|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 68721
|
الإنتساب : Oct 2011
|
المشاركات : 97
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزوي
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 23-02-2012 الساعة : 06:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
فعلا هذا هو التعريف المدرسي المشهور الذي هو (العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الاحكام الشرعية) والقواعد الممهدة معناه هو كل قاعدة مقررة ومحررة في علوم أخرى لها مساس ودخل في عملية الإستنباط يؤتى بها الى علم الأصول ليُبحث فيها عن حجيتها ودليليتها ومدى صلاحيتها للإستنباط ، فهو ليس مقتصراً على الأدلة الأربعة بل يشملها ويشمل غيرها، فهذا التعريف مطايق لذوق المتأخرين.
وأما تعريفنا المنتخب : هو صناعة يقتدر بها بها تأسيس القواعد التي من شأنها أن تقع في طريق استنباط الاحكام في أكثر من مورد وتكون الجزء الأكبر لعلة الإستنباط.
و وجه عدولنا عن التعريف المشهوري هو:
أولاً : إن وجه عدولنا من العلم الى أنه صناعة، لأن القاعدة الأصولية خاضعة للمذاق الشخصي وللإستظهار الخاص بشكل كبير فلا يمكن أن يكون معرفتها علماً ، وذلك لأن العلم هو العملية العقلية التي يحصل بها زوال خفاء من الذهن فهو مجرد إدراك ، وهذا لا يكون الاّ بعد معرفة تلك القواعد ، لأن العلم هو أسم لنفس تلك القواعد في الواقع وليس إسماً للعلم بها، بل لابد من وجود شيء هو فوق العلم وليس هو الاّ الصناعة والفن التي بواسطتها يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية، فان قاعدة إقتضاء النهي للفساد أو قاعدة مفهومية الجملة الشرطية ونحوهما تكون قاعدة عند من إستظهر قاعديتها بذوقه وصناعته بعد ان هذبها ونقحها فقط وليس عند غيره الذي لم تتنقح لديه ، بخلاف سائر القواعد من غير العلوم فانها قواعد مسلّمة غير خاضعة للمذاق الإستظهاري ، فمثل قاعدة الفاعل مرفوع في علم النحو ، وقاعدة كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس في الفقه ، وقاعدة الحركة من العرض المفارق في علم المنطق ونحوها ، فانها قواعد مسلّمة لدى جميع أهل هذه العلوم وليس هناك أي مدخلية للمذاق الإستظهاري ، بعكس قاعدية القاعدة الأصولية التي للمذاق الشخصي الإستظهاري المدخلية الكبرى في تنقيحها وتحريرها.
فالتعبير بأنه صناعة هو إلفات مهم جداً الى ذلك ، وفيه إلفات أيضاً الى أمر آخر وهو لأجل شدة مدخلية تحريك الطاقات العقلية واستثارة دفائنها وإخراج عمقيات تحليلات العقول في علم الأصول ، فهو ليس علماً جامداً بل فيه مجال واسع للتوسعة الفكرية .
ثانياً : وقولنا يقتدر نعني ما يحصل بذلك الفن والصناعة من ملكة وقدرة تامة على كيفية اصطياد القواعد واستعمالها في مقام إستنباط الأحكام بشكل عادي عن طريق الإكتساب العلمي أي بالعلم النظري لأن الإقتدار صيغة إستفعال مشعرة بالكسب والنظر.
ثالثاً : وقولنا (لها شأنية ..) فاننا نريد باضافة قيد الشأنية والإمكان الإلفات الى الملاك في هذه القواعد وهو إمكان وقوعها في طريق إستنباط الحكم الشرعي الكلي في الموارد التي فيها إستنباط وليس وقوعها فعلاً في طريق الإستنباط ، وذلك لأن المسائل الأصولية هي كبريات مسلّمة فاذا لا توجد صغرياتها فهذا لا يُخرجها عن كونها أصولية ، فليس الملاك هو وجوب وقوعها كما هو الظاهر من تعريف المشهور ، حيث انهم بتعريفهم هذا يقيدون أن ملاك المسألة الأصولية هو وقوعها في طريق الإستنباط فعلاً وحقيقة ولا يكفي إمكان الوقوع .
