أللهم صلّ على محمد وآل محمد
أرى أدمعي منها السحائبُ تستجدي** وفي القلبِ جمرٌ من فراقِكَ في وَقْدِ
فيا وقفةً في الحيّ يُشْجي ادّكارُهـــا ** وللشوق نارٌ قد حُرقت بها وحدي
وما كان من ذكرى سعـــادٍ وزينبٍ ** وهندٍ ولا ذكرى المرابــعِ من نجدِ
ولكن إلى وادي الغريّ صـــــبابتي ** وفَرْطُ حنيني والمبرّحُ من وجــدي
هنالكَ حيث الرملُ حبّاتُ لؤلــــــؤٍ ** تأرّجُ عطـــــراً قد تضمّخَ بالمجــدِ
أقامَ عليها الخلدُ عنوانَ فخـــــــرِهِ ** فكانتْ برغمِ الدهـــرِ أجدرَ بالخــلدِ
يعانقنَ قبراً ضمّ للحقِّ والهــــــدى** مناراً به كــــلُّ البريّــةِ تَســــتهدي
يضمّ فتىً قد كان رِِدءاً لأحمــــــــدٍ ** وغوثاً إذا ماجتْ قريـشٌ من الحقدِ
وقاهُ بنفسٍ كان لولا وفاؤهـــــــا ** لوفّتْ قــريشٌ للضـــلالةِ بالعهــــــدِ
تصدّى لها والسيفُ في كفِّ قِسْوَرٍ ** يُجدّلُ أبطــالاً أشــــدَّ من الاُسْـــدِ
سَلوا عنه بدراً كيف أردى كماتِهــا ** وإلا سَـلوا عنه الوقائــعَ في أحْــدِ
ويومَ حنينٍ فاسألوا من أبادَهــــــا ** بســيفِ لنصرِ الدينِ جُـرّدَ من غِمْدِ
وفي الخندق الأحزابُ لما تحزّبــت ** كتائبَ غيٍّ تســــــتحثُّ خُطى الجِدّ
فمن ردّها والموتُ يحدو ركابهــــا ** غداة انبرى بالســيف لابن أبي ودِّ
فقامَ لهُ والمســـــــلمونَ كتـــائبٌ ** فتيّاً تحدّى المـــوتَ كالأسـدِ الوَردي
كما قامَ والصمصامُ في كفِّ مرحــبٍ ** يناجزُ جيشــــاً ليس يطمـــعُ بالردّ
برى مَرحباً وانصاعَ يَفني عَصائباً ** من الشَّركِ كـــــانتْ كالأنامل للزندِ
بيومٍ به لم يبقَ للدين ناصرٌ ســواهُ ** وقد مالَ الأنـــــــامُ عن القصْـــدِ
ثمانونَ حرباً قد جلاها ببأسِــــــهِ ** ولم يَشْكُ من ثِقلِ الجراحِ ولا الجهدِ
وما كان فيها حين ذاك مؤخّـــــراً ** عن القومِ بل كان الطليعةَ في الجُنْدِ
يزمُّ لواءَ النصر جذلانَ مُنجـــــزاً ** لوعد الفــــدا والحــرّ أنجز للوعـد
يكافحُ لا يُثنيه عن نصر أحــــــمدٍ ** زحوفُ ضلالٍ لا تثوب إلى الرشدِ
وكان له كالظلِّ في كلِّ موقـــــــفٍ ** يقيه بنفسٍ لا تنـــــــام على حِقْـــدِ
كريمةُ طبعٍ قد غذاها محمّــــــــــدٌ ** بغارِ حراءٍ بالســـــــماحةِ والرّفْـــدِ
ويرضعه دِرّاً من الحِلْـــــمِ والتقى ** وكان له حِجْرُ الرســــالةِ كالمَهْــــدِ
فغذّاه طفلاً ثم ربّــــــاهُ يافعــــــــاً ** بقلبِ نبيٍّ لا يفيضُ ســـوى الــــودِّ
تفرّسَ فيه شَمْخَـــــةً هاشــــــميةً ** بملءِ فمِ الأيّـــــامِ تذكـــرُ بالحمــــد
********
ولما دعاهمْ يــــومَ خمٍّ نبيّهُـــــــمْ ** يناديهِمُ والبـيدُ تُمـلأ بالحشْـــــــدِ
بقولٍ له في مسمعِ الدّهـــــــرِ رنّةُ ** على رغمِ عمروٍ إن تنكّر أو زيــدِ
فمن كنتُ مولاهُ فهـــــــــــــــذا وليّهُ ** وليس سواه للخلافةِ من بعـــدي
فمدّتْ له الأيدي إلى أخذِ بيعــــــــةٍ ** لتسلمَ من أمْتِ الغواية والصـــــدِّ
وهنّا أبو حفصٍ علياً مخــــــــاطباً ** بأنك مولاي المُدِلّ إلى الرشــــــدِ
ألا لا رعى الشّورى التي يدّعونها ** وقد أقبرت حقّ الوصيّةِ في لحْــدِ
ولم ترعَ للقـــرآنِ نصّــــــــاً مؤكّداً ** فعادت بوجهٍ بالضلالةِ مُسْـــــوَدِّ
وهبّت تُغِـذُّ السير تلقـــاء غيّهـــــا ** على عَجَلٍ سَيْرَ العِطاشِ إلى الوِرْد
تأصَّلَ فيهـــا الغيّ حتى كأنّهـــــــا ** له خُلِقَــــــتْ لا للفضـــيلةِ والحمدِ
وخلّت عليّاً يجرعُ الموتَ صـابراً ** يفوّضُ ما يلقــــــاهُ للأحـــــدِ الفردِ
وساموهُ أنْ يختـــارَ إما لحقِـــــه ** جهاداً فيُفني الديـــــنَ رائدُهُ المهدي
وإما يميزُ الصمتَ من كان ســيفهُ ** بهم خاطباً فأختارَ أضــــمنَ للعهدِ
وما قيمةٌ للمُلْكِ في جنبِ غايـــــةٍ ** رعاها بِــــروحٍٍ لا يكـــــلُّ من الكدِّ؟
ومن طلّق الدنيا ثلاثـاً أ يرتـــجي ** تملّك أيــــــامٍ تـــزولُ مع العــــــدِّ؟
*******
أبا حسنٍ أفديك نفسـاً أذابَهــــــــا ** لذيعُ جوىً بالرائعـاتِ لكــــم تُهدي
أتيتُ بها أبــغي إلى الله قربَـــــــةً ** وتلكَ ليومِ الحشرِ أذخرُ ما عنــدي
وإنّي بيومِ الحشرِ أرجو شفاعــةً ** فإني إلى جـــدواكَ أطمــــعُ بالرّفْــد
عليك سلامُ الله يا منقــذَ الــورى ** ومنجدَها يا قطبَ دائـــــرةِ المجـــدِ
عادل الكاظمي