تطبيق الشريعة بين الأسلام المحمدى الأصيل وبين التبديل
بتاريخ : 10-09-2013 الساعة : 09:44 AM
بسم الله الرحمان الرحيم
إن من أخطر الفتن التى تواجه المجتمعات العربية بعد صعود تيارات الأسلام السياسى ، هى فتنة الأختيار بين سيئين ، كما حدث فى إنتخابات الرئاسة المصرية ، بين تيار الأسلام السياسى بصفته يمثل تيار الثورة والتغيير أو بصفته يحمل مشروعا إسلاميا ـ أو هكذا كانت دعايته ) ... وبين النظام السابق الذى سار عليه الشعب وخلعه ... وها نحن نرى بأم أعيننا نتيجة هذا الأختيار الذى أضطر إليه الشعب ( بعد عصر الليمون حتى يمكن إبتلاعه ثم هضمه ...) .. هذه النتيجة التى تمثلت فى هذا الأنقسام الخطير فى الشعب ومؤسساته ... بل حتى لو كان الأختيار هو لممثل النظام القديم لكانت النتائج أسوء !! ومن أخطر أمثلة فتنة الأختيار بين سيئين هى الأختيار بين طرح تيار الأسلام السياسى لقضية ( تطبيق الشريعة ) فى مواجهة بعض التيارات الليبرالية أو العلمانية التى ترفض المشروع الأسلامى .. والحقيقة أنه لايوجد مؤمن حقيقى يرفض تطبيق الشريعة فهى فريضة أساسية ، بل هى تعبير عن عقيدة الحاكمية لله ... يقول تعالى : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوافيأنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما وقوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ولذلك فلا يوجد مسلم حقيقى يرفض تطبيق الشريعة ، ولكن الأغلبية ترفض هؤلاء الذين يدعون أنهم سيطبقون الشريعة ، وليس هذا الرفض من باب التعنت والتعصب ضد هذا التيار ، ولكنه من باب التحقيق العلمى والأستقراء للتجارب الحديثة والتجارب التاريخية منذ صدر الأسلام حتى الأن ... فبالنسبة إلى تجارب العصر الحديث : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ فحسبك تجارب مايسمى بالحكم الأسلامى فى أفغانستان والجزائر والسودان والصومال .. وما نتج عنها من كوارث للشعوب ... وهاهم الأخوان المسلمون بعد ما وصلوا إلى سدة الحكم ، ظهر منهم فى خلال شهور معدودات العجائب مما يصادم الشريعة وتطبيقاتها ، ومنها على سبيل المثال : 1 ـ المحافظة على العلاقات مع العدو الصهيونى ومخاطبة رئيس الكيان الصهيونى بخطابات التعظيم المودة بما لم يحدث له مثيل فى النظام السابق 2 ـ الهروله لعمل علاقات وصفقات مع الشيطان الأمريكى والدول العربية العميلة له 3 ـ الأفراج عن قادة وأركان النظام السابق فى أحكام براءة متواصلة شملت المتورطين فى دماء ألاف المصريين وفى قضايا التعذيب على مدار سنين عديدة من حكم النظام السابق 4 ـ سقوط أعداد كبيرة من القتلى والمصابين فى مواجهات للثوار مع نظام حكم الأخوان 5 ـ حتى المشروع الأسلامى لم يرى الشعب له أى أثر فى أجندة الأخوان المسلمين ، فهاهو شعارهم ( الأسلام هو الحل ) أختفى ولم يعد أحد من قيادات الأخوان يتحدث عنه ، وهاهى بعض وسائل الأعلام تبث أفلام وبرامج كلها فساد وأفساد وكله فى عصر الأخوان ومشروعهم الأسلامى ، ولا نجد حتى إنتقادا مثل ماكان يحدث منهم عندما كانوا فى المعارضة 6 ـ بل الأكثر من ذلك مشاركة بعض قياداتهم فى حفلات دعائية للسياحة تشارك فيها راقصات ومطربات شبه عاريات ، وتبادلوا مع قيادات الأخوان خطابات الترحيب .. 7 ـ حتى ماهو معلوم من الدين من حرمته بالضرورة مثل شرب الخمور ولبس المايوهات للنساء على الشواطئ ، عندما سأل أحد قيادات الأخوان فى برنامج فضائى عن رأيه ، فلم يستطع أن يشير حتى إلى حرمته ، كل ذلك من أجل الكرسى .فماذا تبقى من المشروع الأسلامى ؟!! أستطيع أن أقول وللأسف الشديد أن الناس أصبحت تخاف من المشروع الأسلامى ، بل أن البعض بدأ يشكك فى قضية الدين ذاتها ، إذا كانت هذه هى أحوال قادته وسدنته !!!! أما بالنسبة لتجارب العصور السابقة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ فحدث ولا حرج عن المأسى والفواجع التى حدثت فى الدولة الأموية ، حتى وصلت إلى حد قتل ألأمام الحسين عليه السلام وذرية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله بإسم تطبيق الشريعة ,, وكذلك ضرب الكعبة بالمنجنيق وحرقها ، وكذلك أستباحت المدينة المنورة وأهلها فى موقعة الحرة التى أفتضت فيها ألف عذراء من بنات الصحابة ، حسبا ذكرت بعض كتب التاريخ التى يحاولون إخفائها ... كل ذلك بإسم تطبيق الشريعة وحكم الله !!!!! أما الدولة العباسية ، فحدث عن اللهو والمجون والترف والأفساد ، والصراع على الحكم الذى وصل لحد قتل الخليفة المأمون لأخيه الأمين ، وأعطى لمن حمل رأسه ألف ألف درهم من الذهب ، وعلق رأسه على عمود فى فناء قصر الأمارة لعامة الشعب ليمروا عليه ويلعنوه ، وكله بإسم تطبيق الشريعة ... !!! حتى فى دولة الخلافة ، فحدث ولا حرج عماجرى فى حروب الجمل وصفين والنهروان ، وعشرات ألاف القتلى من الصحابة وعامة المسلمين ...وأيضاَ بإسم تطبيق الشريعة .... السؤال هنا : هل معنى ذلك أنه لا يمكن تطبيق الشريعة فى الواقع العملى ؟ !! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ بالطبع لا ... لم يكن الله ليأمرنا بأمر مستحيل التطبيق ، ولكن المشكلة هكذا : أن الدين له دعامتين : الدعامة الأولى : وهى المنهج ( المتمثل فى القرأن والسنة ) الدعامة الثانية : وهى القيم على هذا المنهج والخليفة المسئول عن تطبيقه وفى قضية الخليفة والخلافة أنقسمت الأمة ، بين من يقول بالخلافة المعصومة لأهل بيت النبى عليهم السلام المجعولة من الله عز وجل .. وبين من يقول بالإختيار البشرى لهذا الخليفة ،والمتمثل فى أنظمة الحكم التى قامت فعلاََ على مدار أربع عشرة قرنا" بدأ من السقيفة,وهى عمر هذه التجربة ، والتى أثبتت فشلها أمام كل منصف ... بل كانت بداية الصراع هى بين الخير والشر أو بين أدم ( بصفته الخليفة الألهى ) ... وبين إبليس المنازع له والرافض لخلافته ... ونعود لعنوان المقال : تطبيق الشريعة بين الأسلام المحمدى الأصيل وبين التبديل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ مالفرق بين تطبيق أمير المؤمنين على عليه السلام للشريعة وبين تطبيق الشريعة فى عهد الخلفاء الأخرين ؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ هذان نموذجان لتطبيق الشريعة فى قضية ( جمع الزكاة ) من الشعوب .. أنقل الموضوع من كتاب ( الطور المهدوى ) لعالم سبيط النيلى : ـــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ طريقة الأمام على عليه السلام ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ (ففي عهد الإمام علي (ع) كانت الطريقة التي أمر بها غريبة تماماً عن الوسط الاجتماعي وطرائق جباية الزكاة باستثناء أولئك الذين رأوا النبي (ص) فتذكروا أن هذه طريقته، فقد أمر الإمام أن يقف الجابي على باب الدار بعيداً ويدير وجهه وينادي سائلاً إن كان هناك رجلٌ في الدار؟
فإذا خرج إليه رجل من الدار سلم عليه ثم قال:
"الديك يا عبد الله شيء من مال الله أحمله إلى ولي الله؟"
عليه أن يذكر ذلك بلطف وأدب، فإذا رأى أن أهل الدار في مصيبة أو عندهم مريض شغلوا به اعتذر منهم وتركهم!. فإذا قال صاحب الدار نعم عندي شيء من مال الله فإذا كان مثل البقر والغنم والحبوب يطلب من صاحب المال أن يقسمه نصفين. ثم يدير وجهه ويخيرّ صاحب المال أحد النصفين. ثم يقسم النصف المتروك ويفعل ما فعله في المرة الأولى.
ثم يفعل ذلك مرة بعد مرة حتى يبلغ المال الجزء الذي هو حق الله في المال فيجعل الخيار لصاحب المال في أخذ أحد الجزأين. 2 ـ طريقة الخلفاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما طرائق الخلفاء فيكفي ان أذكرك بواحدة منها فقد كان جابيه على الزكاة (خالد بن الوليد) حينما قام بجباية الزكاة من (مالك بن نويرة) وقومه.
وخلاصتها ان خالد حاصرهم حينما قالوا ليس عندنا مال تحمله للخليفة وكشف عليهم الرجال. ثم أعطاهم الأمان فدخل الجيش فلما القى مالك وقومه السلاح عمد الجيش إلى إشهار السلاح فقتل معظم الرجال وفرت النساء والصبيان ثم أسر منهم جماعة وقتل مالك الرجل الشجاع غدراً ثم عمد خالد على أخذ زوجته من غير (عدة) شرعية وعمل ولائم على دماء القوم وفي أرض مصرعهم وفتش الجنود عن أثافي للقدور فلم يجدوا فأمر بوضع رؤوس القتلى أثافي للقدور فكان يأكل وينكح على رائحة شواء الرؤوس البشرية!!. وفى الختام ـــــــــــــــــــــ العالم كله يعيش مرحلة مخاض عسير ، يتمثل فى هذه الثورات والإنتفاضات ، والحروب ... مخاض لولادة طور جديد هو عصر الخلافة الألهية للأرض بعد فشل كل مشروعات الخلافة لغير المختارين ... بل وحتى المشروعات الغربية والشرقية والتى نتج عنها حربين عالميتين راح ضحيتهما أكثر من 50 مليون قتيل .... كما أن العالم أيضاَ يعيش عصر تمهيد حقيقى يتمثل فى بشائر إنتصارات تحققها دول وأحزاب مقاومة تتبنى مشروع الخلافة المعصومة ... مثل إيران وحزب الله ، ولعل هذا هو السبب فى نجاح المشروع الأسلامى الإيرانى لأنه يقوم على أساس عقيدة الولاية والخلافة المعصومة وهنا فقط .. نستطيع أن نتكلم عن التطبيق الحقيقى للشريعة أو الحكم الألهى ... يقول تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِيارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًايَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَفَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)