الاختلاف في المسائل الفرعية بين الفقهاء ليس خطراً، وإنما يكون خطراً إذا صار سبباً للنزاع الذي حذر الله منه بقوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين).
أو صار موجباً للتفرقة التي نهى الله عنها بقوله: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).
إن إخواننا أهل السنة وإن لم يعتقدوا كالشيعة بأن أئمة أهل البيت أئمة منصوص عليهم ولكن يحبونهم ويعتقدون في حقهم بأنهم أئمة في العلم والدين، وأنهم سادة لهم فضلهم في الأمة ومكانتهم في الاسلام. ولذا نحن نعتقد بأن المسلمين كلهم سنيون وكلهم شيعة. أما كونهم كلهم سنيين فأجل أنهم يعملون بسنة رسول الله. وأما كونهم كلهم شيعة فلأجل أنهم يحبون أهل البيت.
وأما بعد وفاة رسول الله وإن اختلف طريق الشيعة وطريق أهل السنة في الوصول إلى سنة رسول الله إذ الشيعة اعتقدوا بأن سنة أئمة أهل البيت موجب لتداوم سنة رسول الله، والسنة اعتقدوا بأن سنة الصحابة موجب لتداوم سنة رسول الله، ولكن هدفهما واحد ومشترك، وهو سنة رسول الله، فكلنا مسلمون.
قال الإمام الخميني رضوان الله عليه: ((والذين يثيرون الخلاف بين المسلمين ليسوا من السنة ولا من الشيعة)).
وقال قائد الثورة الاسلامية آية الله الخامنئي ـ دام ظله ـ : ((إن الذين يدعون إلى وحدة المسلمين ليسوا بأعداء الاسلام، وانهم يريدون الخير لأتباع دينهم...، وقال: اعلموا: أن أعداء الاسلام يتربصون بكم الدوائر للنيل من وحدتكم، فكونوا على حذر، لا تسمحوا لبروز الخلافات بينكم، حاذروا من الأمور الموجبة لها والتي يستطيع الأعداء أن يجعلوا منها مستنداً لزرع الفرقة...)).
إن المسلمين اليوم بأمس الحاجة إلى الوحدة، إذ أن وضعهم وسيرتهم تكون أخطر وأدق مما كانوا عليه زمان الصحابة والتابعين وتابعيهم الأوائل، إذ كلهم يعلمون أن سياسة أعداء الاسلام في هذا الزمان غير سياستهم في تلك الأزمنة، وذلك لأن سياستهم لا تقوم في زماننا على المعاهدة والمفاوضة والاتفاق والحب والبغض والصدق والكذب، بل تقوم على القوة للاستيلاء على ثروات المسلمين، وأن سياستهم لا تعتمد على أسس ثابتة ولا على منطق سليم، بل تتلون وتتغير وتتبدل حسب مصالحها ومطامعها وتتكيف حسب رغباتها.
سيئمحمد ابراهيم الجناتي
فقيه واستاذ للعلوم الدينية -ايران