دور الإمام المهدي (ع) أثناء الغيبة في حياتنا العملية
بتاريخ : 07-01-2015 الساعة : 11:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
دور الإمام المهدي عجل الله فرجه في حياتنا العملية
ألقى سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي محاضرة في السابع من جمادى الثانية عام 1424 هـ بعنوان: دور الإمام المهدي عجل الله فرجه في حياتنا العملية.. وهنا نقدم لكم تقريراً مفصلا عن هذه المحاضرة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
مقدمة
إحدى البحوث المهمة التي وقعت محلاً للتساؤل منذ العهود الماضية إلى يومنا هذا، هي مسألة دور الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) في عصر الغيبة، وهي بالإضافة إلى طابعها العقائدي تحمل طابعاً عملياً وترتبط بسلوكنا منذ أن نفتح أعيننا في الصباح وإلى أن نغمضها عند النوم.
نتناول فيما يلي بعض أبعاد هذا الموضوع ضمن فصلين:
* الفصل الأول: دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في عهد الغيبة. وهو بحث نظري.
* الفصل الثاني: كيف نستفيد من وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في زمان غيبته؟ وهو بحث عملي.
الفصل الأول: دور الإمام المهدي عجل الله فرجه
إن دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) هو أنه يمثل الحلقة الأخيرة المهيمنة والفاعلة والمؤثرة في عالم الإمكان.
لبيان هذا الدور نقدّم ثلاث مقدمات:
المقدمة الأولى: إن القرآن الكريم يثبت أدواراً في إطار عالم الطبيعة للأشياء، كما يثبت أدواراً للأشخاص.
هنالك أشياء في هذا العالم لها دور. وهناك أشخاص في هذا العالم لهم دور؛ نمثل لهما بمثالين:
المثال الأول للأشياء: نسأل: من هو الشافي؟ ويأتينا الجواب من القرآن الكريم أن الله تعالى هو الشافي؛ ﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾. (1)
حدثني أحد العلماء أنه كان يوجد في مدينة إصفهان طبيب معروف يسجّل أسماء مراجعيه من المرضى في ورقة عنده بعد أن يكتب لهم الوصفة الطبية، لكي يدعو لهم في صلاة الليل، وكان يقول: إنني أعتقد أن الأدوية عوامل ظاهرية وأن الشفاء حقاً بيد الله تعالى، ولذلك أكتب أسماء المرضى الذين يراجعونني كي أدعو لهم في صلاة الليل وأطلب شفاءهم من الله تعالى، فهو الشافي وما الأطباء والأدوية إلا أسباب ظاهرية.
ولكننا نلاحظ أن القرآن الكريم يثبت من جهة أخرى دور الشفاء لأشياء في هذا العالم. يقول الله تعالى عن العسل: ﴿فيه شفاء للناس﴾(2) هذا مع أن العسل ما هو إلا جماد يخرج من بطن حيوان، ولكن الله تعالى شاء أن يجعل فيه شفاءً للناس.
المثال الثاني للأشخاص: والقرآن الكريم يثبت التأثير لأشخاص، مع انا نعرف أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله. ونوضح ذلك بمثال أيضاً:
نسأل: من هو الذي يقبض الأرواح؟ فيأتينا الجواب من القرآن الكريم أن الله تعالى هو القابض للأرواح؛ يقول تعالى: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾(3).
ولكننا نلاحظ من جهة أخرى أن القرآن يثبت ذلك لغير الله تعالى أيضاً حيث يقول: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكّل بكم﴾(4). فهو تعالى ينسبه لملك الموت أيضاً.
كانت تلك المقدمة الأولى.
المقدمة الثانية: إن وجود الدور والتأثير للأشياء والأشخاص في هذا العالم لا ينافي القول بالتوحيد الأفعالي (وأن الله وحده هو الفاعل الحقيقي في هذا الكون).
وذلك لأن فاعلية غير الله تعالى فاعلية مكتسبة وغيرية، بينما فاعلية الله تعالى فاعلية ذاتية، ولا منافاة بين فاعليتين إحداهما ذاتية والأخرى غيرية.
المقدمة الثالثة: لا تنافي في عالم الطبيعة أيضاً بين الفواعل الطولية
فكما أنه لا تنافي بين فاعلية الله (التوحيد الأفعالي) والفواعل الطبيعية (الغيرية) فكذلك لا منافاة بين فاعلية طبيعية وفاعلية أخرى إذا كانتا طوليتين أي تقعان في طول بعضهما. أجل إذا كانت الفاعليتان عرضيتين ومستقلتين فهنا توجد منافاة لأنه يعني اجتماع علتين مستقلتين عرضيتين على معلول واحد، وهذا محال.
