفنها في البيت الموصوف بالتعظيم كما قدمناه " ( [11] ) .
3- محمد ابن إدريس الحلي المتوفى 598هـ
قال في السرائر : ( وقد روي أن فاطمة عليها السلام مدفونة هناك – أي في الروضة – وقد روي أنها مدفونة في بيتها وهو الأظهر في الروايات ، وعند المحصلين من أصحابنا إلا أنه لما زاد بني أمية في المسجد صارت فيه ، وروي أنها مدفونة بالبقيع ويعرف ببقيع الفرقد ، وهو شجر مثل العوسج ، وحبه أشد حمرة من حبه ، وهذه الرواية بعيدة عن الصواب ) [12]
4- يحيى بن سعيد الحلي المتوفى 690 هـ
قال في الجامع للشرائع : ( ويزور فاطمة عليها السلام من هناك – أي من الروضة – فروي أنه مدفونة فيه . وروي في بيتها وهو الأصح ، وروي أنها في البقيع ، وهو بعيد ) [13]
5- وربما يظهر هذا القول من العلامة الحلي المتوفى 726 هـ في تحرير الأحكام ص 131 طبع قديم ومنتهى المطلب ج 2 ص 889 طبع قديم حيث حكى فيهما رأي الطوسي والصدوق بدون تعليق .
6- وربما يظهر هذا القول من الشهيد الثاني المستشهد عام 965 هـ حيث قال في المسالك ج 2 ص 383 قال :
( وقد روي أن قبرها عليه السلام بالروضة ، فلذلك استحب المصنف [ يعني المحقق الحلي ] زيارتها من عندها . ويظهر من تخصيصها اختياره ذلك .
وقد روي أن قبرها بيتها خلف أبيها صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو الآن في داخل المسجد ، وهو الذي اعتمد عليه الصدوق – رحمه الله – وجماعة .
وروي أنه بالبقيع . وسبب خفائه دفن علي عليه السلام لها ليلا من غير أن يشعر بها أحداً ؛ فينبغي زيارتها في المواضع الثلاثة ، وأفضلها بيتها .
وأبعد الإحتمالات كونها في الروضة ) .
7- السيد محمد بن علي الموسوي العاملي صاحب المدارك المتوفى 1009هـ :
قال في كتابه المدارك : " والأصح أنها دفنت في بيتها ، لما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ...... " ( [14] ).
8- المحدث محمد محسن الفيض الكاشاني المتوفى 1091 هـ قال في مفاتيح الشرائع ج 1 ص 398 مفتاح 448 ( وأن يزور فاطمة عليها السلام في بيتها وفي الروضة وفي البقيع ، وفي الصحيح : أنها دفنت في بيتها ، فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد )
فعين موضع الدفن في منزلها مع تعدد الزيارة في الأماكن الثلاثة .
9- العلامة المجلسي المتوفى 1111هـ :
قال : في كتاب المزار من البحار بعد نقل الأخبار المختلفة : ( الأظهر أنها صلوات الله عليها مدفونة في بيتها وقد قدمنا الأخبار في ذلك ولعل ، خبر ابن أبي عمير محمول على توسعة الروضة بحيث تشمل بيتها ويؤيده ما تقدم في زيارة النبي صلى الله عليه وآله من خبر جميل ...... ) [15]
وقال العلامة المجلسي في حياة فاطمة الزهراء عليها السلام :" قد بينا في كتاب المزار أن الأصح أنها مدفونة في بيتها"( [16] ).
وقال في ملاذ الأخيار ج 9 ص 23 ( الأظهر أنها صلوات الله عليها مدفونة في بيتها كما يظهر من الأخبار ) وفي ج 5 ص 481 صحح خبر دفنها في منزلها .
10- صاحب الرياض السيد علي الطباطبائي المتوفى في 1232 هـ حيث قال في رياض المسائل ج 7 ص 166 كتاب الحج بعد أن حكى القولين الأوليين أنها دفنت في الروضة والبقيع ، قال :
( والأصح وفاقاً للصدوق وجماعة أنها دفنت في بيتها ، وهو الآن داخل المسجد ، للصحيح : عن قبر فاطمة عليها السلام ؟
(( فقال : دفنت في بيتها ، فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد ))
وحملت الروايتان السابقتان على التقية ، مع عدم وضوح سندهما .
