هل مات النبي مسموماً ؟!! ولماذا جرَّدوه من أكفانه ؟!!
بتاريخ : 27-06-2009 الساعة : 11:07 PM
هل مات النبي مسموماً ؟!!
ولماذا جرَّدوه من أكفانه ؟
!!
لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن أخبره الله تعالى بواسطة جبريل عليه السلام بدنو أجله .
وللموت أسباب ، فماذا كان سبب وفاة النبي الأكرم ؟
وكيف تمّت مراسيم تكفينه وتشييعه قبل دفنه ؟
هذا ما ستقرؤه في هذا الكتيب الذي بين يديك .
رواية البخاري
:
جاء في صحيح البخاري :
...
عن الزهري قال : أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أن عائشة قالت : لما ثَقُل النبي صلى الله عليه وسلم واشتدَّ به وجعه استأذن أزواجه في أن يُمرَّض في بيتي فأذِنَّ له فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين عباس ورجل آخر .
قال عبيد الله : فأخبرت عبدالله بن عباس فقال : أتدري من الرجل الآخر ؟
قلت : لا . قال : هو علي .
وكانت عائشة (رض) تحدِّث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعدما دخل بيته واشتدَّ وجعه : هَريقوا عليَّ من سَبْعِ قِرَب لم تُحلل أوكِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أعهد إلى الناس ، وأُجلس في مِخضَب لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم طَفِقنا نَصُب عليه من تلك القرب حتى طَفِقَ يشير إلينا أن
قد فعلتُنَّ ، ثم خرج إلى الناس
(1) .
شرح القسطلاني والعسقلاني للرواية
:
قال القسطلاني في شرحه إرشاد الساري :
لما ثَقُل النبي صلى الله عليه وسلم ... أي أثقله المرض .
واشتدَّ به وجعه استأذن عليه الصلاة والسلام أزواجه (رض) في أن يُمرَّض ... أي يُخدم في مرضه في بيتي فأذِنَّ له ... أي أن يُمَرَّض في بيت عائشة .
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيت ميمونة أو زينب بنت جحش أو ريحانة والأول هو المعتمد .
بين رجلين تخط : ... رجلاه في الأرض بين عباس عمه رضي الله عنه ورجل آخر .
قال عبيد الله ... فأخبرت عبدالله بن عباس رضي الله عنهما بقول عائشة (رض) فقال : أتدري من الرجل الآخر الذي لم تُسَم عائشة ؟ قلت لا أدري .
قال عبدالله : هو علي ، وفي رواية ابن أبي طالب .
...
صرَّحت عائشة بالعباس ، وأبهمت الآخر ، أو المراد به علي بن أبي طالب ، ولم تُسَمِّه لما كان عندها منه مما يحصل للبشر مما يكون سبباً في الإعراض عن ذكر اسمه !!
هَريقوا : من هراق الماء ... أي صُبُّوا علَيَّ من سبع قِرَب ... جمع قربة ، وهي ما يستقى به .
لم تُحلل أوكِيَتُهُنَّ : جمع وكاء ، وهو ما يربط به فم القربة .
لَعلي أعهد : ... أي أوصي إلى الناس .
وأُجلس صلى الله عليه وسلم ... في مخضب ... من نحاس ... لحفصـة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ثم طَفِقنا ... أي جعلنا نصب عليه من تلك القِرَب السبع .
ويقول القسطلاني :
حتى طَفِقَ : أي جعل صلى الله عليه وسلم يشير إلينا أن قد فعلتُنَّ ما أمرتكن به من إهراق الماء من القرب المذكورة .
وإنما فعل ذلك لأن الماء البارد في بعض الأمراض تردّ به القوة .
والحكمة في عدم حل الأوكية ، لكونه أبلغ في طهارة الماء وصفائه لعدم مخالطة الأيدي !!
ثم خرج : عليه الصلاة والسلام من بيت عائشة إلى الناس الذين في
المسجد ، فصلّى بهم وخطبهم
(1) .
قال ابن حجر في شرحه :
قوله ( من سبع قرب ) : قيل الحكمة في هذا العدد أن له خاصيّة في دفع ضرر السم والسحر (2) .
ويقول : ... خص السبع تبركاً بهذا العدد ، لأن له دخولاً في كثير من أمور الشريعة وأصل الخلقة (3) .
