|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 49895
|
الإنتساب : Apr 2010
|
المشاركات : 266
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
لا نسخ في القران
بتاريخ : 10-12-2011 الساعة : 09:54 PM
السيد الباحث / عدنان الجنيد
لا نسخ في القران
من المعلوم قطعاً أن كتاب الله تعالى هو الكتاب الذي [ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ] فصلت 42 . فهو المعجزة الخالدة والدستور الدائم ، فلا صلاح للمجتمعات البشرية إلاّ في ظلال تشريعاته ، ولا رقي لها إلا بالعمل بماجاء في آياته فهو دين عالمي صالح لكل زمان ومكان يسير مع المدينة جنباً إلى جنب لم يتغاير مع المدنية و التقدم بينما الديانات الأخرى عكس ذلك ، ولم يكن القرآن مقصوراً على طائفة معينة بل جاء ليشمل الإنسانية بكاملها قال تعالى: [هذا بيان للناس ] آل عمران :138.
فلم يخص ناساً دون آخرين فهو عالمي له الخلود والبقاء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لكن ـــ للأسف ــــ ذهب علماؤنا وفقهاؤنا إلى القول بنسخ آيات القرآن الكريم وبهذا أزالوا صفة القدسية والخلود والقدرة على الامتداد عن القرآن الكريم عملياً ــــ وإن كانوا يرفضونه نظرياَ ـــ وجعلوها في اجتهاد السابقين .
فالنسخ في نظرهم ـــ كما قال السيوطي في اتقانة (2/28) ـــ هو " الإزالة للحكم حتى لا يجوز أمتثاله " يعنى أن الآية المنسوخة ــــ التي تشمل على حكم من الأحكام ـــ تكون معطلة لا يعمل بها لأنها نسخت بآية متأخرة . و هذا القول ــــ أي النسخ ــــ مخالف للقرآن الكريم , فالله يقول [ كتابُُ أحكمت آياته ..] ولم يقل نسخت آياته .. ويقول [ إنّ هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم ] الإسراء : 9 فكما أنه يُطلق على الكتاب كله قرآن كذلك يطلق على بعض آياته بأنها قرآن قال تعالى [ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ] البقرة : 185
ومعلوم أنه ابتدأ نزوله بآيات من القرآن لا كل القرآن . قلت ُ هذا لتعلم أن الآيات التي ذهبوا إلى نسخها هي قرآن لها هداية و إرشاد ودور فعّال . فإذا كانت منسوخة لا يُعمل بها يكون ذلك تكذيباً لقوله تعالى [ إن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم ] لأنها ستكون محنطة فكيف سنجني هدايتنا منها ؟!.
كذلك قوله تعالى: [ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ....] النساء : 82 أمرنا الله تعالى أن ننظر في هذا القرآن وليس النظر خاصاً بالمجتهدين الذين شرطوا فيهم شروطاً ما أنزل الله بها من سلطان قال تعالى [ كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ] ص :29 .
إذا فهمت هذا فكيف سنتدبر آيات القرآن وهي منسوخة لا عمل لها ؟
أليس قولهم بالنسخ يتنافى مع الآيات المذكورة أنفاً ؟!.
لقد دعانا الله في أكثر من آية إلى تدبر القرآن والسير على نهجه والعمل بمقتضاه وعدم هجره لكنّ الأمة هجرت كتاب ربها [ وقال الرسول يا ربي إن قومي أتخذوا هذا القرآن مهجوراً ] ففي هذه الآية يخبرنا الله عن رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم )بأنه يشكو من أمته بأنها هجرت القرآن .
وهجرانه ليس في عدم قراءته فحسب بل بعدم العمل به أو ترك العمل ببعض الآيات كالتى قالوا بنسخها . لقد تجرأ علماؤنا وفقهاؤنا على القول بنسخ مئات الآيات فأبطلوا اليقين بالظن ، ورجحوا الاجتهاد على النص ، وراحوا يأخذون بأقوال بعض التابعين ، دون تمحيص تام لرواياتهم حتى لقد أصبحت فكرة وجود الناسخ والمنسوخ في القرآن عقيدة مسلّم بها عند أكثر العلماء والباحثين . بل لقد أُلفت الكتب الكثيرة في علم الناسخ والمنسوخ وأصبح هذا الفن ــــ الذي ليس له أساس ـــ يدرس في الجامعات الإسلامية وفي معاهد القضاء وفي الحوزات العلمية والأربطة الدينية ويشار إليه ـــ باختصار ــــ في المناهج الدراسية لأبنائنا الطلاب . وهم كلهم مقلدون وعلى ما قال غيرهم يرتعون . وأنا من هذا المنبر الحر أتحدى جميع القائلين بالنسخ سنة وشيعة أن يأتوني بحديث صحيح ـــ بل حتى ضعيف ــــ يقول بأن النبي (ص) قال : بأن آية كذا منسوخة بآية كذا وأنة بطل حكمها ولا يجوز العمل بها .