أما إذا فرضنا أن هاتين الفاعليتين ـ أو الفاعليات ـ كانت طولية أي أن بعضها يقع في طول بعضها الآخر فلا منافاة بينها.
ويمكن توضيح ذلك بمثال معروف عند أهل العلم: تقول: كتب قلمي وكتبت أناملي وكتبت يدي. قال تعالى: ﴿فويل لهم مما كتبت أيديهم﴾(5)، وتقول: كتبت، فهل ترى منافاة بين هذه الجمل أو بين الكاتبين؟ كلا بالطبع؟ وذلك لأن الروح الحقيقية التي كتبت هي روحك أنت، أما الفواعل الدنيا فإنما هي مؤثرة في طول فاعلية الروح التي تمثل الفاعلية الحقيقية والأخيرة في سلسلة الفواعل الطولية التي تندرج تحتها، ومن ثم فالفاعلية الأخيرة هي المؤثرة الحقيقية والمهيمنة على ما سواها من الفواعل الطبيعية والظاهرية.
النتيجة
إذا اتضحت هذه المقدمات الثلاث، نقول الآن: إن الإمام المهدي هو آخر فاعل في سلسلة الفواعل الطولية المؤثرة في عالم الإمكان، أو بتعبير آخر: إنه ـ عليه السلام ـ يمثل الحلقة الأخيرة في الفاعليات الطولية في إطار عالم الإمكان. توضيحه: أن هناك فاعلية في عالم الكون والإمكان جعلها الله في طول فاعليته تعالى وأمرنا أن نلجأ إليها.
من الممكن أن تأتي بعده علل وفاعليات أخرى في طوله تندرج تحته ـ كاللجوء إلى الطبيب والدواء في حالة المرض وغيرهما في غيره ـ وتكون مؤثرة بإذن الله تعالى، ولكن العلة الأخيرة والفاعلية الأعلى بعد الله تعالى في عالم الإمكان هي إرادة المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف. ماذا نقرأ في الزيارة التي رواها المحمدون الثلاثة وهم محمد بن يعقوب الكليني (في الكافي) ومحمد بن الحسن الطوسي (في التهذيب) والشيخ الصدوق (في من لا يحضره الفقيه)؟
نقرأ في زيارة أهل البيت عليهم السلام: «إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم»(6).
وهذا هو دور الامام المهدي في زمن حضوره وغيبته.
الفصل الثاني: كيف نستفيد من وجود الإمام المهدي عجل الله فرجه؟
بعد أن عرفنا دور الإمام المهدي في الفصل الأول يتبين الآن أهمية هذا الفصل؛ أي الاستفادة من وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لأنه هو الرجل الذي يملك أعلى قدرة في عالم الإمكان وهو الذي أعطاه الله مقاليد الكون.
ولكي يمكننا الاستفادة من الإمام المهدي (عجل الله فرجه) حق الاستفادة لابد من توفر أربع مقدمات نذكرها تباعاً.
المقدمة الأولى: الالتفات إلى النقص والقصور والفاقة والحاجة عندنا.
ونوضح هذه المقدمة ـ وهي مهمة جداً ـ بمثال: لو تصورنا أن شخصاً ما يعاني من داء عضال في بدنه ولكنه غير ملتفت له، فهل سيبحث عن العلاج؟ وهل سيتجه إلى الطبيب؟ لاشك أن للداء وجوداً واقعياً في بدنه، ولكنه ليس له وجود في ذهنه لكي يدفعه نحو التحرك للتخلص منه بأي سبيل!
يقول علماء الأخلاق إن من أعدى أعداء الفرد الشعور بالاكتفاء، لأن الذي يشعر أنه مكتف من الناحية العلمية أو الأخلاقية لا يرى مسوّغاً للتحرك نحو التكامل الخلقي أو طلب العلم.
وهكذا الشخص الذي يعتقد أنه لا يعاني من شيء ، ولا توجد عنده مشكلة ولا فاقة، لا يمكنه الاستفادة الكاملة من الوجود المبارك للإمام المهدي (عجل الله فرجه)، لأنه لا يتحرك نحوه بل يبقى ساكناً في مكانه، لعدم شعوره بالحاجة إليه لحل مشكلاته، لأنه يعتقد أنه لا مشكلة عنده في الأساس!
أما نحن فيرادونا الشعور بالحاجة في بعض الأحيان وفي لحظات الاضطرار كما لو تهنا في صحراء أو انكسرت بنا السفينة في البحر أو ابتلينا - أو أحد أعزائنا- بمرض مستعصي العلاج، أما أولياء الله سبحانه وتعالى فإنهم يشعرون دائماً بأنهم في حالة اضطرار وأنهم في حالة حاجة وفاقة.