وفي رواية : ( لَعَلِّي أستريح فأعهد ) أي : أوصي (4) .
تعليقنا على الرواية
:
أقول :
إن لنا أكثر من نقطة نعلق من خلالها على هذه الرواية ونجلب انتباه القارئ الكريم إليها :
أولاً : إن عائشة لا تطيق ذكر اسم علي عليه السلام ، وجواب ابن
عباس ولهجته الاستنكارية تستبطن هذا المعنى ، وقد بيَّن ذلك القسطلاني في شرحه كما مَرَّ علينا آنفاً
.
ثانياً : أوصى النبي الأكرم بأن يصبوا عليه من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن .
فالسؤال الذي يطرح نفسه :
أليس من المحتمل أن النبي الأكرم هو الذي قام بملء هذه القرب وبيديه الشريفتين ، وقام بنفسه بربط هذه القرب .
أليس من المحتمل أنه أوصى أحد الصحابة مثل الإمام علي عليه السلام ، أو من الذين يثق بهم بملء هذه القرب وربطها بإحكام .
لذا نراه يقول لزوجاته بأن يصبوا عليه من تلك القرب السبع فقط لا من غيرها .
قال القسطلاني كما مر علينا : ( الحكمة في عدم حل الأوكية لكونه أبلغ في طهارة الماء وصفائه لعدم مخالطة الأيدي ) !
أقول :
إن كان ما قاله القسطلاني حقاً ، فإنه كان يكفيه صلى الله عليه وآله أن يقول لزوجاته : إن هذه القرب السبع تخصُّني ، ولا يحل لأي منكنَّ أن تستعمل هذه القرب .. نعم ، يكفي منه هذا القول ومن دون أن يربط فم أية قربة منها ، فأمر النبي واجب الاتباع .
التعديل الأخير تم بواسطة شبل الامام السيستاني ; 27-06-2009 الساعة 11:10 PM.
وهذا يجرُّنا إلى سؤال آخر :
هل كان النبي الأكرم يشك في زوجاته أن يضعن له شيئاً في تلك القرب ؟ وَيَقُمن بمزجه مع الماء ؟!
يقول ابن حجر :
الحكمة في هذا العدد أن له خاصية في دفع ضرر السم والسحر !
لماذا ذكر ابن حجر هذا العدد ؟
وهل يريد ابن حجر أن يقول أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات مسموماً ؟!
نعم ، يريد ابن حجر هذا المعنى ، وانظر الحاكم في المستدرك ، ماذا يقول :
رواية الحاكم النيسابوري :
فقد جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري :
... الشعبي يقول : والله لقد سُمَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسُمَّ أبو بكر ... (1) .
وبما أن الحاكم قال : مات النبي مسموماً وكذلك أبو بكر .
أقول : فمن الذي سمَّه ؟!
وهل يُعقل أن التي سمَّته يهودية وذلك بكتف شاة كما يدَّعي أهل العامة أن السم كان سارياً في جسده إلى أن توفي !
رواية الشاة المسمومة :
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة ... قال : لما فُتحت خيبر أُهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سُم (1) .
يقول ابن حجر :
لما اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر ، أهدت له زينب بنت الحارث امرأة ( سلام بن مشكم ) شاة مشوية ، وكانت سألت : أي عضو من الشاة أحبَّ إليه ؟
قيل لها : الذراع ، فأكثرت فيها من السم ، فلما تناول الذراع لاك منها مُضغة ولم يُسغها ، وأكل معه بشر بن البراء فأساغ لقمته ... وإن بشر بن البراء مات منها .
وروى البيهقي : ... أن امرأة من اليهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأكل ، فقال لأصحابه : أمسكوا ! فإنها مسمومة .
وقال لها : ما حملك على ذلك ؟
قالت : أردت إن كنت نبياً فيُطلعك الله ، وإن كنت كاذباً فأريح الناس منك .
قال : فما عرض لها ... ( فلم يعاقبها ) ... .
قال الزهري : فأسلمت فتركها .
أجاب السهيلي وزاد : إنه كان تركها لأنه كان لا ينتقم لنفسه ، ثم قتلها ببشر قصاصاً (1) .
