السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
امتازت أحداث عاشوراء بصفة الفرادة التي جعلت من كربلاء حدثاً حيّاً في نفوس الناس. وهذه الفرادة في كربلاء تشمل أبعاداً متعدِّدة، بدءاً من البُعد العاطفيّ إلى الموقف الحاسم من نصرة الحقّ وصولاً إلى البُعد المرتبط بالتضحية في سبيل الحقّ. ومن هذه الأبعاد تلك الجماعة التي وقفت مع الإمام الحسين (ع) في ذلك اليوم فبذلت مُهجها في طاعة إمام زمانها، فكانت الجماعة الأبرّ والأوفى بلسان ووصف إمامها.
ودراسة ظاهرة أنصار الحسين (ع) كما يمكن أن تتّجه ناحية ملاحظة التضحيات التي بذلوها والإخلاص المشهود في شخصيّتهم والثبات على موقفهم في نصرة الإمام وطاعة القائد، يُمكن أن تتّجه ناحية صفة الوعي الذي كانوا يملكونه. فهؤلاء لم ينجرفوا من عاطفة فقط أو من محبَّة فقط، بل كانوا يشكِّلون قمَّة الوعي وقمَّة الإدراك لما يُحيط بهم، ولذا كانوا قادة الوعي في زمانهم الذين يعلمون بحقيقة ما يجري على أمّة رسول الله (ص) ومدى الانحراف الذي ابتليت به هذه الأمّة عن خطّ الرسالة. هذا الوعي الذي تلقّوه من إمام زمانهم كان وعياً تاماً للخطوة التي يُقدمون عليها، وللأهداف التي يرمون إلى الوصول إليها، فقد علم هؤلاء وأدركوا بشكل تام أنَّ الدم في يوم عاشوراء سوف يَنتصر على السيف.
ولو أردنا أن نلحظ هذا الوعي، فإنَّنا نلحظه في الكلام الذي صدر عن حناجرهم في مختلف المواطن، ففي حوارهم مع الإمام الحسين (ع) وفي أراجيزهم الشعرية عندما كانوا يخوضون ساح الحِمام وفي وصاياهم لبعضهم بعضاً وفي حوارهم مع أعدائهم كانت تظهَر دلائل الوعي في أرقى درجاته وأعظم تجلِّياته.
هذا الخطاب السياسيّ للأنصار تجد فيه معالم النهضة الحسينية، وقد تمثَّل في: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بيان الإمامة الحقَّة، واجب حفظ ذرية النبيّ، أداء حقّ الإمام المعصوم، مواجهة الظلم والضيم، الوفاء بالعهود والمواثيق، اتِّباع الحجَّة والدليل والبُعد الأخروي.
وقد أطلق الأنصار في خطابهم السياسيّ في عاشوراء مجموعةً من الشعارات التي تحكي مدى الوعي الذي كانوا عليه:
أ - دينُ علي (ع): تشير هذه المفردة إلى تلك الجماعة الصالحَة التي سارت على خط أمير المؤمنين علي (ع) والتي حاربها معاوية بن أبي سفيان ونكَّل بها؛ ولذا كان شعار نافع بن هلال أحد أصحاب الإمام الحسين (ع) عندما برز للقتال: «أنا ابن هلال البجلي، أنا على دين علي».(1)
ب - يوم الأحزاب: استحضر أنصار الحسين (ع) يوم الأحزاب بما يحمله من دلالات ترتبط باجتماع أهل الكفر كافَّة لمحاربة أهل الإيمان، وكيف كان النصر حليف المؤمنين وهزم الله عزَّ وجل الأحزاب وحده.
ج - بنو فاطمة (ع): وهذا ما نشهده في خطاب زهير بن القين لأعداء الحسين (ع) الذين وقفوا في مواجهته حيث قال: «إنَّ ولد فاطمة أحقُّ بالودِّ والنصر».(2)
لقد وفى هؤلاء الأنصار للحسين (ع) وكان وفاءً منطلقاً من وعي تام وإيمان تام يرقى بالنفوس إلى مستوى تلك التضحيات التي بذلوها.
والتأسِّي بأنصار الحسين (ع) كما يكون في الثبات على الحقّ وبذل المُهج في سبيل الحقّ، يكون بامتلاك الوعي التام بالمسيرة التي التحقنا بركابها، وبأهداف هذه المسيرة وبالإيمان التامّ بقادة هذه المسيرة وبحكمتهم في إدارتها والسير بها إلى أهدافها المنشودة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
اللهم ص على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليك يامولاي يا ابا عبد الله ابدا مابقيت وبقي الليل والنهار
جزاك الله خير الجزاء غاليتي على هذا الطرح القيم جعله الله لك في ميزان حسناتك