ولذلك ترانا ننام من أول الليل إلى آخره لأنه لا يوجد شيء يؤرقنا. أما هم فـ﴿قليلاً من الليل ما يهجعون﴾. (7)
أرأيت من عنده مشكلة أو يهدده خطر، كيف لا يستطيع أن يخلد إلى النوم، فكذلك حال أولياء الله تعالى، لأنهم يشعرون بالخطر.
إننا نفهم الاضطرار في قول الله تعالى ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء﴾(8) أن يكون الشخص مريضاً أو عنده مريض. أما أولياء الله تعالى فيشعرون دائماً أنهم في حالة اضطرار، وهذا الشعور كامن في أعماقهم ولذلك يصفهم القرآن الكريم بقوله تعالى ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾(9) لأن حالة الاضطرار الباطنية لا تدعهم يستقرون.
روى أحد العلماء أن شخصين تصاحبا، وعندما حل الليل نام الأول ولم ينم الثاني. وبعد مدة استيقظ الأول فرأى صاحبه لم ينم بعد. فعاد للنوم مرة أخرى وعندما استيقظ أيضاً رأى صاحبه لم ينم بعد. وعندما سأله: لماذا لا تنام؟ قال في جوابه: كيف أنام ومن حولي كلهم يقظون يسبحون الله تعالى. ثم كشف له الغطاء فرأى جميع الأشياء تسبح بحمد الله!
تبلور مما تقدم أنه ينبغي لنا أن نحاول أن نُشعر أنفسنا بنقصها وحاجتها وفاقتها واضطرارها. وهذه هي المقدمة الأولى للاستفادة من وجود الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
المقدمة الثانية: التوجه إلى مصدر القوة والغنى والقدرة وهو الإمام المهدي عجل الله فرجه.
فليس الإمام بالفرد العادي بل هو الذي يمكن لنظرة واحدة منه أن تغيّر حالنا، فكما قلنا إن الله تعالى جعله وآباءه الطاهرين مظاهر مشيئته.
المقدمة الثالثة: محاولة إيجاد القابلية.
فإن القلب الملوث ليس له قابلية، وهكذا العين الملوّثة والأذن الملوّثة واليد الملوّثة و... وأولى مراحلها ـ وهي صعبة جداً ولكنها ممكنة ـ أن نتجنب ارتكاب الذنوب؛ ذنوب القلب والعين والأذن واللسان واليد و... فكما أن جهاز الراديو إذا حصل فيه أي عطب أو خلل أو قطع في أي سلك من أسلاكه يفقد القابلية على تلقي الأمواج الموجودة في الفضاء، فكذلك القلب إذا حصل فيه خلل فقدَ القابلية على تلقي الفيض الإلهي، فلابد أولاً من إصلاحه لإيجاد القابلية فيه.
حقاً عندما يراجع المرء تاريخ العلماء الماضين يجد دقة عجيبة في أحوالهم وورعاً واحتياطاً كبيرين.
فمما ينقل عن الحاج آقا حسين القمي (رحمه الله) أنه كان يحتاط حتى في تهديد طفله إذا صدر منه ما يستحق التهديد. فلم يكن يقول للطفل سأضربك أو سأؤدبك ـ مثلاً ـ إذا صدر منك العمل الفلاني، بل كان يستخدم عبارات من قبيل «من المحتمل أن أضربك» أو «هب أنني سأضربك» فكان يخاف أن تكون هنالك شبهة الكذب إن لم يصدر منه الضرب أو ما أوعده عليه، فمع أنه من غير المعلوم أن يتحقق الكذب لأنه يُقال إن الوفاء بالوعيد ليس واجباً، ولكنه كان يخشى مع ذلك أن تكون هناك شبهة كذب فكان يحتاط للأمر ويتجنب حتى الشبهة فيقول لطفله: "احتمل أنني سأضربك أو سأؤدبك" وما أشبه؛ لئلا تصدر منه كذبة. وهكذا كانوا يحتاطون لئلا تصدر منهم غيبة ولا نميمة ولا نظرة محرمة.
المقدمة الرابعة: الإلحاح والتوسل.
ينبغي لنا أن نتوسل ونلحّ حتى تشملنا العناية الإلهية، ونستفيد من وجود الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه.
النتيجة: ينبغي لنا أن نلجأ إلى الإمام (عجل الله فرجه) في حل كل قضايانا الدنيوية والأخروية والفردية والاجتماعية فهو الملاذ لنا في كل الشؤون والقضايا. وكما أن الله تعالى جعل الشمس مصدر الدفء والنور للإنسان في حياته المادية، ومن أدبر عنها حرم من الدفء والنور، فكذلك هو الإمام (عجل الله فرجه) جعله الله لنا مصدراً للدفء والنور في حياتنا المعنوية، وأوكل ـ سبحانه ـ إليه كل أمورنا وقضايانا. فمن توجه إلى غيره فإن الله لا يعبأ به.
