بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
قال مولانا الإمام محمد الجواد صلوات الله عليه: إن أبا عبد الله [الصادق] سلام الله عليه كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد [النبوي الشريف]، فبينما هو جالس ومعه بغلة إذ أقبلت رفقة من خراسان، فقال له رجل من الرفقة:
هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك وأكون له مملوكاً وأجعل لك مالي كله؟ فإني كثير المال من جميع الصنوف، اذهب فاقبضه وأنا أقيم معه مكانك.
فقال: أسأله ذلك، فدخل على أبي عبد الله، فقال:
جعلت فداك تعرف خدمتي وطول صحبتي، فإن ساق الله إليّ خيراً تمنعنيه؟
قال: أعطيك من عندي وأمنعك من غيري. فحكى له قول الرجل، فقال الإمام:
إن زهدت في خدمتنا ورغب الرجل فينا قبلناه وأرسلناك. فلما ولّى عنه دعاه ـ الإمام ـ فقال له: أنصحك لطول الصحبة ولك الخيار، فإذا كان يوم القيام كان رسول الله صلى الله عليه وآله متعلّقاً بنور الله، وكان أمير المؤمنين عليه السلام متعلّقاً برسول الله، وكان الأئمة متعلّقين بأمير المؤمنين، وكان شيعتنا متعلّقين بنا، يدخلون مدخلنا ويردون موردنا.
فقال الغلام: بل أقيم في خدمتك وأؤثر الآخرة على الدنيا. وخرج الغلام إلى الرجل فقال له الرجل: خرجت إليّ بغير الوجه الذي دخلت به! فحكى له قوله (أي قول الإمام سلام الله عليه).
إنّنا لم نعرف ذلك التاجر كما لا نعرف من كان ذلك الخادم، ولكن هذه القصّة تدلّ على عظمة شخصيّة التاجر والخادم معاً، حيث كان الأوّل على استعداد للتخلّي عن كلّ أمواله في مقابل خدمة الإمام عليه السلام، فيما وعى الخادم من رحلة قصيرة عميقة الأثر وأعرض عن المال الكثير لأجل الله سبحانه والدار الآخرة.
----------------------------------------.
الخرائج والجرائح/ ج1/ الباب العاشر في معجزات الإمام محمد بن علي التقي عليهما السلام/ ص 390.