▪ عالم الطفولة يتصادم فيه العقل مع العاطفة ، فذاك يريده لنفسه وتلك تحتج بصغر سنه .
وباعتبار أن موقف الشارع هو المقدم فقد تذرع البعض بأن "الغلام يلعب سبع سنين" فأهمل ولده .
والحال هي إحدى الأخطاء الفادحة التي انتشرت دون تحقيق ، وهي على ركن غير وثيق .
ثم إنه لا يخفى ما في هذه المرحلة العمرية من دور كبير في خلق شخصية تجري على خير مسير .
▪وقد استدل أصحاب القول الأول - إهمال الولد - بروايات منها :
الأولى : معتبرة يعقوب بن سالم عن الصادق (ع) :
(الغلام يلعب سبع سنين ، ويتعلم الكتاب سبع سنين ، ويتعلم الحلال والحرام سبع سنين)
را : الوسائل 21 / 475
الثانية : مقطوعة يونس عن رجل عن الصادق (ع) :
(دع ابنك يلعب سبع سنين ، والزمه نفسك سبعا ، فإن أفلح ، وإلا فإنه ممن لا خير فيه )
را : الكافي 6 / 47 .
وجوابه :
إن كل ما جاء في الروايتين وغيرها لا ينفي تربية الولد ، ومنعه من ارتكاب وقول الفواحش ، وتخريب أموال الناس، ونحو ذلك .
وإنما أقصى ما تدل عليه هو أن يسمح له باللعب ، دون أن تفرض عليه الواجبات ، والتي فسرتها تلك الروايات بتعليم الكتاب ، و الحلال والحرام والآداب التي فيها صرامة .
وأما باقي الآداب والتي يقدر الولد أن يستوعبها أو يرتدع عما نهت وغلظت الشريعة عليه ، كالسرقة والكلام الفاحش والضرب والقتل ونحو ذلك فإنها تدخل تحت عمومات ما اهتم الشرع المقدس بحفظه .
ومما يدلك على أن هذه المرحلة مرحلة إمهال لا إهمال صحيحة علي بن أسباط - ممن رجع للترحم - يونس بن يعقوب - ممن رجع - عن الصادق (ع)
(قال : أمهل صبيك حتى يأتي له ست سنين ، ثم ضمه إليك سبع سنين ، فأدبه بأدبك ، فإن قبل وصلح وإلا فخل عنه)
را : الكافي 6/ 47 ك العقيقة .
وفي الرواية الشريفة أمور هامة :
أولا : أن السبعية الأولى إمهال قبل فرض تعليم القرآن والصلاة ... لا إهمال من جميع الجهات .
ثانيا : أن من يقوم بتربيته والحرص عليه هي الأم لا الأب .
قال صاحب الحدائق (قده) (فإنه لا يخفى أن السبع التي هي مدة التربية واللعب إنما يكون عند الأم لأنها هي المربية له وإليه يشير قوله "ثم ضمه إليك والزمه نفسك " يعني بعد السبع وهو ظاهر في أن الأب إنما يضمه إلى نفسه ، وتصير الحضانة له بعد تلك السبع التي مضت للولد عند أمه)
📚 را : الحدائق 25 / 90 .
ثالثا : أن قوله عليه السلام : وإلا فخل عنه ، يحتمل - والله العالم - كأن تعلمه الصلاة أو الآداب والتي تمرد عليها والتي ليس فيها محرمات ومغلظات ثم تتركه حتى العشرة في الصلاة مثلا كما في الروايات الأخرى فتضربه عليها أو الأربعة عشر سنة في غيرها ...
✏ملاحظة أخيرة : أن ما ورد من قبيل :" فلا خير فيه" ونحو ذلك فقد قال بعض الأجلاء : إنه من قبيل المقتضي لا العلة التامة .
ويريد بذلك - دام عزه - : أنه إذا تمت باقي الشروط الأخرى وارتفعت الموانع فإنه فقط وفي هذه الحالة سوف يؤثر الأثر أثره ونحكم بأنه بلا خير فيه ، كأن يدلنا الإمام (ع) على ذلك ، أو تكون خاتمته على سوء .
والحمد لله رب العالمين وسلام على محمد وآله الطاهرين .
ح ع