يحكى أن رجلاً تزوج امرأة آية في الجمال ... فأحبها وأحبته وكانت نعم الزوج لنعم الرجل .
ومع مرور الأيام اضطر الزوج للسفر طلبا للرزق ..
ولكن .. قبل أن يسافر أراد أن يضع امرأته فيأيدٍ أمينة لأنه خاف من جلوسها وحدها في البيت
فهي امرأة لا حول لها ولا قوة فلم يجد غيرأخ له من أمه وأبيه ..
فذهب إليه وأوصاه على زوجته وسافر
ومرت الأيام ..
وخان هذا الأخ أخيه فراود الزوجة عن نفسهاإلا أن الزوجة أبت أن تهتك عرضها وتخون زوجها ...
فهددها أخو الزوج بالفضيحة إن لم تطيعه ... فقالت له افعل ما شئت فإن معي ربي
وعندما عاد الرجل من سفره قال له أخوه علىالفور أن امرأتك راودتني عن نفسي
وأرادت خيانتك إلا أنني لم أجبها !! طلق الزوجزوجته من غير أن يتريث
ولم يستمع للمرأة وإنما صدق أخاه ! انطلقتالمرأة .. لا ملجأ لها ولا مأوى ..
وفي طريقها مرت على بيت رجل عابد زاهد .. فطرقتعليه الباب .. وحكت له الحكاية ..
فصدقها وطلب منها أن تعمل عنده على رعايةابنه الصغير مقابل أجر .. فوافقت .
في يوم من الأيام خرج هذا العابد من المنزل .. فأتى الخادم وراود المرأة عن نفسها ...
إلا أنها أبت أن تعصي الله خالقها !!
وقد نبهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وألهوسلم إلى أنه ما خلى رجل بامرأة إلا كان الشيطانثالثهما !
فهددها الخادم بأنه سينال منها إذا لم تجبه .. إلا أنها ظلت على صمودها
فقام الخادم بقتل الطفل ! عندما رجع العابدللمنزل قال له الخادم بأن المرأة قتلت ابنه ...
فغضب العابد غضباً شديداً .. إلا أنه احتسبالأجر عند الله سبحانه وتعالى .. وعفى عنها ...
وأعطاها دينارين كأجر لها على خدمتها لهفي هذه المدة وأمرها بأن تخرج من المنزل
قال تعالى : (والكاظمين الغيظ والعافين عنالناس والله يحب المحسنين)
خرجت المرأة من بيت العابد وتوجهت للمدينةفرأت عددا من الرجال يضربون رجلا بينهم ..
فاقتربت منهم وسألت أحدهم .. لمَ تضربونه؟؟ فأجابها بأن هذا الرجل عليه دين
فإما أن يؤديه وإما أن يكون عبداً عندهم .. فسألته : وكم دينه ؟؟
قال لها : إن عليه دينارين . فقالت : إذن أناسأسدد دينه عنه
دفعت الدينارين وأعتقت هذا الرجل فسألهاالرجل الذي أعتقته : من أنت ؟
فروت له حكايتها فطلب منها أن يرافقها ويعملامعا ويقتسما الربح بينهما فوافقت ...
قال لها إذن فلنركب البحر ونترك هذه القريةالسيئة فوافقت .. عندما وصلا للسفينة
أمرها بأن تركب أولا .. ثم ذهب لربان السفينةوقال لها أن هذه جاريته وهو يريد أن يبيعها
فاشتراها الربان وقبض الرجل الثمن وهرب .. تحركت السفينة ... فبحثت المرأة عن الرجل
فلم تجده ورأت البحارة يتحلقون حولها ويراودونهاعن نفسها فتعجبت من هذا الفعل ..
فأخبرها الربان بأنه قد اشتراها من سيدهاويجب أن تطيع أوامره الآن فأبت أن تعصي ربها
وتهتك عرضها وهم على هذا الحال إذ هبت عليهمعاصفة قوية أغرقت السفينة
فلم ينجو من السفينة إلا هذه المرأة الصابرةوغرق كل البحارة ..
وكان حاكم المدينة في نزهة على شاطئ البحرفي ذلك اليوم ورأى هبوب العاصفة
مع أن الوقت ليس وقت عواصف .. ثم رأى المرأةطافية على لوح من بقايا السفينة
فأمر الحرس بإحضارها .. وفي القصر .. أمر الطبيببالاعتناء بها .. وعندما أفاقت ...
سألها عن حكايتها .. فأخبرته بالحكاية كاملة .. منذ خيانة أخو زوجها إلى خيانة الرجل
الذي أعتقته فأعجب بها الحاكم وبصبرها وتزوجها . وكان يستشيرها في كل أمره
فلقد كانت راجحة العقل سديدة الرأي وذاعصيتها في البلاد ... ومرت الأيام .
وتوفي الحاكم الطيب .. واجتمع أعيان البلدلتعيين حاكم بدلاً عن الميت ..
فاستقر رأيهم على هذه الزوجة الفطنة العاقلةفنصبوها حاكمة عليهم
فأمرت بوضع كرسي لها في الساحة العامة فيالبلد .
وأمرت بجمع كل رجال المدينة وعرضهم عليها .. بدأ الرجال يمرون من أمامها
فرأت زوجها .. فطلبت منه أن يتنحى جانباً ثمرأت أخو زوجها .. فطلبت منه أن يقف بجانب أخيه ..
ثم رأت العابد .. فطلبت منه الوقوف بجانبهم .. ثم رأت الخادم .. فطلبت منه الوقوف معهم ...
ثم رأت الرجل الخبيث الذي أعتقته .. فطلبتمنه الوقوف معهم .. ثم قالت لزوجها .
لقد خدعك أخوك .. فأنت بريء .. أما هو فسيجلدلأنه قذفني بالباطل ! ثم قالت للعابد ...
لقد خدعك خادمك .. فأنت بريء .. أما هو فسيقتللأنه قتل ابنك ! ثم قالت للرجل الخبيث ...
أما أنت .. فستحبس نتيجة خيانتك وبيعك لامرأةأنقذتك ! وهذه هي نهاية القصة
وفي ذلك نرى أن الله سبحانه وتعالى
لا يضيع أجر من أحسن عملا ومن يتق الله يجعلله مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ..
اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه
اللهم أرزقنا الجنة بدون سابقة عذاب ولا مراجعة حساب