ولكن الأحوط زيارتها في المواضع الثلاثة كما في القواعد والدروس وغيرهما خصوصاً في بيتها ، ومن عند الروضة وهي بين القبر والمنبر ، كما ذكره الشيخ وغيره ) .
ويتضح من كلام السيد صاحب الرياض :
أ- أن مرسلة ابن أبي عمير التي فسرت بالدفن في الروضة والرواية الأخرى التي تقول بالدفن في البقيع محمولتان على التقية
ب- نص على أن قبرها في منزلها بلا تردد لصحيحة البزنطي .
ج- أنه فرق بين الزيارة والدفن فتزار في المواضع الثلاثة ولا يوجد هناك تناف في ذلك وإن كانت مدفونة في منزلها .
11- الميرزا حسين النوري المتوفى 1320 هـ في مستدرك الوسائل ج 10 ص 210 كتاب الحج باب 14 من أبواب المزار حيث اقتصر على نقل كلام السيد ابن طاووس في الإقبال ورواية الحميري في قرب الإسناد . اللذان يدلان على القول الأول وقد تقدم الحديث فيهما .
12- السيد محسن الأمين صاحب أعيان الشيعة المتوفى 1371 هـ
قال : واختلف في موضع دفنها فقيل دفنت في بيتها وهو الأصح الذي يقتضيه الاعتبار . وقيل دفنت بالبقيع وسوى علي عليه السلام حول قبرها قبوراً مزورة حتى لا يعرف أحد موضعه .[17]
وقال في مفتاح الجنات ج 2 ص 20 تحت عنوان : موضع قبرها الشريف
( وقد اختلف العلماء في محل قبرها الشريف فقيل في الروضة بين القبر والمنبر ، وقيل في البقيع عند أئمة البقيع ، وقيل في بيتها وهو الأصح )
13- وقال الشيخ عباس القمي المتوفى 1359هـ بعد أن نقل القولين الأوليين قال : (( والبعض قال : أنها دفنت في منزلها وهو أصح الأقوال حيث دلت على ذلك الروايات الصحيحة )) ( [18] ).
وقال في منتهى الآمال : ( وقع الخلاف في قبرها عليها السلام قيل إنه بالبقيع جنب قبور الأئمة عليهم السلام وقيل إن قبرها بين قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وبين منبره لقوله : بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة . وقيل إنها دفنت في بيتها وهذا أصح الأقوال كما تدل عليه الروايات الصحيحة ) [19]
وان كان في المفاتيح رجح زيارتها في خصوص الروضة أو في المواضع الثلاثة - . مما يدل على عدم التنافي بين القول بدفنها في منزلها ، والقول بزيارتها في الروضة أو في المواضع الثلاثة .
14- ويظهرهذا القول من السيد أحمد الخونساري المتوفى في جامع المدارك ج 2 ص 554 حيث قال : وفي صحيح البزنطي الذي رواه المشايخ الثلاثة بل رواه الصدوق منهم في الفقيه والعيون ومعاني الأخبار (( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قبر فاطمة عليها السلام قال : دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد ))
هذا رأي علماء الشيعة في دفن السيدة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام في منزلها .
وقال بعض علماء السنة أيضا أنها مدفونة في منزلها منهم العز بن جماعة وقال : إنه أظهر الأقوال ، وهو أنه في بيتها ، وهو مكان المحراب الخشب اللذي داخل مقصورة الحجرة الشريفة من خلفها ، وقد رأيت خدام الحجرة يجتنبون دَوْس ما بين المحراب المذكور وبين الموضوع المزور من الحجرة الشريفة الشبيه بالمثلث ، ويزعمون أنه قبر فاطمة رضي الله عنها
القول الثاني أنها مدفونة في الروضة :
ذكر ذلك في رواية مرسلة لمحمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام قال : (( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على تُرعة من تُرع الجنة ، لأن قبر فاطمة صلوات الله عليها بين قبره ومنبره ، وقبرها روضة من رياض الجنة وإليه ترعة من ترع الجنة )).[21]
وقال الصدوق بعد نقله لهذا الحديث : ( روي هذا الحديث هكذا وأوردته لما فيه من ذكر المعنى ، والصحيح عندي في موضع قبر فاطمة عليها السلام ما حدثنا به أبي ...... ) [22] ثم ذكر صحيحة البزنطي المتقدمة
من قال به من علمائنا :
1- الشيخ المفيد : وكونها مدفونة في الروضة هو صريح كلام الشيخ المفيد حيث قال : ( ثم قف بالروضة ، وزر فاطمة عليها السلام فإنها هناك مقبورة )( [23] ).
