سير اعلام النبلاء ـ الذهبي
حماد بن زيد: حدثنا يحيى بن سعيد الانصاري، عن عبيد بن حنين ، عن الحسين،
قال: صعدت المنبر إلى عمر،
فقلت: انزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك.
فقال: إن أبي لم يكن له منبر ! فأقعدني معه، فلما نزل،
قال: أي بني ! من علمك هذا ؟ قلت: ما علمنيه أحد.
قال: أي بني ! وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا الله ثم أنتم ! ووضع يده على رأسه، وقال: أي بني ! لو جعلت تأتينا وتغشانا.
إسناده صحيح. انتهى
اقتصرت على رواية الذهبي في سيرته لكونها مختصراً، وهناك طرق اخرى وبعضها مفصّلة سيأتي ذكر بعضها في النقطة الثانية
المرّة الاولى: الامام الحسن عليه السلام مع ابي بكر.
أنساب الأشراف - البلاذري
حدثني عبد الله بن صالح ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام ابن عروة ، عن عروة قال : خطب أبو بكر يوما فجاء الحسن فقال: انزل عن منبر أبي ! ! ! فقال علي : ليس هذا من ملاء منّا ؟
المرة الثانية: الامام الحسين عليه السلام مع ابي بكر.
المنتظم في تاريخ الأمم والملوك - ابن الجوزي
أخبرنا ابن ناصر ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي ، أخبرنا محمد بن الحسن بن المأمون ، حدّثنا أبو بكر بن الأنباري حدّثنا التيهان بن الهيثم حدّثنا عفان ، حدّثنا حماد بن سلمة ، حدّثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قعد أبو بكر على منبر رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فجاء الحسين بن علي، فصعد المنبر ، وقال : انزل عن منبر أبي ، فقال له أبو بكر : منبر أبيك لا منبر أبي ، منبر أبيك لا منبر أبي ، فقال علي رضي الله عنه وهو في ناحية القوم : إن كانت لعن غير أمري
المرّة الثالثة: الامام الحسين عليه السلام مع عمر بن الخطاب.
تاريخ المدينة - ابن شبة النميري
حدثنا الخزامي قال ، حدثنا عبد الله بن وهب قال ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال ، أخبرني عبد الله بن كعب أن حسين ابن علي رضي الله عنهما قام إلى عمر رضي الله عنه وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال : انزل عن منبر جدي . فقال عمر رضي الله عنه : تأخر يا ابن أخي ، قال وأخذ حسين برداء عمر رضي الله عنهما فلم يزل يجبذه ويقول : انزل عن منبر جدي ، وتردد عليه حتى قطع خطبته ونزل عن المنبر ، وأقام الصلاة ، فلما صلى أرسل إلى حسين رضي الله عنه فلما جاءه قال : يا ابن أخي من أمرك بالذي صنعت ؟ قال حسين : ما أمرني به أحد ، قال : يقول له ذلك حسين ثلاث مرات ، كل ذلك يقول : ما أمرني به أحد ، قال عمر رضي الله عنه : أو لي ؟ ! ولم يزد على ذلك . وحسين رضي الله عنه يومئذ دون المحتلم .
تنبيهات وملاحظات
التنبيه الأول: ونحن ذاكرون ـ تحت عنوان ( المرّة الثالثة: الامام الحسين عليه السلام مع عمر بن الخطاب) ـ تنبيهاً ألا وهو:
لقد احتمل البعض ـ من المخالفين ـ ان قول الامام الحسين عليه السلام لعمر قد تكررت عدّة مرّات، حيث يستشمّ ذلك من بعض الروايات، واليك التفصيل:
الرواية الاولى: تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي
أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال أنبأنا دعلج بن أحمد المعدل قال نا موسى بن هارون قال نا أبو الربيع قال نا حماد بن زيد قال نا يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين قال حدثني الحسين بن علي قال : أتيت على عمر بن الخطاب وهو على المنبر ، فصعدت إليه فقلت : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك . فقال عمر : لم يكن لأبي منبر ، وأخذني وأجلسني معه ، فجعلت أقلب خنصر يدي . فلما نزل انطلق بي إلى منزله . فقال لي : من علمك ؟ فقلت : والله ما علمنيه أحد . قال : يا بني ، لو جعلت تغشانا . قال : فأتيته يوما " وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب ، فرجع ابن عمر ورجعت معه ، فلقيني بعد . فقال : لم أرك ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين إني جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر بالباب ، فرجع ابن عمر ورجعت معه . فقال : أنت أحق بالإذن من ابن عمر ، وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ، ثم أنتم .
