لسماحة آية الله العظمى الإمام الرحل السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله درجاته من منشورات هيئة شباب التبليغ في كربلاء المقدسة عام 1390 هـ.
علم الإدارة يكاد يكون من أهم العلوم تقريباً لما له من خواصِ تؤهله للخوض في الميادين كافة الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية فالإدارة تعني التنظيم فلولاها لم يستطع أي مشروع في أي ميدان ان يعطي ثماره سواء كان المشروع يمثل ادارة دولة أو محل صغير لا يكاد يذكر فرئيس الجمهورية أن لم تكن له حسن أدارة سوف يفشل ومشرف العمال كذلك سوف يفشل بالتأكيد.
إذن فهو علم يتوسع كلما كان الميدان واسع فمرجع التقليد مثلاً بلا ادارة سوف تفشل مرجعيته ولو لم يسبقه في علمه سابق ولم يلحقه لاحق، ومن هنا نستذكر كلام الإمام المجدد السيد ميرزا محمد حسن الشيرازي (قدس سره).
إذ قال ( الرئاسه- ويقصد بها المرجعية الدينية- تحتاج إلى مائة جزء: جزء علم وجزء عد اله .... وثمانية وتسعون جزء إدارة).
فزبدة المخاظ هنا ان علم الإدارة مهم لكل من تناط به أي مهمة مهما كبرت أو صغرت ومن هنا يتعبد الطريق أمامنا للحديث عن كتاب (كيف تدير الأمور) لسماحة الأمام الراحل السيد محمد المهدي الحسيني الشيرازي (قدس سره).
هل (الأداة) غريزة أم أكتساب؟
يذهب المصنف قدس سره ابتداءً إلى كونها في الجملة غريزة فمثلها في مختلف الافراد مثل الفرق في الذكاء بين الإنسان الفطن والبليد.
أما إذا قلنا أنا مكتسبه فإن حسن الإدارة ممارسة وألا بقيت في أواسط المراحل الممكنة ويضيف قائلاً أنها (كالعلم – عينا- قابل للأمتداد أن اتصل مَعينه، وقابل للوقوف في مراحل توسطيه بين المبدأ والمنتهى بقدر ما زود من الوقود.
مقومات حسن الإدارة:
إذا ما أراد الفرد النجاح في ادارته فالمتوجب عليه الالتزام بشرائطها والمواظبة عليها مدة مديدة بكل إلتفات ودقة حتى تكون ادارته حسنة لذا سنشير إلى بعضها:
أولاً: اعتياد الصبر
فالإدارة تستلزم المكاره، سواء في الرؤساء أو الزملاء أو المرؤسين فبدون الصبر لا ينتمكن الانسان من انجاز ادارته على وجه حسن.
ثانياً: الصمت
حسن الاستماع (الصمت) فإن النتائج تترتب على الأعمال لا على الأقوال والقول في غير موضوعه كثيراً ما يسبب الفشل كما وان الإنسان المسؤول يكون عرضة للإنتقاد كذلك.
ثالثاً: عمق المعرفة
فالاداري الناجح لا بد ان يكون عالماً بمداخل ومخارج ادارته فمن لا يعرف شيء عن مؤسسته أو مشروعه أو دائرته لا يفلح ابداً في ادارتها ومن هنا قالوا (الرجل المناسب في المكان المناسب)
رابعاً: سعة الاطلاع
وبخاصة دراسة أحوال العظماء المديرين فإن حياتهم تنير للإنسان كيفية أدارته، فكما أن التجارب تنير له طريق المستقبل كذلك التجارب التي جربها غيره فإن للأمور نظائر واشباه والحلول السابقه هي الحلول الاحقه.
خامساً: العفو
فمن الأمور المهمة في حسن الإدارة (العفو) فالإنسان مهما بلغت رتبته باستثناء ـ المعصوم ـ يكون معرضاً للاخطاء فان اراد المدير أخذ الناس بأخطائهم لم تستقم له الإدارة.
سادساً: توزيع المهام (الإختصاص)
أي تنفيذ المدير رأيه في كبار الأمور وإيكال صغائرها إلى مرئوسيه فمثلاً بالنسبة إلى مرجع التقليد من كبار الأمور: تعين الوكيل في قطر من الأقطار ومن صغائر الأمور اعطاء فقير مستعطي دينار أو دينارين.
سابعاً: التخطيط
فكما يحتاج المعمار إلى تخطيط البناء قبل الشروع في لعمل كذلك يحتاج من انيط به امر لادارته إلى تخطيط عمله قبل الشروع فيه فإن فعل ذلك وفر على نفسه أتعاباً كثيرةً وجاء العمل منظماً جميلاً.
ثامناً: الأخلاق
الأخلاق الحسنة بلسم على كل شيء والمدير يحتاج إلى هذا البلسم أكثر من غيره.
هذا إضافة إلى صفات أخر كثيرة يورد ها المصنف ويناقشها ببساطة تامة أمثال (عدم الانحطاط وغض النظر عن عورات الآخرين) فكان الاحرى بالمصنف ان يجعلها ضمن بحث الأخلاق.
عموماً فالكتاب وجيز في عبارته سلس في اسلوبه منظم في فقراته إلا إنه لم يكتب حسب قواعد البحث العلمي من تقسيمه إلى فصول ومباحث ومقاصد ولعل السبب في ذلك سعت الموضوع فإن المصنف (قدس سره) طرح فيه مواضيع عدة تحتاج إلى بحث أجملها في الكتاب بعبارات وجيزه وكأنه قصد بذلك وضع الخطوط الرئيسية لهذا العلم ليعبد بذلك الطريق لمن يريد اقتفاء إثره .
عدد الصفحات: 96
الحجم: جيبي 12×17
الناشر: منشورات هيئة شباب التبليغ ـ كربلاء المقدسة ـ عام 1390 هـ.
المطبعة: الغري الحديثة ـ النجف الأشرف