2- وربما يظهر هذا القول من الشيخ الطوسي في النهاية ص 287 كتاب الحج حيث قال ( ويستحب أن يصلي ما بين القبر والمنبر ركعتين فإن فيه روضة من رياض الجنة . وقد روي أن فاطمة عليها السلام مدفونة هناك . وقد روي أنها مدفونة في بيتها . وقد روي أنها مدفونة في البقيع . وهذا بعيد . والروايتان الأوليان أشبه وأقرب إلى الصواب . وينبغي أن يزور فاطمة عليها السلام من عند الروضة ) .
3- الفتال النيسابوري الشهيد في سنة 508 هـ : نقل عن بعض الأصحاب أنهم قالوا " ليس قبرها بالبقيع ، إنما قبرها بين رسول الله صلى الله عليه وآله ومنبره لا ببقيع الغرقد وتصحيح ذلك قوله عليه السلام : (( مابين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة )) انما أراد بهذا القول قبر فاطمة عليها السلام "( [24]).
4- المحقق الحلي :
قال : ( يستحب أن تزار فاطمة عليها السلام عند الروضة ) ( [25] ).
5- الطبري الإمامي في كتابه دلائل الإمامة :
قال و روي أنها قبضت لعشر بقين من جمادى الآخرة و قد كمل عمرها يوم قبضت ثماني عشرة سنة و خمسة و ثمانين يوما بعد وفاة أبيها ؛ فغسلها أمير المؤمنين و لم يحضرها غيره و الحسن و الحسين و زينب و أم كلثوم و فضة جاريتها و أسماء بنت عميس أخرجها إلى البقيع ليلا و معه الحسنان و صلى عليها و لم يعلم بها و لا حضر وفاتها و لا صلى عليها أحد من سائر الناس غيرهم
و دفنها في الروضة و عفى موضع قبرها و أصبح البقيع ليلة مدفنها فيه أربعون قبرا جديدا و لما علم المسلمون بوفاتها جاءوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعون قبرا فأشكل عليهم قبرا من سائر القبور فضج الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا لم يخلف فيكم نبيكم إلا بنتا واحدة تموت و تدفن و لم تحضر وفاتها و لا دفنها و لا الصلاة عليها بل و لم تعرفوا قبرها
فقال ولاة الأمر منهم هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها و نعين قبرها فبلغ ذلك أمير المؤمنين فخرج مغضبا قد احمرت عيناه و درت أوداجه و عليه القباء الأصفر الذي كان يلبسه في الكريهة و هو يتوكأ على سيفه ذي الفقار حتى أتى البقيع فسار إلى الناس من أنذرهم و قال هذا علي قد أقبل كما ترونه و هو يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف في رقاب الآمرين
فتلقاه الرجل و من معه من أصحابه و قال له ما لك يا أبا الحسن و الله لننبش قبرها و نصلي عليها فأخذ علي بجوامع ثوبه ثم ضرب به الأرض
و قال يا ابن السوداء أما حقي فقد تركته مخافة ارتداد الناس عن دينهم و أما قبر فاطمة فو الذي نفس علي بيده لئن رمت أنت أو أصحابك شيئا لأسقين الأرض من دمائكم فإن شئت فافعل يا ثاني
و جاء الأول و قال له يا أبا الحسن بحق رسول الله و بحق فاطمة إلا خليت عنه فإنا لسنا فاعلين شيئا تكرهه فخلى عنه و تفرق الناس و لم يعودوا إلى ذلك [26]
أقول الرواية عليها عدة ملاحظات :
1- مرسلة فلا اعتماد عليها
2- التناقض في مضمونها فمرة تقول خرجوا بها إلى البقيع ودفنت ومرة تقول دفنت في الروضة وعفي أثر القبر .