فلنستحضر هذه المقدمات الأربع ولنحاول ونلحّ حتى نستفيد من وجود الإمام المهدي عليه السلام.
أمثلة على الاستفادة من وجود الحجة مادياً ومعنوياً
1- قضية السيد محمد باقر الدامغاني
ابتلي السيد محمد باقر الدامغاني - من علمائنا في مدينة مشهد المقدسة- بداء السل، واستمر يعاني منه أعواماً، ولم تفلح مراجعته للأطباء، بل استمرت حالته تزداد سوءاً وبدأ يضعف ويذوي حتى أن الأطباء لم يجدوا سبيلاً لعلاجه، ففقد الأمل أيضاً، وهذه حالة تجعل المرء يشعر بالانهيار حتى أنه قد لا يستطيع النهوض.
يقول: في يوم من الأيام قذفت دماً كثيراً من صدري، وشعرت بالألم، فجئت عند أستاذي الميرزا الإصفهاني ـ وكان في مشهد وله قضايا أيضاً مع الإمام الحجة عجل الله فرجه ـ فشكوت له حالتي وضعفي وفقدان أملي.
يقول: فجثا الميرزا على ركبتيه وقال لي معاتباً: ألست سيداً (هاشمياً)، فلماذا لا تلجأ إلى أجدادك الطاهرين؟ ألست من شيعة الإمام المنتظر، فلماذا لا تستنجد ببقية الله في الأرض حتى ينجيك مما أنت فيه؟ ألا تعلم أن أئمة أهل البيت هم أسماء الله الحسنى؟ ألم تقرأ في دعاء كميل: يا من اسمه دواء وذكره شفاء؟ قم واذهب إلى بقية الله (الإمام المهدي عجل الله فرجه) واطلب منه حل مشكلتك.
يقول: فأخذتني العبرة ورقّ قلبي ـ فإن الإنسان يرقّ قلبه إذا هجمت عليه المشاكل عادة ـ وأُلهمت أن أحسن مكان أذهب للقاء الإمام (عجل الله فرجه) فيه هو حرم الإمام الرضا عليه السلام.
وبعد أن دخلت الصحن العتيق رأيت فجأة أني أعيش في وضع آخر، فليس هو الوضع المعتاد، وبدا لي أني أعيش في عالم المكاشفة، لأني أدركت أن الناس العاديين غير موجودين وأن هناك جماعة قليلة العدد يمشون ويتقدمهم رجل ألقي في روعي أنه هو الإمام المهدي (عجل الله فرجه). وأحسست فجأة أنهم قد يغادرون قبل أن التقي الإمام وأنال بغيتي، ففكرت أن أنادي الإمام حتى يلتفت إليّ.
يقول: وبينما أنا كذلك - في هذا الخاطر- وإذا بذلك الرجل يلتفت إليّ وينظر إليّ نظرة واحدة بطرف عينه فقط ومن دون أن يكلمني أو أكلمه، وبدأ العرق يتصبب من بدني، وإذا بالصحن يعود بعد ذلك إلى حالته الطبيعية فلم أر الرجل ولا الجماعة التي كانت خلفه، ورأيت جموع الناس المعتادة، فرجعت إلى نفسي فإذا بي صحيح البدن معافى. فعدت إلى بيتي وقد تبدلت حالتي بالكامل فعشت أعواماً في صحة كاملة، كما شهد بذلك كثيرون.
وهذه القصة ليست قديمة جداً فربما تعود إلى زهاء ستين سنة قبل الآن.
2- وهناك قضية أخرى حدثت للحاج آقا حسين القمي، الذي ذكرنا لكم ورعه ودقته واحتياطه آنفاً.
وكان من شدة احتياطه أنه إذا سئل عن الوقت يقول في الجواب: افرض أنها كذا (التاسعة مثلاً) خشية أن لا يكون قوله مطابقاً للواقع!
نُقل عن أحواله أيضاً أنه كان يعتقد أن أقوى دعامة له في حياته هو وجود الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وعنايته وكان راسخ الاعتقاد أن هذه الدعامة هي التي تسنده وتنقذه وتنجيه.
وهذا هو الاعتقاد الحق، الذي يجب أن يكون ثابتاً عندنا كما كان عند الشيخ القمي، لا أن يكون موجوداً حيناً ومفقوداً في أحيان أخرى كما هو حال أغلب الناس مع الأسف.