ويقول البخاري :
قالت عائشة : ... كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلتُ بخيبر ، فهذا أَوَانُ وجدتُّ انقطاع أَبهَري من ذلك السُّم (2) .
يقول ابن حجر :
قال أهل اللغة : الأبهر : عِرق مُستبطن بالظهر مُتَّصل بالقلب ، إذا انقطع مات صاحبه (3) .
وروى ابن سعد عن شيخه الواقدي بأسانيد متعددة في قصة الشـاة
التي سُمَّت له بخيبر ، فقال في آخر ذلك :
وعاش بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي قُبض فيه .
وجعل يقول : ما زلت أجد ألم الأكلة التي أكلتها بخيبر ! عداداً حتى كان هذا أوان انقطاع أبهري – عرق في الظهر – وتُوفي شهيداً ! انتهى .
وقوله : ما أزال أجد ألم الطعام ، أي : أحس الألم في جوفي بسبب الطعام (1) .
أقول :
نحن نعلم أن غزوة خيبر كانت في السنة السابعة من الهجرة .
فيلزم بناءً على ما ذكر آنفاً أن ذلك السم بقي في بدن النبي الأكرم مدة ثلاث سنين !
إمّا أنه كان يعاني من ذلك السم طيلة هذه السنوات الثلاث ، وإما أن ذلك السم كان راكداً طيلة السنوات المذكورة وتحرك حين المرض .
فهل يعقل هذا الكلام ؟!
فقد ذكر الذهبي في تأريخه بأن النبي الأكرم والصحابة بعد أن أكلوا من تلك الشاة المسمومة ثم قال لهم ارفعوا أيديكم فإن هذه الذراع تخبرني أنها مسمومة ، ( وأمر أصحابه فاحتجموا أوساط رؤوسهم ، وعاش بعد
ذلك ثلاث سنين ) (1) .
النبي الأكرم ينهى زوجاته من أن يعطينه الدواء :
جاء في صحيح البخاري ، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته من كتاب المغازي :
قالت عائشة : لَدَدْناه (2) في مرضه فجعل يُشير إلينا أن لا تَلُدُّوني ، فقلنا كراهية المريض للدواء ، فلما أفاق قال : ألم أنهَكم أن تلدُّوني ! قلنـا : كراهية المريض للدواء ، فقال : لا يبقى أحد في البيت إلا لُدَّ وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم .
وفي سنن الترمذي : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لَدَّني؟ فكلهم أمسكوا ، فقال : لا يبقى أحد ممن في البيت إلا لُدَّ ، غير عَمِّهِ العباس (3) .
أقول :
أي أنه لم يكن يشك في عمه طرفة عين لذا لم يعاقبه كما عاقب الآخرين .
يقول ابن حجر : لا يبقى أحد في البيت إلا لُدّ وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم .
قيل : فيه مشروعية القصاص في جميع ما يُصاب به الإنسان عمداً ... وإنما فعل بهم ذلك عقوبة لهم لتركهم امتثال نهيه عن ذلك .
ويقول :
قال ابن العربي : أراد أن لا يأتوا يوم القيامة وعليهم حقه ، فيقعوا في خطب عظيم !!
والذي يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم لئلا يعودوا ، فكان ذلك تأديباً لا قصاصاً ولا انتقاماً !
قيل : وإنما كره اللّدَّ مع أنه كان يتداوى لأنه تحقَّق أنه يموت في مرضه ، ومن حقق ذلك كَرِهَ له التداوي !
ويقول ابن حجر :
عن عبد الرحمن بن أبي الزناد : ... كانت تأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاصرة فاشتدت به فأُغمي عليه فلددناه ، فلما أفاق قال : هذا من فعل نساء جئن من هنا وأشار إلى الحبشة . وإن كنتم ترون أن الله يسلِّط علي ذات الجنب ما كان الله ليجعل لها علي سلطاناً ، والله لا
يبقى أحد في البيت إلا لـد ، فما يبقى أحد في البيت إلا لد ، ولددنا
ميمونة وهي صائمة (1) .
تعليقنا على ذلك :
أقول :
إذن .. النبي الأكرم عندما قال : ( ألم أنهكم ) يشير إلى أن الذين سقوه ولدَّوه جماعة تعاونوا على سقيه من ذلك الشراب !
