|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 72182
|
الإنتساب : May 2012
|
المشاركات : 1,053
|
بمعدل : 0.23 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
د. حامد العطية
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 27-10-2013 الساعة : 12:35 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قال الله -تبارك وتعالى- في مُحكَم كتابه العزيز:
((الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)) [الزمر : 18]
الآية القرآنية الكريمة انطلقت من المُتلقي الإعلاميّ، وركزت منهجاً إعلامياً أصيلاً إذ يبحث من وحي الاستماع، لا من وحي الغفلة، وكيف يكون المُعطي الإعلاميّ قد قدَّم الحقيقة بوعائها الصحيح؛ حتى يأخذ أحسنه، والمُلفِت في الآية الشريفة أنها لم تُشٍر إلى أنَّ المُعطي الإعلاميَّ يُعطي شيئاً سيِّئاً.. المُتلقي يبحث عن الأحسن.
((فيتبعون أحسنه)) هناك حَسَن في العطاء الإعلاميّ، وهناك أحسن، وتُشير الآية إلى أنَّ القصد من الإعلام ليس للترف الثقافيّ إنما لغرض الاتباع، والسلوك، وهذه تضع المُعطي الإعلاميّ أمام مسؤولية أنه عندما يُطلِق الكلمة من موقع العطاء سيتلقاها المُستمِع، ويُؤسِّس عليها حقيقة ما.
لسنا في حالة تمنٍّ بأن نُوحِّد الفضائيات، أو الإذاعات، أو التلفزيونات، فلتتعدَّد، وتجتهد، إلا أننا نُريد أن نُوحِّد الخطاب الإعلاميَّ؛ فتعدُّدُ الفضائيات والأوعية الإعلامية لا يتنافى، بل العكس يبرع في أن يكون الخطاب المُوحَّد -رغم تعدُّد الفضائيات- أبلغ أثراً؛ لأنه يعتمد الأساليب المختلفة، والله -تبارك وتعالى- جعل السُبُل المُتعدِّدة مادامت تنطلق من دافع صحيح، وتستهدف تحقيق هدف صحيح، فلتتعدَّد السُبُل:((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)) [العنكبوت : 69] ولم يقُل (سبيلنا)، و ((وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ))
تُحسِن، وتُجيد فنَّ العطاء الإعلاميِّ بطريقة صحيحة، من وحي الشعار الذي اتخذه اللقاء الأول لقاء المُبادَرة (الضمير والمسؤولية).. الضمير من ضَمَرَ الشيء كتمه في نفسه، ويصعُبُ على الآخرين معرفته إلا الذي يُضمِر هذا الشيء، والمسؤولية هو الحال أو الصفة التي يشعر فيها الإنسان بأنَّ تركة ما سيتحمّلها، ويتحمّل عواقبها؛ لذا ينطلق الإعلاميُّ مما يُضمِر في نفسه، وفي سريرته.. الرقابة الحقيقية التي تنطلق من داخل كيان هذا الإعلاميِّ أنه عندما يتحدَّث، وعندما يكتب المقالة، وعندما يُجري لقاءً، وعندما يُحقّق برنامجاً ما يضع في حسابه المصلحة الكبرى للبلد بعيداً عن كلِّ الاعتبارات، ويشعر أنه سيُساءَل ليس فقط اليوم، بل غداً، وبعد غد.
التشويه الإعلاميّ بدأ الآن يلوح في الأفق، والذي كان في وقت ما مطموراً في الأرض بدأ الآن، وبدأ الناس يحاكمون..
ماذا كان موقف (ميرابو) خطيب الثورة الفرنسية؟
كان مُنافِقاً، وقد اغتال الثورة الفرنسية، وكان مُنسِّقاً مع لويس السادس عشر، ومع أخيه السابع عشر، مع الملك نفسه الذي ثارت عليه.
هذه ظاهرة ، ظاهرة الإعلام المُزيِّف للحقائق، لكن ماذا كانت النتيجة؟ الحقائق بقيت، والتاريخ حكم على هؤلاء بالخيانة.
هذا النوع من التزييف، والازدواج بين خطاب الإعلام وواقع الخطيب في العمق الذي باع ضميره نراه اليوم فيمن ينتقدون ظواهر الفساد في العراق ، هذا النفاق الإعلاميّ الذي نراه بعض الأحيان فالأمل معقود على جهودكم بأن ترفعوا الصوت الوطنيَّ العراقيَّ الذي يتحرّى الحقيقة، الصوت الذي يُلغي المسافة بين المُدَّعى والمُطبَّق، أما هذا الإعلام الذي يتكلّم بلغة يُزوِّق من يشاء، ويُضئِّل من يشاء تكرَّر في التاريخ، وصوَّره القرآن الكريم بأروع تصوير: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)) ، خطاب رائع جداً: ((وهو ألدُّ الخصام))ليس خصماً فقط، بل هو ألدُّ الخصام: ((وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ
الْفَسَادَ)) ..
لذا نريد الإعلام بكلمتين: كلمة يُلقي الضوء فيها على الأهداف المُعطّلة، ويحثُّ الحكومة على أن تُسارع في تنفيذها، والكلمة الأخرى أن يكشف الإعلام النقاب عن الفساد الموجود، ويُلقي الضوء على الحلول التي تتولّى عملية الإصلاح .
وأنا ومن منطلق المسؤولية أخاطب كلَّ سياسيٍّ، وكلَّ إعلاميٍّ، وكلَّ مسؤول إداريٍّ في الدولة بأن يتقي الله في العراق، وهذه الفجوة بين الادّعاءات وبين الواقع يجب أن نعمل على إلغائها.. من يخاف الله ينبغي أن لا يعيش هذه الازدواجية، والذي يُقِرُّ بسُنُن التاريخ فمهما امتدَّ التاريخ ستُكشَف كلُّ الإرقام إن لم يكن اليوم فغداً، وما لم نصطفَّ ضدَّ الفساد، ونحارب الفساد فسنكون جزءاً من الفساد، ولو بعد حين الفساد.. .
تقبل مني خالص الدعوات بالتوفيق
د. ابراهيم الجعفري
رئيس التحالف الوطني
|
|
|
|
|