(قال بعض العلماء ذهبت إلى مكان ما ورأيت بعض الأشياء فشككت في ديني، ولكني التقيت ثلاثة أشخاص فعاد إليّ إيماني، وأحدهم الحاج آقا حسين القمي).
أما قصة هذا العالم ورعاية الحجة (عجل الله فرجه) له فهي كالتالي:
كان (الحاج آقا حسين القمي) قد جاء إلى طهران في قضية البهلوي الأول وجهاده الكبير ضده، فحوصر فيها فلم يستطع الرجوع وانقطع به الطريق، ولم يكن لديه مال، فبعث له البهلوي بشيك أبيض يكتب هو فيه ما يعجبه، ولكنه (رحمه الله) رفض استلام الشيك من الرسول لأنها أموال الدولة وهو يحتاط فيها، رغم احتياجه الشديد والمبرم للمال وهو في تلك الحال. فقيل له: فكيف ستعيش؟ فقال: أنا أعتقد أن الإمام الحجة (عجل الله فرجه) لا ينسى رعيته.
(انظروا إلى إيمانه، فهو لم يقل إن الإمام لا ينسى جنوده مع أنه كان مرجعاً للتقليد أي جندياً للإمام، ولكنه قال: إن الإمام لا ينسى رعيته)!
فضحك بعض ضعاف الإيمان الذين كانوا حوله عندما سمعوا منه هذه العبارة. ولكن تلك الإرادة التي تقف وراء كل شيء وتهيئ الأسباب الظاهرية، هيأت له الأسباب ولم تتخلّ عنه! فكان هناك رئيس شرطة في مدينة ري الإيرانية (شهر ري) متأثراً به منشداً إليه لما رأى من أسلوبه في الحياة، فقام بمفاتحة بعض التجار في طهران ـ رغم ما كان في ذلك من خطر على حياته ـ ليكون وسيطاً لإيصال المال منهم إليه، ونجح في المهمة وحفظه الله من خطر محتم، لأن السلطة لو اكتشفت أمره لأعدمته، فلم تكن دولة قوانين وضوابط. ولكنه استطاع أن يدخل على السيد القمي بحجة من الحجج وكان يخفي المال في جورابه، وقال السيد القمي عندما قدم له الرجل المال: كنت أعلم أن الإمام لا ينسى رعاياه.
الخلاصة
إن الإمام لا ينسانا ولكن ينبغي أن لا ننساه نحن أيضاً، وكما قال الله تعالى: ﴿فاذكروني أذكركم﴾(10).
فكم مرة في اليوم نذكر الإمام المهدي؟ هل نذكره في قنوت صلواتنا؟ هل نقرأ كل يوم: اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن... الدعاء؟ وهل نبدأ باسمه عندما نبدأ ببحوثنا العلمية ونقول يا حجة الله أدركني.
أنا رأيت بعض الطلبة أول ما يريد كتابة بحوثه العلمية يقول يا حجة بن الحسن أدركني، فيبدأ أول بحثه باسم الله ثم الإمام الحجة، فيكتب يا معين ثم يتجه إلى الإمام الحجة أيضاً. وهذه حالة مهمة جداً ينبغي أن ننميها في أنفسنا.
هناك كتاب لطيف في مجلدين أدعو الإخوة المؤمنين لمطالعته وهو «مكيال المكارم في فوائد الدعاء للإمام».
فحري بنا أن لا نغفل عن الإمام عليه السلام، وأن ندعو له.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشملنا بألطافه وعناياته وأن لا يحرمنا فيضه وفضله ورحمته. وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. اهـ
أقول :
ولاتنس أخي القارئ آية : ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [التوبة:105]
القول المفيد على كتاب التوحيد
للعلامه ابن عثيمين
الجزء الثالث -ص305 ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب على بعض الأعمال { وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم وتعذر رؤيته، فالله يرى،ولكن رسوله لا يرى، فلا تجوز كتابته لأنه كذب عليه صلى الله عليه وسلم
أقول : إذا آمنتم أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يرى الآن أعمالنا بعد رحيله رغم وجود الآيه الكريمه الداله على هذا ستؤمنون بدور الإمام التشريعي وهو الذي يغيث الملهوف ويساعد من يتوسل به في الشدائد يدعو بالتسديد والتوفيق لمن أخلص لله العباده فهو يرى أعمالنا .
أنقل التالي :
غيبة الإمام المهدي عليه السلام و دوره في عصر الغيبة الكبرى
حوار مع سماحة الشيخ محمد السند (حفظه الله)
العلامة الاستاذ الشيخ محمد السند حفظكم الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بودنا اجراء هذا الحوار معكم والذي يتضمن الحديث عن افق القضية المهدوية وابعادها.
*الشيخ محمد السند:
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ارحب بكم واشكر جهودكم.