3- إذا كان الإمام على استعداد لأن يسقي الأرض من دمائهم فلا حاجة إلى تعدد القبور والتزوير كما تقول الرواية
4- هذه الرواية إذا حملناها على الدفن في البقيع تكون مخالفة لما تقدم من الروايات عن أهل البيت عليهم السلام ولأقوال علمائنا أجمع وقد قال الشيخ الطوسي ( وأما من قال أنها دفنت في البقيع فبعيد عن الصواب )( [27] ).
5- أن كلمة الأول والثاني والإشارة بها إلى بعض الصحابة اصطلاح متأخر ولم يكن مستعملا في زمان أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذه الرواية تتحدث على لسانه .
6- الكفعمي : الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي المتوفى 900 هـ
ربما يظهر منه في البلد الأمين والمصباح حيث ذكر أنها تزار في الروضة . حيث قال : تأتي البقيع فزر فاطمة عليها السلام .......
وقال : زيارة أخرى لها عليها السلام قف بالروضة وقل .....
انظر البلد الأمين ص 394
7- وقال الشيح عباس القمي في المفاتيح : ( ثم زر فاطمة عليها السلام من عند الروضة .
واختلف في موضع قبرها فقال قوم : هي مدفونة في الروضة ، أي ما بين القبر والمنبر ، وقال آخرون في بيتها ، وقالت فرقة ثالثة : انها مدفونة بالبقيع .
والذي عليه أكثر أصحابنا أنها تزار من عند الروضة ، ومن زارها في هذه الثلاثة مواضع كان أفضل ) ( [28] ) .وقد تقدم أنه رجح الدفن في منزلها .
بين الدفن والزيارة :
قد خلط كثير بين موضع زيارتها وبين موضع دفنها حيث أن الأول أعم
ومجرد ترجيح زيارتها في موضع معين كالروضة ، أو في المواضع الثلاثة أو الموضعين لا يدل على دفنها في خصوص ذلك المكان ، خصوصا مع عدم التمكن من زيارتها في منزلها المدفونة فيه أو لأنه وقع في المسجد . وقد قال الشيخ الطوسي ( .... والأفضل عندي أن يزور الإنسان من الموضعين جميعاً فإنه لا يضره ذلك ويحوز به أجراً عظيماً ، وأما من قال أنها دفنت بالبقيع فبعيد من الصواب ) ( [29] ).
وأنت ترى أن هذا القول قلّ من قال به من أصحابنا ، والذي عليه أكثر أصحابنا هو القول الأول وأنها دفنت في منزلها .
ورفض أكثر علمائنا أنها في الروضة منهم :
1- الشيخ الصدوق معلقاً على الرواية المتقدمة فقال : ( قد روى هذا الحديث هكذا وأوردته لما فيه من ذكر المعنى ، والصحيح عندي في موضع قبر فاطمة عليها السلام ما رواه أبي …) ( [30] )
وقد تقدمت صحيحة البزنطي في القول الأول .
2– السيد ابن طاووس :
فأن هذا القول استبعده علماؤنا المحققون ، وأنه لا يتناسب أن تدفن في هذا الموضع من المسجد كما فصل ذلك السيد ابن طاووس في ( الاقبال )
3- ورد هذا القول الشهيد الثاني المستشهد عام 965 هـ حيث قال في المسالك ج 2 ص 383 قال : ( وأبعد الإحتمالات كونها في الروضة ) .
وأبطل كونها في الروضة في حاشيته على القواعد للعلامة كما أشار إلى ذلك في كشف اللثام ج 1 ص 382 طبع قديم
ما دل على كون بيتها أفضل من الروضة :
فإن مستند القول الثاني في دفنها في الروضة هو الأفضلية لتلك البقعة فينتفي هذا القول بعد أن ثبت أن بيتها أفضل من الروضة ويتعين دفنها في منزلها .
بيتها أفضل :
فقد وردت الروايات المتعددة ومنها الصحيحة أن بيت علي وفاطمة أفضل من الروضة كما في صحيحة يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبدالله عليه السلام : (( الصلاة في بيت فاطمة عليها السلام أفضل أو في الروضة ؟
قال : في بيت فاطمة عليها السلام))( [31] ).
فهذه الصحيحة تدل على أن منزلها أفضل من الروضة ولا مجال للقول حينئذ بدفنها في الروضة ، بعد أن كان منزلها روضة من رياض الجنة ؛ فبيتها من البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه .
المترددون بين الدفن في منزلها أو الروضة :
1- الشيخ الطوسي المتوفى 460 هـ :
قال الطوسي : "وقد اختلف اصحابنا في موضع قبرها :
فقال بعضهم : إنها دفنت بالبقيع.
وقال بعضهم إنها دفنت في الروضة .
وقال بعضهم إنها دفنت في بيتها ، فلما زاد بنو أمية لعنهم الله في المسجد صارت من جملة المسجد .
وهاتان الروايتان كالمتقاربتين والأفضل عندي أن يزور الإنسان من الموضعين جميعاً فإنه لا يضره ذلك ويحوز به أجراً عظيماً ، وأما من قال أنها دفنت بالبقيع فبعيد من الصواب ( [32] ).
والشيخ الطوسي وإن قال بزيارتها في الروضة ومنزلها لأجل أن يتعدد الثواب لتعدد الزيارة في الموضعين إلا أنه هو الذي روى الرواية الصحيحة على دفنها في منزلها .
وقال في المصباح : ثم زر فاطمة عليها السلام من عند الروضة ، واختلف في موضع قبرها فقال قوم : مدفونة في الروضة ، وقال آخرون : في بيتها ، وقال فرقة ثالثة : هي مدفونة بالبقيع والذي عليهع أكثر أصحابنا أن زيارتها من عند الروضة ، ومن زارها في الثلاث الموضع كان أفضل [33]
ففي التهذيب قال بزيارتها في موضعين بينما هنا قال بزيارتها في ثلاث موضع ، وقال هناك أن الأفضل ويحصل ثواب أكثر والطبرسي – كما سوف يأتي- قال:
2- الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى 548هـ صاحب مجمع البيان في كتابه إعلام الورى بأعلام الهدى ص 186 .
قال : ( وأما موضع قبرها فاختلف فيه فقال بعض أصحابنا : إنها دفنت بالبقيع ، وقال بعضهم : إنها دفنت في بيتها فلما زادت بنوا أمية في المسجد صارت في المسجد ؛ وقال بعضهم : إنها دفنت فيما بين القبر والمنبر وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة .
والقول الأول بعيد ، والقولان الآخران أشبه وأقرب إلى الصواب ، فمن استعمل الاحتياط في زيارتها زارها في المواضع الثلاثة ) [34]
4- ابن شهر آشوب : قال : قال أبو جعفر الطوسي الأصوب أنها مدفونة في دارها أو في الروضة ؛ يؤيد قوله قول النبي صلى الله عليه وآله ( بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ) [35]
الجمع بين القولين
ويمكن الجمع بين القول الثاني أنها مدفونة في الروضة والقول الأول أنها مدفونة في منزلها من أن الجميع روضة
فقد روى الكليني في الصحيح عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير – والظاهر أنه ليث المرادي – عن أبي عبد الله عليه السلام قال : حد الروضة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله إلى طرف الظلال ، وحد المسجد إلى الأسطوانتين عن يمين المنبر إلى الطريق مما يلي سوق الليل ) [36]
و قال صاحب المدارك : والروضة جزء من مسجد النبي صلى الله عليه وآله وهي ما بين قبره ومنبره إلى طرف الظل ) [37]
قال صاحب الجواهر : ( ولعل ذلك يكون وجه جمع بين الخبرين ) [38] يعني صحيحة البزنطي ومرسلة ابن أبي عمير
وذلك بتعيين حدود الروضة وأنها شاملة لمنزل فاطمة عليها السلام كما احتمله أيضاً العلامة المجلسي . [39]
والنتيجة أنها مدفونة في منزلها ويطلق عليه روضة .
القول الثالث أنها مدفونة في البقيع
قال به قلة من علمائنا وأكثر علماء السنة منهم :
1- ابن سعد في الطبقات الكبرى
2- ابن شبّه النميري البصري المتوفى 262هـ في كتابه تاريخ المدينة ونقل روايات متعدة ومختلفة في موضع قبرها وأنها دفنت في منزلها أو في البقيع واختار أنها دفنت في البقيع . وقلده من تأخر عنه منهم .
3- ابن حجر في الإصابة ج 8 ص 268 رقم 11587
4- الذهبي في تاريخ الاسلام على ما حكي عنه
5- نور الدين علي بن أحمد السمهودي المتوفى 911 هـ في وفاء الوفاء ج 2 ص 906 حيث قال : ويتلخص مما تقدم أن المعتمد أن قبرها بالبقيع عند قبر الحسن .