الرواية الثانية: فضائل الصحابة ـ الدار قطني
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: نا جعفر بن محمد بن مروان قال: نا أبي قال: حدثني علي بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي قال: حدثني أبي حسين بن عيسى، عن علي بن عمر بن علي بن حسين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال: قال الحسين بن علي لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهو على المنبر: انزل عن منبر أبي، فقال: منبر أبيك والله لا منبر أبي، قال علي: والله ما أمرت بذلك، فقال عمر: والله ما اتهمناك . انتهى
ألا ترى أن في الرواية الاولى يذهب الامام الحسين عليه السلام الى بيت عمر فيساله عمرُ عن المحرّض على هذه المقولة ؟
وفي الرواية الثانية: يجيب الامام علي عليه السلام عن سؤال عمر المقدّر وهو في المسجد.
ومن ذلك نفهم ان الحادثة تكررت مرّتين مع الحسين عليه السلام في قوله لعمر : " انزل عن منبر ابي ".
التنبيه الثاني: تكرار الحادثة مع الحسين عليه السلام من وجه اخر
فالرواية المشهورة هي قوله عليه السلام: " انزل عن منبر ابي "، إلاّ أنّه ورد في بعض الروايات " انزل عن منبر جدّي، واللطيف ان متن الرواية تختلف عن المتقدّمتين، ونصّ هذه الرواية:
تاريخ المدينة - ابن شبة النميري
حدثنا الخزامي قال ، حدثنا عبد الله بن وهب قال ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال ، أخبرني عبد الله بن كعب أن حسين ابن علي رضي الله عنهما قام إلى عمر رضي الله عنه وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال : انزل عن منبر جدي . فقال عمر رضي الله عنه : تأخر يا ابن أخي ، قال وأخذ حسين برداء عمر رضي الله عنهما فلم يزل يجبذه ويقول : انزل عن منبر جدي ، وتردد عليه حتى قطع خطبته ونزل عن المنبر ، وأقام الصلاة ، فلما صلى أرسل إلى حسين رضي الله عنه فلما جاءه قال : يا ابن أخي من أمرك بالذي صنعت ؟ قال حسين : ما أمرني به أحد ، قال : يقول له ذلك حسين ثلاث مرات ، كل ذلك يقول : ما أمرني به أحد ، قال عمر رضي الله عنه : أو لي ؟ ! ولم يزد على ذلك . وحسين رضي الله عنه يومئذ دون المحتلم . انتهى
الا تلاحظ أن متن هذه الرواية تختلف عن الروايات الاخرى ؟!!
ففي الرواية الاولى: يصعد الامام الحسين عليه السلام المنبرَ ويجلس بجانب عمر ابن الخطّاب.
وفي الرواية الثانية: يجيب عن السؤال الامام علي عليه السلام.
وفي هذه الرواية ـ وهي الثالثة ـ: يشدّ الامام الحسين عليه السلام رداء عمر ابن الخطّاب، وينزله عن المنبر ـ وهي من اشدّ الروايات.
عدد المرّات الوقوع
على هذا التقدير: فالحادثة تكررت ـ على اقلّ التقادير، وبتتبع بسيط ـ خمس مرّات.
ملاحظة: لم نذكر جميع الروايات في هذا المقام، بل ذكرنا لكل حادثة رواية منفردة للعجالة وللخوف من الاطالة.
شهادة علماءهم بتكرار الحادثة مع الحسن والحسين عليهما السلام
حيث شَهِدَ بتكرار الحادثة جمع من اقطاب المخالفين، ونحن نذكر ـ ههنا ـ اثنين منهم، وهما:
1. ابن عساكر في تاريخ دمشق: وذلك بعد ان اورد الخبر المُسنَد عن الحسين عليه السلام، فذكر ان الحادثة وقعت مع الحسن عليه السلام ايضاً.
2. الحلبي في سيرته: وذلك بعد ان اورد الخبر عن الامام الحسن عليه السلام حيث قال: " ووقع نظير ذلك لسيّدنا عمر رضي الله تعالى عنه مع سيّدنا الحسين ".
أولاً: بطلان خلافة عمر بنصِّ قول الإمام الحسين عليه السلام وأن الخلافة للإمام علي (ع)، لقوله (ع) لعمر: نزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك.
وتُعتبر هذه إهانة من الحسين عليه السلام لعمر، ولذالك لأنّهُ قد صعد المنبر وقال له: انزل عن منبر أبي.
ثانياً: مكرّ عمر ومحاولتهِ ايقاع الامام علي (ع)، وذالك لقول عمر للحسين (ع) : من علمك هذا ؟ ـ طبعاً ذكاء خارق من عمر ـ فكان جواب الإمام الحسين (ع) : ما علمنيه أحد.