- المحاور : .. هل للمهدي المنتظر عليه السلام،نفوذ في حاكمية الامة في زمن الغيبة الكبرى ؟
*الشيخ محمد السند :
تقول مسيرة الانبياء والاوصياء عليهم السلام ان حكوماتهم ما زالت نافذة .. كسنن ابراهيم وحكومته (مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )، (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ). حيث ما زالت سنن ابراهيم التي سنها للبشرية تتحكم في قطاع واسع من البشرية،أي ان ابراهيم عليه السلام ما زال يدير و يدبر ، و هو الحاكم المتنفذ .
أي بعبارة اخرى مازال الانبياء, وسيدهم نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم حاكمين و متنفذين ومطاعة اوامرهم .
ان لغة الحكومة و الادارة والتدبير للمجتمعات البشرية ،لا تنحصر في الحكومات السياسية المعلنة _الصغيرة والكبيرة منها_،بل ان اقصرها عمرا هي الحكومة الرسمية المعلنة ، أما اوسعها فالحكومة العقائدية ،الحضارية ،الثقافية ، و حكومة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. فالإمام الصادق عليه السلام ما زال يتحكم في اتباعه ؛ لأنه اختط لهم منهجا ، ومسيرة ثقافية ،في مجالات عديدة تمدنية .
إن من بين أنواع الحكومة هي الحكومة الخفية . والحكومات الرسمية المعلنة ليست هي مصدر قوة هذه الحكومة، فمصدر قوة الحكومة في الادبيات السياسية الموجودة وهي قوى خفية فيها، تسمى المخابرات C.i.a أو عليهم السلام.j.b أو اسكوتلنديار (أو ما هو أخفى من هذه المؤسسات اكثر واكثر ، وكلما ازدادت الحكومة خفاء كلما ازدادت قوتها)، فهذا الخفاء هو مصدر قوة.
وان أية دولة بلا جهاز حاكم خفي . هي دولة معرضة للتهديد الاقتصادي والأمني، الثقافي، المالي وغيرها.
وان في كل الحقول البشرية عنصراً من عناصر الشريانية في الادارة هو الخفاء.
وهذا ما ينادي به الشيعة، من ألف و مئتي سنة في غيبة امامهم .
فالخفاء إذا ليس عنصر خرافة و اسطورة أو ما شابه ذلك..
- المحاور : هل أن عملية الاتصال به عليه السلام و توجيهه للامة تدخل ضمن دائرة الخفاء أو التغييب ؟
*الشيخ محمد السند :
جاء عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام (حتى اذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس ، وماج الناس بفقده ..) إلى ان يقول : (حتى اذا بقيت الأمة حيارى وتدلهت وكثرت في قولها ان الحجة هالك، والامامة باطلة ، فورب علي أن حجتها -يعني الإمام - قائمة ، ماشية في طرقها،داخلة في دورها و قصورها جوالة في شرق الأرض وغربها) اذا ليس الإمام مغيباً بمعنى أنه معدوم الوجود ، بل بمعنى خفي الهوية، وعبارة ( داخلة في دورها وقصورها ) تعني تحكم في كل البقاع والأماكن ،في شرق الأرض و غربها ، فان أمير المؤمنين عليه السلام يقول، إنه عليه السلام عنده سيطرة نفوذ في شرق الأرض وغربها مع خفاء هويته ، و عنصر القوة هو خفاء الهوية، وذلك إلى ان تظهر هويته ، وقد جاء في الروايات ان عندما يظهر الحجة عليه السلام يقول الناس اننا كنا نراه ، لكن لم نكن نعرفه _ليس فقط بشخصه_ بل حتى في الجهاز البشري الذي يديره بشكل خفي عليه السلام.
- المحاور : هل يمارس الإمام عليه السلام هذا الدور من خلال نوابه أو من خلال ايحاءات إلى قلوب البشرية ؟
*الشيخ السند : القرآن يطرح، أساليب للقدرة و التحكم في القدرات البشرية، ولأجل قيام الخليفة و الإمام عليه السلام بسنة الهية دائمة في درء الفساد البشري ، الصحي ، والأمني ، والأخلاقي.
جاء في سورة الكهف .. (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) ، فالقرآن يخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن خلاله المسلمين بأسلوب الرموز والخفايا..
وأحد هذه الأساليب هي قصة أصحاب الرقيم ، أصحاب الكهف .. ودعوتهم و منهاجهم وهو تحريك فطري من الله للذين اهتدوا إلى التوحيد ونبذوا الشرك.
وهذا المنهج متبع في خطاب الدول و القوى والقدرات ، ويسمى الايحاءات و الخواطر .. الجلاء السمعي و الجلاء البصري و الجلاء الفكري و التخاطر و غيره ، وهو مطروح حتى في ثقافة المسلمين.
