بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهم صلّ على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوتي الكرام ...
قال تعالى في كتابه العزيز ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ..))/آل عمران 110
وقوله تعالى ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))/آل عمران 104
تحث هذه الآيات الكريمة وغيرها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فوصفت الآية الأولى بأن الأمة الاسلامية هي خير الأمم ، لأن الدين الاسلامي جاء ليحق الحق ويبطل الباطل ، ولايتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
إعلموا أخوتي أعزكم الله إنّ من صفات المؤمن هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويكون مقرباً من الله ، على العكس من الذي يتخاذل ولايحرك ساكناً عند رؤيته المنكر بداعي إنّ ذلك لايخصه وكأنه ليس من المسلمين ، ولايدري بإنّ الذي يراه لايخصه قد يأتي يوم ويكوى بالنار التي مست غيره .
فالأمة بخير مادامت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وهذه العملية هي الأساس في إصلاح المجتمع وترقّيه فقد ورد عن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله قوله ((لايزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر, فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعضهم, ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء)) .
لذا فإنّ مانراه اليوم بالأمة الاسلامية من فساد أخلاقي واقتصادي وغيرها هو نتيجة لذلك ، فالنبي صلّى الله عليه وآله لاينطق عن الهوى إنْ هو إلا وحي يوحى ، فنجد الفتن تفتك بنا ، والثقافة الغربية أخذت مأخذها من هذه الأمة بشتى الطرق والوسائل ، ولم يتم ذلك إلا إذا وجدت الأرض الصالحة لها ، فأخذ الفساد ينخر مجتمعنا ويدمّر شبابنا (بل حتى أطفالنا وشيوخنا) - بداعي التطور- أي تطور هذا الذي يصل بالمجتمع الى نار سعّرها القويّ القهّار ، بل تركنا حتى قيم العروبة فقد قال تعالى ((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) .
وعليه يجب علينا أن نتكاتف لنرفع راية الاسلام عاليةً خفاقةً ضمن دائرة أوامر الله ونهيه وماجاء به نبيه وأهل بيت نبيه الكرام لنرتقي بأمتنا ونمهّد لدولة إمامنا المنتظر أرواحنا له الفداء وعجلّ الله تعالى فرجه الشريف ، وهذا لايحدث إلا إذا كان المؤمنون أولياء بعض فقد قال تعالى ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيزٌ حكيم)) .
وقد نجد إنّ البعض يتعذر بأنه لايستطيع ذلك بدعوى إنّ المجتمع لاينصلح ، وهذا ليس إلا بسوء تقديره ، لأنّ الناس تسمع من الانسان الملتزم بدينه ويكون رفيقاً بدعوته أخوياً بدعوته لامتزمتاً عبوساً في بيان الأحكام (وإن كان هذا الأمر يجب في مكان وزمان معينين) لذا قال النبي صلّ الله عليه وآله ((لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر به, رفيق بما ينهى عنه, عدل فيما يأمر به عدل فيما ينهى عنه, عالم بما يأمر به, عالم بما ينهى عنه)) .
ونحن نعلم بأن الأديان السماوية ماجاءت إلا من أجل هذا الهدف لذا ورد عن الإمام الباقر عليه السلام ((إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء, فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر))
ولاننسى بأننا يجب أن نراقب أنفسنا قبل كل شئ .
وفي الختام أحب أن أورد بعض الأحاديث الواردة عن النبي وأهل بيته عليهم السلام في هذا الخصوص لنستنير بأحاديثهم :-
عن النبي صلّى الله عليه وآله ((إن الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له. فقيل له: وما المؤمن الذي لا دين له ؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر))
وقال صلّى الله عليه وآله ((ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتَ دنيا مؤثرة وشحّاً مطاعاً وهوى متّبعاً، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك وذر الناسوعوامهم))
وعنه صلّى الله عليه وآله ((إن الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له. فقيل له: وما المؤمن الذي لا دين له ؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر))
وعن أمير المؤمنين عليه السلام ((قوام الشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود))
وعن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام قال ((ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر))
... وأخيراً نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لأن نكون من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر آمين ربّ العالمين ...