|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 33748
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 206
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
ضريح الإمام علي عليه السلام والهدايا المقدمة له
بتاريخ : 27-04-2009 الساعة : 09:29 PM
ضريح الإمام علي عليه السلام والهدايا المقدمة له
وضرورة إقامة متحف يتناسب مع قيمتها التاريخية
أ.د. صلاح مهدي الفرطوسي
محاضرة ألقيت بجامعة روتردام الإسلامية
يوم التقينا أخي أحمد وأنا قبل أربع سنواتٍ على حد التقريب رأينا أنفسَنا في كثير من المسائل التي نؤمن بها، وهكذا لم نختلف منذ ذلك اليوم، بل كانت رؤانا المشتركةُ تتعمقُ كلما تقدمت التجربةُ، ولقد أعلنت في غير مناسبة أن ما تقوم به هذه الجامعةُ على الرغم من صغرِها وقلةِ إمكاناتِها لم تستطع أن تقوم به كثيرٌ من المؤسساتِ العلميةِ والثقافيةِ.
رأينا أن تكون هذه الجامعةُ هولنديةً، في مقدمة مهامِها تعريفُ المجتمع الهولندي بالإسلامِ وأحكامهِ السمحة التي تحثُّ على المحبةِ والسلامِ، وتعرفُ بحضارتهِ التي امتدت مئاتِ السنواتِ في رقعة جغرافيةٍ من الصعبِ تحديدِ مساحتِها، وتأخذُ بيد المسلمِ الهولندي أو المسلمِ المهاجرِ لهذه البلاد إلى آفاقِ الإسلامِ الحقيقية كي يتعرفَ على أحكامِ دينه على أسسٍ صحيحةٍ، وتمحو الصورةَ البشعةَ التي يروجُها بعضُ التكفيرييَن عن الإسلامِ والمسلميَن.
كان من بين المسائل التي تمنيناها لهذه الجامعة أن تكونَ منارةً للحوارِ والتقريب، حوارٌ مع الآخر لأنه أخٌ في الخلقِ على رأي الإمام علي عليه السلام، والتقاربُ مع الآخر لأنه أخٌ في الدين على رأيه عليه السلام أيضًا.
وكان من بين المسائل التي تبنيناها تعريفَ سكانِ هذه البلاد من كلِّ الجنسياتِ بصروحِنا الحضاريةِ، ورموزِنا الدينيةِ التي تبنت قيمَ الإسلامِ الكبرى قيمَ المساواةِ والإخاءِ والمحبةِ والعدلِ وحريةِ الرأي، وإن كان بالإمكان حثَّهم على زيارتِها وطلبِ معونةِ العارفيَن منهم في كيفيةِ صيانتِها والحفاظِ عليها كونها تراثًا إنسانيًا يجبُ أن نحميَه من عوادي الزمن وتقلباتِ الأحداث.
العراق مهبط النور:
والحديثُ عن العراقِ أيها الأخوة حديثٌ عن حضارةٍ لا حدود لها تبدأ مع عصرِ فجرِ التاريخِ لم تستطع الإنسانيةُ بكل إنجازاِتها وعلمائِها استيعابَ أبعادِها الإنسانيةِ والفكرية، ولا تحديدَ معالِم صروحِها الحضاريةِ التي تصعب على الإحصاء، وما زالت شواهدُها تزيِّنَ ساحاتِ عددٍ كبير من ساحاتِ المتاحفِ العالمية.
العراقُ مهبِطُ النورِ والتنويرِ بلدُ أبي الأنبياءِ إبراهيم ومرسى سفينةِ نوح ومَلحَدُهُ ومَلحدُ آدمَ وهود وصالح عليهم السلام، تعلمتْ منه الإنسانيةُ الكتابةَ قبل أربعة آلاف وخمسمائة عام، وعلى أرضهِ تأسستْ الدولةُ وسُنَّ أولُ قانون لحقوق الإنسان ، إنه عراقُ سومر وأكد وبابل وآشور وغيرِها.
وإياك أن تتهاونَ بأيةِ رابيةٍ تراها على جانبي الطريق أي طريقٍ تسلكه في العراق، فوراء تلك الرابية حكايةُ حضارةٍ لم تكتشف بعد.
الحضارات ملك الإنسانية
ولم تكن حضاراتُ الأممِ وآثارُها حكرًا على شعبٍ من الشعوبِ أو دولةٍ من الدول، إنها إرثٌ إنسانٌّي تعاونت أممُ الأرضِ بعد عصرِ النهضةِ على اكتشافهِ ودعت إلى صيانتهِ وأسست المنظماتِ الدوليةِ لرعايتهِ والتنبيه على أهميتهِ، وأنفقت أموالاً طائلة عليهِ وجعلته مرافقَ سياحيةٍ وعلميةٍ ودينيةٍ يحج إليهِ بني البشرِ من كل أقطار العالم.