ثم إن النبي الأكرم ينهى عائشة وحفصة أن يجعلا الدواء في فمه بغير اختياره ، ولكنهما لم يمتثلا لأمره ، لذا قال لهما ألم أنهكم أن تلدُّوني ؟!
وهذا مما يزيد الشك لدى القارئ ، ونضيف على ما مر علينا بالنسبة للقرب السبع فنقول :
أليس من المحتمل أنه صلى الله عليه وآله كان خائفاً من أن يُسقى ويُعطى الداء بدل الدواء ؟!
ثم إن أوامر النبي الأكرم حال صحته وحال مرضه يجب اتباعها وتنفيذها وكذلك نواهيه .
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولَّوا عنه وأنتم تسمعون } الأنفال / 20 .
وقال عز من قائل : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تُبطلوا أعمالكم } محمد / 33 .
وقال تعالى : { ومن يَعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً } الأحزاب / 36 .
ولكن الصحابة بالإضافة إلى زوجات النبي عائشة وحفصة لم يأخذوا بكلام الله عز وجل ولم يكونوا يعيرون اهتماماً لما يأمر به وينهى عنه ، فنرى هنا أنه صلى الله عليه وآله ينهى عائشة عن إعطائه الدواء فتُخالف أوامره وتسقيه من ذلك الشراب .
كما خالف عمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حال الاحتضار ورماه بالهذيان فقال : هَجَرَ رسول الله ... كما جاء في حديث الدواة والكتف (1) .
وكأن العقول والمفاهيم لدى هؤلاء متساوية ومتقاربة بالنسبة لفهم نبوة الرسول الأعظم !!
قـال تعالى : { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يُوحى } النجم /3-4 .
وقال تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب } الحشر / 7 .
وممن أيـَّد موت النبي بالسـم الشيخ المفيد حيث يقول في كتـابه
المُقْنِعَة : وقُبض بالمدينة مسموماً ... (1) .
وجاء في بحار الأنوار للعلامة المجلسي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
ما منا إلا مقتول أو مسموم .
وفيه أيضاً : ما منا إلا مسموم أو مقتول (2) .
أعود وأقول :
أن النبي الأكرم حين قال لعائشة وحفصة ( لا تلدُّوني ) كان خائفاً من أن يُسقى ما كان يخشاه كما أشرنا لذلك في الصفحات السابقة .
وبعد أن علم بأنه ( لـُدَّ ) عاقبهم كما أشار بذلك ابن حجر وقد ذكرناه أيضاً ، فأقول :
كأن النبي الأعظم أراد أن يقول : لو كنتم قد وضعتم السم في ذلك الشراب وأسقيتمونيه لأموت ، فاشربوا من ذلك الشراب لتموتوا معي وذلك عقاباً لكم .
ثم أليس من المحتمل أن الشطر الأخير من رواية البخـاري قد أضيف
إلى ما قبله ؟! وذلك عندما قال ( لا يبقى أحد في البيت إلا لُدّ ) وذلك لدفع شبهة موت النبي الأكرم بالسم ، ورَدّ كلام كل من يقول بأنه مات مسموماً .
ولسان حال هؤلاء يقول : نحن شربنا من نفس الدواء الذي سقيناه للنبي الكريم ولم نَمُتْ بالسُّم كما تدَّعون .
وأيضاً ، أليس من المحتمل أنهم سكبوا ما بقي من الدواء وجعلوا مكانه شيئاً آخر مثلاً ، وذلك لدرء الشبهة عن أنفسهم ؟!
وحين أمر النبي الكريم بأن يُلَدّ كل من كان في الدار قاموا بشرب ذلك الدواء الذي قاموا بتغييره !
أليس من حق المسلم أن يشك في كل ذلك ؟
ثم أليس من المحتمل أن الصحابة خاصة والمسلمين عامة قد علموا أن النبي الأكرم مات مسموماً ، فلذلك ألقوا تَبِعَة موت النبي على خيبر ، وأنه مات بسبب ذلك السم المزعوم من تلك الشاة ؟!
هذا إن كان النبي الأكرم قد أكل من تلك الشاة .
فهل باستطاعتنا القول الآن :
هل اغتيل النبي الأكرم ؟!