لن يستطيعوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . علماً بأن السلف ــ إن صح عنهم القول بالنسخ ــ فإنما يقصدون به تخصيص العام وأما أستدلالهم بالنسخ بقوله تعالى [ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ] البقرة :105 . فهو استدلال باطل وعن الدليل عاطل فالآية تتكلم عن نسخ الشرائع ـــ كما قال سيدي الشيخ المجتهد محمد بن يحي الجنيد فهو السبّاق إلى هذا القول ــــ وسياق الآية التي قبلها يؤكد ذلك وهو قوله تعالى [ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ] البقرة : 104 . أي أن الكافرين من اليهود والنصارى وكذلك المشركين لا يحبون أن ينزل عليكم أدنى خير من ربكم وهذا الخير يتمثل في الآيات القرآنية التي نزلت ناسخة لبعض الآيات التي كان أهل الكتاب يتعبدون بها ويعملون بموجبها فعندما رأى أهل الكتاب نزول الآيات القرآنية تخالف شرعهم أخذهم الحسد, ولا عجب فالحسد طبعهم وقد أخبرنا الله عن حسد هم لهذه الأمة في أكثر من آية . لكنهم لا يعلمون بأن الله خص هذه الأمة بشريعة سمحة فيها يسر وتخفيف [ والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ] فمشيئته تعالى أقتضت ذلك ولكن أهل الكتاب من اليهود والنصارى لا يريدون هذه الخصوصية لهذه الأمة ـــ المحمدية ــــ التي خصها الله بهذه المزية ، وكأنهم يظنون أن الوحي لا يأتي بشرع غير الذي هم عليه فرد الله ـــ عقب هذه الآية مباشرة ـــ [ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ...] أي ما نزيل آية كانت في شريعة أهل الكتاب أو نجعلها بحكم المنسي " المتروك " [ نأت بخير منها ] أي بآية قرآنية فيها نفع للمجتمعات البشرية .
مثلاً كان في شرع أهل الكتاب النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ، هكذا كان الحكم عليهم في التوراة وقد حكى الله لنا ذلك عند قوله [ وكتبنا عليهم فيها ـــ أي على بني إسرائيل في التوراة ــــ أنّ النفس بالنفس والعين بالعين و .....] المائدة :45 . والدليل على قولنا ــ بأن هذا الحكم كان على أهل الكتاب ـــ هو الآية التي قبلها [ إن أنزلنا التوراة .... ] المائدة : 44 . فشريعتنا نسخت هذا الحكم بقوله تعالى: [ كتب عليكم القصاص في القتلى ـــ أي لا في الجرحى ـــ الحر بالحر والعبد بالعبد و ....] فأينما يرد قوله تعالى: (( كتبنا)) يعني به أهل الكتاب ، وأما ((كُتب)) فالمقصود به هذه الآمة وقوله [ أو مثلها ] أي موافقة لها . فهناك آيات في التوراة والإنجيل قد ذكُرت في كتابنا . ففي التوراة كما حكى الله لنا [ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار ....] إلى قوله تعالى: [ ذلك مثلهم في التوراة ] الفتح 29.
وفي الإنجيل [ ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه ...] الفتح : 29 إلى غيرها من الآيات الموجودة في كتب آهل الكتاب موافقة لما في كتابنا [ إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ] الأعلى :18ــ19
ويجوز أن يكون المراد من النسخ في الآية [ ما ننسخ من آية أو ننسها ..] هو نسخ الآيات الكونية لكن علماء نا ـ هداهم الله ــ ذهبوا إلى أن المراد من النسخ في هذه الآية إنما هو نسخ الآيات القرآنية .... فاعجب لقولهم هذا , فإذا كانت شريعتنا ناسخة فكيف نُنسخ ؟! .. لقد وصل بهم الأمر إلى أن قالوا بأن قوله تعالى: [ أليس الله بأحكم الحاكمين ] التين: 8 . منسوخة بآية السيف ويعنون بها قوله تعالى : [ فإذا أنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ...] التوبة : 5 .