فتلخص : أن ما ذكره علماء السنة من الأدلة على دفن الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام في البقيع ، غير تام ولا يوجد عليه رواية واحدة صحيحة صريحة حتى على مبناهم في علم الرجال .
وقال بعض العلماء منهم أنها دفنت في منزلها كما تقدم ، هذا فيما يرجع إلى رأي علماء العامة .
علماء الشيعة :
وأما بالنسبة إلى علماء الشيعة فيما يرجع إلى دفنها في البقيع وهو قول شاذ وإن نسبه الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي إلى بعض أصحابنا ، نعم ربما يظهر من بعضهم ذلك مثل :
1 – السيد المرتضى في كتاب عيون المعجزات كما نقله عنه صاحب البحار مرسلاً ( [40] ).
والجواب : أن هذا الكتاب ليس للسيد المرتضى بالرغم من ان صاحب البحار نسبه إليه ، حيث أن التحقيق أثبت عدم صحة نسبة الكتاب للسيد المرتضى ، ونقل ابن أبي الحديد في شرح النهج عن السيد المرتضى في الشافي ما يظهر منه أنها دفنت في البقيع ، ولكن هذا لا يعتمد عليه لأن السيد المرتضى ربما نقله من علماء السنة حيث لم يكن ذلك مسنداً وإنما كان مرسلاً .
2 - وابن شهرآشوب في المناقب حيث أرسل ذلك ارسالاً ( [41] ).
والجواب : ان ابن شهرآشوب لم يذكر مستند هذا القول ولعله نقله من علماء السنة كماهي عادته ولم يشر إلى المصدر .
3 - ونقل الفتّال النيسابوري في كتابه روضة الواعظين أنها لما توفيت عليها السلام : (( اجتمع الناس فجلسوا وهم يرجون وينظرون أن تخرج الجنازة ، فيصلون عليها ، وخرج أبو ذر فقال : انصرفوا فإن ابنة رسول الله ( ص ) قد أُخرّ إخراجها في هذه العشية ، فقام الناس وانصرفوا ، فلما أن هدأت العيون ، ومضى من الليل أخرجها عليٌ والحسن والحسين عليهم السلام وعمّار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذر وسلمان وبريدة ونفرٌ من بني هاشم وخواصه صلّوا عليها ودفنوها في جوف الليل وسوّى على حواليها قبوراً مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها )) ( [42] ).
1- ربما يتراء من هذه الرواية أوهذا القول أنها دفنت في خارج منزلها ، وهذا وأن لم يكن واضحاً كل الوضوح ، إلا أنه مع ذلك لا يمكن الاعتماد على هذه الرواية لأنها مرسلة.
2- أن الفتال النيسابوري يقول بالقول الثاني وهو الدفن بالروضة – كما تقدم - .
4- علي بن الحسين المسعودي المتوفى 346 هـ في مروج الذهب ج 2 ص 426 قال حول دفن الإمام الحسن عليه السلام : ( ودفن بالبقيع مع أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ) وذلك تبعا لعلماء السنة .
5 - ونقل الشيخ عباس القمي عن صاحب البحار قولاً بدفنها في البقيع قال : (( وقيل دفنها أمير المؤمنين عليه السلام بالبقيع وجدد أربعين قبراً فاستشكل على الناس قبرها )) ( [43] ).
وهذه الرواية مرسلة خصوصاً وأنه نسبها إلى القيل وهو يدل على التمريض ، وليس هذا رأيه وإنما رأيه أنها دفنت في منزلها .
والحاصل : أن القول بدفنها في البقيع إنما هو رأي أكثر علماء أهل السنة من الحديث وأرباب التواريخ ، لذلك قال أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي مشيراً إلى ذلك : ( الظاهر والمشهور مما نقله الناس وأرباب التواريخ والسير أنها عليها السلام دفنت بالبقيع ) ( [44] ). والمراد بالناس في كلامه أبناء العامة .
وهذا نقل لرأي أبناء العامة وليس اختياره لأن كلمة الناس تطلق على أبنا العامة .