ثم يطرح القرآن الكريم قصة الخضر ،ويستعرضها في وسط السورة {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا } ولا يعني هذا الاستعراض الا الدعوة الى الاسلام وهي احد الاجابات عن هوية دور الخضر.
وكل ذلك كان في الخفاء ، حيث يقول القرآن عن النبي موسى عليه السلام(فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا) .
أي هو عبد مأمور ، مخفي ، وهو تحفة للمهدي عليه السلام، وأنيس له كما في الروايات لدينا، وهو من ضمن شبكة المهدي عليه السلام والمهدوية ، وله لولبية خاصة في هذه الشبكة الخفية وسيظهر معه عليه السلام . (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) .
ثم يستعرض لنا القرآن الكريم ثلاث قضايا مارسها الخضر عليه السلام ، وهي ردع الظلم الاقتصادي ، الذي يؤثر في اقتصاد عامة البشركما في القصة الأولى وهي قضية السفينة وهي ليست سفينة باعتبارها سفينة ، بل المقصود منها الامن الاقتصادي البشري .
القصة الثانية قصة الصبي ، الذي لو قدر له أن يعيش لقطع نسل بيت نبي، فيعني ذلك أن الخضر يقوم بحركات مفصلية مصيرية خطيرة ،في الهداية البشرية وتمدنها.
القصة الثالثة هي قصة أصحاب الجدار وكنز هما ، و بعبارة أخرى كفالة الأيتام ، و كفالة الفقراء ، والطبقات المحرومة . وهي رمز ، لا اسطورة .. بل هي كناية وباب ليفتح ويفهم .
اذن الخضر يدير الأمن الاقتصادي، والثقافي والعقائدي ،و الاجتماعي والضمان الاجتماعي والكفالة الاجتماعية للبشر أيضاً، ويقول : (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) .
ونحن نقرأ في دعاء رجب؟ (اللهم اني اسالك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك.... ( إلى ان يقول) .. يا ديموم يا قيوم وعالم كل معلوم صل على محمد وآله, وعلى عبادك المنتجبين, وبشرك المحتجبين), أي ان هناك شبكة مخفية محتجبة.
أن سورة الكهف تقول ان هناك رجالاً الهيين ليسوا بانبياء ورسل, فلم تعرّف الآية الكريمة الخضر بانه نبي, ولم تقل فوجدا رسولاً, أو نبياً, بل قالت (فوجدا عبدا).
فهو أولاً ولي من أولياء الله العظام, لديه علم لدني أي انه (يزق) العلم بتوسط الغيب وبقناة غيبية. كما ذكر ذلك القرآن الكريم قصة طالوت (إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا) ولم يقل بعث لنا نبياً, بل قال بعث لنا (ملكا), يعني اماما, (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ), اي علم لدني, فالعلم اللدني هو نوع من الامامة والحجية فهو يقوم بدور خفي.
النموذج الإلهي الثالث والاخير الذي طرحه القرآن الكريم في سورة الكهف هو (ذو القرنين), وذو القرنين اسلوبه هو اسلوب الحكومة الرسمية المؤيدة والمسددة بتأييد إلهي, وهذا ما سيكون عند ظهور الحجة عليه السلام.
يقول القرآن الكريم: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا), فلم يقل القرآن الكريم ان ذا القرنين نبي أو رسول، بل قال انه امام من الائمة الإلهيين, ثم قال : إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) .أي فتحت له الاسباب
وهذا الاسلوب، هو اسلوب الحكومة الرسمية المؤيدة والمسددة بالاسباب الالهية, او هو دور الإمام والمعصوم.
ان هناك حداً اعلى لدور الخليفة وهو الإمام عليه السلام كدور ذي القرنين وطالوت والخضر. أما الدور الادنى فهو درء الفساد العام، الخلقي،الزراعي,الصحي, الامني،العسكري ،الثقافي,السياسي, لكي لا يستشري الفساد في البشرية, ودرء طحن الحروب للبشرية, فتستأصل وتنقرض.
أما أعلى دور له عليه السلام فهو نظير دور ذي القرنين, وهو تفجر كنوز الطبيعة والكمالات الطبيعية، ولكن هذا لا يعني ان فقد الدور الاتم يفقده الدور الاقل, وبعبارة أخرى فإنه ادنى درجات دور المعصوم وهو دور عظيم.
إنّ دور الحجج الالهية والخلفاء الالهيين والامام يكون درء للفساد البشري ودرء في مطلق المجالات ومطلق الحقول أما الدور الاقصى له فهو أنه يفجر كنوز الارض ويفجر الكمالات البشرية والمدنية البشرية كما طالعتنا بذلك سورة الكهف.
