بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
محمد وآله أجمعين واللعنة الدائمة على
أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين
أبطال الطف
أبطال التاريخ
=========
السلام عليكم جميعا ً ورحمة الله وبركاته
منذ فجر التاريخ وليومنا هذا مرت على وجه هذه الأرض أجيال كثيرة وخلق ٌ كثير لايعلمه إلا الله تعالى , كلهم عاشوا وماتوا , فمنهم من جآء إلى الدنيا وخرج منها من دون أن يشعر حتى به أحد , ومنهم من جآء وخرج وترك خلفه بضع حسنات أو سيئات فيذكر فيها بعد مماته هنيئة ثم يندثر ذكره
مايهمنا هنا
أُناس ٌ جآءوا الى الدنيا وخرجوا منها وقد حفروا في عمر الزمن أثرهم الذي لايمحى ولايضمحل أبدا ً
بل يزداد ذكرهم في كل حين حتى صاروا أنموذجا ً للبشرية عبر الأجيال تستلهم منهم كل فضائل الأخلاق والشيم
والإباء وعزة النفس والشهامة والبطولة وو......
في واقعة الطف الشهيرة
كانت هناك شخصيات حفرت ذاكرة التاريخ فعشعشت واستحوضت على كل تلك الذاكرة من دون أن تبقي لما بعدها نصيب يذكر
الحسين
العباس
زينب
هذا الثلاثي العظيم
يشهد الله تعالى كلما أجلس مع نفسي أتذاكر مواقف هؤلاء العظماء الثلاثة لاتكاد نفسي تستقر في بدني لعظمة مواقف هؤلاء العظماء
في واقعة الطف الأليمة لي فيها رأي ٌ خاص
أنا أرى مع ضرورة التركيز على الجانب العاطفي والمأساوي للقضية الحسينية , ولكن برأيي المتواضع أن نعطي هذا الجانب 50% من أهتمامنا
ونعطي 50% من باقي أهتمامنا للتفكر بما حدث في هذا اليوم الرهيب , لأن اساسا ً التفكر سيجرنا ليس للحزن فحسب بل إلى تصدع القلب وذوبان الروح من شدة ماسنستنتجه من مواقف رهيبة مرَّ بها هؤلاء الأبطال الثلاثة
لم ولن يأتي على أحد مثلما مرَّ عليهم
سنأخذ هذه الشخصيات الثلاثة على التوالي لنرى حجم العظمة التي تكتنز هؤلاء الابطال العظام وأي موقف عظيم مرَّ بهم لايحتمله أنبياء الله المقربين
الحسين الشهيد
========
روحي لتراب نعليه الفدى
عندما نريد أن نتكلم عن الحسين عليه السلام في أرض الطف يجب علينا أولا ً أن نستحضر من هو الحسين ماهي منزلة الحسين ماهو مقام الحسين عليه السلام
هل يكفي حديث الكساء للتدليل على مقام الحسين عليه السلام
يارسول الله العلي الأعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية والأكرام ويقول لك :
وعزتي وجلالي إني ماخلقت سماء ً مبنية ولا أرضا ً مدحية ولاقمرا ً منيرا ً ولاشمسا ً مضيئة ولا فلكا ً يدور ولابحرا ً يجري ولافلكا ً يسري
إلا
لأجلكم ومحبتكم
إذن مقام الحسين هو أعظم من الكون كله لأن الكون خلق من أجله وأجل محبته
نرجع إلى أرض الطف ونرى من خلق الكون لأجله ومن هو خليفة الله في ارضه وحجته على عباده ومن هو عند الله
(( عظيم ))
وهذه العظمة جآئت تسميتها من الجليل الأعلى روحي لاسمائه الحسنى الفدى حيث أجمع كل علماء التفسير أن المقصود بهذه الآية الشريفة :
وفديناه ُ بذبح ٍ عظيم
الصافات -- 107
المقصود بالعظيم هو الإمام الحسين عليه السلام وحسب رواية الإمام الرضا عليه السلام وروحي لتراب نعليه الفدى
هذا العظيم عند الله تعالى
ماذا جرى عليه في يوم الطف العظيم ؟؟
ماذا جرى بينه وبين أشّر خلق الله تعالى من الذين لم يثبت التاريخ أنهم كانوا يمتلكون أبسط مقومات الإنسان العادي أو الصفات الإنسانية , بل كما وصفهم القرآن الكريم
إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل
الفرقان -- 44
قبل أن نسترسل في هذه المواقف من أجل أن نبرز عظمة هذا العملاق العظيم يتوجب علينا أن نكون مطلعين على خصائص هذا الإمام العظيم ومقاماته ومنزلته ومرتبته عند الله تعالى
من أجل أن نفهم لاحقا ً بعض المواقف التي مر بها هذا الإمام العظيم ومن خلال هذه المقارنات بالطبع ستتضح الصورة بالكامل كم هو عظيم هذا الكائن الذي يمتلك هذه القدرات الهائلة العملاقة التي لانستطيع حتى أن ندرك عظمتها والذي لم يستخدم هذه الخصائص والإمكانيات التي يمتلكها ولم يسخرها في معركة الطف العظيمة
فلماذا ؟؟
أولا ً
===
الولاية التكوينية
وهي القدرة على التصرف المطلق في عوالم الإمكان بموجب هذه الولاية التي خص بها الحسين عليه السلام وآل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وهذه الولاية هي التي سماها الجليل الأعلى روحي لأسمائه الحسنى الفدى بـ (( الملك العظيم )) !!
فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا ً عظيما
النساء -- 54
ثانيا ً
===
استجابة الدعاء
جآء في محكم كتابه العزيز
وقال ربكم أدعوني استجب لكم
غافر -- 60
وقال عز من قال
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
البقرة -- 186
فمن أولى بالحسين عليه السلام أن يستجيب الله تعالى دعوته إن اراد الحسين عليه السلام أن يدعوا على ظالميه وطالبي قتله وأهله وذريته ولقد ورد في الحديث الشريف :
إن الله تعالى ليستجيب للفاسق دعوته بحق المؤمن
فهل يعقل أن تكون دعوة الفاسق عند الله تعالى مستجابة
ولاتستجاب دعوة حجته وخليفته في أرضه الحسين العظيم
عليه السلام ؟؟
ثالثا ً
===
علم الكتاب
لقد جآء في محكم كتابه العزيز
قل كفى بالله شهيدا ً بيني وبينكم ومن عنده
علم الكتاب
الرعد -- 43
هذا هو الخيار الثالث الذي كان متاحا ً للإمام الحسين عليه السلام يوم الطف فصار عندنا ثلاثة خيارات كان بإمكانه أن يتصرف بأي واحدة من تلك الخيارات التي هي
عـــــــلم الكتاب
الولاية التكوينية
الدعــــــــــــــاء
نقول لماذا الحسين عليه السلام لم يلجأ إلى هذه الخيارات الثلاثة لحسم المعركة ناهيك عن الخيارات الأخرى المتاحة لديه ولكن نكتفي بهذه الخيارات التي كان باستطاعته حسم المعركة لصالحه
إما بالدعاء
وما هو عند الله أهون من الفاسق الذي يستجيب الله له دعوته بحق المؤمن
أو بأهون على الله تعالى من نبي الله نوح على نبينا وآله وعليه السلام حينما دعا على قومه فجآءه الجواب
ونوح إذ نادى من قبل فاستجبنا له ونجيناه وأهله من الكرب العظيم
الأنبياء -- 76
فلماذا لم يدعوا الحسين عليه السلام على قومه في الحال ؟؟
وإما بالتصرف بالولاية التكوينية
فهو قادر بما أودع الله تعالى فيه من قابليات وقدرات أن يهلك يزيد وجيشه وليس فقط جيش عبيد الله بن زياد وينهي الأمر , وكما قيل في يوم ٍ ما لأبيه أمير المؤمنين عليه السلام روحي لتراب نعليه الفدى أحقا ً من يملك مثل قدراتك هذه لايستطيع القضاء على معاوية ؟
فأشهدهم على فعله حين كان على منبر الكوفة وأخرج رجله الشريفة وأرجعها فقال ضربت معاوية على صدره وقلبته من على منبره في الشام وجآءت الأخبار بصدق مولانا الأمير عليه السلام !!
فهل يعجز الحسين عليه السلام أن يهلك يزيد بموجب تصرفه بالولاية التكوينية هو وجيشه أجمعين !!
وإما تصرفه
بعلم الكتاب
الذي ورثه من مولانا أمير المؤمنين عليه السلام , فهل يعجز الحسين عليه السلام من أن يأتي بعرش يزيد اللعين وحاشيته وجيشه كما فعل آصف بن برخيا
عليه السلام حين جآء بعرش بلقيس إلى نبي الله سليمان على نبينا وآله وعليه السلام ؟
فهل الحسين أهون عند الله من آصف بن برخيا أو العفريت الذي قال لسليمان عليه السلام أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ؟
والحسين أفضل من سليمان وآصف وكل الأنبياء والرسل ؟
يبقى السؤال قائم
لماذا لم يستخدم الحسين عليه السلام هذه الخيارات وينهي هذه الماساة العظيمة والمجزرة الرهيبة ؟؟
سبب واحد فقط لاغير
شآء الله أن يراني قتيلا ً ....
والله تعالى سبحانه جلت قدرته يقول في محكم كتابه العزيز
وماتشآؤون إلا أن يشآء الله
الأنسان -- 30
الحسين العظيم اراد أن تمضي مقادير الرب العظيم
أراد أن ينفذ مشيئة الخالق العظيم وفق الحكمة الألهية التي ارادها لخلقه وتمضي الأمور وفق مشيئته سبحانه وتعالى
ولكن ... ولكن
ماذا تحمل هذا العملاق العظيم الذي يمتلك هذه القدرات العظيمة في سبيل تنفيذ مشيئة الله تعالى وتنفيذ أوامره وطاعته وبالتالي كان عظيما وأكتسب عظمته من هذه المواقف التي تعجز كل البشرية عن الأتيان بواحدة منها
هذا ماسنتعرف عليه في الجزء اللاحق
إن شاء الله تعالى
نسالكم الدعاء
أخوكم
حسين السعدي