نفهم من قولهم هذا بأن الله ليس بأحكم الحاكمين !! ــ نستغفر الله من ذلك ـــ وكذلك قولهم بأن قوله تعالى :[ وقولوا للناس حسنا ] منسوخة بآية السيف ونفهم ــ أيضاً ــ من قولهم هذا بأنه يٌمتنع علينا أن نقول للناس حسنا أو أن نتخلق معهم بالأخلاق الفاضلة , وقد ذهب إلى نسخ هاتين الآيتين ــ الآنفتين ــ هبة الله بن سلامة في كتاب " الناسخ والمنسوخ" في القرآن الكريم ص 134بل ذهب أبو بكر بن العربي ــ كما حكى عنه السيوطي في إتقانه [ 2/31] ــ إلى القول بأن (124)آية ـــ من آيات الدعوة ــ نُسخت بآية السيف ... فأي آية تدعو إلى الصفح والسلام فهي منسوخة بآية السيف !! .. ومن هذا الفهم العقيم أصبح المسلمون في نظر الغربيين " أرهابيين " فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
لا يوجد نسخ في القرآن إنما يوجد تخفيف ورفع مشقة ، فمثلاً في سورة المزمل فإن الآيات الأولى منها كانت دالة على وجوب قيام الليل ثم رُفع هذا الوجوب الذي فيه مشقة بآخر سورة المزمل بقوله تعالى :[ علم أن لن تحصوه فتاب عليكم ــ أي بأن رفع المشقة عنكم ــ فاقرؤوا ما تيسر من القرآن ] فأصبح قيام الليل مندوباً لمن أراد , و أُزيلت المشقة .
والآيات من هذا النوع تُعد بالأصابع , فإن أرادوا بالنسخ هذا المعنى فلا بأس .. أما ما ذهبوا إليه من تحنيط الآيات بحجة أنها منسوخة لا يعمل بها فهذا جهل فادح وخطأ واضح .. فأي جرم أكبر من تعطيل آيات من كتاب الله والحكم عليها بالإعدام ؟!.. وهل أنزل الله الآيات من أجل أن تعطل عن العمل وتصبح للترانيم فقط ؟!! أم أنه ــ جل شأنه ــ أنزلها للهداية والإرشاد , وأن نتدبر معانيها ونعمل بأحكامها !!.. .
لقد بحثت في جميع كتبهم ــ التي تُسمى بالناسخ والمنسوخ ــ علَّني أجد أدلة تقوي حجتهم في نسخهم للآيات القرآنية ولكن دون جدوى , حيث لم أجد إلا أقوالاً و آراءً واجتهاداتٍ لمن سبقهم .. هكذا أصبحت الأبنية الفكرية السابقة هي نهاية المطاف , و هذه مشكلة عويصة أُبتليت بها هذه الأمة .. تركوا كتاب الله وراحوا ينسخون بعضاً من آياته مستدلين باجتهادات بشرية أصبحت مقدسة بل ميزاناً , وكل من خالفها يعد من الخارجين ومن المبتدعين ولقد بلغت الجرأة بأحد فقهاء الحنفية " أبي الحسن الكرخي " أن قال : (( كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤول او منسوخ )) !! .
وكم من عبارات كهذه تصدر من علماء وفقهاء تفوح منها رائحة التقليد المقيت .
وبهذا نعلم أن الآيات التي ذهبوا إلى نسخها إنما نسخوها كونها تخالف رأي واجتهادات من يجلّونهم ويقد سونهم !!..
وعليه فإننا ندعو علماء الأمة أن ينتبهوا من سباتهم ويفيقوا من غفلتهم ويلتفوا حول كتاب الله تعالى وينبذوا ذلك التقليد الأعمى , ويقوموا بتفعيل الآيات ـــ التي زعم البعض بنسخها ــ ويزيلوا ذلك التعارض ــ الذي ظنه بعض طلاب العلم ـــ بين الآية المنسوخة والآية الناسخة , فكل آية تعمل , حتى وإن لم تعمل الآن ــ على حسب رأي البعض ــ فسيأتي زمن أهله أحوج إلى العمل بها , فالله تعالى هو العالم بأحوال وظروف البشر , وكتابه لم يكن مقصوراً على طائفة معينه بحيث تأتي طائفة أخرى فلا تجد نصيبها من كتاب ربها , وبهذا لن يكون عالمياً !!..
ونحن عندما قلنا بأن القرآن الكريم عالمي , فالمقصود بقولنا هذا أنّ عطاءه ــ أي القرآن ــ متجدد وخلوده مستمر .
ألا فاستمسكوا بهذا القرآن الكريم وسيروا على نهجه القويم ولا تأخذوا ببعضه , وتتركوا البعض الأخر فيحل عليكم من الله السخط العظيم .
ج
|
الصور المرفقة |
تحذير : يتوجب عليك فحص الملفات للتأكد من خلوها من الفيروسات والمنتدى غير مسؤول عن أي ضرر ينتج عن إستخدام هذا المرفق .
|
تحميل الملف
|
إسم الملف : IMG0062A.jpg
نوع الملف: jpg
حجم الملف : 96.9 كيلوبايت
المشاهدات : 201
|
|
|
|
|
|