مسألة سؤال عمر لحذيفة بن اليمان رضوان الله عليه : هل أنا من المنافقين جعلت القوم يتخبطون أيما تخبط في محاولة لترقيع موقف عمر .. لنسرد بعض مصادر القصة أولاً :
المطالب العالية - الحافظ ابن حجر العسقلاني - الجزء 10 الصفحة 308
3718 - وقال مسدد : ثنا يحيى ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب قال : سمعت حذيفة ، يقول : « مات رجل من المنافقين فلم أصل عليه ، فقال عمر : ما منعك أن تصلي عليه ؟ قلت : إنه منهم ، فقال : أبالله منهم أنا ؟ قلت : لا . قال : فبكى عمر » إسناده صحيح ، وقد استنكره يعقوب بن سفيان من حديث زيد بن وهب
______________________
المصنف في الأحاديث والآثار - بن أبي شيبة - الجزء 7 الصفحة 481
37390 - حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب قال مات رجل من المنافقين فلم يصل عليه حذيفة فقال له عمر أمن القوم هو قال نعم فقال له عمر بالله منهم أنا قال لا ولن أخبر به أحدا بعدك
______________
جامع البيان في تأويل القرآن - الطبري - الجزء 14 الصفحة 443
17130- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة : (سنعذبهم مرتين)، عذاب الدنيا، وعذاب القبر،(ثم يردون إلى عذاب عظيم)، ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أسرَّ إلى حذيفة باثني عشر رجلا من المنافقين، فقال: "ستة منهم تكفيكَهم الدُّبيلة، (2) سِراج من نار جهنم، يأخذ في كتف أحدهم حتى تُفضي إلى صدره، وستة يموتون موتًا. ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رحمه الله، كان إذا مات رجل يرى أنه منهم، نظر إلى حذيفة، فإن صلى عليه، وإلا تركه. وذكر لنا أن عمر قال لحذيفة: أنشُدُك الله، أمنهم أنا؟ قال: لا والله، ولا أومِن منها أحدًا بعدك !
______________________________
ابن حزم في المحلى بالآثار - الجزء 23 الصفحة 129
قال أبو محمد: وأحاديث موقوفة على حذيفة فيها: أنه كان يدري المنافقين، وأن عمر سأله: أهو منهم ؟ قال: لا، ولا أخبر أحدا بعدك بمثل هذا، وأن عمر كان ينظر إليه فإذا حضر حذيفة جنازة حضرها عمر، وإن لم يحضرها حذيفة لم يحضرها عمر، وفي بعضها منهم: شيخ لو ذاق الماء ما وجد له طعما: كلها غير مسندة.
وعن حذيفة قال: مات رجل من المنافقين فلم أذهب إلى الجنازة فقال: هو منهم، فقال له عمر: أنا منهم ؟ قال: لا.
_____________________________
خرج لنا من يحاول يائساً الدفاع عن عمر حيث قال أن سؤال عمر لحذيفة منقبة من شدة ورعه و تقواه و استدل بهذا الحديث ( استخرجته من مصادره بشكل مرتب أحسن من الوهابي المبعثر ) :
صحيح سنن الترمذي - الألباني - الجزء 3 الصفحة 79
3175 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان حدثنا مالك بن مغول عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) قالت عائشة أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون قال لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات قال وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن سعيد عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا.
تحقيق الألباني:
صحيح، ابن ماجة (4198)
__________________
السلسلة الصحيحة - الألباني - الجزء 1 الصفحة 161
162 - " لا يا بنت الصديق ، و لكنهم الذين يصومون و يصلون و يتصدقون و هم يخافون أن
لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 255
أخرجه الترمذي ( 2 / 201 ) و ابن جرير ( 18 / 26 ) و الحاكم ( 2 / 393 - 394 )
و البغوي في تفسيره ( 6 / 25 ) و أحمد ( 6 / 159 و 205 ) من طريق مالك بن مغول
عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم قالت :
" سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم " عن هذه الآية ( و الذين يؤتون ما آتوا
و قلوبهم وجلة ) . قالت عائشة : هم الذين يشربون الخمر و يسرفون ؟ قال " فذكره
. و قال الترمذي :" و قد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن سعيد عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا " .
قلت : و إسناد حديث عائشة رجاله كلهم ثقات ، و لذلك قال الحاكم : " صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي .
قلت : و فيه علة ، و هي الانقطاع بين عبد الرحمن و عائشة فإنه لم يدركها كما في
" التهذيب " ، لكن يقويه حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الترمذي فإنه موصول
و قد وصله ابن جرير : حدثنا ابن حميد قال : حدثنا الحكم بن بشير قال : حدثنا
عمر بن قيس عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني عن أبي حازم عن أبي هريرة
قال : قالت عائشة : الحديث نحوه .
و هذا سند رجاله ثقات غير ابن حميد ، و هو محمد بن حميد بن حيان الرازي و هو
ضعيف مع حفظه ، لكن لعله توبع ، فقد أخرج الحديث ابن أبي الدنيا و ابن الأنباري
في المصاحف و ابن مردويه كما في " الدر المنثور " ( 5 / 11 ) و ابن أبي الدنيا
من طبقة شيوخ ابن جرير ، فاستبعد أن يكون رواه عن شيخه هذا . و الله أعلم .
قلت : و السر في خوف المؤمنين أن لا تقبل منهم عبادتهم ، ليس هو خشيتهم أن لا
يوفيهم الله أجورهم ، فإن هذا خلاف وعد الله إياهم في مثل قوله تعالى ( فأما
الذين آمنوا و عملوا الصالحات ، فيوفيهم أجورهم ) ، بل إنه ليزيدهم عليها كما
قال ( ليوفيهم أجورهم و يزيدهم من فضله ) ، و الله تعالى ( لا يخلف وعده ) كما
قال في كتابه ، و إنما السر أن القبول متعلق بالقيام بالعبادة كما أمر الله
عز و جل ، و هم لا يستطيعون الجزم بأنهم قاموا بها على مراد الله ، بل يظنون
أنهم قصروا في ذلك ، و لهذا فهم يخافون أن لا تقبل منهم . فليتأمل المؤمن هذا
عسى أن يزداد حرصا على إحسان العبادة و الإتيان بها كما أمر الله ، و ذلك
بالإخلاص فيها له ، و اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم في هديه فيها . و ذلك معنى
قوله تعالى ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ، و لا يشرك بعبادة ربه
أحدا ) . انتهى
_______________________________
قلتُ كربلائية حسينية : من قلة الحيلة لجأتم لهذا الرد المتهافت ..
الرواية عن عائشة و كلام الألباني فيها في واد و حديث حذيفة في وادي آخر ..
عمر سأل حذيفة رضوان الله عليه : هل أنا من المنافقين ..؟؟
و لم يسأله هل أنا من المرضي عنهم و مقبول الأعمال أم لا ..!!
و لم يسأله هل أنا أتممت أعمالي على ما أراد الله ..!!
و لم يسأله هل أنا ممن أحسن العبادة أم لا ..!!
و لم يسأله هل أنا مقصر أم لا ..؟؟
و ليس من صفات المنافقين الوجل و الخوف من أن أعمالهم لا تقبل ..
فكل ما سبق من أسئلة و أسباب هي للمؤمن و استحالة أن تطرأ على منافق لأنه منافق بالأساس و لا يهمه إن قام بالعمل و العبادة على أكمل وجه أم لا و لا يهمه إن كان عمله مقبول منه أم لا .. و بهذا يكون استدلالكم بهذه الرواية ســـاقط و راسب بسبع مواد .. !
كما أن الله تعالى قال : { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } و بهذا بيان بأن عمر كان دائماً يخاف من أن يفتضح أمره ..
و حذيفة لم يكون يتكلم به عن عبادة أو صلاة أو صوم بل كان يتكلم عن المنافقين الذين حاولوا قتل رسول الله في العقبة فأين هذا من ذاك ..؟؟!!!