وقد استبعد القول بدفنها في البقيع عدد من علمائنا الأبرار :
1- منهم الشيخ الطوسي المتوفى 460هـ في التهذيب قال : ( وأما من قال أنها دفنت في البقيع فبعيد عن الصواب )( [45] ). وكذلك في النهاية والمبسوط
2- محمد ابن إدريس الحلي المتوفى 598هـ
قال في السرائر : ( .... وروي أنها مدفونة بالبقيع ويعرف ببقيع الفرقد ، وهو شجر مثل العوسجد ، وحبه أشد حمرة من حبه ، وهذه الرواية بعيدة عن الصواب ) [46]
3- يحيى بن سعيد الحلي المتوفى 690 هـ قال : وروي أنها في البقيع ، وهو بعيد ) [47]
4- والعلامة الحلي المتوفى 726 هـ في تحرير الأحكام ص 131 طبع قديم ومنتهى المطلب ج 2 ص 889 طبع قديم [48]
5 - وقال صاحب الوسائل المتوفى 1104 هـ : هذا والروايات المشار إليها سابقاً ( [49] ) محمولة على التقية لموافقتها لاقوال العامة.
6- الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى 548هـ صاحب مجمع البيان في إعلام الورى بأعلام الهدى ص 186 .
قال : والقول الأول بعيد – يعني دفنها في البقيع –
7- العلامة المجلسي : بعد ذكر مزار فاطمة بنت أسد أم الإمام أمير المؤمنين عليها السلام مع الأئمة عليهم السلام قال : ( فلا يبعد أن يكون الموضع الذي يزور الناس فيه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله في قبة أئمة البقيع هو موضع قبر فاطمة بنت أسد رضي الله عنها ) [50]
7- السيد علي الطباطبائي صاحب الرياض – بعد أن حكى القول بأنها مدفونة في الروضة ) قال : ( وقيل في البقيع لرواية أخرى ، واستبعدها جماعة ، كالشيخ في الهذيب والنهاية والمبسوط ، والفاضل في التحرير والمنتهى ، والحلي وابن سعيد في الجامع )
وحول الدفن في الروضة والبقيع قال ( وحملت الروايتان السابقتان على التقية ، مع عدم وضوح سندهما )
علماء السنة ودفنها في منزلها :
وأما رأي علماء السنة حول هذا القول فبعضهم روى هذا القول ، والبعض منهم قد ألف فيه كتاباً بهذا الخصوص .
كما ذكر ذلك ابن شبّه النميري البصري المتوفى 262هـ في كتابه تاريخ المدينة ( [51] ).
وإن كان ابن شبّه لم يختر هذا القول حيث اختار الدفن في البقيع كما علق على هذا الخبر ، ونحن نأخذ بما روى وندع ما رأى .
2 – روى ابن شبّه بسنده عن جعفر بن محمد أنه كان يقول :
(( قُبِرَت فاطمة رضي الله عنها في بيتها الذي أدخله عمر بن عبدالعزيز في المسجد ))( [52] ).
وقال ابن شبّه بعد هذا الخبر وبعد أن نقل الروايات التي تقول أنها دفنت في البقيع والروايات التي تقول أنها دفنت في منزلها :
" فهذا ما حدثني به أبوغسان في قبر فاطمة ، ووجدت كتاباً كتب عنه يذكر فيه أن عبدالعزيز بن عمران كان يقول : إنها دفنت في موضع فراشها ، ويحتج بأنها دفنت ليلاً ، ولا يعلم بها كثير من الناس " ( [53] ).
أقول : وإذا كان البعض من الشيعة ينكر دفنها في منزلها ويدعي أن موضع دفنها مجهول ، فهذا في الواقع إحداث قول رابع بلا دليل ونتمنى على من يدعي المجهولية أن يثبت ذلك بدليل علمي . وإلا من يعلم فهو حجة على من لا يعلم .
وإذا كان مدعي المجهولية يدعي أن مجرد الاختلاف هو الدليل على المجهولية فحينئذ كل المسائل الخلافية : في الفقه والعقائد والتاريخ وغيرها من المسائل التي وقع الخلاف فيها فحسب هذه النظرة لابد أن تكون مجهولة ويحكم عليها بالمجهولية وتلغى .
وإذا كانت المسئلة مجهولة عنده لعدم اطلاعه عليها فهل بالضرورة تكون مجهولة عند الآخرين ؟ إن هذا لشيء عجاب وعلم جديد .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين