وعن سلمة بن الاكوع قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه واله إلى خيبر فسرنا
ليلا ، فقال رجل من القوم لعامر بن الاكوع : ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟ وكان
عامر رجلا شاعرا ، فجعل يقول :
لاهم لولا أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتنينا * وثبت الاقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا * إنا إذا صيح بنا أنينا
وبالصياح عولوا علينا .
فقال رسول الله صلى الله عليه واله : " من هذا السائق ؟ " قالوا : عامر ، قال : " يرحمه الله "
قال عمر وهو على جمل : وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به ، وذلك أن رسول الله
صلى الله عليه واله ما استغفر لرجل قط يخصه إلا استشهد ، قالوا : فلما جد الحرب وتصاف
القوم خرج يهودي وهو يقول :
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فبرز إليه عامر وهو يقول :
قد علمت خيبر أني عامر * شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين فوقع سيف اليهودي في ترس عامر ، وكان سيف عامر فيه
قصر ، فتناول به ساق اليهودي ليضر به فرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر
فمات منه ، قال سلمة : فاذا نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله يقولون : بطل عمل عامر
قتل نفسه ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه واله وأنا أبكي ، فقلت : قالوا : إن عامرا بطل
عمله ، فقال"ص" : " من قال ذلك ؟ " قلت : نفر من أصحابك ، فقال : كذب اولئك
بل أوتي من الاجر مرتين ، قال : فحاصرناهم حتى إذا أصابتنا مخمصة شديدة ، ثم
إن الله فتحها علينا ، وذلك أن النبي صلى الله عليه واله أعطى اللوإ عمر بن الخطاب بعد ما ارجعها ابابكر ونهض
من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر ، فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى
رسول الله صلى الله عليه واله يجبنه أصحابه ويجبنهم . وكان رسول الله أخذته الشقيقة فلم يخرج
إلى الناس ، فقال حين أفاق من وجعه : " ما فعل الناس بخيبر ؟ " فأخبر
فقال : " لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار
لا يرجع حتى يفتح الله على يديه " .
فبات الناس يدوكون بجملتهم أيهم يعطاها فلما
أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه واله كلهم يرجون أن يعطاها ، فقال : " أين علي
ابن أبي طالب ؟ " فقالوا : يا رسول الله هو يشتكي عينيه قال : " فأرسلوا إليه " فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه واله في عينيه ودعاله ، فبرأ كأن لم يكن به وجع ) ،
فأعطاه الراية ، فقال علي"ع" : يا رسول الله ! أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ قال ) :
انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم
من حق الله فوالله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم