بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
ما هي كتب علل الحديث؟ وأين يندرج كتاب العلل لأحمد بن حنبل؟
كان طلبة الحديث في بداية حركة التدوين يجلسون إلى الشيخ الذي يلقي عليهم من حافظته، ويبين لهم إضافة إلى السند والرواية بعض الاستدراكات والملاحظات والتصويبات مثل تبيان سنة موت فلان من الرواة، أو إدراك فلان الراوي لفلان وعدم إدراكه لفلان، أو روايته عن فلان مسندا وعن فلان منقطعا، إلى غير ذلك من الملاحظات والاستدراكات، مع سرد بعض القصص والتواريخ والأحداث، فيستفيدها طالب الحديث ويدونها في حاشية كتابه، أو تحت الحديث الذي يتم المناقشة فيه، فكانت هذه الملاحظات والاستدراكات والتصويبات بذرة لنشوء ما سمي بعد ذلك بالمسانيد المعللة.
ثم تطورت تلك البذرة لتصبح مشروعا أكثر استقلالية عن كتب المتون والرواية، فجمع البعض تلك الملاحظات والاستدراكات والتصويبات في كتاب أو كتب منفصلة عن متون الرواية وأسانيدها، فجمعت هذه الكتب كل ما يمكن جمعه عن الرواة من أخبار وقصص وأقوال، ابتداءً من اسمه وكنيته وتعدد الأقوال فيهما وفي سنة ولادته ووفاته وموطن سكناه ومحل إقامته وعمن روى ومن روى عنه وأخباره وقصصه مع حكام عصره وأقوال أقرانه فيه وتوثيق اللاحقين له، وانتهاء بذكر بعض رواياته وأخباره، وغير ذلك من المعلومات، ولعل أوضح مثال على هذا التطور هو كتاب طبقات ابن سعد وأشباهه من الكتب.
ثم تطور هذا النوع من المؤلفات لتظهر مؤلفات أخرى تقوم بحذف كثير من الأمور التي لا ربط لها بعملية تقييم الراوي ومروياته، ويقتصر فيها عرض الأحاديث التي تطرقت إليها العلل، ثم يتبع ذلك بيان حال الرواة، وجرحهم وتعديلهم، وقد كانت اغلب هذه الكتب عبارة عن سؤالات كان يوجهها احد تلاميذ الشيخ ويدونها الطالب ومن ثم تجمع في كتاب محدد، ككتاب سؤالات أبي داود وغيره من الكتب.
وكتاب العلل المنسوب إلى أحمد بن حنبل من هذا القبيل، فهو عبارة عن سؤالات وجهها إليه ابنه عبد الله بن أحمد بن حنبل فأجاب عليها أحمد.
ملامح عامة لكتاب العلل المنسوب إلى أحمد بن حنبل
أولا: لا يمكن نسبة هذا الكتاب لأحمد بن حنبل نفسه، لأنه ليس من تأليفه بل هو كما عرفنا سابقا عبارة عن أسئلة وجهها ابنه عبد الله إليه وأجابه عليها، أو هو إخبارات أخبر بها أحمد ولده عبد الله، ومتن الكتاب يدل دلالة واضحة على هذه الحقيقة فكثير من فقراته تبتدئ بالقول(حدثني أبي) أو (أخبرني أبي) أو وجدت بخط أبي، والقائل حتما هو عبد الله بن أحمد بن حنبل، ولو كان الكتاب لأحمد بن حنبل لقبح أن يقول حدثني عبد الله ابني عني أني قلت كذا وكذا.
ثانيا: ولو أردنا مزيدا من الدقة لوجب علينا الحكم بأن كتاب العلل هو ليس من كتب أحمد بن حنبل ولا من كتب ابنه عبد الله بن أحمد بن حنبل، بل هو من كتب أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، لان الصواف هذا هو الذي روى ودون أقوال عبد الله بن أحمد بن حنبل، لان الموجود على ظهر النسخة المخطوطة لكتاب العلل المنسوب إلى أحمد بن حنبل هو: (كتاب العلل ومعرفة الرجال عن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل. رواية أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف. عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل. عن أبيه. سماع عبيد الله بن أحمد). (راجع مقدمة التحقيق لكتاب العلل لأحمد بن حنبل ج1 ص85 تحقيق وتخريج الدكتور وصي الله بن محمد عباس).
وكدليل آخر على كون كتاب العلل من تدوين محمد بن أحمد بن الحسن الصواف نرى أحاديث الكتاب تبدأ بقول الصواف: (حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد قال حدثني أبي ــ أحمد بن حنبل ــ رحمه الله...) (العلل لأحمد بن حنبل ج 1 ص 129) فلو كان الكتاب لعبد الله بن أحمد لقال حدثني أبي مباشرة.
نعم توجد أحاديث كثيرة تبدأ بعبارة (حدثني أبي) أو (أخبرني أبي) أو (سمعت أبي) وهي غلط وتدليس من محمد بن أحمد الصواف حيث حذف ما يشير إلى انه هو المحدث عن عبد الله بن أحمد عن أبيه أحمد، وليس عبد الله عن أبيه مباشرة.
ثالثا: ان محمد بن أحمد بن الحسن الصواف لا يروي العلل التي ذكرها أحمد بن حنبل لابنه عبد الله فقط، بل يذكر معها عللا أخر رواها عبد الله بن أحمد عن شيوخ آخرين غير أبيه، مثل قول الصواف: (حدثنا عبد الله ــ يعني ابن أحمد بن حنبل ــ قال حدثنا هارون بن معروف...). (المصدر السابق ص140).
وقوله: (حدثنا عبد الله قال ــ يعني ابن أحمد بن حنبل ــ حدثني محمد بن سلام الجمحي...). (المصدر السابق ص 251).
وقوله: (حدثنا عبد الله ــ يعني ابن أحمد بن حنبل ــ قال حدثنا عمرو بن محمد الناقد...). (العلل لأحمد بن حنبل ج1 ص270).
وقوله: (حدثنا عبد الله قال حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي...). (المصدر السابق ص272).
إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة، مما يعني أن هذه العلل وإن كانت أكثرها لأحمد بن حنبل إلا أن الآخرين يشاركونه فيها أيضا، فلا يمكن والحال هذه نسبة الكتاب إليه وتخصيصه به.
لماذا نثير هذه الموضوعات الحساسة؟
وهذا الموضوع ما كنا لنثيره ونتعرض له لولا تلك الهجمة الشرسة التي تتعرض لها مدونات الشيعة وكتبهم الروائية من قبل كثير من علماء أهل السنة ومحدثيهم ومثقفيهم، وبالخصوص تلك الهجمات التي تشنها الفرقة الوهابية المارقة، فيكون إثارة هذا الأمر بناءً على هذا ردا ودفاعا عن أهم مقدساتنا، لان مدوناتنا الروائية هي التي نقلت جميع الكلمات والأحاديث والعقائد والأحكام التي ورثناها عن أهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فضربهم لها وحربهم عليها معناه ضرب جميع تلك الأحكام والعقائد والأحاديث، كما ان الدفاع عنها يعد بمنزلة الدفاع عن جميع تلك الأمور المهمة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
أحسنتم ,,,
فلو ارادوا ان يستغنوا عن اصاله الشهره لكتبهم الروائيه لا يبقى لهم كتاب فكل كتبهم لم تصل لهم عن طريق معتمد
والاصل هو الشهره لا غير ,,,
واما الدس والتحريف فهذا امر وارد فهل لهم كتاب لم يدس فيه ؟ نعم الا كتاب الله لم يدس فيه