فهذا الأمرُّ صريحٌ بأنّ عمر أراد استجواب الامام الحسين (ع) بأنّ مَنْ علمكَ هو أبيك.
ثالثاً: عمر بن الخطاب يشهد بالولاية التكوينية لأهل البيت سلام الله عليهم، حيث قال عمر للحسين (ع) : هل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا الله ثم أنتم.
قوله (إلا الله ثم أنتم) أي أن عمر يشهد لأهل البيت عليهم السلام بالولاية التكوينية (ثم أنتم).
رابعاً: بطلان ادعاءهم في قولهم: أنّ العلاقة بين أهل البيت عليهم السلام وبين الصحابة كانت سمنٌ على عسل.
فهذا النصُّ واضحٌ وجلي يكشفُ لنا زيف هذا الادعاء.
خامساً: تهديد عمر للإمام الحسين (ع)، حين قال عمر للحسين (ع) : لو جعلت تأتينا وتغشانا .
فإن تكرار هذه الحادثة خير دليل على أنّ الامامين عليهما السلام كانا دائمي الاحتجاج على أبي بكر وعمر، حيث تمّت عليهما الحجّة من خلال هذا النصّ ايضاً.
سابعاً: اعتراف الخليفتين بان الخلافة غصبيّة
ونستلهم ذلك من قولهما أنّ ليس لأبيهما منبر، وهذا نصّ صريح بان الخلافة غصبيّة
ومن الجدير بالذكر ان ابا بكر وعمر لم يحتجّا على الحسن والحسين عليهما السلام بالشورى وغيرها من السفاهات.
ثامناً: كان الخليفتين ينتظران من الامام علي عليه السلام أيّ شيء لاتهامه، وذلك صريح في ذيل الرواية، حيث قال علي عليه السلام فوراً: " والله ما أمرت بذلك "، فحلف علي عليه السلام ليس خوفاً بل حقيقة وهذا ما صرّح به الامام السبط عليه السلام.
وهناك قرينة اخرى على ذلك، وهي قول عمر: " والله ما اتهمناك ".
نعم؛ فعمر لم يتّهم علياً عليه السلام ظاهراً، إلاّ أنّه اتّهمه باطناً، بدليل الروايات الاخرى حيث استجوب عمر الحسينَ عليه السلام.
كما ان قول عمر: " والله ما اتهمناك " فيه شاهد متين على ان عمر وغيره كانوا ينتظرون من الائمة عليهم ايّ شيء لاتّهامه.
هذا باختصار شديد
وهناك دلالات اخرى نذكرها لاحقاً إذا سنحت لنا الفرصة
عندما نظر اهل الخلاف الى ان هذه الرواية في الكثير من الدلالات التي تهدم عقيدتهم لجؤوا ـ كعادتهم ـ الى تحريف المعاني، وتأويلها، ولفّ عنق النص، والاستهانة بعقول الناس
الشبهة الاولى: الامام الحسين عليه السلام صغير السنّ، وكلام صغير السنّ ليس ككبيره
الشبهة الثانية: أن قصد الامام الحسين عليه السلام " منبر ابي " يعني منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يقصد منبر علي عليه السلام
الشبهة الثالثة: أن قول عمر: " ما انبت الشعر على رؤوسنا الا الله ثم انتم " ليس فيه الاّ أنّ النبوّة كانت في بيوتكم فبها ارتفعنا وعلونا، فالشعر كناية عن الرفعة والعلو
الشبهة الرابعة: ان الامام الحسين عليه السلام لم يكرر هذا الامر ابداً، ولم يكن في قلبه شيئ تجاه عمر.
الشبهة الخامسة: ان الامام الحسين عليه السلام كان يحترم عمر، ولذلك سمع كلامه واقتنع به.
الشبهة السادسة: في الرواية إشعار ان عمر كان يعظّم اهل البيت عليهم السلام ويحترمهم.
الشبهة السابعة: ـ بحسب المعتقد الشيعي ـ فانه ينبغي على الحسنين التقيّة الواجبة لحقن الدم ـ مثل الامام علي عليه السلام ـ.
سياتي الاجابة عنها واحدةً تلو الاخرى ان شاء الله
وان شاء الله لا يبخل علينا الاخوة الاكارم بتعليقاتهم واضافاتهم اللطيفة والمفيدة
الرد جميل ومقنع
مثل هذا المواقف يبين اهل البيت وصحابة طبعا يوجد الخلاف غير ظاهر في العيان ولكن بعد وفاة النبي محمد(ص) كشر انياب صحابة يهاجمون اهل البيت(ع)