رابعاً : وأما إستنباط الأحكام فواضح ، فالإستنباط في اللغة هو الاستخراج بعد الخفاء، وهو على صيغة (استفعل).
والمراد من الإستنباط هنا هو الإثبات التعبدي ، فهو بنظرنا شامل لكل اثبات وجداني كالقطع أو أماري كألأمارات أم أصلا تنجيزيا كالاحتياط أم تعذيريا كالبراءة ، فالاستنباط عام تدخل فيه جميع الأصول العميلة، وليس مضيقاً بخصوص الإثبات التعبدي الناتج من الأمارات وكل ظن أعتبره الشارع الأقدس في إثبات أحكامه.
وأما الإستدلال : فهو طلب الدليل ، وتهذيبه والنظر في مدى صلاحيته وحدود تطبيقه .
خامساً : وأما إضافة أن تقع في اكثر من مورد، لتخريج القواعد الفقهية .
وكذلك عدلنا عن تعريف الكفاية وتعريف الحلقات عندهما عدلا عن المشهور لأنهما رأيا أن المشهور يبحثون مسائل الأصول في الشبهات الحكمية، والظن الإنسدادي على هامش الأصول بنحو الإستطراد وليس بحثاً صميمياً .
وسبب عدولنا عن تعريف الكفاية والحلقات لأنه مختص بالقواعد التي تقع في طريق الإستنباط كالأمارات والمباحث اللفظية ونحوها ، وأما ما لا يقع في طريق الإستنباط كمسألة حجية الظن على الإنسداد بناءً على القول بالحكومة ، فان مفادها أنه لو انسدّ باب العلم بالأحكام فلابد من الإلتجاء الى الظن بناء على تحكيم العقل بذلك - وأما لو قلنا أن حجية الظن الإنسدادي إنما هي على التعبدية الشرعية كما هو الصحيح فهو داخل قطعاً - فلم يكن هناك استنباط لعدم العلم بالحكم الواقعي ولا بالعلم الظاهري لأن الشارع لم يجعل في مورده حكماً ظاهرياً ، فعلى تعريف المشهور تخرج هذه المسألة من حريم الأصول مع أنها من الأصول
وكمسائل الأصول العملية وهي الأصول الجارية في الشبهات في الحكم الكلي ، وأما الأصول الجارية في الشبهات الموضوعية كالشك في ان المايع خمر أو خل فليست من الاصول لانها لايستفاد منها حكم كلي بل حكم جزئي ، ولذا لا يختص اجراؤها بالمجتهد حتى تدخل في الأصول لأن مضامينها تفيد الإنطباق على مصاديقها وأفرادها ، وليس من باب الإستنباط ، فمفاد أصالة البراءة هو الترخيص ومفاد الإستصحاب هو إبقاء ما كان ، ومفاد الإحتياط هو إتيان المحتملات، وهكذا.
وكذلك يشكل على كل التعاريف بما فيها تعريف المشهور باشكالين رئيسين:
الأول : أنه يلزم دخول المسائل اللغوية والمسائل الرجالية ، لأنها تمهيد لإستنباط الحكم الشرعي ومما يمكن أن تقع في طريق الإستنباط ، فمثل معنى كلمة (الصعيد) ومعنى كلمة (الكعب) ووثاقة (ابراهيم بن هاشم) لهما الأثر الكبير في الإستنباط.
الثاني : أنه لا حاجة الى القيد الأخير أي (وما يُنتهى اليه في مقام العمل) لأن معنى الإستنباط موسع يشمل جميع الإثباتات التعبدية والوجدانية والتعذرية والتنجيزية فيشمل الأصول العملية بأجمعها ، وجميع المسائل العقلية ومنها حجية الظن الإنسدادي على الحكومة.
جواب سماحة العلامة الشيخ فاضل البديري اعزه الله
|
|
|
|
|