في رواية عن آل البيت عليهم السلام يقول فيها : (واعلموا ان الارض لا تخلو من حجة لله عز وجل ولكن الله سيعمي خلقه عنها).
ونحن الشيعة نعتقد ان احد اوصاف الحجة البارزة (يا قائم آل محمد), أي ان المهدي عليه السلام في غيبته يقوم بالامور وبالوظائف وبما عليه وليس هو بقاعد (وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) فهو يقوم بالامور,وهذه من الاعجازات الالهية, قبل ولادة الحجة عليه السلام وبعد ولادته، ونحن الى الآن نلهج بهذا اللقب-القائم-, وهو من ابرز القاب الحجة عليه السلام للدلالة على انه ولي الامر،فليس فقط هو ولي المؤمنين او ولي المسلمين بل هو ولي البشرية اجمع وجمعاء. ولولاه لساخت الارض و(تآكلت) البشرية,والا هذه الشهوات والنزوات الموجودة عند رؤساء الدول النووية والتي يمكن بضغطة زر أن يفنوا البشرية فمن الذي يهدئهم؟ انه _أي الإمام عليه السلام_ يفشي العقلنة وروحية الآداب والاخلاق في البشر.
تشير الرواية فتقول (ولكن الله سيعمي خلقها عنها بظلمهم وجورهم واسرافهم على انفسهم) ( ولو خلت الارض ساعة من حجج لله لساخت باهلها لكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون) وهو يتحكم في ملك مصر_ وكان بينه وبين ابيه مسيرة ثمانية عشر يوماً, مع ذلك كان خفي عليهم وان الله يفعل بحجته المهدي عليه السلام ما فعل بيوسف, (وان يكون صاحبكم المظلوم المجحود حقه صاحب هذا الامر) يعني هو الذي يحتكم في امور البشرية, يتردد بينهم في اسواقهم, ويمشي في اسواقهم, ويطأ فرشهم ولا يعرفونه إلا أن يأذن الله له ان يعرفهم كما اذن ليوسف).
_ المحاور: نحن نعيش الآن تعدد واختلاف في الثقافات والرؤى والجنسيات والمذاهب والمدارس بشكل اكبر مما كان عليه الأمر في زمن ذي القرنين، فكيف يستطيع الإمام المهدي عليه السلام وكما يقول الإمام الباقر عليه السلام انه ( يضع الله يده على رؤوس العباد فيجمع بها عقولهم وتكمل بها احلامهم) ما هي الطريقة العملية التي يستطيع عليه السلام ان يجمع كل هذه الشعوب تحت راية واحدة وتحت دولة واحدة؟
*الشيخ السند: نحن نرى في الظواهر البشرية ظواهراً مدبّرة على صعيد اشكال الدول والثقافة القانونية ،والسياسية والفكرية،فكما يتدبره الباحثون الاجتماعيون والباحثون العقائديون والباحثون في المجالات المتخلفة, كما يقولون ان كلها نزوع، ونزوح بشري نحو فكرة المهدوية.
كما في فكرة الامم المتحدة أو اية فكرة تماثلها هي فكرة الحكومة الواحدة والقانون الواحد وتشطيب العرقيات والقوميات فكرة وحدة بشرية واحدة ذات عدالة واحدة ذات استواء بالحقوق، ذات تعارف واحد، وفي الواقع ان هذه هي احد البنود المهمة في فكرة الإمام المهدي عليه السلام التي يطرحها المسلمون عامة.
بمعنى ان عقيدة الإمام المهدي عليه السلام أو فكرة المهدي عليه السلام أو المهدوية قاسم مشترك لعقيدة المسلمين وهي نعمة البنية والاساس لهذه الوحدة, بل هذه الآن تتجلى وحدة فكرية ثقافية بشرية ،لأن البشرية تحتاج إلى حكومة موحدة والى انسان يربي النظام.
حتى فكرة العولمة نراها كلها تنسجم مع وحدوية الدولة البشرية والنظام المدني والتجاري الاقتصادي والثقافي الزراعي الامني مع النظام العالمي الموحد, فنرى البشرية ترتقي وتصعد السلم المهدوي من حيث لا تشعر.
إنّ عقيدتنا المهدوية أو عقيدة الإمام المهدي عليه السلام تتجلى في الفكر البشري عموماً,ونحن الآن في حالة نزوح نحو اصل الفكرة المهدوية وعقيدة المهدي عليه السلام بتمام بنودها.
وان البشرية نراها في حالة اعتقاد, ونزوح لنفس بنود عقيدة الإمام المهدي عليه السلام وفكرته.
صدى المهدي