لا يؤدي تناول كميات كبيرة جدا من السعرات الحرارية إلى زيادة خصر الجسم فقط، فقد افترضت دراسة حديثة أن تناول كميات عالية من السعرات الحرارية على مدى الزمن يزيد بالفعل من خطر فقدان الذاكرة، أو حدوث ضعف خفيف في الإدراك في أواخر العمر.
السعرات والإدراك
* وقد وجدت الدراسة التي عرضت بداية هذا العام أمام المؤتمر السنوي لأكاديمية علوم الأعصاب الأميركية، أن تناول ما بين 2100 و6000 سعرة حرارية يوميا قد يزيد إلى الضعف من خطر ضعف الإدراك الخفيف «mild cognitive impairment (MCI)» بين صفوف الأشخاص الذين بلغت أعمارهم 70 سنة فأكثر. وشملت الدراسة 1200 رجل وامرأة تراوحت أعمارهم بين 70 و89 سنة، الذين لم تظهر عليهم أي أعراض للخرف عند بداية الدراسة.
ويقول الدكتور غاد مارشال، الباحث في علم الأعصاب السلوكي في مستشفى يريغهام والنسائية في بوسطن التابعة لجامعة هارفارد، إن «هذه الدراسة تفترض أن زيادة تناول السعرات الحرارية ترتبط مع خطر متزايد في حدوث ضعف الإدراك في أواخر العمر - أي في المرحلة التي يكون الإنسان فيها معرضا فعلا لخطر متزايد في حدوث ضعف الإدراك، وبالدرجة الرئيسية بسبب الإصابة بمرض ألزهايمر».
إلا أنه يضيف مع ذلك، أنه لا تبدو واضحة تماما الرابطة التي تربط بين تناول السعرات الحرارية وصحة الدماغ في أواخر العمر، فقد أشارت دراسات أخرى مثلا إلى أن وجود قيمة عالية لمؤشر كتلة الجسم «BMI»، وهو مقياس لدهون الجسم يظهر النسبة بين طول الإنسان ووزنه، في أواسط العمر يرتبط مع حدوث معدلات متسارعة في تدهور الإدراك في أواخر العمر.
وعلى خلاف ذلك فقد ظهر أن قيمة مؤشر كتلة الجسم العالية في أواخر العمر ترتبط مع تدهور بطيء في الإدراك. ويقول مارشال إن «ذلك يمكن أن يكون ناتجا عن أن فقدان الوزن أثناء الحياة يرتبط بنتائج صحية أسوأ لعدد كثير من الأسباب».
عدد السعرات
* يعتمد تحديد عدد السعرات التي عليك أن تتناولها على عدد من العوامل، مثل عمرك، وزنك، مقدار نشاطك، والوضع الصحي العام لديك. وتذكر أنك ما لم تحرق عددا من السعرات الحرارية أكثر مما تتناول، فإنك ستكسب وزنا إضافيا. ولذا فإن كنت تحيا حياة خاملة فإن من المهم جدا التوجه للحد من عدد السعرات الحرارية المتناولة.
وبينما نلاحظ وجود أعداد كبيرة من الأشخاص البالغين الكبار ذوي الأوزان الزائدة الذين هم بحاجة إلى مراقبة عدد السعرات المتناولة، نجد الكثير من الآخرين وهم رقيقو البنية وأقل وزنا، وهم بحاجة إلى تعزيز أعداد السعرات الحرارية المتناولة في غذائهم، وذلك بتوظيف أغذية مساعدة مثل مشروبات البروتينات.
ويؤكد الباحثون على أنه لا ينبغي تفسير نتائج الدراسة الأخيرة على أنها توصيات لتجويع الأنفس أو الحد من تناول الغذاء إلى درجة تؤدي إلى حدوث نقص في الفيتامينات أو العناصر الغذائية.
وبينما لم تتوصل هذه الدراسة إلى نتائج مؤكدة حول نطاق عدد السعرات الحرارية الأمثل لصحة المخ، فإن الدكتور مارشال يقترح على البالغين من ذوي الأعمار الأكبر تناول أعداد من السعرات الحرارية تتراوح بين 1526 و2142 سعرة حرارية؛ «لأن هذا النطاق على الأكثر، يرتبط بانخفاض في خطر ضعف الإدراك أواخر العمر».
وسوف يكون بإمكان طبيبك مساعدتك في تحديد وزنك الصحي، بينما يمكن لخبير التغذية وضع خطط غذائية تتناسب مع مستويات السعرات الحرارية المتناولة وتنويع الأطعمة المحتوية على العناصر الغذائية اللازمة.
نوعية السعرات
* ويلاحظ الدكتور مارشال أمرا آخر، وهو أن حماية المخ من حدوث الخرف لا ترتبط بعدد السعرات الحرارية فقط، بل بنوعية السعرات أيضا. وهنا على وجه الخصوص تظهر أهمية النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، الذي يركز على تناول الأسماك، الخضراوات، البقول، زيت الزيتون، والحبوب الكاملة. ويرتبط هذا النظام الغذائي مع انخفاض في خطر ظهور ضعف الإدراك في أواخر العمر، إضافة إلى درئه تدهور الإدراك بسرعة لدى الأشخاص الذين ظهرت لديهم أعراض ضعف الإدراك فعلا.
ويقول مارشال إن حمض «DHA»، وهو أحد أحماض «أوميغا 3» الدهنية وأحد المركبات الرئيسية الموجودة في زيت السمك، أظهر دوره المساعد في نمو الدماغ، وقد استخدم هذا الحمض في صنع «حليب الرضاعة الصناعي». ويضيف أنه «في الحقيقة لم يظهر أن لحمض (DHA) وكذلك لزيت السمك الجنيس دورا مساعدا في علاج الأشخاص الذين أصيبوا فعلا بمرض ألزهايمر. ورغم عدم إجراء تجارب مراقبة عشوائية مماثلة للتدقيق فيما إذا كان زيت السمك (بالمقارنة مع الأدوية الوهمية) يساعد في درء الإصابة بمرض ألزهايمر، فإن الدراسات على السكان تشير إلى أنه قد يكون مفيدا في هذا الشأن».
ورغم أنه لم يثبت أن الحد من تناول السعرات الحرارية، أو تناول السعرات الصحية، يؤدي إلى انخفاض خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، فإن الدلائل قوية في هذا الصدد. كما أن الدلائل على أن حليب الرضاعة الصناعي يقي من الأمراض الأخرى - مثل مرض السكري وأمراض القلب - تبدو أقوى.