فالنتيجة : سؤال عمر ليس من ورعه الشديد كما تحاولون خداع أنفسكم و تضليل الآخرين
بل سؤال عمر أخطر من ذلك بكثير حيث يسأل هل أنا من المنافقين الذين حاولوا قتل رسول الله ؟؟
لاحظ أن محور الحديث ( حديث حذيفة ) كان عن المنافقين الذين حاولوا قتل رسول الله في العقبة حيث أخبره رسول الله بأسماهم و اعترف بذلك بن تيمية :
مجموع الفتاوى - بن تيمية - الجزء 13 الصفحة 253
(( ... وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ : فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ : { أَنَّ حُذَيْفَةَ كَانَ يَعْلَمُ السِّرَّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ } وَكَانَ ذَلِكَ مَا أَسَرَّهُ إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ مِنْ أَعْيَانِ الْمُنَافِقِينَ فَإِنَّهُ رَوَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْمُنَافِقِينَ أَرَادُوا أَنْ يَحِلُّوا حِزَامَ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ لِيَسْقُطَ عَنْ بَعِيرِهِ فَيَمُوتَ وَأَنَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِ بِذَلِكَ وَكَانَ حُذَيْفَةُ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَسَرَّ إلَيْهِ أَسْمَاءَهُمْ . وَيُقَالُ إنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ حُذَيْفَةُ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حَقَائِقِ الدِّينِ وَلَا مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَخْبَارِهِمْ مَا ذَكَرَهُ حَتَّى أَنَّ سُورَةَ " بَرَاءَة " سُمِّيَتْ الْفَاضِحَةَ لِكَوْنِهَا فَضَحَتْ الْمُنَافِقِينَ وَسُمِّيَتْ الْمُبَعْثِرَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ لَكِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَذْكُرْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَإِذَا عَرَفَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الْمَوْصُوفِينَ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَعْرِيفِهِ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ الْمَوْعُودِينَ بِالْجَنَّةِ فَإِخْبَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرَهُمَا فِي الْجَنَّةِ كَإِخْبَارِهِ أَنَّ أُولَئِكَ مُنَافِقُونَ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ الْعِلْمِ الْبَاطِنِ فَهُوَ مِنْ الْبَاطِنِ الْمُوَافِقِ لِلظَّاهِرِ الْمُحَقِّقِ لَهُ الْمُطَابِقِ لَهُ .)) انتهى
بل و قد أفادنا حطب جهنم بن تيمية هنا و أغنانا عن اطالة الشرح و التبيان حيث قال أن عمر و أبو بكر و غيرهما موعودون بالجنة أي لديهم صك من الله ورسوله بأنهم في الجنة فكيف يأتي هذا المبشر و الموعود بالجنة و يسأل هل أنا منافق حاولت قتل رسول الله في العقبة ..؟؟
كمثال أقول :
جريمة أو تفجير وقع بمكان معين و الشرطة أعلنت أنهم توصلوا للجناة بأسمائهم و عنواينهم كاملة و التهمة ثابتة عليهم و عندهم أدلة ساطعة فيذهب شخص لا علاقة له بالتفجير و يسأل الشرطة هل أنا منهم ..؟؟ هل اسمي من بين أسماء هؤلاء المجرمين ..؟؟
لا يفعل ذلك إلا واحد من اثنين :
إما مجنون أحمق لا يدري ما يقول و ما يفعل ..
و إما شخص مشترك معهم بالجريمة و خائف من أن يفتضح أمره و أصيب بهلع و قلق شديد أفقداه صوابه فذهب بكل غباء و سأل الشرطة هذا السؤال و هذا ما فعله عمر ...
عمر كان ممن حاول قتل رسول الله بالعقبة و خاف أن يكون حذيفة قد علم بأنه منافق فذهب يسأله كي يتأكد و لكي يتصرف على أساسه مع حذيفة ( يعني يصفيه ) .. لكن حذيفة أذكى منه حيث حفظ سر رسول الله و قال له لا لعلمه ربما بما يريد به عمر و لا أشك للحظة واحدة أن عمر كان سيقتل حذيفة غدراً ( لأن ما عرف عن سيرة عمر بأنه جبان مجبن لا يقوى على مواجهة الرجال وجهاً لوجه ) كي يتخلص منه و يدفن سر رسول الله معه و لذلك قال له حذيفة لا لست منهم و لن أخبر به أحداً بعدك .. أي لن أجاوب على أي أحد يسألني هذا السؤال بعدك .. !
نستخلص من كل ما سبق أن عمر فضح نفسه عبر كل العصور بأنه من المنافقين من خلال سؤاله لحذيفة رضوان الله عليه : هل أنا من المنافقين ..؟؟
المبشر بالجنة لا يشك بنفسه أنه منافق ذهب ليقتل رسول الله بالعقبة .. أليس كذلك ؟؟
و السلام ..