ويشرف جامعتُنا اليوم أن تقدم للمجتمع الأوربي تحفةً فريدةً لا تدانيها ولا تماثلَها جميعُ الصروحِ الحضاريةِ في العالم، وفوق هذا ضمتْ خزائنُ هذا الصرحِ تحفًا فنية لا يقدر بعضُها بمال، بل لعل بعضَها يوازي في قيمته المادية فحسب قيمةَ أهمِّ اللقطِ الأثريةِ التي عرفتها المتاحفُ الأوربية، وهي إن عُرِضتْ على المشاهدِ احتاجت إلى متحفٍ لا يقل مساحةً عن متحفِ اللوفر أو فرساي أو روتردام أو أمستردام، أو غيرِها من متاحف العالم الكبرى.
حكاية الضريح المقدس:
أربع سنوات قضاها الإمام علي عليه السلام في حكم الأمة الإسلامية أراد خلالها أن يخلقَ مجتمعًا مثاليًّا فاضلاً يسوده العدلُ ويحكمُه القانونُ ويتساوى الناسُ فيه على مبدأ أخوة الدينِ أو الخلق، ويتساوى الجميعُ في المالِ العام، ويكون فيه الحاكمُ كأحدِ الرعية، فترك دستورًا للإنسانية مازالت تنهلُ منه وتقتدي به، فكان بحق إمامَ المتقين وقدوتهَم وكان بحق إمامَ النساكِ والزهاد والعلماء والشجعان والمصلحيَن والفلاسفةِ والمفكرين والحكماء، وما مات أحدٌ من رعيتهِ إلا خلفَ من المالِ أكثرَ مما ترك الإمامُ على رأي عبد الرحمن الشرقاوي.
ولم يكن إمامًا للشيعة فحسب، ولا للمسلمين خاصةً وإنما كان واحدًا من أعظم أئمةِ الإنسانية، ولك في كتابات مئاتٍ من غير المسلمين عنه ما يؤكد ذلك، أما ما كتبه عنه المسلمون فهو فهرسةٌ تصعبُ على الحصرِ أو الإحصاء.
لا يشعر المتجهُ من الكوفةِ عاصمةِ نحو النجف الأشرف أن الأرضَ ترتفعُ رويدًا رويدًا تحت قدميه إلى أن يصلَ إلى برِّها الغربي حيث تهبطُ فجأةً فيشعر أنه على هضبةٍ أمامها فسيحٌ كأنه لا نهايةَ له، وهي بالنسبةِ لذلك الفسيحِ كأنها سدٌّ أو جدارٌ ارتفاعُه نحو خمسين مترًا وبسببٍ من ذلك سميت النجفُ باسمِها المعروف لأن ذلك الفسيحَ كان كالبحرِ يستمدُّ مياهَه من غضبِ الفرات حينما لا تستوعبه دفتيه بسببِ الفيضان ويقلُّ منسوبُ مياه تلك البحيِرة أو يزيدُ بحسبِ كميةِ المياه التي يحملُها نهرُ الفرات إليها، ويبدو أن هذه البحيرةَ كانت تتعرضُ للجفاف بل إنها تعرضت للجفافِ حقبةً طويلةً، ولعلها تعرضت للجفاف أو أصبح ماؤُها ضحلاً زمن المناذرة، وما زالت هذه البحيرة قائمةً حتى سنة 1889م حيث دُفِنَ نهرُ الحميدية الذي كان يغذيها ويرى بعضُ الجغرافيين العرب من القرنِ الرابعِ أن جزءًا كبيرًا من الفرات كان يصبُّ في هذه البحيرة وبعد تنظيمِ السدودِ على النهرِ وكريه وتعديلِ مساراتِ بعض ترعه أصبحت تلك البحيرة أثرًا بعد عين، وعلى هذا فالنجف هضبةٌ أو مسنَّاةٌ لا تعلوها المياهُ كالجدار، قال الأزهري في تهذيبه، والنجفة التي بظهر الكوفة هي كالمسناة تمنع ماءَ السيلِ أن يعلوَ منازلَ الكوفةِ ومقابرَها، وللنجف أسماء أخرى لسنا بصددها.
كانت تلك البقعةُ طيبةَ المناخ، هواؤها مصحةٌ للأجسام، لذا فإنها كانت عامرةً قديمًا بالقصورِ والأديرةِ والحاناتِ قبل الإسلام وبعدَه، وقد أحصى أستاذُنا طيبُ الذكرِ الدكتور مصطفى جواد عددًا غيرَ قليلٍ من المباني والقصورِ والأديرةِ والحانات التي تفرقت في البقعةِ الممتدة ما بين النجف والكوفة والحيرة، كما نشر صديقنا العزيز سعيد الطريحي كتابًا عن أديرتها لم أطلع عليه بعد، ومازلنا حين نستعرض سيرةَ أبي نؤاس نتحدثُ عن رحلتهِ إلى الكوفة ومعاشرتهِ مجانَها في حاناتِ الكوفة وأديرتِها، ذكر الدكتور مصطفى من بين ما ذكر من القصور المنتشرة في نواحي النجف قصرَ العذيبِ والصنبِ والأبيضِ والغرسِ والزوراء والعدسيين والقصور الحمر وغيرَها، وذكر من الأديرة من بين ما ذكر ديرَ الحريق والأسكون وحنة وابن مزعوق ومارت مريم وحنة الكبير وهند الكبرى وهند الصغرى وغيرَها.
كان الإمام عليه السلام يستروح أحيانًا في ذلك النجف لوحده أو مع خاصته، وحكاياتٌ تروى عن ذلك الاسترواح لسنا بصددها، ولاشك أنه اختارَ البقعةَ التي سيدفن فيها وللبقعةِ والاختيارِ حكاياتٌ لسنا بصددها، ولكنها بقعةٌ تقع وسطَ ثلاثةِ تلالٍ.
ووقع قدرُ الله، وذهب الإمام شهيدًا في بيت الله الذي سبقت ولادتُه فيه، وحمله الحسنانِ وبقية أولاده وابن أخيه عبد الله بن جعفر وخاصة خاصتهِ ليلاً بعد أن حفرت لحودٌ في مناطق عدة، وهيئ تابوتٌ على جمل كأنه متجهٌ إلى المدينة كلُّ ذلك حتى لا يشتهر قبرُهُ بين الناس، وحكايةُ تشييعه إلى مثواه الأخير وتعميةُ مكانِ دفنه فيها حكاياتٌ لسنا بصددها.
وأصبح الضريحُ أثرًا إلا على أهل بيتهِ وخاصةِ الخاصةِ من محبي آل البيت، حتى سنة 132 هـ 750م حيث استولى العباسيونَ على الحكم، ومنذ استشهاده حتى تلك السنة زاره غيرَ مرة الحسنان وعليُّ ابن الحسين ومحمدُ بن علي وجعفرُ بن محمد عليهم السلام، وغيرُهم من خاصة محبي أهل البيت.
عماراته:
أول بناء أو شاهد على ضريح أمير المؤمنين كان بأمرٍ من الإمام جعفرِ بن محمد الصادق عليه السلام بعد قيام الدولةِ العباسية، إذ سافر إلى العراق بطلب من أبي جعفر المنصور فلما وصل الكوفةَ قام بزيارة جده وأعطى صفوانَ الجمال دراهمَ لإصلاح القبر، ويبدو من الرواية أن مكانَ القبر كان أثرًا ليس فيه أيةُ علامة، وقد حدَّدَ بعضُهم هذه الزيارة بسنة 140 هـ 757م وهو تحديدٌ يدعو إلى التأمل، إذ يترجحُ عندي أنها كانت في أخريات سنياتِ الدولة الأموية، إذ يبدو من الرواية التي ساقها صاحبُ نزهة الغري أن الإمامَ أذن لجمَّاله أن يسمحَ بالزيارة لشيعة الإمام لأن الدولة الأموية كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة.
- هناك روايتانِ في أمر التحقق من وجود القبر، الأولى أن داودَ بنَ علي أراد أن يتأكدَ منه بعد أن رأى إقبالَ الناس على زيارته فأمر ثلاثةً من المختصين في حفر القبورِ لنبشهِ ومعرفةِ خبره، ولما تأكد الخبُر عنده أمر أحدَ الصناعِ أن يصنعَ صندوقًا ويضعَهُ عليه.
- ويقال: إن أبا جعفر المنصور ذهب بنفسه مع أحد مواليه إلى القبر الشريفِ للتأكدِ من وجوده، فحفر مولاه فلما بلغ اللحدَ أمره بطمِّهِ وقال: هذا قبر أمير المؤمنين، وإنما أردت أن أتأكد.
<FONT size=4>- أول عمارةٍ أقيمت على قبر أمير المؤمنين هي عمارةُ هارونِ الرشيد، وهي عبارةٌ عن بناءٍ مربع من الحجارةِ البيضاء فوقه قبةٍ من الطين الأحمر وتعلو القبةَ جرةٌ خضراء كما وصفها الديلمي في إرشاد القلوب، واختُلف في تاريخها فقيل سd
|
التعديل الأخير تم بواسطة Dr.Zahra ; 29-04-2009 الساعة 01:22 AM.
|
|
|
|
|